الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ يَعْنِي كَيْفَ فَرَّقُوا بَيْنَهُ وبين أخيه إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ أَيْ إِنَّمَا حَمَلَكُمْ عَلَى هَذَا الْجَهْلُ بِمِقْدَارِ هَذَا الَّذِي ارْتَكَبْتُمُوهُ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ، وَقَرَأَ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ [النحل:
119] الآية.
وَالظَّاهِرُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ يُوسُفَ عليه السلام إنما تعرف إليهم بنفسه بإذن الله تعالى لَهُ فِي ذَلِكَ، كَمَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَخْفَى مِنْهُمْ نَفْسَهُ فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فِي ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَكِنْ لَمَّا ضَاقَ الْحَالُ وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ، فَرَّجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ الضِّيقِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [الشرح: 5- 6] فعند ذلك قالوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ وقرأ أبي بن كعب إنك لأنت يوسف، وقرأ ابن محيصن أنت يُوسُفُ، وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ هِيَ الْأُولَى، لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِعْظَامِ أَيْ إِنَّهُمْ تَعَجَّبُوا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ مِنْ سَنَتَيْنِ وَأَكْثَرَ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ وَهُوَ مَعَ هَذَا يَعْرِفُهُمْ وَيَكْتُمُ نَفْسَهُ، فَلِهَذَا قَالُوا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِفْهَامِ: أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي.
وقوله: قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا أَيْ بِجَمْعِهِ بَيْنَنَا بَعْدَ التَّفْرِقَةِ وَبَعْدَ الْمُدَّةِ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا الآية، يَقُولُونَ مُعْتَرِفِينَ لَهُ بِالْفَضْلِ وَالْأَثْرَةِ عَلَيْهِمْ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ وَالسَّعَةِ وَالْمُلْكِ وَالتَّصَرُّفِ وَالنُّبُوَّةِ أَيْضًا، عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُمْ أَنْبِيَاءَ، وَأَقَرُّوا له بأنهم أساؤوا إِلَيْهِ وَأَخْطَئُوا فِي حَقِّهِ قالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يقول: أي لَا تَأْنِيبَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَتْبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ، ولا أعيد عليكم ذَنْبَكُمْ فِي حَقِّي بَعْدَ الْيَوْمِ، ثُمَّ زَادَهُمُ الدُّعَاءَ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ قَالَ السُّدِّيُّ:
اعْتَذَرُوا إِلَى يُوسُفَ فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَقُولُ: لَا أَذْكُرُ لَكُمْ ذَنْبَكُمْ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ والثوري لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ أَيْ لَا تَأْنِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ عِنْدِي فِيمَا صَنَعْتُمْ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ أَيْ يَسْتُرُ اللَّهُ عليكم فيما فعلتم وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
[سورة يوسف (12) : الآيات 93 الى 95]
اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (95)
يَقُولُ: اذْهَبُوا بِهَذَا الْقَمِيصِ فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَكَانَ قَدْ عَمِيَ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ، وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ أَيْ بِجَمِيعِ بَنِي يَعْقُوبَ، وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ أَيْ خَرَجَتْ مِنْ مِصْرَ قالَ أَبُوهُمْ يَعْنِي يَعْقُوبَ عليه السلام لِمَنْ بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ بَنِيهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ تَنْسِبُونِي إِلَى الْفَنَدِ وَالْكِبَرِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهُذَيْلِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ، قَالَ: لما خرجت