الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ يَعْنُونَ بِعَذَابِهِمْ وَهَلَاكِهِمْ وَدَمَارِهِمُ الَّذِي كَانُوا يَشُكُّونَ فِي وُقُوعِهِ بِهِمْ وحلوله بساحتهم وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ كقوله تَعَالَى:
مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ [الْحِجْرِ: 8] . وَقَوْلُهُ: وَإِنَّا لَصادِقُونَ تَأْكِيدٌ لِخَبَرِهِمْ إِيَّاهُ بِمَا أخبروه به من نجاته وإهلاك قومه.
[سورة الحجر (15) : الآيات 65 الى 66]
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66)
يَذْكُرُ تَعَالَى عَنِ الْمَلَائِكَةِ أَنَّهُمْ أَمَرُوهُ أَنْ يَسْرِيَ بِأَهْلِهِ بَعْدَ مُضِيِّ جَانِبٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَأَنْ يَكُونَ لُوطٌ عليه السلام يَمْشِي وَرَاءَهُمْ لِيَكُونَ أَحْفَظَ لَهُمْ، وَهَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي في الغزو إنما يَكُونُ سَاقَةً يُزْجِي الضَّعِيفَ وَيَحْمِلُ الْمُنْقَطِعَ.
وَقَوْلُهُ: وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَيْ إِذَا سَمِعْتُمُ الصَّيْحَةَ بِالْقَوْمِ فَلَا تَلْتَفِتُوا إِلَيْهِمْ وَذَرُوهُمْ فِيمَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ كَأَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ مَنْ يَهْدِيهِمُ السَّبِيلَ وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَيْ تَقَدَّمَنَا إِلَيْهِ فِي هَذَا أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ أي وقت الصباح كقوله فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ [هود: 81] .
[سورة الحجر (15) : الآيات 67 الى 72]
وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ (69) قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (70) قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (71)
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)
يُخْبِرُ تَعَالَى عِنْ مَجِيءِ قَوْمِ لُوطٍ لَمَّا عَلِمُوا بِأَضْيَافِهِ وَصَبَاحَةِ وُجُوهِهِمْ، وَأَنَّهُمْ جَاءُوا مُسْتَبْشِرِينَ بِهِمْ فَرِحِينَ قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ وَهَذَا إِنَّمَا قَالَهُ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أنهم رسل الله، كما قال في سُورَةِ هُودٍ، وَأَمَّا هَاهُنَا فَتَقَدَّمَ ذِكْرُ أَنَّهُمْ رُسُلُ اللَّهِ وَعُطِفَ بِذِكْرِ مَجِيءِ قَوْمِهِ وَمُحَاجَّتِهِ لَهُمْ، وَلَكِنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِيَ التَّرْتِيبَ وَلَا سِيَّمَا إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ، فَقَالُوا لَهُ مُجِيبِينَ: أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ أَيْ أو ما نَهَيْنَاكَ أَنْ تُضِيفَ أَحَدًا؟ فَأَرْشَدَهُمْ إِلَى نِسَائِهِمْ وَمَا خَلَقَ لَهُمْ رَبُّهُمْ مِنْهُنَّ مِنَ الْفُرُوجِ المباحة. وقد تقدم إيضاح الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. هَذَا كُلُّهُ وَهُمْ غَافِلُونَ عَمَّا يُرَادُ بِهِمْ وَمَا قَدْ أَحَاطَ بِهِمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَمَاذَا يصبحهم من العذاب المنتظر. ولهذا قال تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ أَقْسَمَ تَعَالَى بِحَيَاةِ نَبِيِّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَفِي هَذَا تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ وَمَقَامٌ رَفِيعٌ وَجَاهٌ عَرِيضٌ.
قَالَ عَمْرُو بْنُ مالك البكري عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ وَمَا ذَرَأَ وَمَا بَرَأَ نَفْسًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَمَا سَمِعْتُ اللَّهَ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ غَيْرِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ يَقُولُ: وَحَيَاتِكَ وَعُمْرِكَ وبقاؤك فِي الدُّنْيَا إِنَّهُمْ لَفِي