الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا مَرَّ
(وَذَبْحُ الشَّاةِ لِلْقَارِنِ وَالْمُتَمَتِّعِ وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ) مِنْ أَيِّ طَوَافٍ كَانَ فَلَوْ تَرَكَهَا هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ قِيلَ نَعَمْ فَيُوصِي بِهِ.
(وَالتَّرْتِيبُ الْآتِي) بَيَانُهُ: (بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالذَّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ) وَأَمَّا التَّرْتِيبُ بَيْنَ الطَّوَافِ وَبَيْنِ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ فَسُنَّةٌ فَلَوْ طَافَ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ لُبَابٌ، وَسَيَجِيءُ أَنَّ الْمُفْرَدَ لَا ذَبْحَ عَلَيْهِ وَسَنُحَقِّقُهُ.
(وَفِعْلُ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ) أَيْ الزِّيَارَةِ (فِي) يَوْمٍ مِنْ (أَيَّامِ النَّحْرِ) وَمِنْ الْوَاجِبَاتِ كَوْنُ الطَّوَافِ وَرَاءَ الْحَطِيمِ وَكَوْنُ السَّعْيِ بَعْدَ طَوَافٍ مُعْتَدٍ بِهِ وَتَوْقِيتُ الْحَلْقِ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ وَتَرْكُ الْمَحْظُورِ كَالْجِمَاعِ بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَلُبْسُ الْمَخِيطِ، وَتَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا يَجِبُ بِتَرْكِهِ دَمٌ فَهُوَ وَاجِبٌ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَى وَسَيَتَّضِحُ فِي الْجِنَايَاتِ.
(وَغَيْرُهَا سُنَنٌ وَآدَابٌ)
ــ
[رد المحتار]
يُجْبَرُ بِدَمٍ وَحِينَئِذٍ تَعَيَّنَ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ إذْ لَا ثَمَرَةَ تَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِالشَّرْطِيَّةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَنْسَكِ الْكَبِيرِ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ الْقَارِي فِي شَرْحِ اللُّبَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الطَّوَافِ.
(قَوْلُهُ قِيلَ نَعَمْ) ضَعَّفَهُ هُنَا وَإِنْ جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى لِأَنَّهُ جَزَمَ بِخِلَافِهِ صَاحِبُ اللُّبَابِ فَقَالَ وَلَا تَخْتَصُّ أَيْ هَذِهِ الصَّلَاةُ بِزَمَانٍ وَلَا بِمَكَانٍ: أَيْ بِاعْتِبَارِ الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ، وَلَا تَفُوتُ أَيْ إلَّا بِالْمَوْتِ، وَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ تُجْبَرْ بِدَمٍ أَيْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِيصَاءُ بِالْكَفَّارَةِ وَذَكَرَ شَارِحُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ خِلَافِيَّةً فَفِي الْبَحْرِ الْعَمِيقِ: لَا يَجِبُ الدَّمُ وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَالْبَحْرِ الزَّاخِرِ يَجِبُ وَفِي بَعْضِ الْمَنَاسِكِ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَقِيلَ يَلْزَمُ.
(قَوْلُهُ وَالتَّرْتِيبُ الْآتِي بَيَانُهُ إلَخْ) أَيْ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: يَجِبُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: الرَّمْيُ، ثُمَّ الذَّبْحُ لِغَيْرِ الْمُفْرِدِ، ثُمَّ الْحَلْقُ، ثُمَّ الطَّوَافُ لَكِنْ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ طَافَ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ نَعَمْ يُكْرَهُ لُبَابٌ كَمَا لَا شَيْءَ عَلَى الْمُفْرِدِ إلَّا إذَا حَلَقَ قَبْلَ الرَّمْيِ لِأَنَّ ذَبْحَهُ لَا يَجِبُ اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ هُنَا تَقْدِيمُ الذَّبْحِ عَلَى الْحَلْقِ فِي الذِّكْرِ لِيُوَافِقَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّرْتِيبِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَأَنَّ الطَّوَافَ لَا يَلْزَمُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الذَّبْحِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إذَا جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الرَّمْيِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الذَّبْحِ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الذَّبْحِ بِالْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ ح.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّوَافَ لَا يَجِبُ تَرْتِيبُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا وَإِنَّمَا يَجِبُ تَرْتِيبُ الثَّلَاثَةِ الرَّمْيُ ثُمَّ الذَّبْحُ ثُمَّ الْحَلْقُ لَكِنَّ الْمُفْرِدَ لَا ذَبْحَ عَلَيْهِ فَبَقِيَ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ.
(قَوْلُهُ فِي يَوْمٍ) تَقَدَّمَ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّ اللَّيَالِيَ تَبَعٌ لِلْأَيَّامِ فِي الْمَنَاسِكِ (قَوْلُهُ وَرَاءَ الْحَطِيمِ) لِأَنَّ بَعْضَهُ مِنْ الْبَيْتِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَكَوْنُ السَّعْيِ بَعْدَ طَوَافِ مُعْتَدٌّ بِهِ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فَأَكْثَرَ، سَوَاءٌ طَافَهُ طَاهِرًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا وَإِعَادَةُ الطَّوَافِ بَعْدَ السَّعْيِ فِيمَا إذَا فَعَلَهُ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا لِجَبْرِ النُّقْصَانِ لَا لِانْفِسَاخِ الْأَوَّلِ ح عَنْ الْبَحْرِ ثُمَّ إنَّ كَوْنَ هَذَا وَاجِبًا لَا يُنَافِي مَا فِي اللُّبَابِ مِنْ عَدِّهِ شَرْطًا لِصِحَّةِ السَّعْيِ كَمَا عَلِمْته سَابِقًا (قَوْلُهُ بِالْمَكَانِ) أَيْ الْحَرَمِ وَلَوْ فِي غَيْرِ مِنًى وَالزَّمَانِ أَيْ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَهَذَا فِي الْحَاجِّ، وَأَمَّا الْمُعْتَمِرُ فَلَا يَتَوَقَّفُ حَلْقُهُ بِالزَّمَانِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ (قَوْلُهُ وَتَرْكُ الْمَحْذُورِ) قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ فِيهِ أَنَّ الِاجْتِنَابَ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَرْضٌ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ هُوَ الِاجْتِنَابُ عَنْ الْمَكْرُوهَاتِ التَّحْرِيمِيَّةِ كَمَا حَقَّقَهُ ابْنُ الْهُمَامِ إلَّا أَنَّ فِعْلَ الْمَحْظُورَاتِ وَتَرْكَ الْوَاجِبَاتِ لَمَّا اشْتَرَكَا فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ أُلْحِقَتْ بِهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ كَالْجِمَاعِ بَعْدَ الْوُقُوفِ إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِلْمَحْظُورَاتِ، وَقَيَّدَ بِمَا بَعْدَ الْوُقُوفِ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ مُفْسِدٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا غَيْرُ الْمُفْسِدِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالضَّابِطُ إلَخْ) لِمَا لَمْ يَسْتَوْفِ الْوَاجِبَاتِ كَمَا عَلِمْته مِمَّا زِدْنَاهُ عَنْ اللُّبَابِ ذَكَرَ هَذَا الضَّابِطَ، وَلِيُفِيدَ بِعَكْسِ الْقَضِيَّةِ حُكْمَ الْوَاجِبِ، لَكِنَّهَا تَنْعَكِسُ عَكْسًا مَنْطِقِيًّا لَا لُغَوِيًّا فَيُقَالُ بَعْضُ مَا هُوَ وَاجِبٌ، يَجِبُ بِتَرْكِهِ دَمٌ لَا كُلُّ مَا هُوَ وَاجِبٌ لِأَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، لَا يَجِبُ بِتَرْكِهِمَا الدَّمُ، وَكَذَا تَرْكُ الْوَاجِبِ بِعُذْرٍ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ لَكِنَّ فِي الْأَوَّلِ خِلَافَ تَقَدَّمَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الدَّمِ فِيهِ مَعَ تَقْيِيدِ التَّرْكِ بِلَا عُذْرٍ يَصِحُّ الْعَكْسُ كُلِّيًّا.
[سُنَنٌ وَآدَابٌ الْحَجِّ]
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ الْوَاجِبَاتِ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ غَيْرَ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ سُنَنٌ وَآدَابٌ فَغَيْرُ مُفِيدٍ
كَأَنْ يَتَوَسَّعَ فِي النَّفَقَةِ وَيُحَافِظَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَعَلَى صَوْنِ لِسَانِهِ وَيَسْتَأْذِنَ أَبَوَيْهِ وَدَائِنَهُ وَكَفِيلَهُ وَيُوَدِّعَ الْمَسْجِدَ بِرَكْعَتَيْنِ وَمَعَارِفَهُ وَيَسْتَحِلَّهُمْ وَيَلْتَمِسَ دُعَاءَهُمْ وَيَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ عِنْدَ خُرُوجِهِ وَيَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَفِيهِ خَرَجَ عليه الصلاة والسلام فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَوْ الِاثْنَيْنِ أَوْ الْجُمُعَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِخَارَةِ أَيْ فِي أَنَّهُ هَلْ يَشْتَرِي أَوْ يَكْتَرِي وَهَلْ يُسَافِرُ بَرًّا أَوْ بَحْرًا وَهَلْ يُرَافِقُ فُلَانًا أَوْ لَا لِأَنَّ الِاسْتِخَارَةَ فِي الْوَاجِبِ وَالْمَكْرُوهِ لَا مَحَلَّ لَهَا وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.
(وَأَشْهُرُهُ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتُكْسَرُ (وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتُفْتَحُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ مِنْهَا يَوْمُ النَّحْرِ وَعِنْدَ مَالِكٍ ذُو الْحِجَّةِ كُلُّهُ عَمَلًا بِالْآيَةِ.
قُلْنَا اسْمُ الْجَمْعِ يَشْتَرِكُ فِيهِ مَا وَرَاءَ الْوَاحِدِ، وَفَائِدَةُ التَّأْقِيتِ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ خَارِجَهَا لَا يُجْزِيهِ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ كَأَنْ يَتَوَسَّعَ فِي النَّفَقَةِ إلَخْ) أَفَادَ بِالْكَافِ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ لَمْ يَذْكُرْهَا لِأَنَّهَا سَتَأْتِي كَطَوَافِ الْقُدُومِ لِلْآفَاقِيِّ وَالِابْتِدَاءِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَالْخُطَبِ الثَّلَاثِ وَالْخُرُوجِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا سَيُعْلَمُ (قَوْلُهُ وَعَلَى صَوْنِ لِسَانِهِ) أَيْ عَنْ الْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ تَنْزِيهًا وَإِلَّا فَهُوَ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ وَيَسْتَأْذِنُ أَبَوَيْهِ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُونَا مُحْتَاجَيْنِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ وَكَذَا يُكْرَهُ بِلَا إذْنِ دَائِنِهِ وَكَفِيلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ لِإِطْلَاقِهِمْ الْكَرَاهَةَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي مَا مَرَّ فِي تَمْثِيلِهِ لِلْحَجِّ الْمَكْرُوهِ كَالْحَجِّ بِلَا إذْنٍ مِمَّا يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ فَلَا يَنْبَغِي عَدُّهُ ذَلِكَ مِنْ السُّنَنِ وَالْآدَابِ.
(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتُكْسَرُ) أَيْ مَعَ سُكُونِ الْعَيْنِ وَحُكِيَ الْفَتْحُ مَعَ كَسْرِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَتُفْتَحُ) عَزَاهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ إلَى تَحْرِيرِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ، وَقَالَ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الشُّمُنِّيِّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ إلَّا بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ مِنْهَا يَوْمُ النَّحْرِ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا كَمَا فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُ الْمَتْنِ يُوَافِقُهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعَدَدَ فَكَانَ الْمُرَادُ عَشْرَ لَيَالٍ لَكِنْ إذَا حُذِفَ التَّمْيِيزُ جَازَ التَّذْكِيرُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَفَادَهُ ح عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَقِيلَ إنَّ الْعَشْرَ اسْمٌ لِهَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشَرَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ اسْمَ الْعَدَدِ، حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهِ التَّذْكِيرُ مَعَ الْمُؤَنَّثِ وَالْعَكْسُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ذُو الْحِجَّةِ كُلُّهُ) مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ تَقْدِيرُهُ مِنْهَا ح (قَوْلُهُ عَمَلًا بِالْآيَةِ) أَيْ قَوْله تَعَالَى - {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197]- (قَوْلُهُ قُلْنَا اسْمُ الْجَمْعِ إلَخْ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ اسْمٌ هُوَ جَمْعٌ وَإِلَّا فَأَشْهُرٌ صِيغَةُ جَمْعٍ حَقِيقَةً، وَهَذَا أَحَدُ جَوَابَيْنِ لِلزَّمَخْشَرِيِ.
حَاصِلُهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ فِي إطْلَاقِ صِيغَةِ الْجَمْعِ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ لِعَلَاقَةَ مَعْنَى الِاجْتِمَاعِ وَالتَّعَدُّدِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ التَّجَوُّزَ فِي جَعْلِ بَعْضِ الشَّهْرِ شَهْرًا فَالْأَشْهُرُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَاعْتَرَضَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ فِيهِ إخْرَاجَ الْعَشْرِ عَنْ الْإِرَادَةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الشَّهْرَيْنِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِيمَا فَوْقَ الْوَاحِدِ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْحَجِّ ذُو أَشْهُرٍ، أَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ الْحَجِّ فِي أَشْهُرٍ، فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّجَوُّزِ لِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ لَا تَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ لَكِنْ بَيَّنَ الْمُرَادَ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ بِأَنَّهَا شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ (قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ التَّأْقِيتِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ إشْكَالِ تَقْرِيرِهِ أَنَّ التَّوْقِيتَ بِهَا إنْ اُعْتُبِرَ لِلْفَوَاتِ أَيْ إنَّ أَفْعَالَ الْحَجِّ لَوْ أُخِّرَتْ عَنْ هَذَا الْوَقْتِ يَفُوتُ الْحَجُّ لِفَوْتِهِ بِتَأْخِيرِ الْوُقُوفِ عَنْ طُلُوعِ فَجْرِ الْعَاشِرِ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَصِحَّ طَوَافُ الرُّكْنِ بَعْدَهُ وَإِنْ خُصِّصَ الْفَوَاتُ بِفَوْتِ مُعْظَمِ أَرْكَانِهِ، وَهُوَ الْوُقُوفُ، يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَاشِرُ مِنْهَا كَمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ اُعْتُبِرَ التَّوْقِيتُ الْمَذْكُورُ لِأَدَاءِ الْأَرْكَانِ فِي الْجُمْلَةِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ثَانِي النَّحْرِ وَثَالِثُهُ مِنْهَا: لِجَوَازِ الطَّوَافِ فِيهِمَا، وَأَجَابَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ وَغَيْرِهِ بِمَا يُفِيدُ اخْتِيَارَ الْأَخِيرِ وَذَلِكَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ أَنَّ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ إلَّا فِيهَا حَتَّى لَوْ صَامَ الْمُتَمَتِّعُ أَوْ الْقَارِنُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ.
وَكَذَا السَّعْيُ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ لَا يَقَعُ عَنْ سَعْيِ الْحَجِّ إلَّا فِيهَا، حَتَّى لَوْ فَعَلَهُ فِي رَمَضَانَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ يَوْمُ عَرَفَةَ فَوَقَفُوا فَإِذَا هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ جَازَ لِوُقُوعِهِ فِي زَمَانِهِ، وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ الْحَادِيَ عَشَرَ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي اللُّبَابِ وَغَيْرِهِ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَلَا يُنَافِيهِ إجْزَاءُ الْإِحْرَامِ قَبْلَهَا وَلَا إجْزَاءُ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَغَيْرِهَا بَعْدَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ فِيهِ. اهـ.