المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تتمة قطع النبات الرطب والحشيش من المقبرة دون اليابس] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٢

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ

- ‌بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَضَاء الْفَوَائِت]

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنِ الْإِقَامَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَصْر الصَّلَاة]

- ‌[بَابُ بَابُ الْجُمُعَةِ]

- ‌بَابُ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْكُسُوفِ

- ‌بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌[مطلب فِي دفن الْمَيِّت]

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْجَنَائِز]

- ‌[مطلب فِي الثَّوَاب عَلَى المصيبة]

- ‌[مطلب فِي زِيَارَة الْقُبُور]

- ‌[مطلب فِي وَضَعَ الجريد ونحو الآس عَلَى الْقُبُور]

- ‌[تَتِمَّةٌ قَطْعُ النَّبَاتِ الرَّطْبِ وَالْحَشِيشِ مِنْ الْمَقْبَرَةِ دُونَ الْيَابِسِ]

- ‌بَابُ الشَّهِيدِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ السَّائِمَةِ

- ‌ بَابٌ نِصَابُ الْإِبِلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْبَقَرِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ

- ‌[بَابُ الْعَاشِرِ فِي الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ زَكَاة الرِّكَازِ]

- ‌بَابُ الْعُشْرِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي زَكَاة الْعَشْر]

- ‌[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌[سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الصِّيَام]

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ الْمُبِيحَةِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ]

- ‌بَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌[سُنَنٌ وَآدَابٌ الْحَجِّ]

- ‌[مطلب فِي أَحْكَام الْعُمْرَة]

- ‌[مطلب فِي الْمَوَاقِيت]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِحْرَامِ وَصِفَةِ الْمُفْرِدِ

- ‌[مطلب فِي رَمْي جَمْرَة العقبة]

- ‌[مطلب فِي طَوَاف الزِّيَارَة]

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ]

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحَجُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَفْضِيلِ الْحَجِّ عَلَى الصَّدَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَضْلِ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَكْفِيرِ الْحَجِّ الْكَبَائِرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِعْمَالِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ جَنَى فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ الْتَجَأَ إلَيْهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ]

- ‌[حرم الْمَدِينَة وَمَكَّة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمُجَاوَرَةِ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ]

- ‌[خَاتِمَة فِي الْحَجّ]

الفصل: ‌[تتمة قطع النبات الرطب والحشيش من المقبرة دون اليابس]

يُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي طَرِيقٍ ظَنَّ أَنَّهُ مُحْدِثٌ حَتَّى إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى قَبْرِهِ إلَّا بِوَطْءِ قَبْرٍ تَرَكَهُ.

لَا يُكْرَهُ الدَّفْنُ لَيْلًا وَلَا إجْلَاسُ الْقَارِئِينَ عِنْدَ الْقَبْرِ

ــ

[رد المحتار]

(قَوْلُهُ يُكْرَهُ الْمَشْيُ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ عَلَى الْقَبْرِ، وَوَطْؤُهُ، وَحِينَئِذٍ فَمَا يَصْنَعُهُ مَنْ دُفِنَتْ حَوْلَ أَقَارِبِهِ خَلْقٌ مِنْ وَطْءِ تِلْكَ الْقُبُورِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى قَبْرِ قَرِيبِهِ مَكْرُوهٌ. وَيُكْرَهُ النَّوْمُ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ بَلْ أَوْلَى، وَكُلُّ مَا لَمْ يُعْهَدْ مِنْ السُّنَّةِ، وَالْمَعْهُودُ مِنْهَا لَيْسَ إلَّا زِيَارَتُهَا وَالدُّعَاءُ عِنْدَهَا قَائِمًا اهـ.

قُلْت: وَفِي الْأَحْكَامِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا: لَوْ وَجَدَ طَرِيقًا إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ مُحْدِثٌ لَا يَمْشِي عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَفِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يُوطَأُ الْقَبْرُ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَيُزَارُ مِنْ بَعِيدٍ وَلَا يَقْعُدُ، وَإِنْ فَعَلَ يُكْرَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَطَأَ الْقُبُورَ وَهُوَ يَقْرَأُ أَوْ يُسَبِّحُ أَوْ يَدْعُو لَهُمْ. اهـ. وَقَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ الْإِمَامِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ حَمَلَ مَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ عَلَى الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْجُلُوسُ لِغَيْرِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْآثَارِ، وَأَنَّهُ قَالَ إنَّ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، ثُمَّ نَازَعَهُ بِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ وَالتُّحْفَةِ وَالْبَدَائِعِ وَالْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، مِنْ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَرِهَ وَطْءَ الْقَبْرِ وَالْقُعُودَ أَوْ النَّوْمَ أَوْ قَضَاءَ الْحَاجَةِ عَلَيْهِ، وَبِأَنَّهُ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ وَطْئِهِ وَالْمَشْيِ عَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِيهَا. وَقَيَّدَ فِي نُورِ الْإِيضَاحِ كَرَاهَةَ الْقُعُودِ عَلَى الْقَبْرِ بِمَا إذَا كَانَ لِغَيْرِ قِرَاءَةٍ.

قُلْت: وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا بَلِيَ الْمَيِّتُ، وَصَارَ تُرَابًا يَجُوزُ زَرْعُهُ، وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ، وَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ الْمَشْيِ فَوْقَهُ. ثُمَّ رَأَيْت الْعَيْنِيَّ فِي شَرْحِهِ عَلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ذَكَرَ كَلَامَ الطَّحَاوِيِّ الْمَارَّ، ثُمَّ قَالَ: فَعَلَى هَذَا مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِهِمْ مِنْ أَنَّ وَطْءَ الْقُبُورِ حَرَامٌ وَكَذَا النَّوْمُ عَلَيْهَا لَيْسَ كَمَا يَنْبَغِي، فَإِنَّ الطَّحَاوِيَّ هُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ وَلَا سِيَّمَا بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ انْتَهَى.

قُلْت: لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِهِمْ التَّعْبِيرُ بِالْكَرَاهَةِ لَا بِلَفْظِ الْحُرْمَةِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُوَفَّقُ بِأَنَّ مَا عَزَاهُ الْإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ إلَى أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ مِنْ حَمْلِ النَّهْيِ عَلَى الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ يُرَادُ بِهِ نَهْيُ التَّحْرِيمِ، وَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْ كَرَاهَةِ الْوَطْءِ وَالْقُعُودِ إلَخْ يُرَادُ بِهِ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ فِي غَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ. وَغَايَةُ مَا فِيهِ إطْلَاقُ الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمَعْنَيَيْنِ، وَهَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ مَكْرُوهَاتُ الصَّلَاةِ، وَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا إذَا كَانَ الْجُلُوسُ لِلْقِرَاءَةِ كَمَا يَأْتِي، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مطلب فِي وَضَعَ الجريد ونحو الآس عَلَى الْقُبُور]

[تَتِمَّةٌ قَطْعُ النَّبَاتِ الرَّطْبِ وَالْحَشِيشِ مِنْ الْمَقْبَرَةِ دُونَ الْيَابِسِ]

1

مَطْلَبٌ فِي وَضْعِ الْجَرِيدِ وَنَحْوِ الْآسِ عَلَى الْقُبُورِ

[تَتِمَّةٌ] يُكْرَهُ أَيْضًا قَطْعُ النَّبَاتِ الرَّطْبِ وَالْحَشِيشِ مِنْ الْمَقْبَرَةِ دُونَ الْيَابِسِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالدُّرَرِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ وَعَلَّلَهُ فِي الْإِمْدَادِ بِأَنَّهُ مَا دَامَ رَطْبًا يُسَبِّحُ اللَّهَ - تَعَالَى - فَيُؤْنِسُ الْمَيِّتَ وَتَنْزِلُ بِذِكْرِهِ الرَّحْمَةُ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْخَانِيَّةِ.

أَقُولُ: وَدَلِيلُهُ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «مِنْ وَضْعِهِ عليه الصلاة والسلام الْجَرِيدَةَ الْخَضْرَاءَ بَعْدَ شَقِّهَا نِصْفَيْنِ عَلَى الْقَبْرَيْنِ اللَّذَيْنِ يُعَذَّبَانِ» . وَتَعْلِيلُهُ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا: أَيْ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا بِبَرَكَةِ تَسْبِيحِهِمَا؛ إذْ هُوَ أَكْمَلُ مِنْ تَسْبِيحِ الْيَابِسِ لِمَا فِي الْأَخْضَرِ مِنْ نَوْعِ حَيَاةٍ؛ وَعَلَيْهِ فَكَرَاهَةُ قَطْعِ ذَلِكَ، وَإِنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَمْلِكْ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ حَقِّ الْمَيِّتِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ الْحَدِيثِ نَدْبُ وَضْعِ ذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا اُعْتِيدَ فِي زَمَانِنَا مِنْ وَضْعِ أَغْصَانِ الْآسِ وَنَحْوِهِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ مِنْ أَنَّ التَّخْفِيفَ عَنْ الْقَبْرَيْنِ إنَّمَا حَصَلَ بِبَرَكَةِ يَدِهِ الشَّرِيفَةِ صلى الله عليه وسلم أَوْ دُعَائِهِ لَهُمَا فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ رضي الله عنه أَوْصَى بِأَنْ يُجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَتَانِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ الدَّفْنُ لَيْلًا) وَالْمُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ نَهَارًا شَرْحُ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا إجْلَاسُ الْقَارِئِينَ عِنْدَ الْقَبْرِ) عِبَارَةُ نُورِ الْإِيضَاحِ وَشَرْحِهِ

ص: 245

وَهُوَ الْمُخْتَارُ. عَظْمُ الذِّمِّيِّ مُحْتَرَمٌ.

إنَّمَا يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ.

كُتِبَ عَلَى جَبْهَةِ الْمَيِّتِ أَوْ عِمَامَتِهِ أَوْ كَفَنِهِ عَهْدُ نَامَهْ يُرْجَى أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِلْمَيِّتِ. أَوْصَى بَعْضُهُمْ أَنْ يُكْتَبَ فِي جَبْهَتِهِ وَصَدْرِهِ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم - فَفُعِلَ ثُمَّ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ فَسُئِلَ فَقَالَ: لَمَّا وُضِعْت فِي الْقَبْرِ جَاءَتْنِي مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَلَمَّا رَأَوْا مَكْتُوبًا عَلَى جَبْهَتِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالُوا: أَمِنْت مِنْ عَذَابِ اللَّهِ.

ــ

[رد المحتار]

وَلَا يُكْرَهُ الْجُلُوسُ لِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ فِي الْمُخْتَارِ لِتَأْدِيَةِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ بِالسَّكِينَةِ وَالتَّدَبُّرِ وَالِاتِّعَاظِ. اهـ. (قَوْلُهُ: عَظْمُ الذِّمِّيِّ مُحْتَرَمٌ) فَلَا يُكْسَرُ إذَا وُجِدَ فِي قَبْرِهِ لِأَنَّهُ كَمَا حُرِّمَ إيذَاؤُهُ فِي حَيَاتِهِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ وَجَبَتْ صِيَانَةُ نَفْسِهِ عَنْ الْكَسْرِ بَعْدَ مَوْتِهِ خَانِيَّةٌ. وَأَمَّا أَهْلُ الْحَرْبِ، فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى نَبْشِهِمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ عَنْ الْحُجَّةِ، فَتُنْبَشُ وَتُرْفَعُ الْعِظَامُ وَالْآثَارُ، وَتُتَّخَذُ مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ مَسْجِدًا كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ إسْمَاعِيلُ

(قَوْلُهُ إنَّمَا يُعَذَّبُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: يُعَذَّبُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ «إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» وَقَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: لَا {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانُوا يُوصُونَ بِالنُّوحِ، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام ذَلِكَ بَحْرٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي شَرْحِ التَّكْمِلَةِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْحَدِيثِ النَّدْبُ وَالنِّيَاحَةُ. وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ لَمَّا مَرَّ عَلَى قَوْمٍ يَبْكُونَ عَلَى يَهُودِيٍّ فَقَالَ: إنَّهُ لَيُعَذَّبُ وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ» . اهـ. إسْمَاعِيلُ

(قَوْلُهُ عَهْدَ نَامَهْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ، وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ الرِّسَالَةُ، وَالْمَعْنَى رِسَالَةُ الْعَهْدِ. وَالْمَعْنَى أَنْ يُكْتَبَ شَيْءٌ مِمَّا يَدُلُّ أَنَّهُ عَلَى الْعَهْدِ الْأَزَلِيِّ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ يَوْمَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ وَالتَّبَرُّكِ بِأَسْمَائِهِ - تَعَالَى، وَنَحْوِ ذَلِكَ ح (قَوْلُهُ: يُرْجَى إلَخْ) مُفَادُهُ الْإِبَاحَةُ أَوْ النَّدْبُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ: وَذَكَرَ الْإِمَامُ الصَّفَّارُ لَوْ كُتِبَ عَلَى جَبْهَةِ الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى عِمَامَتِهِ أَوْ كَفَنِهِ عَهْدُ نَامَهْ يُرْجَى أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ - تَعَالَى - لِلْمَيِّتِ وَيَجْعَلَهُ آمِنًا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. قَالَ نُصَيْرٌ: هَذِهِ رِوَايَةٌ فِي تَجْوِيزِ ذَلِكَ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى أَفْخَاذِ أَفْرَاسٍ فِي إصْطَبْلِ الْفَارُوقِ: حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - تَعَالَى اهـ. مَطْلَبٌ فِيمَا يُكْتَبُ عَلَى كَفَنِ الْمَيِّتِ

وَفِي فَتَاوَى الْمُحَقِّقِ ابْنِ حَجَرٍ الْمَكِّيِّ الشَّافِعِيِّ: سُئِلَ عَنْ كِتَابَةِ الْعَهْدِ عَلَى الْكَفَنِ وَهُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ " وَقِيلَ: إنَّهُ " اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إنِّي أَعْهَدُ إلَيْك فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّك أَنْتَ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَحْدَك لَا شَرِيكَ لَك وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك صلى الله عليه وسلم فَلَا تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي، تُقَرِّبُنِي مِنْ الشَّرِّ وَتُبْعِدُنِي مِنْ الْخَيْرِ، وَأَنَا لَا أَثِقُ إلَّا بِرَحْمَتِك، فَاجْعَلْ لِي عَهْدًا عِنْدَك تُوفِينِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ " هَلْ يَجُوزُ؟ وَلِذَلِكَ أَصْلٌ؟ . فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ نَوَادِرِ الْأُصُولِ لِلتِّرْمِذِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ لَهُ أَصْلٌ، وَأَنَّ الْفَقِيهَ ابْنَ عُجَيْلٍ كَانَ يَأْمُرُ بِهِ ثُمَّ أَفْتَى بِجَوَازِ كِتَابَتِهِ قِيَاسًا عَلَى كِتَابَةِ لِلَّهِ فِي إبِلِ الزَّكَاةِ، وَأَقَرَّهُ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى الْكَفَنِ يس وَالْكَهْفُ وَنَحْوُهُمَا خَوْفًا مِنْ صَدِيدِ الْمَيِّتِ وَالْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ التَّمْيِيزُ وَهُنَا التَّبَرُّكُ، فَالْأَسْمَاءُ الْمُعَظَّمَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا فَلَا يَجُوزُ تَعْرِيضُهَا لِلنَّجَاسَةِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُطْلَبُ فِعْلُهُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ إلَّا إذَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَلَبُ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ وَقَدَّمْنَا قُبَيْلَ بَابِ الْمِيَاهِ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّهُ تُكْرَهُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ وَأَسْمَاءِ

ص: 246