الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو العبادة. اهـ. {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} ؛ يعني: وقت صلاة الفجر، {وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}؛ يعني: وقت صلاة العصر، وفضيلة هذين الوقتين مشهورة؛ لأنهما وقت تعاقب ملائكة الليل وملائكة النهار، والتسبيح فيهما بمكان، وقيل: المراد (1): صلاة الفجر، وصلاة العصر، وقيل: الصلوات الخمس، وقيل: صلّ ركعتين قبل طلوع الشمس، وركعتين قبل غروبها، والأول أولى.
فإن قلت: لم قال هنا: {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} وقال في طه: {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} بالضمير؟
قلت: لأنّه راعى هناك القياس؛ لأنّ الغروب للشمس كما أنَّ الطلوع لها، فأتى بالضمير لِسَبْقِ المرجع، وراعى هنا الفواصل، فهذا هو الفرق بين الموضعين، فتأمل.
40
- {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} ؛ أي: وسبحه سبحانه وتعالى بعض ساعات الليل، وقيل: هي صلاة الليل، وقيل: ركعتا الفجر، وقيل: صلاة العشاء، والأول أولى. فقوله (2):{وَمِنَ اللَّيْلِ} : مفعول لفعل مضمر معطوف على {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} يفسره {فَسَبِّحْهُ} و {مِنْ} للتبعيض، ويجوز أن يعمل فيه المذكور أيضًا، ولا تمنع الفاء من عمل ما بعدها فيما قبلها، كما سيجيء في سورة قريش.
{وَ} سبّحه {أَدْبَارَ السُّجُودِ} ؛ أي: أعقاب الصلوات وأواخرها، جمع دبر، من أدبر الشيء: إذا ولّى، وأدبرت الصلاة: إذا انقضت، والركوع والسجود يعبّر بهما عن الصلاة لأنهما أعظم أركانها، كما يعبّر بالوجه عن الذات؛ لأنّه أشرف أعضائها.
وقرأ الجمهور - أي: جمهور السبعة - والحسن والأعرج: {وَأَدْبَارَ} بفتح الهمزة، جمع دبر، كطنب وأطناب، وفرأ نافع وابن كثير وحمزة وابن عباس وأبو جعفر وشيبة وعيسى والأعمش وطلحة، وشبل: بكسرها على المصدر، وقال (3)
(1) الشوكاني.
(2)
روح البيان.
(3)
الشوكاني.
جماعة من الصحابة والتابعين: أدبار السجود: الركعتان بعد المغرب، وأدبار النجوم: الركعتان قبل الفجر، وقد اتفق القرّاء السبعة في إدبار النجوم، أنه بكسر الهمزة كما سيأتي، وفي "تفسير المناسبات" (1): وسبح متلبسًا بحمد ربك قبل طلوع الشمس بصلاة الصبح، وما يليق به من التسبيح وغيره، وقبل الغروب بصلاة العصر والظهر كذلك، فالعصر أصل في ذلك الوقت، والظهر تبع لها، ولما ذكر ما هو أدل على الحب في المعبود؛ لأنّه وقت الانتشار إلى الأمور الضرورية، التي بها القوام والرجوع لقصد الراحة الجسدية، بالأكل والشرب واللعب والاجتماع بعد الانتشار، والانضمام بعد الافتراق، مع ما في الوقتين من الدلالة الظاهرة على طيّ الخلق ونشرهم، أتبعه ما يكون وقت السكون المراد به الراحة بلذيذ الاضطجاع والمنام، فقال:{وَمِنَ اللَّيْلِ} ؛ أي: في بعض أوقاته، فسبحه بصلاتي المغرب والعشاء وقيام الليل؛ لأنَّ الليل وقت الخلوات وهي ألذّ المناجاة، ولما ذكر الفرائض التي لا مندوحة عنها على وجه يشمل النوافل من الصلاة وغيرها .. أتبعها النوافل المقيَّدة بها، فقال:{وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} ؛ أي: الذي هو الأكمل في بابه، وهو صلاة الفرض بما يصلي بعده من الرواتب، والتسبيح القول أيضًا.
والمعنى - والله أعلم -: أن الاشتغال استمطار من المحمود المسبح للنصر على المكذّبين، وأنَّ الصلاة أعظم ترياق للنصر وإزالة النصب، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر .. فزع إلى الصلاة. انتهى، يقال: حزبه الأمر: نابه واشتد عليه، أو ضغطه وفزع إليه: لجأ.
والخلاصة (2): أي ونزه ربك عن العجز عن كل ممكن كالبعث ونحوه، حامدًا له على أنعمه عليك وقت الفجر، ووقت العصر، وبعض الليل، وفي أعقاب الصلوات، وقال ابن عباس: الصلاة قبل طلوع الشمس صلاة الفجر، وقبل الغروب الظهر والعصر، ومن الليل العشاءان، وأدبار السجود النوافل بعد
(1) روح البيان.
(2)
المراغي.