الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة ق
سورة ق مكّية كلّها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، نزلت بعد المرسلات، وروي عن ابن عباس وقتادة: أنها مكية، إلا آية، وهي قوله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)} فمدنية، وهي أوّل المفصل على الصحيح، وقيل: أوّله من الحجرات، كما هي عند الشافعية.
وهي خمس وأربعون آيةً، وثلاث مئة وسبع وخمسون كلمةً، وألف وأربع مئة وأربعة وتسعون حرفًا، وسمّيت سورة ق؛ لبدايتها بحرف ق.
الناسخ والمنسوخ: قال محمد بن حزم: وجميعها محكم، إلا آيتين.
إحداهما: قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ
…
} (الآية 39)، نسخ الصبر بآية السيف.
الثانية: قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} (45 الآية)، نسخ بآية السيف.
مناسبتها لما قبلها (1): أنه أشار في آخر السورة السابقة إلى أنّ إيمان أولئك الأعراب لم يكن إيمانًا حقًّا، وذلك يقتضي إنكار النبوّة، وإنكار البعث، وافتتح هذه السورة بما يتعلّق بذلك، وعبارة أبي حيان (2): مناسبتها لآخر ما قبلها: أنه تعالى أخبر أنّ أولئك الذين قالوا: آمنا لم يكن إيمانهم حقًّا، وانتفاء إيمانهم دليل على إنكار نبوّة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال:{بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} . وعدم الإيمان أيضًا يدل على إنكار البعث؛ فلذلك أعقبه به.
(1) المراغي.
(2)
البحر المحيط.
فضلها: ومن فضائلها: ما أخرجه مسلم وغيره عن جابر بن سمرة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ سورة ق في الركعة الأولى من صلاة الفجر.
ومنها: ما أخرجه أحمد ومسلم، وأبو داود والنسائي عن أبي واقد الليثي: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بقاف واقتربت.
ومنها: ما أخرجه أبو داود، والبيهقي وابن ماجه عن أم هشام ابنة حارثة قالت: ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بها في كل جمعة على المنبر، إذا خطب الناس وكل ذلك دليل على أنه كان يقرأ بها في المجامع الكبيرة: كالعيدين والجمع؛ لاشتمالها على ابتداء الخلق، والبعث والنشور والمعاد والحساب والجنة والنار والثواب والعقاب والترغيب والترهيب، وروي (1) عنه صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "من قرأ سورة ق .. هوَّن الله عليه ثأرات الموت، وسكراته".
والله أعلم
* * *
(1) االبيضاوي.
بسم الله الرحمن الرحيم
المناسبة
قد قدّمنا آنفًا بيان مناسبة أوّل هذه السورة لآخر السابقة، وأما قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لما ذكر (1) أنهم استبعدوا البعث، فقالوا: رجع
(1) المراغي.
بعيد .. أردف ذلك بالدليل الذي يدحض كلامهم، فإنَّ من خلق السماء، وزينها بالكواكب، وبسط الأرض، وجعل فيها رواسي، وأنبت فيها صنوف النبات، وجعل ذلك تذكرةً وتبصرةً لأولي الألباب، ونزّل من السماء ماءً فأنبت به ناضر الجنان، والزرع المختلف الأصناف والألوان، والنخل الباسق ذا الطلع المتراكم بعضه فوق بعض رزقًا لعباده، وأحيا به الأرض الموات، أفلا يستطيع من هذا شأنه أن يخرج الناس من قبورهم بعد بلاهم، وبعد أن يصيروا عظامًا ورفاتًا، وينشئهم خلقًا آخر في حياة أخرى، وعالم غير هذا العالم؟
قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لمَّا ذكر تكذيب المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم .. أردف ذلك بذكر المكذبين للرسل من قبله، وبيان ما آل إليه أمرهم، تسليةً لرسوله صلى الله عليه وسلم، وعبرة لهم، وتنبيهًا إلى أنَّ حاله معهم كحال من تقدمه من الرسل، كُذبوا، فصبروا، فأهلك الله مكذبيهم، ونصرهم، وأعلى كلمتهم، كما قال:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} . وقال: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)} .
ثم ذكر الدليل على البعث الذي أنكرته الأمم التي كذّبت رسلها، بأنّ من خلق العالم بادىء ذي بدءٍ .. فهو على إعادته أقدر.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه لما استدلَّ على إمكان البعث بقوله: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} .. أردف ذلك دليلًا آخر على إمكانه، وهو علمه بما في صدورهم، وعدم خفاء شيء من أمرهم عليه، فإنَّ من كان كذلك لا يبعد أن يعيدهم كرةً أخرى.
ثم أخبر بانهم سيعلمون بعد الموت أنّ ما جاء به الدين حقّ لا شكّ فيه، وأنه يوم القيامة تأتي كل نفس ومعها ملكان:
أحدهما: سائق لها إلى المحشر.