الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْعُشْرِ
(يَجِبُ) الْعُشْرُ (فِي عَسَلِ) وَإِنْ قَلَّ (أَرْضِ غَيْرِ الْخَرَاجِ) وَلَوْ غَيْرِ عُشْرِيَّةٍ كَجَبَلٍ وَمَفَازَةٍ بِخِلَافِ الْخَرَاجِيَّةِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ (وَكَذَا) يَجِبُ الْعُشْرُ (فِي ثَمَرَةِ جَبَلٍ أَوْ مَفَازَةٍ إنْ حَمَاهُ الْإِمَامُ) لِأَنَّهُ مَالٌ مَقْصُودٌ لَا إنْ
ــ
[رد المحتار]
[بَابُ الْعُشْرِ]
ِ هُوَ وَاحِدُ الْأَجْزَاءِ الْعَشَرَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ لِتَشْمَلَ التَّرْجَمَةُ نِصْفَ الْعُشْرِ وَضِعْفَهُ حَمَوِيٌّ وَذَكَرَهُ فِي الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ مِنْهَا قَالَ فِي الْفَتْحِ قِيلَ: إنَّ تَسْمِيَتَهُ زَكَاةً عَلَى قَوْلِهِمَا لِاشْتِرَاطِهِمَا النِّصَابَ وَالْبَقَاءَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ إذْ لَا شَكَّ أَنَّهُ زَكَاةٌ حَتَّى يُصْرَفَ مَصَارِفَهَا وَاخْتِلَافُهُمْ فِي إثْبَاتِ بَعْضِ شُرُوطٍ لِبَعْضِ أَنْوَاعِ الزَّكَاةِ وَنَفْيُهَا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ زَكَاةً. اهـ. وَاسْتَظْهَرَ فِي النَّهْرِ قَوْلَ الْعِنَايَةِ إنَّ تَسْمِيَتَهُ زَكَاةً مَجَازٌ وَأَيَّدَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ سِوَاهُ، وَلَا بِجَامِعِ الزَّكَاةِ وَبِتَسْمِيَتِهِ فِي الْحَدِيثِ صَدَقَةً وَاخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي كَمَا فِي الزَّكَاةِ اهـ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي عَشْرَةِ مَوَاضِعَ بَسَطَهَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ يَجِبُ الْعُشْرُ) ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْمَعْقُولِ: أَيْ يُفْتَرَضُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] فَإِنَّ عَامَّةَ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ وَهُوَ مُجْمَلٌ بَيَّنَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «مَا سَقَتْ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِغَرْبٍ أَوْ دَالِيَةٍ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَالْيَوْمَ ظَرْفٌ لِلْحَقِّ لَا لِلْإِيتَاءِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ فَزَكَاةُ الْحُبُوبِ لَا تَخْرُجُ يَوْمَ الْحَصَادِ بَلْ بَعْدَ التَّنْقِيَةِ وَالْكَيْلِ لِيَظْهَرَ مِقْدَارُهَا عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْخَضْرَاوَاتِ، وَيُخْرَجُ حَقُّهَا يَوْمَ الْحَصَادِ أَيْ الْقَطْعِ بَدَائِعُ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فِي عَسَلِ) بِغَيْرِ تَنْوِينٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ قَلَّ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: بِلَا شَرْطِ نِصَابٍ مُغْنٍ عَنْهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ رَاجِعٌ لِلْكُلِّ ح وَصَرَّحَ بِالْعَسَلِ إشَارَةً إلَى خِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ حَيَوَانٍ فَأَشْبَهَ الْإِبْرَيْسَمِ وَدَلِيلُنَا مَبْسُوطٌ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: أَرْضِ غَيْرِ الْخَرَاجِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ وُجُوبِهِ كَوْنُ الْأَرْضِ خَرَاجِيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فَشَمِلَ الْعُشْرِيَّةُ، وَمَا لَيْسَتْ بِعُشْرِيَّةٍ وَلَا خَرَاجِيَّةٍ كَالْجَبَلِ، وَالْمَفَازَةِ لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَغَيْرِهَا أَنَّ الْجَبَلَ عُشْرِيٌّ، وَقَدَّمْنَا أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُعْمِلَ فَهُوَ عُشْرِيٌّ هَذَا وَقَيَّدَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ الْأَرْضَ الْخَرَاجِيَّةَ بِالْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ قَالَ فَلَوْ وُجِدَ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ الْمُقَاسَمَةُ فَفِيهِ مِثْلُ مَا فِي التَّمْرِ الْمَوْجُودِ فِيهَا اهـ لَكِنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي نَفْيِ وُجُوبِ الْعُشْرِ وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْخَرَاجِيَّةِ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ.
وَاسْتُفِيدَ أَنَّ الْخَرَاجَ قِسْمَانِ خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ، وَهُوَ مَا وَضَعَهُ الْإِمَامُ عَلَى أَرْضٍ فَتَحَهَا وَمَنَّ عَلَى أَهْلِهَا بِهَا مِنْ نِصْفِ الْخَارِجِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبْعِهِ وَخَرَاجُ وَظِيفَةٍ مِثْلُ الَّذِي وَظَّفَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى أَرْضِ السَّوَادِ لِكُلِّ جَرِيبٍ يَبْلُغُهُ الْمَاءُ صَاعُ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَأْتِي هُنَا بَعْضُ أَحْكَامِهَا.
(قَوْلُهُ: فِي ثَمَرَةِ جَبَلٍ) يَدْخُلُ فِيهِ الْقُطْنُ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ اسْمٌ لِشَيْءٍ مُتَفَرِّعٍ مِنْ أَصْلٍ يَصْلُحُ لِلْأَكْلِ وَاللِّبَاسِ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ اسْمٌ لِحَمْلِ الشَّجَرِ وَالْمَشْهُورُ مَا فِي الْمُفْرَدَاتِ أَنَّهُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُسْتَطْعَمُ مِنْ أَحْمَالِ الشَّجَرِ وَيَجِبُ الْعُشْرُ، وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ وَلَمْ يُعَالِجْهُ أَحَدٌ وَخَرَجَ ثَمَرَةُ شَجَرٍ فِي دَارِ رَجُلٍ، وَلَوْ بُسْتَانًا فِي دَارِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلدَّارِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ط عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ: إنْ حَمَاهُ الْإِمَامُ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْعَسَلُ وَالثَّمَرَةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْحِمَايَةُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَا عَنْ كُلِّ أَحَدٍ فَإِنَّ ثَمَرَ الْجِبَالِ مُبَاحٌ لَا يَجُوزُ مَنْعُ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا شَيْءَ فِيمَا يُوجَدُ فِي الْجِبَالِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً وَلَهُمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مِلْكِهَا النَّمَاءُ وَقَدْ حَصَلَ. اهـ.
ح (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَالٌ مَقْصُودٌ) أَيْ مَقْصُودٌ لِلْإِمَامِ بِالْحِفْظِ اهـ ط أَوْ مَقْصُودٌ بِالْأَخْذِ فَلِذَا تُشْتَرَطُ حِمَايَتُهُ حَتَّى يَجِبَ فِيهِ
لَمْ يَحْمِهِ لِأَنَّهُ كَالصَّيْدِ
(وَ) تَجِبُ فِي (مَسْقِيِّ سَمَاءٍ) أَيْ مَطَرٍ (وَسَيْحٍ) كَنَهْرٍ (بِلَا شَرْطِ نِصَابٍ) رَاجِعٌ لِلْكُلِّ (وَ) بِلَا شَرْطِ (بَقَاءٍ) وَحَوَلَانِ حَوْلٍ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ وَلِذَا كَانَ لِلْإِمَامِ أَخْذُهُ جَبْرًا وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّرِكَةِ وَيَجِبُ مَعَ الدَّيْنِ وَفِي أَرْضِ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ وَوَقْفٍ وَتَسْمِيَتُهُ زَكَاةً
ــ
[رد المحتار]
الْعُشْرُ؛ لِأَنَّ الْجِبَايَةَ بِالْحِمَايَةِ فَهُوَ عِلَّةٌ لِاشْتِرَاطِ الْجِبَايَةِ أَوْ مِنْ جِنْسِ مَا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِغْلَالُ الْأَرْضِ فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْوُجُوبِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: أَيْ مَطَرٍ) سُمِّيَ بِذَلِكَ مَجَازًا مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يُجَاوِرُهُ أَوْ يَحِلُّ فِيهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَسَيْحٍ) بِالسِّينِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: سَاحَ الْمَاءُ سَيْحًا جَرَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَمِنْهُ مَا سُقِيَ سَيْحًا يَعْنِي مَاءَ الْأَنْهَارِ وَالْأَوْدِيَةِ اهـ (قَوْلُهُ: بِلَا شَرْطِ نِصَابٍ) وَبَقَاءً فَيَجِبُ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ بِشَرْطِ أَنْ يَبْلُغَ صَاعًا وَقِيلَ نِصْفُهُ وَفِي الْخَضْرَاوَاتِ الَّتِي لَا تَبْقَى وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَقَالَا: لَا يَجِبُ إلَّا فِيمَا لَهُ ثَمَرَةٌ بَاقِيَةٌ حَوْلًا بِشَرْطِ أَنْ يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ إنْ كَانَ مِمَّا يُوسَقُ، وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا كُلُّ صَاعٍ أَرْبَعَةُ أَمْنَاءَ وَإِلَّا فَحَتَّى يَبْلُغَ قِيمَةَ نِصَابٍ مِنْ أَدْنَى الْمَوْسُوقِ عِنْدَ الثَّانِي وَاعْتُبِرَ الثَّالِثُ خَمْسَةَ أَمْثَالٍ مِمَّا يُقَدَّرُ بِهِ نَوْعُهُ فَفِي الْقُطْنِ خَمْسَةُ أَحْمَالٍ وَفِي الْعَسَلِ أَفْرَاقٍ وَفِي السُّكَّرِ أَمْنَاءَ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَحَوَلَانِ حَوْلٍ) حَتَّى لَوْ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ مِرَارًا وَجَبَ فِي كُلِّ مَرَّةِ لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ عَنْ قَيْدِ الْحَوْلِ وَلِأَنَّ الْعُشْرَ فِي الْخَارِجِ حَقِيقَةٌ فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ وَكَذَا خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْخَارِجِ فَأَمَّا خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ فَلَا يَجِبُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَارِجِ بَلْ فِي الذِّمَّةِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ) أَيْ فِي الْعُشْرِ مَعْنَى مُؤْنَةِ الْأَرْضِ: أَيْ أُجْرَتِهَا فَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ مَحْضَةٍ ط.
(قَوْلُهُ: أَخَذَهُ جَبْرًا) وَيَسْقُطُ عَنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَمَا لَوْ أَدَّى بِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَدَّى بِنَفْسِهِ يُثَابُ ثَوَابَ الْعِبَادَةِ وَإِذَا أَخَذَهُ الْإِمَامُ يَكُونُ لَهُ ثَوَابُ ذَهَابِ مَالِهِ فِي وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: وَفِي أَرْضِ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمُكَاتَبٍ) مِنْ مَدْخُولِ الْغَلَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِهِ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ (قَوْلُهُ: وَوَقْفٍ) أَفَادَ أَنَّ مِلْكَ الْأَرْضِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُجُوبِ الْعُشْرِ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ مِلْكُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي الْخَارِجِ لَا فِي الْأَرْضِ، فَكَانَ مِلْكُهُ لَهَا وَعَدَمُهُ سَوَاءً بَدَائِعُ.
مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي حُكْمِ أَرَاضِي مِصْرَ وَالشَّامِ السُّلْطَانِيَّةِ قُلْت: هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا زَرَعَهَا أَهْلُ الْوَقْفِ أَمَّا إذَا زَرَعَهَا غَيْرُهُمْ بِالْأُجْرَةِ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَفِي حُكْمِ ذَلِكَ أَرَاضِي مِصْرَ وَالشَّامِ السُّلْطَانِيَّةِ فَإِنَّهَا فِي الْأَصْلِ كَانَتْ خَرَاجِيَّةً أَمَّا الْآنَ فَلَا فَقَدْ صَرَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي أَرْضِ مِصْرَ بِأَنَّ الْمَأْخُوذَ الْآن مِنْهَا أُجْرَةٌ لَا خَرَاجَ قَالَ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِلزُّرَّاعِ كَأَنَّهُ لِمَوْتِ الْمَالِكِينَ بِلَا وَارِثٍ فَصَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ اهـ وَكَذَا أَرَاضِي الشَّامِ كَمَا فِي جِهَادِ شَرْحِ الْمُلْتَقَى، لَكِنَّ فِي كَوْنِهَا كُلَّهَا صَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ بَحْثٌ سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَحَيْثُ صَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ سَقَطَ عَنْهَا الْخَرَاجُ لِعَدَمِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَهَلْ عَلَى زُرَّاعِهَا عُشْرٌ أَمْ لَا سَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا بَاعَهَا الْإِمَامُ بِشَرْطِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُشْتَرِي خَرَاجٌ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَخْذِ الثَّمَنِ لِبَيْتِ الْمَالِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ كُلُّهَا لَهُ أَوْ بَعْضُهَا وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَجُوزُ وَضْعُ الْخَرَاجِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ جَازَ بَقَاءً وَلِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ كَذَا قَالَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي التُّحْفَةِ الْمَرْضِيَّةِ وَقَالَ أَيْضًا إنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ أَيْضًا قَالَ: لِأَنِّي لَمْ أَرَ نَقْلًا فِي ذَلِكَ.
قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الشَّرْطَ مِلْكُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ لَا فِي الْأَرْضِ حَتَّى وَجَبَ فِي الْخَارِجِ مِنْ أَرْضِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، وَالْمُكَاتَبِ، وَالْوَقْفِ وَلِأَنَّ سَبَبَهُ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ بِالْخَارِجِ تَحْقِيقًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ
مَجَازٌ (إلَّا فِيهِمَا) لَا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِغْلَالُ الْأَرْضِ (نَحْوُ حَطَبٍ وَقَصَبٍ) فَارِسِيٌّ (وَحَشِيشٍ) وَتِبْنٍ وَسَعَفٍ وَصَمْغٍ وَقَطِرَانٍ وَخِطْمِيٍّ وَأُشْنَانٍ وَشَجَرِ قُطْنٍ وَبَاذِنْجَانٍ وَبِزْرِ بِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ وَأَدْوِيَةٍ كَحُلْبَةٍ وَشُونِيزٍ حَتَّى لَوْ أَشْغَلَ أَرْضَهُ بِهَا يَجِبُ الْعُشْرُ
ــ
[رد المحتار]
الْخَرَاجِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْأَرْضِ سُقُوطُ الْعُشْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْخَارِجِ، وَالثَّمَنُ الْمَأْخُوذُ لِبَيْتِ الْمَالِ هُوَ بَدَلُ الْأَرْضِ لَا بَدَلُ الْخَارِجِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُنَازَعُ فِي سُقُوطِ الْخَرَاجِ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ، أَوْ سُقِيَتْ بِمَائِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْغَازِي الَّذِي اخْتَطَّ لَهُ الْإِمَامُ دَارًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا فَإِذَا جَعَلَهَا بُسْتَانًا وَسَقَاهَا بِمَاءِ الْعُشْرِ، فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ أَوْ بِمَاءِ الْخَرَاجِ، فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ كَمَا يَأْتِي فَإِنَّ وَضْعَ الْخَرَاجِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِالْتِزَامِهِ جَائِزٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِهِ حِينَ صَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ لِعَدَمِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَجِبَ حِينَ وُجِدَ الْتِزَامُ الْمُشْتَرِي بِسَقْيِهِ مَا اشْتَرَاهُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبٍ حَادِثٍ كَمَنْ آجَرَ دَارِهِ لِرَجُلٍ مُدَّةً ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَإِنَّ أُجْرَتَهَا تَسْقُطُ لِعَدَمِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ فَإِذَا آجَرَهَا لِآخَرَ تَجِبُ الْأُجْرَةُ ثَانِيًا، وَعَلَى فَرْضِ سُقُوطِ الْخَرَاجِ لَا يَسْقُطُ الْعُشْرُ فَإِنَّ الْأَرْضَ الْمُعَدَّةَ لِلِاسْتِغْلَالِ لَا تَخْلُو مِنْ إحْدَى الْوَظِيفَتَيْنِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ مَسْأَلَةِ الدَّارِ وَحَيْثُ تَحَقَّقَ السَّبَبُ وَالشَّرْطُ مَعَ قِيَامِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.
وَهُوَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ الشَّامِلِ لِلْأَرْضِ الْمُشْتَرَاةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَعَ إطْلَاقِ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي مَسْقِيِّ سَمَاءٍ وَسَيْحٍ وَنِصْفُهُ فِي مَسْقِيِّ غَرْبٍ وَدَالِيَةٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى نَقْلٍ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ حَيْثُ تَحَقَّقَ مَا ذَكَرْنَا فِيهِ بَلْ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: وَمَجَازٌ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا لَا يُقْصَدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ذَاتَهُ بَلْ لِكَوْنِهِ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِغْلَالُ الْأَرْضِ غَالِبًا وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْقَصْدِ حَتَّى لَوْ قَصَدَ بِهِ ذَلِكَ وَجَبَ الْعُشْرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَقَصَبٍ) هُوَ كُلُّ نَبَاتٍ يَكُونُ سَاقُهُ أَنَابِيبَ وَكُعُوبًا وَالْكُعُوبُ الْعَقْدُ وَالْأُنْبُوبُ مَا بَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، وَاحْتُرِزَ بِالْفَارِسِيِّ عَنْ قَصَبِ السُّكَّرِ وَقَصَبِ الذَّرِيرَةِ، وَهُوَ قَصَبُ السُّنْبُلِ فَفِيهِمَا الْعُشْرُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَفِي الْمِعْرَاجِ قَصَبُ الْعَسَلِ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي عَسَلِهِ دُونَ خَشَبِهِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَتِبْنٍ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ فِي الْفَتْحِ غَيْرَ أَنَّهُ لَوْ فَصَلَهُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْحَبِّ وَجَبَ الْعُشْرُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ هُوَ الْمَقْصُودَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي التِّبْنِ إذَا يَبِسَ الْعُشْرُ.
(قَوْلُهُ: وَسَعَفٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَرَقُ جَرِيدِ النَّخْلِ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ الزِّنْبِيلُ وَالْمِرْوَاحُ وَقَدْ يُقَالُ لِلْجَرِيدِ نَفْسِهِ وَالْوَاحِدَةُ سَعَفَةٌ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ: وَقَطِرَانٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَوْ كَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَبِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الطَّاءِ عُصَارَةُ الْأَرْزِ وَنَحْوِهِ وَالْأَرْزُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتُضَمُّ شَجَرُ الصَّنَوْبَرِ وَبِالتَّحْرِيكِ شَجَرُ الْأَرْزَنِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَخِطْمِيٍّ) نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ يَخْرُجُ بِالْعِرَاقِ ط (قَوْلُهُ وَأُشْنَانٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَشَجَرٍ وَقُطْنٍ) أَمَّا الْقُطْنُ نَفْسُهُ فَفِيهِ الْعُشْرُ كَمَا مَرَّ ط (قَوْلُهُ: وَبَاذِنْجَانٍ) عَطْفٌ عَلَى قُطْنٍ فَلَا يَجِبُ فِي شَجَرِهِ، وَيَجِبُ فِي الْخَارِجِ مِنْهُ ط.
(قَوْلُهُ: وَبِزْرِ بِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ) أَيْ كُلِّ حَبٍّ لَا يَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ كَبِزْرِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ، لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَقْصُودَةٍ فِي نَفْسِهَا بَحْرٌ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ زِرَاعَةَ الْحَبِّ لِذَاتِهِ، بَلْ لِمَا يُخْرَجُ مِنْهُ وَهُوَ الْخَضْرَاوَاتُ، وَفِيهَا الْعُشْرُ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: الْخَضْرَاوَاتُ كَالْبُقُولِ وَالرِّطَابِ وَالْخِيَارِ وَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَنَحْوِهَا. اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ: وَيَجِبُ فِي الْعُصْفُرِ وَالْكَتَّانِ وَبِزْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَقْصُودٌ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَدْوِيَةٍ) فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا كَانَ مِنْ الْأَدْوِيَةِ كَالْمَوْزِ وَالْهَلِيلَجِ وَلَا فِي الْكُنْدُرِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَحُلْبَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَشُونِيزٍ بِضَمِّ الشِّينِ الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ أَشْغَلَ أَرْضَهُ بِهَا يَجِبُ الْعُشْرُ) فَلَوْ اسْتَنْمَا أَرْضَهُ بِقَوَائِمِ الْخِلَافِ وَمَا أَشْبَهَهُ أَوْ بِالْقَصَبِ أَوْ الْحَشِيشِ وَكَانَ يَقْطَعُ ذَلِكَ وَيَبِيعُهُ كَانَ فِيهِ الْعُشْرُ غَايَةُ الْبَيَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَبَيْعُ مَا يَقْطَعُهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَلِذَا أَطْلَقَهُ قَاضِي خَانْ اهـ قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَمِثْلُ الْخِلَافِ الْحُورُ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالصَّفْصَافُ فِي بِلَادِنَا اهـ.
وَالْخِلَافُ كَكِتَابٍ وَتَشْدِيدُهُ لَحْنٌ صِنْفٌ مِنْ
(وَ) يَجِبُ (نِصْفُهُ فِي مَسْقِيِّ غَرْبٍ) أَيْ دَلْوٍ كَبِيرٍ (وَدَالِيَةٍ) أَيْ دُولَابٍ لِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ وَفِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَوْ سَقَاهُ بِمَاءٍ اشْتَرَاهُ وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ وَلَوْ سَقَى سَيْحًا وَبِآلَةٍ اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ وَلَوْ اسْتَوَيَا فَنِصْفُهُ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ (بِلَا رَفْعِ مُؤَنِ) أَيْ كُلَفٍ (الزَّرْعِ) وَبِلَا إخْرَاجِ الْبَذْرِ
ــ
[رد المحتار]
الصَّفْصَافِ وَلَيْسَ بِهِ قَامُوسٌ
(قَوْلُهُ: غَرْبٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: وَدَالِيَةٍ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ دُولَابٍ) فِي الْمُغْرِبِ الدُّولَابُ بِالْفَتْحِ الْمَنْجَنُونُ الَّتِي تُدِيرُهَا الدَّابَّةُ وَالنَّاعُورَةُ مَا يُدِيرُهَا الْمَاءُ وَالدَّالِيَةُ جِذْعٌ طَوِيلٌ يُرَكَّبُ تَرْكِيبَ مَدَاقِّ الْأَرْزِ وَفِي رَأْسِهِ مِغْرَفَةٌ كَبِيرَةٌ يُسْتَقَى بِهَا. اهـ.
وَفِي الْقَامُوسِ الدَّالِيَةُ الْمَنْجَنُونُ وَالنَّاعُورَةُ شَيْءٌ يُتَّخَذُ مِنْ خُوصٍ يُشَدُّ فِي رَأْسِهِ جِذْعٌ طَوِيلٌ وَالْمَنْجَنُونُ الدُّولَابُ يُسْتَقَى عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ) عِلَّةٌ لِوُجُوبِ نِصْفِ الْعُشْرِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ) كَذَا نَقَلَهُ الْبَاقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى عَنْ شَيْخِهِ الْبَهْنَسِيِّ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْعُدُولِ عَنْ الْعُشْرِ إلَى نِصْفِهِ فِي مُسْتَقَى غَرْبٍ وَدَالِيَةٍ هِيَ زِيَادَةُ الْكُلْفَةِ كَمَا عَلِمْت وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي شِرَاءِ الْمَاءِ وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَنَا أَنَّ شِرَاءَ الشِّرْبِ لَا يَصِحُّ وَقِيلَ إنْ تَعَارَفُوهُ صَحَّ وَهَلْ يُقَالُ عَدَمُ شِرَائِهِ يُوجِبُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ أَمْ لَا تَأَمَّلْ نَعَمْ لَوْ كَانَ مُحَرَّزًا بِإِنَاءٍ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ فَلَوْ اشْتَرَى مَاءً بِالْقُرْبِ أَوْ فِي حَوْضٍ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: بِنِصْفِ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ كُلْفَتَهُ رُبَّمَا تَزِيدُ عَلَى السَّقْيِ بِغَرْبٍ أَوْ دَالِيَةٍ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ) أَيْ أَكْثَرُ السَّنَةِ كَمَا مَرَّ فِي السَّائِمَةِ وَالْعَلُوفَةِ زَيْلَعِيٌّ أَيْ إذَا أَسَامَهَا فِي بَعْضِ السَّنَةِ وَعَلَفَهَا فِي بَعْضِهَا يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَوَيَا فَنِصْفُهُ) كَذَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ فَلَا تَجِبُ الزِّيَادَةُ بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ قَالَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَيُؤْخَذُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَظِيفَتَيْنِ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ مَسْقِيُّ سَيْحٍ وَنِصْفُهُ مَسْقِيُّ غَرْبٍ، فَيَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ وَنِصْفُ نِصْفِهِ وَرَجَّحَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَوَّلَ قِيَاسًا عَلَى السَّائِمَةِ إذَا عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ فَلَا يَجِبُ بِالشَّكِّ قَالَ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ وَفِيهِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي الْأَصْلِ أَيْ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ سَبَبُ الْوُجُوبِ لَيْسَ بِثَابِتٍ يَقِينًا وَهُنَا سَبَبُهُ ثَابِتٌ يَقِينًا وَالشَّكُّ فِي نُقْصَانِ الْوَاجِبِ وَزِيَادَتِهِ بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ وَقِلَّتِهَا، فَاعْتُبِرَ الشَّبَهَانِ شَبَهُ الْقَلِيلِ وَشَبَهُ الْكَثِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ فِي السَّائِمَةِ مَوْجُودٌ أَيْضًا وَهُوَ مِلْكُ نِصَابِهَا وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي الْإِسَامَةِ وَهُوَ شَرْطُ الْوُجُوبِ لَا سَبَبُهُ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَهُنَا أَيْضًا وَقَعَ الشَّكُّ فِي شَرْطِ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ مَعَ تَحَقُّقِ سَبَبِ أَصْلِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ بِالْخَارِجِ تَحْقِيقًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: بِلَا رَفْعِ مُؤَنٍ) أَيْ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْأَوَّلِ وَنِصْفُهُ فِي الثَّانِي بِلَا رَفْعِ أُجْرَةِ الْعُمَّالِ وَنَفَقَةِ الْبَقَرِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ وَأُجْرَةِ الْحَافِظِ وَنَحْوِ ذَلِكَ دُرَرٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ يَعْنِي لَا يُقَالُ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْعُشْرِ فِي قَدْرِ الْخَارِجِ الَّذِي بِمُقَابَلَةِ الْمُؤْنَةِ بَلْ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام حُكْمٌ بِتَفَاوُتِ الْوَاجِبِ لِتَفَاوُتِ الْمُؤْنَةِ وَلَوْ رُفِعَتْ الْمُؤْنَةُ كَانَ الْوَاجِبُ وَاحِدًا وَهُوَ الْعُشْرُ دَائِمًا فِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ إلَى نِصْفِهِ إلَّا لِلْمُؤْنَةِ وَالْبَاقِي بَعْدَ رَفْعِ الْمُؤْنَةِ لَا مُؤْنَةَ فِيهِ فَكَانَ الْوَاجِبُ دَائِمًا الْعُشْرَ لَكِنَّ الْوَاجِبَ قَدْ تَفَاوَتَ شَرْعًا فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ شَرْعًا عَدَمُ عُشْرِ بَعْضِ الْخَارِجِ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُسَاوِي لِلْمُؤْنَةِ أَصْلًا اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَبِلَا إخْرَاجِ الْبَذْرِ إلَخْ) قِيلَ هَذَا زَادَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ عَلَى مَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ
لِتَصْرِيحِهِمْ بِالْعُشْرِ فِي كُلِّ الْخَارِجِ
(وَ) يَجِبُ (ضِعْفُهُ فِي أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ لِتَغْلِبِينَ مُطْلَقًا وَإِنْ) كَانَ طِفْلًا أَوْ أُنْثَى أَوْ (أَسْلَمَ أَوْ ابْتَاعَهَا) مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ابْتَاعَهَا (مِنْهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ) لِأَنَّ التَّضْعِيفَ كَالْخَرَاجِ فَلَا يَتَبَدَّلُ.
(وَأَخَذَ الْخَرَاجَ مِنْ ذِمِّيٍّ) غَيْرِ تَغْلِبِي (اشْتَرَى) أَرْضًا (عُشْرِيَّةً مِنْ مُسْلِمٍ) وَقَبَضَهَا مِنْهُ لِلتَّنَافِي (وَ) أَخَذَ (الْعُشْرَ مِنْ مُسْلِمٍ أَخَذَهَا مِنْهُ) مِنْ الذِّمِّيِّ (بِشُفْعَةٍ) لِتَحَوُّلِ الصَّفْقَةِ إلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
الَّذِي تَقَدَّمَ عَنْ الدُّرَرِ. وَفِي النَّهْرِ: وَظَاهِرُ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلَا تُرْفَعُ الْمُؤَنُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُؤْنَةِ مِنْ عَيْنِ الْخَارِجِ أَوْ لَا. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: وَيَظْهَرُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ جُزْءًا مِنْ الطَّعَامِ أَنْ تُجْعَلَ كَالْهَالِكِ وَيَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَهُوَ مُضْطَرٌّ إلَى إخْرَاجِهِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَصْرِيحِهِمْ بِالْعُشْرِ) أَيْ وَبِنِصْفِهِ وَضِعْفِهِ ط
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ ضِعْفُهُ) أَيْ ضِعْفُ الْعُشْرِ وَهُوَ الْخُمُسُ نَهْرٌ؛ لِأَنَّ بَنِي تَغْلِبَ قَوْمٌ مِنْ الْعَرَبِ نَصَارَى تَصَالَحَ عُمَرُ رضي الله عنه مَعَهُمْ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ ضِعْفَ مَا يُؤْخَذ مِنَّا كَمَا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ بَابِ زَكَاةِ الْمَالِ قَالَ ط: وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ كَوْنِ الْأَرْضِ مَسْقِيَّةً بِغَرْبٍ أَوْ سَيْحٍ وَمُقْتَضَى الصُّلْحِ الْوَاقِعِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ ضِعْفُ الْمَأْخُوذِ مِنَّا مُطْلَقًا. اهـ.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ يُؤْخَذُ مِنْ التَّغْلِبِيِّ ضِعْفُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ طِفْلًا أَوْ أُنْثَى) بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ يُؤْخَذُ مِنْ أَرَاضِي أَطْفَالِنَا وَنِسَائِنَا فَيُؤْخَذُ ضِعْفُهُمْ مِنْ أَرَاضِي أَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ. اهـ. نُوحٌ قَالَ ح: وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ لِلتَّغْلِبِيِّ أَصَالَةً أَوْ مَوْرُوثَةً أَوْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي مِنْ تَغْلِبِيٍّ إلَى تَغْلِبِيٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْلَمَ) أَيْ التَّغْلِبِيُّ وَفِي مِلْكِهِ أَرْضٌ تَضْعِيفِيَّةٌ فَإِنَّهَا تَبْقَى وَظِيفَتُهَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَعُودُ إلَى عُشْرٍ وَاحِدٍ لِزَوَالِ الدَّاعِي إلَى التَّضْعِيفِ وَهُوَ الْكُفْرُ. اهـ. ح وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا إذَا ابْتَاعَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ ط (قَوْلُهُ: أَوْ ابْتَاعَهَا مِنْ مُسْلِمٍ) أَيْ إذَا اشْتَرَى التَّغْلِبِيُّ أَرْضًا عُشْرِيَّةً مِنْ مُسْلِمٍ تَصِيرُ تَضْعِيفِيَّةً عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَبْقَى عُشْرِيَّةً؛ لِأَنَّ الْوَظِيفَةَ لَا تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْمَالِكِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ: أَوْ ذِمِّيٍّ) أَيْ إذَا اشْتَرَى الذِّمِّيُّ أَرْضًا تَضْعِيفِيَّةً مِنْ التَّغْلِبِيِّ تَبْقَى تَضْعِيفِيَّةً اتِّفَاقًا ح.
[تَنْبِيهٌ] تَخْصِيصُ الشِّرَاءِ بِالذِّكْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَكُلُّ مَا فِيهِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ فَكَذَلِكَ فِي الْحُكْمِ إسْمَاعِيلُ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَبَدَّلُ) هَذَا فِي الْخَرَاجِ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا وَفِي التَّضْعِيفِ كَذَلِكَ إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ أَسْلَمَ فَإِنَّهَا تَعُودُ عُشْرِيَّةً لِفَقْدِ الدَّاعِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ ح
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْخَرَاجَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْأَرْضَ إمَّا عُشْرِيَّةً أَوْ خَرَاجِيَّةً أَوْ تَضْعِيفِيَّةً وَالْمُشْتَرُونَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ وَتَغْلِبِيٌّ فَالْمُسْلِمُ إذَا اشْتَرَى الْعُشْرِيَّةُ أَوْ الْخَرَاجِيَّةَ بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا أَوْ التَّضْعِيفِيَّةَ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَرْجِعُ إلَى عُشْرٍ وَاحِدٍ وَإِذَا اشْتَرَى التَّغْلِبِيُّ الْخَرَاجِيَّةَ بَقِيَتْ خَرَاجِيَّةً أَوْ التَّضْعِيفِيَّةَ فَهِيَ تَضْعِيفِيَّةٌ أَوْ الْعُشْرِيَّةُ مِنْ مُسْلِمٍ ضُوعِفَ عَلَيْهِ الْعُشْرُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَإِذَا اشْتَرَى ذِمِّيٌّ غَيْرَ تَغْلِبِي خَرَاجِيَّةً أَوْ تَضْعِيفِيَّةً بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا أَوْ عُشْرِيَّةً صَارَتْ خَرَاجِيَّةً إنْ اسْتَقَرَّتْ فِي مِلْكِهِ عِنْدَهُ اهـ ط (قَوْلُهُ: مِنْ ذِمِّيٍّ) أَيْ عِنْدَهُمَا أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَتَبْقَى عُشْرِيَّةً؛ لِأَنَّ الْوَظِيفَةَ لَا تَتَغَيَّرُ عِنْدَهُ بِتَغَيُّرِ الْمَالِكِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ح (قَوْلُهُ: غَيْرَ تَغْلِبِيٍّ) قُيِّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعُشْرِيَّةُ تُضَعَّفُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ ط (قَوْلُهُ: وَقَبَضَهَا مِنْهُ) قُيِّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ لَا يَجِبُ إلَّا بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَذَلِكَ بِالْقَبْضِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: لِلتَّنَافِي) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَأَخَذَ الْخَرَاجَ يَعْنِي إنَّمَا وَجَبَ الْخَرَاجُ لَا الْعُشْرُ؛ لِأَنَّ فِي الْعُشْرِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا ح (قَوْلُهُ: لِتَحَوُّلِ الصَّفْقَةِ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الشَّفِيعِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُسْلِمِ بَحْرٌ وَغَيْرُهُ. وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا رَجَعَ الشَّفِيعُ بِالْعَيْبِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَهَا مِنْهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الْقَبْضِ مِنْهُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ حَتَّى لَوْ كَانَ قَبَضَهَا مِنْ الْبَائِعِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي إسْمَاعِيلُ. وَاسْتَشْكَلَهُ
(أَوْ رُدَّتْ عَلَيْهِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ) وَبِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُطْلَقًا أَوْ عَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَلَوْ بِغَيْرِهِ بَقِيَتْ خَرَاجِيَّةً لِأَنَّهُ إقَالَةٌ لَا فَسْخٌ.
(وَأُخِذَ خَرَاجٌ مِنْ دَارٍ جُعِلَتْ بُسْتَانًا) أَوْ مَزْرَعَةٍ (إنْ) كَانَتْ (لِذِمِّيٍّ) مُطْلَقًا (أَوْ أَسْلَمَ) وَقَدْ (سَقَاهَا بِمَائِهِ) لِرِضَاهُ بِهِ (وَ) أُخِذَ (عُشْرٌ إنْ سَقَاهَا) الْمُسْلِمُ
ــ
[رد المحتار]
أَيْضًا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ شِرَاءٌ مِنْ الْمُشْتَرِي لَوْلَا الْأَخْذُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِلَّا فَمِنْ الْبَائِعِ، وَالْكَلَامُ هُنَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَهُوَ شِرَاءٌ مِنْ الذِّمِّيِّ.
قَالَ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ نَوَادِرِ زَكَاةِ الْمَبْسُوطِ لَوْ اشْتَرَى كَافِرٌ عُشْرِيَّةً فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَلَكِنْ هَذَا بَعْدَ مَا انْقَطَعَ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَنْهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّهَا مُسْلِمٌ أَوْ أَخَذَهَا مُسْلِمٌ بِالشُّفْعَةِ كَانَتْ عُشْرِيَّةً عَلَى حَالِهَا وَلَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا الْخَرَاجَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَنْهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رُدَّتْ عَلَيْهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَخْذِهَا أَيْ إذَا اشْتَرَاهَا الذِّمِّيُّ مِنْ مُسْلِمٍ شِرَاءً فَاسِدًا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَهِيَ عُشْرِيَّةٍ عَلَى حَالِهَا قَالَ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّهُ بِالرَّدِّ وَالْفَسْخِ جَعَلَ الْبَيْعَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْبَائِعُ لَمْ يَنْقَطِعْ بِهَذَا الْبَيْعِ لِكَوْنِهِ مُسْتَحِقَّ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ) أَيْ لِلْبَائِعِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ وَقَالَ: لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ يَمْنَعُ زَوَالَ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فَصَارَ الْبَيْعُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِقَضَاءٍ أَوْ لَا.
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ الدُّرَرِ حَيْثُ عَلَّقَ قَوْلَهُ الْآتِي بِقَضَاءٍ بِقَوْلِهِ رُدَّتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إقَالَةٌ) أَيْ لِأَنَّ الرَّدَّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إقَالَةٌ وَهِيَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الْخَرَاجِ فَصَارَ شِرَاءُ الْمُسْلِمِ مِنْ الذِّمِّيِّ بَعْدَ مَا صَارَتْ خَرَاجِيَّةً، فَتَبْقَى عَلَى حَالِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَاسْتُفِيدَ مِنْ وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِلذِّمِّيِّ أَنْ يَرُدَّهَا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ، وَلَا يَكُونُ وُجُوبُ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا عَيْبًا حَادِثًا؛ لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ بِالْفَسْخِ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ
(قَوْلُهُ: جُعِلَتْ بُسْتَانًا) هُوَ أَرْضٌ يَحُوطُ عَلَيْهَا حَائِطٌ وَفِيهَا أَشْجَارٌ مُتَفَرِّقَةٌ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ قُيِّدَ بِجَعْلِهَا بُسْتَانًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْعَلْهَا بُسْتَانًا وَفِيهَا نَخْلٌ تُغَلُّ أَكْرَارًا لَا شَيْءَ فِيهَا بَحْرٌ، وَكَذَلِكَ ثَمَرُ بُسْتَانِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ قُهُسْتَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ سَقَاهَا بِمَاءِ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْخَرَاجِ لَا لِلْعُشْرِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: بِمَائِهِ) أَيْ مَاءِ الْخَرَاجِ وَهُوَ مَاءُ أَنْهَارٍ حَفَرَتْهَا الْعَجَمُ وَكَذَا سَيْحُونُ وَجَيْحُونَ وَدِجْلَةُ وَالْفُرَاتُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَمَاءُ الْعُشْرِ هُوَ مَاءُ السَّمَاءِ وَالْبِئْرِ وَالْعَيْنِ وَالْبَحْرِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ تَحْتَ وِلَايَةِ أَحَدٍ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَشَرْحِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَاءَ الْخَرَاجِ مَا كَانَ لِلْكَفَرَةِ يَدٌ عَلَيْهِ ثُمَّ حَوَيْنَاهُ قَهْرًا وَمَا سِوَاهُ عُشْرِيٌّ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ غَنِيمَةً وَأَوْرَدَ أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي مَاءِ الْبِحَارِ وَالْأَمْطَارِ أَمَّا الْآبَارُ وَالْعُيُونُ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا غَنِيمَةٌ حَيْثُ حَوَيْنَاهَا قَهْرًا مِنْهُمْ وَأَجَابَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَيْنٍ وَبِئْرٍ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا كَانَ مِنْ حَفْرِ الْكَفَرَةِ قَدْ دَثَرَ وَمَا نَرَاهُ الْآنَ إمَّا مَعْلُومَ الْحُدُوثِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ فَيَجِبُ الْحُكْمُ فِيهِ بِأَنَّهُ إسْلَامِيٌّ إضَافَةً إلَى الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ وَقْتَيْهِ الْمُمْكِنَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ لِرِضَاهُ) جَوَابٌ عَمَّا اسْتَشْكَلَهُ الْعَتَّابِيُّ مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الْخَرَاجِ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً حَتَّى نُقِلَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ الْإِمَامَ السَّرَخْسِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ أَنَّ عَلَيْهِ الْعُشْرَ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْعُشْرِ مِنْ الْخَرَاجِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ اهـ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَمْنُوعَ وَضْعُ الْخَرَاجِ ابْتِدَاءً جَبْرًا إمَّا بِاخْتِيَارِهِ فَيَجُوزُ وَقَدْ اخْتَارَهُ هُنَا حَيْثُ سَقَاهُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَهُوَ كَمَا إذَا أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَسَقَاهَا بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ بَحْرٌ وَأَجَابَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا سَقَى بِالْمَاءِ الْخُرَّاجَيْ يَنْتَقِلُ الْمَاءُ بِوَظِيفَتِهِ إلَى الْأَرْضِ، فَلَيْسَ فِيهِ وَضْعُ الْخَرَاجِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بَلْ هُوَ انْتِقَالُ مَا وَظِيفَتُهُ الْخَرَاجُ إلَيْهِ بِوَظِيفَتِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً اهـ وَأَصْلُهُ لِلزَّيْلَعِيِّ.
[تَنْبِيهٌ] مُقْتَضَى تَعْلِيقِهِمْ الْحُكْمَ بِالْمَاءِ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِكَوْنِهَا فِي أَرْضِ عُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ
(بِمَائِهِ) أَوْ بِهِمَا لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِهِ.
(وَلَا شَيْءَ فِي عَيْنِ) دَارٍ وَ (مَقْبَرَةٍ) وَلَوْ لِذِمِّيٍّ (وَ) لَا فِي عَيْنِ قِيرٍ: أَيْ زِفْتٍ وَ (نِفْطٍ) دُهْنٌ يَعْلُو الْمَاءَ (مُطْلَقًا) أَيْ فِي أَرْضٍ أَوْ خَرَاجٍ (وَ) لَكِنْ (فِي حَرِيمِهَا الصَّالِحِ لِلزِّرَاعَةِ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ خَرَاجٌ) لَا فِيهَا لِتَعَلُّقِ الْخَرَاجِ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ، وَأَمَّا الْعُشْرُ فَيَجِبُ فِي حَرِيمِهَا الْعُشْرِيُّ إنْ زَرَعَهُ وَإِلَّا لَا لِتَعَلُّقِهِ بِالْخَارِجِ.
(وَيُؤْخَذُ) الْعُشْرُ عِنْدَ الْإِمَامِ (عِنْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ) وَبُدُوِّ صَلَاحِهَا بِرِهَانٍ، وَشَرَطَ فِي النَّهْرِ أَمْنَ فَسَادِهَا.
(وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِ أَرْضٍ) خَرَاجِيَّةٍ (أَكْلُ غَلَّتِهَا
ــ
[رد المحتار]
فِي الْخَانِيَّةِ وَمِثْلُهُ لَوْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمَاءُ دُونَ الْأَرْضِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ (قَوْلُهُ بِمَائِهِ) أَيْ مَاءِ الْعُشْرِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِهِمَا أَيْ بِمَاءِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ قَالَ ط: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مَاءُ الْخَرَاجِ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ أَنْسَبُ بِحَالِ الْمُسْلِمِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ
(قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ فِي دَارِ) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جَعَلَ الْمَسَاكِنَ عَفْوًا وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهَا لَا تُسْتَمْنَى وَوُجُوبُ الْخَرَاجِ بِاعْتِبَارِهِ وَعَلَى هَذَا الْمَقَابِرُ زَيْلَعِيٌّ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ لَكِنْ صَرَّحُوا بِأَنَّ أَرْضَ الْخَرَاجِ لَوْ عَطَّلَهَا صَاحِبُهَا عَلَيْهِ الْخَرَاجُ وَفِي الْخَانِيَّةِ اشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ فَجَعَلَهَا دَارًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً كَانَ عَلَيْهِ خَرَاجُ أَرْضٍ كَمَا لَوْ عَطَّلَهَا اهـ وَذُكِرَ مِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ قَالَ: وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا جَعَلَ أَرْضَهُ الْخَرَاجِيَّةَ مَقْبَرَةً أَوْ خَانًا لِلْغَلَّةِ أَوْ مَسْكَنًا لِلْفُقَرَاءِ سَقَطَ الْخَرَاجُ اهـ وَيُمْكِنُ بِنَاءُ الثَّانِي عَلَى أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً عَامَّةً فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذِمِّيٌّ) دَخَلَ الْمُسْلِمُ بِالْأَوْلَى وَعَبَّرَ فِي الْهِدَايَةِ بِالْمَجُوسِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الذِّمِّيِّ عَنْ الْإِسْلَامِ لِحُرْمَةِ مُنَاكَحَتِهِ وَذَبِيحَتِهِ فَلَوْ عَبَّرَ الشَّارِحُ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا فِي عَيْنِ قِيرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ إنْزَالِ الْأَرْضِ وَإِنَّمَا هُوَ عَيْنٌ فَوَّارَةٌ كَعَيْنِ الْمَاءِ، فَلَا عُشْرَ فِيهَا وَلَا خَرَاجَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَنِفْطٍ) بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَهُوَ أَفْصَحُ بَحْرٌ وَكَذَا الْمِلْحُ كَمَا فِي الْكَافِي وَالنِّهَايَةِ إسْمَاعِيلُ (قَوْلُهُ: فِي حَرِيمِهَا) حَرِيمُ الدَّارِ مَا يُضَافُ إلَيْهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: لَا فِيهَا) أَيْ لَا فِي نَفْسِ الْعَيْنِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يَجِبُ فِيهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْكَنْزِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ الْخَرَاجِ بِالتَّمَكُّنِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ الصَّالِحِ لَهَا وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ، وَأَمَّا خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ فَحُكْمُهُ كَالْعُشْرِ ط (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهِ بِالْخَارِجِ) فَلَا يَكْفِي لِوُجُوبِهِ التَّمَكُّنُ مِنْ الزِّرَاعَةِ ط.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ الْعُشْرُ إلَخْ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْعُشْرِ فِي الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ: يَجِبُ عِنْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَالْأَمْنِ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْحَصَادَ إذَا بَلَغَتْ حَدًّا يُنْتَفَعُ بِهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْحَصَادِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إذَا حُصِدَتْ وَصَارَتْ فِي الْجَرِينِ وَفَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا أَكَلَ مِنْهُ بَعْدَ مَا صَارَ جَهِيشًا أَوْ أَطْعَمَ غَيْرَهُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عُشْرَ مَا أَكَلَ وَأَطْعَمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَضْمَنُ وَيُحْتَسَبُ بِهِ فِي تَكْمِيلِ الْأَوْسُقِ، وَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ فِي الْوُجُوبِ يَعْنِي إذَا بَلَغَ الْمَأْكُولُ مَعَ الْبَاقِي خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَجَبَ الْعُشْرُ فِي الْبَاقِي لَا غَيْرَ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهَا بَعْدَ مَا بَلَغَتْ الْحَصَادَ قَبْلَ أَنْ تُحْصَدَ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَلَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنْ أَكَلَ بَعْدَ مَا صَارَتْ فِي الْجَرِينِ ضَمِنَ إجْمَاعًا وَمَا تَلِفَ بِغَيْرِ صُنْعِهِ بَعْدَ حَصَادِهِ أَوْ سُرِقَ وَجَبَ الْعُشْرُ فِي الْبَاقِي لَا غَيْرُ. اهـ. وَالْكَلَامُ فِي الْعُشْرِ وَمِثْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ؛ لِأَنَّهُ جَزْءٌ مِنْ الْخَارِجِ أَمَّا خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ فَهُوَ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي الْخَارِجِ فَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِالْأَكْلِ وَعَدَمِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ خَرَاجَ الْوَظِيفَةِ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَحَلِّ وَقِيلَ إنَّ خَرَاجَ الْوَظِيفَةِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ حَقَّ حَبْسِ الْخَارِجِ لِلْخَرَاجِ فَفِي أَكْلِهِ إبْطَالُ حَقِّهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
قَبْلَ أَدَاءِ خَرَاجِهَا) وَلَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ الْعُشْرِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْعُشْرَ وَإِنْ أَكَلَ ضَمِنَ عُشْرَهُ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى، وَلِلْإِمَامِ حَبْسُ الْخَارِجِ لِلْخَرَاجِ وَمَنْ مَنَعَ الْخَرَاجَ سِنِينَ لَا يُؤْخَذُ لِمَا مَضَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خَانِيَّةٌ وَفِيهَا (مَنْ عَلَيْهِ عُشْرٌ أَوْ خَرَاجٌ وَمَاتَ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا) بَلْ يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
[فُرُوعٌ] تَمَكَّنَ وَلَمْ يَزْرَعْ وَجَبَ الْخَرَاجُ دُونَ الْعُشْرِ وَيَسْقُطَانِ بِهَلَاكِ الْخَارِجِ وَالْخَرَاجُ عَلَى الْغَاصِبِ إنْ زَرَعَهَا وَكَانَ جَاحِدًا وَلَا بَيِّنَةَ بِهَا.
وَالْخَرَاجُ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ عَلَى الْبَائِعِ إنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ.
ــ
[رد المحتار]
فَافْهَمْ قَالَ ط فِي الْوَاقِعَاتِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَحِلُّ الْأَكْلُ مِنْ الْغَلَّةِ قَبْلَ أَدَاءِ الْخَرَاجِ وَكَذَا قَبْلَ أَدَاءِ الْعُشْرِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَالِكُ عَازِمًا عَلَى أَدَاءِ الْعُشْرِ اهـ وَهُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَخْذُ الْفَرِيكِ مِنْ الزَّرْعِ قَبْلَ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْكُلُ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَوْ عُشْرِيَّةً بَعْدَ قَوْلِهِ خَرَاجِيَّةً لَاسْتَغْنَى عَنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْعُشْرِ وَخَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ لَا يَحِلُّ الْأَكْلُ وَلَوْ أَكَلَ ضَمِنَ. اهـ. ح. وَفِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى عَنْ الْمُضْمَرَاتِ إذَا أَكَلَ قَلِيلًا بِالْمَعْرُوفِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ ط (قَوْلُهُ: لِلْخَرَاجِ) أَيْ الْمُوَظَّفِ لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ فَيَسْتَعِينُ عَلَى أَخْذِهِ بِإِمْسَاكِ الْخَارِجِ بِخِلَافِ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ فِي الْعَيْنِ كَالْعُشْرِ، وَإِذَا كَانَ الْعُشْرُ يُؤْخَذُ جَبْرًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ فَخَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ أَوْلَى ح بِزِيَادَةٍ.
قُلْت: وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْخَرَاجِ جَزْءٌ مِنْ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ عُشْرُ الْخَارِجِ أَوْ نِصْفُ عُشْرِهِ وَذَلِكَ جُزْؤُهُ إلَّا أَنَّهُ وَاجِبٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَزْءٌ عِنْدَنَا حَتَّى يَجُوزُ أَدَاءُ قِيمَتِهِ. اهـ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَدَاءُ الْقِيمَةِ لَا يَكُونُ لِلْإِمَامِ الْأَخْذُ مِنْ عَيْنِ الْخَارِجِ جَبْرًا فَيَنْبَغِي تَعْمِيمُ الْخَرَاجِ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَنَعَ الْخَرَاجَ سِنِينَ إلَخْ) ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ أَيْضًا فَقَالَ: وَيَسْقُطُ الْخَرَاجُ بِالتَّدَاخُلِ وَقِيلَ لَا. وَقَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ كَالْعُشْرِ، وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ عُقُوبَةٌ بِخِلَافِ الْعُشْرِ بَحْرٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَيْ فِي الْمِنَحِ عَزَاهُ فِي الْخَانِيَّةِ لِصَاحِبِ الْمَذْهَبِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ اهـ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ.
وَأَقُولُ: هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْخَانِيَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ الْخَانِيَّةِ فِي بَابِ خَرَاجِ الْأَرْضِ فَنَصُّهُ هَكَذَا: فَإِنْ اجْتَمَعَ الْخَرَاجُ فَلَمْ يُؤَدِّ سِنِينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُؤْخَذُ بِخَرَاجِ هَذِهِ السَّنَةِ وَلَا يُؤْخَذُ بِخَرَاجِ السَّنَةِ الْأُولَى وَيَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْهُ كَمَا قَالَ فِي الْجِزْيَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ وَهَذَا إذَا عَجَزَ عَنْ الزِّرَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ يُؤْخَذُ بِالْخَرَاجِ عِنْدَ الْكُلِّ. اهـ.
أَقُولُ: جَزَمَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي فِي الْمُلْتَقَى فِي بَابِ الْجِزْيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْخَانِيَّةِ وَهَذَا إذَا عَجَزَ إلَخْ تَوْفِيقٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَجَعَلَ الْخِلَافَ لَفْظِيًّا يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا عَجَزَ عَنْ الزِّرَاعَةِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْجِزْ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْخَرَاجَ لَا يَجِبُ إلَّا بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي بَابِهِ فَلَا يَصِحُّ إرْجَاعُ اسْمِ الْإِشَارَةِ إلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَقَطْ، بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْقَوْلَيْنِ تَوْفِيقًا بَيْنَهُمَا كَمَا قُلْنَا فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ مَا عَزَاهُ الشَّارِحُ هُنَا إلَى الْخَانِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْعَجْزِ بِدَلِيلِ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ الثَّانِيَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي تَمَامُ تَحْقِيقِ ذَلِكَ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ السُّقُوطِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ) أَقُولُ: قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَا يَسْقُطُ الْعُشْرُ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى