المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال الله سبحانه جلَّ وعلا: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٤

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: قال الله سبحانه جلَّ وعلا: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى

قال الله سبحانه جلَّ وعلا:

{قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ‌

(85)

قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)}.

التفسير وأوجه القراءة

85 -

{قَالُوا} ؛ أي: قال أولاد يعقوب الذين جاؤوا عن مصر وعن معهم عن أولاد الأولاد الحاضرين عند يعقوب حين قال يعقوب: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} : {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} ؛ أي: والله لا تزال تذكر يوسف وتلهج به، ولا تفتر عن حبه {حَتَّى تَكُونَ}؛ أي: تصير بذلك {حَرَضًا} ؛ أي: مريضًا مشرفًا على الهلاك {أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} ؛ أي: من الميتين.

ص: 85

وخلاصة ذلك (1): أنك الآن في بلاءٍ شديد، ويخاف أن يحصل لك ما هو أكثر وأشد، وهم يريدون بذلك منعه من البكاء والأسف، وإن كانوا هم سبب أحزانه ومنشأ همومه وغمومه، وإنما (2) قالوا له ذلك؛ لأنهم علموا باليقين أنه يداوم على ذلك.

وأصل {تَاللَّهِ تَفْتَأُ} ؛ أي: والله لا تفتأ ولا تزال، فلا (3) محذوفة في جواب القسم للتخفيف لعدم الالتباس؛ لأنه لو كان الجواب مثبتًا .. للزمه اللام ونون التوكيد عند البصريين، أو إحداهما عند الكوفيين، وذلك نظير قول العرب: والله أقصدك أبدًا، يعنون: لا أقصدك. وقال الفراء إن (لا) مضمرة؛ أي: لا تفتأ. قال النحاس: والذي قال صحيح، وقد روي عن الخليل وسيبويه مثل قول الفراء، وأنشد الفراء محتجًا على ما قاله قول امرئ القيس:

فَقُلْتُ يَمِيْنَ اللهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا

وَلَوْ قَطَعُوْا رَأسِيْ لَدَيْكِ وَأوْصَالي

يريد: لا أبرح.

وقالت الخنساء:

فَأقْسَمْتُ آسَى عَلَى هَالِكٍ

أوَ أسْألُ نَائِحَةً مَالَهَا

أرادت: لا آسى.

وقال الآخر:

لَمْ يَشْعُرِ النَّعْشُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْـ

ـعُرْفِ وَلا الحَامِلُوْنَ مَا حَمَلُوْا

تَاللهِ أَنْسَى مُصِيْبَتي أبَدَا

مَا أسْمَعَتْنِي حَنِيْنَهَا الإِبِلُ

وقرأ أبو عمران وابن محيصن وأبو حيوة شذوذًا (4): {قالوا باللهِ} - بالباء - وكذلك كل قسم في القرآن، ويقال: فتىء وفتا لغتان فيه، (5) ولا يستعملان إلا

(1) المراغي.

(2)

القرطبي.

(3)

روح البيان.

(4)

زاد المسير.

(5)

القرطبي.

ص: 86