المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأفعال الموجبة للتحريم لا يعتبر لها العقل، فضلا عن القصد - إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولفي انقسام القلوب إلى صحيحٍ وسقيمٍ ومَيّتٍ

- ‌الباب الثانيفي ذكر حقيقة مرض القلب

- ‌ حال القلوب عند ورود الحق المنزل

- ‌الباب الثالثفي انقسام أدوية أمراض القلب إلى قسمين: طبعية وشرعية

- ‌الباب الرابعفي أن حياة القلب وإشراقه مادةُ كل خير فيه وموتَه وظلمتَه مادةُ كل شر فيه

- ‌ضرب الله سبحانه المثلَين المائيَّ والناريَّ لوحيه ولعباده

- ‌الباب الخامسفي أن حياة القلب وصحته لا تحصل إلا بأن يكون مُدركًا للحقِّ مريدًا له، مُؤْثِرًا له على غيره

- ‌الباب السادسأنه لا سعادة للقلب ولا لذةَ ولا نعيمَ ولا صلاح إلا بأن يكون إلهه وفاطره وحده هو معبوده وغاية مطلوبه، وأحب إليه من كل ما سواه

- ‌ المقدور يكتنفه(1)أمران: الاستخارة قبل وقوعه، والرضا بعد وقوعه

- ‌ تعلُّق العبد بما سوى الله تعالى مَضَرة عليه

- ‌مُحِبُّ الدنيا لا ينفكُّ من ثلاث: هَمٍّ لازم، وتعب دائم، وحسرة لا تنقضي

- ‌ غالب الخلق إنما يريدون قضاء حاجاتهم بك، وإن أضرَّ ذلك بدينك ودنياك

- ‌الباب السابعفي أن القرآن متضمن لأدوية القلب وعلاجه من جميع أمراضه

- ‌الباب الثامنفي زكاة القلب

- ‌إحداها: حلاوة الإيمان ولذَّته

- ‌ الثالثة: قوة القلب وثباته وشجاعته

- ‌ زكاة القلب موقوفة على طهارته

- ‌الباب التاسعفي طهارة القلب من أدرانه ونجاساته

- ‌ خبث الملبس يُكسِبُ القلب هيئةً خبيثة

- ‌ العبد إذا اعتاد سماع الباطل وقبوله أكسبه ذلك تحريفًا للحق عن مواضعه

- ‌ معنى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم طهِّرني من خطاياي بالماء والثلج والبَرَد»

- ‌ عشق الصور المحرّمة نوع تَعَبُّدٍ لها

- ‌لو عرف العبد كل شيء ولم يعرف ربه فكأنه لم يعرف شيئًا

- ‌ النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ

- ‌مَقْتُ النفس في ذات الله من صفات الصدِّيقين

- ‌ فوائد نظر العبد في حق الله عليه:

- ‌الباب الثاني عشرفي علاج مرض القلب بالشيطان

- ‌الباب الثالث عشرفي مكايد الشيطان التي يكيد بها ابن آدم

- ‌ تغيير الفطرة

- ‌ تسمية الأمور المحرمة بالأسماء التي تحبُّ النفوسُ مسمَّياتها

- ‌الميزان الذي يُعرف به الاستقامة على الطريق والجور عنه:

- ‌الفصل الأولفي النية في الطهارة والصلاة

- ‌ النية قصد فعل الشيء

- ‌إن شك في حصول نيّته فهو نوع جنون

- ‌الشرك وتحريم الحلال قرينان

- ‌ الأمور المبتدعة عند القبور مراتب:

- ‌ لا تجد أحدًا عُني بالغناء وسماع آلاته إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى

- ‌فصلالاسم الثاني والثالث: الزور، واللغو

- ‌فصلالاسم الرابع: الباطل

- ‌ حديث أبي هريرة رضي الله عنه:

- ‌ حديث عائشة رضي الله عنها:

- ‌المسخ على صورة القردة والخنازير واقع في هذه الأمة

- ‌المحرَّمات قسمان: مفاسد، وذرائع موصلة إليها

- ‌القربات نوعان: مصالح للعباد، وذرائع موصلة إليها

- ‌الأفعال الموجبة للتحريم لا يُعتبر لها العقل، فضلًا عن القصد

- ‌ الفعل المشروع لثبوت الحكم يشترط فيه وقوعه على الوجه المشروع

- ‌ الحيل نوعان: أقوال، وأفعال

الفصل: ‌الأفعال الموجبة للتحريم لا يعتبر لها العقل، فضلا عن القصد

أزال ملكه، ولم يصحح من حيث أنه يَمنعُ الإرث؛ فإنه إنّما منع من قطع الإرث، لا من إزالة ملك البُضْع.

وإن كانت الحيلة فعلًا يُفْضي إلى غرض له، مثل أن يسافر في الصيف ليتأخّر عنه الصوم إلى الشتاء، لم يحصل غرضُه، بل يجب عليه الصّوم في هذا السفر.

قلت: ونظير هذا ما قاله المالكية: إنه لا يستبيح رُخصة المسْحِ على الخُفّين إذا لبسهما لنفس المسح، فلو مسح لذلك لم يُجْزِه، وعليه إعادة الصلاة أبدًا، وإنما تثبتُ الرّخصة في حَقّ من لبسهما لحاجة، كالبرد والركوب ونحوهما، فيمسح عليهما لمشقة النّزْع. وخالفهم باقي الفقهاء في ذلك. والمنع جارٍ على أصول من راعى المقاصد.

قال شيخنا رحمه الله: وإن كان يُفضي إلى سقوط حقّ غيره، مثل أن يطأ امرأة أبيه أو ابنه لينفسخ نكاحه، أو مثل أن تُباشر المرأة ابنَ زوجها أو أباه عند من يَرى ذلك موجبًا للتحريم، فهذه الحيلُ بمنزلة الإتلاف للملك بقتل أو غصْبٍ، لا يمكنُ إبطالها؛ لأن حُرمة المرأة بهذا السبب حق الله تعالى، يترتب عليه فسخُ النكاح ضمنًا، و‌

‌الأفعال الموجبة للتحريم لا يُعتبر لها العقل، فضلًا عن القصد

.

وهذا بمنزلة أن يحتال على نجاسة مائع؛ فإن نجاسة المائعات بالمخالطة، وتحريم المصاهرة بالمباشرة، أحكام تثبتُ بأمور حِسّية، فلا تُرفع الأحكام مع وجود تلك الأسباب.

قلت: هذا كان قولَ الشيخ أولًا، ثم رجعَ إلى أن تحريمَ المصاهرة لا يثبت بالمباشرة المحرمة، وحينئذٍ فصورةُ ذلك: أن تُرْضعَ امرأته الكبيرة أو

ص: 636

أمُّه امرأتَه الصغيرة لينفسخ نكاحُها؛ فإن فَسْخَ النكاح هاهنا لا يتوقف على العَقْل، ولا على القَصْدِ، بل لو كانت المرْضعة مجنونةً ثبتَ التحريم فهو بمنزلة أن يُلْقي في مائعه ما يُنَجّسه.

قال: وإن كانت الحيلةُ فعلًا يُفْضي إلى تَحليل له أو لغيره، مثل أن يَقْتلَ رجلًا ليتزوج امرأته، أو يُزوّجها غيره، فهنا تحلّ المرأةُ لغير مَنْ قصدَ تزويجها به؛ فإنها بالنسبة إليه كمن مات عنها زوجُها، أو قُتل بحق، أو في سبيل الله.

وأما بالنسبة إلى من قصد بالقتل أن يتزوّج المرأة إما بمواطأةٍ منها أو بدونها؛ فهذا يُشبه من بعض الوجوه ما لو خَلّل الخمرَ بنَقْلها من موضعٍ إلى موضع، من غير أن يطرحَ فيها شيئًا.

والصحيح: أنها لا تطهرُ، وإن كانت تطهر إذا تخلّلتْ بفعل الله تعالى، وكذلك هذا الرجل، لو مات بدون هذا القصد حَلّت المرأةُ، فإذا قتله لهذا القصْدِ أمكن أن يُقال: تحرُمُ عليه، مع حِلّها لغيره.

ويُشبه هذا: الحلالُ إذا صاد الصيد وذَبَحه لحرام؛ فإنه يحرمُ على ذلك المحرم، ويَحِلُّ للحلال.

ومما يؤيد هذا: أن القاتل يُمنَعُ الإرث، ولا يُمنعه غيرُه من الورثة، لكن لما كان مالُ الرجل تتطلع إليه نفوسُ الورثة كان القتلُ مما يُقصَد به المال، بخلاف الزّوجةِ؛ فإن ذلك لا يكاد يُقصد، فإن التفاتَ الرجل إلى امرأة غيره بالنسبة إلى التفات الوارث إلى مال الموروث قليل، وكونُه يقتله ليتزوجها فهذا أقلّ.

ص: 637