الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدَ تِلْكَ الْآيَةِ: (1) فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابٍ عِنْدَ اللَّهِ مُبِينٍ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الْأَنْعَامِ:38]، وَقَوْلُهُ (2) :{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الْأَنْعَامِ:59] .
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ
(7)
وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (8) }
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ قُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَأَنَّ عَرْشَهُ كَانَ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّاد، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزْ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ". قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا. قَالَ: "اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ". قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا، فَأَخْبِرْنَا عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ كَيْفَ كَانَ؟ قَالَ:"كَانَ اللَّهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ذِكْرَ كُلِّ شَيْءٍ". قَالَ: فَأَتَانِي آتٍ فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ، انْحَلَّتْ نَاقَتُكَ مِنْ عِقَالِهَا. قَالَ: فَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهَا، فَلَا أَدْرِي مَا كَانَ بَعْدِي (3) .
وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ بِأَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ (4) ؛ فَمِنْهَا: قَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ: "كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ -وَفِي رِوَايَةٍ: غَيْرُهُ -وَفِي رِوَايَةٍ: مَعَهُ -وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ".
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ"(5) .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَالَ اللَّهُ عز وجل: أنفِق أُنفقْ
(1) عند تفسير الآية: 98 من سورة الأنعام.
(2)
في ت، أ:"وقال تعالى".
(3)
المسند (4/431) .
(4)
صحيح البخاري برقم (3190، 3191، 4365، 4386، 7418) ولم أعثر عليه في صحيح مسلم.
(5)
صحيح مسلم برقم (2653) .
عَلَيْكَ". وَقَالَ: "يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغيضها نَفَقَةٌ، سحَّاءَ الليلَ وَالنَّهَارَ" وَقَالَ "أَفَرَأَيْتُمْ (1) مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغض مَا فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ" (2) .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاء، عَنْ وَكِيع بْنِ عُدُس، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِين -وَاسْمُهُ لَقِيط بْنُ عَامِرِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ (3) العُقَيْلي -قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ؟ قَالَ:"كَانَ فِي عَمَاء، مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ بَعْدَ ذَلِكَ".
وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي التَّفْسِيرِ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ بِهِ (4) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا. وَكَذَا قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنبِّه، وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، وَقَالَهُ قَتَادَةُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} يُنْبِئُكُمْ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ خَلْقِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ.
وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} فَلَمَّا خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، قَسَمَ ذَلِكَ الْمَاءَ قَسَمَيْنِ، فَجَعَلَ نِصْفًا تَحْتَ الْعَرْشِ، وَهُوَ الْبَحْرُ الْمَسْجُورُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْعَرْشُ عَرْشًا لِارْتِفَاعِهِ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، سَمِعْتُ سَعْدًا الطَّائِيَّ يَقُولُ: الْعَرْشُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} فَكَانَ كَمَا (5) وَصَفَ نَفْسَهُ تَعَالَى، إِذْ لَيْسَ إِلَّا الْمَاءُ وَعَلَيْهِ الْعَرْشُ، وَعَلَى الْعَرْشِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَالْعِزَّةِ وَالسُّلْطَانِ، وَالْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ، وَالْحِلْمِ وَالْعِلْمِ، وَالرَّحْمَةِ وَالنِّعْمَةِ، الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ.
وَقَالَ الْأَعْمَشِ، عَنِ المِنْهَال بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ الْمَاءُ؟ قَالَ: عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} أَيْ: خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لِنَفْعِ عِبَادِهِ الَّذِينَ خَلَقَهُمْ لِيَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَمْ يَخْلُقْ ذَلِكَ عَبَثًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص:27]، (6) وَقَالَ تَعَالَى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [الْمُؤْمِنُونَ:115، 116] ،
(1) في ت، أ:"أرأيت".
(2)
صحيح البخاري برقم (4684) .
(3)
في ت، أ:"المتفق".
(4)
المسند (4/11) وسنن الترمذي برقم (3109) وسنن ابن ماجه برقم (182) .
(5)
في ت: "مما".
(6)
في أ: "السموات".
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذَّارِيَاتِ:56] .
وَقَوْلُهُ: {لِيَبْلُوكُمْ} أَيْ: لِيَخْتَبِرَكُمْ {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} وَلَمْ يَقِلْ: أَكْثَرُ عَمَلًا بَلْ {أَحْسَنُ عَمَلا} وَلَا يَكُونُ الْعَمَلُ حَسَنًا حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا لِلَّهِ عز وجل، عَلَى شَرِيعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَمَتَى فَقَدَ الْعَمَلُ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنَ الشَّرْطَيْنِ بَطَلَ وَحَبِطَ.
وَقَوْلُهُ: {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ} يَقُولُ تَعَالَى: وَلَئِنْ أَخْبَرَتْ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ اللَّهَ سَيَبْعَثُهُمْ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ كَمَا بَدَأَهُمْ، مَعَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، [كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزُّخْرُفِ: 87]، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ] وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الْعَنْكَبُوتِ:61] ، (1) وَهُمْ مَعَ هَذَا يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ وَالْمَعَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الَّذِي هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقُدْرَةِ أَهْوَنُ مِنَ الْبَدَاءَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الرُّومِ:27]، وَقَالَ تَعَالَى:{مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لُقْمَانَ:28] وَقَوْلُهُمْ (2) : {إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ} أَيْ: يَقُولُونَ كُفْرًا وَعِنَادًا مَا نُصَدِّقُكَ (3) عَلَى وُقُوعِ الْبَعْثِ، وَمَا يَذْكُرُ ذَلِكَ (4) إِلَّا مَنْ سَحَرْتَهُ، فَهُوَ يَتَّبِعُكَ عَلَى مَا تَقُولُ.
وَقَوْلُهُ: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} يَقُولُ تَعَالَى: وَلَئِنْ أَخَّرْنَا الْعَذَابَ وَالْمُؤَاخَذَةَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ وَأَمَدٍ مَحْصُورٍ، وَأَوْعَدْنَاهُمْ بِهِ إِلَى مُدَّةٍ مَضْرُوبَةٍ، لِيَقُولُنَّ تَكْذِيبًا وَاسْتِعْجَالًا {مَا يَحْبِسُهُ} أَيْ: يُؤَخِّرُ هَذَا الْعَذَابَ عَنَّا، فَإِنَّ سَجَايَاهُمْ قَدْ أَلِفَتِ التَّكْذِيبَ وَالشَّكَّ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مَحِيصٌ عَنْهُ وَلَا مَحِيدٌ.
وَ"الْأُمَّةُ" تُسْتَعْمَلُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي مَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَيُرَادُ بِهَا: الْأَمَدُ، كَقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ:{إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} وَقَوْلِهِ فِي [سُورَةِ](5) يُوسُفَ: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يُوسُفَ:45] ، وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْإِمَامِ الْمُقْتَدَى بِهِ، كَقَوْلِهِ:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النَّحْلِ:120] ، وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْمِلَّةِ وَالدِّينِ، كَقَوْلِهِ إِخْبَارًا عَنِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزُّخْرُفِ:23] ، وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْجَمَاعَةِ، كَقَوْلِهِ:{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} [الْقَصَصِ:23]، وَقَالَ تَعَالَى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النَّحْلِ:36]، وَقَالَ تَعَالَى:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [يُونُسَ:47] .
وَالْمُرَادُ مِنَ الْأُمَّةِ هَاهُنَا: الَّذِينَ يَبْعَثُ فِيهِمُ الرَّسُولُ (6) مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ، كَمَا [جَاءَ](7) في
(1) زيادة من ت، أ.
(2)
في ت، أ:"وقوله".
(3)
في ت: "ما يصدقك".
(4)
في ت: "وما تذكره من ذلك".
(5)
زيادة من أ.
(6)
في أ: "الرسل".
(7)
زيادة من ت.