الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَقَارِنٍ فَاتَهُ الْحَجُّ فَاعْتَمَرَ فِيهَا لَمْ يُكْرَهْ سِرَاجٌ، وَعَلَيْهِ فَاسْتِثْنَاءُ الْخَانِيَّةِ الْقَارِنَ مُنْقَطِعٌ فَلَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ عَرَفَةَ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْبَحْرِ.
(وَالْمَوَاقِيتُ) أَيْ الْمَوَاضِعُ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهَا مُرِيدُ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا خَمْسَةٌ (ذُو الْحُلَيْفَةِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مَكَانٌ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَعَشْرِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ تُسَمِّيهَا الْعَوَّامُ أَبْيَارَ عَلِيٍّ رضي الله عنه يَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَاتَلَ الْجِنَّ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ كَذِبٌ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ كَقَارِنٍ فَاتَهُ الْحَجُّ) لَوْ قَالَ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ كَفَائِتِ الْحَجِّ لَشَمِلَ الْمُتَمَتِّعَ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْمَكْرُوهَ الْإِنْشَاءُ لَا الْأَدَاءُ بِإِحْرَامٍ سَابِقٍ (قَوْلُهُ فَاسْتِثْنَاءُ الْخَانِيَّةِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ تُكْرَهُ الْعُمْرَةُ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ لِغَيْرِ الْقَارِنِ اهـ وَوَجْهُ الِانْقِطَاعِ مَا عَلِمْته مِنْ أَنَّ الْمَكْرُوهَ إنْشَاءُ الْعُمْرَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَالْقَارِنُ أَحْرَمَ بِهَا بِإِحْرَامٍ سَابِقٍ عَلَى هَذِهِ الْأَيَّامِ فَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا قَبْلَهُ فَاسْتِثْنَاؤُهُ مُنْقَطِعٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلَا يَخْتَصُّ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُنْشِئًا لِلْإِحْرَامِ فِيهَا لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِيمَا تُكْرَهُ عُمْرَتُهُ فِيهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَخْتَصُّ جَوَازُ عُمْرَتِهِ بِيَوْمِ عَرَفَةَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْخَانِيَّةِ لِغَيْرِ الْقَارِنِ مَا نَصُّهُ وَهُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ لَا إلَى الْخَمْسَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَأَنْ يُلْحَقَ الْمُتَمَتِّعُ بِالْقَارِنِ اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ فُهِمَ أَنَّ مَعْنَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْقَارِنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْعُمْرَةِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهَا أَفْعَالَ الْحَجِّ، وَمِنْ ثَمَّ خَصَّهُ بِيَوْمِ عَرَفَةَ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ كَلَامِهِمْ فَقَدْ قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَتُكْرَهُ الْعُمْرَةُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيْ يُكْرَهُ إنْشَاؤُهَا بِالْإِحْرَامِ أَمَّا إذَا أَدَّاهَا بِإِحْرَامٍ سَابِقٍ، كَمَا إذَا كَانَ قَارِنًا فَفَاتَهُ الْحَجُّ وَأَدَّى الْعُمْرَةَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ لَا يُكْرَهُ وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِثْنَاءُ الْوَاقِعُ فِي الْخَانِيَّةِ مُنْقَطِعٌ وَلَا اخْتِصَاصَ لِيَوْمِ عَرَفَةَ. اهـ.
أَقُولُ: لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْقَارِنِ فِي كَلَامِ الْخَانِيَّةِ الْمُدْرَكُ لَا فَائِتُ الْحَجِّ، بِخِلَافِ مَا فِي السِّرَاجِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا شَكَّ أَنَّ عُمْرَتَهُ لَا تَكُونُ بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالْوُقُوفِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْبَحْرِ تَعَرُّضٌ لِمَا فَاتَهُ الْحَجُّ وَلَا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ أَوْ مُنْقَطِعٌ فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ الْغَفْلَةُ فَتَنَبَّهْ وَافِهِمْ.
[مطلب فِي الْمَوَاقِيت]
ِ (قَوْلُهُ وَالْمَوَاقِيتُ) جَمْعُ مِيقَاتٍ بِمَعْنَى الْوَقْتِ الْمَحْدُودِ وَاسْتُعِيرَ لِلْمَكَانِ أَعْنِي مَكَانَ الْإِحْرَامِ كَمَا اُسْتُعِيرَ الْمَكَانُ لِلْوَقْتِ فِي قَوْله تَعَالَى - {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} [الأحزاب: 11]- وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ: الْمِيقَاتُ مَوْضِعُ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ رَأْيِهِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَكَأَنَّهُ فِي الْبَحْرِ اسْتَنَدَ إلَى ظَاهِرِ مَا فِي الصِّحَاحِ، فَزَعَمَ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي، وَأَعْرَضَ عَنْ كَلَامِهِمْ السَّابِقِ وَقَدْ عَلِمْت مَا هُوَ الْوَاقِعُ نَهْرٌ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمِيقَاتَ الْمَكَانِيَّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، فَإِنَّهُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ آفَاقِيٌّ، وَحُلِيٌّ أَيْ مَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمَوَاقِيتِ، وَحَرَمِيٌّ، وَذَكَرَهُمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ مُرِيدَ مَكَّةَ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ نُسُكٍ كَتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لَا مُحْرِمًا) أَيْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ) أَيْ وَسُكُونِ الْيَاءِ مُصَغَّرًا لِحَلْفَةٍ بِالْفَتْحِ اسْمُ نَبْتٍ فِي الْمَاءِ مَعْرُوفٌ (قَوْلُهُ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ) وَقِيلَ سَبْعَةٌ وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقُطْبِيُّ فِي مَنْسَكِهِ وَالْمُحَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ السَّيِّدُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ السَّمْهُودِيُّ فِي تَارِيخِهِ قَدْ اخْتَبَرْت ذَلِكَ فَكَانَ مِنْ عَتَبَةِ بَابِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ الْمَعْرُوفِ بِبَابِ السَّلَامِ إلَى عَتَبَةِ مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفِ ذِرَاعٍ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَسَبْعِمِائَةِ ذِرَاعٍ بِتَقْدِيمِ السِّينِ وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ ذِرَاعًا وَنِصْفِ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ الْيَدِ. اهـ.
قُلْت: وَذَلِكَ دُونَ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ فَإِنَّ الْمِيلَ عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ الْمُسْتَعْمَلِ الْآنَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَشْرُ مَرَاحِلَ) أَوْ تِسْعٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذِبٌ) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ مَنَاسِكِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ
(وَذَاتُ عِرْقٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ (وَجُحْفَةٌ) عَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ بِقُرْبِ رَابِغٍ (وَقَرْنٌ) عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ فَتْحُ الرَّاءِ خَطَأٌ وَنِسْبَةُ أُوَيْسٍ إلَيْهِ خَطَأٌ آخَرُ (وَيَلَمْلَمُ) جَبَلٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ أَيْضًا (لِلْمَدَنِيِّ وَالْعِرَاقِيِّ وَالشَّامِيِّ) الْغَيْرِ الْمَارِّ بِالْمَدِينَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (وَالنَّجْدِيُّ وَالْيَمَنِيُّ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَيَجْمَعُهَا قَوْلُهُ:
عِرْقُ الْعِرَاقِ يَلَمْلَمُ الْيَمَنِ
…
وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ يُحْرِمُ الْمَدَنِيّ
لِلشَّامِ جُحْفَةٌ إنْ مَرَرْت بِهَا
…
وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ فَاسْتَبِنِ
(وَكَذَا هِيَ لِمَنْ مَرَّ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا) كَالشَّامِّ يَمُرُّ بِمِيقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَهُوَ مِيقَاتُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ
ــ
[رد المحتار]
الْحَلَبِيِّ (قَوْلُهُ وَذَاتُ عِرْقٍ) فِي مَنْسَكِ الْقُطْبِيِّ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِيهَا عِرْقًا وَهُوَ الْجَبَلُ، وَهِيَ قَرْيَةٌ قَدْ خَرِبَتْ الْآنَ وَعِرْقٌ هُوَ الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ عَلَى الْعَقِيقِ، وَالْعَقِيقُ وَادٍ يَسِيلُ مَاؤُهُ إلَى غَوْرَيْ تِهَامَةَ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ اهـ.
وَلِهَذَا قَالَ فِي اللُّبَابِ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْعَقِيقِ وَهُوَ قَبْلَ ذَاتِ عِرْقٍ بِمَرْحَلَةٍ أَوْ مَرْحَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَرْحَلَتَيْنِ) وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَجَمْعٌ بِأَنَّ الْأَوَّلَ نَظَرًا إلَى الْمَرَاحِلِ الْعُرْفِيَّةِ وَالثَّانِي إلَى الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ وَجُحْفَةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّيْلَ نَزَلَ بِهَا وَجَحَفَ أَهْلَهَا أَيْ أَسْتَأْصَلَهُمْ، وَاسْمُهَا فِي الْأَصْلِ مَهْيَعَةَ لَكِنْ قِيلَ إنَّهَا قَدْ ذَهَبَتْ أَعْلَامُهَا وَلَمْ يَبْقَ بِهَا إلَّا رُسُومٌ خَفِيَّةٌ لَا يَكَادُ يَعْرِفُهَا إلَّا سُكَّانُ بَعْضِ الْبَوَادِي فَلِذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اخْتَارَ النَّاسُ الْإِحْرَامَ احْتِيَاطًا مِنْ الْمَكَانِ الْمُسَمَّى بِرَابِضٍ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ بَالِغَيْنِ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْجُحْفَةِ بِنِصْفِ مَرْحَلَةٍ أَوْ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ بَحْرٌ، وَقَالَ الْقُطْبِيُّ: وَلَقَدْ سَأَلْت جَمَاعَةً مِمَّنْ لَهُ خِبْرَةٌ مِنْ عُرْبَانِهَا عَنْهَا فَأَرَوْنِي أَكَمَةً بَعْدَ مَا رَحْلنَا مِنْ رَابِغٍ إلَى مَكَّةَ عَلَى جِهَةِ الْيَمِينِ عَلَى مِقْدَارِ مِيلٍ مِنْ رَابِغٍ تَقْرِيبًا.
(قَوْلُهُ وَقَرْنٌ) بِ فَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: جَبَلٌ مُطِلٌّ عَلَى عَرَفَاتٍ لَا خِلَافَ فِي ضَبْطِهِ بِهَذَا بَيْنَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالْفِقْهِ وَأَصْحَابِ الْأَخْبَارِ وَغَيْرِهِمْ نَهْرٌ عَنْ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ (قَوْلُهُ وفَتْحُ الرَّاءِ خَطَأٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَغَلِطَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَحْرِيكِهِ، وَفِي نِسْبَةِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى قَرَنِ بْنِ رُومَانَ بْنِ نَاجِيَةَ بْنِ مُرَادٍ أَحَدِ أَجْدَادِهِ (قَوْلُهُ وَيَلَمْلَمُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَاللَّامَيْنِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ وَيُقَالُ لَهَا أَلَمْلَمَ بِالْهَمْزَةِ وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْيَاءُ تَسْهِيلٌ لَهَا (قَوْلُهُ جَبَلٌ) أَيْ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ مَشْهُورٌ فِي زَمَانِنَا بِالسَّعْدِيَّةِ قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَنَاسِكِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهَذِهِ الْمَوَاقِيتُ مَا عَدَا ذَاتِ عِرْقٍ ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَذَاتُ عِرْقٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد (قَوْلُهُ وَالْعِرَاقِيُّ) أَيْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ، وَهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقَيْنِ وَكَذَا سَائِرُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَقَوْلُهُ وَالشَّامِيُّ مِثْلُهُ الْمِصْرِيُّ وَالْغَرْبِيُّ مِنْ طَرِيقِ تَبُوكَ لُبَابٌ وَشَرْحُهُ (قَوْلُهُ الْغَيْرُ الْمَارَّيْنِ بِالْمَدِينَةِ) يَعْنِي أَنَّ كَوْنَ ذَاتِ عِرْقٍ لِلْعِرَاقِيِّ وَجُحْفَةَ لِلشَّامِيِّ إذَا كَانَا غَيْرَ مَارَّيْنِ بِالْمَدِينَةِ أَمَّا لَوْ مَرَّا بِهَا فَمِيقَاتُهُمْ مِيقَاتُهَا أَعْنِي ذَا الْحُلَيْفَةِ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْإِحْرَامُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ كَالْمَدَنِيِّ كَمَا يَأْتِي تَحْرِيرُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا هِيَ لِمَنْ مَرَّ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا ح.
(قَوْلُهُ وَالنَّجْدِيُّ) أَيْ نَجِدُ الْيَمَنِ وَنَجِدُ الْحِجَازِ وَنَجِدُ تِهَامَةَ لُبَابٌ (قَوْلُهُ وَالْيَمَنِيُّ) أَيْ بَاقِي أَهْلِ الْيَمَنِ وَتِهَامَةَ لُبَابٌ (قَوْلُهُ وَيَجْمَعُهَا إلَخْ) جَمَعَهَا أَيْضًا الشَّيْخُ أَبُو الْبَقَاءِ فِي الْبَحْرِ الْعَمِيقِ بِقَوْلِهِ:
مَوَاقِيتُ آفَاقٍ يَمَانٌ وَنَجْدَةُ
…
عِرَاقٌ وِشَامٌ وَالْمَدِينَةُ فَاعْلَمْ
يَلَمْلَمُ قَرْنٌ ذَاتُ عِرْقٍ وَجُحْفَةُ
…
حُلَيْفَةُ مِيقَاتُ النَّبِيِّ الْمُكَرَّمِ
(قَوْلُهُ وَكَذَا هِيَ) أَيْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ الْخَمْسَةُ (قَوْلُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ) سَقَطَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ بَعْضِ
وَقَالُوا وَلَوْ مَرَّ بِمِيقَاتَيْنِ فَإِحْرَامُهُ مِنْ الْأَبْعَدِ أَفْضَلُ وَلَوْ أَخَّرَهُ إلَى الثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَعِبَارَةُ اللُّبَابِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَلَوْ لَمْ يَمُرَّ بِهَا تَحَرَّى وَأَحْرَمَ إذَا حَاذَى أَحَدَهَا وَأَبْعَدُهَا أَفْضَلُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يُحَاذِي فَعَلَى مَرْحَلَتَيْنِ
(وَحَرُمَ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ عَنْهَا) كُلِّهَا (لِمَنْ) أَيْ لِآفَاقِيٍّ (قَصَدَ دُخُولَ مَكَّةَ) يَعْنِي الْحَرَمَ (وَلَوْ لِحَاجَةٍ) غَيْرِ الْحَجِّ أَمَّا لَوْ قَصَدَ مَوْضِعًا مِنْ الْحِلِّ كَخُلَيْصٍ وَجُدَّةَ حَلَّ لَهُ مُجَاوَزَتُهُ بِلَا إحْرَامٍ فَإِذَا حَلَّ بِهِ الْتَحَقَ بِأَهْلِهِ فَلَهُ دُخُولُ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ وَهُوَ الْحِيلَةُ لِمُرِيدِ ذَلِكَ إلَّا لِمَأْمُورٍ بِالْحَجِّ لِلْمُخَالَفَةِ
ــ
[رد المحتار]
النُّسَخِ، وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُصَرَّحٌ بِهَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ مُتُونًا وَشُرُوحًا فَلَا مَعْنَى لِنَقْلِهَا عَنْ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ح وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا اتِّفَاقِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَقَالُوا) أَيْ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَرَّ بِمِيقَاتَيْنِ) كَالْمَدَنِيِّ يَمُرُّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ بِالْجُحْفَةِ فَإِحْرَامُهُ مِنْ الْأَبْعَدِ أَفْضَلُ أَيْ الْأَبْعَدِ عَنْ مَكَّةَ، وَهُوَ ذُو الْحُلَيْفَةِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ عَنْ ابْنِ أَمِيرْ حَاجّْ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ، ثُمَّ وَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الْخِلَافِ وَسُرْعَةِ الْمُسَارَعَةِ إلَى الطَّاعَةِ، وَالثَّانِي لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَمْنِ مِنْ قِلَّةِ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورَاتِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ بِكَثْرَةِ الْعِصْيَانِ، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ وَلَا مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ جَاوَزَ مِيقَاتًا بِلَا إحْرَامٍ إلَى آخَرَ جَازَ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْأَوَّلِ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إذَا مَرُّوا بِهَا فَجَاوَزُوهَا إلَى الْجُحْفَةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا وَصَلُوا إلَى الْمِيقَاتِ الْأَوَّلِ لَزِمَهُمْ مُحَافَظَةُ حُرْمَتِهِ، فَيُكْرَهُ لَهُمْ تَرْكُهَا. اهـ.
وَذَكَرَ مِثْلَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ إلَّا أَنَّ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَدَنِيَّ لَيْسَ كَذَلِكَ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ بِوُجُوبِ الدَّمِ وَعَدَمِهِ، بِحَمْلِ رِوَايَةِ الْوُجُوبِ عَلَى الْمَدَنِيِّ وَعَدَمِهِ عَلَى غَيْرِهِ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ نَقَلَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْمَدَنِيَّ إذَا جَاوَزَ إلَى الْجُحْفَةِ فَأَحْرَمَ عِنْدَهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَنَقَلَ قَبْلَهُ عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ فِي كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَمَنْ جَاوَزَ وَقْتَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ أَتَى وَقْتًا آخَرَ فَأَحْرَمَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ كَانَ أَحْرَمَ مِنْ وَقْتِهِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ اهـ فَالْأَوَّلُ صَرِيحٌ، وَالثَّانِي ظَاهِرٌ فِي الْمَدَنِيِّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ الْمَارَّ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ اتِّفَاقِيٌّ لَا احْتِرَازِيٌّ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ الْمَدَنِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْهِدَايَةِ وَفَائِدَةُ التَّأْقِيتِ: أَيْ بِالْمَوَاقِيتِ الْخَمْسَةِ الْمَنْعُ عَنْ تَأْخِيرِ الْإِحْرَامِ عَنْهَا لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّقْدِيمُ بِالْإِجْمَاعِ فَاعْتَرَضَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمَدَنِيِّ الْإِحْرَامَ عَنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَالْمَسْطُورُ خِلَافُهُ نَعَمْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا لَكِنَّ الظَّاهِرَ عَنْهُ هُوَ الْأَوَّلُ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّأْخِيرِ مُقَيَّدٌ بِالْمِيقَاتِ الْأَخِيرِ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ رِوَايَةُ وُجُوبِ الدَّمِ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ اللُّبَابِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ) مُقْتَضَاهَا وُجُوبُهُ بِالْمُجَاوَزَةِ ثُمَّ سُقُوطُهُ بِالْإِحْرَامِ مِنْ الْأَخِيرِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَسْطُورِ كَمَا عَلِمْته وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَمُرَّ بِهَا إلَخْ) كَذَا فِي الْفَتْحِ.
وَمُفَادُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْإِحْرَامِ بِالْمُحَاذَاةِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُرُورِ عَلَى الْمَوَاقِيتِ أَمَّا لَوْ مَرَّ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ آخِرِ مَا يَمُرُّ عَلَيْهِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ يُحَاذِي بَعْدَهُ مِيقَاتًا آخَرَ وَبِذَلِكَ أَجَابَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَمَّا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ الشَّافِعِيُّ حِين اجْتِمَاعِهِ بِهِ فِي مَكَّةَ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي عَلَى مُدَّعَاكُمْ أَنْ لَا يَلْزَمَ الشَّامِيَّ وَالْمِصْرِيَّ الْإِحْرَامُ مِنْ رَابِغٍ، بَلْ مِنْ خُلَيْصٍ لِمُحَاذَاتِهِ لِآخِرِ الْمَوَاقِيتِ، وَهُوَ قَرْنُ الْمَنَازِلِ.
وَأَجَابَهُ بِجَوَابٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْمُحَاذَاةُ الْقَرِيبَةُ، وَمُحَاذَاةُ الْمَارِّينَ بِقَرْنٍ بَعِيدَةٌ لِأَنَّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ بَعْضُ جِبَالٍ، لَكِنْ نَازَعَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ (قَوْلُهُ تَحَرَّى) أَيْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَكَانُ الْمُحَاذَاةِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَجِدْ عَالِمًا بِهِ يَسْأَلُهُ (قَوْلُهُ إذَا حَاذَى أَحَدَهَا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ إذَا حَاذَاهُ أَحَدُهَا (قَوْلُهُ وَأَبْعَدَهَا) أَيْ عَنْ مَكَّةَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) كَذَا فِي الْفَتْحِ لَكِنَّ الْأَصْوَبَ قَوْلُ اللُّبَابِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُحَاذَاةَ لِمَا قَالَ شَارِحُهُ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عَدَمُ الْمُحَاذَاةِ اهـ أَيْ لِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ تَعُمُّ جِهَاتِ مَكَّةَ كُلِّهَا فَلَا بُدَّ مِنْ مُحَاذَاةِ أَحَدِهَا (قَوْلُهُ فَعَلَى مَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ مِنْ مَكَّةَ فَتْحٌ وَوَجْهُهُ
(لَا) يَحْرُمُ (التَّقْدِيمُ) لِلْإِحْرَامِ (عَلَيْهَا) بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ
ــ
[رد المحتار]
أَنَّ الْمَرْحَلَتَيْنِ أَوْسَطُ الْمَسَافَاتِ وَإِلَّا فَالِاحْتِيَاطُ الزِّيَادَةُ مَقْدِسِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ إلَخْ) فَعَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى مِيقَاتٍ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِيقَاتَهُ لِيُحْرِمَ مِنْهُ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْجِنَايَاتِ (قَوْلُهُ كُلَّهَا) زَادَهُ لِأَجْلِ دَفْعِ مَا أَوْرَدَ عَلَى عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا (قَوْلُهُ أَيْ لِآفَاقِيٍّ) أَيْ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ كَالْحَرَمِيِّ وَالْحِلِّيِّ إذَا خَرَجَا إلَى الْمِيقَاتِ كَمَا يَأْتِي فَتَقْيِيدُهُ بِالْآفَاقِيِّ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ بَقِيَا فِي مَكَانِهِمَا، فَلَا يُحْرِمُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ يَعْنِي الْحَرَمَ) أَيْ الْآتِي تَحْدِيدُهُ قَرِيبًا لَا خُصُوصُ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ قَصْدُ دُخُولِهَا (قَوْلُهُ غَيْرَ الْحَجِّ) كَمُجَرَّدِ الرُّؤْيَةِ وَالنُّزْهَةِ أَوْ التِّجَارَةِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَصَدَ مَوْضِعًا مِنْ الْحِلِّ إلَخْ) أَيْ مِمَّا بَيْنَ الْمِيقَاتِ وَالْحَرَمِ.
وَالْمُعْتَبَرُ الْقَصْدُ عِنْدَ الْمُجَاوِزِ لَا عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ: أَيْ قَصْدًا أَوَّلِيًّا كَإِذَا قَصَدَهُ لِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ، وَأَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ ثَانِيًا إذْ لَوْ كَانَ قَصْدُهُ الْأَوَّلِيُّ دُخُولَ مَكَّةَ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ أَنْ يَمُرَّ فِي الْحِلِّ فَلَا يَحِلُّ لَهُ (قَوْلُهُ فَلَهُ دُخُولُ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ) أَيْ مَا لَمْ يُرِدْ نُسُكًا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْحِيلَةُ إلَخْ) أَيْ الْقَصْدُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ الْحِيلَةُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ لَكِنْ لَا تَتِمُّ الْحِلْيَةُ إلَّا إذَا كَانَ قَصْدُهُ لِمَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ قَصْدًا أَوَّلِيًّا كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَلَمْ يُرِدْ النُّسُكَ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْجِنَايَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ إلَّا لِمَأْمُورٍ بِالْحَجِّ لِلْمُخَالَفَةِ) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا بِقَوْلِهِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ هَذِهِ الْحِيلَةُ لِلْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ سَفَرُهُ لِلْحَجِّ وَلِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحَجَّةٍ آفَاقِيَّةٍ وَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ صَارَتْ حَجَّتُهُ مَكِّيَّةً فَكَانَ مُخَالِفًا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يَكْثُرُ وُقُوعُهَا فِيمَنْ يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ الْمِلْحِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْحَجِّ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي وَسَطِ السَّنَةِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْصِدَ الْبَنْدَرَ الْمَعْرُوفَ بِجُدَّةِ لِيَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ حَتَّى لَا يَطُولَ الْإِحْرَامُ عَلَيْهِ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ بِالْحَجِّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ اهـ.
أَيْ لِأَنَّهُ إذَا اعْتَمَرَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ يَصِيرُ مُخَالِفًا فِي قَوْلِهِمْ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ، وَهَلْ مُخَالَفَتُهُ لِكَوْنِهِ جَعَلَ سَفَرَهُ لِغَيْرِ الْحَجِّ الْمَأْمُورِ بِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَجْعَلْ حَجَّتَهُ آفَاقِيَّةً.
وَعَلَى الثَّانِي لَوْ اعْتَمَرَ أَوْ فَعَلَ الْحِيلَةَ بِأَنْ قَصَدَ الْبَنْدَرَ، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ وَقْتَ الْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِأَنَّ حَجَّتَهُ صَارَتْ آفَاقِيَّةً أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ مُخَالِفٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ لِكُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ عِبَارَةِ الْبَحْرِ الْمَذْكُورَةِ فَتَتَحَقَّقُ الْمُخَالَفَةُ بِالْعِلَّةِ الْأُولَى لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْقَارِي فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ مَسْأَلَةً اضْطَرَبَ فِيهَا فُقَهَاءُ عَصْرِهِ وَهِيَ: أَنَّ الْآفَاقِيَّ الْحَاجَّ عَنْ الْغَيْرِ إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ لِلْحَجِّ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ، وَأَحْرَمَ هَلْ يَصِحُّ عَنْ الْآمِرِ قِيلَ: لَا، وَقِيلَ نَعَمْ وَمَالَ هُوَ إلَى الثَّانِي قَالَ: وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ وَشَيْخُنَا سِنَانٌ الرُّومِيُّ فِي مَنْسَكِهِ وَالشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيَّ.
قُلْت وَهَذَا يُفِيدُ جَوَازَ الْحِيلَةِ الْمَذْكُورَةِ لَهُ إذَا عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ، وَأَحْرَمَ وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ سَفَرَهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ لِلْحَجِّ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْبَنْدَرَ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ لِيُقِيمَ بِهِ أَيَّامًا لِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مَثَلًا ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ لِلْحَجِّ كَمَا لَوْ قَصَدَ مَكَانًا آخَرَ فِي طَرِيقِهِ ثُمَّ النَّقْلَةُ عَنْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَافْهَمْ.
وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَرَامًا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذِهِ الْحِيلَةِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ أَيْ يُحْرِمُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ أَحْكَامِ الْعُمْرَةِ.
(قَوْلُهُ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ) قَدَّمْنَا تَفْسِيرَ الصَّحَابَةِ الْإِتْمَامَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَمِنْ الْأَمَاكِنِ الْقَاصِيَةِ.
إنْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ
(وَحَلَّ لِأَهْلِ دَاخِلِهَا) يَعْنِي لِكُلِّ مَنْ وُجِدَ فِي دَاخِلِ الْمَوَاقِيتِ (دُخُولُ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ) مَا لَمْ يُرِدْ نُسُكًا لِلْحَرَجِ كَمَا لَوْ جَاوَزَهَا حَطَّابُو مَكَّةَ فَهَذَا (مِيقَاتُهُ الْحِلُّ) الَّذِي بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ وَالْحَرَمِ
(وَ) الْمِيقَاتُ (لِمَنْ بِمَكَّةَ) يَعْنِي مَنْ بِدَاخِلِ الْحَرَمِ (لِلْحَجِّ الْحَرَمُ وَلِلْعُمْرَةِ الْحِلُّ) لِيَتَحَقَّقَ نَوْعُ سَفَرٍ
ــ
[رد المحتار]
قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَإِنَّمَا كَانَ التَّقْدِيمُ عَلَى الْمَوَاقِيتِ أَفْضَلَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَعْظِيمًا وَأَوْفَرُ مَشَقَّةً وَالْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّةِ وَلِذَا كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ الْإِحْرَامَ بِهِمَا مِنْ الْأَمَاكِنِ الْقَاصِيَةِ.
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَعِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ مِنْ الْبَصْرَةِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ الشَّامِ وَابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ الْقَادِسِيَّةِ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام " «مَنْ أَهَلَّ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجَّةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بِنَحْوِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ إنْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) أَمَّا قَبْلَهَا فَيُكْرَهُ وَإِنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ الْوُقُوعَ فِي الْمَحْظُورَاتِ لِشَبَهِ الْإِحْرَامِ بِالرُّكْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ) وَإِلَّا فَالْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ بَلْ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ الْمَوَاقِيتِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ أَمِيرْ حَاجّْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ وَحَلَّ لِأَهْلِ دَاخِلِهَا) شُرُوعٌ فِي الصِّنْفِ الثَّانِي مِنْ الْمَوَاقِيتِ، وَالْمُرَادُ بِالدَّاخِلِ غَيْرُ الْخَارِجِ فَيَشْمَلُ مَنْ فِيهَا نَفْسِهَا وَمَنْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَنْصُوصِ مِنْ الرِّوَايَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ دَاخِلُ جَمِيعِهَا لِيَخْرُجَ مَنْ كَانَ بَيْنَ مِيقَاتَيْنِ كَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَيْنَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَالْجُحْفَةِ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْجُحْفَةِ خَارِجَ الْمِيقَاتِ؛ فَلَا يَحِلُّ لَهُ دُخُولُ الْحَرَمِ بِلَا إحْرَامٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يَعْنِي لِكُلِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَهْلِ مَا يَشْمَلُ مَنْ قَصَدَهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ أَمَّا لَوْ قَصَدَ مَوْضِعًا مِنْ الْحِلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ) حَالٌ مِنْ أَهَلَّ وَلَمْ يَجْمَعْهُ نَظَرًا إلَى لَفْظِ أَهَلَّ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ جَمْعًا ح (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُرِدْ نُسُكًا) أَمَّا إنْ أَرَادَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ قَبْلَ دُخُولِهِ أَرْضَ الْحَرَمِ فَمِيقَاتُهُ كُلُّ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ فَتْحٌ.
وَعَنْ هَذَا قَالَ الْقُطْبِيُّ فِي مَنْسَكِهِ وَمِمَّا يَجِبُ التَّيَقُّظُ لَهُ سُكَّانُ جُدَّةَ بِالْجِيمِ، وَأَهْلِ حِدَّةَ بِالْمُهْمَلَةِ، وَأَهْلُ الْأَوْدِيَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُمْ غَالِبًا يَأْتُونَ مَكَّةَ فِي سَادِسِ أَوْ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ بِلَا إحْرَامٍ، وَيُحْرِمُونَ لِلْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَعَلَيْهِمْ دَمٌ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ، لَكِنْ بَعْدَ تَوَجُّهِهِمْ إلَى عَرَفَةَ يَنْبَغِي سُقُوطُهُ عَنْهُمْ بِوُصُولِهِمْ إلَى أَوَّلِ الْحِلِّ مُلَبِّينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ عَوْدًا إلَى الْمِيقَاتِ لِعَدَمِ قَصْدِهِمْ الْعَوْدَ لِتَلَافِي مَا لَزِمَهُمْ بِالْمُجَاوَزَةِ بَلْ قَصَدُوا التَّوَجُّهَ إلَى عَرَفَةَ. اهـ.
وَقَالَ الْقَاضِي مُحَمَّدُ عِيدٍ فِي شَرْحِ مَنْسَكِهِ وَالظَّاهِرُ السُّقُوطُ لِأَنَّ الْعَوْدَ إلَى الْمِيقَاتِ مَعَ التَّلْبِيَةِ مُسْقِطٌ لِدَمِ الْمُجَاوَزَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ التَّعْظِيمُ (قَوْلُهُ لِلْحَرَجِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَحَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ جَاوَزَهَا إلَخْ) يَحْتَمِلُ عَوْدَ الْهَاءِ إلَى مَكَّةَ فَتَكُونُ الْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ لِأَنَّ الْمَكِّيَّ إذَا خَرَجَ إلَى الْحِلِّ الَّذِي فِي دَاخِلِ الْمِيقَاتِ الْتَحَقَ بِأَهْلِهِ كَمَا مَرَّ آنِفًا، بِشَرْطِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ مِيقَاتَ الْآفَاقِيِّ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْآفَاقِيِّ لَا يَحِلُّ لَهُ دُخُولُهُ بِلَا إحْرَامٍ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ، وَيَحْتَمِلُ عَوْدَهَا إلَى الْمَوَاقِيتِ فَالْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ لِلْمَنْفِيِّ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يُرِدْ نُسُكًا، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَهُ مِنْ أَهْلِ الْحِلِّ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ، وَنَظِيرُهُ الْمَكِّيُّ إذَا خَرَجَ مِنْهَا وَجَاوَزَ الْمَوَاقِيتَ لَا يَحِلُّ لَهُ الْعَوْدُ بِلَا إحْرَامٍ لَكِنَّ إحْرَامَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ بِخِلَافِ مُرِيدِ النُّسُكِ فَإِنَّهُ مِنْ الْحِلِّ كَمَا عَلِمْته (قَوْلُهُ فَهَذَا) الْإِشَارَةُ إلَى أَهْلِ دَاخِلِهَا بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَالْحَرَمُ حَدٌّ فِي حَقِّهِ كَالْمِيقَاتِ لِلْآفَاقِيِّ فَلَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ إنْ قَصَدَ النُّسُكَ إلَّا مُحْرِمًا بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمَكِّيِّ مَنْ كَانَ دَاخِلَ الْحَرَمِ سَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ لَا. اهـ.
فَيَشْمَلُ الْآفَاقِيَّ الْمُفْرِدَ بِالْعُمْرَةِ وَالْمُتَمَتِّعَ وَالْحَلَالَ مِنْ أَهْلِ الْحِلِّ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ لِحَاجَةٍ كَمَا فِي اللُّبَابِ (قَوْلُهُ لِيَتَحَقَّقَ نَوْعُ سَفَرٍ) لِأَنَّ أَدَاءَ الْحَجِّ فِي عَرَفَةَ، وَهِيَ فِي الْحِلِّ فَيَكُونُ إحْرَامُ الْمَكِّيِّ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ لِيَتَحَقَّقَ لَهُ نَوْعُ سَفَرٍ بِتَبَدُّلِ الْمَكَانِ، وَأَدَاءِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَرَمِ فَيَكُونُ إحْرَامُهُ بِهَا مِنْ الْحِلِّ لِيَتَحَقَّقَ لَهُ نَوْعٌ مِنْ السَّفَرِ شَرْحُ النُّقَايَةِ لِلْقَارِي فَلَوْ عَكَسَ فَأَحْرَمَ