الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة هود (11) : الآيات 109 الى 111]
فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَاّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)
يَقُولُ تَعَالَى: فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ بَاطِلٌ وَجَهْلٌ وَضَلَالٌ فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَعْبُدُونَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ أَيْ لَيْسَ لَهُمْ مُسْتَنَدٌ فِيمَا هُمْ فِيهِ إِلَّا اتِّبَاعُ الْآبَاءِ فِي الْجَهَالَاتِ وَسَيَجْزِيهِمُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ أَتَمَّ الْجَزَاءَ فَيُعَذِّبُ كَافِرَهُمْ عَذَابًا لا يعذبه أحدا وَإِنْ كَانَ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَقَدْ وَفَّاهُمُ اللَّهُ إِيَّاهَا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ الجُعْفِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ قال ما وعدوا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ «1» .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ لَمُوَفُّوهُمْ مِنَ الْعَذَابِ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ آتَى مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ فَمِنْ مُؤْمِنٍ بِهِ وَمِنْ كَافِرٍ بِهِ فَلَكَ بِمَنْ سَلَفَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ يَا مُحَمَّدُ أُسْوَةٌ فلا يغيظنك تكذيبهم لك ولا يهمنك ذَلِكَ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ لَوْلَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَأْجِيلِهِ الْعَذَابَ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ لَقَضَى اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْكَلِمَةِ أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ وَإِرْسَالِ الرَّسُولِ إِلَيْهِ كَمَا قَالَ: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الْإِسْرَاءِ: 15] فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى فَاصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ [طَهَ:
129-
130] ثُمَّ أخبر تَعَالَى أَنَّهُ سَيَجْمَعُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ مِنَ الْأُمَمِ وَيَجْزِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنَّ شَرًّا فَشَرٌّ فَقَالَ: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ أَيْ عَلِيمٌ بِأَعْمَالِهِمْ جَمِيعِهَا جَلِيلِهَا وَحَقِيرِهَا صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا وَفِي هذه الآية قراءات كثيرة يرجع مَعْنَاهَا إِلَى هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ [يس: 32] .
[سورة هود (11) : الآيات 112 الى 113]
فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)
يَأْمُرُ تَعَالَى رَسُولَهُ وَعِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ وَذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى النَّصْرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَمُخَالَفَةِ الْأَضْدَادِ وَنَهَى عَنِ الطُّغْيَانِ وَهُوَ الْبَغْيُ فَإِنَّهُ مَصْرَعَةٌ حَتَّى وَلَوْ كَانَ عَلَى مُشْرِكٍ وَأَعْلَمَ تَعَالَى أَنَّهُ بَصِيرٌ بِأَعْمَالِ الْعِبَادِ لَا يَغْفُلُ عَنْ شَيْءٍ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ.
وَقَوْلُهُ: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عباس:
لا تداهنوا «2» وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الرُّكُونُ إِلَى الشِّرْكِ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: لَا تَرْضَوْا
(1) انظر تفسير الطبري 7/ 120.
(2)
انظر تفسير الطبري 7/ 124. [.....]