الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعظمت فتنته، فقد سَدّ على نفسه طريق النصيحة:{وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 41].
فصل
الاسم الثاني والثالث: الزور، واللغو
.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72].
قال محمد بن الحنفية
(1)
وقاله ليثٌ عن مجاهد
(2)
.
وقال الكلبيُّ: لا يحضرون مجالس الباطل
(3)
.
واللغو في اللغة: كل ما يُلغَى ويُطرح.
والمعنى: لا يحضرون مجالس الباطل، وإذا مرّوا بكل ما يلغى من قول وعمل أكرموا أنفسهم أن يقفوا عليه أو يميلوا إليه.
ويدخل في هذا أعيادُ المشركين، كما فسرها به السلف، والغناء، وأنواع الباطل كلها.
(1)
انظر أقوال المفسرين في البسيط (16/ 602 ــ 603). وقول ابن الحنفية رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (15450)، وعزاه في الدر المنثور (6/ 283) للفريابي وعبد بن حميد.
(2)
رواه الطبري في تفسيره (19/ 313).
(3)
تفسير البغوي (3/ 378).
قال الزجاج
(1)
: «لا يُجالسون أهل المعاصي، ولا يُمالِئونهم عليها
(2)
، ومروا مرَّ الكرام الذين لا يرضون باللغو؛ لأنهم يُكرمون أنفسهم عن الدخول فيه، والاختلاط بأهله».
وقد رُويَ أن عبد الله بن مسعود مَرَّ بلهو، فأعرض عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنْ أصْبحَ ابنُ مسعودٍ لكريمًا»
(3)
.
وقد أثنى الله سبحانه على من أعرض عن اللغو إذا سمعه؛ فقال: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} [القصص: 55].
وهذه الآية، وإن كان سبب نزولها خاصًّا فمعناها عام متناول لكل من سمع لغوًا فأعرض عنه، وقال بلسانه أو بقلبه لأصحابه: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم.
وتأمل كيف قال سبحانه: {لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} ولم يقل: بالزور؛ لأن {يَشْهَدُونَ} بمعنى: يحضُرون، فمدحهم على ترك حضور مجالس الزور، فكيف بالتكلم به وفعله؟ والغِناءُ من أعظم الزور.
(1)
معاني القرآن (4/ 77). ونقله في البسيط (16/ 604).
(2)
في ش بعدها: «بالدخول فيه» .
(3)
رواه الطبري في تفسيره (19/ 316) وابن أبي حاتم في تفسيره (15463، 15464) وابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 128) من طرق عن محمد بن مسلم عن إبراهيم ابن ميسرة قال: بلغني أن ابن مسعود مرَّ بلهو معرضًا .. وذكره، وهو في السلسلة الضعيفة (1167).