المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الصلاة في الكعبة - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٢

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ

- ‌بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَضَاء الْفَوَائِت]

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنِ الْإِقَامَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَصْر الصَّلَاة]

- ‌[بَابُ بَابُ الْجُمُعَةِ]

- ‌بَابُ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْكُسُوفِ

- ‌بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌[مطلب فِي دفن الْمَيِّت]

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْجَنَائِز]

- ‌[مطلب فِي الثَّوَاب عَلَى المصيبة]

- ‌[مطلب فِي زِيَارَة الْقُبُور]

- ‌[مطلب فِي وَضَعَ الجريد ونحو الآس عَلَى الْقُبُور]

- ‌[تَتِمَّةٌ قَطْعُ النَّبَاتِ الرَّطْبِ وَالْحَشِيشِ مِنْ الْمَقْبَرَةِ دُونَ الْيَابِسِ]

- ‌بَابُ الشَّهِيدِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ السَّائِمَةِ

- ‌ بَابٌ نِصَابُ الْإِبِلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْبَقَرِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ

- ‌[بَابُ الْعَاشِرِ فِي الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ زَكَاة الرِّكَازِ]

- ‌بَابُ الْعُشْرِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي زَكَاة الْعَشْر]

- ‌[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌[سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الصِّيَام]

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ الْمُبِيحَةِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ]

- ‌بَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌[سُنَنٌ وَآدَابٌ الْحَجِّ]

- ‌[مطلب فِي أَحْكَام الْعُمْرَة]

- ‌[مطلب فِي الْمَوَاقِيت]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِحْرَامِ وَصِفَةِ الْمُفْرِدِ

- ‌[مطلب فِي رَمْي جَمْرَة العقبة]

- ‌[مطلب فِي طَوَاف الزِّيَارَة]

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ]

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحَجُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَفْضِيلِ الْحَجِّ عَلَى الصَّدَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَضْلِ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَكْفِيرِ الْحَجِّ الْكَبَائِرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِعْمَالِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ جَنَى فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ الْتَجَأَ إلَيْهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ]

- ‌[حرم الْمَدِينَة وَمَكَّة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمُجَاوَرَةِ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ]

- ‌[خَاتِمَة فِي الْحَجّ]

الفصل: ‌باب الصلاة في الكعبة

‌بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

فِي الْبَابِ زِيَادَةٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَهُوَ حَسَنٌ.

ــ

[رد المحتار]

الضُّحَى وَصَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ الْوَتْرَ سَفَرًا وَلَا حَضَرًا كُتِبَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ «وَالْمُتَمَسِّكُ بِسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ» وَمَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ أَرْبَعِينَ مَرَّةً " لَا إلَه إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَك إنِّي كُنْت مِنْ الظَّالِمِينَ فَمَاتَ أُعْطِيَ أَجْرَ شَهِيدٍ، وَإِنْ بَرِئَ بَرِئَ مَغْفُورًا لَهُ " وَحَذَفْت أَدِلَّةَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ اهـ مُلَخَّصًا ط.

أَقُولُ: وَقَدْ نَظَمَهَا الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الَأُجْهُورِيُّ الْمَالِكِيُّ وَشَرَحَهَا شَرْحًا لَطِيفًا، وَذَكَرَ نَحْوَ الثَّلَاثِينَ أَيْضًا لَكِنَّهُ زَادَ عَلَى مَا هُنَا: مَنْ مَاتَ بِالطَّاعُونِ كَمَا مَرَّ أَوْ بِالْحَرْقِ أَوْ مُرَابِطًا أَوْ يَقْرَأُ كُلَّ لَيْلَةٍ سُورَةَ يس، وَمَنْ صُرِعَ عَنْ دَابَّةٍ فَمَاتَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ أَوْ بِالصَّرْعِ، وَمَنْ بَاتَ عَلَى طَهَارَةٍ فَمَاتَ «وَمَنْ عَاشَ مُدَارِيًا مَاتَ شَهِيدًا» أَخْرَجَهُ الدَّيْلَمِيُّ «وَمَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ مَرَّةٍ» أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ «وَمَنْ سَأَلَ الْقَتْلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَادِقًا ثُمَّ مَاتَ أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ شَهِيدٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ «وَمَنْ جَلَبَ طَعَامًا إلَى مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ كَانَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ» رَوَاهُ الدَّيْلَمِيُّ، وَمَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَمَا مَرَّ. وَسُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ رَجُلٍ اغْتَسَلَ بِالثَّلْجِ فَأَصَابَهُ الْبَرْدُ فَمَاتَ فَقَالَ: يَا لَهَا مِنْ شَهَادَةٍ. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَقَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِيَ، فَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَاتَ شَهِيدًا، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ حَتَّى يُصْبِحَ» اهـ وَبِذَلِكَ زَادَتْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَقَدْ عَدَّهَا بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ وَذَكَرَهَا الرَّحْمَتِيُّ مَنْظُومَةً فَرَاجِعْهُ.

مَطْلَبٌ الْمَعْصِيَةُ هَلْ تُنَافِي الشَّهَادَةَ؟

[خَاتِمَةٌ]

ذَكَرَ الَأُجْهُورِيُّ قَالَ فِي الْعَارِضَةِ: مَنْ غَرِقَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَعَلَيْهِ إثْمُ مَعْصِيَتِهِ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ بِسَبَبِ مَعْصِيَةٍ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ، وَإِنْ مَاتَ فِي مَعْصِيَةٍ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الشَّهَادَةِ فَلَهُ أَجْرُ شَهَادَتِهِ وَعَلَيْهِ إثْمُ مَعْصِيَتِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَاتَلَ عَلَى فَرَسٍ مَغْصُوبٍ، أَوْ كَانَ قَوْمٌ فِي مَعْصِيَةٍ فَوَقَعَ عَلَيْهِمْ الْبَيْتُ فَلَهُمْ الشَّهَادَةُ، وَعَلَيْهِمْ إثْمُ الْمَعْصِيَةِ انْتَهَى.

ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ شَرِقَ بِالْخَمْرِ فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي مَعْصِيَةٍ لَا بِسَبَبِهَا ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبِهَا لِأَنَّ الشَّرْقَةَ بِالْخَمْرِ مَعْصِيَةٌ لِأَنَّهَا شُرْبٌ خَاصٌّ. قَالَ: وَيُتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَنْ مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ مِنْ الزِّنَا فِي أَنَّ سَبَبَ السَّبَبِ هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ السَّبَبِ فَلَا تَكُونُ شَهِيدَةً أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. اهـ. وَجَزَمَ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ بِالثَّانِي، وَقَالَ: أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ لِمَعْصِيَةٍ أَوْ سَافَرَ آبِقًا أَوْ نَاشِزَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا رَكِبَ الْبَحْرَ فِي وَقْتٍ لَا تَسِيرُ فِيهِ السُّفُنُ أَوْ تَسَبَّبَتْ امْرَأَةٌ فِي إلْقَاءِ حَمْلِهَا لِلْعِصْيَانِ بِالسَّبَبِ اهـ مُلَخَّصًا.

قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ تَقْيِيدُ رُكُوبِ الْبَحْرِ أَوْ السَّفَرِ بِمَا إذَا كَانَ لِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَإِلَّا كَانَ مَعْصِيَةً لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلْمَعْصِيَةِ، فَهُوَ كَمَنْ قَاتَلَ عَصَبِيَّةً. فَجُرِحَ ثُمَّ مَاتَ، فَالْمُنَاسِبُ مَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ تَقْيِيدِ السَّفَرِ بِالْإِبَاحَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ]

ِ لَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ الصَّلَاةِ خَارِجَهَا شَرَعَ فِي بَيَانِهَا دَاخِلَهَا، وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْبَابِ زِيَادَةٌ) وَهِيَ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَحَوْلَهَا ط (قَوْلُهُ وَهُوَ حَسَنٌ) بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَصَ عَنْهَا، وَمِثْلُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا فِي السُّؤَالِ كَقَوْلِهِ

ص: 253

(يَصِحُّ فَرْضٌ وَنَفْلٌ فِيهَا وَفَوْقَهَا) وَلَوْ بِلَا سُتْرَةٍ لِأَنَّ الْقِبْلَةَ عِنْدَنَا هِيَ الْعَرْصَةُ وَالْهَوَاءُ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ (وَإِنْ كُرِهَ الثَّانِي) لِلنَّهْيِ، وَتَرْكِ التَّعْظِيمِ (مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً، وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (اخْتَلَفَتْ وُجُوهُهُمْ) فِي التَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ (إلَّا إذَا جَعَلَ قَفَاهُ إلَى وَجْهِ إمَامِهِ) فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ (لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ) وَيُكْرَهُ جَعْلُ وَجْهِهِ لِوَجْهِهِ بِلَا حَائِلٍ وَلَوْ لِجَنْبِهِ لَمْ يُكْرَهُ فَهِيَ أَرْبَعٌ

(وَيَصِحُّ لَوْ تَحَلَّقُوا حَوْلَهَا، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ إمَامِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَانِبَهُ)

ــ

[رد المحتار]

عليه الصلاة والسلام لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّطَهُّرِ بِمَاءِ الْبَحْرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» (قَوْلُهُ: يَصِحُّ فَرْضٌ وَنَفْلٌ فِيهَا) أَيْ فِي جَوْفِهَا. وَعِنْدَ مَالِكٍ لَا يَصِحُّ الْفَرْضُ فِيهَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ اسْتَقْبَلَ جِهَةً كَانَ مُسْتَدْبِرًا جِهَةً أُخْرَى. وَلَنَا أَنَّ الْوَاجِبَ اسْتِقْبَالُ جُزْءٍ مِنْهَا غَيْرُ عَيْنٍ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ الْجُزْءُ قِبْلَةً لَهُ بِالشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّوَجُّهِ إلَيْهِ، وَمَتَى صَارَ قِبْلَةً فَاسْتِدْبَارُ غَيْرِهِ لَا يَكُونُ مُفْسِدًا، وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ صَلَّى رَكْعَةً إلَى جِهَةٍ أُخْرَى لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَدْبِرًا الْجِهَةَ الَّتِي صَارَتْ قِبْلَةً فِي حَقِّهِ بِيَقِينٍ بِلَا ضَرُورَةٍ، بِخِلَافِ الْمُتَحَرِّي، لِأَنَّ مَا تَحَوَّلَ عَنْهَا لَمْ تَصِرْ قِبْلَةً لَهُ بِيَقِينٍ بَلْ بِاجْتِهَادٍ وَلَمْ يَبْطُلْ مَا أَدَّى بِالِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مَا مَضَى بِاجْتِهَادٍ لَا يُنْقَضُ بِاجْتِهَادٍ مِثْلِهِ بَدَائِعُ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ هِيَ الْعَرْصَةُ وَالْهَوَاءُ) أَيْ لَا الْبِنَاءُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَقَلَ إلَى عَرْصَةٍ أُخْرَى وَصَلَّى إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَلِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ جَازَتْ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَصِل إلَى الْبِنَاءِ بَدَائِعُ وَالْعَرْصَةُ بِالسُّكُونِ: كُلُّ بُقْعَةٍ مِنْ الدُّورِ لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ: نَوَاحِيهَا: وَبِكَسْرِهَا: مَا بَدَا لَك مِنْهَا إذَا نَظَرْتهَا قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ الثَّانِي) أَيْ الصَّلَاةُ فَوْقَهَا (قَوْلُهُ لِلنَّهْيِ)«لِأَنَّهَا مِنْ السَّبْعِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَجَمَعَهَا الطَّرَسُوسِيُّ فِي قَوْلِهِ

نَهَى الرَّسُولُ أَحْمَدُ خَيْرُ الْبَشَرْ

عَنْ الصَّلَاةِ فِي بِقَاعٍ تُعْتَبَرْ

مَعَاطِنُ الْجِمَالِ ثُمَّ الْمَقْبَرَهْ

مَزْبَلَةٌ طَرِيقُهُمْ وَمَجْزَرَهْ

وَفَوْقَ بَيْتِ اللَّهِ وَالْحَمَّامِ

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى التَّمَامِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَتْ وُجُوهُهُمْ) شَامِلٌ لِسِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً حَاصِلَةٌ مِنْ ضُرُوبٍ أَرْبَعٍ: وَجْهُ الْمُؤْتَمِّ وَقَفَاهُ وَيَمِينُهُ وَيَسَارُهُ فِي مِثْلِهَا مِنْ الْإِمَامِ ح.

قُلْت: وَيَشْمَلُ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً أَيْضًا حَاصِلَةٌ مِنْ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُقْتَدِينَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْبَدَائِعِ، حَيْثُ قَالَ: وَكَذَا إذَا كَانَ وَجْهُ بَعْضِهِمْ إلَى ظَهْرِ بَعْضٍ وَظَهْرُ بَعْضِهِمْ إلَى ظَهْرِ بَعْضٍ لِوُجُودِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: فِي التَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ) زَادَهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ اخْتَلَفَتْ وُجُوهُهُمْ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَشْمَلُ صُورَةَ الْمُوَاجَهَةِ ط تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إلَى وَجْهِ إمَامِهِ) أَيْ بِأَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَوَجَّهَ إلَيْهَا إمَامُهُ، وَيَكُونَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ فِيهَا، سَوَاءٌ كَانَ ظَهْرُهُ مُسَامِتًا لِوَجْهِ إمَامِهِ أَوْ مُنْحَرِفًا عَنْهُ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّقَدُّمُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى: لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَةَ الصُّورَةِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْجَلَّابِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ سُتْرَةً، بِأَنْ يُعَلِّقَ نَطْعًا أَوْ ثَوْبًا ط أَيْ لِيَمْنَعَ عَنْ الْمُوَاجَهَةِ (قَوْلُهُ فَهِيَ أَرْبَعٌ) يَعْنِي الْجَوَانِبَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمُؤْتَمِّ وَالْإِمَامِ، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا سِتَّةَ عَشَرَ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ لَوْ تَحَلَّقُوا حَوْلَهَا) شُرُوعٌ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ خَارِجَهَا، وَالتَّحَلُّقُ جَائِزٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ تُؤَدَّى هَكَذَا مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى يَوْمِنَا هَذَا. وَالْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ فِي مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي جَانِبِهِ) أَمَّا إذَا كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْإِمَامِ فِي الْجِهَةِ الَّتِي يُصَلِّي إلَيْهَا الْإِمَامُ، بِأَنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْإِمَامِ بِحِذَائِهِ فَيَكُونُ ظَهْرُهُ إلَى وَجْهِ الْإِمَامِ، أَوْ كَانَ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ يَسَارِهِ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَيَكُونُ ظَهْرُهُ إلَى الصَّفِّ

ص: 254

لِتَأَخُّرِهِ حُكْمًا؛ وَلَوْ وَقَفَ مُسَامِتًا لِرُكْنٍ فِي جَانِبِ الْإِمَامِ وَكَانَ أَقْرَبَ لَمْ أَرَهُ، وَيَنْبَغِي الْفَسَادُ احْتِيَاطًا. لِتَرْجِيحِ جِهَةِ الْإِمَامِ، وَهَذِهِ صُورَتُهُ:(وَكَذَا لَوْ اقْتَدَوْا مِنْ خَارِجِهَا بِإِمَامٍ فِيهَا، وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ صَحَّ) لِأَنَّهُ كَقِيَامِهِ فِي الْمِحْرَابِ

ــ

[رد المحتار]

الَّذِي مَعَ الْإِمَامِ وَوَجْهُهُ إلَى الْكَعْبَةِ، فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ لَا يَكُونُ تَابِعًا لَهُ بَدَائِعُ.

(قَوْلُهُ لِتَأَخُّرِهِ حُكْمًا) عِلَّةٌ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْأَقْرَبِ إلَيْهَا مِنْ إمَامِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي جَانِبِ الْإِمَامِ لِأَنَّ التَّقَدُّمَ إنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ فَإِذَا لَمْ تَتَّحِدْ لَمْ يَتَحَقَّقْ تَقَدُّمُهُ عَلَى إمَامِهِ، وَالْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ هُوَ التَّقَدُّمُ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ الْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ لِعَدَمِ تَقَدُّمِهِ لِأَنَّ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّأَخُّرِ بَلْ تَكُونُ مَعَ الْمُسَاوَاةِ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي الْفَسَادُ احْتِيَاطًا إلَخْ) الْبَحْثُ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ فِي حَاشِيَةِ الدُّرَرِ، وَكَذَا لِلرَّمْلِيِّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ. وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ إذَا اسْتَقْبَلَ رُكْنَ الْحِجْرِ مَثَلًا يَكُونُ كُلٌّ مِنْ جَانِبَيْهِ جِهَةً لَهُ، فَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ مُسْتَقْبِلًا لِبَابِ الْكَعْبَةِ وَكَانَ الْمُقْتَدِي أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْإِمَامِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ وَإِنْ كَانَ جَانِبُ يَسَارِهِ جِهَةً لَهُ لَكِنْ جِهَةُ يَمِينِهِ لَمَّا كَانَتْ جِهَةَ إمَامِهِ تَرَجَّحَتْ احْتِيَاطًا تَقْدِيمًا لِمُقْتَضَى الْفَسَادِ عَلَى مُقْتَضَى الصِّحَّةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ اسْتَقْبَلَ الْإِمَامُ الرُّكْنَ وَكَانَ أَحَدُ الْمُقْتَدِينَ مِنْ جَانِبَيْهِ أَقْرَبَ إلَى الْكَعْبَةِ وَعِبَارَةُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ أَقُولُ: رَأَيْت فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ: لَوْ تَوَجَّهَ الْإِمَامُ أَوْ الْمَأْمُومُ إلَى الرُّكْنِ فَكُلٌّ مِنْ جَانِبَيْهِ جِهَتُهُ وَأَقُولُ: وَلَا شَيْءَ مِنْ قَوَاعِدِنَا يَأْبَاهُ، فَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ إلَى الرُّكْنِ فَكُلٌّ مِنْ جَانِبَيْهِ جَانِبُهُ فَيَنْظُرُ إلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ مِنْ الْمُقْتَدِينَ، فَمَنْ كَانَ الْإِمَامُ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْحَائِطِ أَوْ بِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ. وَأَمَّا الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ مِنْ الْإِمَامِ إلَى الْحَائِطِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، وَبِهِ يَتَّضِحُ الْحَالُ فِي التَّحَلُّقِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ مَعَ الْإِمَامِ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ اقْتَدُوا مِنْ خَارِجِهَا بِإِمَامٍ فِيهَا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ أَوْ لَا. قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: وَلَعَلَّ اشْتِرَاطَ فَتْحِ الْبَابِ لِيَعْلَمَ انْتِقَالَ الْإِمَامِ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ، فَلَوْ سَمِعَ انْتِقَالَاتِهِ بِالتَّبْلِيغِ، وَالْبَابُ مُغْلَقٌ لَا مَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ مِنْهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ. اهـ. وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِارْتِفَاعِ مَكَانِ الْإِمَامِ قَدْرَ الْقَامَةِ كَانْفِرَادِهِ عَلَى الدُّكَّانِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ ط.

أَقُولُ: وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ عَكْسَ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ مَا لَوْ كَانَ الْمُقْتَدِي فِيهَا وَالْإِمَامُ خَارِجَهَا. وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ إنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهَا مَانِعٌ مِنْ التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ. ثُمَّ رَأَيْت رِسَالَةً لِسَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ سَمَّاهَا [نَفْضَ الْجَعْبَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ مِنْ جَوْفِ الْكَعْبَةِ] ذَكَرَ فِيهَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَنَّهُ وَقَعَ فِيهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ عَصْرِهِ فِي مَكَّةَ وَأَنَّهُ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ وَبَعْضُهُمْ بِالْمَنْعِ وَلَمْ تُوجَدْ مَنْصُوصَةٌ. وَأَجَابَ هُوَ بِالْجَوَازِ وَرَدَ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْمَانِعُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ ذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فِي كِتَابِهِ إعْلَامِ السَّاجِدِ بِأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ وَذَكَرَ أَنَّ قَوَاعِدَنَا لَا تَأْبَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَوَازِ اهـ.

قُلْت: وَلَمَّا حَجَجْت سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ اجْتَمَعْت فِي مِنًى سَقَى اللَّهُ عَهْدَهَا مَعَ بَعْضِ أَفَاضِلِ الرُّومِ مِنْ قُضَاةِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ فَسَأَلَنِي عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقُلْت لَهُ مَا تَقَدَّمَ فَقَالَ: لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَكُونُ أَقْوَى حَالًا مِنْ الْإِمَامِ لِكَوْنِهِ دَاخِلَهَا وَالْإِمَامُ خَارِجُهَا، وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ يُصَلِّي فِي الْحِجْرِ إذَا

ص: 255