الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُوسُفَ الْأَلْهَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَزُورُ قُبُورَ الشُّهَدَاءِ فِي رَأْسِ كُلِّ حَوْلٍ، فَيَقُولُ لَهُمْ:{سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} وَكَذَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ. (1)
{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ
(25) }
هَذَا حَالُ الْأَشْقِيَاءِ وَصِفَاتُهُمْ، وَذَكَرَ مَآلَهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَمَصِيرَهُمْ إِلَى خِلَافِ مَا صَارَ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ، كَمَا أَنَّهُمُ اتَّصَفُوا بِخِلَافِ صِفَاتِهِمْ فِي الدُّنْيَا، فَأُولَئِكَ كَانُوا يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَيَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، وَهَؤُلَاءِ {يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ} كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ:"آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ" وَفِي رِوَايَةٍ: "وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجر".
وَلِهَذَا قَالَ: {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} وَهِيَ الْإِبْعَادُ عَنِ الرَّحْمَةِ، {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} وَهِيَ سُوءُ الْعَاقِبَةِ وَالْمَآلِ، وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْقَرَارُ. (2)
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} الْآيَةَ، قَالَ: هِيَ سِتُّ خِصَالٍ فِي الْمُنَافِقِينَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الظَّهرة عَلَى النَّاسِ أَظْهَرُوا هَذِهِ الْخِصَالَ: إِذَا حَدَّثُوا كَذَبُوا، وَإِذَا وَعَدُوا أَخْلَفُوا، وَإِذَا ائْتُمِنُوا خَانُوا، وَنَقَضُوا عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ، وَقَطَعُوا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، وَأَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ. وَإِذَا كَانَتِ الظَّهرة عَلَيْهِمْ أَظْهَرُوا الثَّلَاثَ الْخِصَالَ: إِذَا حَدَّثُوا كَذَبُوا، وَإِذَا وَعَدُوا أَخْلَفُوا، وَإِذَا ائْتُمِنُوا خَانُوا.
يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُوَسِّعُ الرِّزْقَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَيُقَتِّرُهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْعَدْلِ. وَفَرِحَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ بِمَا أُوتُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ وَإِمْهَالًا كَمَا قَالَ تَعَالَى:{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 55، 56] .
ثُمَّ حَقَّرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا ادَّخَرَهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَقَالَ: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ}
(1) رواه الطبري في تفسيره (16/426) عن سهيل عن محمد بن إبراهيم التيمي مرسلا، وهذا معضل.
(2)
في ت، أ:"المهاد".