الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَعِيرَهَا وَسَمُومَهَا وَيَحْمُومَهَا وَمَا أَعْدَدْتَ لِأَعْدَائِكَ وَأَهْلِ مَعْصِيَتِكَ فِيهَا فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي خَوْفًا مِنْهَا فَيَقُولُ عَبْدِي إِنَّمَا عَمِلْتَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ نَارِي فَإِنِّي قَدْ أَعْتَقْتُكَ مِنَ النَّارِ وَمِنْ فَضْلِي عَلَيْكَ أَنْ أُدْخِلَكَ جَنَّتِي فَيَدْخُلُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ الْجَنَّةَ. ثُمَّ يُؤْتَى بِرَجُلٍ مِنَ الصِّنْفِ الثَّالِثِ فَيَقُولُ عَبْدِي لِمَاذَا عَمِلْتَ؟ فَيَقُولُ رَبِّ حُبًّا لَكَ وَشَوْقًا إِلَيْكَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ أَسْهَرْتُ لَيْلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي شَوْقًا إِلَيْكَ وَحُبًّا لَكَ. فَيَقُولُ تبارك وتعالى: عَبْدِي إِنَّمَا عَمِلْتَ حُبًّا لِي وَشَوْقًا إِلَيَّ فَيَتَجَلَّى لَهُ الرَّبُّ جل جلاله وَيَقُولُ هَا أَنَا ذَا فانظر إِلَيَّ ثُمَّ يَقُولُ: مِنْ فَضْلِي عَلَيْكَ أَنْ أُعْتِقَكَ مِنَ النَّارِ وَأُبِيحَكَ جَنَّتِي وَأُزَيِّرَكَ مَلَائِكَتِي وَأُسَلِّمَ عَلَيْكَ بِنَفْسِي: فَيَدْخُلُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ الجنة.
[سورة يونس (10) : آية 61]
وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَاّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (61)
يُخْبِرُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يَعْلَمُ جَمِيعَ أَحْوَالِهِ وَأَحْوَالِ أُمَّتِهِ وَجَمِيعَ الخلائق في كل ساعة وأوان وَلَحْظَةٍ وَأَنَّهُ لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ وَبَصَرِهِ مثقال ذرة في حقارتها وصغرها في السموات وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْهَا وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ كَقَوْلِهِ: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الْأَنْعَامِ: 59] فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ يَعْلَمُ حَرَكَةَ الْأَشْجَارِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْجَمَادَاتِ وَكَذَلِكَ الدَّوَابُّ السَّارِحَةُ فِي قَوْلِهِ: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ [الأنعام: 38] الآية وَقَالَ تَعَالَى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها [هود: 6] الآية.
وَإِذَا كَانَ هَذَا عِلْمَهُ بِحَرَكَاتِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فكيف علمه بِحَرَكَاتِ الْمُكَلَّفِينَ الْمَأْمُورِينَ بِالْعِبَادَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ [الشُّعَرَاءِ: 217- 218] وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ أي إذا تَأْخُذُونَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ نَحْنُ مُشَاهِدُونَ لَكُمْ راؤون سامعون ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عَنِ الْإِحْسَانُ «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنه يراك» «1» .
[سورة يونس (10) : الآيات 62 الى 64]
أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)
(1) أخرجه البخاري في الإيمان باب 37، ومسلم في الإيمان حديث 1، 5- 7، وأبو داود في السنة باب 16، والترمذي في الإيمان باب 4، والنسائي في الإيمان باب 5، 6، وابن ماجة في المقدمة باب 9، وأحمد في المسند 2/ 107، 132.