المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الحج عن الغير - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٢

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ

- ‌بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَضَاء الْفَوَائِت]

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنِ الْإِقَامَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَصْر الصَّلَاة]

- ‌[بَابُ بَابُ الْجُمُعَةِ]

- ‌بَابُ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْكُسُوفِ

- ‌بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌[مطلب فِي دفن الْمَيِّت]

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْجَنَائِز]

- ‌[مطلب فِي الثَّوَاب عَلَى المصيبة]

- ‌[مطلب فِي زِيَارَة الْقُبُور]

- ‌[مطلب فِي وَضَعَ الجريد ونحو الآس عَلَى الْقُبُور]

- ‌[تَتِمَّةٌ قَطْعُ النَّبَاتِ الرَّطْبِ وَالْحَشِيشِ مِنْ الْمَقْبَرَةِ دُونَ الْيَابِسِ]

- ‌بَابُ الشَّهِيدِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ السَّائِمَةِ

- ‌ بَابٌ نِصَابُ الْإِبِلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْبَقَرِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ

- ‌[بَابُ الْعَاشِرِ فِي الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ زَكَاة الرِّكَازِ]

- ‌بَابُ الْعُشْرِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي زَكَاة الْعَشْر]

- ‌[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌[سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الصِّيَام]

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ الْمُبِيحَةِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ]

- ‌بَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌[سُنَنٌ وَآدَابٌ الْحَجِّ]

- ‌[مطلب فِي أَحْكَام الْعُمْرَة]

- ‌[مطلب فِي الْمَوَاقِيت]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِحْرَامِ وَصِفَةِ الْمُفْرِدِ

- ‌[مطلب فِي رَمْي جَمْرَة العقبة]

- ‌[مطلب فِي طَوَاف الزِّيَارَة]

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ]

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحَجُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَفْضِيلِ الْحَجِّ عَلَى الصَّدَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَضْلِ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَكْفِيرِ الْحَجِّ الْكَبَائِرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِعْمَالِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ جَنَى فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ الْتَجَأَ إلَيْهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ]

- ‌[حرم الْمَدِينَة وَمَكَّة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمُجَاوَرَةِ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ]

- ‌[خَاتِمَة فِي الْحَجّ]

الفصل: ‌باب الحج عن الغير

لِلْأَمْنِ (مِنْ الْفَوَاتِ) وَالْمَمْنُوعُ لَوْ (بِمَكَّةَ عَنْ الرُّكْنَيْنِ مُحْصَرٌ) عَلَى الْأَصَحِّ (وَالْقَادِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا) أَمَّا عَلَى الْوُقُوفِ فَلِتَمَامِ حَجِّهِ بِهِ، وَأَمَّا عَلَى الطَّوَافِ فَلِتَحَلُّلِهِ بِهِ كَمَا مَرَّ.

‌بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

ــ

[رد المحتار]

كَالْحَائِضِ تَتْرُكُ طَوَافَ الصَّدْرِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِحْصَارَ عُذْرٌ. ثُمَّ أَجَابَ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى الْإِحْصَارِ بِالْعَدُوِّ لَا مُطْلَقًا فَإِنَّهُ إذَا كَانَ بِالْمَرَضِ فَهُوَ سَمَاوِيٌّ يَكُونُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ، بِخِلَافِ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي التَّيَمُّمِ اهـ وَنَقَلَهُ فِي النَّهْرِ، وَبِهِ جَزَمَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي جِنَايَاتِ شَرْحِ اللُّبَابِ.

قُلْت: وَلَا تَرِدُ مَسْأَلَةُ تَرْكِ الْوُقُوفِ لِخَوْفِ الزِّحَامِ لِمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّ الْخَوْفَ إنْ لَمْ يَنْشَأْ بِسَبَبِ وَعِيدِ الْعَبْدِ فَهُوَ سَمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لِلْأَمْنِ مِنْ الْفَوَاتِ) فِيهِ أَنَّ الْمُعْتَمِرَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَتَوَقَّفُ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِحْصَارِ فِيهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُعْتَمِرَ يَلْزَمُهُ ضَرَرٌ بِامْتِدَادِ الْإِحْرَامِ فَوْقَ مَا الْتَزَمَهُ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالْحَلْقِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ فَلَهُ الْفَسْخُ. أَمَّا الْحَاجُّ فَيُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّحَلُّلِ بِالْهَدْيِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ، لَكِنْ قِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِقَ فِي مَكَانِهِ فِي الْحِلِّ بَلْ يُؤَخِّرُهُ إلَى مَا بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الْعَتَّابِيِّ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّهُ لَا إحْصَارَ فِي مَكَّةَ الْيَوْمَ لِأَنَّهَا دَارُ إسْلَامٍ (قَوْلُهُ وَالْقَادِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَالْمَمْنُوعُ بِمَكَّةَ عَنْ الرُّكْنَيْنِ مُحْصَرٌ، وَذَكَرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا إحْصَارَ بَعْدَ مَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ مِنْ قَبِيلِ ذِكْرِ الْأَعَمِّ بَعْدَ الْأَخَصِّ فَلَيْسَ بِتَكْرَارٍ مَحْضٍ (قَوْلُهُ فَلِتَمَامِ حَجِّهِ بِهِ) قَالُوا الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ إذَا مَاتَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ يَكُونُ مُجْزِئًا بَحْرٌ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِيهِ أَوَّلَ كِتَابِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى الطَّوَافِ) سَمَّاهُ أَحَدَ رُكْنَيْ الْحَجِّ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ، وَإِلَّا فَالطَّوَافُ الرُّكْنُ هُوَ مَا يَقَعُ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَلَا وُقُوفَ هُنَا أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ فَلِتَحَلُّلِهِ بِهِ) لِأَنَّ فَائِتَ الْحَجِّ يُتَحَلَّلُ بِهِ وَالدَّمُ بَدَلٌ عَنْهُ فِي التَّحَلُّلِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى الْهَدْيِ زَيْلَعِيٌّ.

وَفِي شَرْحِ اللُّبَابِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي مَعْنَى فَائِتِ الْحَجِّ فَيَتَحَلَّلُ عَنْ إحْرَامِهِ بَعْدَ فَوْتِ الْوُقُوفِ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا عُمْرَةَ فِي الْقَضَاءِ اهـ فَالِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ الطَّوَافِ لِأَنَّهُ رُكْنُ الْعُمْرَةِ وَإِلَّا فَلَا يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِمُجَرَّدِ الطَّوَافِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ السَّعْيِ وَالْحَلْقِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمَا مَرَّ أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ، وَكَذَا مَرَّ قَبْلَ بَابِ الْقِرَانِ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَقِفْ فِيهَا فَاتَ حَجُّهُ فَطَافَ وَسَعَى وَتَحَلَّلَ وَقَضَى مِنْ قَابِلٍ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ.

[تَنْبِيهٌ] أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ مِنْ هُنَا بَابَ الْفَوَاتِ الْمَذْكُورِ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ بَابِ الْقِرَانِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَسْبَابَ الْمُوجِبَةَ لِقَضَاءِ الْحَجِّ أَرْبَعَةٌ: الْفَوَاتُ. وَالْإِحْصَارُ عَنْ الْوُقُوفِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي كَيْفِيَّةِ التَّحَلُّلِ. وَالثَّالِثُ الْإِفْسَادُ بِالْجِمَاعِ وَإِنْ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ. وَالرَّابِعُ الرَّفْضُ، وَفُرُوعُهُ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَابِ السَّابِقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ]

ِ اعْتَرَضَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ إدْخَالَ أَلْ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ وَاقِعٍ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ بَلْ هُوَ مَلْزُومُ الْإِضَافَةِ اهـ لَكِنْ قَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ النُّحَاةِ: مَنَعَ قَوْمٌ دُخُولَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَى غَيْرٍ وَكُلٍّ وَبَعْضٍ، وَقَالُوا هَذِهِ كَمَا لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ لَا تَتَعَرَّفُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ.

ص: 594

الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَتَى بِعِبَادَةٍ مَا،

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي دُخُولِ أَلْ عَلَى غَيْرٍ. وَعِنْدِي أَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا، فَيُقَالُ فَعَلَ الْغَيْرُ كَذَا، وَالْكُلُّ خَيْرٌ مِنْ الْبَعْضِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ هُنَا لَيْسَتْ لِلتَّعْرِيفِ وَلَكِنَّهَا الْمُعَاقِبَةُ لِلْإِضَافَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ أَنَّ غَيْرًا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. ثُمَّ إنَّ الْغَيْرَ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى الضِّدِّ وَالْكُلُّ عَلَى الْجُمْلَةِ وَالْبَعْضُ عَلَى الْجُزْءِ، فَيَصْلُحُ دُخُولُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَيْهِ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، يَعْنِي أَنَّهَا تَتَعَرَّفُ عَلَى طَرِيقَةِ حَمْلِ النَّظِيرِ عَلَى النَّظِيرِ، فَإِنَّ الْغَيْرَ نَظِيرُ الضِّدِّ وَالْكُلَّ نَظِيرُ الْجُمْلَةِ، وَالْبَعْضَ نَظِيرُ الْجُزْءِ، وَحَمْلُ النَّظِيرِ عَلَى النَّظِيرِ سَائِغٌ شَائِعٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ كَحَمْلِ الضِّدِّ عَلَى الضِّدِّ، كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَتَبَّعَ كَلَامَهُمْ، وَقَدْ نَصَّ الْعَلَّامَةُ الزَّمَخْشَرِيّ عَلَى وُقُوعِ هَذَيْنِ الْحَمْلَيْنِ وَشُيُوعِهِمَا فِي لِسَانِهِمْ فِي الْكَشَّافِ أَفَادَهُ ابْنُ كَمَالٍ. مَطْلَبٌ فِي إهْدَاءِ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ بِعِبَادَةٍ مَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ صَدَقَةً أَوْ قِرَاءَةً أَوْ ذِكْرًا أَوْ طَوَافًا أَوْ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ زِيَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالشُّهَدَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَتَكْفِينِ الْمَوْتَى، وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبِرِّ كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ ط وَقَدَّمْنَا فِي الزَّكَاةِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ الْأَفْضَلُ لِمَنْ يَتَصَدَّقُ نَفْلًا أَنْ يَنْوِيَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ لِأَنَّهَا تَصِلُ إلَيْهِمْ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ. اهـ.

وَفِي الْبَحْرِ بَحَثَ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ شَامِلٌ لِلْفَرِيضَةِ لَكِنْ لَا يَعُودُ الْفَرْضُ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ عَدَمَ الثَّوَابِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ السُّقُوطِ عَنْ ذِمَّتِهِ اهـ. عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ لَا يَنْعَدِمُ كَمَا عَلِمْت، وَسَنَذْكُرُ فِيمَا لَوْ أَهَلَّ بِحَجٍّ عَنْ أَبَوَيْهِ أَنَّهُ قِيلَ إنَّهُ يَجْزِيهِ عَنْ حَجِّ الْفَرْضِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ فِي الْفَرَائِضِ. وَبَحَثَ أَيْضًا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ عِنْدَ الْفِعْلِ لِلْغَيْرِ أَوْ يَفْعَلَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَجْعَلَ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ لِإِطْلَاقِ كَلَامِهِمْ. اهـ. قُلْت: وَإِذَا قُلْنَا بِشُمُولِهِ لِلْفَرِيضَةِ أَفَادَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْفَرْضَ يَنْوِيهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِذَا صَحَّ جَعْلُ ثَوَابِهِ لِغَيْرِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي وُصُولِ الثَّوَابِ أَنْ يَنْوِيَ الْغَيْرَ عِنْدَ الْفِعْلِ، وَقَدَّمْنَا فِي آخِرِ الْجَنَائِزِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهِيدِ عَنْ ابْنِ الْقَيِّمِ الْحَنْبَلِيِّ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ عِنْدَهُمْ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْغَيْرِ عِنْدَ الْفِعْلِ؟ فَقِيلَ لَا لِكَوْنِ الثَّوَابِ لَهُ فَلَهُ التَّبَرُّعُ بِهِ لِمَنْ أَرَادَ، وَقِيلَ نَعَمْ وَهُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ لَهُ لَمْ يُقْبَلْ انْتِقَالُهُ عَنْهُ، وَقَدَّمْنَا عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوُصُولِ أَنْ يَهْدِيَهُ بِلَفْظِهِ كَمَا لَوْ أَعْطَى فَقِيرًا بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَمْ تَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ وَنَحْوِهِ، نَعَمْ لَوْ فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ نَوَى جَعْلَ ثَوَابِهِ لِغَيْرِهِ لَمْ يَكْفِ كَمَا لَوْ نَوَى أَنْ يَهَبَ أَوْ يَعْتِقَ أَوْ يَتَصَدَّقَ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ إهْدَاءُ نِصْفِ الثَّوَابِ أَوْ رُبْعِهِ. وَيُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ أَهْدَى الْكُلَّ إلَى أَرْبَعَةٍ يَحْصُلُ لِكُلٍّ رُبْعُهُ، وَتَمَامُهُ هُنَاكَ. مَطْلَبٌ فِيمَنْ أَخَذَ فِي عِبَادَتِهِ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا.

[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا لِيَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ عِبَادَتِهِ لِلْمُعْطِي، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ ذَلِكَ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ عَلَى عِبَادَةٍ سَابِقَةٍ يَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا لَهَا، وَذَلِكَ بَاطِلٌ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ لِيَعْمَلَ يَكُونُ إجَارَةً عَلَى الطَّاعَةِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ أَيْضًا كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى، إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَاهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ جَوَازِ

ص: 595

لَهُ جَعْلُ ثَوَابِهَا لِغَيْرِهِ وَإِنْ نَوَاهَا عِنْد الْفِعْلِ لِنَفْسِهِ لِظَاهِرِ الْأَدِلَّةِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى - {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39]- أَيْ إلَّا إذَا وَهَبَهُ لَهُ كَمَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ،

ــ

[رد المحتار]

الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التَّعْلِيمِ وَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَعَلَّلُوهُ بِالضَّرُورَةِ وَخَوْفِ ضَيَاعِ الدِّينِ فِي زَمَانِنَا لِانْقِطَاعِ مَا كَانَ يُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَلَا عَلَى التِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ أَيْضًا، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي رِسَالَتِنَا [شِفَاءُ الْعَلِيلِ وَبَلُّ الْغَلِيلِ، فِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْخَتَمَاتِ وَالتَّهَالِيلِ] فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَهُ جَعْلُ ثَوَابِهَا لِغَيْرِهِ) أَيْ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي كُلِّ الْعِبَادَاتِ وَلِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ الْمَحْضَةِ كَالصَّلَاةِ وَالتِّلَاوَةِ فَلَا يَقُولَانِ بِوُصُولِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ، وَلَيْسَ الْخِلَافُ فِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، بَلْ فِي أَنَّهُ يَنْجَعِلُ بِالْجَعْلِ أَوْ لَا بَلْ يَلْغُو جَعْلُهُ، أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ: أَيْ الْخِلَافَ فِي وُصُولِ الثَّوَابِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ. قُلْت: وَشَمَلَ إطْلَاقُ الْغَيْرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَفِيهِ نِزَاعٌ طَوِيلٌ لِغَيْرِهِمْ.

وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الْجَوَازُ كَمَا بَسَطْنَاهُ آخِرَ الْجَنَائِزِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَاهَا إلَخْ) قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ لِظَاهِرِ الْأَدِلَّةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَهُ جَعْلُ ثَوَابِهَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ: أَيْ لِلْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ أَيْ الْوَاضِحَةِ الْجَلِيَّةِ، فَالظُّهُورُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَا الْأُصُولِيِّ، لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ فِيهِ مُتَوَاتِرَةٌ قَطْعِيَّةُ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُرَادِ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ كَمَا تَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ أَيْ إلَّا إذَا وَهَبَهُ) جَوَابُ قَوْلِهِ وَأَمَّا، وَأَسْقَطَ الْفَاءَ مِنْ جَوَابِهَا وَهُوَ لَا يَسْقُطُ إلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ كَقَوْلِهِ

فَأَمَّا الْقِتَالُ لَاقْتَالَ لَدَيْكُمْ

كَمَا فِي الْمُغْنِي. وَأَجَابَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} [آل عمران: 106] بِأَنَّ الْأَصْلَ فَيُقَالُ لَهُمْ أَكَفَرْتُمْ، فَحَذَفَ الْقَوْلَ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِالْمَقُولِ فَتَبِعَتْهُ الْفَاءُ فِي الْحَذْفِ. قَالَ: وَرُبَّ شَيْءٍ يَصِحُّ تَبَعًا وَلَا يَصِحُّ اسْتِقْلَالًا كَالْحَاجِّ عَنْ غَيْرِهِ يُصَلِّي عَنْهُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَلَوْ صَلَّى أَحَدٌ عَنْ غَيْرِهِ ابْتِدَاءً لَا يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ هُنَا مَحْذُوفٌ مَعَ الْفَاءِ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِأَيْ الْمُفَسِّرَةِ لَهُ. وَالتَّقْدِيرُ: وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى فَمُؤَوَّلٌ أَيْ إلَّا إذَا وَهَبَهُ، عَلَى أَنَّ الدَّمَامِينِيَّ اخْتَارَ جَوَازَ حَذْفِ الْفَاءِ فِي سَعَةِ الْكَلَامِ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِالْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ (قَوْلُهُ كَمَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ) حَيْثُ قَالَ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الْآيَةَ وَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فِيمَا قَالَهُ الْمُعْتَزِلَةُ، لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ أَوْ مُقَيَّدَةٌ؛ وَقَدْ ثَبَتَ مَا يُوجِبُ الْمَصِيرَ إلَى ذَلِكَ وَهُوَ مَا صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْهُ وَالْآخَرُ عَنْ أُمَّتِهِ» فَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَانْتَشَرَ مُخَرِّجُوهُ؛ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا يَجُوزُ تَقْيِيدُ الْكِتَابِ بِهِ بِمَا لَمْ يَجْعَلْهُ صَاحِبُهُ لِغَيْرِهِ.

وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عليه الصلاة والسلام فَقَالَ: كَانَ لِي أَبَوَانِ أَبَرُّهُمَا حَالَ حَيَاتِهِمَا فَكَيْفَ لِي بِبِرِّهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: إنَّ مِنْ الْبِرِّ بَعْدَ الْمَوْتِ أَنْ تُصَلِّيَ لَهُمَا مَعَ صَلَاتِك وَأَنْ تَصُومَ لَهُمَا مَعَ صَوْمِك» " وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ مَرَّ عَلَى الْمَقَابِرِ وَقَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ وَهَبَ أَجْرَهَا لِلْأَمْوَاتِ أُعْطِيَ مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِ الْأَمْوَاتِ» وَعَنْ «أَنَسٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَتَصَدَّقُ عَنْ مَوْتَانَا وَنَحُجُّ عَنْهُمْ وَنَدْعُو لَهُمْ، فَهَلْ يَصِلُ ذَلِكَ لَهُمْ؟ قَالَ نَعَمْ، إنَّهُ لَيَصِلُ إلَيْهِمْ، وَإِنَّهُمْ لَيَفْرَحُونَ بِهِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالطَّبَقِ إذَا أُهْدِيَ إلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ. وَعَنْهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، فَهَذَا كُلُّهُ وَنَحْوُهُ مِمَّا تَرَكْنَاهُ خَوْفَ الْإِطَالَةِ يَبْلُغُ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُ وَهُوَ النَّفْعُ بِعَمَلِ الْغَيْرِ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ، وَكَذَا مَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنْ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ لِلْوَالِدَيْنِ، وَمِنْ الْإِخْبَارِ بِاسْتِغْفَارِ الْمَلَائِكَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ

ص: 596