الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} ، فكأنه قال: إنا قضينا لك قضاءً مبينًا؛ أي: ظاهرًا واضحًا مكشوفًا.
فإن قلت (1): على هذه الأقوال هذه البلاد مكة وغيرها، لم تكن قد فتحت بعد، فكيف قال تعالى:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} بلفظ الماضي؟
قلت: وعد الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم بالفتح، وجيء به بلفظ الماضي، جريًا على عادة الله تعالى في أخباره؛ لأنها في تحقّقها وتيقّنها بمنزلة الكائنة الموجودة، كأنه تعالى قال: إنا فتحنا لك في حكمنا وتقديرنا أزلًا، وما قدّره وحكم به فهو كائن لا محالة.
2
- {لِيَغْفِرَ لَكَ} ربّك {مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} ؛ أي: جميع ما فُرِّط منك من الهفوات، مما يصح أن يسمى ذنبًا بالنظر إلى مقامك الشريف، وإن كان لا يسمى بالنظر إلى سواك، ومن ثم قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
والمراد: غفران الذنوب التي قبل الرسالة والتي بعدها، قاله مجاهد، وسفيان الثوريّ، وابن جرير والواحدي، وغيرهم، أخرج البخاري ومسلم وغيرهما، عن المغيرة بن شعبة قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّي حتى ترم قدماه، فقيل له: أليس قد غفر الله ما تقدّم من ذبنك وما تأخّر؟ قال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا".
قال صاحب "الكشاف": فإن قلت (2): كيف جعل فتح مكة علّة للمغفرة؟
قلت: لم يجعله علّة للمغفرة، ولكنّه جعله علّة لاجتماع ما عدّد من الأمور الأربعة: وهي: المغفرة، وإتمام النعمة، وهداية الصراط المستقيم، والنصر العزيز، كأنه قيل: يسّرنا لك فتح مكة، ونصرناك على عدوّك؛ لنجمع لك بين عزّ الدارين، وأغراض الآجل والعاجل. اهـ.
(1) الخازن.
(2)
الكشاف.