الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشورة، وانتصر لنفسه ممن ظلمه.
أسباب النزول
قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى
…
} الآية، سبب نزول هذه الآية (1): ما أخرجه الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس قال: قالت الأنصار: لو جمعنا لرسول الله - صلي الله عليه وسلم - مالًا، فأنزل الله سبحانه {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} فقال بعضهم: إنما قال هذا، ليقاتل عن أهل بيته وينصرهم، فأنزل الله {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} إلى قوله:{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} فعرض لهم التوبة إلى قوله: {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} .
وأخرج أحمد بسنده عن طاووس قال: سأل رجل ابن عباس، عن معنى قول الله عز وجل:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} فقال سعيد بن جبير: قربى محمد صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: عجلت، إن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لم يكن بطن من قريش إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة، فنزلت:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} ؛ أي: إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم.
قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ
…
} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه الحاكم وصححه عن علي، قال: نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة، وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا، فتمنوا الدنيا، وأخرج الطبراني عن عمرو بن حريث مثله، وعمرو بن حريث، مختلف في صحبنه كما في "الإصابة".
التفسير وأوجه القراءة
19
- {اللَّهُ} سبحانه وتعالى: {لَطِيفٌ} ؛ أي: بر بليغ البر {بِعِبَادِهِ} يفيض عليهم (2) من فنون ألطافه، ما لا يكاد يناله أيدي الأفكار والظنون، وقولنا: من فنون ألطافه يؤخذ ذلك من صيغة لطيف، فإنها للمبالغة، وتنكيره أيضًا، وقولنا: ما لا يكاد، إلخ، مأخذه مادة الكلمة، فإن اللطف إيصال النفع إلى العبد على
(1) لباب النقول.
(2)
روح البيان.
وجه فيه دقة: وقال مقاتل: لطيف بالبار والفاجر، حيث لم يقتلهم جوعًا بمعاصيهم، وقال القرطبي: لطيف بهم في العرض والمحاسبة، وقيل (1): كثير الإحسان بهم بالحياة والعقل ودفع أكثر البليات عنهم، وإعطاء ما لا بد منه من الرزق، وتأخير العذاب عمن يستحقون العذاب.
والمعنى (2): أنه يجري لطفه على عباده في كل أمورهم، ومن جملة ذلك، الرزق الذي يعيشون به في الدنيا، وهو معنى قوله:{يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ} منهم أن يرزقه كيفما يشاء، فيوسع على هذا، ويضيق على هذا، فيخص كلا من عباده، الذين عمهم جنس لطفه، بنوع من البر على ما تقتضيه مشيئته، المبنية على الحكم البالغة، فلا مخالفة بين عموم الجنس وخصوص النوع، يعني: أن المخصوص بمن يشاء هو نوع البر وصنفه، وذلك لا ينافي عموم جنس بره بجميع عباده، على ما أفادته إضافة العباد إلى ضميره تعالى، حتى يلزم التناقض بين الكلامين، فالله تعالى يبرهم جميعًا، لا بمعنى أن جميع أنواع البر، وأصنافه يصل إلى كل أحد فإنه مخالف الحكمة الإلهية، إذ لا يبقى الفرق حينئذٍ بين الأعلى والأدنى، بل يصل بره إليهم على سبيل التوزيع، بأن يخص أحدًا بنعمة وآخر بأخرى، فيرجع بذلك كل واحد منهم إلى الآخر، فيما عنده من النعمة، فينتظم به أحوالهم، ويتم أسباب معاشهم، وصلاح دنياهم وعمارتها، فيؤدي ذلك إلى فراغهم لاكساب سعادة الآخرة، وقال بعضهم: معناه: يرزق من يشاء بغير حساب، إذ الآيات القرآنية يفسر بعضها بعضًا.
{وَهُوَ} سبحانه {الْقَوِيُّ} ؛ أي: العظيم القوة الباهرة، والقدرة البالغة وهو يناسب عموم لطفه للعباد، قيل: والقوة في الأصل: صلابة البنية وشدتها المضادة للضعف، ولما كانت محالًا في حق الله تعالى، حملت على القدرة، لكونها مسببة من القوة.
قلت: ولا حاجة إلى هذا التأويل؛ لأن القوة صفة ثابتة لله تعالى، أثرها
(1) المراح.
(2)
روح البيان.