الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فروجهم: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35].
وسرُّ هذا أن الجزاء من جنس العمل، فمن غضَّ بصره عما حرَّمه الله عليه عوّضه الله من جنسه ما هو خير منه؛ فكما أمسك نورَ بصره عن المحرمات، أطلق الله نور بصيرته وقلبه، فرأى به ما لم يره من أطلق بصره [15 أ] ولم يَغُضَّه عن محارم الله، وهذا أمر يُحِسُّهُ الإنسان من نفسه؛ فإن القلب كالمرآة، والهوى كالصدأ فيها، فإذا خلصت من الصدأ انطبعت فيها صُوَر الحقائق كما هى عليه، وإذا صَدِئتْ لم ينطبع فيها صور المعلومات، فيكون علمه وكلامه من باب الخَرْص والظنون.
الفائدة
الثالثة: قوة القلب وثباته وشجاعته
، فيعطيه الله بقوَّته سلطان النصرة
(1)
، كما أعطاه بنوره سلطان الحجة، فيجمع له بين السلطانين، ويهرب الشيطان منه، كما في الأثر:«إن الذي يخالف هواه يَفْرَق الشيطان من ظلِّه»
(2)
، ولهذا يوجد في المتَّبع هواه مِنْ ذُلِّ النفس وضعفها ومهانتها ما جعله الله لمن عصاه، فإنه سبحانه جعل العز لمن أطاعه والذل لمن عصاه، قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8]، وقال تعالى:{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]، وقال تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10]، أي من كان يطلب العزة فليطلبها بطاعة الله: بالكلم الطيب والعمل الصالح.
(1)
الأصل: «البصيرة» .
(2)
قال مالك بن دينار: «من غلب شهوةَ الحياة الدنيا فذلك الذي يفرق الشيطان من ظله» رواه أبو نعيم في الحلية (2/ 365)، وابن الجوزي في ذم الهوى (ص 22)، وانظر: مجموع الفتاوى (15/ 399، 426، 21/ 258).
وقال بعض السلف: «الناس يطلبون العزَّ بأبواب الملوك، ولا يجدونه إلا في طاعة الله»
(1)
.
(2)
.
وذلك أن من أطاع الله فقد والاه، ولا يَذِلُّ من والاه ربُّه، كما في دعاء القنوت:«إنه لا يَذِلُّ من واليت، ولا يَعِزُّ من عاديت»
(3)
.
(1)
انظر: مجموع الفتاوى (15/ 426، 21/ 258)، قال: كان في كلام الشيوخ .. وَذكره.
(2)
رواه أبو نعيم في الحلية (2/ 149) من طريق حوشب بن مسلم عن الحسن قال: «أما والله، لئن تدقدقت بهم الهماليج، ووطئت الرجال أعقابهم، إنّ ذلّ المعاصي لفي قلوبهم، ولقد أبى الله أن يعصيه عبد إلا أذلّه» . وذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد (3/ 202) بغير إسناد، ولفظه:«أما إنهم وإن هَمْلَجت بهم البِغال، وأطافت بهم الرِّجال، وتعاقبت لهم الأموال، إنّ ذُلَّ المعصية في قلوبهم، أبى الله إلا أن يُذِلَّ من عصاه» .
(3)
رواه أحمد (1/ 199، 200)، وأبو داود (1425)، والترمذي (464)، والنسائي (1745، 1746)، وابن ماجه (1178)، والطبراني في الكبير (3/ 73 - 77)، والبيهقي في الكبرى (2/ 209، 497)، وغيرهم عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني جدي صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر
…
وذكر الدعاء، وحسنه الترمذي، وصححه ابن الجارود (272)، والحاكم (4800)، وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 296)، والنووي في الأذكار (ص 86)، وابن الملقن في البدر المنير (3/ 630)، وابن حجر في موافقة الخبر الخبر (1/ 333)، والألباني في الإرواء (429). وروى الدعاءَ الطيالسي (1275)، والبزار (1336)، وأبو يعلى (6759، 6762)، وغيرهم، وليس فيه ذكر القنوت ولا الوتر، ورجّحه ابن خزيمة (1096)، وابن حبان (722، 945)، وانظر: البدر المنير (3/ 634).