الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعطيتهم هَذَا لِحُبِّكَ إِيَّاهُمْ وَاعْتِنَائِكَ بِهِمْ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ:
أَيْ أَهْلِكْهَا، وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: جَعَلَهَا اللَّهُ حِجَارَةً مَنْقُوشَةً كَهَيْئَةِ مَا كَانَتْ «1» ، وَقَالَ قَتَادَةُ بَلَغَنَا أَنَّ زُرُوعَهُمْ تَحَوَّلَتْ حجارة، وقال محمد بن كعب القرظي جعل سُكَّرَهُمْ حِجَارَةً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ قَرَأَ سُورَةَ يُونُسَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حتى بلغ وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا إلى قوله: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ الآية، فقال عُمَرُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ أَيُّ شَيْءٍ الطَّمْسُ؟ قَالَ: عَادَتْ أَمْوَالُهُمْ كُلُّهَا حِجَارَةً، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِغُلَامٍ لَهُ: ائْتِنِي بِكِيسٍ فَجَاءَهُ بِكِيسٍ فَإِذَا فِيهِ حِمَّصٌ وَبَيْضٌ قَدْ حَوْلَ حِجَارَةٍ.
وَقَوْلُهُ: وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيِ اطْبَعْ عَلَيْهَا فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ كَانَتْ مِنْ مُوسَى عليه السلام غَضَبًا لِلَّهِ وَلِدِينِهِ على فرعون وملئه الذين تبين له أنهم لَا خَيْرَ فِيهِمْ وَلَا يَجِيءُ مِنْهُمْ شَيْءٌ كَمَا دَعَا نُوحٌ عليه السلام فَقَالَ: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً [نُوحٍ: 26- 27] وَلِهَذَا اسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى عليه السلام فِيهِمْ هَذِهِ الدَّعْوَةَ الَّتِي أَمَّنَ عَلَيْهَا أَخُوهُ هَارُونُ فَقَالَ تَعَالَى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَأَبُو صَالِحٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ دَعَا مُوسَى وَأَمَّنَ هَارُونُ أَيْ قد أجبنا كما فِيمَا سَأَلْتُمَا مِنْ تَدْمِيرِ آلِ فِرْعَوْنَ، وَقَدْ يَحْتَجُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ تَأْمِينَ الْمَأْمُومِ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةِ قِرَاءَتِهَا لِأَنَّ مُوسَى دَعَا وَهَارُونَ أَمَّنَ، وَقَالَ تَعَالَى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما الآية، أَيْ كَمَا أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا عَلَى أَمْرِي قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَاسْتَقِيمَا فَامْضِيَا لِأَمْرِي وَهِيَ الِاسْتِقَامَةُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ يَقُولُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ مَكَثَ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحسين أربعين يوما.
[سورة يونس (10) : الآيات 90 الى 92]
وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَاّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ (92)
يَذْكُرُ تَعَالَى كَيْفِيَّةَ إِغْرَاقِهِ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا خرجوا من مصر بصحبة مُوسَى عليه السلام وَهُمْ فِيمَا قِيلَ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ سِوَى الذُّرِّيَّةِ وَقَدْ كَانُوا اسْتَعَارُوا من القبط
(1) انظر تفسير الطبري 6/ 600.
حُلِيًّا كَثِيرًا فَخَرَجُوا بِهِ مَعَهُمْ فَاشْتَدَّ حَنَقُ فِرْعَوْنَ عَلَيْهِمْ فَأَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَجْمَعُونَ لَهُ جُنُودَهُ مِنْ أَقَالِيمِهِ فَرَكَبَ وَرَاءَهُمْ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ وَجُيُوشٍ هَائِلَةٍ لِمَا يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ دَوْلَةٌ وَسُلْطَانٌ فِي سَائِرِ مَمْلَكَتِهِ فَلَحِقُوهُمْ وقت شروق الشمس فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشُّعَرَاءِ: 61] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا انْتَهَوْا إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وفرعون وراءهم وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَتَقَاتَلَ الْجَمْعَانِ وَأَلَحَّ أَصْحَابُ مُوسَى عليه السلام عَلَيْهِ فِي السُّؤَالِ كَيْفَ الْمَخْلَصُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَسْلُكَ هَاهُنَا كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 62] .
فعند ما ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ فَضَرَبَهُ فَانْفَلَقَ الْبَحْرُ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [الشعراء: 13] الآية أَيْ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ وَصَارَ اثْنَيْ عَشَرَ طَرِيقًا لِكُلِّ سِبْطٍ وَاحِدٌ وَأَمَرَ اللَّهُ الرِّيحَ فَنَشَّفَتْ أَرْضَهُ فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى [طه: 77] وَتَخَرَّقَ الْمَاءُ بَيْنَ الطُّرُقِ كَهَيْئَةِ الشَّبَابِيكِ لِيَرَى كُلُّ قوم الآخرين لئلا يظنوا أنهم هلكوا. وجاوزت بَنُو إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَلَمَّا خَرَجَ آخِرُهُمْ مِنْهُ انْتَهَى فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ إِلَى حَافَّتِهِ مِنَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ فِي مِائَةِ أَلْفِ أَدْهَمَ سِوَى بَقِيَّةِ الْأَلْوَانِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ هَالَهُ وَأَحْجَمَ وَهَابَ وَهَمَّ بِالرُّجُوعِ وَهَيْهَاتَ وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ، نَفَذَ الْقَدَرُ، وَاسْتُجِيبَتِ الدَّعْوَةُ.
وَجَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام عَلَى فَرَسٍ وَدِيقٍ حَائِلٍ فَمَرَّ إِلَى جانب حصان فرعون فحمحم إليها واقتحم جبريل البحر فَاقْتَحَمَ الْحِصَانُ وَرَاءَهُ وَلَمْ يَبْقَ فِرْعَوْنُ يَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا فَتَجَلَّدَ لِأُمَرَائِهِ وَقَالَ لَهُمْ لَيْسَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِأَحَقَّ بِالْبَحْرِ مِنَّا فَاقْتَحَمُوا كُلُّهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ وَمِيكَائِيلُ فِي سَاقَتِهِمْ لَا يترك منهم أحدا إِلَّا أَلْحَقَهُ بِهِمْ، فَلَمَّا اسْتَوْسَقُوا فِيهِ وَتَكَامَلُوا وَهَمَّ أَوَّلُهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ أَمَرَ اللَّهُ الْقَدِيرُ الْبَحْرَ أَنْ يَرْتَطِمَ عَلَيْهِمْ فَارْتَطَمَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَجَعَلَتِ الْأَمْوَاجُ تَرْفَعُهُمْ وَتَخْفِضُهُمْ وَتَرَاكَمَتِ الْأَمْوَاجُ فَوْقَ فِرْعَوْنَ وَغَشِيَتْهُ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ:
آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَآمَنَ حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُ الْإِيمَانُ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ [غافر: 84- 85] ولهذا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَوَابِ فِرْعَوْنَ حِينَ قَالَ مَا قَالَ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ أَيْ أَهَذَا الْوَقْتُ تَقُولُ، وَقَدْ عَصَيْتَ اللَّهَ قَبْلَ هَذَا فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ أَيْ فِي الْأَرْضِ الَّذِينَ أَضَلُّوا النَّاسَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لَا يُنْصَرُونَ [الْقَصَصِ: 41] وَهَذَا الَّذِي حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ فِرْعَوْنَ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا فِي حاله ذلك مِنْ أَسْرَارِ الْغَيْبِ الَّتِي أَعْلَمَ اللَّهُ بِهَا رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ «1» رحمه الله: حَدَّثَنَا سليمان بن حرب حدثنا
(1) المسند 1/ 309.
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ «1» وَابْنُ جَرِيرٍ «2» وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفَاسِيرِهِمْ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ لِي جِبْرِيلُ لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخِذٌ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ فَأَدُسُّهُ فِي فَمِ فِرْعَوْنَ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ» وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ «3» أَيْضًا وَابْنُ جَرِيرٍ «4» أَيْضًا من غير وجه عن شعبة به فذكر مثله، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ وَعَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ أحدهما فكأن الآخر لم يرفع فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْلَى الثَّقَفِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ قَالَ فَخَافَ جِبْرِيلُ أَنْ تَسْبِقَ رَحْمَةُ اللَّهِ فِيهِ غَضَبَهُ فَجَعَلَ يَأْخُذُ الْحَالَ بِجَنَاحَيْهِ فَيَضْرِبُ بِهِ وَجْهَهُ فَيَرْمُسُهُ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ بِهِ مَوْقُوفًا، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا فَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «5» : حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا حَكَّامٌ عَنْ عَنْبَسَةَ هُوَ ابن أبي سَعِيدٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ لِي جِبْرِيلُ يَا مُحَمَّدُ لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَغُطُّهُ وَأَدُسُّ مِنَ الْحَالِ فِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ فَيَغْفِرَ لَهُ» يَعْنِي فِرْعَوْنَ. كَثِيرُ بْنُ زَاذَانَ هَذَا قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَا أَعْرِفُهُ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
وَقَدْ أَرْسَلَ هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ قَتَادَةُ وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَنُقِلَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ خَطَبَ بِهَذَا لِلنَّاسِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ: إِنَّ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ شَكُّوا فِي مَوْتِ فِرْعَوْنَ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى البحر أن يلقيه بجسده سويا بلا روح وعليه درعه المعروفة عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ لِيَتَحَقَّقُوا مَوْتَهُ وَهَلَاكَهُ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ أي
(1) كتاب التفسير، تفسير سورة 10، باب 3.
(2)
تفسير الطبري 6/ 605.
(3)
كتاب التفسير، تفسير سورة 10، باب 3.
(4)
تفسير الطبري 6/ 605.
(5)
تفسير الطبري 6/ 605.