المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ومعنى شخوص البصر حدّة النظر، وعدم استقراره في مكانه، واللام - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٤

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: ومعنى شخوص البصر حدّة النظر، وعدم استقراره في مكانه، واللام

ومعنى شخوص البصر حدّة النظر، وعدم استقراره في مكانه، واللام في قوله:{لِيَوْمٍ} تعليل للنهي؛ أي: لا يؤخر عذابهم إلا لأجل يوم هائل. وقيل: بمعنى إلى التي للغاية. وقرأ طلحة بن مصرف شذوذًا (1): {ولا تحسب} بغير نون التوكيد، وكذا:{فلا تحسب الله مخلف وعده رسله} . وقرأ عبد الرحمن السلمي والحسن والأعرج والمفضل عن عاصم وعباس بن الفضل وهارون العتكي ويونس بن حبيب عن أبي عمرو شذوذًا أيضًا: {نؤخرهم} بنون العظمة، والجمهور بالياء؛ أي: إنما يؤخرهم الله سبحانه وتعالى، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم لقوله:{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ} ،

‌43

- وقوله: {مُهْطِعِينَ} حال مقدرة من مفعول {يُؤَخِّرُهُمْ} ؛ أي: يؤخرهم إلى يوم تشخص فيه الأبصار حالة كونهم مهطعين في ذلك اليوم؛ أي: مسرعين إلى الداعي وإجابته ومقبلين عليه بالخوف والذل والخضوع، كإسراع الأسير والخائف والداعي للخلائق هو إسرافيل حيث يدعو إلى الحشر. وعبارة المحلي في سورة ق:{وَاسْتَمِعْ} يا مخاطب {يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ} وهو إسرافيل {مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} من السماء، وهو صخرة بيت المقدس أقرب موضع من الأرض إلى السماء يقول: أيتها العظام البالية والأوصال المنقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة: إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء. اهـ. وحالة كونهم {مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} ؛ أي: رافعيها إلى السماء مع إدامة النظر إليها من غير التفات إلى شيء ولا ينظر أحد إلى أحد {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} ؛ أي: لا يرجع إليهم تحريك أجفانهم، كما كانوا يفعلون في الدنيا في كل لحظة، بل تبقى أعينهم مفتوحة لا تطرف؛ أي: لا تضم من شد الفزع والخوف. وقال في "الكواشي": أصل الطرف تحريك الجفون في النظر، ثم سميت العين طرفًا مجازًا.

والمعنى: أنهم لا يلتفتون ولا ينظرون مواقع أقدامهم لما بهم من الدهشة انتهى. {وَأَفْئِدَتُهُمْ} ؛ أي: قلوبهم {هَوَاءٌ} ؛ أي: صفر خالية من العقل والفهم؛ لفرط الحيرة والدهشة، كأنها نفس الهواء الخالي عن كل شاغل، والهواء (2): الخلاء الذي لم تشغله الأجرام، فوصف به، فقيل: قلب فلان هواء إذا كان جبانًا

(1) البحر المحيط.

(2)

النسفي.

ص: 445