الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هالك وَما ظَلَمْناهُمْ أَيْ إِذْ أَهْلَكْنَاهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَنَا وَكَفْرِهِمْ بِهِمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ أوثانهم التي يَعْبُدُونَهَا وَيَدْعُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ مَا نَفَعُوهُمْ وَلَا أَنْقَذُوهُمْ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ بِإِهْلَاكِهِمْ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا:
أَيْ غَيْرَ تَخْسِيرٍ «1» وَذَلِكَ أَنَّ سَبَبَ هَلَاكِهِمْ وَدَمَارِهِمْ إِنَّمَا كَانَ بِاتِّبَاعِهِمْ تلك الآلهة فلهذا خسروا في الدنيا والآخرة.
[سورة هود (11) : آية 102]
وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)
يَقُولُ تَعَالَى وَكَمَا أَهْلَكْنَا أُولَئِكَ الْقُرُونَ الظَّالِمَةَ الْمُكَذِّبَةَ لِرُسُلِنَا كذلك نفعل بأشباههم إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ «2» الآية.
[سورة هود (11) : الآيات 103 الى 105]
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَاّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَاّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)
يقول تعالى إن في إهلاكنا الكافرين وإنجائنا المؤمنين لَآيَةً أي عظة واعتبارا على صدق موعودنا في الْآخِرَةِ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ [غَافِرٍ:
51] وَقَالَ تعالى فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ [إبراهيم: 13] الآية. وقوله: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ أَيْ أَوَّلُهُمْ وآخرهم كقوله: وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً [الْكَهْفِ:
47] وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ أي عظيم تحضره الملائكة ويجتمع فيه الرسل وتحشر الْخَلَائِقُ بِأَسْرِهِمْ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالطَّيْرِ وَالْوُحُوشِ والدواب ويحكم فيه الْعَادِلُ الَّذِي لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا.
وَقَوْلُهُ وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ أي ما نؤخر إقامة الْقِيَامَةِ إِلَّا لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَتْ كَلِمَةُ اللَّهِ فِي وُجُودِ أُنَاسٍ مَعْدُودِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وضرب مدة معينة إذا انقطعت وتكامل وجود أولئك المقدر خروجهم قامت السَّاعَةَ وَلِهَذَا قَالَ: وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ أَيْ لِمُدَّةٍ مُؤَقَّتَةٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَلَا يُنْتَقَصُ مِنْهَا.
يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ أي يوم يأتي يوم القيامة لا يتكلم أحد إلا بإذن الله كقوله: لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً [النبأ: 38] وقال: وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ [طه: 108] الآية. وفي الصحيحين من حديث الشفاعة «ولا يتكلم يومئذ إلا
(1) انظر تفسير الطبري 7/ 111.
(2)
أخرجه البخاري في تفسير سورة 11، باب 5، ومسلم في البر حديث 62.