الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها:
ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت» .
تنبيه:
قال السيوطيّ في (الإكليل) في قوله تعالى: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ: إن الزوج يقوم بتربية زوجته وتأديبها ومنعها من الخروج وإن عليها طاعته إلا في معصية.
وإن ذلك لأجل ما يجب لها عليه من النفقة. ففهم العلماء من هذا أنه متى عجز عن نفقتها لم يكن قواما عليها، وسقط ما له من منعها من الخروج. واستدل بذلك من أجاز لها الفسخ حينئذ. ولأنه إذا خرج من كونه قواما عليها فقد خرج عن الغرض المقصود بالنكاح. واستدل بالآية من جعل للزوج الحجر على زوجته في نفسها ومالها. فلا تتصرف فيه إلا بإذنه. لأنه جعله (قواما) بصيغة المبالغة. وهو الناظر في الشيء الحافظ له. واستدل بها على أن المرأة لا تجوز أن تلي القضاء كالإمامة العظمى. لأنه جعل الرجال قوامين عليهن، فلم يجز أن يقمن على الرجال. انتهى.
وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ أي عصيانهن وسوء عشرتهن وترفعهن عن مطاوعتكم، من (النشز) وهو ما ارتفع من الأرض يقال: نشزت المرأة بزوجها وعلى زوجها: استعصت عليه، وارتفعت عليه وأبغضته، وخرجت عن طاعته فَعِظُوهُنَّ أي خوفوهن بالقول. كاتقي الله، واعلمي أن طاعتك لي فرض عليك، واحذري عقاب الله في عصياني. وذلك لأن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته. وحرم عليها معصيته، لما له عليها من الفضل والإفضال.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» . رواه الترمذي «1» عن أبي هريرة والإمام أحمد عن معاذ، والحاكم عن بريدة.
وروى البخاري «2» عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح» .
ورواه مسلم، ولفظه: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح وَاهْجُرُوهُنَّ بعد ذلك إن لم ينفع الوعظ والنصيحة فِي الْمَضاجِعِ أي المراقد فلا تدخلوهن تحت اللحف.
(1) أخرجه الترمذي في: النكاح، 10- باب ما جاء في حق الزوج على المرأة.
(2)
أخرجه البخاريّ في: بدء الخلق، 7- باب إذا قال أحدكم آمين. والملائكة في السماء، حديث 1529.
ومسلم في: النكاح، حديث 120- 122.
ولا تباشروهن. فيكون كناية عن الجماع. قال حماد بن سلمة البصريّ: يعني النكاح. وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: الهجر هو أن لا يجامعها، ويضاجعها على فراشها، ويوليها ظهره. وكذا قال غير واحد. وزاد آخرون منهم السدّي والضحاك وعكرمة وابن عباس (في رواية) : ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها. وقيل: المضاجع المبايت. أي لا تبايتوهن. وفي السنن والمسند «1» عن معاوية بن حيدة القشيريّ أنه قال: يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال. أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت. ولا تضرب الوجه، ولا تقبح. ولا تهجر إلا في البيت وَاضْرِبُوهُنَّ إن لم ينجع ما فعلتم من العظمة والهجران، ضربا غير مبرح، أي شديد ولا شاق. كما
ثبت في صحيح مسلم «2» عن جابر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: «واتقوا الله في النساء. فإنهن عوان عندكم. ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه. فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرّح» .
قال الفقهاء: هو أن لا يجرحها ولا يكسر لها عظما ولا يؤثر شينا ويجتنب الوجه لأنه مجمع المحاسن. ويكون مفرّقا على بدنها. ولا يوالي به في موضع واحد لئلا يعظم ضرره. ومنهم من قال: ينبغي أن يكون الضرب بمنديل ملفوف. أو بيده! لا بسوط ولا عصا. قال عطاء: ضرب بالسواك.
قال الرازيّ: وبالجملة، فالتخفيف مراعى في هذا الباب على أبلغ الوجوه.
والذي يدل عليه أنه تعالى ابتدأ بالوعظ. ثم ترقى منه إلى الهجران في المضاجع. ثم ترقى منه إلى الضرب. وذلك تنبيه يجري مجرى التصريح في أنه مهما حصل الغرض بالطريق الأخف، وجب الاكتفاء به، ولم يجز الإقدام على الطريق الأشق. وهذه طريقة من قال: حكم هذه الآية مشروع على الترتيب. فإن ظاهر اللفظ، وإن دل على الجمع، إلا أن فحوى الآية يدل على الترتيب.
قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: يهجرها في المضجع. فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضربا غير مبرح. ولا تكسر لها عظما. فإن أقبلت وإلا فقد أحل الله لك منها الفدية. وقال آخرون: هذا الترتيب مراعى عند خوف النشوز.
أما عند تحققه فلا بأس بالجمع بين الكل.
(1) أخرجه أبو داود في: النكاح، 41- باب حق المرأة على زوجها، حديث 2142.
والمسند في 5/ 5.
(2)
أخرجه مسلم في: الحج، 19- باب حجة النبيّ صلى الله عليه وسلم، حديث 147.