الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أزال ملكه، ولم يصحح من حيث أنه يَمنعُ الإرث؛ فإنه إنّما منع من قطع الإرث، لا من إزالة ملك البُضْع.
وإن كانت الحيلة فعلًا يُفْضي إلى غرض له، مثل أن يسافر في الصيف ليتأخّر عنه الصوم إلى الشتاء، لم يحصل غرضُه، بل يجب عليه الصّوم في هذا السفر.
قلت: ونظير هذا ما قاله المالكية: إنه لا يستبيح رُخصة المسْحِ على الخُفّين إذا لبسهما لنفس المسح، فلو مسح لذلك لم يُجْزِه، وعليه إعادة الصلاة أبدًا، وإنما تثبتُ الرّخصة في حَقّ من لبسهما لحاجة، كالبرد والركوب ونحوهما، فيمسح عليهما لمشقة النّزْع. وخالفهم باقي الفقهاء في ذلك. والمنع جارٍ على أصول من راعى المقاصد.
قال شيخنا رحمه الله: وإن كان يُفضي إلى سقوط حقّ غيره، مثل أن يطأ امرأة أبيه أو ابنه لينفسخ نكاحه، أو مثل أن تُباشر المرأة ابنَ زوجها أو أباه عند من يَرى ذلك موجبًا للتحريم، فهذه الحيلُ بمنزلة الإتلاف للملك بقتل أو غصْبٍ، لا يمكنُ إبطالها؛ لأن حُرمة المرأة بهذا السبب حق الله تعالى، يترتب عليه فسخُ النكاح ضمنًا، و
الأفعال الموجبة للتحريم لا يُعتبر لها العقل، فضلًا عن القصد
.
وهذا بمنزلة أن يحتال على نجاسة مائع؛ فإن نجاسة المائعات بالمخالطة، وتحريم المصاهرة بالمباشرة، أحكام تثبتُ بأمور حِسّية، فلا تُرفع الأحكام مع وجود تلك الأسباب.
قلت: هذا كان قولَ الشيخ أولًا، ثم رجعَ إلى أن تحريمَ المصاهرة لا يثبت بالمباشرة المحرمة، وحينئذٍ فصورةُ ذلك: أن تُرْضعَ امرأته الكبيرة أو
أمُّه امرأتَه الصغيرة لينفسخ نكاحُها؛ فإن فَسْخَ النكاح هاهنا لا يتوقف على العَقْل، ولا على القَصْدِ، بل لو كانت المرْضعة مجنونةً ثبتَ التحريم فهو بمنزلة أن يُلْقي في مائعه ما يُنَجّسه.
قال: وإن كانت الحيلةُ فعلًا يُفْضي إلى تَحليل له أو لغيره، مثل أن يَقْتلَ رجلًا ليتزوج امرأته، أو يُزوّجها غيره، فهنا تحلّ المرأةُ لغير مَنْ قصدَ تزويجها به؛ فإنها بالنسبة إليه كمن مات عنها زوجُها، أو قُتل بحق، أو في سبيل الله.
وأما بالنسبة إلى من قصد بالقتل أن يتزوّج المرأة إما بمواطأةٍ منها أو بدونها؛ فهذا يُشبه من بعض الوجوه ما لو خَلّل الخمرَ بنَقْلها من موضعٍ إلى موضع، من غير أن يطرحَ فيها شيئًا.
والصحيح: أنها لا تطهرُ، وإن كانت تطهر إذا تخلّلتْ بفعل الله تعالى، وكذلك هذا الرجل، لو مات بدون هذا القصد حَلّت المرأةُ، فإذا قتله لهذا القصْدِ أمكن أن يُقال: تحرُمُ عليه، مع حِلّها لغيره.
ويُشبه هذا: الحلالُ إذا صاد الصيد وذَبَحه لحرام؛ فإنه يحرمُ على ذلك المحرم، ويَحِلُّ للحلال.
ومما يؤيد هذا: أن القاتل يُمنَعُ الإرث، ولا يُمنعه غيرُه من الورثة، لكن لما كان مالُ الرجل تتطلع إليه نفوسُ الورثة كان القتلُ مما يُقصَد به المال، بخلاف الزّوجةِ؛ فإن ذلك لا يكاد يُقصد، فإن التفاتَ الرجل إلى امرأة غيره بالنسبة إلى التفات الوارث إلى مال الموروث قليل، وكونُه يقتله ليتزوجها فهذا أقلّ.