الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَفَلَ، وَمَنْ أَتَى السُّلْطَانَ افْتُتِنَ» «1» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ.
وَلَمَّا كَانَتِ الْغِلْظَةُ وَالْجَفَاءُ فِي أَهْلِ الْبَوَادِي لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ مِنْهُمْ رَسُولًا، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْبَعْثَةُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى [يُوسُفَ: 109] وَلَمَّا أَهْدَى ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ تِلْكَ الْهَدِيَّةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ عَلَيْهِ أَضْعَافَهَا حَتَّى رَضِيَ، قَالَ:«لقد هممت أن لا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ دُوسِيٍّ» لِأَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا يَسْكُنُونَ الْمُدُنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفَ وَالْمَدِينَةَ وَالْيَمَنَ، فَهُمْ أَلْطَفُ أَخْلَاقًا مِنَ الْأَعْرَابِ لِمَا فِي طِبَاعِ الْأَعْرَابِ مِنَ الْجَفَاءِ.
[حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ فِي تَقْبِيلِ الْوَلَدِ] قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ قالوا نعم، قالوا لكنا وَاللَّهِ مَا نُقَبِّلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَأَمْلِكُ أَنْ كَانَ اللَّهُ نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ» وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: «مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ» «2» .
وَقَوْلُهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ أَيْ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْإِيمَانَ وَالْعِلْمَ، حَكِيمٌ فِيمَا قَسَّمَ بَيْنَ عِبَادِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَالْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ لِعَلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ أَيْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَغْرَماً أَيْ غَرَامَةً وَخَسَارَةً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ أَيْ يَنْتَظِرُ بِكُمُ الْحَوَادِثَ وَالْآفَاتِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ أَيْ هِيَ مُنْعَكِسَةٌ عَلَيْهِمْ وَالسَّوْءُ دَائِرٌ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أَيْ سَمِيعٌ لِدُعَاءِ عِبَادِهِ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ النَّصْرَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْخُذْلَانَ.
وَقَوْلُهُ: وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْمَمْدُوحُ مِنَ الْأَعْرَابِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ مَا يُنْفِقُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قُرْبَةً يَتَقَرَّبُونَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ وَيَبْتَغُونَ بِذَلِكَ دُعَاءَ الرَّسُولِ لَهُمْ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ أَيْ أَلَا إِنَّ ذَلِكَ حَاصِلٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
[سورة التوبة (9) : آية 100]
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ رِضَاهُ عَنِ السَّابِقَيْنِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَرِضَاهُمْ عَنْهُ بِمَا أَعَدَّ لَهُمْ مِنْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: السابقون الأولون من
(1) أخرجه أبو داود في الأضاحي باب 24، والترمذي في الفتن باب 69، والنسائي في الصيد باب 24.
(2)
أخرجه البخاري في الأدب باب 18، ومسلم في الفضائل حديث 64. [.....]