الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمصافحة يغفر لهما؟ قال مُجَاهِدٌ: أَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ: لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ الْوَلِيدُ لِمُجَاهِدٍ: أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّي، وَكَذَا رَوَى طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ عمير بن إسحاق، قال: كنا نتحدث أن أول ما يرفع من النَّاسِ الْأُلْفَةُ، وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ رحمه الله: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ غَيْلَانَ، سَمِعْتُ جَعْدًا أَبَا عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا لَقِيَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ، تَحَاتَّتْ عَنْهُمَا ذنوبهما، كما تحات الْوَرَقُ عَنِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ فِي يَوْمِ رِيحٍ عاصف، وإلا غفر لهما ذنوبهما ولو كانت مثل زبد البحار.
[سورة الأنفال (8) : الآيات 64 الى 66]
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)
يُحَرِّضُ تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ وَمُنَاجَزَةِ الْأَعْدَاءِ وَمُبَارَزَةِ الْأَقْرَانِ، وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ حَسْبُهُمْ أَيْ كَافِيهِمْ وَنَاصِرُهُمْ وَمُؤَيِّدُهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَإِنْ كَثُرَتْ أَعْدَادُهُمْ وَتَرَادَفَتْ أَمْدَادُهُمْ، وَلَوْ قَلَّ عَدَدُ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عن ابن شَوْذَبٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ حَسْبُكَ اللَّهُ، وَحَسْبُ مَنْ شَهِدَ مَعَكَ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن زيد مِثْلَهُ.
وَلِهَذَا قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ أي حثهم أو مرهم عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَرِّضُ عَلَى الْقِتَالِ، عِنْدَ صَفِّهِمْ وَمُوَاجَهَةِ الْعَدُوِّ، كَمَا قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ أَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ فِي عَدَدِهِمْ وعُدَدِهِمْ:«قُومُوا إلى جنة عرضها السموات والأرض» فقال عمير بن الحمام: عرضها السموات وَالْأَرْضِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَعَمْ» ، فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ فَقَالَ: «مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟» قَالَ: رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ «فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا» فَتَقَدَّمَ الرَّجُلُ، فَكَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ، وَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ أَلْقَى بَقِيَّتَهُنَّ مِنْ يَدِهِ وَقَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَهُنَّ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ رضي الله عنه «1» ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ حِينَ أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَكَمُلَ بِهِ الْأَرْبَعُونَ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ، وَإِسْلَامُ عُمَرَ كَانَ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وقبل الهجرة إلى المدينة، والله أعلم.
(1) أخرجه مسلم في الإمارة حديث 146، وأحمد في المسند 3/ 136.