الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من وجوه، هذا أحسنها إسنادا. وفي رواية لأبي داود «1» ، من رواية معاذ ابن أنس رضي الله عنه زيادة على هذا. قال: ثم أتى آخر. فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته. فقال: أربعون. وقال: هكذا تكون الفضائل. وفيه رد على من زعم أنه لا يزاد على (وبركاته) . لا يقال رواية (ومغفرته) عند أبي داود، هي من طريق أبي مرحوم واسمه عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ عن أبيه.
وأبو مرحوم ضعفه يحيى. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به- لأنا نقول:
قد حسّن الترمذيّ روايته عن سهل بن معاذ. وصححها أيضا هو وابن خزيمة والحاكم وغيرهم. قال النسائيّ لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه.
عود:
وروى الطبراني عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: السلام عليكم كتب له عشر حسنات، ومن قال: السلام عليكم ورحمة الله. كتبت عشرون حسنة، ومن قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتبت له ثلاثون حسنة» .
وروى ابن حيان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا مرّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال: سلام عليكم. فقال: عشر حسنات. ثم مرّ آخر فقال: سلام عليكم ورحمة الله فقال: عشرون حسنة. ثم مرّ آخر فقال: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال: ثلاثون حسنة. فقام رجل من المجلس ولم يسلّم.
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ما أوشك ما نسي صاحبكم. إذا جاء أحدكم إلى المجلس فليسلم.
فإن بدا له أن يجلس فليجلس. وإن قام فليسلم. فليست الأولى بأحق من الآخرة.
وروى الطبرانيّ بإسناد جيد عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبخل الناس من بخل بالسلام. ورواه أيضا عن أبي هريرة. ولأحمد «2» والبزار نحوه عن جابر.
وروى الطبراني عن حذيفة بن اليمان عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده تناثرت خطاياهما كما تتناثر ورق الشجر
. قال المنذريّ:
ورواته لا أعلم فيهم مجروحا.
وروى البزار عن عمر بن الخطاب قال: «قال رسول الله
(1) أخرجه أبو داود في: الأدب، 132- باب كيف السلام، حديث 5196.
(2)
أخرجه أحمد في مسنده 3/ 328، ونصه: عن جابر أن رجلا أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إن لفلان في حائطي عذقا، وإنه قد آذاني وشقّ عليّ مكان عذقه. فأرسل إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:«بعني عذقك الذي في حائط فلان» قال: لا. قال «فهبه لي» قال: لا. قال «فبعنيه بعذق في الجنة» . قال: لا.
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم «ما رأيت الذي هو أبخل منك إلا الذي يبخل بالسلام»
.
صلى الله عليه وسلم: إذا التقى الرجلان المسلمان فسلم أحدهما على صاحبه، فإنّ أحبهما إلى الله أحسنهما بشرا لصاحبه. فإذا تصافحا نزلت عليهما مائة رحمة: للبادئ منهما تسعون، وللمصافح عشرة» .
وروى أبو داود «1» عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام.
الخامسة- في بعض أحكامه المأثورة.
روى أبو داود «2» عن عليّ رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم. ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم» .
وفي الموطأ «3» عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سلم واحد من القوم أجزأ عنهم.
قال النوويّ: هذا مرسل صحيح الإسناد.
وفي الصحيحين «4» عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام. قالت قلت: وعليه السلام ورحمة الله. ترى ما لا نرى
(تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النوويّ: ووقع
في بعض روايات الصحيحين (وبركاته) ،
ولم يقع في بعضها. وزيادة الثقة مقبولة.
وفي سنن أبي داود «5» عن غالب القطان عن رجل قال: حدثني أبي عن جدي قال: بعثني أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ائته فأقرئه السلام. فأتيته فقلت: إن أبي يقرئك السلام. فقال: عليك وعلى أبيك السلام
. قال النوويّ: هذا وإن كان رواية عن مجهول، فأحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم. فيستفاد منه الرد على المبلّغ كالمسلّم.
وروى أبو داود «6» عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه. فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه.
ففيه أن من سلم عليه إنسان، ثم لقيه على قرب، ندب التسليم عليه ثانيا وثالثا.
وروى الشيخان «7» عن أبي هريرة أن الرسول
(1) أخرجه أبو داود في: الأدب، 133- باب في فضل من بدأ بالسلام حديث 5197.
(2)
أخرجه أبو داود في: الأدب، 141- باب ما جاء في رد الواحد عن الجماعة، حديث 5210.
(3)
أخرجه الإمام مالك في الموطأ في: السلام، حديث 1 ونصه: عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يسلم الراكب على الماشي. وإذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم» .
(4)
أخرجه البخاريّ في: الاستئذان، 16- باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال، حديث 1519.
(5)
أخرجه أبو داود في: الأدب، 154- باب في الرجل يقول: فلان يقرئك السلام، حديث 5231.
(6)
أخرجه أبو داود في: الأدب، 135- باب في الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه أيسلم عليه؟ حديث 5200.
(7)
أخرجه البخاريّ في: الاستئذان، 5- باب تسليم الراكب على الماشي، 6- باب تسليم الماشي على القاعد، حديث 2370.
صلى الله عليه وسلم قال: يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير.
وروى الشيخان «1» عن أنس: أنه مر على صبيان فسلم عليهم. وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
ولفظ أبي داود «2»
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على غلمان يلعبون فسلم عليهم.
وعند ابن السنيّ فيه، فقال: السلام عليكم يا صبيان.
وروى أبو داود «3» عن أسماء بنت يزيد قالت: مرّ علينا النبيّ صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا. وروى الترمذيّ نحوه.
وروى الشيخان «4» عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سلم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم.
ورويا «5» عن أسامة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرّ على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود فسلم عليهم النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وروى مسلم عن أبي هريرة قال: قال «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبدءوا اليهود ولا النصارى
(1) أخرجه البخاريّ في: الاستئذان، 15- باب التسليم على الصبيان. [.....]
(2)
أخرجه أبو داود في: الأدب، 136- باب في السلام على الصبيان، حديث 5202.
(3)
أخرجه أبو داود في: الأدب، 137- باب في السلام على النساء، حديث 5204.
(4)
أخرجه البخاريّ في: الاستئذان، 22- باب كيف يرد على أهل الذمة السلام، حديث 2375.
(5)
أخرجه البخاريّ في: الاستئذان، 20- باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين، حديث 1421 ونصه: عن أسامة بن زيد أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ركب حمارا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية. وأردف وراءه أسامة بن زيد، وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج.
وذلك قبل وقعة بدر. حتى مرّ في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين، عبدة الأوثان واليهود. وفيهم عبد الله بن أبيّ، ابن سلول. وفي المجلس عبد الله بن رواحة. فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، خمّر عبد الله بن أبيّ أنفه بردائه. ثم قال: لا تغبّروا علينا. فسلّم عليهم النبيّ صلى الله عليه وسلم. ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن. فقال عبد الله ابن أبيّ، ابن سلول:
أيها المرء! لا أحسن من هذا. إن كان ما تقول حقّا. فلا تؤذنا في مجالسنا وارجع إلى رحلك فمن جاءك منا فاقصص عليه.
قال ابن رواحة: اغشنا في مجالسنا، فإنا نحب ذلك.
فاستبّ المسلمون والمشركون واليهود حتى هموا أن يتواثبوا.
فلم يزل النبيّ صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى ركب دابته. حتى دخل على سعد بن عبادة فقال «أي سعد! ألم تسمع ما قال أبو حباب؟» يريد عبد الله بن أبيّ «قال: كذا وكذا» .
قال: اعف عنه، يا رسول الله! واصفح. فو الله! لقد أعطاك الله الذي أعطاك، ولقد اصطلح أهل هذه البحرة على أن يتوجوه، فيعصبونه بالعصابة.
فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك، شرق بذلك. فذلك فعل به ما رأيت.
فعفا عنه النبيّ صلى الله عليه وسلم
. (6) أخرجه مسلم في: السلام، حديث 13.