الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الجزء الرابع]
بسم الله الرحمن الرحيم
سُورَةِ الْأَنْفَالِ
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ. آيَاتُهَا سَبْعُونَ وَسِتُّ آيَاتٍ. كَلِمَاتُهَا أَلْفُ كَلِمَةٍ وَسِتُّمِائَةِ كَلِمَةٍ وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ كَلِمَةً. حُرُوفُهَا خَمْسَةُ آلَافٍ وَمِائَتَانِ وَأَرْبَعَةٌ وتسعون حرفا والله أعلم.
[سورة الأنفال (8) : آية 1]
بسم الله الرحمن الرحيم
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)
قَالَ الْبُخَارِيُّ «1» : قَالَ ابْنُ عباس: الأنفال المغانم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما سُورَةُ الْأَنْفَالِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ. أَمَّا مَا عَلَّقَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْأَنْفَالُ الْغَنَائِمُ «2» ، كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِصَةً لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهَا شَيْءٌ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَعَطَاءٌ وَالضَّحَّاكُ وقَتَادَةُ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَغَيْرُ واحد أنها المغانم، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْأَنْفَالُ الْغَنَائِمُ، قَالَ فِيهَا لبيد:[الرمل]
إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نَفَلٍ
…
وَبِإِذْنِ اللَّهِ ريثي وعجل «3»
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «4» : حَدَّثَنِي يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْأَنْفَالِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: الْفَرَسُ مِنَ النَّفَلِ وَالسَّلَبُ مِنَ النَّفَلِ. ثُمَّ عَادَ لِمَسْأَلَتِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ: الْأَنْفَالُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا هِيَ؟ قَالَ الْقَاسِمُ فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ حَتَّى كَادَ يُحْرِجُهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَدْرُونَ مَا مِثْلُ هَذَا مِثْلُ صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَالَ لَا آمُرُكَ وَلَا أَنْهَاكَ. ثُمَّ قال
(1) كتاب التفسير، تفسير سورة 8، باب 1.
(2)
انظر تفسير الطبري 6/ 168.
(3)
البيت في ديوان لبيد ص 174، ولسان العرب (نفل) ومقاييس اللغة 46412، وتاج العروس (نفل) ، ويروى «ريثي والعجل» بدل «ريثي وعجل» .
(4)
تفسير الطبري 6/ 170.
ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللَّهِ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم إِلَّا زَاجِرًا آمِرًا محللا مُحَرِّمًا. قَالَ الْقَاسِمُ فَسُلِّطَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رجل فسأله عَنِ الْأَنْفَالِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ الرَّجُلُ يَنْفُلُ فَرَسَ الرَّجُلِ وَسِلَاحَهُ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ فقال له مثل ذلك، ثم عاد عَلَيْهِ حَتَّى أَغْضَبَهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَدْرُونَ مَا مِثْلُ هَذَا؟ مِثْلُ صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى سَالَتِ الدِّمَاءُ عَلَى عَقِبَيْهِ أَوْ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ أَمَّا أَنْتَ فَقَدِ انْتَقَمَ اللَّهُ لِعُمَرَ مِنْكَ «1» .
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ فَسَّرَ النَّفَلَ بِمَا يَنْفُلُهُ الْإِمَامُ لِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ مِنْ سَلَبٍ أَوْ نَحْوِهِ بَعْدَ قَسْمِ أَصْلِ الْمَغْنَمِ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ إِلَى فَهْمِ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ لَفْظِ النَّفَلِ، واللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: إِنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخُمُسِ بعد الأربعة من الأخماس، فنزلت يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ «2» وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَمَسْرُوقٌ: لَا نَفَلَ يَوْمَ الزَّحْفِ، إِنَّمَا النَّفَلُ قَبْلَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُمَا، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عطاء بن أبي رباح في الآية يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قَالَ يَسْأَلُونَكَ فِيمَا شَذَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ قِتَالٍ، مِنْ دَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ مَتَاعٍ فَهُوَ نَفَلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ «3» ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فَسَّرَ الْأَنْفَالَ بِالْفَيْءِ وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنَ الكفار من غير قتال.
قال ابْنُ جَرِيرٍ «4» : وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ أَنْفَالُ السَّرَايَا حَدَّثَنِي الْحَارِثُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن صالح بن حيي، قال بلغني في قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قال السرايا «5» ، ومعنى هَذَا مَا يَنْفُلُهُ الْإِمَامُ لِبَعْضِ السَّرَايَا زِيَادَةً عَلَى قَسْمِهِمْ مَعَ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ.
وَقَدْ صَرَّحَ بذلك الشعبي، واختار ابن جرير أنها زيادة عَلَى الْقَسْمِ.
وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «6» ، حَيْثُ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن عبيد اللَّهِ الثَّقَفِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَقُتِلَ أَخِي عمير قتلت سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَأَخَذْتُ سَيْفَهُ، وَكَانَ يُسَمَّى ذا الكتيفة، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«اذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي الْقَبَضِ» قَالَ فَرَجَعْتُ وَبِي مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، مِنْ قَتْلِ أَخِي وَأَخْذِ سلبي، قال فما جاوزت إلا يسيرا
(1) انظر تفسير الطبري 6/ 170.
(2)
تفسير الطبري 6/ 170.
(3)
تفسير الطبري 6/ 169. [.....]
(4)
تفسير الطبري 6/ 169.
(5)
تفسير الطبري 6/ 169.
(6)
المسند 1/ 180.