المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب في رمي جمرة العقبة] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٢

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ

- ‌بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَضَاء الْفَوَائِت]

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنِ الْإِقَامَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَصْر الصَّلَاة]

- ‌[بَابُ بَابُ الْجُمُعَةِ]

- ‌بَابُ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْكُسُوفِ

- ‌بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌[مطلب فِي دفن الْمَيِّت]

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْجَنَائِز]

- ‌[مطلب فِي الثَّوَاب عَلَى المصيبة]

- ‌[مطلب فِي زِيَارَة الْقُبُور]

- ‌[مطلب فِي وَضَعَ الجريد ونحو الآس عَلَى الْقُبُور]

- ‌[تَتِمَّةٌ قَطْعُ النَّبَاتِ الرَّطْبِ وَالْحَشِيشِ مِنْ الْمَقْبَرَةِ دُونَ الْيَابِسِ]

- ‌بَابُ الشَّهِيدِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ السَّائِمَةِ

- ‌ بَابٌ نِصَابُ الْإِبِلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْبَقَرِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ

- ‌[بَابُ الْعَاشِرِ فِي الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ زَكَاة الرِّكَازِ]

- ‌بَابُ الْعُشْرِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي زَكَاة الْعَشْر]

- ‌[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌[سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الصِّيَام]

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ الْمُبِيحَةِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ]

- ‌بَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌[سُنَنٌ وَآدَابٌ الْحَجِّ]

- ‌[مطلب فِي أَحْكَام الْعُمْرَة]

- ‌[مطلب فِي الْمَوَاقِيت]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِحْرَامِ وَصِفَةِ الْمُفْرِدِ

- ‌[مطلب فِي رَمْي جَمْرَة العقبة]

- ‌[مطلب فِي طَوَاف الزِّيَارَة]

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ]

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحَجُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَفْضِيلِ الْحَجِّ عَلَى الصَّدَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَضْلِ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَكْفِيرِ الْحَجِّ الْكَبَائِرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِعْمَالِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ جَنَى فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ الْتَجَأَ إلَيْهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ]

- ‌[حرم الْمَدِينَة وَمَكَّة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمُجَاوَرَةِ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ]

- ‌[خَاتِمَة فِي الْحَجّ]

الفصل: ‌[مطلب في رمي جمرة العقبة]

بِمُزْدَلِفَةَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ وَلَبَّى وَصَلَّى) عَلَى الْمُصْطَفَى (وَدَعَا، وَإِذَا أَسْفَرَ) جِدًّا (أَتَى مِنًى) مُهَلِّلًا مُصَلِّيًا، فَإِذَا بَلَغَ بَطْنَ مُحَسِّرٍ أَسْرَعَ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ لِأَنَّهُ مَوْقِفُ النَّصَارَى

(وَرَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي) وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا مِنْ فَوْقُ

ــ

[رد المحتار]

وَاجِبِ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ، فَالْأَوْلَى تَقْيِيدُ خَوْفِ الزَّحْمَةِ بِالْمَرْأَةِ، وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمُحِيطِ عَلَيْهِ لِكَوْنِ ذَلِكَ عُذْرًا ظَاهِرًا فِي حَقِّهَا يَسْقُطُ بِهِ الْوَاجِبُ بِخِلَافِ الرَّجُلِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا خَافَ الزَّحْمَةَ لِنَحْوِ مَرَضٍ، وَلِذَا قَالَ فِي السِّرَاجِ إلَّا إذَا كَانَتْ بِهِ عِلَّةٌ أَوْ مَرَضٌ أَوْ ضَعْفٌ فَخَافَ الزِّحَامَ فَدَفَعَ لَيْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ غَيْرَهُ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ لَا يَخْلُو مِنْ الزَّحْمَةِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ لِخَوْفِ الزِّحَامِ وَجَاوَزَ حُدُودَهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ لَزِمَهُ دَمٌ مَا لَمْ يَعُدْ قَبْلَهُ، وَكَذَا لَوْ نَدَّ بَعِيرُهُ فَتَبِعَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الزَّحْمَةِ بِالْوُقُوفِ بَعْدَ الْفَجْرِ لَحْظَةً فَيَحْصُلُ الْوَاجِبُ وَيَدْفَعُ قَبْلَ دَفْعِ النَّاسِ، وَفِيهِ تَرْكُ مَدِّ الْوُقُوفِ الْمَسْنُونِ لِخَوْفِ الزَّحْمَةِ، وَهُوَ أَسْهَلُ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبِ الَّذِي قِيلَ بِأَنَّهُ رُكْنٌ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ خَوْفَ الزِّحَامِ لِنَحْوِ عَجْزٍ وَمَرَضٍ إنَّمَا جَعَلُوهُ عُذْرًا هُنَا لِحَدِيثِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ بِلَيْلٍ» وَلَمْ يُجْعَلْ عُذْرًا فِي عَرَفَاتٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ مُخَالَفَةِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَدْفَعُونَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَكَذَا كُلُّ وَاجِبٍ إذَا تَرَكَهُ بِعُذْرٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ: أَيْ بِخِلَافِ فِعْلِ الْمَحْظُورِ لِعُذْرٍ كَلُبْسِ الْمَخِيطِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الْعُذْرَ لَا يُسْقِطُ الدَّمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ، وَبِهِ سَقَطَ مَا أَوْرَدَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِقَوْلِهِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا نَصَّ الشَّارِعُ بِقَوْلِهِ: - {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196]- اهـ نَعَمْ يَرِدُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَاوَزَ عَرَفَاتٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِنَدِّ بَعِيرِهِ أَوْ لِخَوْفِ الزَّحْمَةِ لَزِمَهُ دَمٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِمَا سَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ اللُّبَابِ فِي الْجِنَايَاتِ عِنْدَ قَوْلِ اللُّبَابِ، وَلَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِمُزْدَلِفَةُ بِإِحْصَارٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ مِنْ أَنَّ هَذَا عُذْرٌ مِنْ جَانِبِ الْمَخْلُوقِ فَلَا يُؤَثِّرُ. اهـ. لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ جَعْلُهُمْ خَوْفَ الزَّحْمَةِ هُنَا عُذْرًا فِي تَرْكِ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَعَلِمْت جَوَابَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَدَعَا) رَافِعًا يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَإِذَا أَسْفَرَ جِدًّا) فَاعِلُ أَسْفَرَ الْيَوْمُ أَوْ الصُّبْحُ، وَفَاعِلُهُ مِمَّا لَا يُذْكَرُ ذَكَرَهُ قَرَّا حِصَارِي قَالَ الْحَمَوِيُّ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَنَّهُ مِمَّا لَا يُذْكَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَفَسَّرَ الْإِمَامُ الْإِسْفَارَ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ دَفَعَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّاسُ الْفَجْرَ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هِنْدِيَّةٌ ط وَمَا وَقَعَ فِي نُسَخِ الْقُدُورِيِّ وَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَفَاضَ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ إنَّهُ غَلَطٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِذَا بَلَغَ بَطْنَ مُحَسِّرٍ) أَيْ أَوَّلَ وَادِيهِ شَرْحُ اللُّبَابِ.

وَفِي الْبَحْرِ: وَادِي مُحَسِّرٍ مَوْضِعٌ فَاضِلٌ بَيْنَ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ لَيْسَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَالَ الْأَزْرَقِيُّ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَخَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَوْقِفُ النَّصَارَى) هُمْ أَصْحَابُ الْفِيلِ ح عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ.

[مطلب فِي رَمْي جَمْرَة العقبة]

(قَوْلُهُ وَرَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ) هِيَ ثَالِثُ الْجَمَرَاتِ عَلَى حَدِّ مِنًى مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ وَلَيْسَتْ مِنْ مِنًى، وَيُقَالُ لَهَا الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى وَالْجَمْرَةَ الْأَخِيرَةَ قُهُسْتَانِيٌّ، وَلَا يَرْمِي يَوْمَئِذٍ غَيْرَهَا وَلَا يَقُومُ عِنْدَهَا حَتَّى يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ وَلْوَالِجِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا مِنْ فَوْقُ) أَيْ فَيُجْزِيهِ لِأَنَّ مَا حَوْلَهَا مَوْضِعُ النُّسُكِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ، فَفِعْلُهُ عليه الصلاة والسلام مِنْ أَسْفَلِهَا سُنَّةٌ لَا لِأَنَّهُ الْمُتَعَيِّنُ، وَلِذَا ثَبَتَ رَمْيُ خَلْقٍ كَثِيرٍ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ مِنْ أَعْلَاهَا، وَلَمْ يَأْمُرُوهُمْ بِالْإِعَادَةِ وَكَأَنَّ وَجْهَ اخْتِيَارِهِ عليه الصلاة والسلام لِذَلِكَ هُوَ وَجْهُ اخْتِيَارِ حَصَى الْحَذْفِ، فَإِنَّهُ يُتَوَقَّعُ الْأَذَى إذَا رَمَوْهَا مِنْ أَعْلَاهَا

ص: 512

(سَبْعًا حَذْفًا) بِمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ بِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَذْرُعٍ، وَلَوْ وَقَعَتْ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ أَوْ جَمَلٍ إنْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا بِقُرْبِ الْجَمْرَةِ جَازَ وَإِلَّا لَا، وَثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ بَعِيدٌ وَمَا دُونَهُ قَرِيبٌ جَوْهَرَةٌ (وَكَبَّرَ بِكُلِّ حَصَاةٍ) أَيْ مَعَ كُلٍّ (مِنْهَا وَقَطَعَ التَّلْبِيَةَ بِأَوَّلِهَا فَلَوْ رَمَى بِأَكْثَرَ مِنْهَا) أَيْ السَّبْعِ (جَازَ لَا لَوْ رَمَى بِالْأَقَلِّ) فَالتَّقْيِيدُ بِالسَّبْعِ لِمَنْعِ

ــ

[رد المحتار]

لِمَنْ أَسْفَلَهَا، فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ مُرُورِ النَّاسِ فَيُصِيبُهُمْ، بِخِلَافِ الرَّمْيِ مِنْ أَسْفَلَ مَعَ الْمَارِّينَ مِنْ فَوْقِهَا إنْ كَانَ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ الرَّمْيُ مِنْ فَوْقُ إلَى أَسْفَلَ لَا فِي مَوْضِعِ وُقُوفِ الرَّامِي فَوْقُ، وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ مَا حَوْلَهَا مَوْضِعُ نُسُكٍ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَوْضِعُ وُقُوفِ النَّاسِكِ لَا مَوْضِعُ وُقُوعِ الْحَصَى (قَوْلُهُ سَبْعًا) أَيْ سَبْعَ رَمَيَاتٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، فَلَوْ رَمَاهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً كَانَ عَنْ وَاحِدَةٍ نَهْرٌ (قَوْلُهُ خَذْفًا) نَصْبٌ عَنْ الْمَصْدَرِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِبَيَانِ النَّوْعِ لِأَنَّ الْحَذْفَ نَوْعٌ مِنْ الرَّمْيِ وَهُوَ رَمْيُ الْحَصَاةِ بِالْأَصَابِعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ بِمُعْجَمَتَيْنِ) يُقَالُ الْحَذْفُ بِالْعَصَا وَالْخَذْفُ بِالْحَصَى فَالْأَوَّلُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالثَّانِي بِالْمُعْجَمَةِ شَرْحُ النُّقَايَةِ لِلْقَارِي.

(قَوْلُهُ أَيْ بِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ) قِيلَ كَيْفِيَّةُ الرَّمْيِ أَنْ يَضَعَ طَرَفَ إبْهَامِهِ الْيُمْنَى عَلَى وَسَطِ السَّبَّابَةِ، وَيَضَعَ الْحَصَاةَ عَلَى ظَاهِرِ الْإِبْهَامِ كَأَنَّهُ عَاقِدٌ سَبْعِينَ فَيَرْمِيَهَا، وَقِيلَ أَنْ يُحَلِّقَ سَبَّابَتَهُ وَيَضَعَهَا عَلَى مَفْصِلِ إبْهَامِهِ كَأَنَّهُ عَاقِدُ عَشْرَةٍ وَقِيلَ يَأْخُذُهَا بِطَرَفَيْ إبْهَامِهِ وَسَبَّابَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ الْأَيْسَرُ الْمُعْتَادُ فَتْحٌ، وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّة وَهُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ فَافْهَمْ، وَالْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا مِقْدَارُ الْبَاقِلَاءِ لُبَابٌ أَيْ قَدْرُ الْفُولَةِ وَقِيلَ قَدْرُ الْحِمَّصَةِ أَوْ النَّوَاةِ أَوْ الْأُنْمُلَةِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَهَذَا بَيَانُ الْمَنْدُوبِ. وَأَمَّا الْجَوَازُ فَيَكُونُ وَلَوْ بِالْأَكْبَرِ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْجَمْرَةِ وَيَجْعَلُ مِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَالْكَعْبَةَ عَنْ يَسَارِهِ لُبَابٌ (قَوْلُهُ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ) أَيْ أَوْ أَكْثَرُ وَيُكْرَهُ الْأَقَلُّ لُبَابٌ لِأَنَّ مَا دُونَهُ وَضْعٌ فَلَا يَجُوزُ، أَوْ طَرْحٌ. فَيَجُوزُ لَكِنَّهُ مُسِيءٌ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ مِنْ عَلَى ظَهْرِهِ بِنَفْسِهَا، بَلْ بِتَحَرُّكِ الرَّجُلِ أَوْ الْجَمَلِ أَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا لَكِنْ بَعِيدًا مِنْ الْجَمْرَةِ ح (قَوْلُهُ لَا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ قُرْبَةً إلَّا فِي مَكَان مَخْصُوصٍ اهـ وَفِي اللُّبَابِ وَلَوْ وَقَعَتْ عَلَى الشَّاخِصِ أَيْ أَطْرَافِ الْمِيلِ الَّذِي هُوَ عَلَامَةٌ لِلْجَمْرَةِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ عَلَى قُبَّةِ الشَّاخِصِ وَلَمْ تَنْزِلْ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ لِلْبُعْدِ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى بِنَفْسِهَا أَوْ بِنَقْضِ مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَتَحْرِيكِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُعِيدَهُ وَكَذَا لَوْ رَمَى وَشَكَّ فِي وُقُوعِهَا مَوْقِعَهَا فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُعِيدَ (قَوْلُهُ وَثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ إلَخْ) أَيْ بَيْنَ الْحَصَاةِ وَالْجَمْرَةِ، وَهَذَا بَيَانٌ لِمَا أَجْمَلَهُ بِقَوْلِهِ بِقُرْبِ الْجَمْرَةِ لَكِنْ قَدَّرَ الْقُرْبَ فِي الْفَتْحِ بِذِرَاعٍ وَنَحْوِهِ قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُقَدِّرْهُ اعْتِمَادًا عَلَى اعْتِبَارِ الْقُرْبِ عُرْفًا وَضِدُّهُ الْبُعْدُ.

(قَوْلُهُ وَكَبَّرَ بِكُلِّ حَصَاةٍ) ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الِاقْتِصَارُ عَلَى اللَّهُ أَكْبَرُ غَيْرَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ رَغْمًا لِلشَّيْطَانِ وَحِزْبِهِ، وَقِيلَ يَقُولُ أَيْضًا: اللَّهُمَّ اجْعَلْ حَجِّي مَبْرُورًا، وَسَعْيِي مَشْكُورًا، وَذَنْبِي مَغْفُورًا فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَقَطَعَ التَّلْبِيَةَ بِأَوَّلِهَا) أَيْ فِي الْحَجِّ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ مُفْرِدًا أَوْ مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا، وَقِيلَ لَا يَقْطَعُهَا إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَوْ حَلَقَ قَبْلَ الرَّمْيِ أَوْ طَافَ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالذَّبْحِ قَطَعَهَا، وَإِنْ لَمْ يَرْمِ حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ لَمْ يَقْطَعْهَا حَتَّى يَرْمِيَ إلَّا أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، وَلَوْ ذَبَحَ قَبْلَ الرَّمْيِ فَإِنْ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا قَطَعَ وَلَوْ مُفْرِدًا لَا لُبَابٌ، وَقَيَّدَ بِالْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ لِأَنَّ الْمُعْتَمِرَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ لِأَنَّ الطَّوَافَ رُكْنُ الْعُمْرَةِ فَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا، وَكَذَا فَائِتُ الْحَجِّ لِأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ فَصَارَ كَالْمُعْتَمِرِ وَالْمُحْصَرُ يَقْطَعُهَا إذَا ذَبَحَ هَدْيَهُ لِأَنَّ الذَّبْحَ لِلتَّحَلُّلِ، وَالْقَارِنُ إذَا فَاتَهُ الْحَجُّ يَقْطَعُ حِينَ يَأْخُذُ بِالطَّوَافِ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بَعْدَهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ وَيُكْرَهُ لُبَابٌ (قَوْلُهُ لَا لَوْ رَمَى بِالْأَقَلِّ) لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ أَكْثَرَ السَّبْعِ لَزِمَهُ دَمٌ كَمَا لَوْ لَمْ يَرْمِ أَصْلًا، وَإِنْ تَرَكَ أَقَلَّ مِنْهُ كَثَلَاثٍ فَمَا دُونَهَا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ حَصَاةٍ صَدَقَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ.

ص: 513

النَّقْصِ لَا لِزِيَادَةٍ

(وَجَازَ الرَّمْيُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ كَالْحَجَرِ وَالْمَدَرِ) وَالطِّينِ وَالْمَغْرَةِ (وَ) كُلِّ مَا (يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ وَلَوْ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ) فَيَقُومُ مَقَامَ حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ (لَا) يَجُوزُ (بِخَشَبٍ وَعَنْبَرٍ وَلُؤْلُؤٍ) كِبَارٍ (وَجَوَاهِرَ) لِأَنَّهُ إعْزَازٌ لَا إهَانَةٌ وَقِيلَ يَجُوزُ (وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) لِأَنَّهُ يُسَمَّى نِثَارًا لَا رَمْيًا (وَبَعْرٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَمَا فِي فُرُوقِ الْأَشْبَاهِ مِنْ جَوَازِهِ بِالْبَعْرِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ -

ــ

[رد المحتار]

[تَنْبِيهٌ]

لَا يُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الرَّمَيَاتِ بَلْ يُسَنُّ فَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لُبَابٌ

(قَوْلُهُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَاعْتَرَضَهُ الشُّرَّاحُ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ فَإِنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ حَتَّى جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِمَا وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ الرَّمْيُ بِهِمَا، وَأَجَابَ فِي الْعِنَايَةِ تَبَعًا لِلنِّهَايَةِ بِأَنَّ الْجَوَازَ مَشْرُوطٌ بِالِاسْتِهَانَةِ بِرَمْيِهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِرَمْيِهَا. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ كَلَامِ الْهِدَايَةِ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ نَحْوُ الْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ، لَكِنْ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَيْ رِوَايَةَ اشْتِرَاطِ الِاسْتِهَانَةِ مُحَالِفَةٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ، وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ الِاشْتِرَاطِ، وَمِمَّنْ ذَكَرَ جَوَازَهُ الْفَارِسِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ. اهـ. وَمُفَادُ كَلَامِهِ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ، وَإِبْقَاءُ كَلَامِ الْهِدَايَةِ عَلَى عُمُومِهِ، وَلِذَا اعْتَرَضَ فِي السَّعْدِيَّةِ عَلَى مَا فِي الْعِنَايَةِ بِمَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَشَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الرَّمْيُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَالْحَجَرِ وَالْمَدَرِ وَالطِّينِ وَالْمَغْرَةِ وَالنُّورَةِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْأَحْجَارِ النَّفِيسَةِ كَالْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَالْبَلْخَشِ وَنَحْوِهَا وَالْمِلْحِ الْجَبَلِيِّ وَالْكُحْلِ أَوْ قَبْضَةٍ مِنْ تُرَابٍ وَبِالزَّبَرْجَدِ وَالْبِلَّوْرِ وَالْعَقِيقِ وَالْفَيْرُوزَجِ، بِخِلَافِ الْخَشَبِ وَالْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجَوَاهِرِ، أَمَّا الْخَشَبُ وَاللُّؤْلُؤُ وَالْجَوَاهِرُ وَهِيَ كِبَارُ اللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فَإِنَّ فِعْلَهُمَا يُسَمَّى نِثَارًا لَا رَمْيًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمَدَرِ) أَيْ قِطَعِ الطِّينِ الْيَابِسِ (قَوْلُهُ وَالْمَغْرَةِ) طِينٌ أَحْمَرُ يُصْبَغُ بِهِ (قَوْلُهُ وَلُؤْلُؤٍ كِبَارٍ) قَيَّدَ بِهِ تَبَعًا لِلنَّهْرِ لِأَنَّ الْكِبَارَ هِيَ الَّتِي يَتَأَتَّى بِهَا الرَّمْيُ وَإِلَّا فَالصِّغَارُ لَا يَجُوزُ بِهَا الرَّمْيُ أَيْضًا لِتَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ وَجَوَاهِرَ) عَلِمْت مِمَّا مَرَّ عَنْ الْغَايَةِ أَنَّهَا كِبَارُ اللُّؤْلُؤِ وَعَلَيْهِ كَانَ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطَ قَوْلِهِ كِبَارٍ وَيَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ جَارِيًا عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُحِيطِ مِنْ جَوَازِ الرَّمْيِ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ فَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ الْجَوَاهِرِ بِالْأَحْجَارِ النَّفِيسَةِ لِيُوَافِقَ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ اللُّؤْلُؤَ بِالْكِبَارِ وَتَعْلِيلَ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ إشَارَةٌ إلَى مَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ وَالْمُحِيطِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ السُّرُوجِيَّ وَالزَّيْلَعِيَّ وَالْفَارِسِيَّ مَشَوْا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نِثَارًا لَا رَمْيًا) قَالَ فِي الْفَتْحِ فَلَمْ يَجُزْ لِانْتِقَاءِ اسْمِ الرَّمْيِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الرَّمْيِ مَعَ كَوْنِهِ يُسَمَّى نِثَارًا، فَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ رَمْيٌ خُصَّ بِاسْمٍ آخَرَ بِاعْتِبَارِ خُصُوصِ مُتَعَلَّقِهِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِذَلِكَ فِي سُقُوطِ اسْمِ الرَّمْيِ عَنْهُ، وَلَا صُورَتِهِ.

ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُلَاحَظَ مُجَرَّدُ الرَّمْيِ أَوْ مَعَ الِاسْتِهَانَةِ أَوْ خُصُوصُ مَا وَقَعَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَالْأَوَّلُ يَسْتَلْزِمُ الْجَوَازَ بِالْجَوَاهِرِ، وَالثَّانِي بِالْبَعْرَةِ وَالْخَشَبَةِ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا، وَالثَّالِثُ بِالْحَجَرِ خُصُوصًا، فَلْيَكُنْ هَذَا أَعَمَّ لِكَوْنِهِ أَسْلَمَ. اهـ.

قُلْت: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَأْثُورَ كَوْنُ الرَّمْيِ لِرَغْمِ الشَّيْطَانِ، وَمَا وَقَعَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ الرَّمْيِ بِالْحَصَى أَفَادَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ جَوَازَهُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ، فَاعْتُبِرَ كُلٌّ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعًا دُونَ الْأَوَّلِ، فَلَمْ يَجُزْ بِالْبَعْرَةِ وَالْخَشَبَةِ وَلَا بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ لَكِنْ هَذَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْجَوَازِ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ أَيْضًا وَبِهِ يَتَرَجَّحُ قَوْلُهُ الْآخَرُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ) وَلِذَا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَبَعْضُ الْمُتَقَشِّفَةِ يَقُولُونَ لَوْ رَمَى بِالْبَعْرَةِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ

ص: 514

(وَيُكْرَهُ) أَخْذُهَا (مِنْ عِنْدِ الْجَمْرَةِ) لِأَنَّهَا مَرْدُودَةٌ لِحَدِيثِ «مَنْ قُبِلَتْ حَجَّتُهُ رُفِعَتْ جَمْرَتُهُ» (وَ) يُكْرَهُ (أَنْ يَلْتَقِطَ حَجَرًا وَاحِدًا فَيَكْسِرَهُ سَبْعِينَ حَجَرًا صَغِيرًا) وَأَنْ يَرْمِيَ بِمُتَنَجِّسَةٍ بِيَقِينٍ

وَوَقْتُهُ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الْفَجْرِ وَيُسَنُّ مِنْ طُلُوعِ ذُكَاءِ لِزَوَالِهَا وَيُبَاحُ لِغُرُوبِهَا وَيُكْرَهُ لِلْفَجْرِ

(ثُمَّ) بَعْدَ الرَّمْيِ (ذَبَحَ إنْ شَاءَ) لِأَنَّهُ مُفْرِدٌ (ثُمَّ قَصَّرَ) بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ شَعْرِهِ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ وُجُوبًا وَتَقْصِيرُ الْكُلِّ مَنْدُوبٌ وَالرُّبُعُ وَاجِبٌ

ــ

[رد المحتار]

الْمَقْصُودَ إهَانَةُ الشَّيْطَانِ وَذَا يَحْصُلُ بِالْبَعْرَةِ، وَلَسْنَا نَقُولُ بِهَذَا شَرْحُ لُبَابٍ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى أَنَّهَا أُمُورٌ تَعَبُّدِيَّةٌ لَا يُشْتَغَلُ بِالْمَعْنَى فِيهَا

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَخْذُهَا مِنْ عِنْدِ الْجَمْرَةِ) وَمَا هِيَ إلَّا كَرَاهَةُ تَنْزِيَةٍ فَتْحٌ، أَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ سِوَاهُ. وَفِي اللُّبَابِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفَعَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ سَبْعَ حَصَيَاتٍ وَيَرْمِيَ بِهَا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَإِنْ رَفَعَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ سَبْعِينَ أَوْ مِنْ الطَّرِيقِ فَهُوَ جَائِزٌ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ. اهـ. قَالَ شَارِحُهُ: لَكِنْ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَهَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ وَلَيْسَ مَذْهَبُنَا وَأَمَّا مَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُ يَأْخُذُ حَصَى الْجِمَارِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ أَوْ مِنْ الطَّرِيقِ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الْجِمَارِ السَّبْعَةِ وَكَذَا مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْتِقَاطُهَا مِنْ قَوَارِعِ الطَّرِيقِ. اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْتِقَاطَ مَا عَدَا السَّبْعَةَ لَيْسَ لَهُ مَحَلٌّ مَخْصُوصٌ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مَرْدُودَةٌ) أَيْ فَيُتَشَاءَمُ بِهَا السِّرَاجُ (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ إلَخْ) أَيْ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ «أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ الْجِمَارُ الَّتِي نَرْمِي بِهَا كُلَّ عَامٍ فَنَحْسَبُ أَنَّهَا تَنْقُصُ فَقَالَ إنَّ مَا يُقْبَلُ مِنْهَا رُفِعَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَرَأَيْتهَا أَمْثَالَ الْجِبَالِ» " شَرْحُ النُّقَايَةِ لِلْقَارِي.

وَفِي الْفَتْحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا بَالُ الْجِمَارِ تُرْمَى مِنْ وَقْتِ الْخَلِيلِ عليه السلام وَلَمْ تَصِرْ هِضَابًا أَيْ تِلَالًا تَسُدُّ الْأُفُقَ؟ فَقَالَ: أَمَا عَلِمْت أَنَّ مَنْ يُقْبَلُ حَجُّهُ يُرْفَعُ حَصَاهُ. اهـ. قَالَ فِي السَّعْدِيَّةِ لَك أَنْ تَقُولَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا عَلَى الْإِشْرَاكِ وَلَا يُقْبَلُ عَمَلٌ لِمُشْرِكٍ. اهـ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكُفَّارَ قَدْ تُقْبَلُ عِبَادَتُهُمْ لِيُجَازَوْا عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا قَالَ ط: وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَظْلِمُ الْمُؤْمِنَ حَسَنَةً يُعْطَى عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا وَيُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إذَا أَفْضَى إلَى الْآخِرَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُعْطَى بِهَا خَيْرًا» ". اهـ.

قُلْت: لَكِنْ قَدْ يُدَّعَى تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِأَفْعَالِ الْبِرِّ دُونَ الْعِبَادَاتِ الْمَشْرُوطَةِ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّ النِّيَّةَ شَرْطُهَا الْإِسْلَامُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي شَرِيعَتِنَا فَقَطْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِيَقِينٍ) أَمَّا بِدُونِ تَيَقُّنٍ فَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، لَكِنْ يُنْدَبُ غَسْلُهَا لِتَكُونَ طَهَارَتُهَا مُتَيَقَّنَةً كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ وَوَقْتُهُ) أَيْ وَقْتُ جَوَازِهِ أَدَاءً مِنْ الْفَجْرِ أَيْ فَجْرِ النَّحْرِ إلَى فَجْرِ الْيَوْمِ الثَّانِي قَالَ فِي الْبَحْرِ: حَتَّى لَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَزِمَهُ دَمٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ رَمَى قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ النَّحْرِ.

لَمْ يَصِحَّ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ) كَذَا عَبَّرَ فِي مَجْمَعِ الرِّوَايَاتِ عَنْ الْمُحِيطِ وَوَافَقَهُ فِي النَّهْرِ وَعَبَّرَ الْعَيْنِيُّ بِالِاسْتِحْبَابِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ ذُكَاءِ) مِنْ أَسْمَاءِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ وَيُبَاحُ لِغُرُوبِهَا) أَيْ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ، وَجَعَلَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْمَكْرُوهِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لِلْفَجْرِ) أَيْ مِنْ الْغُرُوبِ إلَى الْفَجْرِ وَكَذَا يُكْرَهُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بَحْرٌ، وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ فَلَا إسَاءَةَ بِرَمْيِ الضَّعَفَةِ قَبْلَ الشَّمْسِ وَلَا بِرَمْيِ الرُّعَاةُ لَيْلًا كَمَا فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُفْرِدٌ) تَعْلِيلٌ لِمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ التَّخْيِيرِ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَ وَالذَّبْحُ لَهُ أَفْضَلُ، وَيَجِبُ عَلَى الْقَارِنِ وَالْمُتَمَتِّعِ ط، وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ فَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِلَّا كَالْمَكِّيِّ فَتَجِبُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَصَّرَ) أَيْ أَوْ حَلَقَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَحَلْقُهُ أَفْضَلُ. قَالَ فِي اللُّبَابِ: وَيُسْتَحَبُّ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ أَخْذُ الشَّارِبِ وَقَصُّ الظُّفُرِ، وَلَوْ قَصَّ أَظْفَارَهُ أَوْ شَارِبَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ أَوْ طُيِّبَ قَبْلَ الْحَلْقِ عَلَيْهِ مُوجَبُ جِنَايَتِهِ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْمُرَادُ بِالتَّقْصِيرِ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِنْ رُءُوسِ شَعْرِ رُبُعِ الرَّأْسِ مِقْدَارَ

ص: 515

وَيَجِبُ إجْرَاءُ الْمُوسَى عَلَى الْأَقْرَعِ وَذِي قُرُوحٍ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا سَقَطَ، وَمَتَى تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا لِعَارِضٍ تَعَيَّنَ الْآخَرُ فَلَوْ لَبَّدَهُ بِصَمْغٍ بِحَيْثُ تَعَذَّرَ التَّقْصِيرُ تَعَيَّنَ الْحَلْقُ بَحْرٌ (وَحَلْقُهُ) لِكُلٍّ (أَفْضَلُ) وَلَوْ أَزَالَهُ بِنَحْوِ نَوْرَةٍ جَازَ

ــ

[رد المحتار]

الْأُنْمُلَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَمُرَادُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ مِقْدَارَ الْأُنْمُلَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْبَدَائِعِ قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَزِيدَ فِي التَّقْصِيرِ عَلَى قَدْرِ الْأُنْمُلَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ بِرَأْسِهِ لِأَنَّ أَطْرَافَ الشَّعْرِ غَيْرُ مُتَسَاوِيَةٍ عَادَةً.

قَالَ الْحَلَبِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَهُوَ حَسَنٌ اهـ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُرَادَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ أَيْ مِنْ شَعْرِ الرُّبُعِ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ وَمِنْ الْكُلِّ عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَلَا مُخَالَفَةَ فِي الْأَجْزَاءِ لِأَنَّ الرُّبُعَ كَالْكُلِّ كَمَا فِي الْحَلْقِ اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ أَيْ مِنْ الرُّبُعِ لَا مِنْ الْكُلِّ وَإِلَّا نَاقَضَ مَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: وُجُوبًا قَيْدٌ لِقَدْرِ الْأُنْمُلَةِ فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ: وَالرُّبُعُ وَاجِبٌ وَالْأُنْمُلَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَضَمِّ الْمِيمِ لُغَةٌ مَشْهُورَةٌ، وَمَنْ خَطَّأَ رَاوِيَهَا فَقَدْ أَخْطَأَ وَاحِدَةُ الْأَنَامِلِ بَحْرٌ. وَفِي تَهْذِيبِ اللُّغَاتِ لِلنَّوَوِيِّ الْأَنَامِلُ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الشَّيْبَانِيُّ والسجستاني وَالْجَرْيُ لِكُلِّ أُصْبُعٍ ثَلَاثُ أُنْمُلَاتٍ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ إجْرَاءُ الْمُوسَى عَلَى الْأَقْرَعِ) هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ وَاللُّبَابِ وَغَيْرِهَا، وَقِيلَ اسْتِحْبَابًا قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ وَقِيلَ اسْتِنَانًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا سَقَطَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إجْرَاءُ الْمُوسَى عَلَيْهِ وَلَا يَصِلُ إلَى تَقْصِيرِهِ سَقَطَ عَنْهُ وَحَلَّ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَلَقَ، وَالْأَحْسَنُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِحْلَالَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ قُرُوحٌ لَكِنَّهُ خَرَجَ إلَى الْبَادِيَةِ فَلَمْ يَجِدْ آلَةً أَوْ مَنْ يَحْلِقُهُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ، وَلَيْسَ هَذَا بِعُذْرٍ فَتْحٌ لِأَنَّ إصَابَةَ الْآلَةِ مَرْجُوَّةٌ فِي كُلِّ سَاعَةٍ بِخِلَافِ بُرْءِ الْقُرُوحِ وَلِأَنَّ الْإِزَالَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْمُوسَى أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَمَتَى تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ قَالَ ط: وَالْأَحْسَنُ تَأْخِيرُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَنْ قَوْلِهِ وَحَلْقُهُ أَفْضَلُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَوْ لَبَّدَهُ إلَخْ) مِثَالٌ لِتَعَذُّرِ التَّقْصِيرِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الشَّعْرُ قَصِيرًا فَيَتَعَيَّنُ الْحَلْقُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعْقُوصًا أَوْ مَضْفُورًا كَمَا عُزِيَ إلَى الْمَبْسُوطِ.

وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا نَقَضَهُ تَنَاثَرَ بَعْضُ الشَّعْرِ، فَيَكُونُ جِنَايَةً عَلَى إحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ الْحَلْقُ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا التَّنَاثُرَ غَيْرُ جِنَايَةٍ لِأَنَّهُ فِي وَقْتِ جَوَازِ إزَالَةِ الشَّعْرِ بِحَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ نَتْفًا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي فَبَقِيَ مَا فِي الْمَبْسُوطِ مُشْكِلًا تَأَمَّلْ. وَمِثَالُ تَعَذُّرِ الْحَلْقِ يَمْنَعُ إمْكَانَ التَّقْصِيرِ أَنْ يَفْقِدَ آلَةَ الْحَلْقِ أَوْ مَنْ يَحْلِقُهُ أَوْ يَضُرُّهُ الْحَلْقُ لِنَحْوِ صُدَاعٍ أَوْ قُرُوحٍ بِرَأْسِهِ وَتَقَدَّمَ مِثَالُ تَعَذُّرِهِمَا جَمِيعًا فِي الْأَقْرَعِ وَذِي قُرُوحٍ شَعْرُهُ قَصِيرٌ (قَوْلُهُ وَحَلْقُهُ أَفْضَلُ) أَيْ هُوَ مَسْنُونٌ وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَيُكْرَهُ لِمَرْأَةٍ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا كَحَلْقِ الرَّجُلِ لِحْيَتَهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى حَلْقِ الرُّبُعِ جَازَ. كَمَا فِي التَّقْصِيرِ، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ فَإِنَّ السُّنَّةَ حَلْقُ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَوْ تَقْصِيرُ جَمِيعِهِ كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ، قَالَ فِي النَّهْرِ: وَإِطْلَاقُهُ أَيْ إطْلَاقُ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالْحَلْقُ أَحَبُّ يُفِيدُ أَنَّ حَلْقَ النِّصْفِ أَوْلَى مِنْ التَّقْصِيرِ وَلَمْ أَرَهُ. اهـ.

قُلْت: إنْ أَرَادَ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ تَقْصِيرِ الْكُلِّ فَهُوَ مَمْنُوعٌ لِمَا عَلِمْت أَوْ مِنْ تَقْصِيرِ النِّصْفِ أَوْ الرُّبُعِ فَهُوَ مُمْكِنٌ. .

[تَنْبِيهٌ]

هَذَا فِي غَيْرِ الْمُحْصَرِ، أَمَّا الْمُحْصَرُ فَلَا حَلْقَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي بَدَائِعُ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ نُورَةٍ) كَحَلْقٍ وَنَتْفٍ، وَكَذَا لَوْ قَاتَلَ غَيْرَهُ فَنَتَفَهُ أَجْزَأَ عَنْ الْحَلْقِ قَصْدًا فَتْحٌ. .

[تَنْبِيهٌ]

قَالُوا يُنْدَبُ الْبُدَاءَةُ بِيَمِينِ الْحَالِقِ لَا الْمَحْلُوقِ إلَّا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ يُفِيدُ الْعَكْسَ، وَذَلِكَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْحَلَّاقِ خُذْ وَأَشَارَ إلَى الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ» قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَذْهَبِ. اهـ.

وَأَقُولُ: يُوَافِقُهُ مَا فِي الْمُلْتَقَطِ عَنْ الْإِمَامِ: حَلَقْت رَأْسِي فَخَطَّأَنِي الْحَلَّاقُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: لَمَّا أَنْ جَلَسْت قَالَ اسْتَقْبِلْ

ص: 516