الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا وَعَدَنَا اللَّهُ بِهِ فِي كُتُبِنَا مِنْ إِرْسَالِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَحَقًّا وَصِدْقًا مَفْعُولًا لَا مَحَالَةَ وَكَائِنًا، فَسُبْحَانَهُ مَا أَصْدَقَ وَعْدَهُ، فَلَهُ الْحَمْدُ وَحْدَهُ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً [الْإِسْرَاءِ:
109] ، وَقَوْلُهُ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ أَيْ وَمِنَ الطَّوَائِفِ مَنْ يُكَذِّبُ بِبَعْضِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَمِنَ الْأَحْزابِ أي اليهود والنصارى مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ أي بعض مَا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ، وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى:
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ [آل عمران: 199] الآية، قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ أَيْ إِنَّمَا بُعِثْتُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَمَا أُرْسِلَ الْأَنْبِيَاءُ من قبلي إِلَيْهِ أَدْعُوا أَيْ إِلَى سَبِيلِهِ أَدْعُو النَّاسَ وَإِلَيْهِ مَآبِ أَيْ مَرْجِعِي وَمَصِيرِي.
وَقَوْلُهُ: وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا أَيْ وَكَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ الْمُرْسَلِينَ، وأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْكُتُبَ مِنَ السَّمَاءِ، كَذَلِكَ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ مُحْكَمًا مُعْرَبًا، شَرَّفْنَاكَ بِهِ، وَفَضَّلْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ بِهَذَا الْكِتَابِ الْمُبِينِ الْوَاضِحِ الْجَلِيِّ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فُصِّلَتْ: 11] . وَقَوْلُهُ: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ أَيْ آرَاءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ أي من الله سبحانه مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ وَهَذَا وَعِيدٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَتَّبِعُوا سُبُلَ أهل الضلالة بعد ما صَارُوا إِلَيْهِ مَنْ سُلُوكِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَالْمَحَجَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، عَلَى مَنْ جَاءَ بِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ والسلام.
[سورة الرعد (13) : الآيات 38 الى 39]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (38) يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (39)
يَقُولُ تَعَالَى: وَكَمَا أَرْسَلْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ رَسُولًا بَشَرِيًّا، كَذَلِكَ قَدْ بَعَثْنَا الْمُرْسَلِينَ قَبْلَكَ بَشَرًا، يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ، وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ، وَيَأْتُونَ الزَّوْجَاتِ، وَيُولَدُ لَهُمْ، وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذَرِّيَّةً، وقد قال تَعَالَى لِأَشْرَفِ الرُّسُلِ وَخَاتَمِهِمْ قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ [الْكَهْفِ:
110] .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَقُومُ وَأَنَامُ، وَآكُلُ اللَّحْمَ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» «1» . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» : حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ: التَّعَطُّرُ وَالنِّكَاحُ، وَالسِّوَاكُ، وَالْحِنَّاءُ» «3» . وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أبي الشمال، عن أبي
(1) أخرجه البخاري في النكاح باب 1، ومسلم في النكاح حديث 5. [.....]
(2)
المسند 5/ 421.
(3)
أخرجه الترمذي في النكاح باب 1.
أَيُّوبَ فَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي لَمْ يَذْكَرْ فِيهِ أَبُو الشَّمَالِ.
وَقَوْلُهُ: وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أَيْ لَمْ يَكُنْ يَأْتِي قَوْمَهُ بِخَارِقٍ إِلَّا إِذَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ، لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْهِ بَلْ إِلَى اللَّهِ عز وجل يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ أَيْ لِكُلِّ مُدَّةٍ مَضْرُوبَةٍ، كِتَابٌ مَكْتُوبٌ بِهَا، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الْحَجِّ: 70] وَكَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ أَيْ لِكُلِّ كِتَابٍ أَجَلٌ، يَعْنِي لِكُلِّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ مِنَ السَّمَاءِ مُدَّةٌ مَضْرُوبَةٌ عِنْدَ الله، ومقدار معين، فلهذا يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ مِنْهَا، وَيُثْبِتُ يَعْنِي حَتَّى نُسِخَتْ كُلُّهَا بِالْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ «1» .
وقوله يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَوَكِيعٌ وهُشَيْمٌ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُدَبِّرُ أمر السنة، فيمحو الله مَا يَشَاءُ إِلَّا الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ وَالْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ، وفي رواية يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ قَالَ: كُلَّ شَيْءٍ إلا الموت والحياة وَالشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، فَإِنَّهُمَا قَدْ فُرِغَ مِنْهُمَا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ إِلَّا الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ وَالشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ فَإِنَّهُمَا لَا يَتَغَيَّرَانِ «2» . وَقَالَ مَنْصُورٌ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا، فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ دُعَاءَ أَحَدِنَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ اسْمِي فِي السُّعَدَاءِ فَأَثْبِتْهُ فِيهِمْ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَشْقِيَاءِ فَامْحُهُ عَنْهُمْ، وَاجْعَلْهُ فِي السُّعَدَاءِ؟
فَقَالَ: حَسَنٌ: ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَوْلٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ الآيتين، قَالَ: يَقْضِي فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ رِزْقٍ أَوْ مُصِيبَةٍ، ثُمَّ يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ، فَأَمَّا كتاب السعادة والشقاوة فَهُوَ ثَابِتٌ لَا يُغَيَّرُ «3» .
وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ: إِنَّهُ كَانَ كثيرا ما يَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنَا أَشْقِيَاءَ، فَامْحُهُ وَاكْتُبْنَا سُعَدَاءَ، وَإِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنَا سُعَدَاءَ فَأَثْبِتْنَا، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «4» ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِي حَكِيمَةَ عِصْمَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ وهو يطوف بالبيت ويبكي: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَ عَلَيَّ شِقْوَةً أَوْ ذَنْبًا فَامْحُهُ، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ، وعندك أم الكتاب، فاجعله سعادة ومغفرة.
(1) انظر تفسير الطبري 7/ 399.
(2)
انظر تفسير الطبري 7/ 399.
(3)
انظر تفسير الطبري 7/ 400.
(4)
تفسير الطبري 7/ 400.
وَقَالَ حَمَّادٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قلابة، عن ابن مسعود رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ أَيْضًا. وَرَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِمَثَلِهِ. وقال ابن جرير «1» : حدثني المثنى، حدثنا حجاج، حَدَّثَنَا خِصَافٌ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ كَعْبًا قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَأَنْبَأْتُكَ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ الآية، وَمَعْنَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّ الْأَقْدَارَ يَنْسَخُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ مِنْهَا، وَيُثْبِتُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ.
وقد يستأنس لهذا القول بما ورواه الإمام احمد «2» : حدثنا وكيع، وحدثنا سفيان هو الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ، وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ» «3» ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِهِ.
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي العمر. وفي حديث آخر «إِنَّ الدُّعَاءَ وَالْقَضَاءَ لَيَعْتَلِجَانِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» . وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «4» : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ لَوْحًا مَحْفُوظًا مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ لَهَا دَفَّتَانِ مِنْ يَاقُوتٍ- وَالدَّفَّتَانِ: لَوْحَانِ- لِلَّهِ عز وجل، كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لَحْظَةً، يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زيادة بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَفْتَحُ الذِّكْرَ فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ يَبْقَيْنَ مِنَ اللَّيْلِ، فِي السَّاعَةِ الْأُولَى مِنْهَا يَنْظُرُ فِي الذِّكْرِ الَّذِي لَا يَنْظُرُ فِيهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ فَيَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ» وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ، رواه ابن جرير «5» .
وقال الكلبي: يمحو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، قَالَ: يَمْحُو مِنَ الرِّزْقِ وَيَزِيدُ فِيهِ، وَيَمْحُو مِنَ الْأَجَلِ وَيَزِيدُ فِيهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو صَالِحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ سُئِلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ هَذِهِ الآية، فقال: يكتب القول كله حتى إذ كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسَ طُرِحَ مِنْهُ كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ ثَوَابٌ وَلَا عِقَابٌ، مِثْلَ قَوْلِكَ: أكلت وشربت، ودخلت وخرجت، ونحو ذلك مِنَ الْكَلَامِ، وَهُوَ صَادِقٌ، وَيُثْبَتُ مَا كَانَ فِيهِ الثَّوَابُ وَعَلَيْهِ الْعِقَابُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْكِتَابُ كِتَابَانِ، فَكُتَّابٌ يَمْحُو اللَّهُ منه ما يشاء ويثبت، وعنده أم
(1) تفسير الطبري 7/ 401.
(2)
المسند 5/ 277.
(3)
أخرجه ابن ماجة في المقدمة باب 10، والفتن باب 22.
(4)
تفسير الطبري 7/ 404.
(5)
تفسير الطبري 7/ 404.