الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد روي هذا من طرف أُخَرَ (1)
وَقَالَ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشَب، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ صُدَي بْنِ عَجْلان قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّة، فَوُجِدَ فِي مِئْزَرِهِ دِينَارٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كيَّة". ثُمَّ تُوفي رَجُلٌ آخَرُ فَوُجِدَ فِي مِئْزَرِهِ دِينَارَانِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كَيَّتَانِ"(2)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَادِيسِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الْأَطْرَابُلُسِيُّ، حَدَّثَنِي أَرْطَاةُ، حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ الهَوْزَني، سَمِعْتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُوتُ وَعِنْدَهُ أَحْمَرُ أَوْ أَبْيَضُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بِكُلِّ قِيرَاطٍ صَفْحَةً مِنْ نَارٍ يُكْوَى بِهَا مِنْ قَدَمِهِ إِلَى ذَقْنِهِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُوضَعُ الدِّينَارُ عَلَى الدِّينَارِ، وَلَا الدِّرْهَمُ عَلَى الدِّرْهَمِ، وَلَكِنْ يُوَسَّع جِلْدُهُ فَيُكْوَى (3) بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجَنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ، هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ"(4) سَيْفٌ -هَذَا -كَذَّابٌ، مَتْرُوكٌ.
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
(36) }
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي بَكْرَة، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ فِي حَجَّتِهِ، فَقَالَ:"أَلَا إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ [حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ] (5) مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ". ثُمَّ قَالَ: "أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ:"أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قُلْنَا؛ بَلَى. ثُمَّ قَالَ: "أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ:"أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟ " قُلْنَا: بَلَى. ثُمَّ قَالَ: "أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ ". قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ،
(1) رواه أحمد في مسنده (1/137، 138) من طريق قطن بن نسير ومحمد بن عبيد وحبان بن هلال كلهم عن جعفر بن سليمان به نحوه، وجاء من حديث عبد الله بن مسعود رواه أحمد في مسنده (1/412) ، وجاء من حديث سلمة بن الأكوع رواه أحمد في مسنده (4/47) من حديث طويل، وجاء من حديث أبي هريرة رواه أحمد في مسنده (2/429) .
(2)
رواه أحمد في مسنده (5/253) والطبري في تفسيره (14/222) من طريق قتادة به.
(3)
في ت: "فتكوى".
(4)
ورواه ابن مردويه كما في الدر المنثور للسيوطي (4/179) .
(5)
زيادة من ت، ك، أ، والمسند.
قَالَ: "أَلَيْسَتِ الْبَلْدَةُ؟ " قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ -قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ -عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلَا لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلالا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا هَلْ بَلَغْتُ؟ أَلَا لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ مِنْكُمْ، فَلَعَلَّ مَنْ يُبَلَّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ يَسْمَعُهُ (1)(2)
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ -وَهُوَ ابْنُ سِيرِينَ -عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَة، عَنْ أَبِيهِ، بِهِ (3)
وَقَدْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَر، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَإِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ، وَرَجَبُ مُضَرَ بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ"(4)
وَرَوَاهُ البَزَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْمَرٍ، بِهِ (5) ثُمَّ قَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عَوْن وقُرَّة، عَنِ ابن سيرين، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَاب، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الربَذي، حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ، فَهُوَ الْيَوْمَ كَهَيْئَتِهِ يوم خلق الله السموات وَالْأَرْضَ، وَإِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، أَوَّلُهُنَّ رَجَب مُضَرَ بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ"(6)
وَرَوَى ابْنُ مَرْدُويه مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عمرو، مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حُرّة (7) حَدَّثَنِي الرَّقَاشِيُّ، عَنْ عَمِّهِ -وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ -قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَذُودُ النَّاسَ عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَإِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السموات والأرض، منها أربعة حرم فلا
(1) في ت، د، أ:"سمعه".
(2)
المسند (5/37) .
(3)
صحيح البخاري برقم (4662) وبرقم (3197، 4406، 7447، 5550) وصحيح مسلم برقم (1679) .
(4)
تفسير الطبري (14/235) .
(5)
في ت، أ:"معاوية".
(6)
تفسير الطبري (14/234) وموسى بن عبيده ضعيف.
(7)
في ك، أ:"حمزة".
تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ" (1)
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} قَالَ: مُحَرَّمٌ، وَرَجَبٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ.
وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ: " إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يوم خلق الله السموات وَالْأَرْضَ"، تَقْرِيرٌ مِنْهُ، صَلَوَات اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَتَثْبِيتٌ لِلْأَمْرِ عَلَى مَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمٍ وَلَا تَأْخِيرٍ، وَلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ، وَلَا نَسِيءٍ وَلَا تَبْدِيلٍ، كَمَا قَالَ فِي تَحْرِيمِ مَكَّةَ:"إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا:"إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ" أَيْ: الْأَمْرُ الْيَوْمَ شَرْعًا كَمَا ابْتَدَأَ اللَّهُ ذلك في كتابه يوم خلق السموات وَالْأَرْضَ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ وَالْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: "قَدِ اسْتَدَارَ كهيئته يوم خلق الله السموات وَالْأَرْضَ"، أَنَّهُ اتَّفَقَ أَنَّ حَجَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تِلْكَ السَّنَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ كَانَتْ نَسَأَتِ النَّسِيءَ، يَحُجُّونَ فِي كَثِيرٍ مِنَ السِّنِينَ، بَلْ أَكْثَرِهَا، فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَزَعَمُوا أَنَّ حَجَّةَ الصِّدِّيقِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ، كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إِذَا تَكَلَّمْنَا عَلَى النَّسِيءِ.
وَأَغْرَبُ مِنْهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، فِي جُمْلَةِ حَدِيثٍ: أَنَّهُ اتَّفَقَ حَجُّ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، واللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَاشِيَةُ فَصْلٍ](2)
ذَكَرَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ السَّخاوي فِي جُزْءٍ جَمَعَهُ سَمَّاهُ "الْمَشْهُورُ فِي أَسْمَاءِ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ": أَنَّ الْمُحَرَّمَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ شَهْرًا مُحَرَّمًا، وَعِنْدِي أَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ تَأْكِيدًا لِتَحْرِيمِهِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَتَقَلَّبُ بِهِ، فَتُحِلُّهُ عَامًا وَتُحَرِّمُهُ عَامًا، قَالَ: وَيُجْمَعُ عَلَى مُحَرَّمَاتٍ، وَمَحَارِمَ، وَمَحَارِيمَ.
صَفَرٌ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِخُلُوِّ بُيُوتِهِمْ مِنْهُ، حِينَ يَخْرُجُونَ لِلْقِتَالِ وَالْأَسْفَارِ، يُقَالُ:"صَفِرَ الْمَكَانُ": إِذَا خَلَا وَيُجْمَعُ عَلَى أَصْفَارٍ كَجَمَلٍ وَأَجْمَالٍ.
شَهْرُ ربيع أول: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِارْتِبَاعِهِمْ فِيهِ. وَالِارْتِبَاعُ الْإِقَامَةُ فِي عِمَارَةِ الرَّبْعِ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَرْبِعَاءَ كَنَصِيبٍ وَأَنْصِبَاءَ، وَعَلَى أَرْبَعَةٍ، كَرَغِيفٍ وَأَرْغِفَةٍ.
رَبِيعٌ الْآخِرُ: كَالْأَوَّلِ.
جُمَادَى: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِجُمُودِ الْمَاءِ فِيهِ. قَالَ: وَكَانَتِ الشُّهُورُ فِي حِسَابِهِمْ لَا تَدُورُ. وَفِي هذا
(1) رواه أحمد في مسنده (5/72، 73) من طريق حماد بن سلمة بأطول منه.
(2)
زيادة من ك، أ.
نَظَرٌ؛ إِذْ كَانَتْ شُهُورُهُمْ مَنُوطَةً بِالْأَهِلَّةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ دَوَرَانِهَا، فَلَعَلَّهُمْ سَمَّوْهُ بِذَلِكَ، أَوَّلَ مَا سُمِّيَ عِنْدَ جُمُودِ الْمَاءِ فِي الْبَرْدِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَيلَةٍ منْ جُمادى ذَاتِ أنْدِيَة
…
لَا يُبْصِرُ العبدُ فِي ظَلماتها الطُّنُبَا
…
لَا يَنْبَحُ الكلبُ فِيهَا غَير وَاحدَةٍ
…
حَتَّى يَلُفَّ عَلَى خُرْطُومه الذَّنَبَا
…
ويُجمع عَلَى جُمَاديات، كَحُبَارَى وحُبَاريات، وَقَدْ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، فَيُقَالُ: جُمَادَى الْأُولَى وَالْأَوَّلُ، وَجُمَادَى الْآخِرُ وَالْآخِرَةُ.
رَجَبٌ: مِنَ التَّرْجِيبِ، وَهُوَ التَّعْظِيمُ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَرْجَابٍ، ورِجَاب، ورَجَبات.
شَعْبَانُ: مِنْ تَشَعُّبِ الْقَبَائِلِ وَتَفَرُّقِهَا لِلْغَارَةِ وَيُجْمَعُ عَلَى شَعَابين وشَعْبانات (1)
وَرَمَضَانُ: مِنْ شِدَّةِ الرَّمْضَاءِ، وَهُوَ الْحُرُّ، يُقَالُ:"رَمِضَتِ الْفِصَالُ": إِذَا عَطِشَتْ، وَيُجْمَعُ عَلَى رَمَضَانات ورَماضين وأرْمِضَة قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: "إِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ"؛ خَطَأٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ.
قُلْتُ: قَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ؛ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَبَيَّنْتُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصِّيَامِ.
شَوَّالٌ: مِنْ شَالَتِ الْإِبِلُ بِأَذْنَابِهَا لِلطِّرَاقِ، قَالَ: وَيُجْمَعُ عَلَى شَوَاول وشَوَاويل وشَوَّالات.
الْقَعْدَةُ: بِفَتْحِ الْقَافِ -قُلْتُ: وَكَسْرِهَا -لِقُعُودِهِمْ فِيهِ عَنِ الْقِتَالِ وَالتَّرْحَالِ، وَيُجْمَعُ عَلَى ذَوَاتِ الْقَعْدَةِ.
الْحِجَّةُ: بِكَسْرِ الْحَاءِ -قُلْتُ: وَفَتْحِهَا -سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِيقَاعِهِمُ الْحَجَّ فِيهِ، وَيُجْمَعُ عَلَى ذَوَاتِ الْحِجَّةِ.
أَسْمَاءُ الْأَيَّامِ: أَوَّلُهَا الْأَحَدُ، وَيُجْمَعُ عَلَى آحَادٍ، وأُحاد وَوُحُودٍ. ثُمَّ يَوْمُ الْاثْنَيْنِ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَثَانِينَ. الثُّلَاثَاءُ: يُمَدُّ، ويُذَكَّر وَيُؤَنَّثُ، وَيُجْمَعُ عَلَى ثَلَاثَاوَاتٍ وَأَثَالِثَ. ثُمَّ الْأَرْبِعَاءُ بِالْمَدِّ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَرْبَعَاوَاتٍ وَأَرَابِيعَ. وَالْخَمِيسُ: يُجْمَعُ عَلَى أَخْمِسَةٍ وَأَخَامِسَ، ثُمَّ الْجُمُعَةُ -بِضَمِّ الْمِيمِ، وَإِسْكَانِهَا، وَفَتْحِهَا أَيْضًا -وَيُجْمَعُ عَلَى جُمَع وجُمُعات.
السَّبْتُ: مَأْخُوذٌ مِنَ السَّبْت، وَهُوَ الْقَطْعُ؛ لِانْتِهَاءِ الْعَدَدِ عِنْدَهُ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي الْأَيَّامَ أَوَّلَ، ثُمَّ أَهْوَنَ، ثُمَّ جُبَار، ثُمَّ دُبَارَ، ثُمَّ مُؤْنِسَ، ثُمَّ الْعَرُوبَةَ، ثُمَّ شِيَارَ، قَالَ الشَّاعِرُ -مِنَ الْعَرَبِ الْعَرْبَاءِ الْعَارِبَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ -:
أُرَجِّي أَنْ أعيشَ وَأَنَّ يَومِي
…
بِأَوَّلَ أَوْ بِأَهْوَنَ أَوْ جُبَار
…
أَوِ التَّالِي دُبَار فِإِنْ أفُْتهُ
…
فمؤنس أو عروبةَ أو شيار
…
(1) في ك: "وشعابات".
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} فَهَذَا مِمَّا كَانَتِ الْعَرَبُ أَيْضًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ (1) تُحَرِّمُهُ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ جُمْهُورُهُمْ، إِلَّا طَائِفَةً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُمُ:"البَسْل"، كَانُوا يُحَرِّمُونَ مِنَ السَّنَةِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، تَعَمُّقًا وَتَشْدِيدًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: "ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، [فَإِنَّمَا أَضَافَهُ إِلَى مُضَرَ، لِيُبَيِّنَ صِحَّةَ قَوْلِهِمْ فِي رَجَبٍ أَنَّهُ الشَّهْرُ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ](2) لَا كَمَا كَانَتْ تَظُنُّهُ رَبِيعَةُ مِنْ أنَّ رَجَبَ الْمُحَرَّمَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِي بَيْنَ شَعْبَانَ وَشَوَّالٍ، وَهُوَ رَمَضَانُ الْيَوْمَ، فَبَيَّنَ، عَلَيْهِ [الصَّلَاةُ وَ](3) السَّلَامُ، أَنَّهُ رَجَبُ مُضَرَ لَا رَجَبُ رَبِيعَةَ. وَإِنَّمَا كَانَتِ الْأَشْهُرُ الْمُحَرَّمَةُ أَرْبَعَةٌ، ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ؛ لِأَجْلِ أَدَاءِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَحَرُمَ قَبْلَ شَهْرِ الْحَجِّ شَهْرٌ، وَهُوَ ذُو الْقَعْدَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقْعُدُونَ فِيهِ عَنِ الْقِتَالِ، وحُرِّم شَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّهُمْ يُوقِعُونَ فِيهِ الْحَجَّ وَيَشْتَغِلُونَ فِيهِ بِأَدَاءِ الْمَنَاسِكِ، وَحَرُمَ بَعْدَهُ شَهْرٌ آخَرُ، وَهُوَ الْمُحَرَّمُ؛ لِيَرْجِعُوا فِيهِ إِلَى نَائِي أَقْصَى بِلَادِهِمْ آمِنِينَ، وَحَرُمَ رَجَبُ فِي وَسَطِ الْحَوْلِ، لِأَجْلِ زِيَارَةِ الْبَيْتِ وَالِاعْتِمَارِ بِهِ، لِمَنْ يَقْدُمُ إِلَيْهِ مِنْ أَقْصَى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَيَزُورُهُ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى وَطَنِهِ فِيهِ آمِنًا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} أَيْ: هَذَا هُوَ الشَّرْعُ الْمُسْتَقِيمُ، مِنِ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ فِيمَا جَعَلَ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، والحَذْو بِهَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْأَوَّلِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} أَيْ: فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ الْمُحَرَّمَةِ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ وَأَبْلَغُ فِي الْإِثْمِ مِنْ غَيْرِهَا، كَمَا أَنَّ الْمَعَاصِيَ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ تُضَاعَفُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الْحَجِّ: 25] وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ تَغْلُظُ فِيهِ الْآثَامُ؛ وَلِهَذَا تَغْلُظُ فِيهِ الدِّيَةُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَطَائِفَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَا فِي حَقِّ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ أَوْ قَتَلَ ذَا مَحْرَمٍ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْران، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} قَالَ: فِي الشُّهُورِ كُلِّهَا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عباس قوله:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} الْآيَةَ {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} فِي كلِّهن، ثُمَّ اخْتَصَّ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَجَعَلَهُنَّ حَرَامًا، وعَظم حُرُماتهن، وَجَعَلَ الذَّنْبَ فِيهِنَّ أَعْظَمَ، وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَالْأَجْرَ أَعْظَمَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} إِنَّ الظُّلْمَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا، مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهَا، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَظِيمًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعَظِّمُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى صَفَايا مِنْ خَلْقِهِ، اصْطَفَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ رُسُلًا وَاصْطَفَى مِنَ الْكَلَامِ ذِكْرَه، وَاصْطَفَى مِنَ الْأَرْضِ الْمَسَاجِدَ، وَاصْطَفَى مِنَ الشهور رمضان والأشهر الحرم،
(1) في ت، ك، أ:"جاهليتها".
(2)
زيادة من ت، أ.
(3)
زيادة من ت، أ.
وَاصْطَفَى مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاصْطَفَى مِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَعَظِّموا مَا عَظَّمَ اللَّهُ، فَإِنَّمَا تُعَظم الْأُمُورُ (1) بِمَا عَظَّمَهَا اللَّهُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ وَأَهْلِ الْعَقْلِ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: بِأَلَّا تُحَرِّمُوهُنَّ كَحُرْمَتِهِنَّ (2)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} أَيْ: لَا تَجْعَلُوا حَرَامَهَا حَلَالًا وَلَا حَلَالَهَا حَرَامًا، كَمَا فَعَلَ أَهْلُ الشِّرْكِ، فَإِنَّمَا النَّسِيءُ الَّذِي كَانُوا يَصْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ، زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ {يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} الْآيَةَ [التَّوْبَةِ: 37] .
وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ.
وَقَوْلُهُ: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} أَيْ: جَمِيعَكُمْ (3){كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} أَيْ: جَمِيعَهُمْ، {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَحْرِيمِ ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ: هَلْ هُوَ مَنْسُوخٌ أَوْ مُحْكَمٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا -وَهُوَ الْأَشْهَرُ: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ هَاهُنَا: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} وَأَمَرَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَظَاهِرُ السِّيَاقِ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ أَمْرًا عَامًّا، فَلَوْ كان محرما ما فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ لَأَوْشَكَ أَنْ يُقَيِّدَهُ بِانْسِلَاخِهَا؛ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ -وَهُوَ ذُو الْقَعْدَةِ -كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى هَوَازِنَ فِي شَوَّالَ، فَلَمَّا كَسَرَهُمْ وَاسْتَفَاءَ أَمْوَالَهُمْ، وَرَجَعَ فَلُّهم، فَلَجَئُوا إِلَى الطَّائِفِ -عَمد إِلَى الطَّائِفِ فَحَاصَرَهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَفْتَتِحْهَا (4) فَثَبَتَ أَنَّهُ حَاصَرَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ.
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنَّ ابْتِدَاءَ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ حَرَامٌ، وَأَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ تَحْرِيمَ الْحَرَامِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} [الْآيَةَ](5)[الْمَائِدَةِ: 2] وَقَالَ: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: 194] وَقَالَ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [الْآيَةَ][التَّوْبَةِ: 50](6)
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا الْأَرْبَعَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، لَا أَشْهَرُ التَّسْيِيرِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ عَمَّا قَبْلَهُ، وَأَنَّهُ حُكْمٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّهْيِيجِ وَالتَّحْضِيضِ، أَيْ: كَمَا يَجْتَمِعُونَ لِحَرْبِكُمْ إِذَا حَارَبُوكُمْ فَاجْتَمِعُوا أَنْتُمْ أَيْضًا لَهُمْ إِذَا حَارَبْتُمُوهُمْ، وَقَاتِلُوهُمْ بِنَظِيرِ مَا يَفْعَلُونَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَذِنَ للمؤمنين بقتال
(1) في ت، أ:"يعظم من الأمور".
(2)
في ت: "لحرمتهن".
(3)
في ت: "جميعهم".
(4)
في ت: "يفتحها".
(5)
زيادة من ت، ك، أ.
(6)
زيادة من ت، ك، أ.