الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُكَذِّبَةُ قَبْلَهُمْ، فَفَعَلْنَا بِهِمْ مَا هُوَ دَأْبُنَا أَيْ عَادَتُنَا وَسُنَّتُنَا فِي أَمْثَالِهِمْ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ بِالرُّسُلِ، الْكَافِرِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ أي بسبب ذنوبهم أهلكهم وأخذهم أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ، إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ أَيْ لَا يَغْلِبُهُ غَالِبٌ وَلَا يَفُوتُهُ هارب.
[سورة الأنفال (8) : الآيات 53 الى 54]
ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (54)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ تَمَامِ عَدْلِهِ وَقِسْطِهِ فِي حُكْمِهِ بِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يُغَيِّرُ نِعْمَةً أَنْعَمَهَا على أحد، إلا بسبب ذنب ارتكبه، كقوله تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ [الرَّعْدِ: 11] وَقَوْلُهُ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ أَيْ كَصُنْعِهِ بِآلِ فِرْعَوْنَ وَأَمْثَالِهِمْ، حِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِهِ، أَهْلَكَهُمْ بِسَبَبِ ذُنُوبِهِمْ وَسَلَبَهُمْ تِلْكَ النِّعَمَ الَّتِي أَسْدَاهَا إِلَيْهِمْ، مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ بل كانوا هم الظالمين.
[سورة الأنفال (8) : الآيات 55 الى 57]
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57)
أَخْبَرَ تَعَالَى: أَنَّ شَرَّ مَا دَبَّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَقَضُوهُ، وَكُلَّمَا أَكَّدُوهُ بِالْأَيْمَانِ نَكَثُوهُ، وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ أَيْ لَا يَخَافُونَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ارْتَكَبُوهُ مِنَ الْآثَامِ، فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ أَيْ تَغْلِبُهُمْ وَتَظْفَرُ بِهِمْ فِي حَرْبٍ، فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ أَيْ نَكِّلْ بِهِمْ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمَعْنَاهُ غَلِّظْ عُقُوبَتَهُمْ وَأَثْخِنْهُمْ قَتْلًا، لِيَخَافَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْأَعْدَاءِ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، وَيَصِيرُوا لَهُمْ عِبْرَةً، لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَقُولُ: لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ أَنْ يَنْكُثُوا فَيُصْنَعَ بِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ.
[سورة الأنفال (8) : آية 58]
وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (58)
يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ قَدْ عَاهَدْتَهُمْ خِيانَةً أَيْ نَقْضًا لِمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ مِنَ الْمَوَاثِيقِ وَالْعُهُودِ، فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ أَيْ عَهْدَهُمْ عَلى سَواءٍ، أَيْ أَعْلِمْهُمْ بِأَنَّكَ قَدْ نَقَضْتَ عَهْدَهُمْ، حَتَّى يَبْقَى عِلْمُكَ وَعِلْمُهُمْ بِأَنَّكَ حَرْبٌ لَهُمْ، وَهُمْ حَرْبٌ لَكَ، وَأَنَّهُ لَا عَهْدَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ، أَيْ تَسْتَوِي أَنْتَ وَهُمْ فِي ذلك، قال الراجز:[رجز]