المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب العاشر في الزكاة] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٢

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ

- ‌بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَضَاء الْفَوَائِت]

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنِ الْإِقَامَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَصْر الصَّلَاة]

- ‌[بَابُ بَابُ الْجُمُعَةِ]

- ‌بَابُ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْكُسُوفِ

- ‌بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌[مطلب فِي دفن الْمَيِّت]

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْجَنَائِز]

- ‌[مطلب فِي الثَّوَاب عَلَى المصيبة]

- ‌[مطلب فِي زِيَارَة الْقُبُور]

- ‌[مطلب فِي وَضَعَ الجريد ونحو الآس عَلَى الْقُبُور]

- ‌[تَتِمَّةٌ قَطْعُ النَّبَاتِ الرَّطْبِ وَالْحَشِيشِ مِنْ الْمَقْبَرَةِ دُونَ الْيَابِسِ]

- ‌بَابُ الشَّهِيدِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ السَّائِمَةِ

- ‌ بَابٌ نِصَابُ الْإِبِلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْبَقَرِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ

- ‌[بَابُ الْعَاشِرِ فِي الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ زَكَاة الرِّكَازِ]

- ‌بَابُ الْعُشْرِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي زَكَاة الْعَشْر]

- ‌[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌[سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الصِّيَام]

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ الْمُبِيحَةِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ]

- ‌بَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌[سُنَنٌ وَآدَابٌ الْحَجِّ]

- ‌[مطلب فِي أَحْكَام الْعُمْرَة]

- ‌[مطلب فِي الْمَوَاقِيت]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِحْرَامِ وَصِفَةِ الْمُفْرِدِ

- ‌[مطلب فِي رَمْي جَمْرَة العقبة]

- ‌[مطلب فِي طَوَاف الزِّيَارَة]

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ]

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحَجُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَفْضِيلِ الْحَجِّ عَلَى الصَّدَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَضْلِ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَكْفِيرِ الْحَجِّ الْكَبَائِرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِعْمَالِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ جَنَى فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ الْتَجَأَ إلَيْهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ]

- ‌[حرم الْمَدِينَة وَمَكَّة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمُجَاوَرَةِ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ]

- ‌[خَاتِمَة فِي الْحَجّ]

الفصل: ‌[باب العاشر في الزكاة]

(الْحَوْلِ مِنْ أَلْفٍ) كَانَتْ (قَبَضَتْهُ مَهْرًا) ثُمَّ رَدَّتْ النِّصْفَ (لِطَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا) فَتُزَكِّي الْكُلَّ؛ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ (وَتَسْقُطُ) الزَّكَاةُ (عَنْ مَوْهُوبٍ لَهُ فِي) نِصَابٍ (مَرْجُوعٍ فِيهِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ رَجَعَ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَعْدَ الْحَوْلِ) لِوُرُودِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى عَيْنِ الْمَوْهُوبِ، وَلِذَا لَا رُجُوعَ بَعْدَ هَلَاكِهِ قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَهِيَ مِنْ الْحِيَلِ وَمِنْهَا أَنْ يَهَبَهُ لِطِفْلِهِ قَبْلَ التَّمَامِ بِيَوْمٍ.

بَابُ الْعَاشِرِ قِيلَ هَذَا مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ أَحْوَالِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْعُشْرُ عَلَمٌ لِمَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ مُطْلَقًا

ــ

[رد المحتار]

احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَ الْمَهْرُ سَائِمَةً أَوْ عَرَضًا فَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهَا تُزَكِّي النِّصْفَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ نِصْفَ عَيْنِ النِّصَابِ وَالِاسْتِحْقَاقُ بِمَنْزِلَةِ الْهَلَاكِ. اهـ.

وَكَانَ الْأَوْلَى بِالشَّارِحِ إسْقَاطَهُ؛ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَلْفٍ (قَوْلُهُ: مِنْ أَلْفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ نِصْفِ مَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ صِفَتُهُ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ رَدَّتْ النِّصْفَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ مَرْدُودٍ، وَقَوْلُهُ لِطَلَاقٍ مُتَعَلِّقٍ بِقَوْلِهِ مَرْدُودٍ نَظَرًا لِلْمَتْنِ ط.

(قَوْلُهُ: لَا تَتَعَيَّنُ إلَخْ) أَيْ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ نِصْفَ مَا قَبَضَتْهُ بِعَيْنِهِ بَلْ مِثْلُهُ وَالدَّيْنُ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا يُسْقِطُ الْوَاجِبَ وَلْوَالِجِيَّةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُزَكِّي الزَّوْجُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ الْآنَ عَادَ. اهـ.

قُلْت: بَقِيَ مَا إذَا لَمْ تَقْبِضْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ فِي يَدِ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنْ لَا زَكَاةَ عَلَى أَحَدٍ، أَمَّا الزَّوْجُ فَلِأَنَّهُ مَدْيُونٌ بِقَدْرِ مَا فِي يَدِهِ وَدَيْنُ الْعِبَادِ مَانِعٌ كَمَا مَرَّ وَاسْتِحْقَاقُهُ لِنِصْفِهِ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبٍ عَارِضٍ وَهُوَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مِلْكٍ جَدِيدٍ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلِأَنَّ مَهْرَهَا عَلَى الزَّوْجِ دَيْنٌ ضَعِيفٌ، وَقَدْ اسْتَحَقَّ الزَّوْجُ نِصْفَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَمْضِ حَوْلٌ جَدِيدٌ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْبَاقِي تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ) أَيْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَعَقْدِ النِّكَاحِ وَفِي الْفُسُوخِ كَفَسْخِ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَنَحْوِهِ وَتَمَامُهُ فِي أَحْكَامِ النَّقْدِ مِنْ الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ: لِوُرُودِ الِاسْتِحْقَاقِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فَسْخٌ مِنْ وَجْهٍ وَلَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَالدَّرَاهِمُ مِمَّا تَتَعَيَّنُ فِي الْهِبَةِ فَاسْتَحَقَّ عَيْنَ مَالِ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ هَلَكَ وَلْوَالِجِيَّةٌ وَبِهِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْمَهْرِ (قَوْلُهُ: قَيَّدَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ عَنْ مَوْهُوبٍ لَهُ (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا لِعَدَمِ الْمِلْكِ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْوَاهِبِ انْقَطَعَ بِالْهِبَةِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ اتِّفَاقًا إلَى أَنَّ فِي سُقُوطِهَا عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ خِلَافًا؛ لِأَنَّ زُفَرَ يَقُولُ بِعَدَمِهِ إنْ رَجَعَ الْوَاهِبُ بِلَا قَضَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَبْطَلَ مِلْكَهُ بِاخْتِيَارِهِ صَارَ ذَلِكَ كَهِبَةٍ جَدِيدَةٍ وَكَمُسْتَهْلَكٍ.

قُلْنَا: بَلْ هُوَ غَيْرُ مُخْتَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ الرَّدِّ أُجْبِرَ بِالْقَضَاءِ فَصَارَ كَأَنَّهُ هَلَكَ شَرْحُ دُرَرِ الْبِحَارِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ الْحِيَلِ) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ حِيَلِ إسْقَاطِ الزَّكَاةِ بِأَنْ يَهَبَ النِّصَابَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ مَثَلًا ثُمَّ يَرْجِعُ فِي هِبَتِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ أَيْضًا لَبُطْلَانِ الْحَوْلِ بِزَوَالِ الْمِلْكِ تَأَمَّلْ وَقَدَّمْنَا الِاخْتِلَافَ فِي كَرَاهَةِ الْحِيلَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا فِي هَالِكٍ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ الْمُسْتَهْلَكِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا إلَخْ) لَكِنْ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ لَكِنَّهَا لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

[بَابُ الْعَاشِرِ فِي الزَّكَاة]

بَابُ الْعَاشِرِ أَلْحَقَهُ بِالزَّكَاةِ اتِّبَاعًا لِلْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا يُؤْخَذُ زَكَاةً وَلَيْسَ مُتَمَحَّضًا، فَلِذَا أَخَّرَهُ عَمَّا تَمَحَّضَ وَقَدَّمَهُ عَلَى

ص: 308

ذَكَرَهُ سَعْدِيٌّ أَيْ عَلَمُ جِنْسٍ (هُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ) بِهَذَا يُعْلَمُ حُرْمَةُ تَوْلِيَةِ الْيَهُودِ عَلَى الْأَعْمَالِ (غَيْرُ هَاشِمِيٍّ) لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ الزَّكَاةِ (قَادِرٌ عَلَى الْحِمَايَةِ) مِنْ اللُّصُوصِ وَالْقُطَّاعِ

ــ

[رد المحتار]

الرِّكَازِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ عَشَرْت الْقَوْمَ أَعْشُرُهُمْ عُشْرًا بِالضَّمِّ فِيهِمَا إذَا أَخَذْت عُشْرَ أَمْوَالِهِمْ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ سَعْدِيٌّ) أَيْ فِي حَاشِيَةِ الْعِنَايَةِ حَيْثُ قَالَ الْمَأْخُوذُ هُوَ رُبُعُ الْعُشْرِ لَا الْعُشْرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَطْلَقَ الْعُشْرَ، وَأَرَادَ بِهِ رُبُعَهُ مَجَازًا مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ جُزْئِهِ أَوْ يُقَالُ الْعُشْرُ صَارَ عَلَمًا لِمَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ عُشْرًا لُغَوِيًّا أَوْ رُبُعَهُ أَوْ نِصْفَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَالَ الْعَاشِرُ تَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَحْوَالِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. وَفَسَّرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلنَّهْرِ بِالْعَلَمِ الْجِنْسِيِّ إذْ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَمَ شَخْصٍ، وَالْأَقْرَبُ كَوْنُهُ اسْمَ جِنْسٍ شَرْعِيٍّ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى عَلَمِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمَّا رَأَوْا الْعَرَبَ فَرَّقَتْ بَيْنَ أُسَامَةَ وَأَسَدٍ الْمَوْضُوعَيْنِ لِمَاهِيَّةِ الْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ بِإِجْرَائِهِمْ أَحْكَامَ الْأَعْلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ نَحْوِ مَنْعِ الصَّرْفِ، وَجَوَازِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْهُ، وَعَدَمِ دُخُولِ أَلْ عَلَيْهِ حَكَمُوا عَلَى الْأَوَّلِ بِالْعَلَمِيَّةِ الْجِنْسِيَّةِ دُونَ الثَّانِي، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِقَيْدِ الِاسْتِحْضَارِ عِنْدَ الْوَضْعِ، وَعَدَمِهِ كَمَا بَيَّنَ فِي مَحَلِّهِ وَلَيْسَ هُنَا مَا يَقْتَضِي عَلَمِيَّةِ الْعُشْرِ حَتَّى يَعْدِلَ عَنْ تَنْكِيرِهِ الْأَصْلِيِّ عَلَى أَنَّ ادِّعَاءَ التَّصَرُّفِ وَالنَّقْلِ فِي الْعُشْرِ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ ادِّعَائِهِ فِي الْعَاشِرِ، بَلْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ هُوَ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ مِنْ التُّجَّارِ أَنَّ الْعَاشِرَ اسْمٌ لِذَلِكَ نُقِلَ شَرْعًا إلَيْهِ إذْ لَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ وَقَعَ فِي الْعُشْرِ لَكَانَ حَقُّهُ بَيَانَ مَعْنَى الْعُشْرِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ لَا بَيَانُ الْعَاشِرِ أَوْ يُبَيِّنُ كُلًّا مِنْهُمَا فَيَقُولُ هُوَ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ لِيَأْخُذَ الْعُشْرَ الشَّامِلَ لِرُبُعِهِ وَنِصْفِهِ وَأَيْضًا فَالْمُتَعَارَفُ إطْلَاقُ الْعَاشِرِ عَلَى مَنْ يَأْخُذُ الْعُشْرَ وَغَيْرَهُ دُونَ إطْلَاقِ الْعُشْرِ عَلَى نِصْفِهِ وَرُبُعِهِ فَتَأَمَّلْ وَأَجَابَ فِي النِّهَايَةِ وَتَبِعَهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَأْخُذُ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ رُبُعَهُ سُمِّيَ عَاشِرَ الدَّوْرِ أَنَّ اسْمَ الْعُشْرِ فِي مُتَعَلِّقِ أَخْذِهِ وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْكَافِرِ فِي وَلَايَةٍ (قَوْلُهُ: هُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِعَدَمِ الْوَلَايَةِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْآيَةِ بَحْرٌ عَنْ الْغَايَةِ وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ قَوْله تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141](قَوْلُهُ: بِهَذَا إلَخْ) أَيْ بِاشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، زَادَ فِي الْبَحْرِ وَلَا شَكَّ فِي حُرْمَةِ ذَلِكَ أَيْضًا اهـ: أَيْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَعْظِيمَهُ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى حُرْمَةِ تَعْظِيمِهِ بَلْ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِ أَيْ الْعَاشِرِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَظْلِمُ كَزَمَانِنَا وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ حُرْمَةُ تَوْلِيَةِ الْفَسَقَةِ فَضْلًا عَنْ الْيَهُودِ وَالْكَفَرَةِ. اهـ.

قُلْت: وَذَكَرَ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَلَا تَتَّخِذْ أَحَدًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَاتِبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الرِّشْوَةَ فِي دِينِهِمْ وَلَا رِشْوَةَ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ فَإِنَّ الْوَالِيَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ {لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: 118] . اهـ. (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ الزَّكَاةِ) أَيْ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَصَارِفِ، فَيُعْطَى كِفَايَتَهُ مِنْهُ نَظِيرَ عَمَلِهِ وَلِذَا لَوْ هَلَكَ مَا جَمَعَهُ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الزَّيْلَعِيِّ، فَكَانَ فِيهِ شَبَهُ الْأُجْرَةِ وَشَبَهُ الصَّدَقَةِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ أَعْنِي كَوْنَهُ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْغَايَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرَهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا فِي بَابِ الْمَصْرِفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ الْهَاشِمِيُّ عَلَى الصَّدَقَةِ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا وَلَوْ عَمِلَ وَرُزِقَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ. اهـ.

وَمُرَادُهُ بِلَا يَنْبَغِي لَا يَحِلُّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ هُنَاكَ، وَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي جَوَازِ نَصْبِهِ

ص: 309

لِأَنَّ الْجِبَايَةَ بِالْحِمَايَةِ.

(نَصَّبَهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّرِيقِ) لِلْمُسَافِرِينَ خَرَجَ السَّاعِي فَإِنَّهُ الَّذِي يَسْعَى فِي الْقَبَائِلِ لِيَأْخُذَ صَدَقَةَ الْمَوَاشِي فِي أَمَاكِنِهَا (لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ) تَغْلِيبًا لِلْعِبَادَةِ عَلَى غَيْرِهَا (مِنْ التُّجَّارِ) بِوَزْنِ فُجَّارٍ (الْمَارِّينَ بِأَمْوَالِهِمْ) الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ (عَلَيْهِ) وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّ الْعَشَّارِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَخْذِ ظُلْمًا.

ــ

[رد المحتار]

عَامِلًا فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِحِلِّ أَخْذِهِ مِنْ الصَّدَقَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ صَاحِبِ الْغَايَةِ بِقَوْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ مُفَادَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ كَوْنُهُ هَاشِمِيًّا إذَا جَعَلَ لَهُ الْإِمَامُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ كَانَ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِمَّا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَسَنَذْكُرُ فِي بَابِ الْمَصْرِفِ تَمَامَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجِبَايَةَ بِالْحِمَايَةِ) أَيْ جِبَايَةَ الْإِمَامِ هَذَا الْمَأْخُوذُ بِسَبَبِ حِمَايَتِهِ لِلْأَمْوَالِ وَلِذَا لَوْ غَلَبَ الْخَوَارِجُ عَلَى مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَأَخَذُوا مِنْهُمْ الصَّدَقَاتِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إلَّا إعَادَةُ الْخَرَاجِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِلْمُسَافِرِينَ) أَيْ طَرِيقِ السَّفَرِ لِأَجْلِ الْحِمَايَةِ وَلِذَا قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: لِيَأْمَنُوا مِنْ اللُّصُوصِ إلَى قَيْدٍ لَا بُدَّ مِنْهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ، وَهُوَ أَنْ يَأْمَنَ بِهِ التُّجَّارُ مِنْ اللُّصُوصِ وَيَحْمِيَهُمْ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: خَرَجَ السَّاعِي) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ وَالْمُصَدِّقُ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ اسْمُ جِنْسٍ لَهُمَا.

(قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ إنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْكَافِرِ لَيْسَ بِصَدَقَةٍ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ) فَإِنَّ مَالَ الزَّكَاةِ نَوْعَانِ: ظَاهِرٌ، وَهُوَ الْمَوَاشِي، وَمَا يَمُرُّ بِهِ التَّاجِرُ عَلَى الْعَاشِر، وَبَاطِنٌ: وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَأَمْوَالُ التِّجَارَةِ فِي مَوَاضِعِهَا بَحْرٌ وَمُرَادُهُ هُنَا بِالْبَاطِنَةِ مَا عَدَا الْمَوَاشِيَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِمْ الْمَارِّينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَإِلَّا فَكُلُّ مَا مَرَّ بِهِ عَلَى الْعَاشِرِ فَهُوَ مِنْ نَوْعِ الظَّاهِرِ، وَسَمَّاهَا بَاطِنَةً بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ قَبْلَ الْمُرُورِ.

أَمَّا الْبَاطِنَةُ الَّتِي فِي بَيْتِهِ لَوْ أَخْبَرَ بِهَا الْعَاشِرَ فَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي مَتْنًا أَيْضًا وَأَشَارَ بِهَذَا التَّعْمِيمِ إلَى رَدِّ مَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْأَمْوَالُ الْبَاطِنَةُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَةَ: وَهِيَ السَّوَائِمُ لَا يَحْتَاجُ الْعَاشِرُ فِيهَا إلَى مُرُورِ صَاحِبِ الْمَالِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ عُشْرَهَا وَإِنْ لَمْ يَمُرَّ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَيْهِ اهـ فَإِنَّهُ كَمَا فِي النَّهْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْعَاشِرِ وَالسَّاعِي، وَقَدْ عَلِمْت التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا بِمَا مَرَّ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَدَائِعِ.

مَطْلَبٌ مَا وَرَدَ فِي ذَمِّ الْعَشَّارِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّ الْعَشَّارِ إلَخْ) مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَدْنُو مِنْ خَلْقِهِ أَيْ بِرَحْمَتِهِ وَجُودِهِ وَفَضْلِهِ فَيَغْفِرُ لِمَنْ شَاءَ إلَّا لِبَغِيٍّ بِفَرْجِهَا أَوْ عَشَّارٍ» وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لَا يَدْخُلُ صَاحِبُ مَكْسٍ الْجَنَّةَ» قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ يَعْنِي: الْعَشَّارَ وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يُرِيدُ بِصَاحِبِ الْمَكْسِ، الَّذِي يَأْخُذُ مِنْ التُّجَّارِ إذَا مَرُّوا عَلَيْهِ مَكْسًا بِاسْمِ الْعُشْرِ أَيْ الزَّكَاةِ قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ.

أَمَّا الْآنَ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَهُ مَكْسًا بِاسْمِ الْعُشْرِ وَمَكْسًا آخَرَ لَيْسَ لَهُ اسْمٌ، بَلْ شَيْءٌ يَأْخُذُونَهُ حَرَامًا وَسُحْتًا، وَيَأْكُلُونَهُ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا حُجَّتُهُمْ فِيهِ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ، كَذَا فِي الزَّوَاجِرِ لِابْنِ حَجَرٍ.

مَطْلَبٌ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِالدَّفْعِ إلَى الْعَاشِرِ فِي زَمَانِنَا ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ فَسَقَةِ التُّجَّارِ يَظُنُّ أَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَكْسِ يُحْسَبُ عَنْهُ إذَا نَوَى بِهِ الزَّكَاةَ وَهَذَا ظَنٌّ بَاطِلٌ

ص: 310

(فَمَنْ أَنْكَرَ تَمَامَ الْحَوْلِ أَوْ قَالَ) لَمْ أَنْوِ التِّجَارَةَ أَوْ (عَلَيَّ دَيْنٌ) مُحِيطٌ أَوْ مُنْقِصٌ لِلنِّصَابِ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ زَكَاةً مِعْرَاجٍ، وَهُوَ الْحَقُّ بَحْرٌ وَلِذَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ (أَوْ) قَالَ (أَدَّيْت إلَى عَاشِرٍ آخَرَ وَكَانَ) عَاشِرٌ آخَرُ مُحَقِّقٌ (أَوْ) قَالَ (أَدَّيْت إلَى الْفُقَرَاءِ فِي الْمِصْرِ) لَا بَعْدَ الْخُرُوجِ لِمَا يَأْتِي (وَحَلَفَ صُدِّقَ) فِي الْكُلِّ بِلَا إخْرَاجِ بَرَاءَةٍ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[رد المحتار]

لَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُنَصِّبُ الْمَكَّاسِينَ لِقَبْضِ الزَّكَاةِ بَلْ لِأَخْذِ عُشُورَاتِ مَالٍ وَجَدُوهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ لَا اهـ وَتَمَامُهُ هُنَاكَ.

قُلْت: عَلَى أَنَّهُ الْيَوْمَ صَارَ الْمُكَّاسُ يُقَاطِعُ الْإِمَامَ بِشَيْءٍ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَيَصِيرُ يَأْخُذُ مَا يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، وَيَأْخُذُ ذَلِكَ وَلَوْ مَرَّ التَّاجِرُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مُكَّاسٍ آخَرَ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِرَارًا مُتَعَدِّدَةً، وَلَوْ كَانَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الزَّكَاةِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْعَاشِرَ الَّذِي يُنَصِّبُهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّرِيقِ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ مِنْ الْمَارِّينَ وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ: أَنْ يَأْمَنَ بِهِ التُّجَّارُ مِنْ اللُّصُوصِ، وَيَحْمِيَهُمْ مِنْهُمْ وَهَذَا يَقْعُدُ عَلَى أَبْوَابِ الْبَلْدَةِ، وَيُؤْذِي التُّجَّارَ أَكْثَرَ مِنْ اللُّصُوصِ، وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَيَأْخُذُهُ مِنْهُمْ قَهْرًا وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا نَوَى أَنْ يَكُونَ الْمَكْسُ زَكَاةً فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى الزَّكَاةِ كَذَا قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ. اهـ.

وَأَشَارَ بِالصَّحِيحِ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إذَا نَوَى عِنْدَ الدَّفْعِ التَّصَدُّقَ عَلَى الْمُكَّاسِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ التَّبِعَاتِ وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَمَنْ أَنْكَرَ تَمَامَ الْحَوْلِ) أَيْ عَلَى مَا فِي يَدِهِ وَعَلَى مَا فِي بَيْتِهِ فَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِهِ مَالٌ آخَرُ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَمَا مَرَّ بِهِ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ، فَإِنَّ الْعَاشِرَ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ لِوُجُوبِ الضَّمِّ فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ إلَّا لِمَانِعٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَمْ أَنْوِ التِّجَارَةَ) أَوْ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الْمَالُ لِي بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ، أَوْ أَنَا أَجِيرٌ فِيهِ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ زَيْلَعِيٌّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَيْسَ فِي هَذَا الْمَالِ صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ النَّفْيِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيَّ دَيْنٌ) أَيْ دَيْنٌ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ؛ لِأَنَّهُ الْمَانِعُ مِنْ وُجُوبِ النِّصَابِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ مِنْهُ دَيْنَ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ زَكَاةً) أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الدَّيْنِ مُحِيطًا أَوْ مُنْقِصًا لِلنِّصَابِ، وَالْمُرَادُ مَا يَأْخُذُهُ مِنَّا أَوْ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ فَيُعْطَى حُكْمَ الزَّكَاةِ هُنَا وَإِنْ كَانَ جِزْيَةً وَيُصْرَفُ فِي مَصَارِفِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحَقُّ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ تَعْمِيمِ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ: مُحِيطٌ أَوْ مُنْقِصٌ؛ لِأَنَّ الْمُنْقِصَ لِلنِّصَابِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ، فَلَا فَرْقَ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ بَحْرٌ وَهُوَ رَدٌّ عَلَى مَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ وَغَايَةُ الْبَيَانِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْمُحِيطِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا أَرَادَا بِهِ الِاحْتِرَازَ عَمَّا لَا يَفْضُلُ عَنْهُ نِصَابٌ لَا عَنْ الْمُنْقِصِ أَيْضًا، فَلَا يُنَافِي إطْلَاقَ الْكَنْزِ كَإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمِعْرَاجِ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ وَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمَنْطُوقَ لَا يُعَارِضُهُ الْمَفْهُومُ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ التَّصْرِيحِ فِي الْمِعْرَاجِ، بِخِلَافِ هَذَا الْمَنْطُوقِ وَمِنْ تَأْوِيلِهِ بِمَا ذَكَرْنَا فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: مُحَقَّقٌ) فَلَوْ لَمْ يَدْرِ هَلْ هُنَاكَ عَاشِرٌ أَمْ لَا لَمْ يُصَدَّقْ كَمَا فِي السِّرَاجِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ نَهْرٌ، وَالْمُرَادُ بِالْعَاشِرِ هُنَا عَاشِرُ أَهْلِ الْعَدْلِ فَلَوْ مَرَّ عَلَى عَاشِرِ الْخَوَارِجِ عُشِّرَ ثَانِيًا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ أَدَّيْت إلَى الْفُقَرَاءِ فِي الْمِصْرِ) ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ فِيهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ الْخُرُوجِ) أَيْ لَوْ قَالَ: أَدَّيْت زَكَاتَهَا بَعْدَمَا أَخْرَجْتهَا مِنْ الْمَدِينَةِ، لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهَا بِالْإِخْرَاجِ الْتَحَقَتْ بِالْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ، فَكَانَ الْأَخْذُ فِيهَا إلَى الْإِمَامِ زَيْلَعِيٌّ، وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ وَلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ لِلْإِمَامِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ إلَى الْمَفَازَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَدَّى بِنَفْسِهِ فَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ فَقَدْ أَنْكَرَ ثُبُوتَ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ بَعْدَ إخْرَاجِهَا (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ) الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَلَا يَمِينَ فِيهَا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ مُنْكَرٌ وَلَهُ مُكَذِّبٌ، وَهُوَ الْعَاشِرُ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ، فَيَحْلِفُ لِرَجَاءِ النُّكُولِ بِخِلَافِ بَاقِي الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُكَذِّبَ لَهُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي إنْكَارِ تَمَامِ الْحَوْلِ، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) كَذَا فِي الْكَافِي

ص: 311

لِاشْتِبَاهِ الْخَطِّ، حَتَّى لَوْ أَتَى بِهَا عَلَى خِلَافِ اسْمِ ذَلِكَ الْعَاشِرِ حَلَفَ وَصُدِّقَ وَعُدَّتْ عَدَمًا وَلَوْ ظَهَرَ كَذِبُهُ بَعْدَ سِنِينَ أُخِذَتْ مِنْهُ (إلَّا فِي السَّوَائِمِ وَالْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ بَعْدَ إخْرَاجِهَا مِنْ الْبَلَدِ) لِأَنَّهَا بِالْإِخْرَاجِ الْتَحَقَتْ بِالْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَكَانَ الْأَخْذُ فِيهَا لِلْإِمَامِ فَيَكُونُ هُوَ الزَّكَاةَ، وَالْأَوَّلُ يَنْقَلِبُ نَفْلًا وَيَأْخُذُهَا مِنْهُ بِقَوْلِهِ لِقَوْلِ عُمَرَ: لَا تَنْبُشُوا عَلَى النَّاسِ مَتَاعَهُمْ لَكِنَّهُ يُحَلِّفُهُ إذَا اُتُّهِمَ (وَكُلُّ مَا صُدِّقَ فِيهِ مُسْلِمٌ) مِمَّا مَرَّ (صُدِّقَ فِيهِ ذِمِّيٌّ) لِأَنَّ لَهُمْ مَا لَنَا (إلَّا فِي قَوْلِهِ أَدَّيْت) أَنَا (إلَى فَقِيرٍ) لِعَدَمِ وَلَايَةِ ذَلِكَ.

ــ

[رد المحتار]

وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَشَرْطُ إخْرَاجِهَا رِوَايَةُ الْأَصْلِ: وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ الْيَمِينِ مَعَهَا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ: لِاشْتِبَاهِ الْخَطِّ) ؛ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ وَقَدْ يُزَوَّرُ وَقَدْ لَا يَأْخُذُ الْبَرَاءَةَ غَفْلَةً مِنْهُ، وَقَدْ تَضِلُّ بَعْدَ الْأَخْذِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ حُكْمًا فَيُعْتَبَرُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ كَافِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَعُدَّتْ عَدَمًا) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ دَلِيلُ كَذِبِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ذَكَرَ الْحَدَّ الرَّابِعَ وَغَلِطَ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَإِنْ جَازَ تَرْكُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا عِبَادَةٌ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْمَحْضَةِ بَحْرٌ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: أُخِذَتْ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ ثَابِتٌ فَلَا يَسْقُطُ بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ بَحْرٌ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْحَرْبِيِّ أَمَّا فِيهِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ خَرَجَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ لِمَا مَضَى. اهـ.

ح (قَوْلُهُ: إلَّا فِي السَّوَائِمِ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي قَوْلِهِ: أَدَّيْت إلَى الْفُقَرَاءِ أَيْ فَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ: أَدَّيْت زَكَاتَهَا بِنَفْسِي إلَى الْفُقَرَاءِ فِي الْمِصْرِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لِلسُّلْطَانِ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ بَحْرٌ.

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْأَدَاءَ إلَى السَّاعِي يُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: وَالْأَمْوَالَ الْبَاطِنَةَ) أَيْ وَإِلَّا فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ إخْرَاجِهَا: أَيْ إخْرَاجِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ مُتَعَلِّقٌ بِأَدَّيْت الْمُقَدَّرِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالِاسْتِثْنَاءِ.

وَالْمَعْنَى: لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى زَكَاةَ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ بِنَفْسِهِ بَعْدَ إخْرَاجِهَا مِنْ الْبَلَدِ لَا يُصَدَّقُ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ تَعَلُّقًا نَحْوِيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا مَعْنَوِيًّا عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ أَوْ حَالٌ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ بَعْدَ إخْرَاجِهَا سَوَاءٌ قَالَ: أَدَّيْت قَبْلَ الْإِخْرَاجِ أَوْ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّهُ بَعْدَ مُرُورِهِ بِهَا عَلَى الْعَاشِرِ لَوْ قَالَ أَدَّيْت إلَى الْفُقَرَاءِ فِي الْمِصْرِ يُصَدَّقُ كَمَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: فَكَانَ الْأَخْذُ فِيهَا لِلْإِمَامِ) كَمَا فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ السَّوَائِمُ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ يَنْقَلِبُ نَفْلًا) هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ الثَّانِي سِيَاسَةً، وَهَذَا لَا يُنَافِي انْفِسَاخَ الْأَوَّلِ وَوُقُوعِ الثَّانِي سِيَاسَةً بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ ثَانِيًا لِعِلْمِهِ بِأَدَائِهِ فَفِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَفِي جَامِعِ أَبِي الْيُسْرِ لَوْ أَجَازَ إعْطَاءَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الدَّفْعِ جَازَ وَكَذَا إذَا أَجَازَ دَفْعَهُ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُهَا مِنْهُ بِقَوْلِهِ) أَيْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْعَاشِرُ الصَّدَقَةَ بِقَوْلِهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ: إذَا أَخْبَرَ التَّاجِرُ الْعَاشِرَ أَنَّ مَتَاعَهُ مَرْوِيٌّ أَوْ هَرَوِيٌّ وَاتَّهَمَهُ الْعَاشِرُ فِيهِ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ حَلَّفَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَلَايَةُ الْإِضْرَارِ بِهِ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَّالِهِ: وَلَا تُفَتِّشُوا عَلَى النَّاسِ مَتَاعَهُمْ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا تَنْبُشُوا) النَّبْشُ إبْرَازُ الْمَسْتُورِ وَكَشْفُ الشَّيْءِ عَنْ الشَّيْءِ الْقَامُوسُ وَبَابُهُ نَصَرَ كَذَا فِي جَامِعِ اللُّغَةِ ح.

وَاَلَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ: لَا تُفَتِّشُوا بِالْفَاءِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا صُدِّقَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَكُلُّ مَالٍ وَالْمُنَاسِبُ هُوَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ مَا غَيْرُ وَاقِعَةٍ عَلَى الْمَالِ وَلِذَا بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ مِمَّا مَرَّ أَيْ مِنْ إنْكَارِ الْحَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُمْ مَا لَنَا) أَيْ فَيُرَاعَى فِي حَقِّهِمْ تِلْكَ الشَّرَائِطُ مِنْ الْحَوْلِ وَالنِّصَابِ، وَالْفَرَاغُ مِنْ الدَّيْنِ، وَكَوْنُهُ لِلتِّجَارَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: إذَا أُلْحِقُوا بِالْمُسْلِمِينَ وَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ رُبُعُ الْعُشْرِ كَالْمُسْلِمِينَ. قُلْنَا: الْمَأْخُوذُ مِنَّا زَكَاةٌ حَقِيقَةً وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ كَالْجِزْيَةِ حَتَّى يُصْرَفَ إلَى مَصَارِفِهَا لَا زَكَاةٌ؛ لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا وَتَمَامُهُ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وَلَايَةِ ذَلِكَ) فَإِنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةٌ وَفِيهَا لَا يُصَدَّقُ إذَا قَالَ أَدَّيْتهَا؛ لِأَنَّ فُقَرَاءَ

ص: 312

(لَا) يُصَدَّقُ (حَرْبِيٌّ) فِي شَيْءٍ (إلَّا فِي أُمِّ وَلَدِهِ، وَقَوْلِهِ لِغُلَامٍ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ هَذَا وَلَدِي) لِفَقْدِ الْمَالِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يُولَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ وَعُشِّرَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ (وَ) إلَّا فِي (قَوْلِهِ أَدَّيْت إلَى عَاشِرٍ آخَرَ وَثَمَّةَ عَاشِرٌ آخَرُ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اسْتِئْصَالِ الْمَالِ جَزَمَ بِهِ مُنْلَا خُسْرو وَذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ تَبَعًا لِلسُّرُوجِيِّ بِلَفْظٍ: يَنْبَغِي كَذَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْبَحْرِ، لَكِنْ جَزَمَ فِي الْعِنَايَةِ وَالْغَايَةِ بِعَدَمِ تَصْدِيقِهِ وَرَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ.

ــ

[رد المحتار]

أَهْلِ الذِّمَّةِ لَيْسُوا مَصْرِفًا لَهَا وَلَيْسَ لَهُ وَلَايَةُ الصَّرْفِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا وَهُوَ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ زَيْلَعِيٌّ.

وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِجِزْيَةٍ بَلْ فِي حُكْمِهَا لِصَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهَا حَتَّى لَا تَسْقُطَ جِزْيَةُ رَأْسِهِ تِلْكَ السَّنَةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِسْبِيجَابِيُّ اهـ.

قُلْت: صَرَّحَ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ بِأَنَّهُ جِزْيَةٌ حَقِيقَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهَا جِزْيَةٌ فِي مَالِهِ كَمَا يُسَمَّى خَرَاجُ أَرْضِهِ جِزْيَةً. وَعَلَيْهِ فَالْجِزْيَةُ أَنْوَاعٌ: جِزْيَةُ مَالٍ، وَجِزْيَةُ أَرْضٍ، وَجِزْيَةُ رَأْسٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِ بَعْضِهَا سُقُوطُ بَاقِيهَا كَمَا لَا يَخْفَى إلَّا فِي بَنِي تَغْلِبَ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِي مَالِهِمْ هُوَ جِزْيَةُ رُءُوسِهِمْ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: إذَا أَخَذَ الْعَاشِرُ مَا عَلَيْهِمْ سَقَطَتْ عَنْهُمْ الْجِزْيَةُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ صَالَحَهُمْ مِنْ الْجِزْيَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ الْمُضَاعَفَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُصَدَّقُ حَرْبِيٌّ) أَيْ لَا يُلْتَفَت إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ ثَبَتَ صِدْقُهُ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَفَادَهُ الْكَمَالُ ط.

(قَوْلُهُ: فِي شَيْءٍ) بَيَانٌ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَحْذُوفِ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ أَيْ فِي شَيْءٍ مَا مَرَّ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي تَصْدِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَمْ يَتِمَّ الْحَوْلُ فَفِي الْأَخْذِ مِنْهُ لَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَهُ لِتَمَامِ الْحِمَايَةِ لِيَحْصُلَ النَّمَاءُ وَحِمَايَةُ الْحَرْبِيِّ تَتِمُّ بِالْأَمَانِ مِنْ السَّبْيِ، وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ دَيْنٌ فَمَا عَلَيْهِ فِي دَارِهِ لَا يُطَالَبُ بِهِ فِي دَارِنَا وَإِنْ قَالَ: الْمَالُ بِضَاعَةٌ فَلَا حُرْمَةَ لِصَاحِبِهَا وَلَا أَمَانَ، وَإِنْ قَالَ لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ كَذَّبَهُ الظَّاهِرُ وَإِنْ قَالَ أَدَّيْتهَا أَنَا كَذَّبَهُ اعْتِقَادُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي أُمِّ وَلَدِهِ إلَخْ) فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي مَعَهُ أُمُّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِنَسَبِ مَنْ فِي يَدِهِ صَحِيحٌ فَكَذَا بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ نَهْرٌ.

وَعِبَارَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ إلَّا فِي الْجَوَارِي يَقُولُ: هُنَّ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِي. وَفِي الْبَحْرِ: فَلَوْ أَقَرَّ بِتَدْبِيرِ عَبْدِهِ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: لِغُلَامٍ) أَيْ لَيْسَ بِثَابِتِ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يُكَذِّبُهُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرُوا فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ ط (قَوْلُهُ: هَذَا وَلَدِي) فَلَوْ قَالَ أَخِي لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِنَسَبِهِ عَلَى الْأَبِ وَثُبُوتُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصْدِيقِ الْأَبِ فَيُؤْخَذُ عُشْرُهُ كَذَا ظَهَرَ لِي، وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.

نَعَمْ رَأَيْت فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ: لَوْ مَرَّ بِرَقِيقٍ فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَحْرَارٌ لَمْ يُعْشَرْ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَهُمْ أَحْرَارٌ وَإِلَّا فَقَدْ صَارُوا أَحْرَارًا بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الْمَالِيَّةِ) عِلَّةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ وَالْأَخْذُ لَا يَجِبُ إلَّا مِنْ الْمَالِ ط عَنْ النَّهْرِ.

مَطْلَبٌ مَا يُؤْخَذُ مِنْ النَّصَارَى لِزِيَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَرَامٌ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: أَقُولُ: مِنْهُ يُعْلَمُ حُرْمَةُ مَا يَفْعَلُهُ الْعُمَّالُ الْيَوْمَ مِنْ الْأَخْذِ عَلَى رَأْسِ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ خَارِجًا عَنْ الْجِزْيَةِ حَتَّى يُمَكَّنَ مِنْ زِيَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (قَوْلُهُ: وَعُشِرَ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ أُخِذَ عُشْرُهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا وَلَدِي لِلْأَكْبَرِ مِنْهُ سِنًّا مَجَازٌ عَنْ هُوَ حُرٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ) أَيْ فِي إبْطَالِ حَقِّ الْعَاشِرِ وَهُوَ أَخْذُ الْعُشْرِ لِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ فِي حَقِّهِ حُكْمًا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اسْتِئْصَالِ الْمَالِ) عِلَّةٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ لَزِمَ أَنَّهُ كُلَّمَا مَرَّ عَلَى عَاشِرٍ أَخَذَ مِنْهُ الْعُشْرَ فَيُؤَدِّي إلَى اسْتِئْصَالِ مَالِهِ أَيْ أَخْذِهِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: جَزَمَ بِهِ مُنْلَا خُسْرو) كَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبَحْرِ بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مُنْلَا شَيْخٍ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَهِيَ الصَّوَابُ.

فَإِنَّ عِبَارَةَ مُنْلَا خُسْرو كَعِبَارَةِ الْكَنْزِ الْآتِيَةِ وَالْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ الْبُخَارِيِّ الشَّهِيرِ بِمُنْلَا شَيْخٍ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى غُرَرُ الْأَذْكَارِ شَرْحُ دُرَرِ الْبِحَارِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْقُونَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْغَايَةُ) يَعْنِي غَايَةَ الْبَيَانِ للأتقاني وَإِلَّا فَالْغَايَةُ لِلسُّرُوجِيِّ وَهِيَ شَرْحُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ) أَيْ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنَّ كَلَامَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَحَقُّ مَا إلَيْهِ يُذْهَبُ. اهـ.

أَيْ لِأَنَّهُ هُوَ مُقْتَضَى حَصْرِ صَاحِبِ الْكَنْزِ

ص: 313

(وَأُخِذَ مِنَّا رُبُعُ عُشْرٍ وَمِنْ الذِّمِّيِّ) سَوَاءٌ كَانَ تَغْلِيبِيًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ كَمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ (ضَعَّفَهُ وَمِنْ الْحَرْبِيِّ عُشْرٌ) بِذَلِكَ أَمَرَ عُمَرُ (بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَالِ) لِكُلِّ وَاحِدٍ (نِصَابًا) لِأَنَّ مَا دُونَهُ عَفْوٌ (وَ) بِشَرْطِ (جَهْلِنَا) قَدْرَ (مَا أَخَذُوا مِنَّا، فَإِنْ عُلِمَ أُخِذَ مِثْلُهُ) مُجَازَاةً إلَّا إذَا أَخَذُوا الْكُلَّ فَلَا نَأْخُذُهُ بَلْ نَتْرُكُ لَهُ مَا يُبَلِّغُهُ مَأْمَنَهُ إبْقَاءً لِلْأَمَانِ.

ــ

[رد المحتار]

بِقَوْلِهِ: لَا الْحَرْبِيُّ إلَّا فِي أُمِّ وَلَدِهِ وَكَذَا عِبَارَةُ الدُّرَرِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِمُحَرِّرِ الْمَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ: فَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَذْهَبِ النَّاقِلُونَ لِكَلَامِ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ.

وَأَمَّا السُّرُوجِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالْعَيْنِيِّ وَالزَّيْلَعِيِّ وَشَارِحِ دُرَرِ الْبِحَارِ فَقَدْ ذَكَرُوا ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْبَحْثِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ يَنْبَغِي فَافْهَمْ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ وَغَيْرُهُ يُعْلَمُ حُكْمُهُ مِمَّا ذَكَرَهُ غَيْرُهُمْ أَيْضًا وَهُوَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا أُخِذَ مِنْ الْحَرْبِيِّ مَرَّةً لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا إلَخْ، وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَدَّقْ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى اسْتِئْصَالِ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا يَجِيءُ. اهـ.

فَالْحَصْرُ فِي كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا إضَافِيٌّ صَرَّحَ فِيهِ بِأَحَدِ الْمُسْتَثْنَيَيْنِ وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ بَعْدَ وَكَمْ لَهُ مِنْ نَظِيرٍ، فَلَمْ يَكُنْ كَلَامُ السُّرُوجِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ مُخَالِفًا لِلْمَذْهَبِ، بَلْ هُوَ تَحْقِيقٌ لَهُ عَلَى مَا هُوَ عَادَةُ الشُّرَّاحِ مِنْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَبَيَانِ الْمُجْمَلِ وَإِظْهَارِ الْخَفِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ فَهُوَ جَرْيٌ عَلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ، فَإِنْ كَانَ صَرِيحُهُ مَنْقُولًا عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَالتَّحْقِيقُ خِلَافُهُ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنَّا إلَخْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ الْعِبَارَةِ ط وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُسْلِمِ زَكَاةٌ وَمِنْ غَيْرِهِ جِزْيَةً يُصْرَفُ فِي مَصَارِفِهَا، وَلَكِنْ تُرَاعَى فِيهِ شُرُوطُ الزَّكَاةِ مِنْ الْحَوْلِ وَنَحْوِهِ كَمَا قَدَّمْنَا (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِهَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَمَرَ عُمَرُ سُعَاتَهُ ط (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا دُونَهُ عَفْوٌ) أَمَّا فِي الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْحَرْبِيِّ فَلِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى الْحِمَايَةِ لِقِلَّتِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ جَهْلِنَا إلَخْ) هَذَا خَاصٌّ بِالْحَرْبِيِّ فَقَطْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ مَا أَخَذُوا مِنَّا أَيْ أَهْلُ الْحَرْبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَيْسَ فِي عَطْفِهِ عَلَى مَا يَعُمُّ عَلَى الثَّلَاثَةِ إبْهَامٌ أَصْلًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: قَدْرَ مَا أَخَذُوا مِنَّا) قَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ: ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ مَعْلُومٌ وَالْمَأْخُوذَ مَجْهُولٌ، وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْأَخْذِ مَعْلُومًا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ.

قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ: لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إنَاطَةِ صَاحِبِ الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ عَدَمُ الْأَخْذِ مِنْهُمْ بِمَعْرِفَةِ عَدَمِ الْأَخْذِ مِنَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَصْلِ الْأَخْذِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا يَظْهَرُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: مُجَازَاةً) أَيْ الْأَخْذُ بِكَمِّيَّةٍ خَاصَّةٍ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ لَا أَصْلُ الْأَخْذِ فَإِنَّهُ حَقٌّ مِنَّا وَبَاطِلٌ مِنْهُمْ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ دُخُولَهُ فِي الْحِمَايَةِ أَوْجَبَ حَقَّ الْأَخْذِ مِنْهُمْ ثُمَّ إنْ عُرِفَ كَمِّيَّةُ مَا يَأْخُذُونَ مِنَّا أَخَذْنَا مِنْهُمْ مِثْلَهُ مُجَازَاةً إلَّا إذَا عُرِفَ أَخْذُهُمْ الْكُلَّ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَمِّيَّةُ مَا يَأْخُذُونَ فَالْعُشْرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ حَقُّ الْأَخْذِ بِالْحِمَايَةِ وَتَعَذَّرَ اعْتِبَارُ الْمُجَازَاةِ فَقُدِّرَ بِضِعْفِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ إلَى الْحِمَايَةِ مِنْهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

قُلْت: وَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْلَمْ أَصْلُ أَخْذِ شَيْءٍ مِنَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْعُشْرُ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَلِأَنَّ أَخْذَ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ، وَمَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ أَصْلًا لَا مُجَازَاةً وَلِأَنَّ عَدَمَ الْأَخْذِ مِنْهُمْ أَصْلًا عِنْدَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ أَخْذِ شَيْءٍ إنَّمَا هُوَ لِيَسْتَمِرُّوا عَلَيْهِ وَلِأَنَّا أَحَقُّ بِالْمَكَارِمِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بِمَعْنَى الْمُجَازَاةِ حَيْثُ تَرَكْنَاهُمْ كَمَا تَرَكُونَا وَلَيْسَ مِثْلُهُ عَدَمَ الْعِلْمِ بِأَصْلِ الْأَخْذِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِ أَخْذِ الْعُشْرِ وَهُوَ دُخُولُهُ فِي الْحِمَايَةِ وَعَدَمُ تَحَقُّقِ الْمَانِعِ بِخِلَافِ

ص: 314

(وَلَا نَأْخُذُ مِنْهُمْ شَيْئًا إذَا لَمْ يَبْلُغْ مَالُهُمْ نِصَابًا) وَإِنْ أَخَذُوا مِنَّا فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ وَلَا مُتَابَعَةَ عَلَيْهِ (أَوْ لَمْ يَأْخُذُوا مِنَّا) لِيَسْتَمِرُّوا عَلَيْهِ وَلِأَنَّا أَحَقُّ بِالْمَكَارِمِ (وَلَا يُؤْخَذُ) الْعُشْرُ (مِنْ مَالِ صَبِيٍّ حَرْبِيٍّ إلَّا أَنْ يَكُونُوا يَأْخُذُونَ مِنْ أَمْوَالِ صِبْيَانِنَا) أَشْيَاءَ كَمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ.

(أُخِذَ مِنْ الْحَرْبِيِّ مَرَّةً لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا فِي تِلْكَ السَّنَةِ إلَّا إذَا عَادَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ) لِعَدَمِ جَوَازِ الْأَخْذِ بِلَا تَجَدُّدِ حَوْلٍ أَوْ عَهْدٍ (وَلَوْ مَرَّ الْحَرْبِيُّ بِعَاشِرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ) الْعَاشِرُ (حَتَّى دَخَلَ) دَارَ الْحَرْبِ (ثُمَّ خَرَجَ) ثَانِيًا (لَمْ يُعَشِّرْهُ لِمَا مَضَى) لِسُقُوطِهِ بِانْقِطَاعِ الْوَلَايَةِ (بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ) لِعَدَمِ الْمُسْقِطِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

(وَيُؤْخَذُ نِصْفُ عُشْرٍ مِنْ قِيمَةِ خَمْرِ) وَجُلُودِ مَيْتَةِ (كَافِرٍ) كَذَا أَقَرَّ الْمُصَنِّفُ مَتْنَهُ فِي شَرْحِهِ لَوْ (لِلتِّجَارَةِ) .

ــ

[رد المحتار]

قَصْدِ الْمُجَازَاةِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ إيجَابِ الْعُشْرِ بَعْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ فَقَدْ تَأَيَّدَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَا نَأْخُذُ مِنْهُمْ شَيْئًا إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَالِ نِصَابًا ح (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ظُلْمٌ) فِيهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَأْخُذُونَهُ مِنَّا ظُلْمٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَخْذَ مِنْ الْقَلِيلِ ظُلْمٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ ذِي عَقْلٍ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ مُعَدٌّ لِلنَّفَقَةِ غَالِبًا وَالْأَخْذُ مِنْهُ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْأَمَانِ الْوَاجِبِ الْوَفَاءِ بِهِ حَتَّى عِنْدَهُمْ مِثْلُ مَا لَوْ أَخَذُوا الْكُلَّ (قَوْلُهُ: لِيَسْتَمِرُّوا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى عَدَمِ الْأَخْذِ مِنَّا ح (قَوْلُهُ: لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَمَانِ الْأَوَّلِ بَاقٍ وَالْأَخْذُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ اسْتِئْصَالٌ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: بِلَا تَجَدُّدِ حَوْلٍ أَوْ عَهْدٍ) لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْمُقَامِ فِي دَارِنَا حَوْلًا كَامِلًا بَلْ يَقُولُ لَهُ الْإِمَامُ حِينَ دُخُولِهِ إنْ أَقَمْت ضَرَبْت عَلَيْك الْجِزْيَةَ فَإِنْ أَقَامَ ضَرَبَهَا ثُمَّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ مَرَّ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِمُقَامِهِ حَوْلًا عَشَرَهُ ثَانِيًا زَجْرًا لَهُ وَيَرُدُّهُ إلَى دَارِنَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ: حَتَّى دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ وَخَرَجَ مِنْهَا ط (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ) أَيْ إذَا مَرَّا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا الْعَاشِرُ حَيْثُ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: مِنْ قِيمَةِ خَمْرِ) بِجَرِّ خَمْرِ بِلَا تَنْوِينٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى كَافِرٍ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الشَّاعِرِ

بَيْنَ ذِرَاعَيْ وَجَبْهَةِ الْأَسَدِ

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْغَايَةِ تُعْرَفُ قِيمَةُ الْخَمْرِ بِقَوْلِ فَاسِقَيْنِ تَابَا أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَسْلَمَا. وَفِي الْكَافِي يُعْرَفُ ذَلِكَ بِالرُّجُوعِ إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ اهـ وَفِي حَاشِيَةِ نُوحٍ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَجُلُودِ مَيْتَةِ كَافِرٍ) كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمَحْبُوبِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَهُ أَبُو اللَّيْثِ رِوَايَةً عَنْ الْكَرْخِيِّ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَالًا فِي الِابْتِدَاءِ، وَتَصِيرُ مَالًا فِي الِانْتِهَاءِ بِالدَّبْغِ فَكَانَتْ كَالْخَمْرِ اهـ وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ وَأَقَرَّهُ. وَاسْتَشْكَلَهُ ح بِأَنَّ الْجِلْدَ قِيَمِيٌّ وَسَيَأْتِي أَنَّ أَخْذَ قِيمَةِ الْقِيَمِيِّ كَأَخْذِ عَيْنِهِ وَكَوْنُهُ مَالًا فِي الِابْتِدَاءِ وَيَصِيرُ مَالًا فِي الِانْتِهَاءِ مِمَّا لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ عِلَّةَ عُشْرِ الْخَمْرِ وَإِنَّمَا جَعَلُوا الْعِلَّةَ كَوْنَهُ مِثْلِيًّا اهـ. وَأَجَابَ الرَّحْمَتِيُّ بِأَنَّ الْجِلْدَ مِثْلِيٌّ لَا قِيَمِيٌّ بِدَلِيلِ جَوَازِ السَّلَمِ فِيهِ فَكَانَ كَالْخِنْزِيرِ لَا كَالْخَمْرِ.

قُلْت: سَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ التَّنْصِيصُ عَلَى أَنَّهُ قِيَمِيٌّ، وَجَوَازُ السَّلَمِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِثْلِيٌّ لِجَوَازِهِ فِي غَيْرِهِ. وَأَجَابَ ط بِأَنَّهُ فِي الْبَحْرِ عَلَّلَ لِلْخَمْرِ بِعِلَّةٍ ثَانِيَةٍ، وَهِيَ أَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ مِنْهَا لِلْحِمَايَةِ فَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ.

قُلْت: لَكِنَّ هَذَا لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ بِأَنَّ أَخْذَ قِيمَةِ الْقِيَمِيِّ كَأَخْذِ عَيْنِهِ. وَقَدْ يُجَابُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ قِيمَةِ مَا لَا يُتَمَوَّلُ أَصْلًا وَهُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ كَالْخِنْزِيرِ وَقِيمَةِ مَا هُوَ قَابِلٌ لِلتَّمَوُّلِ وَالِانْتِفَاعِ كَجُلُودِ الْمَيْتَةِ وَلِذَا قَالُوا فَكَانَتْ كَالْخَمْرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَذَا أَقَرَّ الْمُصَنِّفُ مَتْنَهُ فِي شَرْحِهِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَتْنَ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ هَكَذَا: وَيُؤْخَذُ نِصْفُ عُشْرٍ مِنْ قِيمَةِ خَمْرِ كَافِرٍ لِلتِّجَارَةِ لَا مِنْ خِنْزِيرِهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ عُشْرُ الْقِيمَةِ مِنْ حَرْبِيٍّ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَكِتَابَتُهَا بِالْأَحْمَرِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ غَلَطٌ.

وَرَأَيْت فِي مَتْنٍ مُجَرَّدٍ مَا نَصُّهُ: وَيُؤْخَذُ نِصْفُ عُشْرٍ مِنْ قِيمَةِ خَمْرِ ذِمِّيٍّ وَعُشْرُ قِيمَتِهِ مِنْ حَرْبِيٍّ لِلتِّجَارَةِ لَا مِنْ خِنْزِيرِهِ، وَكُلٌّ مِمَّا أَقَرَّهُ وَرَجَعَ عَنْهُ خَطَأٌ أَمَّا مَا أَقَرَّهُ فَلِأَنَّهُ بِإِطْلَاقِهِ الْكَافِرَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَأْخُوذَ

ص: 315

وَبَلَغَ نِصَابًا وَيُؤْخَذُ عُشْرُ الْقِيمَةِ مِنْ حَرْبِيٍّ بِلَا نِيَّةِ تِجَارَةٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ اتِّفَاقًا (لَا) يُؤْخَذُ (مِنْ خِنْزِيرِهِ) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قِيَمِيٌّ فَأَخْذُ قِيمَتِهِ كَعَيْنِهِ بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ يَبْطُلُ حَقُّهُ أَصْلًا فَيَتَضَرَّرُ وَمَوَاضِعُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ ذَكَرَهُ سَعْدِيٌّ (وَ) لَا يُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ (مَالٍ فِي بَيْتِهِ) مُطْلَقًا (وَ) لَا مِنْ مَالِ (بِضَاعَةٍ) إلَّا أَنْ تَكُونَ لِحَرْبِيٍّ (وَ) لَا مِنْ (مَالِ مُضَارَبَةٍ) إلَّا أَنْ يَرْبَحَ الْمُضَارِبُ فَيُعَشِّرُ نَصِيبَهُ إنْ بَلَغَ نِصَابًا (وَ) لَا مِنْ (كَسْبِ مَأْذُونٍ مَدْيُونٍ) بِدَيْنٍ (مُحِيطٍ) بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ

ــ

[رد المحتار]

مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ نِصْفُ عُشْرٍ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ التِّجَارَةِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْحَرْبِيِّ عُشْرٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ.

وَأَمَّا مَا رَجَعَ عَنْهُ فَلِأَنَّهُ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ نِيَّةِ التِّجَارَةِ فِي حَقِّ الْحَرْبِيِّ، وَلِذَلِكَ حَمَلَ الشَّارِحُ الْكَافِرَ عَلَى الذِّمِّيِّ فَصَارَ الْمُصَنِّفُ سَاكِتًا عَنْ الْحَرْبِيِّ، فَذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ عُشْرُ الْقِيمَةِ مِنْ حَرْبِيٍّ إلَخْ. اهـ.

ح (قَوْلُهُ: وَبَلَغَ نِصَابًا) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ بِالضَّمِّ إلَى مَالٍ آخَرَ مَعَهُ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ يَعْشُرُهُ مُطْلَقًا أَطْلَقَ الْعِبَارَةَ وَلَمْ يَكْتَفِ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا نَأْخُذُ مِنْهُمْ شَيْئًا إذَا لَمْ يَبْلُغْ مَالُهُمْ نِصَابًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ: لَا مِنْ خِنْزِيرِهِ) أَيْ الْكَافِرِ ح (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ مَرَّ بِهِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْخَمْرِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ الثَّانِي: إنْ مَرَّ بِهِمَا عُشَرَ فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ تَبَعًا لِلْخَمْرِ وَلَمْ يَعْكِسْ؛ لِأَنَّهَا أَطْهَرُ مَالِيَّةً إذْ هِيَ قَبْلَ التَّخَمُّرِ مَالٌ، وَكَذَا بَعْدَهُ بِتَقْدِيرِ التَّخَلُّلِ وَلَيْسَ الْخِنْزِيرُ كَذَلِكَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: فَأَخْذُ قِيمَتِهِ كَعَيْنِهِ) أَيْ كَأَخْذِ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْحَيَوَانِ لَهَا حُكْمُ عَيْنِهِ وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى حَيَوَانٍ فِي الذِّمَّةِ إنْ شَاءَ دَفَعَ عَيْنَهُ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ قِيمَتَهُ.

أَمَّا قِيمَةُ الْخَمْرِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ عَيْنِ الْخَمْرِ، وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَ الذِّمِّيُّ امْرَأَةً عَلَى خَمْرٍ فَأَتَاهَا بِقِيمَتِهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ فَأَمْكَنَ أَخْذُ الْعُشْرِ مِنْ قِيمَتِهَا لَا مِنْ عَيْنِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَمْنُوعٌ عَنْ تَمَلُّكِهَا شَرْحُ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ: إنَّ الْقِيمَةَ لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ بَاعَ دَارِهِ مِنْ ذِمِّيٍّ بِالْخِنْزِيرِ وَشَفِيعُهَا مُسْلِمٌ يَأْخُذُهَا بِقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: أَنَّ الْجَوَازَ هُنَا ضَرُورَةُ حَقِّ الْعَبْدِ لِاحْتِيَاجِهِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ الشَّرْعِ لِاسْتِغْنَائِهِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْكَافِي. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ نَقْلًا عَنْ الْعِنَايَةِ بِأَنَّ الْقِيمَةَ لَمْ تَأْخُذْ حُكْمَ الْعَيْنِ فِي الْإِعْطَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ إزَالَةٍ وَتَبْعِيدٍ.

قُلْت: وَحَاصِلُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَدَفْعِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ فِي دَفْعِهَا لِلذِّمِّيِّ تَمْلِيكَهَا وَالْمُسْلِمُ مَنْهِيٌّ عَنْ تَمَلُّكِهَا وَتَمْلِيكِهَا (قَوْلُهُ فِي بَيْتِهِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى مَنْ مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ مُطْلَقًا ح (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ مَالِ بِضَاعَةٍ) هِيَ لُغَةً: الْقِطْعَةُ مِنْ الْمَالِ. وَاصْطِلَاحًا: مَا يَدْفَعُهُ الْمَالِكُ لِإِنْسَانٍ يَبِيعُ فِيهِ وَيَتَّجِرُ لِيَكُونَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ بَحْرٌ عَنْ الْمُغْرِبِ، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَمَانَةِ كَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ لَأَغْنَاهُ عَمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ لِحَرْبِيٍّ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ عَنْ الْمُضَارَبَةِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ وَإِنْ ادَّعَى بِضَاعَةً أَوْ نَحْوَهَا فَلَا حُرْمَةَ لِصَاحِبِهَا وَلَا أَمَانَ وَإِنَّمَا الْأَمَانُ لِلَّذِي فِي يَدِهِ. اهـ.

وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَالَ لِحَرْبِيٍّ وَذُو الْيَدِ حَرْبِيٌّ أَيْضًا فَيَعْشُرُ بِاعْتِبَارِ الْأَمَانِ لِذِي الْيَدِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْهُ الْمَالِكُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَا الْيَدِ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَالْمَالِكُ حَرْبِيٌّ لَا يَعْشُرُ؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَانَ لِلْمَالِكِ وَلَا لِذِي الْيَدِ وَلَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ غَيْرُ مَالِكٍ وَمَا فِي يَدِهِ مَالُ مُسْلِمٍ لَا يَحْتَاجُ لِأَمَانٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ)

ص: 316

(أَوْ) مَأْذُونٍ غَيْرِ مَدْيُونٍ لَكِنْ (لَيْسَ مَعَهُ مَوْلَاهُ) عَلَى الصَّحِيحِ فِي الثَّلَاثَةِ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ وَلِذَا لَا يُؤْخَذُ الْعُشْرُ مِنْ الْوَصِيِّ إذَا قَالَ: هَذَا مَالُ الْيَتِيمِ، وَلَا مِنْ عَبْدٍ وَمُكَاتَبٍ

(مَرَّ عَلَى عَاشِرِ الْخَوَارِجِ فَعَشَرُوهُ ثُمَّ مَرَّ عَلَى عَاشِرِ أَهْلِ الْعَدْلِ أَخَذَ مِنْهُ ثَانِيًا) لِتَقْصِيرِهِ بِمُرُورِهِ بِهِمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَلَبُوا عَلَى بَلَدٍ.

[فَرْعٌ] مَرَّ بِنِصَابِ رِطَابٍ لِلتِّجَارَةِ كَبِطِّيخٍ وَنَحْوِهِ لَا يُعَشِّرُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا إذَا كَانَ عِنْدَ الْعَاشِرِ فُقَرَاءُ فَيَأْخُذُ لِيَدْفَعَ لَهُمْ نَهْرٌ بَحْثًا.

ــ

[رد المحتار]

إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ، فَعِنْدَهُ لَا يَمْلِكُ مَوْلَاهُ مَا فِي يَدِهِ مِنْ كَسْبِهِ، وَعِنْدَهُمَا يَمْلِكُ كَمَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ بِلَا خِلَافٍ فَلَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ عَبْدًا مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَنْفُذُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ، فَإِذَا مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ مَوْلَاهُ أَوْ لَا أَمَّا إذَا كَانَ مَوْلَاهُ مَعَهُ فَلِانْعِدَامِ مِلْكِ الْمَوْلَى عِنْدَهُ وَلِلشَّغْلِ بِالدَّيْنِ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَظَاهِرٌ. اهـ. ح مَعَ تَغْيِيرٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَأْذُونٍ غَيْرِ مَدْيُونٍ) أَوْ مَدْيُونٍ بِغَيْرِ مُحِيطٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ: لَيْسَ مَعَهُ مَوْلَاهُ) أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يُحِطْ بِكَسْبِهِ عَشَرَ الْفَاضِلَ مِنْ الدَّيْنِ إذَا بَلَغَ نِصَابًا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ.

وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ ط أَنَّ الْمَأْذُونَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَدْيُونًا بِمُحِيطٍ أَوْ بِغَيْرِ مُحِيطٍ أَوْ غَيْرَ مَدْيُونٍ أَصْلًا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَوْلَاهُ أَوْ لَا، فَفِي الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَكَذَا فِي الْآخَرَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَوْلَاهُ وَإِنْ كَانَ عَشَرَ حَيْثُ بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ نِصَابٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ فِي الثَّلَاثَةِ) كَذَا فِي الْبَحْرِ وَقَالَ فِي الْمِعْرَاجِ وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي جَامِعِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمُضَارِبِ وَالْمُسْتَبْضِعِ وَالْعَبْدِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا هُوَ الصَّحِيحُ لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ لَكِنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ بِعُشْرِ الْمُضَارَبَةِ وَكَسْبِ الْمَأْذُونِ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْبِضَاعَةِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ) أَيْ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ الْمُضَارِبُ وَالْمُسْتَبْضِعُ وَالْعَبْدُ. قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: وَفِي الْإِيضَاحِ يُشْتَرَطُ لِلْأَخْذِ حُضُورُ الْمَالِكِ وَالْمِلْكِ جَمِيعًا فَلَوْ مَرَّ مَالِكٌ بِلَا مَالٍ لَا يَأْخُذُ وَلَوْ مَرَّ مَالٌ بِلَا مَالِكٍ لَمْ يَأْخُذْ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ عَبْدٍ) هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمَأْذُونِ الْمُتَقَدِّمِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ تَامٌّ إذْ يَجُوزُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ فَيَكُونَ مَا بِيَدِهِ لِلْمَوْلَى ط.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ غَلَبُوا عَلَى بَلَدٍ) تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ زَكَاةِ الْغَنَمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ اُضْطُرَّ إلَى الْمُرُورِ عَلَيْهِمْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَرَّ بِنِصَابِ رِطَابٍ) أَيْ مِمَّا لَا يَبْقَى حَوْلًا. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِنِصَابٍ قُرْبَ مُضِيِّ الْحَوْلِ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْخَضْرَاوَاتِ لِلتِّجَارَةِ فَتَمَّ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَعِنْدَهُ لَا يَأْخُذُ الزَّكَاةَ لَكِنْ يَأْمُرُ الْمَالِكَ بِأَدَائِهَا بِنَفْسِهِ وَقَالَا: يَأْخُذُ مِنْ جِنْسِهِ لِدُخُولِهِ تَحْتَ حِمَايَةِ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْبُرْهَانِ. وَقَالَ الْكَمَالُ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِ الْإِمَامِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا تَفْسُدُ بِالِاسْتِبْقَاءِ وَلَيْسَ عِنْدَ الْعَامِلِ فُقَرَاءُ فِي الْبَرِّ لِيَدْفَعَ لَهُمْ فَإِذَا بَقِيَتْ لِيَجِدَهُمْ فَسَدَتْ فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَوْ أَخَذَ لِيَصْرِفَ إلَى عِمَالَتِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ نَهْرٌ بَحْثًا) لَيْسَ فِي عِبَارَةِ النَّهْرِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ بَحْثٌ عَلَى أَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِ الْكَمَالِ كَمَا عَلِمْت وَلَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْكَمَالِ أَيْضًا مَا يُشْعِرُ بِالْبَحْثِ، عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ مَعَ زِيَادَةِ أَنَّهُ لَوْ رَضِيَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْقِيمَةَ أَخَذَهَا. وَفِي الْعِنَايَةِ مِنْ بَابِ الْعُشْرِ إذَا مَرَّ بِالْخَضْرَاوَاتِ عَلَى الْعَاشِرِ وَأَرَادَ الْعَاشِرُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ عَيْنِهَا لِأَجْلِ الْفُقَرَاءِ عِنْدَ إبَاءِ الْمَالِكِ عَنْ دَفْعِ الْقِيمَةِ لَا يَأْخُذُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا لِأَجْلِ الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مِنْ عَيْنِهَا لِيَصْرِفَ إلَى عِمَالَتِهِ جَازَ وَإِنَّمَا قُلْنَا عِنْدَ إبَاءِ الْمَالِكِ عَنْ دَفْعِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَعْطَى الْقِيمَةَ لَا كَلَامَ فِي جَوَازِ أَخْذِهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 317