الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَا الصَّوْمُ لَوْ مِنْ رَمَضَانَيْنِ هُوَ الْأَصَحُّ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُطْلِعَ غَيْرَهُ عَلَى قَضَائِهِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ مَعْصِيَةٌ فَلَا يُظْهِرُهَا.
بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ
مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ وَأَوْلَاهُ بِالْفَوَائِتِ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِ مَا فَاتَ، وَهُوَ وَالنِّسْيَانُ وَالشَّكُّ وَاحِدٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالظَّنُّ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ وَالْوَهْمُ الطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ (يَجِبُ
ــ
[رد المحتار]
أَيْضًا كَمَا فِي صَوْمِ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَصَحَّحَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْمُنْيَةِ، لَكِنْ اسْتَشْكَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَقَالَ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا كَقَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ وَالْأَصَحُّ الِاشْتِرَاطُ. اهـ.
قُلْت: وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الْمُلْتَقَى هُنَاكَ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْفَتْحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَحْثِ النِّيَّةِ وَجَزَمَ بِهِ هُنَا صَاحِبُ الدُّرَرِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ لَوْ مِنْ رَمَضَانَيْنِ) لِأَنَّ كُلَّ رَمَضَانَ سَبَبٌ لِصَوْمِهِ فَصَارَا كَظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ فَيَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْقَضَاءَ عَنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَذَانِ أَنَّهُ يُكْرَهُ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَعَلَّلَهُ الشَّارِحُ بِمَا هُنَا مِنْ أَنَّ التَّأْخِيرَ مَعْصِيَةٌ فَلَا يُظْهِرُهَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَمْنُوعَ هُوَ الْقَضَاءُ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمِنَحِ.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنْ يَنْبَغِيَ هُنَا لِلْوُجُوبِ وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ لِأَنَّ إظْهَارَ الْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْجِهَارِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحُ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَيَقُولُ عَمِلْت الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ» وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]
ِ (قَوْلُهُ مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَهِيَ الْأَصْلُ فِي الْإِضَافَاتِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلِاخْتِصَاصِ، وَأَقْوَاهُ اخْتِصَاصُ الْمُسَبَّبِ بِالسَّبَبِ اهـ لَكِنَّ فِيهِ أَنَّ السُّجُودَ لَيْسَ حُكْمًا بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقُهُ وَالْحُكْمُ هُنَا الْوُجُوبُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ وُجُوبُ سُجُودِ السَّهْوِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَأَوْلَاهُ بِالْفَوَائِتِ) أَيْ قَرَنَهُ بِهَا عَلَى طَرِيقِ التَّضْمِينِ وَلِذَا عَدَّاهُ بِالْبَاءِ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْوَلِيِّ بِمَعْنَى الْقُرْبِ وَالدُّنُوِّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، فَيُعَدَّى إلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِمِنْ لَا بِالْبَاءِ. يُقَالُ: أَوْلَيْتُ زَيْدًا مِنْ عَمْرٍو: أَيْ قَرَّبْتُهُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِ مَا فَاتَ) أَيْ مَا تُرِكَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فِي مَحَلِّهِ، كَمَا أَنَّ قَضَاءَ الْفَوَائِتِ لِإِصْلَاحِ مَا فَاتَ وَقْتُهُ بِفِعْلِهِ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ السَّهْوُ.
(قَوْلُهُ وَاحِدٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ) خَبَرٌ عَنْ هُوَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ: أَيْ مَعْنَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. وَفِي ذِكْرِ الشَّكِّ نَظَرٌ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ التَّحْرِيرِ لَا فَرْقَ فِي اللُّغَةِ بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالسَّهْوِ، وَهُوَ عَدَمُ اسْتِحْضَارِ الشَّيْءِ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَفِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: السَّهْوُ الْغَفْلَةُ عَنْ الْمَعْلُومِ، فَيَتَنَبَّهُ لَهُ بِأَدْنَى تَنَبُّهٍ. وَالنِّسْيَانُ زَوَالُ الْمَعْلُومِ. وَقَالَ الْحُكَمَاءُ: السَّهْوُ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ. وَالنِّسْيَانُ: زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا فَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ فِي تَحْصِيلِهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ.
(قَوْلُهُ وَالظَّنُّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَخْطِرُ بِالْبَالِ وَلَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الْيَقِينِ حَتَّى يُسَمَّى عِلْمًا، وَلَا تَسَاوَتْ جِهَتَاهُ حَتَّى يُسَمَّى شَكًّا، بَلْ تَرَجَّحَتْ فِيهِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَالْمَرْجُوحَةُ وَهْمٌ وَالرَّاجِحَةُ ظَنٌّ، فَإِنْ زَادَ الرُّجْحَانُ بِلَا جَزْمٍ فَهُوَ غَلَبَةُ الظَّنِّ.
(قَوْلُهُ يَجِبُ لَهُ) أَيْ لِلسَّهْوِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي قَوْلِهِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ سَهْوًا ح. وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ عَنْ الْقُدُورِيِّ
بَعْدِ سَلَامٍ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهِ فَقَطْ) لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ وَهُوَ الْأَصَحُّ بَحْرٌ عَنْ الْمُجْتَبَى. وَعَلَيْهِ لَوْ أَتَى بِتَسْلِيمَتَيْنِ سَقَطَ عَنْهُ السُّجُودُ؛ وَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ جَازَ وَكُرِهَ تَنْزِيهًا. وَعِنْدَ مَالِكٍ قَبْلَهُ فِي النُّقْصَانِ وَبَعْدَهُ فِي الزِّيَادَةِ، فَيُعْتَبَرُ الْقَافُ بِالْقَافِ وَالدَّالُ بِالدَّالِ (سَجْدَتَانِ. و) يَجِبُ أَيْضًا (تَشَهُّدٌ وَسَلَامٌ) لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ
ــ
[رد المحتار]
أَنَّهُ سُنَّةٌ. وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْوُجُوبُ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ تَمَكَّنَ فِي الصَّلَاةِ فَيَجِبُ كَالدِّمَاءِ فِي الْحَجِّ، وَيَشْهَدُ لَهُ الْأَمْرُ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْجُدْ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ، وَلِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ بَحْرٌ. وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَأْثَمُ لِتَرْكِ الْجَابِرِ فَقَطْ إذْ لَا إثْمَ عَلَى السَّاهِي، نَعَمْ هُوَ فِي صُورَةِ الْعَمْدِ ظَاهِرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْتَفِعَ هَذَا الْإِثْمُ بِإِعَادَتِهَا نَهْرٌ (قَوْلُهُ بَعْدَ سَلَامٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَجِبُ لَا بِيَجِبُ، لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ كُرِهَ تَنْزِيهًا، نَعَمْ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِيَجِبُ بِالنَّظَرِ إلَى تَقْيِيدِ السَّلَامِ بِالْوَاحِدِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ بَعْدَ التَّسْلِيمَتَيْنِ يَسْقُطُ السُّجُودُ.
(قَوْلُهُ وَاحِدٍ) هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْأَصْلِ اهـ إلَّا أَنَّ مُخْتَارَ فَخْرِ الْإِسْلَامِ كَوْنُهُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ انْحِرَافٍ، وَقِيلَ يَأْتِي بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَصَدْرِ الْإِسْلَامِ أَخِي فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَالْمُفِيدِ وَالْيَنَابِيعِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَعَزَاهُ أَيْ الثَّانِي فِي الْبَدَائِعِ إلَى عَامَّتِهِمْ، فَقَدْ تَعَارَضَ النَّقْلُ عَنْ الْجُمْهُورِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَنْ يَمِينِهِ) احْتِرَازٌ عَمَّا اخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ مِنْ أَصْحَابِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ كَمَا عَلِمْته. وَفِي الْحِلْيَةِ: اخْتَارَ الْكَرْخِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبُ الْإِيضَاحِ أَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً. وَنَصَّ فِي الْمُحِيطِ عَلَى أَنَّهُ الْأَصْوَبُ. وَفِي الْكَافِي عَلَى أَنَّهُ الصَّوَابُ. قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَنْحَرِفَ فِي هَذَا السَّلَامِ، يَعْنِي فَيَكُونُ سَلَامُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ. وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى أَنَّهُ يُسَلِّمُ مَرَّةً وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ خَاصَّةً. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالتَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ قَائِلُونَ بِأَنَّهَا عَنْ الْيَمِينِ إلَّا فَخْرَ الْإِسْلَامِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَقُولُ إنَّهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَهُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ أَيْضًا كَالْمِعْرَاجِ وَالْعِنَايَةِ وَالْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِ عَنْ يَمِينِهِ، وَقَوْلُهُ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِ وَاحِدًا، وَيَأْتِي وَجْهُهُ قَرِيبًا.
(قَوْلُهُ بَحْرٌ عَنْ الْمُجْتَبَى) عِبَارَةُ الْبَحْرِ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ تَصْحِيحُ الْمُجْتَبَى أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ فَقَطْ. وَقَدْ ظَنَّ فِي الْبَحْرِ وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ جَمِيعَ أَصْحَابِ الْقَوْلِ الثَّانِي قَائِلُونَ بِأَنَّهُ يُسَلِّمُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ مَعَ أَنَّ الْقَائِلَ مِنْهُمْ بِذَلِكَ هُوَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فَقَطْ كَمَا عَلِمْته، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى عَزْوِ هَذَا الْقَوْلِ إلَى الْمُجْتَبَى حَتَّى يَرِدَ مَا قِيلَ إنَّ تَصْحِيحَ الْمُجْتَبَى لَا يُوَازِي مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ الَّذِي هُوَ الْأَكْثَرُ تَصْحِيحًا وَالْأَصْوَبُ وَالصَّوَابُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ لَوْ أَتَى إلَخْ) هَذَا جَعَلَهُ فِي الْبَحْرِ قَوْلًا رَابِعًا. وَاسْتَظْهَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوَاحِدَةِ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَجَّهُوا بِهِ الْقَوْلَ بِالْوَاحِدَةِ مِنْ أَنَّ السَّلَامَ الْأَوَّلَ لِشَيْئَيْنِ: لِلتَّحْلِيلِ وَلِلتَّحِيَّةِ؛ وَالسَّلَامُ الثَّانِي لِلتَّحِيَّةِ فَقَطْ أَيْ تَحِيَّةِ بَقِيَّةِ الْقَوْمِ لِأَنَّ التَّحْلِيلَ لَا يَتَكَرَّرُ؛ وَهُنَا سَقَطَ مَعْنَى التَّحِيَّةِ عَنْ السَّلَامِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْإِحْرَامَ فَكَانَ ضَمُّ الثَّانِي إلَيْهِ عَبَثًا، وَلَوْ فَعَلَهُ فَاعِلٌ لَقَطَعَ الْإِحْرَامَ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ بَعْدَ عَزْوِهِ ذَلِكَ إلَى فَخْرِ الْإِسْلَامِ حَتَّى إنَّهُ لَا يَأْتِي بَعْدَهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ. اهـ. وَفِي الْمِعْرَاجِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: لَوْ سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَأْتِي بِسُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْكَلَامِ. اهـ. قُلْت: وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ تَرْكُ التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ جَازَ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَفِي الْمُحِيطِ: وَرُوِيَ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُجْزِيه وَيُعِيدُهُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ فَيَعْتَبِرُ إلَخْ) أَيْ قَافٌ قَبْلُ لِقَافِ النُّقْصَانِ وَدَالٌ بَعْدُ لِدَالِ الزِّيَادَةِ.
(قَوْلُهُ يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ) أَيْ قِرَاءَتَهُ. حَتَّى لَوْ سَلَّمَ بِمُجَرَّدِ رَفْعِهِ مِنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ
دُونَ الْقَعْدَةِ لِقُوَّتِهَا، بِخِلَافِ الصُّلْبِيَّةِ فَإِنَّهَا تَرْفَعُهُمَا وَكَذَا التِّلَاوِيَّةُ عَلَى الْمُخْتَارِ؛ وَيَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءِ فِي الْقُعُودِ الْأَخِيرِ فِي الْمُخْتَارِ، وَقِيلَ فِيهِمَا احْتِيَاطًا (إذَا كَانَ الْوَقْتُ صَالِحًا) فَلَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي الْفَجْرِ، أَوْ احْمَرَّتْ فِي الْقَضَاءِ، أَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يَقْطَعُ الْبِنَاءَ بَعْدَ السَّلَامِ سَقَطَ عَنْهُ فَتْحٌ. وَفِي الْقُنْيَةِ
ــ
[رد المحتار]
وَيَكُونُ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ، وَكَذَا يَرْفَعُ السَّلَامَ إمْدَادٌ.
(قَوْلُهُ لِقُوَّتِهَا) أَيْ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهُ لِكَوْنِهَا فَرْضًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَرْفَعُهُمَا) أَيْ الْقَعْدَةَ وَالتَّشَهُّدَ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهُمَا لِكَوْنِهَا رُكْنًا، وَالْقَعْدَةُ لِخَتْمِ الْأَرْكَانِ إمْدَادٌ، أَوْ لِأَنَّ الصُّلْبِيَّةَ رُكْنٌ أَصْلِيٌّ وَالْقَعْدَةُ رُكْنٌ زَائِدٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَوْ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ لَا تَكُونُ إلَّا آخِرَ الْأَرْكَانِ، وَبِسُجُودِ الصُّلْبِيَّةِ بَعْدَهَا خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا آخِرًا.
(قَوْلُهُ وَكَذَا التِّلَاوِيَّةُ) لِأَنَّهَا أَثَرُ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ رُكْنٌ فَأَخَذَتْ حُكْمَهَا بَحْرٌ أَيْ تَأْخُذُ حُكْمَهَا بَعْدَ سُجُودِهَا أَمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ؛ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ وَلَمْ يَسْجُدْهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، بِخِلَافِ الصُّلْبِيَّةِ فَإِنَّهَا رُكْنٌ أَصْلِيٌّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَنَظِيرُهَا فِيمَا ذَكَرْنَا مَا لَوْ نَسِيَ السُّورَةَ فَتَذَكَّرَهَا فِي الرُّكُوعِ فَعَادَ وَقَرَأَهَا أَخَذَتْ حُكْمَ الْفَرْضِ وَارْتَفَضَ الرُّكُوعُ فَيَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ.
[تَنْبِيهٌ] ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ الْعَوْدَ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ إذَا نَسِيَهُ يَرْفَعُ الْقَعْدَةَ كَالْعَوْدِ إلَى التِّلَاوِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ. وَذَكَرَ ابْنُ الْفَضْلِ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُهَا. وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْوَقْتُ صَالِحًا) أَيْ لِأَدَاءِ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ احْمَرَّتْ فِي الْقَضَاءِ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُؤَدِّي الْعَصْرَ فَاحْمَرَّتْ الشَّمْسُ لَا يَسْقُطُ سُجُودُ السَّهْوِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ صَالِحٌ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ نَفْسِهَا فَكَذَا لِسُجُودِ سَهْوِهَا، بِخِلَافِ الْفَائِتَةِ الْوَاجِبَةِ فِي كَامِلٍ، لَكِنْ فِي الْإِمْدَادِ عَنْ الدِّرَايَةِ التَّصْرِيحُ بِسُقُوطِهِ إذَا احْمَرَّتْ عَقِبَ السَّلَامِ مِنْ فَائِتَةٍ أَوْ حَاضِرَةٍ تَحَرُّزًا عَنْ الْكَرَاهَةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَضَاءَ: هُنَا غَيْرُ قَيْدٍ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ صَلَّى الْعَصْرَ وَعَلَيْهِ سَهْوٌ فَاصْفَرَّتْ الشَّمْسُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْبَدَائِعِ عَلَّلَ هَذَا بِأَنَّ السَّجْدَةَ تَجْبُرُ النُّقْصَانَ الْمُتَمَكِّنَ فَجَرَى مَجْرَى الْقَضَاءِ وَقَدْ وَجَبَتْ كَامِلَةً فَلَا تُقْضَى بِالنَّاقِصِ اهـ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ مَا يَقْطَعُ الْبِنَاءَ) كَحَدَثِ عَمْدٍ وَعَمَلٍ مُنَافٍ إمْدَادٌ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ السَّلَامِ) تَنَازَعَ فِيهِ كُلٌّ مِنْ طَلَعَتْ وَاحْمَرَّتْ وَوُجِدَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْإِمْدَادِ.
(قَوْلُهُ سَقَطَ عَنْهُ) لِأَنَّهُ بِالْعَوْدِ إلَى السُّجُودِ يَعُودُ إلَى حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَقَدْ فَاتَ شَرْطُ صِحَّتِهَا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْفَجْرِ، وَمِثْلُهُ خُرُوجُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، وَكَذَا إذَا وَجَدَ مَا يَقْطَعُ الْبِنَاءَ. وَأَمَّا فِي احْمِرَارِ الشَّمْسِ فِي الْقَضَاءِ فَكَذَلِكَ. وَأَمَّا فِي الْأَدَاءِ فَلِئَلَّا يَعُودَ إلَى الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ بَعْدَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِلَا كَرَاهَةٍ تَأَمَّلْ. بَقِيَ إذَا سَقَطَ السُّجُودُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِكَوْنِ مَا أَدَّاهُ أَوَّلًا وَقَعَ نَاقِصًا بِلَا جَابِرٍ. وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ سَقَطَ بِصُنْعِهِ كَحَدَثِ عَمْدٍ مَثَلًا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا فَلَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) أَقُولُ: عِبَارَةُ الْقُنْيَةِ بِرَمْزِ نَجْمِ الْأَئِمَّةِ تَطَوَّعَ رَكْعَتَيْنِ وَسَهَا ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ بَنَى عَلَى الْفَرْضِ تَطَوُّعًا وَقَدْ سَهَا فِي الْفَرْضِ لَا يَسْجُدُ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَرْقَ هُوَ أَنَّ بِنَاءَ النَّفْلِ عَلَى النَّفْلِ يُصَيِّرُهُ صَلَاةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ بِنَاءِ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ، وَلِذَا كَانَ الْبِنَاءُ فِيهِ مَكْرُوهًا لِأَنَّ النَّفَلَ صَلَاةٌ أُخْرَى غَيْرُ الْفَرْضِ؛ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سُجُودُ السَّهْوِ لِصَلَاةٍ وَاقِعًا فِي صَلَاةٍ أُخْرَى مَقْصُودَةٍ وَإِنْ كَانَتْ تَحْرِيمَةُ الْفَرْضِ بَاقِيَةً فَلِذَا لَا يَسْجُدُ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا بَنَى النَّفَلَ عَمْدًا صَارَ مُؤَخِّرًا لِلسَّلَامِ عَنْ مَحَلِّهِ عَمْدًا، وَالْعَمْدُ لَا يَجْبُرُهُ سُجُودُ السَّهْوِ بَلْ تَلْزَمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ؛ وَحَيْثُ كَانَتْ الْإِعَادَةُ وَاجِبَةً لَمْ يَبْقَ السُّجُودُ وَاجِبًا عَنْ سَهْوِهِ فِي الْفَرْضِ لِأَنَّهُ بِالْإِعَادَةِ يَأْتِي بِمَا سَهَا فِيهِ، وَالسُّجُودُ جَابِرٌ عَمَّا فَاتَ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِعَادَةِ، فَإِذَا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ سَقَطَ السُّجُودُ، فَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ قَامَ وَسَجَدَ لِلْخَامِسَةِ ضَمَّ إلَيْهَا سَادِسَةً لِتَصِيرَ لَهُ الرَّكْعَتَانِ نَفْلًا لِأَنَّ هَذَا النَّفَلَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ صَلَاةً أُخْرَى وَلِأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْ سَلَامَ الْفَرْضِ عَنْ مَحَلِّهِ عَمْدًا فَلَمْ تَكُنْ الْإِعَادَة عَلَيْهِ وَاجِبَةً
لَوْ بَنَى النَّفَلَ عَلَى فَرْضٍ سَهَا فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ:
(بِتَرْكِ) مُتَعَلِّقٍ بِيَجِبُ (وَاجِبٍ) مِمَّا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (سَهْوًا) فَلَا سُجُودَ فِي الْعَمْدِ، قِيلَ إلَّا فِي أَرْبَعٍ: تَرْكِ الْقَعْدَةِ الْأُولَى، وَصَلَاتُهُ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَتَفَكُّرُهُ عَمْدًا حَتَّى شَغَلَهُ عَنْ رُكْنٍ، وَتَأْخِيرُ سَجْدَةِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ نَهْرٌ (وَإِنْ تَكَرَّرَ) لِأَنَّ تَكْرَارَهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ (كَرُكُوعٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَرْكِ وَاجِبٍ (قَبْلَ قِرَاءَةٍ) الْوَاجِبِ لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهَا، ثُمَّ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ التَّرْكُ بِالسُّجُودِ؛ فَلَوْ تَذَكَّرَ وَلَوْ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ عَادَ ثُمَّ أَعَادَ الرُّكُوعَ، إلَّا أَنَّهُ فِي تَذَكُّرِ الْفَاتِحَةِ
ــ
[رد المحتار]
فَلَزِمَهُ سُجُودُ السَّهْوِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ بِتَرْكِ وَاجِبٍ) أَيْ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ الْأَصْلِيَّةِ لَا كُلِّ وَاجِبٍ إذْ لَوْ تَرَكَ تَرْتِيبَ السُّوَرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مَعَ كَوْنِهِ وَاجِبًا بَحْرٌ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَخَّرَ التِّلَاوِيَّةَ عَنْ مَوْضِعِهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ جَازِمًا بِأَنَّهُ لَا اعْتِمَادَ عَلَى مَا يُخَالِفُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَيْضًا. وَقَدْ يُجَابُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَثَرَ الْقِرَاءَةِ أَخَذَتْ حُكْمَهَا تَأَمَّلْ. وَاحْتُرِزَ بِالْوَاجِبِ عَنْ السُّنَّةِ كَالثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ وَنَحْوِهِمَا وَعَنْ الْفَرْضِ.
(قَوْلُهُ قِيلَ إلَّا فِي أَرْبَعٍ) أَشَارَ إلَى ضَعْفِهِ تَبَعًا لِنُورِ الْإِيضَاحِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْمَشْهُورِ فِي تَسْمِيَتِهِ سُجُودَ سَهْوٍ وَإِنْ سَمَّاهُ الْقَائِلُ بِهِ سُجُودَ عُذْرٍ. وَقَدْ رَدَّهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لَهُ أَصْلٌ فِي الرِّوَايَةِ وَلَا وَجْهٌ فِي الدِّرَايَةِ اهـ. وَأَجَابَ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ وُجُوبِ السُّجُودِ فِي مَسْأَلَةِ التَّفَكُّرِ عَمْدًا بِأَنَّهُ وَجَبَ لِمَا يَلْزَمُ مِنْهُ مِنْ تَرْكِ وَاجِبٍ هُوَ تَأْخِيرُ الرُّكْنِ أَوْ الْوَاجِبِ عَمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ نَوْعُ سَهْوٍ، فَلَمْ يَكُنْ السُّجُودُ لِتَرْكِ وَاجِبٍ عَمْدًا (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ سَجْدَةِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ اتِّفَاقِيٌّ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ، وَإِلَّا فَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا تَحَكُّمٌ، وَكَذَا لَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ وَجْهٌ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَكَانَ كَذَلِكَ عِنْدَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ ط.
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ) حَتَّى لَوْ تَرَكَ جَمِيعَ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ سَهْوًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا سَجْدَتَانِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ تَكْرَارَهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ) سَيَأْتِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ يُتَابِعُ إمَامَهُ فِيهِ ثُمَّ إذَا قَامَ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ فَسَهَا فِيهِ يَسْجُدُ أَيْضًا، فَقَدْ تَكَرَّرَ. وَأَجَابَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّ الْمَسْبُوقَ فِيمَا يَقْضِي كَالْمُنْفَرِدِ فَهُمَا صَلَاتَانِ حُكْمًا وَإِنْ كَانَتْ التَّحْرِيمَةُ وَاحِدَةً، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِتَرْكِ وَاجِبٍ) أَيْ مُرْتَبِطٍ بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّمْثِيلِ لَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّعَلُّقَ النَّحْوِيَّ ط أَيْ بَلْ هُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَذَلِكَ كَرُكُوعٍ.
(قَوْلُهُ لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهَا) أَيْ تَقْدِيمِ قِرَاءَةِ الْوَاجِبِ. أَمَّا قِرَاءَةُ الْفَرْضِ فَتَقْدِيمُهَا عَلَى الرُّكُوعِ فَرْضٌ لَا يَنْجَبِرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ تَقْدِيمَ الرُّكُوعِ عَلَى الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا مُوجِبٌ لِسُجُودِ السَّهْوِ، لَكِنْ إذَا رَكَعَ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ، فَإِنْ أَعَادَ الرُّكُوعَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ. أَمَّا إذَا رَكَعَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ أَصْلًا فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ مَثَلًا ثُمَّ رَكَعَ فَتَذَكَّرَ السُّورَةَ فَعَادَ فَقَرَأَهَا وَلَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ فَلِأَنَّ مَا قَرَأَهُ ثَانِيًا الْتَحَقَ بِالْقِرَاءَةِ الْأُولَى فَصَارَ الْكُلُّ فَرْضًا فَارْتَفَضَ الرُّكُوعَ فَإِذَا لَمْ يُعِدْهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، نَعَمْ إذَا كَانَ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ ثُمَّ عَادَ لِقِرَاءَةِ سُورَةٍ أُخْرَى لَا يَرْتَفِضُ رُكُوعُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ الزَّاهِدِيِّ وَغَيْرِهِ، فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ إيقَاعَ الرُّكُوعِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ أَصْلًا أَوْ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْوَاجِبِ يَلْزَمُ بِهِ سُجُودُ السَّهْوِ، لَكِنْ إذَا لَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ يَسْقُطُ سُجُودِ السَّهْوِ لِفَسَادِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ أَعَادَهُ صَحَّتْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ.
وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فِي وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ حَيْثُ عَدَّ مِنْهَا التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ نَاظِرٌ إلَى مُجَرَّدِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ لُزُومِ إعَادَةِ مَا قَدَّمَهُ، وَمَا صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الرُّكُوعَ عَلَى الْقِرَاءَةِ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ نَاظِرٌ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَا قَدَّمَهُ وَعَدَمِ إعَادَتِهِ، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ التَّرْكُ) أَيْ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ بِمَعْنَى فَوَاتِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّدَارُكُ.
(قَوْلُهُ عَادَ) أَيْ إلَى الْقِيَامِ لِيَقْرَأَ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ أَعَادَ الرُّكُوعَ) لِأَنَّهُ لَمَّا عَادَ وَقَرَأَ وَقَعَتْ الْقِرَاءَةُ فَرْضًا؛ وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْفَرْضِ فِيهَا آيَةً وَاحِدَةً وَالزَّائِدُ وَاجِبٌ وَسُنَّةٌ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ أَقَلَّ الْفَرْضِ آيَةٌ وَيَجِبُ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ الْفَرْضُ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ. وَيُسَنُّ أَنْ تَكُونَ
يُعِيدُ السُّورَةَ أَيْضًا (وَتَأْخِيرِ قِيَامٍ إلَى الثَّالِثَةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى التَّشَهُّدِ بِقَدْرِ رُكْنٍ) وَقِيلَ بِحَرْفٍ. وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: الْأَصَحُّ وُجُوبُهُ بِاللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ (وَالْجَهْرِ فِيمَا يُخَافِتُ فِيهِ) لِلْإِمَامِ (وَعَكْسُهُ) لِكُلِّ مُصَلٍّ فِي الْأَصَحِّ وَالْأَصَحُّ تَقْدِيرُهُ (بِقَدْرِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فِي الْفَصْلَيْنِ. وَقِيلَ) قَائِلُهُ قَاضِي خَانْ يَجِبُ السَّهْوُ (بِهِمَا) أَيْ بِالْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ (مُطْلَقًا) أَيْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ
ــ
[رد المحتار]
السُّورَةُ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ أَوْ أَوْسَاطِهِ أَوْ قِصَارِهِ، حَتَّى لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَقَعَ فَرْضًا، كَمَا أَنَّ الرُّكُوعَ بِقَدْرِ تَسْبِيحَةٍ فَرْضٌ، وَتَطْوِيلُهُ بِقَدْرِ ثَلَاثٍ سُنَّةٌ كَمَا حَقَّقَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَقَدَّمْنَاهُ فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَقْرَؤُهُ يَلْتَحِقُ بِمَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَيَلْغُو هَذَا الرُّكُوعُ فَتَلْزَمُ إعَادَتُهُ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُعِدْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بَلْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ لَوْ قَامَ لِأَجْلِ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَسَجَدَ وَلَمْ يَقْرَأْ وَلَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَصَبَ قَائِمًا لِلْقِرَاءَةِ ارْتَفَضَ رُكُوعُهُ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ يَقُولُ لَا تَفْسُدُ اهـ وَهَذَا كُلُّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَذَكَّرَ الْقُنُوتَ فِي الرُّكُوعِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ، وَلَوْ عَادَ وَقَنَتَ لَا يَرْتَفِضُ رُكُوعُهُ وَعَلَيْهِ السَّهْوُ لِأَنَّ الْقُنُوتَ إذَا أُعِيدَ يَقَعُ وَاجِبًا لَا فَرْضًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَأَمَّا إذَا عَادَ لِقِرَاءَةِ سُورَةٍ أُخْرَى فَلَا يَرْتَفِضُ رُكُوعُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لِأَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ قِرَاءَةٍ تَامَّةٍ فَكَانَ فِي مَوْقِعِهِ وَكَانَ عَوْدُهُ إلَى الْقِرَاءَةِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ كَمَا إذَا عَادَ إلَى الْقُنُوتِ بَلْ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ يُعِيدُ السُّورَةَ أَيْضًا) أَيْ لِتَقَعَ الْقِرَاءَةُ مُرَتَّبَةً.
(قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ قِيَامٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ وُجُوبَ السُّجُودِ لَيْسَ لِخُصُوصِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَلْ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَهُوَ تَعْقِيبُ التَّشَهُّدِ لِلْقِيَامِ بِلَا فَاصِلٍ؛ حَتَّى لَوْ سَكَتَ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي فَصْلِ إذَا أَرَادَ الشُّرُوعَ. قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: وَكَمَا لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ هُنَا أَوْ فِي الرُّكُوعِ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ مَعَ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَمَا لَوْ ذَكَرَ التَّشَهُّدَ فِي الْقِيَامِ مَعَ أَنَّهُ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الْمَنَاقِبِ أَنَّ الْإِمَامَ رحمه الله رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ فَقَالَ: كَيْفَ أَوْجَبْت السَّهْوَ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فَقَالَ: لِأَنَّهُ صَلَّى عَلَيْك سَهْوًا، فَاسْتَحْسَنَهُ.
(قَوْلُهُ وَفِي الزَّيْلَعِيِّ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَتْنِهِ فِي فَصْلِ إذَا أَرَادَ الشُّرُوعَ وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِقَدْرِ رُكْنٍ تَأَمَّلْ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَا لَمْ يَقُلْ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ. وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ كَمَا تَرَى، وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْحَاوِي: وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَجِبُ السَّهْوُ مَا لَمْ يَبْلُغْ إلَى قَوْلِهِ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
(قَوْلُهُ وَالْجَهْرُ فِيمَا يُخَافِتُ فِيهِ لِلْإِمَامِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ، وَصَوَابُهَا وَالْجَهْرُ فِيمَا يُخَافِتُ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَعَكْسُهُ لِلْإِمَامِ ح وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَالدُّرَرِ، وَمَالَ إلَيْهِ فِي الْفَتْحِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْحِلْيَةِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِمَا، مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ مِنْ خَصَائِصِ الْإِمَامِ دُونَ الْمُنْفَرِدِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَهْرَ فِي الْجَهْرِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ اتِّفَاقًا؛ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْإِخْفَاءِ عَلَيْهِ فِي السِّرِّيَّةِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الْوُجُوبِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ، وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَشُرُوحِ الْهِدَايَةِ كَالنِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَصَرَّحُوا بِأَنَّ وُجُوبَ السَّهْوِ عَلَيْهِ إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ اهـ فَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا سَهْوَ عَلَى الْمُنْفَرِدِ إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْإِمَامِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ وَالْمُنْيَةِ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَعَنْ الْكَثِيرِ يُمْكِنُ، وَمَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ كَثِيرٌ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ آيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَعِنْدَهُمَا ثَلَاثُ آيَاتٍ هِدَايَةٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةِ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ.
(قَوْلُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ) أَيْ وَلَوْ كَلِمَةً. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَالْمُتَبَادَرُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي صُورَةِ
(وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ) وَاعْتَمَدَهُ الْحَلْوَانِيُّ (عَلَى مُنْفَرِدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ (وَمُقْتَدٍ بِسَهْوِ إمَامِهِ إنْ سَجَدَ إمَامُهُ) لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ (لَا بِسَهْوِهِ) أَصْلًا
(وَالْمَسْبُوقُ يَسْجُدُ مَعَ إمَامِهِ مُطْلَقًا)
ــ
[رد المحتار]
أَنْ يَنْسَى أَنَّ عَلَيْهِ الْمُخَافَتَةَ فَيَجْهَرُ قَصْدًا، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ الْمُخَافَتَةَ فَيَجْهَرُ لِتَبْيِينِ الْكَلِمَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْعُدُولِ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الَّذِي نَقَلَهُ الثِّقَاتُ مِنْ أَصْحَابِ الْفَتَاوَى. اهـ. زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ: وَإِنَّمَا عَوَّلْنَا عَلَى الْأَوَّلِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ، وَأَنَا أَعْجَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ كُمَّلِ الرِّجَالِ كَيْفَ يَعْدِلُ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ نَصِّ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ إلَى مَا هُوَ كَالرِّوَايَةِ الشَّاذَّةِ. اهـ.
أَقُولُ: لَا عَجَبَ مِنْ كُمَّلِ الرِّجَالِ كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَابْنِ الْهُمَامِ حَيْثُ عَدَلُوا عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ، وَصَحَّحُوا الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى لِلتَّسْهِيلِ عَلَى الْأُمَّةِ، وَكَمْ لَهُ مِنْ نَظِيرٍ وَلِذَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَيَجِبُ السَّهْوُ بِمُخَافَتَةِ كَلِمَةٍ لَكِنَّ فِيهِ شِدَّةً. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ التَّقْدِيرُ بِمَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ لِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الْجَهْرِ فِي مَوْضِعِ الْمُخَافَتَةِ عَفْوٌ أَيْضًا؛ فَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا» . اهـ. فَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ مَا صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَيْضًا، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا فَوَجْهُ تَصْحِيحِهِ مَا قُلْنَا وَتَأَيُّدُهُ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْ الدِّرَايَةِ أَيْ الدَّلِيلِ إذَا وَافَقَتْهَا رِوَايَةٌ.
[تَتِمَّةٌ] قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا جَهَرَ سَهْوًا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَدْعِيَةِ وَالْأَثْنِيَةِ وَلَوْ تَشَهُّدًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَلَا يَعْرَى الْقَوْلُ بِذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ عَنْ تَأَمُّلٍ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ. هَذَا وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ الْكَلَامَ عَلَى حَدِّ الْجَهْرِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ) أَيْ الْمَذْكُورِ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ إنْ سَجَدَ إمَامُهُ) أَمَّا لَوْ سَقَطَ عَنْ الْإِمَامِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ بِأَنْ تَكَلَّمَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْمُقْتَدِي بَحْرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ كَالْإِمَامِ إنْ كَانَ السُّقُوطُ بِفِعْلِهِ الْعَمْدِ لِتَقَرُّرِ النُّقْصَانِ بِلَا جَابِرٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ) عِلَّةٌ لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُقْتَدِي بِسَهْوِ إمَامِهِ وَلِأَنَّ النُّقْصَانَ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ أَيْضًا لِارْتِبَاطِهَا بِصَلَاةِ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ لَا بِسَهْوِهِ أَصْلًا) قِيلَ لَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ أَصْلًا، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، بَلْ هُوَ تَأْكِيدٌ لِنَفْيِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا قَبْلَ السَّلَامِ لِلُزُومِ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ وَلَا بَعْدَهُ لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ سَلَامُ عَمْدٍ مِمَّنْ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا بِسَلَامِهِ، وَقَدْ سَبَقَ خِلَافٌ فِيمَنْ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ فَكَيْفَ بِمَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ؟ وَحِينَئِذٍ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا الْجَابِرِ. اهـ.
قُلْت: وَقَدَّمَ الشَّارِحُ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَوْ قَهْقَهَ بَعْدَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ سَلَامِهِ عَمْدًا فَسَدَتْ طَهَارَتُهُ فِي الْأَصَحِّ وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْفَتْحِ وَالْخَانِيَّةِ عَلَى خِلَافِ مَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ عَدَمِ الْفَسَادِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فَسَادَ طَهَارَتِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَلَامِ إمَامِهِ أَوْ كَلَامِهِ فَمَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ بَعْدَ تَعْلِيلِهِ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ، بَلْ الْأَوْلَى التَّمَسُّكُ بِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ» اهـ.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي النَّهْرِ: ثُمَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُعِيدُهَا لِثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْجَابِرِ
(قَوْلُهُ وَالْمَسْبُوقُ يَسْجُدُ مَعَ إمَامِهِ) قَيَّدَ بِالسُّجُودِ لِأَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ فِي السَّلَامِ، بَلْ يَسْجُدُ مَعَهُ وَيَتَشَهَّدُ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إلَى الْقَضَاءِ، فَإِنْ سَلَّمَ فَإِنْ كَانَ عَامِدًا فَسَدَتْ وَإِلَّا لَا، وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ سَلَّمَ سَهْوًا قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ مَعَهُ؛ وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ لِكَوْنِهِ
سَوَاءٌ كَانَ السَّهْوُ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ يَقْضِي مَا فَاتَهُ) وَلَوْ سَهَا فِيهِ سَجَدَ ثَانِيًا (وَكَذَا اللَّاحِقُ) لَكِنَّهُ يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، وَلَوْ سَجَدَ مَعَ إمَامِهِ أَعَادَهُ، وَالْمُقِيمُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ كَالْمَسْبُوقِ، وَقِيلَ كَاللَّاحِقِ.
(سَهَا عَنْ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَرْضِ) وَلَوْ عَمَلِيًّا، أَمَّا النَّفَلُ فَيَعُودُ مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِالسَّجْدَةِ (ثُمَّ تَذَكَّرَهُ عَادَ إلَيْهِ) وَتَشَهَّدَ، وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ
ــ
[رد المحتار]
مُنْفَرِدًا حِينَئِذٍ بَحْرٌ، وَأَرَادَ بِالْمَعِيَّةِ الْمُقَارَنَةَ وَهُوَ نَادِرُ الْوُقُوعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَفِيهِ: وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ فَهُوَ سَلَامُ عَمْدٍ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ السَّهْوُ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ) بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ، وَشَمِلَ أَيْضًا مَا إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ وَاحِدَةً ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَإِنَّهُ يُتَابِعُهُ فِي الْأُخْرَى وَلَا يَقْضِي قَضَاءَ الْأُولَى كَمَا لَا يَقْضِيهِمَا وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَمَا سَجَدَهُمَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يَقْضِي مَا فَاتَهُ) فَلَوْ لَمْ يُتَابِعْهُ فِي السُّجُودِ وَقَامَ إلَى مَا سَبَقَ بِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ مُتَّحِدَةٌ فَجَعَلَ كَأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ بَحْرٌ وَغَيْرُهُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ سَهَا فِيهِ) أَيْ فِيمَا يَقْضِيهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ يَسْجُدُ ثَانِيًا لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيهِ وَالْمُنْفَرِدُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْجُدْ مَعَ الْإِمَامِ لِسَهْوِهِ ثُمَّ سَهَا هُوَ أَيْضًا كَفَتْهُ سَجْدَتَانِ عَنْ السَّهْوَيْنِ لِأَنَّ السُّجُودَ لَا يَتَكَرَّرُ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا اللَّاحِقُ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ بِسَهْوِ إمَامِهِ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ عَلَيْهِ، فَلَا سُجُودَ فِيمَا يَقْضِيهِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَسْجُدُ إلَخْ) أَيْ يَبْدَأُ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ ثُمَّ يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ فِيمَا اقْتَدَى بِهِ عَلَى نَحْوِ مَا يُصَلِّي الْإِمَامُ، وَأَنَّهُ اقْتَدَى بِهِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ فَيُتَابِعُهُ فِي جَمِيعِهَا عَلَى نَحْوِ مَا أَدَّى الْإِمَامُ وَالْإِمَامُ أَدَّى الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَكَذَا اللَّاحِقُ. وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَقَدْ الْتَزَمَ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ مُتَابَعَتُهُ بِقَدْرِ مَا هُوَ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَقَدْ أَدْرَكَ هَذَا الْقَدْرَ فَيُتَابِعُهُ ثُمَّ يَنْفَرِدُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ سَجَدَ مَعَ إمَامِهِ أَعَادَهُ) لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مَا زَادَ إلَّا سَجْدَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ مَسْبُوقًا بِثَلَاثٍ وَلَاحِقًا بِرَكْعَةٍ فَسَجَدَ إمَامُهُ لِلسَّهْوِ فَإِنَّهُ يَقْضِي رَكْعَةً بِلَا قِرَاءَةٍ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ وَيَتَشَهَّدُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ سُجُودِ الْإِمَامِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً بِقِرَاءَةٍ وَيَقْعُدُ لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ صَلَاتِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَالْمُقِيمُ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْمُقِيمَ الْمُقْتَدِيَ بِالْمُسَافِرِ كَالْمَسْبُوقِ فِي أَنَّهُ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ ثُمَّ يَشْتَغِلُ بِالْإِتْمَامِ. وَأَمَّا إذَا قَامَ إلَى إتْمَامِ صَلَاتِهِ وَسَهَا فَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ كَاللَّاحِقِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ. وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَدَى بِالْإِمَامِ بِقَدْرِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَإِذَا انْقَضَتْ صَارَ مُنْفَرِدًا وَإِنَّمَا لَا يَقْرَأُ فِيمَا يَتِمُّ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فَرْضٌ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَدْ قَرَأَ الْإِمَامُ فِيهِمَا. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ كَاللَّاحِقِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ. اهـ. أَقُولُ: وَتَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ مَسَائِلِ الْمَسْبُوقِ وَاللَّاحِقِ قُبَيْلَ بَابِ الِاسْتِخْلَافِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَمَلِيًّا) كَالْوِتْرِ فَلَا يَعُودُ فِيهِ إذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا. وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَعُودُ لِأَنَّهُ مِنْ النَّفْلِ ط.
(قَوْلُهُ أَمَّا النَّفَلُ فَيَعُودُ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْمِعْرَاجِ وَالسِّرَاجِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ وَهْبَانَ بِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ بِأَنَّ الْقَعْدَةَ الْأُولَى مِنْهُ فَرْضٌ فَكَانَتْ كَالْأَخِيرَةِ، وَفِيهَا يَقْعُدُ وَإِنْ قَامَ. وَحَكَى فِي الْمُحِيطِ فِيهِ خِلَافًا، وَكَذَا فِي شَرْحِ التُّمُرْتَاشِيِّ، قِيلَ يَعُودُ وَقِيلَ لَا. وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَالْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ كَالتَّطَوُّعِ، وَكَذَا الْوِتْرُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ، لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ قِيلَ فِي التَّطَوُّعِ يَعُودُ مَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالسَّجْدَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْإِمْدَادِ لَكِنْ خَالَفَهُ فِي مَتْنِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالسَّجْدَةِ) أَيْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ الَّتِي قَامَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ عَادَ إلَيْهِ) أَيْ وُجُوبًا نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) يَعْنِي إذَا عَادَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا وَكَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَاخْتَارَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وُجُوبَ السُّجُودِ، وَأَمَّا إذَا عَادَ وَهُوَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ كَمَا فِي نُورِ الْإِيضَاحِ وَشَرْحِهِ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ فِيهِ
(مَا لَمْ يَسْتَقِمْ قَائِمًا) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَتْحٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اسْتَقَامَ قَائِمًا (لَا) يَعُودُ لِاشْتِغَالِهِ بِفَرْضِ الْقِيَامِ (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) لِتَرْكِ الْوَاجِبِ (فَلَوْ عَادَ إلَى الْقُعُودِ) بَعْدَ ذَلِكَ (تَفْسُدُ صَلَاتُهُ) لِرَفْضِ الْفَرْضِ لِمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ وَصَحَّحَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَقِيلَ لَا) تَفْسُدُ لَكِنَّهُ يَكُونُ مُسِيئًا وَيَسْجُدُ لِتَأْخِيرِ الْوَاجِبِ (وَهُوَ الْأَشْبَهُ) كَمَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ وَهُوَ الْحَقُّ بَحْرٌ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُؤْتَمِّ؛ أَمَّا الْمُؤْتَمُّ فَيَعُودُ
ــ
[رد المحتار]
وَصَحَّحَ اعْتِبَارَ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ بِمَا فِي الْكَافِي إنْ اسْتَوَى النِّصْفُ الْأَسْفَلُ وَظَهْرٌ بَعْدُ مُنْحَنٍ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَامِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْقُعُودِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ تَنُوبُ عَنْ الْقِيَامِ فِي مَرِيضٍ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ، حَتَّى لَوْ ظَنَّ فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا حَالَةَ الْقِيَامِ فَقَرَأَ ثُمَّ تَذَكَّرَ لَا يَعُودُ إلَى التَّشَهُّدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ.
(قَوْلُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا فِي الْهِدَايَةِ: إنْ كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ عَادَ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ فَلَا وَعَلَيْهِ السَّهْوُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاخْتَارَهُ مَشَايِخُ بُخَارَى وَأَصْحَابُ الْمُتُونِ كَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَمَشَى فِي نُورِ الْإِيضَاحِ عَلَى الْأَوَّلِ كَالْمُصَنَّفِ تَبَعًا لِمَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ وَشَرْحِهِ الْبُرْهَانُ. قَالَ: وَلِصَرِيحِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا قَامَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، وَإِنْ اسْتَوَى قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ» . اهـ.
قُلْت: لَكِنْ قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: إنَّهُ نَصٌّ فِيهِ يُفِيدُ تَعَيُّنَ الْعَمَلِ بِهِ لَوْلَا مَا فِي ثُبُوتِهِ مِنْ النَّظَرِ، فَإِنَّ فِي سَنَدِهِ جَابِرًا الْجُعْفِيَّ مِنْ عُلَمَاءِ الشِّيعَةِ جَارِحُوهُ أَكْثَرُ مِنْ مُوَثَّقِيهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ: مَا رَأَيْت أَكْذَبَ مِنْهُ، فَلَا جَرَمَ إنْ قَالَ شَيْخُنَا فِي التَّقْرِيبِ رَافِضِيٌّ ضَعِيفٌ انْتَهَى فَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ بِحَدِيثِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ اسْتَقَامَ قَائِمًا) أَفَادَ أَنْ لَا فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا نَافِيَةٌ دَاخِلَةٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَسْتَقِمْ، وَهُوَ نَفْيٌ أَيْضًا فَكَانَ إثْبَاتًا أَفَادَهُ ط.
(قَوْلُهُ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ) وَهُوَ الْقُعُودُ (قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَمَا اسْتَقَامَ قَائِمًا، وَمِثْلُهُ مَا إذَا عَادَ بَعْدَ مَا صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: ثُمَّ لَوْ عَادَ فِي مَوْضِعِ وُجُوبِ عَدَمِهِ اخْتَلَفُوا فِي فَسَادِ صَلَاتِهِ، فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تَصْدُقُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَكُونُ مُسِيئًا) أَيْ وَيَأْثَمُ كَمَا فِي الْفَتْحِ، فَلَوْ كَانَ إمَامًا لَا يَعُودُ مَعَهُ الْقَوْمُ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ، وَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ لِلْحَالِ، شَرْحُ الْمُنْيَةِ عَنْ الْقُنْيَةِ.
(قَوْلُهُ لِتَأْخِيرِ الْوَاجِبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِتَأْخِيرِ الْفَرْضِ وَهُوَ الْقِيَامُ أَوْ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْقُعُودُ ط.
(قَوْلُهُ كَمَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ) أَيْ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ لَكِنَّهُ بِالصِّحَّةِ لَا يُخِلُّ لِمَا عُرِفَ أَنَّ زِيَادَةَ مَا دُونَ رَكْعَةٍ لَا يُفْسِدُ، وَقَوَّاهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بِمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْقُنْيَةِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ عَدَمَ الْفَسَادِ بِالْعَوْدِ، وَأَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا بِمَا فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمُجْتَبَى لَوْ عَادَ بَعْدَ الِانْتِصَابِ مُخْطِئًا، قِيلَ يَتَشَهَّدُ لِنَقْضِهِ الْقِيَامَ وَالصَّحِيحُ لَا، بَلْ يَقُومُ، وَلَا يَنْتَقِضُ قِيَامُهُ بِقُعُودٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ كَمَنْ نَقَضَ الرُّكُوعَ لِسُورَةٍ أُخْرَى لَا يَنْتَقِضُ رُكُوعُهُ اهـ. وَبَحَثَ فِيهِ فِي النَّهْرِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْحَقُّ بَحْرٌ) كَأَنَّ وَجْهَهُ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ، أَوْ مَا فِي الْمُبْتَغَى مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَرْكٍ بَلْ هُوَ تَأْخِيرٌ كَمَا لَوْ سَهَا عَنْ السُّورَةِ فَرَكَعَ فَإِنَّهُ يَرْفُضُ الرُّكُوعَ وَيَعُودُ إلَى الْقِيَامِ وَيَقْرَأُ، وَكَمَا لَوْ سَهَا عَنْ الْقُنُوتِ فَرَكَعَ فَإِنَّهُ لَوْ عَادَ وَقَنَتَ لَا تَفْسُدُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ لَكِنْ بَحَثَ فِيهِ فِي الْبَحْرِ بِإِبْدَاءِ الْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا عَادَ وَقَرَأَ السُّورَةَ صَارَتْ فَرْضًا فَقَدْ عَادَ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ وَكَذَا فِي الْقُنُوتِ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةَ الْقُرْآنِيَّةِ أَوْ عَادَ إلَى فَرْضٍ وَهُوَ الْقِيَامُ لِأَنَّ كُلَّ فَرْضٍ طُولُهُ يَقَعُ فَرْضًا. اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ وَشَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ.
أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْقُنُوتَ الَّذِي قِيلَ إنَّهُ كَانَ قُرْآنًا فَنُسِخَ هُوَ الدُّعَاءُ الْمَخْصُوصُ وَهُوَ سُنَّةٌ، فَلَا يَلْزَمُ قِرَاءَتُهُ بَلْ قَدْ يُقْرَأُ غَيْرُهُ، وَكَوْنُهُ عَادَ إلَى فَرْضٍ وَهُوَ الْقِيَامُ مَمْنُوعٌ بَلْ عَادَ إلَى الْقِيَامِ الَّذِي هُوَ الرَّفْعُ مِنْ الرُّكُوعِ بِدَلِيلِ أَنَّ الرُّكُوعَ لَمْ يَرْتَفِضْ بِعَوْدِهِ لِأَجْلِ الْقُنُوتِ، فَكَانَ فِيهِ تَأْخِيرُ الْفَرْضِ لَا تَرْكُهُ، فَهُوَ مِثْلُ عَوْدِهِ إلَى الْقُعُودِ فِي مَسْأَلَتِنَا، نَعَمْ بَحْثُهُ فِي عَوْدِهِ إلَى الْقِرَاءَةِ مُسَلَّمٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُؤْتَمِّ إلَخْ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ مَنْعِهِ عَنْ الْعَوْدِ
حَتْمًا وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ لِأَنَّ الْقُعُودَ فَرْضٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمُتَابَعَةِ سِرَاجٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعُدْ بَطَلَتْ بَحْرٌ. قُلْت: وَفِيهِ كَلَامٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْوَاجِبِ فَرْضٌ فِي الْفَرْضِ نَهْرٌ، وَلَنَا فِيهَا رِسَالَةٌ حَافِلَةٌ فَرَاجَعَهَا.
(وَلَوْ سَهَا عَنْ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (عَادَ) وَيَكْفِي كَوْنُ كِلَا الْجِلْسَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدَ (مَا لَمْ يُقَيِّدْهَا بِسَجْدَةٍ) لِأَنَّ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ مَحَلُّ الرَّفْضِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لِتَأْخِيرِ الْقُعُودِ (وَإِنْ قَيَّدَهَا) بِسَجْدَةٍ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ مُخْطِئًا (تَحَوَّلَ فَرْضُهُ نَفْلًا بِرَفْعِهِ) الْجَبْهَةَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ،
ــ
[رد المحتار]
إلَى الْقُعُودِ بَعْدَ الْقِيَامِ؛ وَالْخِلَافُ فِي الْفَسَادِ لَوْ عَادَ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، أَمَّا الْمُقْتَدِي الَّذِي سَهَا عَنْ الْقُعُودِ فَقَامَ وَإِمَامُهُ قَاعِدٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ لِأَنَّ قِيَامَهُ قَبْلَ إمَامِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَلَيْسَ فِي عَوْدِهِ رَفْضُ الْفَرْضِ، بَلْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَنْ الْقُنْيَةِ: إنَّ الْمُقْتَدِيَ لَوْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى فَذَكَرَ بَعْدَ مَا قَامَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ وَيَتَشَهَّدَ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ لِلُزُومِ الْمُتَابَعَةِ، كَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى فَقَعَدَ مَعَهُ فَقَامَ الْإِمَامُ قَبْلَ شُرُوعِ الْمَسْبُوقِ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ تَبَعًا لِتَشَهُّدِ إمَامِهِ فَكَذَا هَذَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ) أَيْ الثَّالِثَةِ مَعَ الْإِمَامِ ط.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ) أَيْ تَعْلِيلُ السِّرَاجِ بِأَنَّ الْقُعُودَ فَرْضٌ ط وَكَذَا تَعْلِيلُ الْقُنْيَةِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَهَا فِي السُّنَنِ وَالظَّاهِرُ السُّنِّيَّةُ لِأَنَّ السُّنَنَ الْمَطْلُوبَةَ فِي الصَّلَاةِ يَسْتَوِي فِيهَا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ وَالْمُقْتَدِي غَالِبًا، وَقَوْلُهُ فَرْضٌ فِي الْفَرْضِ: مَعْنَاهُ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ الْفَرْضِ وَلَوْ بَعْدَ إتْيَانِ الْإِمَامِ لَا قَبْلَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُشَارَكَةَ فِي جُزْءٍ مِنْهُ ط.
قُلْت: وَعَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلنَّهْرِ يُشْكَلُ الْعَوْدُ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِالْقِيَامِ الْفَرْضِ مَعَ إمَامِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَنَا فِيهَا رِسَالَةٌ حَافِلَةٌ) لَمْ أَطَّلِعْ عَلَيْهَا؛ وَلَكِنْ قَدَّمْنَا فِي آخِرِ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ شَيْئًا مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْمُتَابَعَةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
(قَوْلُهُ وَلَوْ سَهَا عَنْ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ) أَرَادَ بِهِ الْقُعُودَ الْمَفْرُوضَ أَوْ مَا كَانَ آخِرَ الصَّلَاةِ، فَيَشْمَلُ نَحْوَ الْفَجْرِ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ) كَمَا لَوْ جَلَسَ جَلْسَةً خَفِيفَةً أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ التَّشَهُّدِ وَإِذَا عَادَ اُحْتُسِبَتْ لَهُ الْجَلْسَةُ الْأُولَى، حَتَّى لَوْ كَانَتْ كِلْتَا الْجِلْسَتَيْنِ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ ثُمَّ تَكَلَّمَ جَازَتْ صَلَاتُهُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُقَيِّدْهَا) أَيْ الرَّكْعَةَ الَّتِي قَامَ إلَيْهَا، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا سَجَدَ لَهَا بِلَا رُكُوعٍ فَإِنَّهُ يَعُودُ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَذَا السُّجُودِ كَمَا فِي النَّهْرِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَرَأَ فِيهَا. وَفِي الْخُلَاصَةِ خِلَافُهُ، وَلِذَا اسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الرَّكْعَةَ فِي النَّفْلِ بِلَا قِرَاءَةٍ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، فَكَانَتْ زِيَادَةَ مَا دُونَ رَكْعَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُفْسِدٍ. قَالَ فِي النَّهْرِ: إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَ إتْمَامُ الرَّكْعَةِ بِلَا قِرَاءَةٍ كَمَا فِي الْمُقْتَدِي، بِخِلَافِ الْخَالِيَةِ عَنْ الرُّكُوعِ.
(قَوْلُهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ أَوْ لَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْجُدَ فِيمَا إذَا كَانَ إلَيْهِ أَقْرَبَ كَمَا فِي الْأُولَى لِمَا سَبَقَ. قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَرِيبَ مِنْ الْقُعُودِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الْقَاعِدِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِقَاعِدٍ حَقِيقَةً، فَاعْتُبِرَ جَانِبُ الْحَقِيقَةِ فِيمَا إذَا سَهَا عَنْ الْقَعْدَةِ الثَّانِيَةِ وَأُعْطِيَ حُكْمَ الْقَاعِدِ فِي السَّهْوِ عَنْ الْأُولَى إظْهَارًا لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْفَرْضِ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ لِتَأْخِيرِ الْقُعُودِ) عَلَّلَ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ أَخَّرَ وَاجِبًا فَقَالُوا: أَرَادَ بِهِ الْقَطْعِيَّ وَهُوَ الْفَرْضُ، يَعْنِي الْقُعُودَ الْأَخِيرَ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَعْنَاهُ الْمَشْهُورِ وَكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ السَّلَامَ أَوْ التَّشَهُّدَ وَإِلَّا أُشْكِلَ الْفَرْقُ الْمَارُّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا) أَشَارَ إلَى مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ عِنْدَ الْعَوْدِ قَبْلَ السُّجُودِ وَالْبُطْلَانِ إنْ قُيِّدَ بِالسُّجُودِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: فَإِنْ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ عَامِدًا أَيْضًا لَا تَفْسُدُ مَا لَمْ يُقَيِّدْ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِكُلِّ الْمَتْنِ، فَيَكُونُ مُحَمَّدٌ قَائِلًا بِتَحَوُّلِهَا نَفْلًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِبُطْلَانِ الْفَرِيضَةِ، وَكُلَّمَا بَطَلَ الْفَرْضُ عِنْدَهُ بَطَلَ الْأَصْلُ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ بِرَفْعِهِ، فَيَكُونُ الْمَتْنُ اخْتَارَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي عَدَمِ بُطْلَانِ الْأَصْلِ
وَبِهِ يُفْتَى لِأَنَّ تَمَامَ الشَّيْءِ بِآخِرِهِ، فَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ قَبْلَ رَفْعِهِ تَوَضَّأَ وَبَنَى خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، حَتَّى قَالَ: زِهْ، صَلَاةٌ فَسَدَتْ أَصْلَحَهَا الْحَدَثُ، وَالْعِبْرَةُ لِلْإِمَامِ، حَتَّى لَوْ عَادَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْقَوْمُ حَتَّى سَجَدُوا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمْ مَا لَمْ يَتَعَمَّدُوا السُّجُودَ.
وَفِيهِ يُلْغَزُ: أَيُّ مُصَلٍّ تَرَكَ الْقُعُودَ الْأَخِيرَ وَقَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِسَجْدَةٍ وَلَمْ يَبْطُلْ فَرْضُهُ؟ (وَضَمَّ سَادِسَةً) وَلَوْ فِي الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ
ــ
[رد المحتار]
وَقَوْلَ مُحَمَّدٍ إنَّ السَّجْدَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالرَّفْعِ. اهـ. ح. وَعَلَيْهِ فَضَمُّ السَّادِسَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِمَا فَقَطْ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَدَائِعِ، مُعَلَّلًا بِبُطْلَانِ التَّحْرِيمَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَالْإِيهَامُ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَاقِعٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا فَالْأَحْسَنُ قَوْلُ الْكَنْزِ: بَطَلَ فَرْضُهُ بِرَفْعِهِ وَصَارَتْ نَفْلًا؛ فَقَوْلُهُ بِرَفْعِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَطَلَ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ تَمَامَ الشَّيْءِ بِآخِرِهِ) أَيْ وَالرَّفْعُ آخِرُ السَّجْدَةِ، إذْ الشَّيْءُ إنَّمَا يَنْتَهِي بِضِدِّهِ، وَلِذَا لَوْ سَجَدَ قَبْلَ إمَامِهِ فَأَدْرَكَهُ إمَامُهُ فِيهِ جَازَ، وَلَوْ تَمَّتْ بِالْوَضْعِ لَمَا جَازَ لِأَنَّ كُلَّ رُكْنٍ أَدَّاهُ قَبْلَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ وَهَذَا بَيَانٌ لِثَمَرَةِ الْخِلَافِ فِي أَنَّ السَّجْدَةَ هَلْ تَتِمُّ بِالْوَضْعِ أَوْ بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ تَوَضَّأَ وَبَنَى) لِأَنَّهُ بِالْحَدَثِ بَطَلَتْ السَّجْدَةُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ فَيَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي لِإِتْمَامِ فَرْضِهِ إمْدَادٌ.
(قَوْلُهُ حَتَّى قَالَ إلَخْ) وَذَلِكَ لَمَّا عُرِضَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِيهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُف قَالَ: زِهْ صَلَاةٌ فَسَدَتْ يُصْلِحُهَا الْحَدَثُ، وَهِيَ بِكَسْرِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْهَاءِ: كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْأَعَاجِمُ عِنْدَ اسْتِحْسَانِ الشَّيْءِ، وَإِنَّمَا قَالَهَا أَبُو يُوسُفَ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ وَالتَّعَجُّبِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ، وَقِيلَ الصَّوَابُ بِالضَّمِّ وَالزَّايُ لَيْسَتْ بِخَالِصَةٍ بَحْرٌ عَنْ الْمُغْرِبِ، وَقَوْلُهُ فَسَدَتْ: أَيْ قَارَبَتْ الْفَسَادَ، أَوْ سَمَّاهَا أَبُو يُوسُفَ فَاسِدَةً بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ لِلْإِمَامِ) أَيْ فِي الْعَوْدِ قَبْلَ التَّقْيِيدِ وَفِي عَدَمِهِ ط.
(قَوْلُهُ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمْ) لِأَنَّهُ لَمَّا عَادَ الْإِمَامُ إلَى الْقَعْدَةِ ارْتَفَضَ رُكُوعُهُ فَيَرْتَفِضُ رُكُوعُ الْقَوْمِ أَيْضًا تَبَعًا لَهُ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ، فَبَقِيَ لَهُمْ زِيَادَةُ سَجْدَةٍ وَذَلِكَ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ، وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ؛ فَلَوْ عَادَ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَرَكَعَ الْقَوْمُ وَسَجَدُوا فَسَدَتْ لِزِيَادَتِهِمْ رَكْعَةً عَلَى مَا يَظْهَرُ. وَفِي الْفَتْحِ: وَلَا يُتَابِعُونَهُ إذَا قَامَ، وَإِذَا عَادَ لَا يُعِيدُونَ التَّشَهُّدَ ط (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَعَمَّدُوا السُّجُودَ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا فِي الْمُجْتَبَى: لَوْ عَادَ الْإِمَامُ إلَى الْقُعُودِ قَبْلَ السُّجُودِ وَسَجَدَ الْمُقْتَدِي عَمْدًا تَفْسُدُ، وَفِي السَّهْوِ خِلَافٌ وَالْأَحْوَطُ الْإِعَادَةُ اهـ بَحْرٌ.
أَقُولُ: مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْمَارِّ بِارْتِفَاضِ رُكُوعِ الْقَوْمِ بِارْتِفَاضِ رُكُوعِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
[تَتِمَّةٌ] يَتَفَرَّعُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ وَالْعِبْرَةُ لِلْإِمَامِ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ تَشَهَّدَ الْمُقْتَدِي وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ ثُمَّ قَيَّدَهَا بِهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ جَمِيعًا (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّادِسَةِ رَكْعَةٌ زَائِدَةٌ، وَإِلَّا فَهِيَ فِي الْفَجْرِ رَابِعَةٌ؛ وَأَتَى بِالْمُبَالَغَةِ لِلرَّدِّ عَلَى مَا فِي السِّرَاجِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْعَصْرِ، وَمَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْفَجْرِ لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهُمَا. وَاعْتَرَضَهُمَا فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ إذَا قَعَدَ عَلَى الرَّابِعَةِ وَقَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِسَجْدَةٍ يَضُمُّ سَادِسَةً وَلَوْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. اهـ.
وَأَوْرَدَ فِي النَّهْرِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْعُدْ وَبَطَلَ فَرْضُهُ كَيْفَ لَا يَضُمُّ فِي الْعَصْرِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي التَّنَفُّلِ قَبْلَهُ؟ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَقْضِي عَصْرًا أَوْ ظُهْرًا بَعْدَ الْعَصْرِ.
[تَنْبِيهٌ] لَمْ يُصَرِّحْ بِالْمَغْرِبِ كَمَا صَرَّحَ بِالْفَجْرِ وَالْعَصْرِ مَعَ أَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَضُمُّ إلَى الرَّابِعَةِ خَامِسَةً، لَكِنْ فِي الْحِلْيَةِ: لَا يَضُمُّ إلَيْهَا أُخْرَى لِنَصِّهِمْ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا، وَعَلَى كَرَاهَتِهِ بِالْوِتْرِ مُطْلَقًا. اهـ.
قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا سَجَدَ لِلرَّابِعَةِ يُسَلِّمُ فَوْرًا وَلَا يَقْعُدُ لَهَا لِئَلَّا يَصِيرَ مُتَنَفِّلًا قَبْلَ الْمَغْرِبِ. وَقَدْ يُجَابُ بِمَا يُشِيرُ
(إنْ شَاءَ) لِاخْتِصَاصِ الْكَرَاهَةِ وَالْإِتْمَامِ بِالْقَصْدِ (وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى الْأَصَحِّ) لِأَنَّ النُّقْصَانَ بِالْفَسَادِ لَا يَنْجَبِرُ
(وَإِنْ قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ) مَثَلًا قَدْرَ التَّشَهُّدِ (ثُمَّ قَامَ عَادَ وَسَلَّمَ) وَلَوْ سَلَّمَ قَائِمًا صَحَّ؛ ثُمَّ الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَوْمَ يَنْتَظِرُونَهُ، فَإِنْ عَادَ تَبِعُوهُ (وَإِنْ سَجَدَ لِلْخَامِسَةِ سَلَّمُوا) لِأَنَّهُ تَمَّ فَرْضُهُ، إذْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا السَّلَامُ (وَضَمَّ إلَيْهَا سَادِسَةً) لَوْ فِي الْعَصْرِ، وَخَامِسَةً فِي الْمَغْرِبِ: وَرَابِعَةً فِي الْفَجْرِ بِهِ يُفْتَى (لِتَصِيرَ الرَّكْعَتَانِ لَهُ نَفْلًا) وَالضَّمُّ هُنَا آكَدُ، وَلَا عُهْدَةَ لَوْ قَطَعَ، وَلَا بَأْسَ بِإِتْمَامِهِ فِي وَقْتِ كَرَاهَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ)
ــ
[رد المحتار]
إلَيْهِ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالتَّنَفُّلِ الْمَقْصُودِ، فَلَا ضَرُورَةَ إلَى قَطْعِ الصَّلَاةِ بِالسَّلَامِ؛ وَأَمَّا أَنَّهُ لَا يَضُمُّ إلَيْهَا خَامِسَةً، فَظَاهِرٌ لِئَلَّا يَكُونَ تَنَفُّلًا بِالْوِتْرِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ ذِكْرِ الْمَغْرِبِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْإِمْدَادِ قَالَ: وَسَكَتَ عَنْ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَرْبَعًا فَلَا يَضُمُّ فِيهَا.
(قَوْلُهُ إنْ شَاءَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الضَّمَّ غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ كَمَا فِي الْكَافِي تَبَعًا لِلْمَبْسُوطِ، وَفِي الْأَصْلِ مَا يُفِيدُ الْوُجُوبَ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِاخْتِصَاصِ الْكَرَاهَةِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّنَفُّلَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ مَكْرُوهٌ وَفِي غَيْرِهِمَا وَإِنْ لَمْ يُكْرَهْ، لَكِنْ يَجِبُ إتْمَامُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، فَكَيْفَ قُلْتَ: وَلَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ، وَقُلْتَ إنَّهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّ وَإِلَّا فَلَا؟ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي هَذَا النَّفْلِ قَصْدًا، وَمَا ذَكَرْته مِنْ الْكَرَاهَةِ وَوُجُوبِ الْإِتْمَامِ خَاصٌّ بِالتَّنَفُّلِ قَصْدًا، لَكِنَّ الضَّمَّ هُنَا خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا يَأْتِي مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ النُّقْصَانَ) أَيْ الْحَاصِلَ بِتَرْكِ الْقَعْدَةِ لَا يَنْجَبِرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ.
فَإِنْ قُلْتَ: إنَّهُ وَإِنْ فَسَدَ فَرْضًا فَقَدْ صَحَّ نَفْلًا وَمَنْ تَرَكَ الْقَعْدَةَ فِي النَّفْلِ سَاهِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فَلِمَاذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ السُّجُودُ نَظَرًا لِهَذَا الْوَجْهِ. قُلْتُ: إنَّهُ فِي حَالِ تَرْكِ الْقَعْدَةِ لَمْ يَكُنْ نَفْلًا، إنَّمَا تَحَقَّقَتْ النَّفْلِيَّةُ بِتَقْيِيدِ الرَّكْعَةِ بِسَجْدَةٍ وَالضَّمِّ؛ فَالنَّفْلِيَّةُ عَارِضَةٌ ط
(قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ قَعَدَ فِي ثَالِثَةِ الثُّلَاثِيِّ أَوْ فِي ثَانِيَةِ الثُّنَائِيِّ ح (قَوْلُهُ ثُمَّ قَامَ) أَيْ وَلَمْ يَسْجُدْ.
(قَوْلُهُ عَادَ وَسَلَّمَ) أَيْ عَادَ لِلْجُلُوسِ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ مَحَلٌّ لِلرَّفْضِ. وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ. قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: وَالْعَوْدُ لِلتَّسْلِيمِ جَالِسًا سُنَّةٌ، لِأَنَّ السُّنَّةَ التَّسْلِيمُ جَالِسًا وَالتَّسْلِيمُ حَالَةَ الْقِيَامِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي الصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ بِلَا عُذْرٍ، فَيَأْتِي بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ؛ فَلَوْ سَلَّمَ قَائِمًا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَكَانَ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَصَحُّ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا اتِّبَاعَ فِي الْبِدْعَةِ، وَقِيلَ يَتَّبِعُونَهُ مُطْلَقًا عَادَ أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ فَإِنْ عَادَ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِسَجْدَةٍ تَبِعُوهُ: أَيْ فِي السَّلَامِ (قَوْلُهُ إذْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا السَّلَامُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَعْنَى تَمَامِ فَرْضِهِ عَدَمُ فَسَادِهِ، وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ نَاقِصَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لِنُقْصَانِ فَرْضِهِ بِتَأْخِيرِ السَّلَامِ، إلَيْهِ أَشَارَ فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ وَضَمَّ إلَيْهَا سَادِسَةً) أَيْ نَدْبًا عَلَى الْأَظْهَرِ، وَقِيلَ وُجُوبًا ح عَنْ الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ لَوْ فِي الْعَصْرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الضَّمِّ بَيْنَ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَغَيْرِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّنَفُّلَ فِيهَا إنَّمَا يُكْرَهُ لَوْ عَنْ قَصْدٍ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ زَيْلَعِيٌّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مُجْتَبَى، وَإِلَى أَنَّهُ كَمَا لَا يُكْرَهُ فِي الْعَصْرِ لَا يُكْرَهُ فِي الْفَجْرِ خِلَافًا لِلزَّيْلَعِيِّ، وَلِذَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْفَتْحِ، وَصَرَّحَ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ الضَّمِّ (قَوْلُهُ وَالضَّمُّ هُنَا آكَدُ) لِأَنَّ فَرْضَهُ قَدْ تَمَّ، فَلَوْ قَطَعَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ بِأَنْ لَا يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ لَزِمَ تَرْكُ الْوَاجِبِ؛ وَلَوْ جَلَسَ مِنْ الْقِيَامِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لَمْ يُؤَدِّ سُجُودَ السَّهْوِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ، فَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ سَادِسَةٍ وَيَجْلِسُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؛ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْفَرْضِيَّةَ لَمْ تَبْقَ لِيَحْتَاجَ إلَى تَدَارُكِ نُقْصَانِهَا ح عَنْ الدُّرَرِ.
(قَوْلُهُ وَلَا عُهْدَةَ لَوْ قَطَعَ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لَوْ لَمْ يَضُمَّ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ بِهِ مَقْصُودًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ إلَخْ) أَيْ لَوْ ضَمَّ فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ كَالْعَصْرِ وَالْفَجْرِ، وَقِيلَ يُكْرَهُ. وَالْمُعْتَمَدُ الْمُصَحَّحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: بِمَعْنَى أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِهِ وَلَا بِاسْتِحْبَابِهِ اهـ.
فِي الصُّورَتَيْنِ، لِنُقْصَانِ فَرْضِهِ بِتَأْخِيرِ السَّلَامِ فِي الْأُولَى وَتَرْكِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَ) الرَّكْعَتَانِ (لَا يَنُوبَانِ عَنْ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ) بَعْدَ الْفَرْضِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهِمَا إنَّمَا كَانَتْ بِتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ، وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ فِيهِمَا صَلَّاهُمَا أَيْضًا، وَإِنْ أَفْسَدَ قَضَاهُمَا بِهِ يُفْتَى نُقَايَةٌ.
(وَلَوْ تَرَكَ الْقُعُودَ الْأَوَّلَ فِي النَّفْلِ سَهْوًا سَجَدَ وَلَمْ تَفْسُدْ اسْتِحْسَانًا) لِأَنَّهُ كَمَا شَرَعَ رَكْعَتَيْنِ شَرَعَ أَرْبَعَةً أَيْضًا، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَعُودُ مَا لَمْ يُقَيَّدْ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ، وَقِيلَ لَا (وَإِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) فَرَضَا أَوْ نَفْلًا (وَسَهَا فِيهِمَا فَسَجَدَ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ
ــ
[رد المحتار]
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْوَقْتَ الْمَكْرُوهَ لَمَّا كَانَ مَظِنَّةَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ بَأْسًا صَرَّحُوا بِنَفْيِ الْبَأْسِ لِذَلِكَ لَا لِكَوْنِ الْأَوْلَى تَرْكُهَا، بَلْ الْأَوْلَى فِعْلُهَا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: لَوْ تَطَوَّعَ فَصَلَّى رَكْعَةً فَطَلَعَ الْفَجْرُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُتِمَّهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَفَّلْ بَعْدَ الْفَجْرِ قَصْدًا، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الشُّرُوعِ فِي التَّطَوُّعِ هُنَا مَقْصُودٌ فَكَانَتْ لَهُ حُرْمَةٌ، بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ الْإِتْمَامِ هُنَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَرْكُ السُّجُودِ الْوَاجِبِ أَوْ فِعْلُهُ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ كَمَا مَرَّ فِي عِلَّةِ كَوْنِ الضَّمِّ هُنَا آكَدُ، وَعَلَى هَذَا فَالضَّمُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا سُجُودَ سَهْوٍ فِيهَا كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ مَا إذَا لَمْ يَسْجُدْ لِلْخَامِسَةِ أَوْ سَجَدَ.
(قَوْلُهُ وَتَرَكَهُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ تَرَكَ سَلَامَ الْفَرْضِ الْخَاصِّ بِهِ، وَهُوَ مَا لَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَعْدَةِ الْفَرْضِ صَلَاةٌ، وَهَا هُنَا وَإِنْ كَانَ سَلَامُهُ عَلَى رَأْسِ السِّتِّ مُخْرِجًا مِنْ جَمِيعِ الصَّلَاةِ، لَكِنْ فَاتَهُ السَّلَامُ الْمَخْصُوصُ. اهـ. ح.
(قَوْلُهُ وَالرَّكْعَتَانِ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مَا تَحَوَّلَ نَفْلًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هَلْ يَنُوبُ عَنْ قَبْلِيَّةِ الظُّهْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: نَعَمْ. وَاعْتَرَضَ بِمَا ذُكِرَ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيمَا مَرَّ كَانَ بِتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ غَايَتُهُ أَنَّهُ انْقَلَبَ فِيهِ وَصْفُ مَا شُرِعَ فِيهِ قَصْدًا إلَى النَّفْلِيَّةِ، بِخِلَافِ الرَّكْعَتَيْنِ هُنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِمَا قَصْدًا وَلَا وُجِدَتْ لَهُمَا تَحْرِيمَةٌ مُبْتَدَأَةٌ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ النَّوَافِلِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّهَجُّدِ فَظَهَرَ وُقُوعُهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَتَاهُ عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ فِي الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى أَرْبَعًا فَظَهَرَ وُقُوعُ رَكْعَتَيْنِ مِنْهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ إلَخْ) أَيْ لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ بِاَلَّذِي قَعَدَ عَلَى الرَّابِعَةِ ثُمَّ قَامَ وَضَمَّ سَادِسَةً صَلَّاهُمَا: أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ أَيْضًا: أَيْ مَعَ الْأَرْبَعِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: صَلَّى الْأَرْبَعَ أَيْضًا لِأَنَّ صَلَاةَ الرَّكْعَتَيْنِ مَحَلُّ وِفَاقٍ؛ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إحْرَامَ الْفَرْضِ انْقَطَعَ بِالِانْتِقَالِ إلَى النَّفْلِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ سِتًّا وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ لَوْ انْقَطَعَتْ التَّحْرِيمَةُ لَاحْتَاجَ إلَى تَكْبِيرَةٍ جَدِيدَةٍ فَصَارَ شَارِعًا فِي الْكُلِّ ح عَنْ الْبَحْرِ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْسَدَ) أَيْ الْمُقْتَدِي الرَّكْعَتَيْنِ قَضَاهُمَا فَقَطْ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي هَذَا النَّفْلِ قَصْدًا فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ لِشُرُوعِهِ فِيهِ سَاهِيًا، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ فِي الرَّابِعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ يُصَلِّي الْمُقْتَدِي سِتًّا كَمَا إذَا أَفْسَدَهُمَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَهِيَ سِتُّ رَكَعَاتٍ نَفْلًا كَمَا فِي الْبَحْرِ.
[تَتِمَّةٌ] لَوْ اقْتَدَى بِهِ مُفْتَرِضٌ فِي قِيَامِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ عَادَ إلَى الْقَعْدَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ فَقَدْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ فَكَانَ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَلَوْ لَمْ يَقْعُدْ قَدْرَ التَّشَهُّدِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْفَرْضِ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَهَا بِسَجْدَةٍ بَحْرٌ عَنْ السِّرَاجِ
(قَوْلُهُ سَهْوًا) قُيِّدَ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ سَجَدَ لَا إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ تَفْسُدْ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقَدَّمَتْ بِعَيْنِهَا فِي بَابِ النَّوَافِلِ ح، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا) أَيْ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ سَهَا عَنْ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا) أَيْ لَا يَعُودُ بَعْدَ مَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا كَالْفَرْضِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة صَحَّحَهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِنِيَّةِ الْأَرْبَعِ، فَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ عَادَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فَسَجَدَ لَهُ) أَيْ لِلسَّهْوِ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ السَّلَامِ) وَكَذَا قَبْلَهُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَذْكُرُهُ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَيَّدَ بِهِ تَبَعًا
ثُمَّ شَفَعَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ الْبِنَاءُ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ تَحْرِيمًا، أَرَادَ بِنَاءً لِئَلَّا يَبْطُلَ سُجُودُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ (بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ) إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْنِ بَطَلَتْ (وَلَوْ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ) مِنْ الْبِنَاءِ (صَحَّ) بِنَاؤُهُ (لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ وَيُعِيدُ) هُوَ وَالْمُسَافِرُ (سُجُودَ السَّهْوِ عَلَى الْمُخْتَارِ) لِبُطْلَانِهِ بِوُقُوعِهِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ (سَلَامُ مَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ يُخْرِجُهُ) مِنْ الصَّلَاةِ خُرُوجًا (مَوْقُوفًا) إنْ سَجَدَ عَادَ إلَيْهَا وَإِلَّا لَا وَعَلَى هَذَا (فَيَصِحُّ) الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَيَبْطُلُ وُضُوءُهُ بِالْقَهْقَهَةِ، وَيَصِيرُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ (إنْ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (وَإِلَّا) وَإِلَّا يَسْجُدْ (لَا) تَثْبُتْ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ، كَذَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ،
ــ
[رد المحتار]
لِلْخُلَاصَةِ، لِكَوْنِهِ السُّنَّةَ فِي مَحَلِّ السُّجُودِ عِنْدَنَا، لَا لِكَوْنِ الْبَعْدِيَّةِ أَوْلَى كَمَا قِيلَ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا صَلَّى ط.
(قَوْلُهُ تَحْرِيمًا) لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ نَقْضَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَبْطُلَ سُجُودُهُ إلَخْ) وَنَقْضُ الْوَاجِبِ وَإِبْطَالُهُ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا اسْتَلْزَمَ تَصْحِيحُهُ نَقْضَ مَا هُوَ فَوْقَهُ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ: أَيْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَافِرِ الْآتِيَةِ. قَالَ ح: قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا فِي الْبِنَاءِ عَلَى النَّفْلِ. وَأَمَّا الْبِنَاءُ عَلَى الْفَرْضِ فَفِيهِ كَرَاهَتَانِ أُخْرَيَانِ: وَالْأُولَى تَأْخِيرُ سَلَامِ الْمَكْتُوبَةِ، الثَّانِيَةُ الدُّخُولُ فِي النَّفْلِ بِلَا تَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ. اهـ. قَالَ ط: وَهَذَا الْأَخِيرُ يَظْهَرُ أَيْضًا فِي بِنَاءِ النَّفْلِ عَلَى مِثْلِهِ إذَا كَانَ نَوَى أَوَّلًا رَكْعَتَيْنِ اهـ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ إلَخْ) أَيْ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْنِ وَقَدْ لَزِمَ الْإِتْمَامُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَفِي الْبِنَاءِ نَقْضُ الْوَاجِبِ وَهُوَ أَدْنَى فَيُتَحَمَّلُ دَفْعًا لِلْأَعْلَى بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَيُعِيدُ هُوَ) أَيْ مَنْ لَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ، وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَشْمَلُ الْمُفْتَرِضَ، وَيُخَالِفُهُ مَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ الْقُنْيَةِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَنَى النَّفَلَ عَلَى فَرْضٍ سَهَا فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْمُسَافِرُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَالْمُسَافِرِ، لِئَلَّا يُوهِمَ قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ الْبَحْرِ، أَفَادَهُ ط. قُلْت: بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِمْدَادِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَقِيلَ لَا يُعِيدُهُ، لِأَنَّهُ وَقَعَ جَابِرًا حِينَ وَقَعَ فَيُعْتَدُّ بِهِ ح عَنْ الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَخْ) هَذَا عِنْدَهُمَا؛ وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهَا أَصْلًا، كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ إنْ سَجَدَ عَادَ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ مَعْنَى التَّوَقُّفِ أَنَّهُ يُخْرِجُهُ مِنْهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ يَعُودَ إلَى حُرْمَتِهَا بِالسُّجُودِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا. وَلَهُمْ فِيهِ تَفْسِيرٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ قَبْلَ السُّجُودِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ظُهُورِ عَاقِبَتِهِ، إنْ سَجَدَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ وَقْتِ وُجُودِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَبْلَ السُّجُودِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ، أَمَّا قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ يَصِيرُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا بَعْدَ السَّلَامِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّهُ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا؛ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلِأَنَّهُ عَادَ إلَى حُرْمَتِهَا بِالسُّجُودِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ.
(قَوْلُهُ كَذَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَهِيَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ كَالْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا وَالْكَافِي وَقَاضِي خَانْ وَغَيْرِهَا عَدَمُ انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ، وَعَدَمُ صَيْرُورَةِ الْفَرْضِ أَرْبَعًا عِنْدَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْعَوْدِ إلَى السُّجُودِ وَعَدَمِهِ.
وَإِنَّمَا ذَكَرُوا هَذَا التَّفْصِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ فَقَطْ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ فِي غَيْرِهَا؛ أَمَّا إجْرَاءُ التَّفْصِيلِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ؛ فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهَا فِي الْبَحْرِ، وَكَذَا فِي مَتْنِ الْوِقَايَةِ وَالدُّرَرِ وَالْمُلْتَقَى، وَقَدْ نَبَّهَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى غَلَطِهِمْ، وَكَذَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: إنَّ مَا سِوَى مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ لَيْسَ مِنْ فُرُوعِ الْخِلَافِ، إلَّا إذَا سَقَطَ الشَّرْطِيَّتَانِ. وَفِي الْوِقَايَةِ هُنَا سَهْوٌ مَشْهُورٌ. اهـ. وَأَرَادَ بِالشَّرْطِيَّتَيْنِ قَوْلَهُ إنْ عَادَ إلَى السُّجُودِ وَإِلَّا فَلَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوَابَ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ سَلَامُ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ يُخْرِجُهُ مِنْهَا خُرُوجًا مَوْقُوفًا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إنْ سَجَدَ بَعْدُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَبْطُلُ وُضُوءُهُ بِالْقَهْقَهَةِ، وَلَا يَصِيرُ فَرْضُهُ
وَهُوَ غَلَطٌ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ وُضُوءُهُ وَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ سَجَدَ أَوْ لَا لِسُقُوطِ السُّجُودِ بِالْقَهْقَهَةِ وَكَذَا بِالنِّيَّةِ، لِئَلَّا يَقَعَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ
ــ
[رد المحتار]
أَرْبَعًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ. اهـ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مُطْلَقًا، وَيَبْطُلُ الْوُضُوءُ وَيَصِيرُ الْفَرْضُ أَرْبَعًا، فَالْخِلَافُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى عِنْدَهُمَا عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ دُونَ الْأَخِيرَتَيْنِ، فَإِجْرَاءُ التَّفْصِيلِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ غَلَطٌ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الْكُتُبِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ غَلَطٌ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ ذِكْرُ الشَّرْطِيَّتَيْنِ، وَهُمَا قَوْلُهُ إنْ سَجَدَ وَإِلَّا لَا غَلَطٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمَا لَا تَفْصِيلَ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْأُولَى فَقَطْ كَمَا ذَكَرْنَا. أَمَّا فِي الْقَهْقَهَةِ فَلِأَنَّهَا أَوْجَبَتْ سُقُوطَ السُّجُودِ عِنْدَ الْكُلِّ لِفَوَاتِ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا كَلَامٌ، فَالْحُكْمُ النَّقْضُ عِنْدَهُ وَعَدَمُهُ عِنْدَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بَحْرٌ أَيْ لِأَنَّهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَمْ يَخْرُجْ بِالسَّلَامِ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَانْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ. وَعِنْدَهُمَا خَرَجَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعُودَ إلَى الصَّلَاةِ بِالسُّجُودِ لِوُجُودِ الْمُنَافِي وَهُوَ الْقَهْقَهَةُ لِأَنَّهَا كَلَامٌ كَمَا لَوْ سَلَّمَ وَأَحْدَثَ عَمْدًا بَعْدَهُ فَإِنَّ سَلَامَهُ لَمْ يَبْقَ مَوْقُوفًا بَعْدَ الْحَدَثِ. وَأَمَّا فِي نِيَّةِ الْإِقَامَةِ، فَقَالَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ: إنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ. وَفِي الْمِعْرَاجِ سَوَاءٌ سَجَدَ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ بِهِ لَصَحَّتْ نِيَّتُهُ قَبْلَهُ؛ وَلَوْ صَحَّتْ لَوَقَعَتْ السَّجْدَةُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهَا فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ أَصْلًا، فَلَوْ صَحَّتْ لَصَحَّتْ بِلَا سُجُودٍ بَحْرٌ وَنَهْرٌ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ سُجُودُهُ لَبَطَلَ، وَمَا يُؤَدِّي تَصْحِيحُهُ إلَى إبْطَالِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ. وَفِيهِ دَوْرٌ أَيْضًا، يُوَضِّحُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ عِنْدَهُمَا خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا يَعُودُ إلَّا بِعَوْدِهِ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الصَّلَاةِ وَلَا يُمْكِنُهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ إلَّا بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى السُّجُودِ فَجَاءَ الدَّوْرُ. قَالَ: وَبَيَانُهُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْعَوْدُ إلَى سُجُودِهِ لِأَنَّ سُجُودَهُ مَا يَكُونُ جَابِرًا، وَالْجَابِرُ بِالنَّصِّ هُوَ الْوَاقِعُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَلَا آخِرَ لَهَا قَبْلَ التَّمَامِ، فَقُلْنَا بِأَنَّهُ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَخَرَجَ مِنْهَا قَطْعًا لِلدَّوْرِ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ الْعَوْدُ إلَى السُّجُودِ لِمَا عَلِمْته لَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهُ إلَى الصَّلَاةِ فَبَقِيَ خَارِجًا مِنْهَا بِالسَّلَامِ خُرُوجًا بَاتًّا. حَتَّى لَوْ سَجَدَ وَقَعَ لَغْوًا كَمَا لَوْ سَجَدَ بَعْدَ الْقَهْقَهَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَ الْحَدَثِ الْعَمْدِ، وَلِذَا صَرَّحَ الْكَمَالُ وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ كَصَاحِبِ النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَقَاضِي خَانْ بِأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، فَقَدْ ظَهَرَ لَك بِهَذَا التَّقْرِيرِ سُقُوطُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِمْدَادِ مُنْتَصِرًا لِمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ السُّجُودِ وَهُوَ قَدْ سَجَدَ، فَتَصِحُّ نِيَّتُهُ لِمَا فِي الدِّرَايَةِ إذَا سَجَدَ فَنَوَى الْإِقَامَةَ صَحَّتْ اهـ فَكَذَلِكَ هُنَا، وَإِلَّا لَزِمَ التَّنَاقُضُ. وَقَوْلُ الْكَمَالِ: إنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِتَصْرِيحِهِ بِأَنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهَا، وَيَلْزَمُ صَاحِبَ الْبَحْرِ فِي قَوْلِهِ لِئَلَّا يَقَعَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ بَعْدَ سُجُودِهِ لَا تَصِحُّ لِوُقُوعِ السُّجُودِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى صِحَّتِهَا.
أَقُولُ: وَالْجَوَابُ مَا تَحَقَّقْته مِنْ أَنَّهُ إذَا سَجَدَ وَقَعَ لَغْوًا، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ، فَلَمْ يَعُدْ إلَى حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، فَلَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ، بِخِلَافِ مَا فِي الدِّرَايَةِ، فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ أَوَّلًا عَادَ إلَيْهَا فَصَحَّتْ نِيَّتُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى أَوَّلًا ثُمَّ سَجَدَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهَا لِمَا عَلِمْته مِنْ الدَّوْرِ وَاسْتِلْزَامِ صِحَّةِ السُّجُودِ بُطْلَانُهُ، فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ كَمَا عَلِمْت، وَتَصْرِيحُهُ بِأَنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهَا: أَيْ خُرُوجًا بَاتًّا، بَلْ يُخْرِجُهُ عَلَى احْتِمَالِ الْعَوْدِ إنْ أَمْكَنَ، وَهُنَا لَمْ يُمْكِنْ لِلْمَحْذُورِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُمْ تَصِحُّ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ بَعْدَ السُّجُودِ وَيَلْغُو السُّجُودُ لِوُقُوعِهِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ صَحِيحٌ لِأَنَّ إلْغَاءَ السُّجُودِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِ إيجَابِهِ الْمُقْتَضِي لِلدَّوْرِ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا، بَلْ بِسَبَبِ تَصْحِيحِ النِّيَّةِ
(وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَلَوْ مَعَ سَلَامِهِ) نَاوِيًا (لِلْقَطْعِ) لِأَنَّ نِيَّةَ تَغْيِيرِ الْمَشْرُوعِ لَغْوٌ (مَا لَمْ يَتَحَوَّلْ عَنْ الْقِبْلَةِ أَوْ يَتَكَلَّمْ) لِبُطْلَانِ التَّحْرِيمَةِ، وَلَوْ نَسِيَ السَّهْوَ أَوْ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً أَوْ تِلَاوِيَّةً يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ. (سَلَّمَ مُصَلِّي الظُّهْرِ) مَثَلًا (عَلَى) رَأْسِ (الرَّكْعَتَيْنِ تَوَهُّمًا) إتْمَامَهَا (أَتَمَّهَا) أَرْبَعًا (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) لِأَنَّ السَّلَامَ
ــ
[رد المحتار]
فِيهِ الْمُوجِبَةِ لِلْإِتْمَامِ، وَتَصْحِيحُ النِّيَّةِ فِيهِ لَا يَسْتَدْعِي إيجَابَ السُّجُودِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ فِيهَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ النِّيَّةِ أَنْ تَصِحَّ بِلَا سُجُودٍ لِوُقُوعِهِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ، وَمَعَ عَدَمِ السُّجُودِ لَا يَعُودُ إلَّا حُرْمَةُ الصَّلَاةِ، وَإِذَا لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا لَمْ تَصِحَّ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ وَبَعْدَ تَقْرِيرِ هَذَا الْجَوَابِ بِمَا ذَكَرْنَا. رَأَيْت شَيْخَ مَشَايِخِنَا الرَّحْمَتِيَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَلَوْ مَعَ سَلَامِهِ لِلْقَطْعِ) أَيْ قَطْعِ الصَّلَاةِ، وَعَدَمِ الْعُودِ إلَيْهَا بِالسُّجُودِ، قَيَّدَ بِالسَّهْوِ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ ذَاكِرًا أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ أَوْ قِرَاءَةَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ سَقَطَتْ عَنْهُ لِأَنَّ سَلَامَهُ عَمْدٌ فَيُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ. وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ بَلْ تَكُونُ نَاقِصَةً لِتَرْكِ الْوَاجِبِ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ تِلَاوِيَّةٌ وَسَهْوِيَّةٌ ذَاكِرًا لَهُمَا أَوْ لِلتِّلَاوِيَّةِ سَقَطَتَا إلَّا إذَا تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَشَهَّدْ؛ وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ صُلْبِيَّةٌ فَقَطْ أَوْ صُلْبِيَّةٌ وَسَهْوِيَّةٌ ذَاكِرًا لَهُمَا أَوْ لِلصُّلْبِيَّةِ فَقَطْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ وَلَوْ عَلَيْهِ تِلَاوِيَّةٌ أَيْضًا فَسَلَّمَ ذَاكِرًا لَهَا أَوْ لِلصُّلْبِيَّةِ فَسَدَتْ أَيْضًا، وَهَذَا فِي الصُّلْبِيَّةِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا رُكْنٌ.
وَأَمَّا فِي التِّلَاوِيَّةِ فَمُقْتَضَى مَا مَرَّ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ وَهُوَ رِوَايَةُ أَصْحَابِ الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ سَلَامَهُ فِي حَقِّ الرُّكْنِ سَلَامُ سَهْوٍ، وَفِي حَقِّ الْوَاجِبِ سَلَامُ عَمْدٍ، وَكِلَاهُمَا لَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا تَفْسُدُ لِأَنَّ سَلَامَ السَّهْوِ لَا يُخْرِجُ، وَسَلَامُ الْعَمْدِ يُخْرِجُ، فَتَرَجَّحَ جَانِبُ الْخُرُوجِ احْتِيَاطًا. وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ فَسَدَتْ فِي الْوَجْهَيْنِ: أَيْ فِي تَذَكُّرِ التِّلَاوِيَّةِ أَوْ الصُّلْبِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْضِيَ الَّتِي كَانَ ذَاكِرًا لَهَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ، وَإِذَا جُعِلَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الَّتِي كَانَ نَاسِيًا لَهَا وَجَبَ أَنْ يَقْضِيَ الَّتِي كَانَ ذَاكِرًا لَهَا، وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ وَالْبَدَائِعِ.
(قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ التَّحْرِيمَةِ) أَيْ بِالتَّحَوُّلِ أَوْ التَّكَلُّمِ، وَقِيلَ لَا يَقْطَعُ بِالتَّحَوُّلِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ أَوْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الدُّرَرِ عَنْ النِّهَايَةِ إمْدَادٌ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَسِيَ السَّهْوَ إلَخْ) أَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ الْخُلُوِّ فَيَصْدُقُ بِسَبْعِ صُوَرٍ؛ وَهِيَ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ سَهْوِيَّةٌ فَقَطْ، أَوْ صُلْبِيَّةٌ فَقَطْ أَوْ تِلَاوِيَّةٌ فَقَطْ، أَوْ كَانَ عَلَيْهِ الثَّلَاثَةُ أَوْ اثْنَتَانِ مِنْهَا: أَيْ صُلْبِيَّةٌ مَعَ تِلَاوِيَّةٍ أَوْ سَهْوِيَّةٌ مَعَ إحْدَاهُمَا، فَفِي هَذِهِ كُلِّهَا إذَا سَلَّمَ نَاسِيًا لِمَا عَلَيْهِ كُلِّهِ أَوْ لِمَا سِوَى السَّهْوِيَّةِ لَا يُعَدُّ سَلَامُهُ قَاطِعًا، فَإِذَا تَذَكَّرَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الَّذِي تَذَكَّرَهُ وَيُرَتِّبُ بَيْنَ السَّجَدَاتِ، حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ تِلَاوِيَّةٌ وَصُلْبِيَّةٌ يَقْضِيهِمَا مُرَتِّبًا، وَهَذَا يُفِيدُ وُجُوبَ النِّيَّةِ فِي الْمَقْضِيِّ مِنْ السَّجَدَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا أَوْ لِمَا سِوَى السَّهْوِيَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ ذَاكِرًا لَهَا نَاسِيًا لِغَيْرِهَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا لِأَنَّ السَّلَامَ مَعَ تَذَكُّرِ سُجُودِ السَّهْوِ لَا يَقْطَعُ؛ بِخِلَافِ تَذَكُّرِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ قَبْلَ ذَلِكَ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِنْ تَحَوَّلَ عَنْ الْقِبْلَةِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ الْمَسْجِدَ كُلَّهُ فِي حُكْمِ مَكَان وَاحِدٍ وَلِذَا صَحَّ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَ الصُّفُوفَ مِنْ خَلْفِهِ أَوْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ عَادَ إلَى قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مُلْحَقٌ بِالْمَسْجِدِ، وَإِنْ مَشَى أَمَامَهُ فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ سُجُودِهِ أَوْ سُتْرَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ سُتْرَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْفَتْحِ.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ هُنَا مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَفِيمَا قَبْلَهُ مَا لَمْ يَتَحَوَّلْ عَنْ الْقِبْلَةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ أَنَّ السَّلَامَ هُنَا لَمَّا كَانَ سَهْوًا لَمْ يُجْعَلْ مُجَرَّدُ الِانْحِرَافِ عَنْ الْقِبْلَةِ مَانِعًا؛ وَلَمَّا كَانَ فِيمَا قَبْلَهُ عَمْدًا جُعِلَ مَانِعًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ السُّجُودَ لَا يَسْقُطُ بِالسَّلَامِ وَلَوْ عَمْدًا إلَّا إذَا فَعَلَ فِعْلًا يَمْنَعُهُ مِنْ الْبِنَاءِ بِأَنْ تَكَلَّمَ أَوْ قَهْقَهَ أَوْ أَحْدَثَ عَمْدًا أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُ لِأَنَّهُ فَاتَ مَحَلُّهُ وَهُوَ تَحْرِيمَةُ الصَّلَاةِ فَسَقَطَ ضَرُورَةَ فَوَاتِ مَحَلِّهِ اهـ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ تَوَهُّمًا) أَيْ ذَا تَوَهُّمٍ أَوْ مُتَوَهِّمًا (قَوْلُهُ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا) إلَّا إذَا سَلَّمَ قَائِمًا فِي غَيْرِ جِنَازَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ
سَاهِيًا لَا يُبْطِلُ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ مِنْ وَجْهٍ (بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ) أَنَّ فَرْضَ الظُّهْرِ رَكْعَتَانِ، بِأَنْ ظَنَّ (أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ أَنَّهَا الْجُمُعَةُ أَوْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَظَنَّ أَنَّ فَرْضَ الظُّهْرِ رَكْعَتَانِ أَوْ كَانَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَظَنَّ أَنَّهَا التَّرَاوِيحُ فَسَلَّمَ) أَوْ سَلَّمَ ذَاكِرًا أَنَّ عَلَيْهِ رُكْنًا حَيْثُ تَبْطُلُ لِأَنَّهُ سَلَامُ عَمْدٍ. وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ حَتَّى يَقْصِدَ بِهِ خِطَابَ آدَمِيٍّ (وَالسَّهْوُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ وَالْمَكْتُوبَةِ وَالتَّطَوُّعِ سَوَاءٌ) وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُهُ فِي الْأُولَيَيْنِ لِدَفْعِ الْفِتْنَةِ كَمَا فِي جُمُعَةِ الْبَحْرِ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الدُّرَرِ.
(وَإِذَا شَكَّ) فِي صَلَاتِهِ (مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) أَيْ الشَّكُّ (عَادَةً لَهُ) وَقِيلَ مَنْ لَمْ يَشُكَّ فِي صَلَاةٍ قَطُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ
ــ
[رد المحتار]
فِي مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِي غَيْرِ الْجِنَازَةِ لَيْسَ مَظِنَّةً لِلسَّلَامِ فَلَا يُغْتَفَرُ السَّهْوُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ مِنْ وَجْهٍ) أَيْ فَلِذَا خَالَفَ الْكَلَامَ حَيْثُ كَانَ مُبْطِلًا وَلَوْ سَاهِيًا.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَامُ عَمْدٍ) اسْتَشْكَلَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ عَمْدٌ أَيْضًا. قُلْت: وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْفَرْقَ بِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ إتْمَامِ الْأَرْبَعِ فَيَكُونُ سَلَامُهُ سَهْوًا، وَهُنَا سَلَّمَ عَالِمًا بِأَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَوَقَعَ سَلَامُهُ عَمْدًا فَيَكُونُ قَاطِعًا فَلَا يَبْنِي. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ السَّهْوَ إنْ وَقَعَ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ أَوْجَبَ فَسَادَهَا، وَإِنْ فِي وَصْفِهَا فَلَا،
فَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا سَلَّمَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ فِي الْفَجْرِ أَوْ الْجُمُعَةِ أَوْ السَّفَرِ،
وَالثَّانِي كَمَا إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِمَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا رَابِعَةٌ اهـ أَيْ لِأَنَّ الْعَدَدَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ أَنَّهَا الْفَجْرُ مَثَلًا يَكُونُ قَاصِدًا لِإِيقَاعِ السَّلَامِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَيَكُونُ مُتَعَمِّدًا لِلْخُرُوجِ قَبْلَ إتْمَامِ الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ الْإِتْمَامِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ إلَّا إيقَاعَهُ بَعْدَ الْأَرْبَعِ، فَوَقَعَ قَبْلَهَا سَهْوًا؛ وَبِالْجُمْلَةِ فَالسَّلَامُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ عَمْدٌ فِيهِمَا، وَمِنْ حَيْثُ مَحَلُّهُ مُخْتَلِفٌ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا أَخْذًا مِمَّا فِي الْمُجْتَبَى: لَوْ سَلَّمَ الْمُصَلِّي عَمْدًا قَبْلَ التَّمَامِ، قِيلَ تَفْسُدُ، وَقِيلَ لَا حَتَّى يَقْصِدَ بِهِ خِطَابَ آدَمِيٍّ اهـ فَقَالَ فِي الْبَحْرِ: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْسُدَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اهـ وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ. قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْأَوَّلُ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي كُتُبٍ عَدِيدَةٍ مُعْتَمَدَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ عَدَمُهُ فِي الْأُولَيَيْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْجَمْعَ الْكَثِيرَ فِيمَا سِوَاهُمَا كَذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ ط وَكَذَا بَحَثَهُ الرَّحْمَتِيُّ، وَقَالَ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا. وَفِي جُمُعَةِ حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْعَزْمِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ عَدَمَ جَوَازِهِ، بَلْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ لِئَلَّا يَقَعَ النَّاسُ فِي فِتْنَةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الدُّرَرِ) لَكِنَّهُ قَيَّدَهُ مُحَشِّيهَا الْوَانِي بِمَا إذَا حَضَرَ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَإِلَّا فَلَا دَاعِيَ إلَى التَّرْكِ ط
(قَوْلُهُ وَإِذَا شَكَّ) هُوَ تَسَاوِي الْأَمْرَيْنِ بَحْرٌ وَقَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ فِي صَلَاتِهِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَوْ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا إذَا وَقَعَ فِي التَّعْيِينِ فَقَطْ، بِأَنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَنَّهُ تَرَكَ فَرْضًا وَشَكَّ فِي تَعَيُّنِهِ، قَالُوا: يَسْجُدُ سَجْدَةً ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَتْرُوكَ الرُّكُوعُ فَيَكُونُ السُّجُودُ لَغْوًا بِدُونِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْنِ. اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّكِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَهَذَا تَيَقَّنَ تَرْكَ رُكْنٍ غَيْرَ أَنَّهُ شَكَّ فِي تَعْيِينِهِ، نَعَمْ يُسْتَثْنَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بَعْدَ السَّلَامِ أَنَّك صَلَّيْت الظُّهْرَ ثَلَاثًا وَشَكَّ فِي صِدْقِهِ يُعِيدُ احْتِيَاطًا لِأَنَّ الشَّكَّ فِي صِدْقِهِ شَكٌّ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ) هَذَا قَوْلُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَاخْتَارَهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَنَصَّ فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى أَنَّهُ الْأَشْبَهُ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: مَنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْفَضْلِ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) ثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَاسْتَقْبَلَ ثُمَّ لَمْ يَسْهُ سِنِينَ ثُمَّ سَهَا، فَعَلَى قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ يَسْتَأْنِفُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْعَادَةُ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْمُعَاوَدَةِ أَيْ وَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَكُونَ مُعْتَادًا لَهُ قَبْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ، وَكَذَا عَلَى قَوْلِ
وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ (كَمْ صَلَّى اسْتَأْنَفَ) بِعَمَلٍ مُنَافٍ وَبِالسَّلَامِ قَاعِدًا أَوْلَى لِأَنَّهُ الْمَحَلُّ (وَإِنْ كَثُرَ) شَكُّهُ (عَمِلَ بِغَالِبِ ظَنِّهِ إنْ كَانَ) لَهُ ظَنٌّ لِلْحَرَجِ (وَإِلَّا أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) لِتَيَقُّنِهِ (وَقَعَدَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَوَهَّمَهُ مَوْضِعَ قُعُودِهِ) وَلَوْ وَاجِبًا لِئَلَّا يَصِيرَ تَارِكًا فَرْضَ الْقُعُودِ أَوْ وَاجِبَهُ (وَ) اعْلَمْ أَنَّهُ (إذَا شَغَلَهُ ذَلِكَ) الشَّكُّ فَتَفَكَّرَ (قَدْرَ
ــ
[رد المحتار]
فَخْرِ الْإِسْلَامِ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي السِّرَاجِ مِنْ أَنَّهُ يَتَحَرَّى كَمَا يَتَحَرَّى عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَفِي عِبَارَةِ النَّهْرِ هُنَا سَهْوٌ فَاجْتَنِبْهُ.
(قَوْلُهُ كَمْ صَلَّى) أَشَارَ بِالْكَمِّيَّةِ إلَى أَنَّ الشَّكَّ فِي الْعَدَدِ، فَلَوْ فِي الصِّفَةِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي ثَانِيَةِ الظُّهْرِ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ وَفِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ فِي التَّطَوُّعِ وَفِي الرَّابِعَةِ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ، قَالُوا: يَكُونُ فِي الظُّهْرِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالشَّكِّ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ اسْتَأْنَفَ بِعَمَلٍ مَنَافٍ إلَخْ) فَلَا يَخْرُجُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كَذَا قَالُوا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَمَلِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِمُنَافٍ وَأَكْمَلَهَا عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا أَنَّهَا تَكُونُ نَفْلًا وَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْفَرْضِ، وَلَوْ كَانَتْ نَفْلًا يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ أَكْمَلَهَا لِوُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ عَلَيْهِ بَحْرٌ، وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ وَالْمَقْدِسِيُّ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَثُرَ شَكُّهُ) بِأَنْ عَرَضَ لَهُ مَرَّتَيْنِ فِي عُمْرِهِ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُهُمْ، أَوْ فِي صَلَاتِهِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ. وَفِي الْمُجْتَبَى: وَقِيلَ مَرَّتَيْنِ فِي سَنَةٍ، وَلَعَلَّهُ عَلَى قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ بَحْرٌ وَنَهْرٌ.
(قَوْلُهُ لِلْحَرَجِ) أَيْ فِي تَكْلِيفِهِ بِالْعَمَلِ بِالْيَقِينِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ، فَلَوْ شَكَّ أَنَّهَا أُولَى الظُّهْرِ أَوْ ثَانِيَتُهُ يَجْعَلُهَا الْأُولَى ثُمَّ يَقْعُدُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَقْعُدُ لِمَا قُلْنَا ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً وَيَقْعُدُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا الرَّابِعَةُ ثُمَّ يُصَلِّي أُخْرَى وَيَقْعُدُ لِمَا قُلْنَا، فَيَأْتِي بِأَرْبَعِ قَعَدَاتٍ قَعْدَتَانِ مَفْرُوضَتَانِ وَهُمَا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ، وَقَعْدَتَانِ وَاجِبَتَانِ؛ وَلَوْ شَكَّ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ أَوْ الثَّالِثَةُ أَتَمَّهَا وَقَعَدَ ثُمَّ صَلَّى أُخْرَى وَقَعَدَ ثُمَّ الرَّابِعَةَ وَقَعَدَ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَسَيُذْكَرُ عَنْ السِّرَاجِ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ وَاجِبًا) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ فَرْضًا كَانَ الْقُعُودُ وَلَوْ وَاجِبًا أَوْ إذَا كَانَ فَرْضًا وَلَوْ وَاجِبًا فَكَذَلِكَ عَلَى حَذْفِ جَوَابِ لَوْ الشَّرْطِيَّةِ فَالتَّعْلِيلُ نَاظِرٌ إلَى الْمَذْكُورِ وَالْمَحْذُوفِ.
هَذَا وَقَوْلُ الْهِدَايَةِ وَالْوِقَايَةِ يَقْعُدُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ آخِرُ صَلَاتِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْعُدُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَلِذَا نَسَبَهُ فِي الْفَتْحِ إلَى الْقُصُورِ. وَاعْتَذَرَ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ فِيهِ خِلَافًا فَلَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ الْقُعُودَ مُطْلَقًا. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَقْعُدُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ بَيْنَ تَرْكِ الْوَاجِبِ وَإِتْيَانِ الْبِدْعَةِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى مِنْ الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ اهـ.
أَقُولُ: يُؤَيِّدُ مَا فِي الْفَتْحِ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ أَنَّ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْبِدْعَةِ وَالْوَاجِب يَأْتِي بِهِ احْتِيَاطًا، بِخِلَافِ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْبِدْعَةِ وَالسُّنَّةِ.
(قَوْلُهُ وَاعْلَمْ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحِهَا الصَّغِيرِ: ثُمَّ الْأَصْلُ فِي التَّفَكُّرِ أَنَّهُ إنْ مَنَعَهُ عَنْ أَدَاءِ رُكْنٍ كَقِرَاءَةِ آيَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ عَنْ أَدَاءِ وَاجِبٍ كَالْقُعُودِ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ لِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ تَرْكَ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِالرُّكْنِ أَوْ الْوَاجِبِ فِي مَحَلِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ يُؤَدِّي الْأَرْكَانَ وَيَتَفَكَّرُ لَا يَلْزَمُهُ السَّهْوُ. وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: إنْ مَنَعَهُ التَّفَكُّرُ عَنْ الْقِرَاءَةِ أَوْ عَنْ التَّسْبِيحِ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَإِلَّا فَلَا، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ شَغَلَهُ عَنْ تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَهُوَ رَاكِعٌ مَثَلًا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَسْبِيحٍ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْأَصَحِّ وَقَوْلُ الْبَعْضِ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَنْ أَدَاءِ وَاجِبٍ مَا لَوْ شَغَلَهُ عَنْ السَّلَامِ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ شَكَّ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَصَلَّى ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعًا حَتَّى شَغَلَهُ ذَلِكَ عَنْ السَّلَامِ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ. اهـ. وَعَلَّلَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ أَخَّرَ الْوَاجِبَ وَهُوَ السَّلَامُ. اهـ. وَظَاهِرُهُ لُزُومُ السُّجُودِ وَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِقِرَاءَةِ الْأَدْعِيَةِ أَوْ الصَّلَاةِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ، مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ
أَدَاءِ رُكْنٍ وَلَمْ يَشْتَغِلْ حَالَةَ الشَّكِّ بِقِرَاءَةٍ وَلَا تَسْبِيحٍ) ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ (وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فِي) جَمِيعِ (صُوَرِ الشَّكِّ) سَوَاءٌ عَمِلَ بِالتَّحَرِّي أَوْ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ فَتْحٌ لِتَأْخِيرِ الرُّكْنِ، لَكِنْ فِي السِّرَاجِ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي أَخْذِ الْأَقَلِّ مُطْلَقًا، وَفِي غَلَبَةِ الظَّنِّ إنْ تَفَكَّرَ قَدْرَ رُكْنٍ.
[فُرُوعٌ] أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّهُ مَا صَلَّى أَرْبَعًا وَشَكَّ فِي صِدْقِهِ وَكَذَّبَهُ أَعَادَ احْتِيَاطًا. وَلَوْ اخْتَلَفَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فَلَوْ الْإِمَامُ عَلَى يَقِينٍ لَمْ يُعِدْ وَإِلَّا أَعَادَ بِقَوْلِهِمْ.
ــ
[رد المحتار]
أَنْ يَشْغَلَهُ التَّفَكُّرُ عَنْ رُكْنٍ أَوْ وَاجِبٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ شَغْلُ قَلْبِهِ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ جَوَارِحُهُ مَشْغُولَةً بِأَدَاءِ الْأَرْكَانِ، وَمِثْلُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فَطَوَّلَ فِي تَفَكُّرِهِ وَتَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ بِالتَّفَكُّرِ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ تَفَكُّرُهُ لَيْسَ إلَّا إطَالَةَ الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، وَهَذِهِ الْأَذْكَارُ سُنَّةٌ لَكِنَّهُ أَخَّرَ وَاجِبًا أَوْ رُكْنًا لَا بِسَبَبِ إقَامَةِ السُّنَّةِ بَلْ بِسَبَبِ التَّفَكُّرِ، وَلَيْسَ التَّفَكُّرُ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ. اهـ.
قُلْت؛ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي التَّفَكُّرِ الْمُوجِبِ لِلسَّهْوِ، فَقِيلَ مَا لَزِمَ مِنْهُ تَأْخِيرُ الْوَاجِبِ أَوْ الرُّكْنِ عَنْ مَحَلِّهِ بِأَنْ قَطَعَ الِاشْتِغَالَ بِالرُّكْنِ أَوْ الْوَاجِبِ قَدْرَ أَدَاءِ رُكْنٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ مُجَرَّدُ التَّفَكُّرِ الشَّاغِلِ لِلْقَلْبِ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ الْمُوَالَاةَ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا تَفَكَّرَ فِي أَفْعَالِ هَذِهِ الصَّلَاةِ؛ أَمَّا لَوْ تَفَكَّرَ فِي صَلَاةٍ قَبْلَهَا هَلْ صَلَّاهَا أَمْ لَا، فَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَّرَ فِعْلًا؛ كَمَا لَوْ تَفَكَّرَ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا حَتَّى أَخَّرَ رُكْنًا وَفِي رِوَايَةٍ يَلْزَمُهُ لِتَمَكُّنِ النَّقْصِ فِي صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ تِلْكَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَعْلَمَ جَوَازَ صَلَاتِهِ هَذِهِ بِخِلَافِ أَعْمَالِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا حِفْظُهَا. وَاسْتَظْهَرَ فِي الْحِلْيَةِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَأَنَّهُ لَوْ لَزِمَ تَرْكُ الْوَاجِبِ بِالتَّفَكُّرِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ أَيْضًا. وَاسْتَظْهَرَ أَيْضًا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمُلْزِمَ لِلسُّجُودِ مَا كَانَ فِيهِ تَأْخِيرُ الْوَاجِبِ أَوْ الرُّكْنِ عَنْ مَحَلِّهِ، إذْ لَيْسَ فِي مُجَرَّدِ التَّفَكُّرِ مَعَ الْأَدَاءِ تَرْكُ وَاجِبٍ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهَا وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ عَمِلَ بِالتَّحَرِّي) أَيْ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ أَوْ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ وَأَخَذَ بِالْأَقَلِّ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي السِّرَاجِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ لُزُومِ السُّجُودِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَفَكَّرَ قَدْرَ رُكْنٍ أَوْ لَا، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ، فَإِذَا تَحَرَّى وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِهِ، وَلَا يَظْهَرُ وَجْهٌ لِإِيجَابِ السُّجُودِ عَلَيْهِ إلَّا إذَا طَالَ تَفَكُّرُهُ غَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ لِأَنَّ فِيهِ احْتِمَالَ الزِّيَادَةِ كَمَا أَفَادَ فِي الْبَحْرِ
(قَوْلُهُ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّكَّ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَا يُعْتَبَرُ، وَأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مُسْتَثْنَاةٌ؛ وَقَيَّدَ بِالْعَدْلِ، إذْ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمَا وَلَا يُعْتَبَرُ شَكُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ عَدْلًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إمْدَادٌ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَعَادَ احْتِيَاطًا الْوُجُوبُ لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا شَكَّ الْإِمَامُ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ يَجِبُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ يُسْتَحَبُّ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ اهـ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ) أَيْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، كَأَنْ قَالُوا صَلَّيْت ثَلَاثًا وَقَالَ بَلْ أَرْبَعًا أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الْقَوْمُ وَالْإِمَامُ مَعَ فَرِيقٍ مِنْهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا أُخِذَ بِقَوْلِ الْإِمَامِ؛ وَلَوْ تَيَقَّنَ وَاحِدٌ بِالتَّمَامِ وَوَاحِدٌ بِالنَّقْصِ وَشَكَّ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فَالْإِعَادَةُ عَلَى الْمُتَيَقِّنِ بِالنَّقْصِ فَقَطْ؛ وَلَوْ تَيَقَّنَ الْإِمَامُ بِالنَّقْصِ لَزِمَهُمْ الْإِعَادَةُ إلَّا مَنْ تَيَقَّنَ مِنْهُمْ بِالتَّمَامِ، وَلَوْ تَيَقَّنَ وَاحِدٌ بِالنَّقْصِ وَشَكَّ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعِيدُوا احْتِيَاطًا وَلَزِمَتْ لَوْ الْمُخْبِرُ بِالنَّقْصِ عَدْلَانِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ وَالْفَتْحِ.
[تَتِمَّةٌ] شَكَّ الْإِمَامُ فَلَحَظَ إلَى الْقَوْمِ لِيَعْلَمَ بِهِمْ إنْ قَامُوا قَامَ وَإِلَّا قَعَدَ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ. غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ