الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن مجاهد، وعن شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ قَالَ وَأَسْتَاهَهُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَكْنِي، وَكَذَا قَالَ عُمَرُ مَوْلَى عفرة. وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي رَأَيْتُ بِظَهْرِ أَبِي جَهْلٍ مثل الشوك، قال «ذاك ضَرْبُ الْمَلَائِكَةِ» رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «1» وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَهَذَا السِّيَاقُ وَإِنْ كَانَ سَبَبُهُ وَقْعَةَ بَدْرٍ، وَلَكِنَّهُ عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ كَافِرٍ، وَلِهَذَا لَمْ يُخَصِّصْهُ تَعَالَى بِأَهْلِ بَدْرٍ، بَلْ قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَفِي سُورَةِ الْقِتَالِ «2» مثلها.
وتقدم في سورة الأنعام قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ [الْأَنْعَامِ: 93] أَيْ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ بالضرب فيهم بأمر ربهم، إذ اسْتَصْعَبَتْ أَنْفُسُهُمْ، وَامْتَنَعَتْ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْأَجْسَادِ أَنْ تَخْرُجَ قَهْرًا، وَذَلِكَ إِذْ بَشَّرُوهُمْ بِالْعَذَابِ والغضب من الله، كما فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ إِذَا جَاءَ الْكَافِرَ عِنْدَ احْتِضَارِهِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ الْمُنْكَرَةِ، يَقُولُ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ إِلَى سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ، فَتَتَفَرَّقُ فِي بَدَنِهِ فَيَسْتَخْرِجُونَهَا مِنْ جَسَدِهِ، كَمَا يَخْرُجُ السَّفُّودُ «3» مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ «4» ، فَتَخْرُجُ مَعَهَا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ، وَلِهَذَا أَخْبَرَ تَعَالَى: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ أَيْ هَذَا الْجَزَاءُ بِسَبَبِ مَا عَمِلْتُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا، جَازَاكُمُ اللَّهُ بِهَا هَذَا الْجَزَاءَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ أَيْ لَا يَظْلِمُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، بَلْ هُوَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَجُورُ تبارك وتعالى، وَتَقَدَّسَ وَتَنَزَّهَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، عِنْدَ مُسْلِمٍ»
رحمه الله، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمِنْ وَجَدَ غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» ولهذا قال تعالى.
[سورة الأنفال (8) : آية 52]
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (52)
يَقُولُ تَعَالَى: فَعَلَ هَؤُلَاءِ من المشركين المكذبين بِمَا أُرْسِلْتَ بِهِ يَا مُحَمَّدُ، كَمَا فَعَلَ الأمم
(1) تفسير الطبري 6/ 268.
(2)
أي سورة محمد الآية 27.
(3)
السفود: حديدة ذات شعب معقوفة. يشوى بها اللحم.
(4)
أخرجه أحمد في المسند 4/ 288، 296.
(5)
كتاب البر حديث 55.