المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب في الوطن الأصلي ووطن الإقامة] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٢

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ

- ‌بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَضَاء الْفَوَائِت]

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنِ الْإِقَامَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَصْر الصَّلَاة]

- ‌[بَابُ بَابُ الْجُمُعَةِ]

- ‌بَابُ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْكُسُوفِ

- ‌بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌[مطلب فِي دفن الْمَيِّت]

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْجَنَائِز]

- ‌[مطلب فِي الثَّوَاب عَلَى المصيبة]

- ‌[مطلب فِي زِيَارَة الْقُبُور]

- ‌[مطلب فِي وَضَعَ الجريد ونحو الآس عَلَى الْقُبُور]

- ‌[تَتِمَّةٌ قَطْعُ النَّبَاتِ الرَّطْبِ وَالْحَشِيشِ مِنْ الْمَقْبَرَةِ دُونَ الْيَابِسِ]

- ‌بَابُ الشَّهِيدِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ السَّائِمَةِ

- ‌ بَابٌ نِصَابُ الْإِبِلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْبَقَرِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ

- ‌[بَابُ الْعَاشِرِ فِي الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ زَكَاة الرِّكَازِ]

- ‌بَابُ الْعُشْرِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي زَكَاة الْعَشْر]

- ‌[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌[سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الصِّيَام]

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ الْمُبِيحَةِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ]

- ‌بَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌[سُنَنٌ وَآدَابٌ الْحَجِّ]

- ‌[مطلب فِي أَحْكَام الْعُمْرَة]

- ‌[مطلب فِي الْمَوَاقِيت]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِحْرَامِ وَصِفَةِ الْمُفْرِدِ

- ‌[مطلب فِي رَمْي جَمْرَة العقبة]

- ‌[مطلب فِي طَوَاف الزِّيَارَة]

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ]

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحَجُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَفْضِيلِ الْحَجِّ عَلَى الصَّدَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَضْلِ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَكْفِيرِ الْحَجِّ الْكَبَائِرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِعْمَالِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ جَنَى فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ الْتَجَأَ إلَيْهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ]

- ‌[حرم الْمَدِينَة وَمَكَّة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمُجَاوَرَةِ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ]

- ‌[خَاتِمَة فِي الْحَجّ]

الفصل: ‌[مطلب في الوطن الأصلي ووطن الإقامة]

(وَيَأْتِي) الْمُسَافِرُ (بِالسُّنَنِ) إنْ كَانَ (فِي حَالَ أَمْنٍ وَقَرَارٍ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِي خَوْفٍ وَفِرَارٍ (لَا) يَأْتِي بِهَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ تَرْكٌ لِعُذْرٍ تَجْنِيسٌ، قِيلَ إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ

(وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَغْيِيرِ الْفَرْضِ آخِرُ الْوَقْتِ) وَهُوَ قَدْرُ مَا يَسَعُ التَّحْرِيمَةَ (فَإِنْ كَانَ) الْمُكَلَّفُ (فِي آخِرِهِ مُسَافِرًا وَجَبَ رَكْعَتَانِ وَإِلَّا فَأَرْبَعٌ) لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ فِي السَّبَبِيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَدَاءِ قَبْلَهُ

(الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ) هُوَ مَوْطِنُ وِلَادَتِهِ أَوْ تَأَهُّلِهِ أَوْ تُوَطِّنْهُ

ــ

[رد المحتار]

الصَّلَاةِ لَا فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ وَيَأْتِي الْمُسَافِرُ بِالسُّنَنِ) أَيْ الرَّوَاتِبِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقِرَاءَةِ لِذِكْرِهِ لَهَا فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ حَيْثُ قَالَ فِي الْمَتْنِ: وَيُسَنُّ فِي السَّفَرِ مُطْلَقًا الْفَاتِحَةُ وَأَيُّ سُورَةٍ شَاءَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ فَرَّقَ فِي الْهِدَايَةِ بَيْنَ حَالَةِ الْقَرَارِ وَالْفِرَارِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُخَفِّفُ الْقِرَاءَةَ فِي السَّفَرِ فِي الصَّلَوَاتِ فَقَدْ صَحَّ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي الْفَجْرِ فِي السَّفَرِ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ " وَأَطْوَلُ الصَّلَاةِ قِرَاءَةُ الْفَجْرِ وَأَمَّا التَّسْبِيحَاتُ فَلَا يُنْقِصُهَا عَنْ الثَّلَاثِ. اهـ.

(قَوْلُهُ هُوَ الْمُخْتَارُ) وَقِيلَ الْأَفْضَلُ التَّرْكُ تَرْخِيصًا، وَقِيلَ الْفِعْلُ تَقَرُّبًا. وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ: الْفِعْلُ حَالَ النُّزُولِ وَالتَّرْكُ حَالَ السَّيْرِ، وَقِيلَ يُصَلِّي سُنَّةَ الْفَجْرِ خَاصَّةً، وَقِيلَ سُنَّةَ الْمَغْرِبِ أَيْضًا بَحْرٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالْأَعْدَلُ مَا قَالَهُ الْهِنْدُوَانِيُّ. اهـ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ هُوَ هَذَا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْنِ وَالْقَرَارِ النُّزُولُ وَبِالْخَوْفِ وَالْفِرَارِ السَّيْرُ لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ الْفِرَارِ بِالْعَجَلَةِ لِأَنَّهَا فِي السَّفَرِ تَكُونُ غَالِبًا مِنْ الْخَوْفِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَغْيِيرِ الْفَرْضِ) أَيْ مِنْ قَصْرٍ إلَى إتْمَامٍ وَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ آخِرُ الْوَقْتِ قَدْرُ مَا يَسَعُ التَّحْرِيمَةَ كَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ تَفْسِيرُهُ بِمَا لَا يَبْقَى مِنْهُ قَدْرُ مَا يَسَعُ التَّحْرِيمَةَ وَعِنْدَ زُفَرَ بِمَا لَا يَسَعُ فِيهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَجَبَ رَكْعَتَانِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ مُقِيمًا وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَأَرْبَعٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي آخِرِهِ مُسَافِرًا بِأَنْ كَانَ مُقِيمًا فِي آخِرِهِ فَالْوَاجِبُ أَرْبَعٌ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَعَلَى هَذَا قَالُوا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا ثُمَّ سَافَرَ أَيْ فِي الْوَقْتِ فَصَلَّى الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ لِحَاجَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِلَا وُضُوءٍ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ كَانَ مُسَافِرًا فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَمُقِيمًا فِي الْعَصْرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ آخِرَ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَدَاءِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْآخِرِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْجُزْءُ الَّذِي يَتَّصِلُ بِهِ الْأَدَاءُ أَوْ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ إنْ لَمْ يُؤَدَّ قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يُؤَدَّ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَالسَّبَبُ هُوَ كُلُّ الْوَقْتِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفَائِدَةُ إضَافَتِهِ إلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ اعْتِبَارُ حَالِ الْمُكَلَّفِ فِيهِ، فَلَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ، أَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ فِي آخِرِهِ لَزِمَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ قَدْ صَلَّاهَا، فِي أَوَّلِهِ وَبِعَكْسِهِ لَوْ جُنَّ أَوْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ فِيهِ لِفَقْدِ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ، وَفَائِدَةُ إضَافَتِهِ إلَى الْكُلِّ عِنْدَ خُلُوِّهِ عَنْ الْأَدَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَضَاءُ عَصْرِ الْأَمْسِ فِي وَقْتِ التَّغَيُّرِ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ

[مَطْلَبٌ فِي الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنِ الْإِقَامَةِ]

(قَوْلُهُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ) وَيُسَمَّى بِالْأَهْلِيِّ وَوَطَنِ الْفِطْرَةِ وَالْقَرَارِ ح عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَأَهُّلِهِ) أَيْ تَزَوُّجِهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمُسَافِرُ بِبَلَدٍ وَلَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بِهِ فَقِيلَ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا، وَقِيلَ يَصِيرُ مُقِيمًا؛ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِبَلْدَتَيْنِ فَأَيَّتُهُمَا دَخَلَهَا صَارَ مُقِيمًا، فَإِنْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ فِي إحْدَاهُمَا وَبَقِيَ لَهُ فِيهَا دُورٌ وَعَقَارٌ قِيلَ لَا يَبْقَى وَطَنًا لَهُ إذْ الْمُعْتَبَرُ الْأَهْلُ دُونَ الدَّارِ كَمَا لَوْ تَأَهَّلَ بِبَلْدَةٍ وَاسْتَقَرَّتْ سَكَنًا لَهُ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا دَارٌ وَقِيلَ تَبْقَى. اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَوَطُّنِهِ) أَيْ عَزَمَ عَلَى الْقَرَارِ فِيهِ وَعَدَمِ الِارْتِحَالِ وَإِنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ، فَلَوْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ بِبَلَدٍ غَيْرِ مَوْلِدِهِ وَهُوَ بَالِغٌ

ص: 131

(يَبْطُلُ بِمِثْلِهِ) إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ بِالْأَوَّلِ أَهْلٌ، فَلَوْ بَقِيَ لَمْ يَبْطُلْ بَلْ يُتِمُّ فِيهِمَا (لَا غَيْرُ وَ) يَبْطُلُ (وَطَنُ الْإِقَامَةِ بِمِثْلِهِ وَ) بِالْوَطَنِ (الْأَصْلِيِّ وَ) بِإِنْشَاءِ (السَّفَرِ) وَالْأَصْلُ أَنَّ الشَّيْءَ يَبْطُلُ بِمِثْلِهِ، وَبِمَا فَوْقَهُ لَا بِمَا دُونَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ وَطَنَ السُّكْنَى وَهُوَ مَا نَوَى فِيهِ أَقَلَّ مِنْ

ــ

[رد المحتار]

وَلَمْ يَتَأَهَّلْ بِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ وَطَنًا لَهُ إلَّا إذَا عَزَمَ عَلَى الْقَرَارِ فِيهِ وَتَرَكَ الْوَطَنَ الَّذِي كَانَ لَهُ قَبْلَهُ شَرْحُ الْمُنْيَةِ.

(قَوْلُهُ يَبْطُلُ بِمِثْلِهِ) سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ سَفَرٍ أَوْ لَا، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ مِنْهُ قَاصِدًا غَيْرَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَتَوَطَّنَ فِي مَكَان آخَرَ فَمَرَّ بِالْأَوَّلِ أَتَمَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَطَّنْ غَيْرَهُ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ بِالْأَوَّلِ أَهْلٌ) أَيْ وَإِنْ بَقِيَ لَهُ فِيهِ عَقَارٌ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَوْ نَقَلَ أَهْلَهُ وَمَتَاعَهُ وَلَهُ دُورٌ فِي الْبَلَدِ لَا تَبْقَى وَطَنًا لَهُ وَقِيلَ تَبْقَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ بَلْ يُتِمُّ فِيهِمَا) أَيْ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةً ط.

(قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ وَطَنُ الْإِقَامَةِ) يُسَمَّى أَيْضًا الْوَطَنَ الْمُسْتَعَارَ وَالْحَادِثَ وَهُوَ مَا خَرَجَ إلَيْهِ بِنِيَّةِ إقَامَةِ نِصْفِ شَهْرٍ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصْلِيِّ مَسِيرَةُ السَّفَرِ أَوْ لَا، وَهَذَا رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْهُ أَنَّ الْمَسَافَةَ شَرْطٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِمِثْلِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ سَفَرٍ أَوْ لَا قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَبِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ) كَمَا إذَا تَوَطَّنَ بِمَكَّةَ نِصْفَ شَهْرٍ ثُمَّ تَأَهَّلَ بِمِنًى، أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ.

(قَوْلُهُ وَبِإِنْشَاءِ السَّفَرِ) أَيْ مِنْهُ وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَمُرَّ فِيهِ عَلَيْهِ قَبْلَ سَيْرِ مُدَّةِ السَّفَرِ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّ السَّفَرَ النَّاقِضَ لِوَطَنِ الْإِقَامَةِ مَا لَيْسَ فِيهِ مُرُورٌ عَلَى وَطَنِ الْإِقَامَةِ أَوْ مَا يَكُونُ الْمُرُورُ فِيهِ بِهِ بَعْدَ سَيْرِ مُدَّةِ السَّفَرِ اهـ.

أَقُولُ: وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا فِي الْكَافِي والتتارخانية: خُرَاسَانِيٌّ قَدِمَ بَغْدَادَ لِيُقِيمَ بِهَا نِصْفَ شَهْرٍ وَمَكِّيٌّ قَدِمَ الْكُوفَةَ كَذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى قَصْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَإِنَّهُمَا يُتِمَّانِ فِي طَرِيقِ الْقَصْرِ لِأَنَّ مِنْ بَغْدَادَ إلَى الْكُوفَةِ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَالْقَصْرُ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَقَامَا فِي الْقَصْرِ نِصْفَ شَهْرٍ بَطَلَ وَطَنُهُمَا بِبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ، فَإِنْ خَرَجَا بَعْدَهُ مِنْ الْقَصْرِ إلَى الْكُوفَةِ يُتِمَّانِ أَيْضًا فَإِنْ أَقَامَا بِهَا يَوْمًا مَثَلًا ثُمَّ خَرَجَا مِنْهَا إلَى بَغْدَادَ وَقَصَدَا الْمُرُورَ بِالْقَصْرِ يُتِمَّانِ إلَى الْقَصْرِ وَفِيهِ وَمِنْهُ إلَى بَغْدَادَ لِأَنَّهُ صَارَ وَطَنُ إقَامَةٍ لَهُمَا فَإِذَا قَصَدَا الدُّخُولَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ سَفَرُهُمَا إذَا لَمْ يَقْصِدَا مَسِيرَةَ سَفَرٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْصِدَا الدُّخُولَ فِيهِ قَصَرًا كَمَا لَوْ خَرَجَا مِنْ الْكُوفَةِ لِقَصْدِهِمَا مَسِيرَةَ السَّفَرِ وَإِنَّ الْمَكِّيَّ حِينَ خَرَجَ مِنْ كُوفَةَ قَصَدَ بَغْدَادَ أَوْ الْخُرَاسَانِيُّ الْكُوفَةَ وَالْتَقَيَا بِالْقَصْرِ وَخَرَجَا إلَى الْكُوفَةِ لِيُقِيمَا فِيهَا يَوْمًا ثُمَّ يَرْجِعَا إلَى بَغْدَادَ قَصَرَا إلَى الْكُوفَةِ وَكَذَا إلَى بَغْدَادَ لِقَصْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَسِيرَةَ سَفَرٍ أَمَّا الْخُرَاسَانِيُّ فَلِأَنَّهُ مَاضٍ عَلَى سَفَرِهِ وَأَمَّا الْمَكِّيُّ فَلِأَنَّ وَطَنَهُ بِالْكُوفَةِ انْتَقَضَ بِإِنْشَاءِ السَّفَرِ وَالْقَصْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَطَنًا لَهُمَا فَقَصْدُ الْمُرُورِ بِهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ السَّفَرِ اهـ وَأَفَادَ قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَكِّيُّ إلَخْ أَنَّ إنْشَاءَ السَّفَرِ مِنْ وَطَنِ الْإِقَامَةِ مُبْطِلٌ لَهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ أَقَامَ خُرَاسَانِيٌّ بِالْكُوفَةِ نِصْفَ شَهْرٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إلَى مَكَّةَ فَقَبْلَ أَنْ يَسِيرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَادَ إلَى الْكُوفَةِ لِحَاجَةٍ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ لِأَنَّ وَطَنَهُ قَدْ بَطَلَ بِالسَّفَرِ. اهـ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ إنْشَاءَ السَّفَرِ يُبْطِلُ وَطَنَ الْإِقَامَةِ إذَا كَانَ مِنْهُ أَمَّا لَوْ أَنْشَأَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُرُورٌ عَلَى وَطَنِ الْإِقَامَةِ أَوْ كَانَ وَلَكِنْ بَعْدَ سَيْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَكَذَلِكَ، وَلَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَبْطُلْ الْوَطَنُ بَلْ يَبْطُلُ السَّفَرُ لِأَنَّ قِيَامَ الْوَطَنِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ الشَّيْءَ يَبْطُلُ بِمِثْلِهِ) كَمَا يَبْطُلُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنُ الْإِقَامَةِ بِوَطَنِ الْإِقَامَةِ وَوَطَنُ السُّكْنَى بِوَطَنِ السُّكْنَى، وَقَوْلُهُ: وَبِمَا فَوْقَهُ أَيْ كَمَا يَبْطُلُ وَطَنُ الْإِقَامَةِ بِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَكَمَا يَبْطُلُ وَطَنُ السُّكْنَى بِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَبِوَطَنِ الْإِقَامَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَبِضِدِّهِ كَبُطْلَانِ وَطَنِ الْإِقَامَةِ أَوْ السُّكْنَى بِالسَّفَرِ فَإِنَّهُ فِي الْبَحْرِ عَلَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ (قَوْلُهُ لَا بِمَا دُونَهُ) كَمَا لَمْ يَبْطُلْ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِوَطَنِ الْإِقَامَةِ

ص: 132

نِصْفِ شَهْرٍ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ، وَمَا صَوَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ رَدَّهُ فِي الْبَحْرِ

(وَالْمُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمَتْبُوعِ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (لَا التَّابِعِ كَامْرَأَةٍ) وَفَّاهَا مَهْرَهَا الْمُعَجَّلَ

ــ

[رد المحتار]

وَلَا بِوَطَنِ السُّكْنَى وَلَا بِإِنْشَاءِ السَّفَرِ وَكَمَا لَمْ يَبْطُلْ وَطَنُ الْإِقَامَةِ بِوَطَنِ السُّكْنَى ح.

(قَوْلُهُ وَمَا صَوَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) حَيْثُ قَالَ: رَجُلٌ خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ إلَى قَرْيَةٍ لِحَاجَةٍ وَلَمْ يَقْصِدْ السَّفَرَ وَنَوَى أَنْ يُقِيمَ فِيهَا أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهُ يُتِمُّ فِيهَا لِأَنَّهُ مُقِيمٌ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْقَرْيَةِ لَا لِلسَّفَرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُسَافِرَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَهُ وَقَبْلَ أَنْ يُقِيمَ لَيْلَةً فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَسَافَرَ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَلَوْ مَرَّ بِتِلْكَ الْقَرْيَةِ وَدَخَلَهَا أَتَمَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُهُ مِمَّا هُوَ فَوْقَهُ أَوْ مِثْلُهُ اهـ ح.

(قَوْلُهُ رَدَّهُ فِي الْبَحْرِ) بِأَنَّ السَّفَرَ بَاقٍ لَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُهُ وَهُوَ مُبْطِلٌ لِوَطَنِ السُّكْنَى عَلَى تَقْدِيرِ اعْتِبَارِهِ لِأَنَّ السَّفَرَ يُبْطِلُ وَطَنَ الْإِقَامَةِ فَكَيْفَ لَا يُبْطِلُ وَطَنَ السُّكْنَى، فَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُهُ مَمْنُوعٌ. اهـ.

قَالَ ح: وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ الْمُبْطِلَ لَهُمَا سَفَرٌ مُبْتَدَأٌ مِنْهُمَا. وَأَمَّا إذَا خَرَجَ مِنْهُمَا إلَى مَا دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ ثُمَّ أَنْشَأَ سَفَرًا فَإِنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ فَإِذَا مَرَّ بِهِمَا أَتَمَّ اهـ وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مِثْلَهُ عَنْ خَطِّ بَعْضِهِمْ وَأَقَرَّهُ.

قَالَ ح: وَهُوَ وَجِيهٌ فَإِنَّ مَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَوْضِعٍ نِصْفَ شَهْرٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ لَا يُرِيدُ السَّفَرَ ثُمَّ عَادَ مُرِيدًا سَفَرًا وَمَرَّ بِذَلِكَ أَتَمَّ مَعَ أَنَّهُ أَنْشَأَ سَفَرًا بَعْدَ اتِّخَاذِ هَذَا الْمَوْضِعِ دَارَ إقَامَةٍ، فَثَبَتَ أَنَّ إنْشَاءَ السَّفَرِ لَا يُبْطِلُ وَطَنَ الْإِقَامَةِ إلَّا إذَا أَنْشَأَ السَّفَرَ مِنْهُ فَلْيَكُنْ وَطَنُ السُّكْنَى كَذَلِكَ فَمَا صَوَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ صَحِيحٌ وَمِنْ تَصْوِيرِهِ عَلِمْت أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَبَيْنَ وَطَنِ السُّكْنَى أَقَلُّ مِنْ مُدَّةِ السَّفَرِ وَكَذَا بَيْنَ وَطَنِ الْإِقَامَةِ وَوَطَنِ السُّكْنَى. اهـ.

أَقُولُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ السَّفَرَ الْمُبْطِلَ لِلْوَطَنِ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُنْشَأِ مِنْهُ بَلْ يَكُونُ بِالْمُنْشَأِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُرُورٌ عَلَيْهِ قَبْلَ سَيْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَكِنْ هُنَا فِيهِ مُرُورٌ عَلَى الْوَطَنِ قَبْلَ سَيْرِ مُدَّةِ السَّفَرِ وَقَدْ أَيَّدَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَوْلَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ بِاعْتِبَارِ وَطَنِ السُّكْنَى بِأَنَّ الْإِمَامَ السَّرَخْسِيَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً تَدُلُّ عَلَيْهِ. وَهِيَ: كُوفِيٌّ خَرَجَ إلَى الْقَادِسِيَّةِ لِحَاجَةٍ وَبَيْنَهُمَا دُونَ مَسِيرَةِ السَّفَرِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إلَى الْحِيرَةِ يُرِيدُ الشَّامَ حَتَّى إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الْقَادِسِيَّةِ لِيَحْمِلَ ثَقَلَهُ مِنْهَا وَيَرْتَحِلَ إلَى الشَّامِ وَلَا يَمُرَّ بِالْكُوفَةِ أَتَمَّ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ الْقَادِسِيَّةِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهَا كَانَتْ لَهُ وَطَنَ السُّكْنَى، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِقَصْدِ الْحِيرَةِ وَطَنُ سُكْنَى آخَرُ مَا لَمْ يَدْخُلْهَا فَيَبْقَى وَطَنُهُ بِالْقَادِسِيَّةِ وَلَا يَنْتَقِضُ بِهَذَا الْخُرُوجِ كَمَا لَوْ خَرَجَ مِنْهَا لِتَشْيِيعِ جِنَازَةٍ وَنَحْوِهِ اهـ مُلَخَّصًا.

أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفَّقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ وَطَنَ السُّكْنَى إنْ كَانَ اتَّخَذَهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ السَّفَرِ لَمْ يُعْتَبَرْ اتِّفَاقًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَ اتِّفَاقًا، فَإِذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ بَلْدَةً وَنَوَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا يَوْمًا مَثَلًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهَا قَصَرَ فِيهَا كَمَا كَانَ يَقْصُرُ قَبْلَ خُرُوجِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُحَقِّقِينَ لِقَوْلِ الْبَحْرِ إنَّهُمْ قَالُوا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَبْقَى فِيهِ مُسَافِرًا عَلَى حَالِهِ فَصَارَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ اهـ فَقَوْلُهُمْ لِأَنَّهُ يَبْقَى فِيهِ مُسَافِرًا عَلَى حَالِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ مُسَافِرًا قَبْلَ اتِّخَاذِهِ وَطَنًا، وَمَا قَالَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اتَّخَذَهُ وَطَنًا قَبْلَ سَفَرِهِ كَمَا صَوَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ) فَهُوَ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ (قَوْلُهُ وَفَاهَا مَهْرَهَا الْمُعَجَّلَ) وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ تَبَعًا لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا عَنْ الزَّوْجِ لِلْمُعَجَّلِ دُونَ الْمُؤَجَّلِ وَلَا تَسْكُنُ حَيْثُ يَسْكُنُ بَحْرٌ.

قُلْت: وَفِيهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِثُبُوتِ إخْرَاجِهَا وَسَفَرِهِ بِهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَكَلَامُنَا بَعْدَهُ وَلِهَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَبَعٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا إذَا خَرَجَتْ مَعَهُ لِلسَّفَرِ لَمْ يَبْقَ لَهَا أَنْ تَتَخَلَّفَ عَنْهُ. اهـ.

وَقَدْ يُجَابُ: بِأَنَّهَا إذَا ثَبَتَ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا عَنْ إخْرَاجِهَا مِنْ بَلَدِهَا لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ مُعَجَّلِهَا فَكَذَا يَثْبُتُ لَهَا إذَا

ص: 133

(وَعَبْدٍ) غَيْرِ مُكَاتَبٍ (وَجُنْدِيٍّ) إذَا كَانَ يَرْتَزِقُ مِنْ الْأَمِيرِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ (وَأَجِيرٍ) وَأَسِيرٍ وَغَرِيمٍ وَتِلْمِيذٍ (مَعَ زَوْجٍ وَمَوْلَى وَأَمِيرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ.

قُلْت: فَقَيْدُ الْمَعِيَّةِ مُلَاحَظٌ فِي تَحَقُّقِ التَّبَعِيَّةِ مَعَ مُلَاحَظَةِ شَرْطٍ آخَرَ مُحَقِّقٍ لِذَلِكَ وَهُوَ الِارْتِزَاقُ فِي مَسْأَلَةِ الْجُنْدِيِّ وَوَفَاءُ الْمَهْرِ فِي الْمَرْأَةِ وَعَدَمُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ، وَبِهِ بَانَ جَوَابُ حَادِثَةِ جَزِيرَةِ كُرَيْدٍ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَأَلْفٍ (لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ التَّابِعِ بِنِيَّةِ الْمَتْبُوعِ؛ فَلَوْ نَوَى الْمَتْبُوعُ الْإِقَامَةَ وَلَمْ يَعْلَمْ التَّابِعُ فَهُوَ مُسَافِرٌ حَتَّى يَعْلَمَ عَلَى الْأَصَحِّ) وَفِي الْفَيْضِ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، فَمَا فِي الْخُلَاصَةِ عَبْدٌ أَمَّ مَوْلَاهُ فَنَوَى الْمَوْلَى الْإِقَامَةَ إنْ أَتَمَّ صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا وَإِلَّا لَا مَبْنَى عَلَى خِلَافِ الْأَصَحِّ

(وَالْقَضَاءُ يَحْكِي) أَيْ يُشَابِهُ (الْأَدَاءَ سَفَرًا وَحَضَرًا) لِأَنَّهُ بَعْدَمَا تَقَرَّرَ لَا يَتَغَيَّرُ غَيْرَ أَنَّ الْمَرِيضَ يَقْضِي فَائِتَةَ الصِّحَّةِ فِي مَرَضِهِ بِمَا قَدَرَ.

[فُرُوعٌ] سَافَرَ السُّلْطَانُ قَصَرَ.

تَزَوَّجَ الْمُسَافِرُ بِبَلَدٍ صَارَ مُقِيمًا عَلَى الْأَوْجَهِ.

طَهُرَتْ الْحَائِضُ وَبَقِيَ لِمَقْصِدِهَا يَوْمَانِ تُتِمُّ فِي الصَّحِيحِ كَصَبِيٍّ بَلَغَ بِخِلَافِ كَافِرٍ أَسْلَمَ.

ــ

[رد المحتار]

وَصَلَتْ إلَى بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ فَتَصِحُّ نِيَّتُهَا الْإِقَامَةَ بِهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ تَبَعٍ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ تَبَعًا لَهُ فِي الْمَفَازَةِ (قَوْلُهُ غَيْرِ مُكَاتَبٍ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَطْلَقَ فِي الْعَبْدِ فَشَمِلَ الْقِنَّ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ تَبَعًا لِأَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَلَا تَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ إذَا كَانَ يَرْتَزِقُ مِنْ الْأَمِيرِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ) اقْتَصَرَ فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى الْأَوَّلِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَكَذَا إذَا كَانَ رِزْقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقَدْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِالْخُرُوجِ مَعَ الْأَمِيرِ فَهُوَ تَابِعٌ لَهُ نَعَمْ فِي الذَّخِيرَةِ إنَّ الْمُتَطَوِّعَ بِالْجِهَادِ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِلْوَالِي وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. وَدَخَلَ تَحْتَ الْجُنْدِيِّ الْأَمِيرُ مَعَ الْخَلِيفَةِ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ وَأَجِيرٍ) أَيْ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة؛ أَمْ لَوْ كَانَ مُيَاوَمَةً بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا فَإِنَّ لَهُ فَسْخَهَا إذَا فَرَغَ النَّهَارُ فَالْعِبْرَةُ لِنِيَّتِهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَمَّا الْأَعْمَى مَعَ قَائِدِهِ فَإِنْ كَانَ الْقَائِدُ أَجِيرًا فَالْعِبْرَةُ لِنِيَّةِ الْأَعْمَى، وَإِنْ مُتَطَوِّعًا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ.

(قَوْلُهُ وَأَسِيرٍ) ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا أَسَرَهُ الْعَدُوُّ إنْ كَانَ مَقْصِدُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَصَرَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ سَأَلَهُ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ وَكَانَ الْعَدُوُّ مُقِيمًا أَتَمَّ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا قَصَرَ؛ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا إذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ وَإِلَّا يَكُونُ كَمَنْ أَخَذَهُ الظَّالِمُ لَا يَقْصُرُ إلَّا بَعْدَ السَّفَرِ ثَلَاثًا وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ كُلِّ تَابِعٍ يَسْأَلُ مَتْبُوعَهُ فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَمِلَ بِخَبَرِهِ وَإِلَّا عَمِلَ بِالْأَصْلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَةٍ وَسَفَرٍ حَتَّى يَتَحَقَّقَ خِلَافُهُ وَتَعَذُّرُ السُّؤَالِ بِمَنْزِلَةِ السُّؤَالِ مَعَ عَدَمِ الْإِخْبَارِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ.

(قَوْلُهُ وَغَرِيمٍ) أَيْ مُوسِرٍ. قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: وَلَوْ دَخَلَ مُسَافِرٌ مِصْرًا فَأَخَذَهُ غَرِيمُهُ وَحَبَسَهُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا قَصَرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ وَلَا يَحِلُّ لِلطَّالِبِ حَبْسُهُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا إنْ عَزَمَ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ أَوْ لَمْ يَعْزِمْ شَيْئًا قَصَرَ وَإِنْ عَزَمَ وَاعْتَقَدَ أَنْ لَا يَقْضِيَهُ أَثِمَ اهـ. وَقَوْلُهُ إنْ عَزَمَ أَنْ يَقْضِيَ أَيْ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَتِلْمِيذٍ) أَيْ إذَا كَانَ يَرْتَزِقُ مِنْ أُسْتَاذِهِ رَحْمَتِيٌّ، وَالْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْمُتَعَلِّمِ مَعَ مُعَلِّمِهِ الْمُلَازِمِ لَهُ لَا خُصُوصُ طَالِبِ الْعِلْمِ مَعَ شَيْخِهِ.

قُلْت: وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى الِابْنُ الْبَارُّ الْبَالِغُ مَعَ أَبِيهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمُسْتَأْجِرٍ) كَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَآسِرٍ وَدَائِنٍ وَأُسْتَاذٍ ح.

(قَوْلُهُ قُلْت:) تَلْخِيصٌ لِحَاصِلِ مَا تَقَدَّمَ لِيُبْنَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْحَادِثَةِ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ بَانَ جَوَابُ حَادِثَةِ جَزِيرَةِ كُرَيْدَ) بِكَسْرِ الْكَافِ الْمُعْجَمَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ الْكَافِ الْعَرَبِيَّةِ وَبَيْنَ الْجِيمِ ح.

وَالْحَادِثَةُ: هِيَ تَفَرُّقُ الْجَيْشِ لِمَا صَارَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْغَلَبَةِ وَالْهَزِيمَةِ حَتَّى تَشَتَّتُوا فِي كُلِّ جَانِبٍ وَفَاتَتْ الْمَعِيَّةُ وَالِارْتِزَاقُ فَصَارَ كُلٌّ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ وَزَالَتْ التَّبَعِيَّةُ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَالْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ أَيْ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ) لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْقَصْرِ مَنْهِيٌّ عَنْ الْإِتْمَامِ فَكَانَ مُضْطَرًّا، فَلَوْ صَارَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا بِإِقَامَةِ الْأَصْلِ بِلَا عِلْمِهِ لَحِقَهُ ضَرَرٌ عَظِيمٌ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ مَدْفُوعٌ

شَرْعًا

، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ لَا يَبِيعَ فَيُمْكِنُهُ دَفْعُ الضَّرَرِ بِالِامْتِنَاعِ، فَإِذَا بَاعَ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ أَمْرِهِ كَانَ الضَّرَرُ نَاشِئًا مِنْهُ مِنْ وَجْهٍ وَمِنْ الْمُوَكِّلِ مِنْ وَجْهٍ فَيَصِحُّ الْعَزْلُ حُكْمًا لَا قَصْدًا بَحْرٌ مُلَخَّصًا عَنْ الْمُحِيطِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

(قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْأَصَحِّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَكَذَا إنْ كَانَ مَعَ مَوْلَاهُ فِي السَّفَرِ فَبَاعَهُ مِنْ مُقِيمٍ وَالْعَبْدُ

ص: 134