الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: وعنده علم الساعة وعنده قيله، أو على الابتداء، وخبره الجملة المذكورة بعده، أو خبره محذوف تقديره: وقيله كيت وكيت، أو وقيله مسموع.
قال بعضهم (1): والأوجه أن يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه، يعني: أن الجر على إضمار حرف القسم، كما في قولك: اللَّهِ لأفعلن، النصب على حذفه وإيصال فعله إليه، كقولك: الله لأفعلن، كأنه قيل: وأقسم قيله، أو بقيله. والفرق بين الحذف والإضمار أنه في الحذف لا يبقى للذاهب أثر. نحو:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ، وفي الإضمار يبقى له الأثر نحو:{انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} ، والتقدير: افعلوا خيرًا لكم.
ويجوز الرفع في {قيله} على أنه قسم مرفوع بالابتداء، محذوف الخبر كقولهم: أيمن الله، ويكون {إِنَّ هَؤُلَاءِ} إلخ جواب القسم؛ أي: وقيله يا رب قسمي إن هؤلاء إلخ، وذلك لوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، بما لا يحسن اعتراضًا إن كان مرفوعًا معطوفًا على {عِلْمُ السَّاعَةِ} ، بتقدير مضاف مع تنافر النظم، ورجح الزمخشري احتمال القسم لسلامته عن وقوع الفصل وتنافر النظم، ولكن في القسم التزام حذف وإضمار بلا قرينةٍ ظاهرة في اللفظ الذي لم يشتهر استعماله في القسم.
قال أبو عبيد (2): يقال: قلت قولًا وقيلًا وقالًا. والضمير في {وَقِيلِهِ} راجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال قتادة: هذا نبيكم يشكو قومه إلى ربه. وقيل: الضمير عائد إلى المسيح، وعلى الوجهين فالمعنى: أنه قال مناديًا لربه {يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ} الذين أرسلتني إليهم {قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ} .
والمعنى (3): أي ويعلم سبحانه علم الساعة، وقوله صلى الله عليه وسلم لربه شاكيًا قومه، الذين كذبوه، ولقي منهم شديد الأذى: يا رب إن هؤلاء المشركين الذين أمرتني بإنذارهم، وأرسلتني إليهم لتبليغهم دينك الحق قوم لا يؤمنون؛ أي: لا يريدون الإيمان.
89
- ولما شكا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه عدم إيمانهم، أجابه الله سبحانه وتعالى
(1) روح البيان.
(2)
الشوكاني.
(3)
المراغي.
بقوله: {فَاصْفَحْ} يا محمد، وأعرض {عَنْهُمْ}؛ أي: عن هؤلاء المشركين؛ أي: أعرض عن دعوتهم، واقنط من إيمانهم، {وَقُلْ} لهم أمري وشأني {سَلَامٌ} منكم؛ أي: سلامتي منكم، وتبّر منكم ومن دينكم، ومتاركة لكم، ولا تجبهم بمثل ما يخاطبونك به من سيء الكلام، بل تألفهم، واصفح عنهم قولًا وفعلًا، فليس المأمور به السلام عليهم والتحية، بل البراءة كقول إبراهيم عليه السلام لأبيه:{سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ} وقوله: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} ، وقال قتادة: أمره بالصفح عنهم ثم أمره بقتالهم،. فصار الصفح منسوخًا بالسيف، وقيل: محكمة لم تنسخ {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} عاقبة أمرهم وسوء كفرهم، فإنك ستنصر عليهم، ويحل بهم بأسنا الذي لا يرد وإن تأخر، ففيه تهديد شديد، ووعيد عظيم من الله عز وجل، وقد أنجز الله وعده، وأنفذ كلمته، وأعلى دينه، وشرع الجهاد والجلاد، فدخل الناس في دين الله أفواجًا، وانتشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، فله الحمد والمنة على إظهار الحق، وإعلاء مناره، وإزهاق الباطل، وكبح جماحه. وقرأ الجمهور (1):{يَعْلَمُونَ} بياء الغيبة مناسبًا قوله: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} . وقرأ أبو جعفر والحسن والأعرج ونافع وهشام وابن عامر {تعلمون} بالفوقية.
الإعراب
{وَلَمَّا} : {الواو} : استئنافية {لما} : حرف شرط غير جازم. {ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ} : فعل مغير، ونائب فاعل، والجملة فعل شرط لـ {لمّا} ، لا محل لها من الإعراب، {مَثَلًا}: مفعول ثان لـ {ضُرِبَ} ؛ لأن {ضُرِبَ} ضمن معنى جعل، ويجوز أن يعرب حالًا؛ أي: ذكر ممثلًا به، {إذَا}: حرف فجأة رابطة جواب {لمّا} وجوبًا، {قَوْمُكَ} مبتدأ، {مِنْهُ}: متعلق بـ {يَصِدُّونَ} ، وجملة
(1) البحر المحيط.
{يَصِدُّونَ} : خبر المبتدأ، والجملة الاسمية جواب {لمّا} ، لا محل لها من الإعراب، وجملة {لمّا} مستأنفة. {وَقَالُواْ}: فعل وفاعل، معطوف على جواب {لما} ، {أَآلِهَتُنَا} الهمزة: للاستفهام، لطلب تعيين أحد الأمرين، {آلهتنا}: مبتدأ، {خَيْرٌ} خبره، {أَمْ} حرف عطف متصلة، {هُوَ} معطوف على آلهتنا، والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قالوا} ، {مَا} نافية، {ضَرَبُوهُ} فعل وفاعل ومفعول به، والجملة مستأنفة، {لَكَ} متعلق بـ {ضَرَبُوهُ} ، {إِلَّا} أداة حصر، {جَدَلًا} مفعولا لأجله؛ أي: ما ذكروه لك إلا لأجل الجدال، والمراء واللجاج، لا لإظهار الحق، ويجوز أن يكون مصدرًا في موضع الحال؛ أي: ما ذكروه لك إلا حال كونهم مجادلين لك، {بَلْ}: حرف إضراب وانتقال، {هُمْ}: مبتدأ، {قَوْمٌ}: خبر، {خَصِمُونَ} صفة {قَوْمٌ} ، والجملة معطوفة على جملة {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ}: عطف اسمية على فعلية، {أن}: نافية، {هُوَ}: مبتدأ، {إِلَّا}: أداة حصر، {عَبْدٌ}: خبر، والجملة مستأنفة. {أَنْعَمْنَا}: فعل وفاعل، {عَلَيْهِ} متعلق بـ {أَنْعَمْنَا} ، وجملة {أَنْعَمْنَا} صفة لـ {عَبْدٌ} ، {وَجَعَلْنَاهُ} {الواو}: عاطفة، {جعلناه مثلًا}: فعل وفاعل، ومفعولان، {لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} صفة لـ {مَثَلًا} ، والجملة معطوفة على جملة {أَنْعَمْنَا} .
{وَلَوْ} : {الواو} : عاطفة، {لو} حرف شرط، {نَشَاءُ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على الله، والجملة فعل شرط لـ {لو} ، {لَجَعَلْنَا}: اللام: رابطة لجواب {لو} ، {جعلنا}: فعل وفاعل، {مِنْكُمْ} في موضع المفعول الثاني إن كان {جعلنا} بمعنى صيرنا، وإن كان بمعنى خلقنا، فالجار والمجرور متعلق بـ {جعلنا} ، {مَلَائِكَةً} مفعول أول، أو مفعول به، {فِي الْأَرْضِ} متعلق بـ {يَخْلُفُونَ} ، وجملة {يَخْلُفُونَ} صفة لـ {مَلَائِكَةً} ، وجملة {جعلنا} جواب {لو} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لو} معطوفة على جملة قوله: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ
…
} إلخ، {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ} ناصب واسمه وخبره، واللام: حرف ابتداء، والجملة معطوفة على ما قبلها، {لِلسَّاعَةِ} صفة {علم} ، {فَلَا}: الفاء: فاء
الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم كونه علمًا للساعة، وأردتم بيان ما هو اللازم لكم، فأقول لكم {لا تمترن بها} ، {لا}: ناهية جازمة، {تَمْتَرُنَّ}: فعل مضارع مجزوم بـ {لا} الناهية، وعلامة جزمه حذف النون، والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين، في محل الرفع فاعل، والنون المشددة نون التوكيد، والجملة الفعلية في محل النصب، مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {بِهَا} متعلق بـ {تَمْتَرُنَّ} ، {وَاتَّبِعُونِ} {الواو}: عاطفة. {اتبعوا} : فعل أمر، وفاعل مبني على حذف النون، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة اجتزاء عنها بالكسرة في محل النصب مفعول به، والجمل معطوفة على جملة النهي، {هَذَا}: مبتدأ، {صِرَاطٌ} خبر {مُسْتَقِيمٌ} صفة {صِرَاطٌ} ، والجملة الاسمية مسوقة لتعليل الأمر بالاتباع.
{وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62)} .
{وَلَا} : {الواو} : عاطفة، {لا}: ناهية جازمة، {يَصُدَّنَّكُمُ}: فعل مضارع، في محل الجزم بـ {لا} الناهية، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، والكاف مفعول به، {الشَّيْطَانُ} فاعل، والجملة معطوفة على جملة قوله:{فَلَا تَمْتَرُنَّ} ، {إِنَّهُ}: ناصب واسمه، {لَكم} متعلق بـ {عَدُوٌّ} ، أو حال منه، {عَدُوٌّ} خبر {إنّ} ، {مُبِينٌ} صفة {عَدُوٌّ} ، وجملة {إنّ} مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{وَلَمَّا} : {الواو} : استئنافية، {لما}: حرف شرط. {جَاءَ عِيسَى} : فعل وفاعل، فعل شرط لـ {لما} ، {بِالْبَيِّنَاتِ} متعلق بـ {جَاءَ} ، وجملة {قَالَ} جواب {لما} لا محل لها من الإعراب، {قَدْ}: حرف تحقيق. {جِئْتُكُمْ} : فعل وفاعل ومفعول به، {بِالْحِكْمَةِ} متعلق به، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} ، {وَلِأُبَيِّنَ} {الواو}: عاطفة، واللام لام كي، {أبين}: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله ضمير يعود على {عِيسَى} ، {لَكمُ}
متعلق بـ {أبين} ، {بَعْضَ الَّذِي}: مفعول به، ومضاف إليه، وجملة أبين مع أن المضمرة في تأويل مصدر مجرور باللام، والتقدير: ولتبييني لكم بعض الذي فيه تختلفون، الجار والمجرور متعلق بمقدر، معطوف على {جِئْتُكُمْ} ، تقديره: قد جئتكم بالحكمة وجئتكم لتبييني لكم، ولم يترك العاطف ليتعلق بما قبله، ليؤذن بالاهتمام بالعلة، حتى جعلت كأنها كلام برأسه، {تَخْتَلِفُونَ}: فعل وفاعل، صلة الموصول، {فِيهِ} متعلق بـ {تَخْتَلِفُونَ} ، {فَاتَّقُوا اللَّهَ}: الفاء: عاطفة تفريعية، {اتقوا الله} ، فعل أمر وفاعل ومفعول به، والجملة معطوفة على جملة قوله:{قَدْ جِئْتُكُمْ} : على كونها مقول {قَالَ} ، {وَأَطِيعُونِ} {الواو}: عاطفة. {أطيعوا} : فعل أمر، مبني على حذف النون، والواو فاعل، والنون نون الوقاية، وياء المتكلم المحذوفة اجتزاء عنها بكسرة نون الوقاية في محل النصب، مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على جملة {فَاتَّقُوا اللَّهَ} ويجوز أن تجعل الفاء في {فَاتَّقُوا اللَّهَ}: استئنافية، فيكون الكلام مستأنفًا من الله، للدلالة على طريق الطاعة ومحجتها الواضحة.
{إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64)} .
{إِنَّ اللَّهَ} : ناصب واسمه، {هُوَ}: ضمير فصل، {رَبِّي}: خبر، {إِنَّ} ، {وَرَبُّكُمْ} معطوف على {رَبِّي} ، وجملة {إِنَّ} مفسرة لما تقدم من قوله:{وَأَطِيعُونِ} . {فَاعْبُدُوهُ} : الفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم كون الله ربي وربكم، وأردتم بيان ما هو اللازم لكم .. فأقول لكم: اعبدوه. {اعبدوه} فعل أمر وفاعل ومفعول به، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {هَذَا}: مبتدأ، {صِرَاطٌ}: خبر، {مُسْتَقِيمٌ} صفة {صِرَاطٌ} ، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة.
{فَاخْتَلَفَ} : الفاء: استئنافية، {اختلف الأحزاب}: فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، {مِنْ بَيْنِهِمْ}: جار ومجرور حال من الأحزاب؛ أي: حال كونهم
مختلفين من قبل أنفسهم وباختيارهم، أو حال كون الأحزاب بعضهم؛ أي: بعض النصارى، إذ بقي منهم فرقة أخرج مؤمنة، يقولون: إنه عبد الله ورسوله، والجملة الفعلية مستأنفة، {فَوَيْلٌ} الفاء: عاطفة. {ويل} مبتدأ، وسوغ الابتداء بالنكرة قصد الدعاء، {لِلَّذِينَ}: جار ومجرور، خبره، والجملة معطوفة على جملة {اختلف} ، وجملة {ظَلَمُوا} صلة الموصول؛ أي: فعذاب شديد كائن وحاصل للذين {ظَلَمُوا} ، {مِنْ عَذَابِ}: جار ومجرور حال من الضمير المستكن في الخبر الظرفي، {يَوْمٍ}: مضاف إليه، {أَلِيمٍ} صفة {يَوْمٍ} أي: فعذاب شديد، كائن للذين ظلموا، حال كون ذلك العذاب من عذاب يوم أليم عذابه، وهو يوم القيامة.
{هَلْ} حرف استفهام للاستفهام الإنكاري؛ أي: لا ينظرون، {يَنْظُرُونَ}: فعل وفاعل والجملة مستأنفة، {إِلَّا}: أداة استثناء مفرغ، {السَّاعَةَ} مفعول به، {أَن} حرف مصدر، {تَأْتِيَهُمْ} فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على {السَّاعَةَ} ، ومفعول به، والجملة الفعلية مع {أَن} المصدرية في تأويل مصدر منصوب على كونه بدلًا من الساعة؛ أي: هل ينظرون إلا الساعة إلا إتيانها إياهم، {بَغْتَةً} حال من فاعل {تَأْتِيَهُمْ}؛ أي: حال كونها باغتة، {وَهُمْ} {الواو}: حالية، {هم} مبتدأ، وجملة {لَا يَشْعُرُونَ} خبره، والجملة الاسمية في محل النصب حال من مفعول {تَأْتِيَهُمْ} {الْأَخِلَّاءُ} مبتدأ أول، {يَوْمَئِذٍ}: ظرف مضاف إلى مثله، متعلق بـ {عَدُوٌّ} ، {بَعْضُهُمْ} مبتدأ ثان، {لِبَعْضٍ} حال من عدو؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها {عَدُوٌّ} خبر للمبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني مع خبره خبر للأول، وجملة الأول مستأنفة، {إِلَّا} أداة استثناء، {الْمُتَّقِينَ}: مستثنى منصوب بـ {إِلَّا} ، {يَا عِبَادِ} {يا} حرف نداء، {عباد} منادى مضاف إلى يا المتكلم، المحذوفة اجتزاء عنها بكسرة المناسبة، وجملة النداء في محل النصب مقول لقول محذوف، تقديره: ويقال لهم: يا عباد لا
خوف عليك، {لَا}: نافية، تعمل عمل ليس، {خَوْفٌ} اسمها، {عَلَيْكُمُ} خبرها، أو {لَا} مهملة، {خَوْفٌ}: مبتدأ، وسوغ الابتداء بالنكرة وقوعه بعد النفي {عَلَيْكُمُ}: خبرها، والجملة الاسمية مقول للقول المحذوف. {الْيَوْمَ} منصوب على الظرفية، متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الجار والمجرور قبله، {وَلَا} {الواو}: عاطفة، {لا} نافية مهملة، {أَنْتُمْ}: مبتدأ، وجملة {تَحْزَنُونَ}: خبره، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة التي قبلها، {الذِينَ} صفة لـ {عباد} ، وجملة {آمَنُوا} صلته، {بِآيَاتِنَا} متعلق بـ {آمَنُوا} ، {وَكَانُوا مُسْلِمِينَ}: فعل ناقص واسمه وخبره، والجملة معطوفة على جملة {آمَنُوا}: على كونها صلة الموصول.
{ادْخُلُوا} : فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل {الْجَنَّةَ} مفعول به، منصوب على السعة، والجملة في محل النصب مقول للقول المحذوف، {أَنْتُمْ}: مبتدأ، {وَأَزْوَاجُكُمْ}: معطوف عليه، وجملة {تُحْبَرُونَ}: خبره، والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل {ادْخُلُوا} ، أو في محل النصب مقول القول، {يُطَافُ}: فعل مضارع مغير الصيغة، {عَلَيْهِمْ}: في موضع رفع نائب فاعل، {بِصِحَافٍ}: متعلق بـ {يُطَافُ} ، {مِنْ ذَهَبٍ}: صفة {صحاف} ، {وَأَكْوَابٍ} معطوف على {صحاف} ، وذكر الذهب في الصحاف، واستغنى به عن الإعادة في الأكواب، كقوله تعالى:{وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} . {وَفِيهَا} : خبر مقدم، {مَا}: اسم موصول مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية معطوفة على جملة {يُطَافُ}. {تَشْتَهِيهِ}: فعل ومفعول، {الْأَنْفُسُ} فاعل، والجملة صلة الموصول، {وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} فعل وفاعل، معطوف على صلة {مَا} ، والعائد محذوف، تقديره: تلذه الأعين، {وَأَنْتُمْ}: مبتدأ، {فِيهَا} متعلق بـ {خَالِدُونَ} . {خَالِدُونَ} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على جملة قوله: {أَنْتُمْ
وَأَزْوَاجُكُمْ} وهو من جملة ما يقال لهم، وما بينهما اعتراض اعترض به، لبيان صفات الجنة. {وَتِلْكَ}:{الواو} : عاطفة، {تلك}: مبتدأ. {الْجَنَّةُ} خبره، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة التي قبلها {الَّتِي} صفة لـ {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)} ، {أُورِثْتُمُوهَا}: فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعل ومفعول به، والجملة صلة الموصول، {بِمَا} متعلق بـ {أُورِثْتُمُوهَا} ، {كُنْتُمْ} فعل ناقص واسمه، وجملة {تَعْمَلُونَ} خبره، وجملة {كَانَ} صلة لـ {ما} الموصولة، أو المصدرية. {لَكم}: خبر مقدم، {فِيهَا}: حال من فاكهة، لـ {فَاكِهَةٌ}: مبتدأ مؤخر، {كَثِيرَةٌ} صفة أولى لـ {فَاكِهَةٌ} ، والجملة الاسمية في محل النصب حال من مرفوع {أُورِثْتُمُوهَا} ، {مِنْهَا} متعلق بـ {تَأْكُلُونَ} ، وجملة {تَأْكُلُونَ} صفة ثانية لـ {فَاكِهَةٌ} ، ولكنها سببية، والرابط ضمير {مِنْهَا} .
{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ} : ناصب واسمه، {فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ}: متعلق بـ {خَالِدُونَ} ، و {خَالِدُونَ} خبر {إِنَّ} ، والجملة مستأنفة، {لَا}: نافية. {يُفَتَّرُ} : فعل مضارع مغير الصيغة، ونائب فاعله ضمير يعود على العذاب. {عَنْهُمْ} متعلق بـ {يُفَتَّرُ} ، والجملة الفعلية في محل النصب حال من عذاب جهنم، {وَهُمْ}:{الواو} : حالية، {هم}: مبتدأ، {فِيهِ} متعلق بـ {مُبْلِسُونَ} ، لـ {مُبْلِسُونَ}: خبره، والجملة الاسمية في محل النصب حال من الضمير المستكن في {خَالِدُونَ} ، {وَمَا} {الواو}: عاطفة، {ما}: نافية، {ظَلَمْنَاهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول به، معطوف على جملة {إنّ} ، {وَلَكِنْ} {الواو}: عاطفة، {لكن}: حرف استدراك مهمل. {كَانُوا} فعل ناقص واسمه، {هُمُ}: ضمير فصل، {الظَّالِمِينَ} خبر {كان} ، وجملة {كان} معطوفة على جملة {ظَلَمْنَاهُمْ} .
{وَنَادَوْا} : {الواو} عاطفة، {نادوا}: فعل ماض وفاعل، والجملة معطوفة
على جملة {إنّ} وعبر بالماضي عن المضارع إيذانًا بتحقق وقوعه، فهو من باب أتى أمر الله، {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}: مقول محكي لـ {نادوا} ، وإن شئت قلت:{يا} : حرف نداء، {مالك}: منادى مفرد العلم، وجملة النداء في محل النصب مقول {نادوا}؛ لأنه بمعنى قالوا. {لِيَقْضِ} اللام: لام الأمر، {يقض}: فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، {عَلَيْنَا}: متعلق به، {رَبُّكَ} فاعل، والجملة جواب النداء، لا محل لها من الإعراب، {قَالَ}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {مالك} ، والجملة مستأنفة، {إِنَّكُمْ} ناصب واسمه، {مَاكِثُونَ} خبره، والجملة في محل النصب مقول قال، {لَقَدْ} اللام: موطئة للقسم، {قد} حرف تحقيق، {جِئْنَاكُمْ} فعل، وفاعل، ومفعول، {بِالْحَقِّ} متعلق به، والخطاب لأهل مكة عام لمؤمنهم وكافرهم، والقائل هو الله تعالى، على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، والجملة جواب القسم، لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم مستأنفة، مقررة لجواب مالك لأهل النار، ومبينة لسبب مكثهم، كما قاله أبو السعود، ويحتمل أن يكون هذا، من قول مالك لأهل النار؛ أي: إنكم ماكثون في النار؛ لأنا جئناكم بالحق في الدنيا، {وَلَكِنَّ} {الواو}: عاطفة، {لكنّ}: حرف نصب واستدراك، {أَكْثَرَكُمْ}: اسمها، {لِلْحَقِّ} متعلق بـ {كَارِهُونَ} ، و {كَارِهُونَ}: خبرها، وجملة {لكنّ} معطوفة على ما قبلها، على كونها جواب القسم.
{أَمْ} : منقطعة بمعنى بل الإضرابية، وهمزة الاستفهام الإنكاري. {أَبْرَمُوا}: فعل ماض وفاعل، {أَمْرًا}: مفعول به، والجملة مستأنفة، {فَإِنَّا} الفاء: عاطفة، {إنّا}: ناصب واسمه، {مُبْرِمُونَ}: خبره، والجملة معطوفة على جملة {أبرموا} ، {أَمْ}: منقطعة كما ذكرنا آنفًا. {يَحْسَبُونَ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، {أَنَّا} ناصب واسمه، {لَا}: نافية، {نَسْمَعُ سِرَّهُمْ}: فعل وفاعل مستتر، ومفعول به، {وَنَجْوَاهُمْ}: معطوف على {سِرَّهُمْ} ، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {أنّ} ، وجملة {أنّ} في تأويل مصدر ساد مسد مفعولي
{حسب} ، {بَلَى}: حرف جواب، يجاب بها لإثبات نفي ما قبلها، قائم مقام جملة الجواب، تقديره: نسمع ذلك، والجملة الجوابية المحذوفة مستأنفة، {وَرُسُلُنَا}:{الواو} : عاطفة. {رسلنا} : مبتدأ، {لَدَيْهِمْ} متعلق بـ {يَكْتُبُونَ} وجملة {يَكْتُبُونَ}: خبر {رسلنا} ، والجملة الاسمية معطوفة على جملة الجواب، {قُل}: فعل أمر، وفاعل مستتر يعود على محمد صلى الله عليه وسلم، والجملة مستأنفة، {إن}: حرف شرط، {كاَنَ}: فعل ماض ناقص، في محل الجزم بـ {إن} الشرطية. {لِلرَّحْمَنِ}: خبرها مقدم، {وَلَدٌ}: اسمها مؤخر، {فَأَنَا}: الفاء: رابطة لجواب {إن} الشرطية، {أنا}: مبتدأ، {أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}: خبره، والجملة الاسمية في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {إن} الشرطية في محل النصب مقول {قُل}. {سُبْحَانَ}: منصوب على المفعولية المطلقة بفعل محذوف وجوبًا، وجملة {سُبْحَانَ}: مستأنفة، {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: مضاف إليه، {رَبِّ الْعَرْشِ}: بدل من {رَبِّ} الأول، {عَمَّا}: متعلق بـ {سُبْحَانَ} ، وجملة {يَصِفُونَ}: صلة لـ {ما} الموصولة.
{فَذَرْهُمْ} : الفاء: فاء الفصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت تعنتهم وتمردهم، وأردت بيان ما هو اللازم لك .. فأقول لك ذرهم، {ذرهم}: فعل، ومفعول به، وفاعل مستتر يعود على محمد صلى الله عليه وسلم، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة {يَخُوضُوا}: فعل مضارع وفاعل مجزوم بالطلب السابق، والجملة جملة جوابية، لا محل لها من الإعراب، {وَيَلْعَبُوا}: معطوف على {يَخُوضُوا} ، {حَتَّى}: حرف جر وغاية. {يُلَاقُوا} : فعل مضارع، وفاعل منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد حتى الجارة، {يَوْمَهُمُ}: مفعول به، والجملة الفعلية مع أن المضمرة، في تأويل مصدر مجرور بـ {حَتَّى} بمعنى إلى؛ أي: إلى ملاقاتهم يومهم، الجار والمجرور، متعلق بـ {يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} على سبيل التنازع، {الَّذِي}: صفة لـ {يَوْمَهُمُ} ، وجملة
{يُوعَدُونَ} من الفعل المغير ونائبه صلة الموصول، والعائد حذوف تقديره: يوعدونه، {وَهُوَ} {الواو}: استئنافية، {هو}: مبتدأ، {الَّذِي}: خبره، والجملة مستأنفة، {فِي السَّمَاءِ}: متعلق بإله؛ لأنه في تأويل معبود، {إِلَهٌ} خبر لمبتدأ محذوف تقديره: وهو الذي هو إله في السماء، والجملة الاسمية صلة الموصول، {وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} معطوف على قوله:{فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} ، {وَهُوَ}:{الواو} عاطفة، {هو} مبتدأ، {الْحَكِيمُ} خبر أول، {الْعَلِيمُ} خبر ثان، والجملة معطوفة على جملة قوله:{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} {وَتَبَارَكَ} {الواو} : عاطفة، أو استئنافية، {تبارك الذي}: فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، أو معطوفة على ما قبلها. {لَهُ} ، خبر مقدم، {مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: مبتدأ مؤخر، والجملة صلة الموصول، {وَمَا}: معطوف على السموات، {بَيْنَهُمَا}: ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول. {وَعِنْدَهُ} خبر مقدم، {عِلْمُ السَّاعَةِ}: مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية معطوفة على جملة الصلة. {وَإِلَيْهِ}: متعلق بـ {تُرْجَعُونَ} ، وجملة {تُرْجَعُونَ}: معطوفة على جملة الصلة.
{وَلَا} : {الواو} : عاطفة. {لا} : نافية، {يَمْلِكُ الَّذِينَ}: فعل وفاعل، والجملة معطوفة على ما قبلها، {يَدْعُونَ}: فعل وفاعل، صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره: يدعونهم، {مِنْ دُونِهِ}: متعلق بـ {يَدْعُونَ} ، {الشَّفَاعَةَ} مفعول يملك. {إِلَّا} أداة استثناء، {مَن}: اسم موصول في محل النصب على الاستثناء، ويحتمل كون الاستثناء منقطعًا، والمعنى: ولا يملك آلهتهم الأصنام والأوثان الشفاعة كما زعموا، ولكن من شهد، وأقر بالتوحيد كعيسى، وعزير يملك الشفاعة في مستحقيها، وأن يكون متصلا، والمعنى: ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة في أحد إلا فيمن شهد بالحق، فهو استثناء من المفعول المحذوف، {شَهِدَ} فعل ماض وفاعل مستتر صلة {مَنْ} الموصولة. {بِالْحَقِّ} متعلق بـ {شَهِدَ} ، {وَهُمْ}: مبتدأ، وجملة {يَعْلَمُونَ} خبره، والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل {شَهِدَ} ، والجمع باعتبار معنى
{مَنْ} ؛ أي: شهدوا بالحق بألسنتهم، حال كونهم يعلمون بقلوبهم حقية ما شهدوا بألسنتهم.
{وَلَئِنْ} : {الواو} : استئنافية، واللام: موطئة للقسم، {إن}: حرف شرط جازم، {سَأَلْتَهُمْ}: فعل ماض وفاعل ومفعول أول في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونه فعل شرط لها، {مَنْ} اسم موصول في محل النصب مفعول ثان. {خَلَقَهُمْ} فعل وفاعل مستتر ومفعول، صلة مَن الموصولة. {لَيَقُولُنَّ}: اللام: موطئة للقسم، مؤكدة للأولى، {يقولن}: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبات النون المحذوفة لتوالي الأمثال، والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين، في محل الرفع فاعل، والنون المشددة نون التوكيد؛ لأن أصله: ليقولونن، والجملة الفعلية جواب القسم، لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم مستأنفة، وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم، تقديره: وإن سألتهم: من خلقهم، يقولون: الله، وجملة الشرط معترضة لا محل لها من الإعراب، لاعتراضها بين القسم وجوابه. {اللَّهُ}: فاعل بفعل محذوف، دل عليه ما قبله، تقديره: خلقهم الله، أو مبتدأ، خبره محذوف تقديره: الله خلقهم، والأول أولى؛ لأن الجملة الفعلية في هذا الباب أكثر، فالحمل عليها أولى، والجملة الفعلية أو الاسمية في محل النصب مقول لـ {يقولن} ، {فَأَنَّى}: الفاء: عاطفة، {أنى}: اسم استفهام بمعنى كيف، في محل النصب على الحال من مرفوع {يُؤْفَكُونَ} ، و {يُؤْفَكُونَ}: فعل ونائب فاعل، والجملة معطوفة على جملة القسم، {وَقِيلِهِ}؛ أي: وقوله صلى الله عليه وسلم بالجر، يقال في إعرابه {الواو} حرف جر وقسم، {قيله} مجرور بواو القسم، الجار والمجرور متعلق بفعل قسم محذوف وجوبًا تقديره: أقسم بقول محمد صلى الله عليه وسلم. {يَا رَبِّ} منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول لـ {قيله} . {إِنَّ هَؤُلَاءِ} ناصب واسمه، {قَوْمٌ}: خبره، وجملة {لَا يُؤْمِنُونَ} صفة {قَوْمٌ} ، وجملة {إن} جواب القسم، لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم
مع جوابه، معطوفة على جملة القسم الأول، وهذا أحسن الأعاريب في هذا المقام، وقرىء بالنصب على المصدرية بفعله المقدر، تقديره: وقال محمد صلى الله عليه وسلم قوله يا رب إلخ. وقيل: معطوف على {سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} ، كما مر ذلك كله مبسوطًا في مبحث التفسير. وقرىء بالرفع على الابتداء والخبر ما بعده، أو أن الخبر محذوف تقديره: وقوله مسموع أو مقبول. {فَاصْفَحْ} : الفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت أنهم قوم لا يؤمنون، وأردت بيان ما هو اللازم لك .. فأقول لك: اصفح عنهم. {اصفح} : فعل أمر وفاعل مستتر يعود على محمد صلى الله عليه وسلم، {عَنْهُمْ}: متعلق به، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة، {وَقُلْ}: فعل أمر وفاعل مستتر، معطوف على {فَاصْفَحْ} ، {سَلَامٌ}: خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: أمري وشاني ومطلبي، سلامة من إذايتكم، وبراءة من دينكم، والجملة في محل النصب مقول {قل} ، {فَسَوْفَ}: الفاء: عاطفة، {سوف}: حرف تنفيس واستبقال. {يَعْلَمُونَ} فعل وفاعل مرفوع بثبات النون، ومفعوله محذوف للتفخيم تقديره: عاقبة أمرهم، والجملة الفعلية معطوفة على جملة قوله:{فَاصْفَحْ} : على كونها مقولًا لجواب إذا المقدرة، والله أعلم.
التصريف ومفردات اللغة
{ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ} ؛ أي: جعل، {مَثَلًا}؛ أي: حجة وبرهانًا على شبهتهم. {يَصِدُّونَ} قال في "القاموس": صد يصد ويصد صديدًا، إذا ضج وارتفع صوته، فالمكسور من باب ضرب، والمضموم من باب رد، يقال: صد عنه يصد بالضم صدودًا إذا أعرض عنه، وقد فلانًا عن كذا صدا، منعه وصرفه، كأصد، فالصديد بمعنى الضجيج، والصدود بمعنى الإعراض، والصد بمعنى المنع. {إِلَّا جَدَلًا}؛ أي: خصومةً بالباطل، والجدل محركًا فتل الخصم عن قصده لطلب صحة قوله، وإبطال غيره، وهو مأمور به على وجه الإنصاف، وإظهار الحق بالاتفاق. وقوله:{ابْنُ} أصله: بنو حذفت لامه الواو، وعوض عنها همزة الوصل، وقوله:{يَصِدُّونَ} قرىء بكسر الصاد من صد اللازم، وقرىء بضمها
من صد المتعدي، وأصله على كلتا القراءتين: يصددون بوزن يفعلون بكسر العين، أو يصددون بوزن يفعلون بضم العين، نقلت حركة الدال فيهما إلى الصاد فسكنت، فأدغمت في الدال الثانية. {خَصِمُونَ}؛ أي: شديدوا الخصومة، مجبولون على اللجاج، وسوء الخلق. {مَثَلًا}؛ أي: أمرًا عجبًا حقيقًا بأن يسير ذكره كالأمثال السائرة.
{يَخْلُفُونَ} يقال: خلف فلان فلانًا إذا قام بالأمر عنه، إما معه وإما بعده. {فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا} أصله: تمتريون حذفت نه نون الرفع للجازم، وهو لا الناهية، ثم استثقلت الضمة على الياء فحذفت فسكنت فالتقى ساكنان فحذفت الياء وضمت الراء لمناسبة الواو، ثم دخلت نون التوكيد على الفعل، فصار تمترون، فالتقى ساكنان الواو وأولي نوني التوكيد المشددة، فحذفت الواو لبقاء داله، فصار تمترن بوزن تفتعن. {وَاتَّبِعُونِ} بحذف الياء خطًا؛ لأنها من ياءات الزوائد، وأما في اللفظ فيجوز إثباتها وحذفها وصلًا ووقفًا.
{يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} أصله: يصددنكم، نقلت حركة الدال الأولى إلى الصاد فسكنت، فأدغمت في الثانية، وبني الفعل على الفتح وإن كان في محل جزم لاتصال نون التوكيد به. {الْأَحْزَابُ} جمع حزب بكسر الحاء بمعنى جماعة الناس. {بَغْتَةً} والبغت مفاجأة الشيء من حيث لا يحسب، كما في "المفردات". {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ} جمع خليل، وهو الصديق. وفي "المصباح": الخليل الصديق، والجمع أخلاء كأصدقاء، وفي "القاموس": والخل بالكسر والضم الصديق المختص، أو لا يضم إلا مع ود، يقال: كان لي ودًا وخلا، والجمع أخلال كالخليل وخلان، أو الخليل الصادق، أو من أصفى المودة وأصحها، واستدرك في "التاج" فقال: قال ابن سيده: وكسر الخاء أكثر، ويقال للأنثى: خل أيضًا. وأصل {الْأَخِلَّاءُ} : الأخللاء، بوزن أفعلاء جمع خليل، كصديق وأصدقاء، نقلت حركة اللام الأولى إلى الخاء فسكنت، فأدغمت في اللام الثانية، فصار أخلاء بوزن أفلاء.
{يُطَافُ} أصله: يطوف، بوزن يفعل، نقلت حركة الواو إلى الطاء، فسكنت
ثم أبدلت ألفًا لتحركها في الأصل وفتح ما قبلها في الحال. {تُحْبَرُونَ} تسرون سرورًا يظهر حباره؛ أي: أثره على وجوهكم. وقال الزجاج: تكرمون إكرامًا يبالغ فيه، والحبرة المبالغة فيما وصف بجميل. وفي "القاموس": والحبر بفتحتين الأثر كالحبار، بكسر أوله وفتحه، والحبر بالكسر الأثر أو أثر النعمة، والحسمن، والوشي وبالفتح السرور، وحبره سره، والنعمة، والحبرة بالفتح السماء في الجنة، وكل نعمة حسنة. وقال الراغب: الحبر الأثر المستحسن، ومنه ما روي: يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره؛ أي: جماله وبهاؤه، والحبر: العالم لما يبقى عن أثر علومه في قلوب الناس، ومن آثار أفعاله الحسنة المقتدى بها.
{بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ} جمع صحفة، كجفان جمع جفنة، وقصاع جمع قصعة. قال الكسائي: وأعظمها الجفنة، وهي القصعة العريضة الواسعة، ثم القصعة، وهي التي تشبع العشرة، ثم الصحفة وهي تشبع الخمسة، ثم المئكلة، وهي التي تشبع الرجلين أو الثلاثة {وَأَكْوَابٍ} جمع كوب، كعود وأعواد، وهو كوز لا عروة له ولا خرطوم، وإنما كانت بغير عروة ليشرب الشارب من أي جانب شاء؛ لأن العروة ترد الشارب من بعض الجوانب. وقال عدي:
مُتَّكِئًا تُصَفِّقُ أَبْوَابُهُ
…
يَسْعَى عَلَيْهِ الْعَبْدُ بِالْكُوْبِ
{وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} يقال: لذذت الشيء بالكسر لذاذًا ولذاذة؛ أي: وجدته لذيذًا، أصله: تلذذ بوزن تفعل، مضارع لذذ بكسر العين، من باب فعل المكسور، نقلت حركة الذال الأولى إلى اللام فسكنت، فأدغمت في الذال الثانية {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} من قولهم: فترت الحمى عنه إذا سكنت قليلًا ونقص حرها. قال الراغب: الفتر: سكون بعد حدة، ولين بعد شدة، وضعف بعد قوة. {مُبْلِسُونَ} وفي "المفردات": الإبلاس الحزن المعترض من شدة اليأس، ومنه اشتق إبليس، ولما كان المبلس كثيرًا ما يلزم السكون وينسى ما يعنيه .. قيل: أبلس فلان إذا سكت وانقطعت حجته. {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} أصله: ناديوا بوزن فاعلوا، قلبته الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين. {لِيَقْضِ} وزن يقض يفع لحذف لامه للجازم. {سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} فيه إعلال بالقلب، أصله: نجويهم
قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح.
{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا} أصله: يخوضون بوزن يفعلون، نقلت حركة {الواو} إلى الخاء فسكنت إثر ضمة، فصارت حرف مد، ثم حذفت نون الرفع لما وقع الفعل جوابًا للأمر، فوزنه يقولوا، وأصل الخوض: الشروع في الماء والمرور فيه، ويستعار للأمور. وقوله:{يُلَاقُوا} أصله: يلاقيون، حذفت نون الرفع للناصب، ثم حذفت حركة الياء تخفيفًا، فلما سكنت حذفت لالتقاء الساكنين وضمت القاف لمناسبة الواو. {كَارِهُونَ} من الكراهة مصدر كره الشيء بالكسر؛ أي: لم يرده فهو كاره. {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا} من الإبرام، وهو إحكام الأمر، وأصله: من إبرام الحبل، وهو ترديد فتله. {وَنَجْوَاهُمْ} يقال: ناجيته؛ أي: ساررته، وأصله: أن تخلو في نجوة من الأرض؛ أي: مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله، والسر هو ما يحدث به الإنسان نفسه، أو غيره في مكان خال، والنجوى التناجي والتحادث فيما بينهم. {وَقِيلِهِ} قال أبو عبيدة: يقال: قلت قولًا وقالًا وقيلًا. وفي الخبر: "نهى عن قيل وقال". فالقول والقيل والقال كلها مصادر، وفيه إعلال بالقلب، أصله: قِوْلِه من القول، قلبت الواو ياءً لوقوعها ساكنةً إثر كسرة، فصارت حرف مد. {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ}؛ أي: اعف عنهم عفو المعرض، ولا تقف عن التبليغ. {وَقُلْ سَلَامٌ}؛ أي: سلام متاركةٍ لكم بسلامتكم منى وسلامتي منكم.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإبهام في فاعل ضرب في قوله: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا} للإهانة والتحقير له.
ومنها: الاستفهام في قوله: {أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} .
ومنها: الحصر في قوله: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا} ، وفي قوله: {إِنْ هُو
إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ}.
ومنها: الحذف في قوله: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} ؛ أي: إن نزوله لعلامة لقرب الساعة.
ومنها: تأكيد النهي في قوله: {فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا} إيذانًا بأنه لا محالة منها.
ومنها: جمع المؤكدات في قوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} إن، وضمير الفصل، وتعريف الطرفين.
ومنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} تسجيلًا عليهم باسم الظلم؛ لأن مقتضى السياق أن يقال: فويل لهم.
ومنها: الاستفهام الإنكاري في قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ} ؛ أي: ما ينظرون.
ومنها: النداء في قوله: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} إلخ، تشريفًا لهم، وناداهم بأربعة أمور: الأول: نفي الخوف، والثاني: نفي الحزن، والثالث: الأمر بدخول الجنة، والرابع، البشارة بالسرور، في قوله:{تُحْبَرُونَ} اهـ شيخنا.
ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: {بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ} ؛ أي: أكواب من ذهب، وحذف لدلالة السابق عليه.
ومنها: ذكر العام، في قوله:{وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} بعد الخاص، في قوله:{يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ} .
ومنها: الحصر المستفاد من قوله: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} فقد حصر أنواع النعم في أمرين اثنين، إما مشتهاة في القلوب، وإما مستلذة في العيون.
ومنها: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في قوله: {وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} للتشريف والتفخيم لشأنهم.
ومنها: إفراد الخطاب في قوله: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا} حيث لم يقل: وتلكم الجنة، مع أن مقتضى أورثتموها أن يقال: وتلكم، للإيذان بأن كل واحد من أهل الجنة مقصود بالذكر لذاته، وبالخطاب.
ومنها: الاستعارة في قوله: {أُورِثْتُمُوهَا} فقد شبه الجنة بالمال الموروث، والتلاد الموفور، ثم استعار له الإرث على طريق الاستعارة المكنية؛ لأن كل عامل لا بد أن يلقى جزاءه، إذ يذهب العمل ويبقى جزاؤه مع العامل، أو إنما شبهت في بقائها على أهلا، وإفاضة النعم السوابغ عليهم، بالميراث الباقي، لا ينضُب له معين، ولا ينتهي إلى نفاد.
ومنها: الطباق في قوله: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} لأن المراد: سرهم وعلانيتهم.
ومنها: الحذف للاختصار في قوله: {بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ} ؛ أي: بلى نسمع سرهم ونجواهم، لدلالة {بلى} على المحذوف.
ومنها: تكرير اسم الرب في قوله: {رَبِّ الْعَرْشِ} تفخيمًا لشأن العرش؛ لأنه أعظم مخلوقات الله سبحانه.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا} ؛ لأن حقيقة الخوض هو الشروع في الماء والمرور فيه، فاستعير لشروعهم في أباطيلهم، وأكاذيبهم.
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
خلاصة ما تضمنته هذه السورة من المقاصد
1 -
وصف القرآن الكريم.
2 -
الأمر بإنذار قومه صلى الله عليه وسلم، مع غفلتهم وإسرافهم في لذات الدنيا.
3 -
شأن هؤلاء المشركين في تكذيبهم للرسول، شأن غيرهم من المكذبين من قبلهم.
4 -
اعترافهم بأن الله هو خالق السموات والأرض، مع عبادتهم للأوثان والأصنام.
5 -
اعتقادهم أن الملائكة بنات الله، ثم نعي ذلك عليهم.
6 -
تمسكهم بتقليد الآباء والأجداد في شؤونهم الدينية.
7 -
قصص الأنبياء من أولي العزم، كإبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم السلام.
8 -
وصف نعيم الجنة.
9 -
الأهوال التي يلقاها أهل النار، حتى يتمنوا الموت ليستريحوا مما هم فيه.
10 -
متاركة أهل الباطل والصفح عنهم، حتى يأتي وعد الله تعالى.
والله أعلم
* * *