المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 58] - تفسير القاسمي محاسن التأويل - جـ ٣

[جمال الدين القاسمي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثالث]

- ‌سورة النساء

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 1]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 2]

- ‌تنبيه:

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 3]

- ‌لطائف:

- ‌بحث جليل:

- ‌تتمة:

- ‌تنبيهان:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 4]

- ‌فائدتان:

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 5]

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 6]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 7]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 8]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 9]

- ‌لطيفة:

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 10]

- ‌لطيفة:

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 11]

- ‌تنبيه:

- ‌لطائف:

- ‌تنبيه:

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 12]

- ‌لطيفة:

- ‌تنبيه:

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 13]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 14]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 15]

- ‌ القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 16]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 17]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 18]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 19]

- ‌لطيفة:

- ‌تنبيه جليل في الوصية بالنساء والإحسان إليهن:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 20]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 21]

- ‌تنبيه في فوائد:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 22]

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 23]

- ‌لطيفة:

- ‌تنبيهات:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 24]

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 25]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 26]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 27]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 28]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 29]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 30]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 31]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 32]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 33]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 34]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 35]

- ‌ تنبيه

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 36]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 37]

- ‌فائدة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 38]

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 39]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 40]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 41]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 42]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 43]

- ‌تنبيهات:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 44]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 45]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 46]

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 47]

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 48]

- ‌لطيفة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 49]

- ‌ تنبيه

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 50]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 51]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 52]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 53]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 54]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 55]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 56]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 57]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 58]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 59]

- ‌لطيفة:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيهات

- ‌فصل

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 60]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 61]

- ‌تنبيه- في سبب نزولها

- ‌مباحث

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 62]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 63]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 64]

- ‌لطيفة:

- ‌تنبيهات:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 65]

- ‌تنبيهات:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 66]

- ‌تنبيهات:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 67]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 68]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 69]

- ‌تنبيهات

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 70]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 71]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 72]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 73]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 74]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 75]

- ‌تنبيه

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 76]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 77]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 78]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 79]

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 80]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 81]

- ‌تنبيهان:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 82]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 83]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 84]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 85]

- ‌فوائد:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 86]

- ‌عود:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 87]

- ‌فوائد:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 88]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 89]

- ‌تنبيهان:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 90]

- ‌لطيفة:

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 91]

- ‌تنبيهان:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 92]

- ‌لطيفتان:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 93]

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 94]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 95]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 96]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 97]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 98]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 99]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 100]

- ‌تنبيهات:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 101]

- ‌تنبيه: في مسائل تتعلق بالآية:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 102]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 103]

- ‌فصل

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 104]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : الآيات 105 الى 109]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 110]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 111]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 112]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 113]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 114]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 115]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 116]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 117]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 118]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 119]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 120]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 121]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 122]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 123]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 124]

- ‌تنبيه:

- ‌ القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 125]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 126]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 127]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 128]

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 129]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 130]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 131]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 132]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 133]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 134]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 135]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 136]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 137]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 138]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 139]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 140]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 141]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 142]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 143]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 144]

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 145]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 146]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 147]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 148]

- ‌فوائد:

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 149]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 150]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 151]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 152]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 153]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 154]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 155]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 156]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 157]

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 158]

- ‌تنبيه:

- ‌ذكر ما زعموه ورووه مما نفاه التنزيل الكريم

- ‌ إنجيل لوقا

- ‌الأصحاح الحادي والعشرون

- ‌الأصحاح الثاني والعشرون

- ‌وقال لوقا:

- ‌فصل في بطلان ما رووه وتهافته بالحجج الدامغة

- ‌وقال يوحنا التلميذ:

- ‌فصل

- ‌فصل في رد زعم النصارى أن إلقاء الشبه يفضي إلى السفسطة

- ‌فصل في سقوط دعواهم التواتر في أمر الصلب

- ‌مطلب:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 159]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 160]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 161]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 162]

- ‌لطيفة:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 163]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 164]

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 165]

- ‌تنبيه

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 166]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 167]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 168]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 169]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 170]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 171]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 172]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 173]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 174]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 175]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 176]

- ‌تنبيهات:

- ‌فهرس الجزء الثالث

الفصل: ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 58]

الجنة لا يموتون ولا يخرجون منها لَهُمْ فِيها أي الجنة أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ أي من الحيض والنفاس والأذى والأخلاق الرذيلة والصفات الناقصة وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا أي كنّا كنينا لا تنسخه الشمس، ولا حرّ فيه ولا برد. و (ظليل) صفة مشتقة من لفظ (الظل) لتأكيد معناه، كما يقال: ليل أليل، ويوم أيوم.

وفي الصحيحين «1» عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة لشجرة يسير، الراكب الجواد المضمّر السريع، مائه عام ما يقطعها» .

وفيهما «2» أيضا من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال: «يسير الراكب في ظلها مائة سنة ما يقطعها» .

‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 58]

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (58)

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها هذه الآية من أمهات الآيات المشتملة على كثير من أحكام الشرع.

قال أبو السعود: في تصدير الكلام بكلمة التحقيق وإظهار الاسم الجليل وإيراد الأمر على صورة الإخبار، من الفخامة وتأكيد وجوب الامتثال به والدلالة على الاعتناء بشأنه ما لا مزيد عليه. وهو خطاب يعم حكمه المكلفين قاطبة. كما أن الأمانات تعم جميع الحقوق المتعلقة بذممهم: من حقوق الله تعالى وحقوق العباد. سواء كانت فعلية أو قولية أو اعتقادية. وإن ورد في شأن عثمان بن طلحة. انتهى.

أي لأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. كما تقرر في الأصول.

وأجمعوا على أن الأمانات مردودة إلى أربابها. الأبرار منهم والفجار، كما قال ابن المنذر.

وفي حديث سمرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» . رواه الإمام أحمد وأهل السنن.

قال الحافظ ابن كثير: وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة. واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزّى بن عثمان بن

(1) أخرجه البخاريّ في: الرقاق، 51- باب صفة الجنة والنار، حديث 2461.

(2)

أخرجه البخاريّ في: بدء الخلق، 8- باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، 1539 ونصه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال «إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة» . واقرءوا إن شئتم وَظِلٍّ مَمْدُودٍ [الواقعة: 30] .

ص: 177

عبد الدار بن قصيّ بن كلاب القرشيّ العبدريّ حاجب الكعبة المعظمة، وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم. أسلم عثمان هذا في الهدنة بين صلح الحديبية وفتح مكة، هو وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص.

وأما عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة فكان معه لواء المشركين يوم أحد وقتل يومئذ كافرا. وإنما نبهنا على هذا النسب لأن كثيرا من المفسرين قد يشتبه عليه هذا بهذا. وسبب نزولها فيه: لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة يوم الفتح ثم رده عليه. قال محمد بن إسحاق (في غزوة الفتح) : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن صفية بنت شيبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس، خرج حتى جاء إلى البيت فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده. فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له. فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده ثم طرحها ثم وقف على باب الكعبة وقد استكفّ له الناس في المسجد.

قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. صدق وعده. ونصر عبده. وهزم الأحزاب وحده. ألا كلّ مأثرة أو دم أو مال يدّعى، فهو تحت قدميّ هاتين: إلّا سدانة البيت وسقاية الحاج. وذكر بقية الحديث في خطبة النبيّ صلى الله عليه وسلم يومئذ. إلى أن قال:

ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد. فقام إليه عليّ بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده. فقال: يا رسول الله! اجمع لنا الحجابة مع السقاية. صلى الله عليك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين عثمان بن طلحة؟ فدعي له. فقال هاك مفتاحك، يا عثمان! اليوم يوم برّ ووفاء.

وروى ابن جرير «1» عن ابن جريج، في الآية قال: نزلت في عثمان بن طلحة بن أبي طلحة. قبض منه النبيّ صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة. ودخل به البيت يوم الفتح. فخرج وهو يتلو هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها فدعا عثمان إليه.

فدفع إليه المفتاح. قال: وقال عمر بن الخطاب (لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكعبة وهو يتلو هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها: فداه أبي وأمي. ما سمعته يتلوها قبل ذلك.

(1) الأثر رقم 9846.

ص: 178

قال السيوطيّ: ظاهر هذا أنها نزلت في جوف الكعبة. انتهى.

وعن محمد بن كعب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب أن هذه الآية نزلت في الأمراء. يعني الحكام بين الناس.

وقال السيوطيّ في (الإكليل) : في هذه الآية وجوب ردّ كل أمانة من وديعة وقراض وقرض وغير ذلك. واستدل المالكية، بعموم الآية، على أن الحربيّ إذا دخل دارنا بأمان فأودع وديعة ثم مات أو قتل، إنه يجب رد وديعته إلى أهله. وأن المسلم إذا استدان من الحربيّ بدار الحرب ثم خرج، يجب وفاؤه. وأن الأسير إذا ائتمنه الحربيّ على شيء لا يجوز له أن يخونه. وعلى أن من أودع مالا وكان المودع خانه قبل ذلك، فليس له أن يجحده كما جحده. ويوافق هذه المسألة حديث: أدّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس، في هذه الآية قال: مبهمة للبر والفاجر.

يعني عامة.

وقد أخرج ابن جرير وغيره أنها نزلت في شأن مفتاح الكعبة. لما أخذه النبيّ صلى الله عليه وسلم من عثمان بن طلحة. واختار ما رواه عليّ وغيره أنها خطاب لولاة المسلمين.

أمروا بأداء الأمانة لمن ولوا عليه. فيستدل بالآية على أن على الحكام والأئمة ونظار الأوقاف أداء الحقوق المتعلقة بذممهم من توليه المناصب وغيرها إلى من يستحقها.

كما أن قوله تعالى: وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ. أمر لهم بإيصال الحقوق المتعلقة بذمم الغير إلى أصحابها. وحيث كان المأمور به ههنا مختصا بوقت المرافعة، قيد به. بخلاف المأمور به أولا. فإنه لما لم يتعلق بوقت دون وقت أطلق إطلاقا. وأصل العدل هو المساواة في الأشياء. فكل ما خرج من الظلم والاعتداء سمي عدلا.

روى الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص «1» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن. وكلتا يديه يمين.

الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» .

وروى الترمذيّ عن أبي سعيد الخدريّ «2» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب

(1) أخرجه مسلم في: الإمارة، حديث 18.

(2)

أخرجه في: الأحكام، 4- باب ما جاء في الإمام العادل.

ص: 179

الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم عنده مجلسا: إمام عادل. وأبغض الناس إلى الله وأبعدهم منه مجلسا: إمام جائر» .

وروى الحاكم والبيهقيّ بسند صحيح عن ابن أبي أوفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى مع القاضي ما لم يجر. فإذا جار تبرأ الله منه وألزمه الشيطان» .

قال الإمام ابن تيمية رضي الله عنه في رسالته (السياسة الشرعية) بعد الخطبة:

هذه الرسالة مبنية على آية الأمراء في كتاب الله تعالى. وهي قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها

الآية. قال العلماء: نزلت في ولاة الأمور، عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل. ثم قال: وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها: والحكم بالعدل، فهذان جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة. ثم قال: أما أداء الأمانات ففيه نوعان:

أحدهما- الولايات وهو كان سبب نزول الآية. فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة وتسلم مفاتيح الكعبة من بني شيبة وطلبها العباس ليجمع له بين سقاية الحاج وسدانة البيت فأنزل الله هذه الآية. فرد مفاتيح الكعبة إلى بني شيبة. فيجب على وليّ الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل.

قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «من ولي من أمر المسلمين شيئا، فولّى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين» . رواه الحاكم في صحيحه.

وفي رواية: من قلد رجلا عملا على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه، فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين

. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمسلمين. فيجب عليه البحث عن المستحقين للولايات من نوابه على الأمصار، من الأمراء الذين هم نواب ذي السلطان والقضاة. ومن أمراء الأجناد ومقدمي العساكر الكبار والصغار وولاة الأموال من الوزراء والكتاب والشادين والسعاة على الخراج والصدقات وغير ذلك من الأموال التي للمسلمين. وعلى كل واحد من هؤلاء أن يستنيب ويستعمل أصلح من يجده، وينتهي ذلك إلى أئمة الصلاة والمؤذنين والمقرئين والمعلمين وأمراء الحاج والبرد وخزان الأموال ونقباء العساكر الكبار والصغار وعرفاء القبائل والأسواق.

على كل من ولي شيئا من أمور المسلمين من الأمراء وغيرهم أن يستعمل فيما تحت يده، في كل موضع، أصلح من يقدر عليه. ولا يقدم الرجل لكونه طلب أو

ص: 180

سبق في الطلب. بل ذلك سبب المنع. فإن

في الصحيح «1» عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أن قوما دخلوا عليه فسألوه ولاية فقال: إنا لا نولي أمرنا هذا من طلبه» .

وقال «2» لعبد الرحمن بن سمرة: «يا عبد الرحمن! لا تسأل الإمارة. فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها من مسألة وكلت إليها» . أخرجاه في الصحيحين.

وقال «3» : «من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه. ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله إليه ملكا يسدده» . رواه أهل السنن

. فإن عدل عن الأحق الأصلح إلى غيره، لأجل قرابة بينهما، أو ولّاه عتاقة أو صداقة أو موافقة في مذهب أو بلد أو طريقة أو جنس، كالعربية والفارسية والتركية والرومية. أو لرشوة يأخذها منه من ماله أو منفعة. أو غير ذلك من الأسباب. أو لضغن في قلبه على الأحق. أو عداوة بينهما- فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ودخل فيما نهى عنه في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال: 27] .

ثم قال الله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ

[الأنفال: 28] . فإن الرجل لحبه لولده أو عتيقه قد يؤثره في بعض الولايات أو يعطيه ما لا يستحقه فيكون قد خان أمانته. وكذلك قد يؤثر زيادة حفظه أو ماله بأخذ ما لا يستحقه أو محاباة من يداهنه في بعض الولايات فيكون قد خان الله ورسوله وخان أمانته. ثم إن المؤدي الأمانة، مع مخالفة هواه، يثيبه الله فيحفظه في أهله وماله بعده. والمطيع لهواه يعاقبه بنقيض قصده. فيذل أهله ويذهب ماله. وفي ذلك الحكاية المشهورة: إن بعض خلفاء بني العباس سأل بعض العلماء أن يحدّث

(1)

جاء في معناه حديث رواه البخاريّ في: الأحكام، 7- باب ما يكره من الحرص على الإمارة، حديث 1129 ونصه: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: دخلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم، أنا ورجلان من قومي. فقال أحد الرجلين: أمّرنا يا رسول الله! وقال الآخر مثله. فقال «إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه»

. (2)

أخرجه البخاريّ في: الأحكام، 5- باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها. و 6- باب من سأل الإمارة وكل إليها، حديث 2488 ونصه: عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الرحمن! لا تسأل الإمارة. فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها. وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها، فكفّر عن يمينك وأت الذي هو خير»

. (3) أخرجه أبو داود في: الأقضية، 3- باب في طلب القضاء والتسرع إليه، حديث 3578. عن أنس ابن مالك.

ص: 181

بما أدرك. فقال: أدركت عمر بن عبد العزيز، فقيل له: يا أمير المؤمنين! أفقرت أفواه بنيك من هذا المال وتركتهم فقراء لا شيء لهم. وكان في مرض موته، فقال:

أدخلوهم عليّ. فأدخلوهم وهم بضعة عشر ذكرا. ليس فيهم بالغ. فلما رآهم ذرفت عيناه ثم قال: والله! يا بنيّ! ما منعتكم حقّا هو لكم. ولم أكن بالذي آخذ أموال الناس فأدفعها إليكم. وإنما أنتم أحد رجلين: إما صالح فالله يتولى الصالحين. وإما غير صالح فلا أخلف له ما يستعين به على معصية الله. قوموا عني.

قال: ولقد رأيت بعض ولده حمل على مائة في سبيل الله. يعني أعطاها لمن يغرو عليها.

قلت: هذا وقد كان خليفة المسلمين من أقصى المشرق ببلاد الترك إلى أقصى المغرب بالأندلس وغيرها من جزيرة قبرص وثغور الشام والعواصم كطرسوس ونحوها، إلى أقصى اليمن. وإنما أخذ كل واحد من أولاده من تركته شيئا يسيرا، يقال أقل من عشرين درهما.

قال: وحضرت بعض الخلفاء وقد اقتسم تركته بنوه. فأخذ كل واحد ستمائة ألف دينار. ولقد رأيت بعضهم يتكفّف الناس، أي يسألهم بكفه. وفي هذا الباب من الحكايات والوقائع المشاهدة في الزمان، والمسموعة عما قبله، عبرة لكل ذي لب. وقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الولاية أمانة يجب أداؤها، في موضع مثل ما تقدم. ومثل

قوله لأبي ذر رضي الله عنه في الإمارة: «إنها أمانة وإنها يوم القيامة حسرة وندامة. إلا من أخذها بحقها وأدّى الذي عليه» . فيما رواه مسلم «1» .

وروى البخاريّ «2» في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. قيل: يا رسول الله! وما إضاعتها؟ قال: إذا وسّد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة» .

(1)

أخرجه في: الإمارة، حديث 16 ونصه: عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله! ألا تستعملني؟ قال فضرب بيده على منكبي ثم قال «يا أبا ذر! إنك ضعيف. وإنها أمانة. وإنها يوم القيامة خزي وندامة. إلا من أخذها بحقها وأدّى الذي عليه فيها» .

(2)

أخرجه في: العلم، 2- باب من سئل علما وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل، حديث 52 ونصه: عن أبي هريرة قال: بينما النبيّ صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدّث القوم جاءه أعرابيّ فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال.

ص: 182

وقد أجمع المسلمون على هذا.

ثم قال ابن تيمية رحمه الله: القسم الثاني- أمانات الأموال كما قال الله تعالى في الديون: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ [البقرة: 283] . ويدخل في هذا القسم الأعيان والديون الخاصة والعامة. مثل رد الودائع ومال الشريك والموكل والمضارب ومال المولى من اليتيم وأهل الوقف ونحو ذلك. وكذلك وفاء الديون من أثمان المبيعات وبدل القرض وصدقات النساء وأجور المنافع ونحو ذلك. وقد قال الله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ- إلى قوله- وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ [المعارج: 19- 32] . وقال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً [النساء: 105] . أي لا تخاصم عنهم.

وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم «1» : «المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم. والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. والمهاجر من هاجر ما نهى الله عنه. والمجاهد من جاهد نفسه في ذات الله» .

وهو حديث صحيح، بعضه في الصحيحين وبعضه في سنن الترمذيّ.

وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم «2» : من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاريّ.

وإذا كان الله تعالى قد أوجب أداء الأمانات التي قبضت بحق، ففيه تنبيه على وجوب أداء الغصب والسرقة والخيانة ونحو ذلك من المظالم. وكذلك أداء العارية.

وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال «أين أراه السائل عن الساعة؟» قال: ها أنا يا رسول الله! قال «فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة» قال: كيف إضاعتها؟ قال «إذا وسّد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة» .

(1)

جاء في الترمذيّ في: الإيمان، 12- باب ما جاء في أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم» .

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. [.....]

(2)

أخرجه البخاريّ في: الاستقراض وأداء الديون، 2- باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، حديث 1188، عن أبي هريرة.

ص: 183