الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله عليه.
وروى الحاكم مرفوعا: من تاب إلى الله قبل أن يغرغر قبل الله منه.
وروى ابن ماجة عن ابن مسعود بإسناد حسن «1» : التائب من الذنب كمن لا ذنب له: وقوله تعالى: فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي يقبل توبتهم وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 18]
وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (18)
وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ عند النزاع قالَ عند مشاهدة ما هو فيه إِنِّي تُبْتُ الْآنَ فلا ينفعه ذلك ولا يقبل منه وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ فلا ينفعهم ندمهم ولا توبتهم لأنهم بمجرد الموت يعاينون العذاب.
روى الإمام أحمد «2» عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقبل توبة عبده ويغفر لعبده ما لم يقع الحجاب. قيل: يا رسول الله! وما الحجاب؟ قال: أن تموت النفس وهي مشركة
. ولهذا قال تعالى: أُولئِكَ أَعْتَدْنا أي أعددنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 19]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19)
وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً نهي عما كان يفعله أهل الجاهلية بالنساء من الإيذاء والظلم. روى البخاريّ عن ابن عباس رضي الله عنهما «3» قال: كانوا، إذا مات الرجل، كان أولياؤه أحق بامرأته. إن شاء
(1) أخرجه في: الزهد، 30- باب ذكر التوبة، حديث 4250.
(2)
أخرجه في المسند 5/ 174.
(3)
أخرجه البخاريّ في: التفسير، 4- سورة النساء، 6- باب لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً.
بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها.
فنزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ. الآية. ورواه أبو داود والنسائيّ وغيرهم، ولفظ أبي داود عن ابن عباس: أن الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته. فيعضلها حتى تموت، أو ترد إليه صداقها: فأحكم الله عن ذلك. أي نهى عنه.
قال السيوطيّ: ففيه أن الحر لا يتصور ملكه ولا دخوله تحت اليد. ولا يجري مجرى الأموال بوجه. وكَرْهاً (بفتح الكاف وضمها) قراءتان. أي حال كونهن كارهات لذلك! أو مكرهات عليه. والتقييد (بالكره) لا يدل على الجواز عند عدمه. لأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه. كما في قوله: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ [الإسراء: 31] . وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ الخطاب للأزواج. كما عليه أكثر المفسرين. روى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس أن الآية في الرجل تكون له المرأة. وهو كاره لصحبتها. ولها عليه مهر. فيضرها لتفتدي به. والعضل الحبس والتضييق. أي: ولا يحل لكم أن تضيقوا عليهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن. أي من الصداق. بأن يدفعن إليكم بعضه اضطرارا فتأخذوه منهن إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ أي زنى. كما قاله جماعة من الصحابة والتابعين. يعني إذا زنت فلك أن تسترجع منها الصداق الذي أعطيتها وتضاجرها حتى تتركه لك، وتخالعها. كما قال تعالى في سورة البقرة: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ [البقرة: 229] . الآية.
وروي عن ابن عباس أيضا وغيره: الفاحشة المبينة النشوز والعصيان. واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله: الزنى والعصيان والنشوز وبذاء اللسان وغير ذلك. يعني أن هذا كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها أو بعضه، ويفارقها. قال ابن كثير:
وهذا جيد، والله أعلم. قال أبو السعود:(مبينة) على صيغة الفاعل من (بيّن) بمعنى تبين وقرئ على صيغة المفعول. وعلى صيغة الفاعل من (أبان) بمعنى تبين أي بينة القبح من النشوز وشكاسة الخلق وإيذاء الزوج وأهله بالبذاء والسلاطة.
ويعضده قراءة أبيّ: إلا أن يفحشن عليكم. انتهى. وفي (الإكليل) استدل قوم بقوله: بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ- على منع الخلق بأكثر مما أعطاها انتهى.
ثم بين تعالى حق الصحبة مع الزوجات بقوله: وَعاشِرُوهُنَّ أي صاحبوهن بِالْمَعْرُوفِ أي بالإنصاف في الفعل والإجمال في القول حتى لا تكونوا سبب الزنى بتركهن. أو سبب النشوز أو سوء الخلق. فلا يحل لكم حينئذ.