الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القباب: الذين يتعلق بالذمة، والغصب يتعلق بعين الشيء المغصوب، ولا مزاحمة بينهما، ولذلك لم يقل أحد إن من عليه دين يبرأ بغصب الغاصب له، ولو صرح الغاصب بأن يقول: إنما غصبت ذلك الدين، بل ينصرف الغصب إلى عين ما غصب، ويبقى الدين في الذمة. انتهى.
وما قاله العقباني رحمه الله تعالى هو الذي يظهر من الفرق السابع والثمانين من قواعد شهاب الدين القرافي رحمه الله تعالى، ومثله في قواعد القاضي أبي عبد الله المقري رحمه الله تعالى، ولفظه: المعين لا يستقر في الذمة، وما تقرر في الذمة لا يكون معيناً.
قاعدة (92) الموجود حكماً هل هو كالموجود حقيقة أو لا
وعليه صرف ما في الذمة كما مرَّ.
قاعدة (93) البيع هل هو العقد فقط أم العقد والتقابض عن تعاوض
وعليه ضمان ما في المكيل بعد التقدير وقبل مُضي مقدار التمكين،
أهو من البائع أم من المشتري، وإذا هلك بعد العقد وقبل القبض، فعلى أن البيع التعاقد فالضمان من المبتاع، وعلى أنه التقابض عن تعاوض فالضمان من البائع.
وعليه ما إذا غصب شيئاً ثم باعه وقبض ثمنه، ثم افتقر وقد أجاز المستحق البيع، فعلى أن البيع التعاقد والتقابض معاً، لا يكون له على المبتاع ثمن، وعلى أن البيع التعاقد فقط، فقد أجاز البيع دون القبض، فله أن يأخذ من المبتاع الثمن ثانية.
تنبيه:
قال المازري رحمه الله تعالى: ويبعد أن يعتقد أحد من أهل المذهب أن حقيقة البيع هو التقابض عن تعاوض.
ابن عبد السلام: وهذا القول قد أنكر وجوده في المذهب بعضُ كبار الشيوخ وحفاظهم، وينبني على هذا الإنكار تخطئة لما يثبته الموثقون وغيرهم من الحكم على البائع بإنزال المشتري في الربع المبيع، وتطواف الشهود عليه، وقال: لو كان لازماً للبائع لكان ذلك حق توفية، فيكون ضمان الدار المبيعة من بائعها حتى يقبضها المشتري، وأثبت بعضهم هذا القول في المذهب، ورأى أن القول بإنزال المشتري مبني عليه، وبالجملة فهو قول مختلف في ثبوته بين الشيوخ، وأصول المذهب تأباه.
ابن رشد: في نوازل سحنون من كتاب جامع البيوع شراء الرجل من الرجل الدار والأرض لا يخلو من أربعة أوجه:
أحدها: أن يكون المبتاع مقراً للبائع باليد والملك.
والثاني: أن يُقر له بالملك ولا يقر له باليد.
والثالث: أن يقر له باليد ولا يقر له بالملك.
والرابع: أن لا يقر له بيد ولا ملك.
فأما إذا كان مقراً له باليد والملك، فلا يلزمه أن يُحوزه ما باع منه، ويسلمه إليه ويُنزله فيه، وإن دفعه دافع عن النزول ف يذلك أو استحقه منه مستحق بعد النزول فيه، فهي مصيبة نزلت به، في قول سحنون، والصواب أنه يلزمه أن يُنزله فيما باع منه ويسلمه إليه، بمنزلة ما إذا كان مقراً له بالملك غير مُقر له باليد، مخافة أن ينهض لينزل ما إذا كان مقراً له بالملك غير مُقر له باليد، مخافة أن ينهض لينزل فيه فيمنعه وكيله فيه، أو أمينه عليه من النزول فيه، ويقول له لا أدري صدق ما تدعيه من شرائه، فإن نزل فيه وصار بيده على الوجهين، فاستحقه من مستحق، كانت مصيبة نزلت به على قول سحنون، وعلى ما في سماع عيسى عن ابن القاسم من كتاب الاستحقاق خلاف قول أشهب في المجموعة، وقد قيل إنه خلاف ما يقوم من سماع عبد الملك في كتاب الكفالة والحوالة من قول ابن وهب وأشهب، وليس ذلك عندي بصحيح.
وأما إذا كان مقراً له باليد غير مقر له بالملك، فعلى مذهب سحنون لا يلزم البائع أن يحوزه ما باع منه، والصواب أن ذلك يلزمه على ما ذكرناه، للعلة التي وصفناها. فإن استُحق من يده شيء من ذلك وجب له هالرجوع بذلك على البائع.
وأما إذا كان غير مقر له باليد ولا بالملك، فلا اختلاف أنه يلزمه أن يحوزه ما باعه منه، وينزله فيه، مخافة أن ينهض لقبض ذلك والنزول فيه، فيمنعه منه مانع، فإن استُحق من يده شيء من ذلك وجب له به الرجوع على البائع أيضاً.
وضمان ما يطرأ على ذلك بعد العقد، وإن كان قبل القبض في الوجوه كلها، من غصب أو غرق أو هدم أو حرق، وما أشبه ذلك، فمن المبتاع، إلا على القول بأن السلعة المبيعة في ضمان البائع وإن كان قبض الثمن وطال الأمر ما لم يقبضها المبتاع، أو يدعوه البائع إلى قبضها فيأبى، وهو قول أشهب.