المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب زكاة الركاز] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٢

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ

- ‌بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَضَاء الْفَوَائِت]

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنِ الْإِقَامَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي قَصْر الصَّلَاة]

- ‌[بَابُ بَابُ الْجُمُعَةِ]

- ‌بَابُ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْكُسُوفِ

- ‌بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌[مطلب فِي دفن الْمَيِّت]

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْجَنَائِز]

- ‌[مطلب فِي الثَّوَاب عَلَى المصيبة]

- ‌[مطلب فِي زِيَارَة الْقُبُور]

- ‌[مطلب فِي وَضَعَ الجريد ونحو الآس عَلَى الْقُبُور]

- ‌[تَتِمَّةٌ قَطْعُ النَّبَاتِ الرَّطْبِ وَالْحَشِيشِ مِنْ الْمَقْبَرَةِ دُونَ الْيَابِسِ]

- ‌بَابُ الشَّهِيدِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ السَّائِمَةِ

- ‌ بَابٌ نِصَابُ الْإِبِلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْبَقَرِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ

- ‌[بَابُ الْعَاشِرِ فِي الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ زَكَاة الرِّكَازِ]

- ‌بَابُ الْعُشْرِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي زَكَاة الْعَشْر]

- ‌[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌[سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الصِّيَام]

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ الْمُبِيحَةِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ]

- ‌بَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌[سُنَنٌ وَآدَابٌ الْحَجِّ]

- ‌[مطلب فِي أَحْكَام الْعُمْرَة]

- ‌[مطلب فِي الْمَوَاقِيت]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِحْرَامِ وَصِفَةِ الْمُفْرِدِ

- ‌[مطلب فِي رَمْي جَمْرَة العقبة]

- ‌[مطلب فِي طَوَاف الزِّيَارَة]

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ]

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحَجُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَفْضِيلِ الْحَجِّ عَلَى الصَّدَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَضْلِ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَكْفِيرِ الْحَجِّ الْكَبَائِرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِعْمَالِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ جَنَى فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ الْتَجَأَ إلَيْهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ]

- ‌[حرم الْمَدِينَة وَمَكَّة]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمُجَاوَرَةِ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ]

- ‌[خَاتِمَة فِي الْحَجّ]

الفصل: ‌[باب زكاة الركاز]

بَابُ الرِّكَازِ أَلْحَقُوهُ بِالزَّكَاةِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْوَظَائِفِ الْمَالِيَّةِ.

(هُوَ) لُغَةً: مِنْ الرَّكْزِ أَيْ الْإِثْبَاتِ بِمَعْنَى الْمَرْكُوزِ، وَشَرْعًا:(مَالٌ) مَرْكُوزٌ (تَحْتَ أَرْضٍ) أَعَمُّ (مِنْ) كَوْنِ رَاكِزِهِ الْخَالِقَ أَوْ الْمَخْلُوقَ فَلِذَا قَالَ (مَعْدِنٌ خِلْقِيٌّ) خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى (وَ) مِنْ (كَنْزٍ) أَيْ مَالٍ (مَدْفُونٍ) دَفَنَهُ الْكُفَّارُ لِأَنَّهُ الَّذِي يُخَمَّسُ (وَجَدَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ) وَلَوْ قِنًّا صَغِيرًا أُنْثَى (مَعْدِنَ نَقْدٍ وَ) نَحْوَ (حَدِيدٍ) وَهُوَ كُلُّ جَامِدٍ يَنْطَبِعُ بِالنَّارِ وَمِنْهُ الزِّئْبَقُ، فَخَرَجَ الْمَائِعُ

ــ

[رد المحتار]

[بَابُ زَكَاة الرِّكَازِ]

بَابُ الرِّكَازِ (قَوْلُهُ: أَلْحَقُوهُ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ كَانَ حَقَّ هَذَا الْبَابِ أَنْ يُذْكَرَ فِي السِّيَرِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِيهِ لَيْسَ زَكَاةً وَإِنَّمَا يُصْرَفُ مَصَارِفُ الْغَنِيمَةِ كَمَا فِي النَّهْرِ ح. وَقَدَّمَهُ عَلَى الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ مُؤْنَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْقُرْبَةِ وَالرِّكَازُ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ ط (قَوْلُهُ: مِنْهُ الرَّكْزُ) أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْهُ لَا مُشْتَقٌّ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْأَعْيَانِ جَامِدَةٌ ط (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْمَرْكُوزِ) خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ لِلضَّمِيرِ أَيْ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الرَّكْزِ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَرْكُوزِ وَلَيْسَ نَعْتًا لِلْإِثْبَاتِ كَمَا لَا يَخْفَى ح.

قُلْت: وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ حَالًا مِنْ الرَّكْزِ يَعْنِي أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الرَّكْزِ مُرَادًا بِهِ اسْمَ الْمَفْعُولِ وَهَذَا أَوْلَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرِّكَازَ اسْمٌ جَامِدٌ لَا مَصْدَرٌ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنًى لُغَوِيًّا. وَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْمُغْرِبِ هُوَ الْمَعْدِنُ أَوْ الْكَنْزُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَرْكُوزٌ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الرَّاكِزُ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا مُشْتَرَكٌ اشْتِرَاكًا مَعْنَوِيًّا وَلَيْسَ خَاصًّا بِالدَّفِينِ اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ مُتَوَاطِئًا وَهَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِتَرْجَمَةِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِي الْمَعْدِنِ مَجَازًا فِي الْكَنْزِ لِامْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَالْبَابُ مَعْقُودٌ لَهُمَا. اهـ.

ط (قَوْلُهُ فَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ عُمُومِهِ ط (قَوْلُهُ: مِنْ مَعْدِنٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا إسْمَاعِيلُ عَنْ النَّوَوِيِّ، مِنْ الْعَدْنِ: وَهُوَ الْإِقَامَةُ، وَأَصْلُ الْمَعْدِنِ الْمَكَانُ بِقَيْدِ الِاسْتِقْرَارِ فِيهِ ثُمَّ اشْتَهَرَ فِي نَفْسِ الْأَجْزَاءِ الْمُسْتَقِرَّةِ الَّتِي رَكَّبَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ يَوْمَ خَلَقَ الْأَرْضَ حَتَّى صَارَ الِانْتِقَالُ مِنْ اللَّفْظِ إلَيْهِ ابْتِدَاءً بِلَا قَرِينَةٍ فَتْحٌ (قَوْلُهُ خِلْقِيٍّ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَوْ فَتْحِهَا نِسْبَةً إلَى الْخِلْقَةِ أَوْ الْخَلْقِ ح.

(قَوْلُهُ: وَكَنْزٍ) مِنْ كَنَزَ الْمَالَ كَنْزًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ جَمَعَهُ تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الَّذِي يُخَمَّسُ) يَعْنِي أَنَّ الْكَنْزَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْمُثْبَتِ فِي الْأَرْضِ بِفِعْلِ إنْسَانٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ وَالْإِنْسَانُ يَشْمَلُ الْمُؤْمِنَ أَيْضًا لَكِنْ خَصَّهُ الشَّارِحُ بِالْكَافِرِ؛ لِأَنَّ كَنْزَهُ هُوَ الَّذِي يُخَمَّسُ أَمَّا كَنْزُ الْمُسْلِمِ فَلُقَطَةٌ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَجَدَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ) خَرَجَ الْحَرْبِيُّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ مَتْنًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِنًّا صَغِيرًا أُنْثَى) لِمَا فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَعُمُّ مَا إذَا كَانَ الْوَاجِدُ حُرًّا أَوْ لَا بَالِغًا أَوْ لَا ذَكَرًا أَوْ لَا مُسْلِمًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: نَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ حَدِيدٍ) أَيْ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ (وَهُوَ) أَيْ نَحْوُ الْحَدِيدِ كُلُّ جَامِدٍ يَنْطَبِعُ أَيْ يَلِينُ بِالنَّارِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الزِّيْبَقُ) بِالْيَاءِ وَقَدْ تُهْمَزُ وَمِنْهُمْ حِينَئِذٍ مَنْ يَكْسِرُ الْمُوَحَّدَةَ بَعْدَ الْهَمْزَةِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا إذَا لَمْ تُهْمَزْ فُتِحَتْ، ثُمَّ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ آخِرًا وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ الثَّانِي آخِرًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْقِيرِ وَالنِّفْطِ يَعْنِي الْمِيَاهَ وَلَا خُمُسَ فِيهَا.

وَلَهُمَا أَنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِالْعِلَاجِ مِنْ عَيْنِهِ وَيَنْطَبِعُ مَعَ غَيْرِهِ فَكَانَ كَالْفِضَّةِ نَهْرٌ أَيْ فَإِنَّ الْفِضَّةَ لَا تَنْطَبِعُ مَا لَمْ يُخَالِطْهَا شَيْءٌ فَتْحٌ. قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْخِلَافُ فِي الْمُصَابِ فِي مَعْدِنِهِ أَمَّا الْمَوْجُودُ فِي خَزَائِنِ الْكُفَّارِ فَفِيهِ الْخُمُسُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ الْمَائِعُ) أَيْ بِالتَّقْيِيدِ بِجَامِدٍ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمُنْطَبِعِ أَيْ بِالتَّقْيِيدِ بِيَنْطَبِعُ فَلَا يُخَمَّسُ شَيْءٌ مِنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ

ص: 318

كَنِفْطٍ وَقَارٍ وَغَيْرِ الْمُنْطَبِعِ كَمَعَادِنِ الْأَحْجَارِ (فِي أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَوْ عُشْرِيَّةٍ)

ــ

[رد المحتار]

وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْمَعْدِنَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مُنْطَبِعٌ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ.

وَمَائِعٍ كَالْمَاءِ وَالْمِلْحِ وَالْقِيرِ وَالنِّفْطِ. وَمَا لَيْسَ شَيْئًا مِنْهُمَا كَاللُّؤْلُؤِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالْكُحْلِ وَالزَّاجِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالتُّحْفَةِ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّ الْمُطَرِّزِيَّ خَصَّهُ بِالْحَجَرَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِمَرْكَزِ كُلِّ شَيْءٍ اهـ (قَوْلُهُ: كَنِفْطٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَقَدْ تُفْتَحُ قَامُوسٌ وَهُوَ دُهْنٌ يَعْلُو الْمَاءَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ ح.

(قَوْلُهُ: وَقَارٍ) وَالْقَارُ وَالْقِيرُ وَالزِّفْتُ شَيْءٌ يُطْلَى بِهِ السُّفُنُ ح (قَوْلُهُ: كَمَعَادِنِ الْأَحْجَارِ) كَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ وَالْجَوَاهِرِ كَالْيَوَاقِيتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالزُّمُرُّدِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: فِي أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَوْ عُشْرِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوَجَدَ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا فِي بَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ ح: وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَرْضَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: مُبَاحَةٌ، وَمَمْلُوكَةٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَمْلُوكَةٌ لِمُعَيَّنٍ، وَوَقْفٌ. فَالْأَوَّلُ لَا يَكُونُ عُشْرِيًّا وَلَا خَرَاجِيًّا وَكَذَا الثَّانِي كَأَرَاضِي مِصْرَ الْغَيْرِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ خَرَاجِيَّةَ الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهَا آلَتْ إلَى بَيْتِ الْمَالِ لِمَوْتِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ وَارِثٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ [فِي التُّحْفَةِ الْمَرْضِيَّةِ فِي الْأَرَاضِي الْمِصْرِيَّةِ. وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ إمَّا عُشْرِيٌّ أَوْ خَرَاجِيٌّ. ثُمَّ إنَّ الْخُمُسَ فِي الْمُبَاحَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِلْوَاجِدِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ الْمَمْلُوكَةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَمْ أَرَ حُكْمَهُ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْكُلَّ لِبَيْتِ الْمَالِ، أَمَّا الْخُمُسُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَلِوُجُودِ الْمَالِكِ وَهُوَ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ فَيَأْخُذُهُ وَكِيلُهُمْ وَهُوَ السُّلْطَانُ، وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ الْمَمْلُوكَةُ لِمُعَيَّنٍ فَالْخُمُسُ فِيهِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِلْمَالِكِ، وَأَمَّا الرَّابِعُ وَهُوَ الْوَقْفُ فَالْخُمُسُ فِيهِ لِبَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ عِبَارَتِهِ حُكْمَ بَاقِيهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لِلْوَاجِدِ كَمَا فِي الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْمَالِكِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَمَّا أَوَّلًا فَقَوْلُهُ: إنَّ الْمُبَاحَ لَا يَكُونُ عُشْرِيًّا وَلَا خَرَاجِيًّا فِيهِ نَظَرٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةُ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَنَّ أَرْضَ الْجَبَلِ الَّذِي لَا يَصِلُ إلَيْهِ الْمَاءُ عُشْرِيَّةٍ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ إمَّا عُشْرِيٌّ أَوْ خَرَاجِيٌّ فِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ أَنَّ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا وَقَفَهَا مُشْتَرِيهَا أَوْ لَمْ يُوقِفْهَا فَلَا عُشْرَ فِيهَا وَلَا خَرَاجَ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ نَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي، وَأَمَّا ثَالِثًا فَجَعْلُهُ الْمَوْقُوفَةَ كَالْمُبَاحَةِ فِي كَوْنِ الْبَاقِي عَنْ الْخُمُسِ لِلْوَاجِدِ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ هُوَ حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَوْ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُمَا وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ الْمَعْدِنُ مَنْفَعَةً بَلْ هُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَتْ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ، ثُمَّ حَبَسَهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ نَقْضِ الْوَقْفِ. وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ النَّقْضَ يُصْرَفُ إلَى عِمَارَةِ الْوَقْفِ إنْ احْتَاجَ وَإِلَّا حَفِظَهُ لِلِاحْتِيَاجِ، وَلَا يُصْرَفُ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّينَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَنَافِعِ لَا فِي الْعَيْنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقٌّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فَكَيْفَ يَمْلِكُهُ الْأَجْنَبِيُّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَالنَّقْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَأَمَّا رَابِعًا فَإِنَّ إيجَابَهُ الْخُمُسَ فِي الْمَمْلُوكَةِ لِمُعَيَّنٍ مُخَالِفٌ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ كَمَا يَأْتِي. [تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: قَيَّدَ بِالْخَرَاجِيَّةِ وَالْعُشْرِيَّةِ لِيُخْرِجَ الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا لَكِنْ وَرَدَ عَلَيْهِ الْأَرْضُ الَّتِي لَا وَظِيفَةَ فِيهَا كَالْمَفَازَةِ إذْ يَقْضِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالصَّوَابُ أَنْ لَا يُجْعَلَ ذَلِكَ لِقَصْدِ الِاحْتِرَازِ بَلْ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ وَظِيفَتَهَا الْمُسْتَمِرَّةَ لَا تَمْنَعُ مِمَّا يُوجَدُ فِيهِمَا. اهـ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُهُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الدَّارِ وَيُعْلَمُ حُكْمُ الْمَفَازَةِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ فِي الْأَرْضِ مَعَ الْوَظِيفَةِ فَلَأَنْ يَجِبَ لَا فِي الْخَالِيَةِ عَنْهَا أَوْلَى. اهـ. وَأَقُولُ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُشْرِيَّةِ وَالْخَرَاجِيَّةِ مَا تَكُونُ وَظِيفَتُهَا الْعُشْرَ أَوْ الْخَرَاجَ سَوَاءٌ كَانَتْ بِيَدِ

ص: 319

خَارِجَ الدَّارِ لَا الْمَفَازَةِ لِدُخُولِهَا بِالْأَوْلَى (خُمِسَ) مُخَفَّفًا أَيْ أُخِذَ خُمُسُهُ لِحَدِيثِ «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» وَهُوَ يَعُمُّ الْمَعْدِنَ كَمَا مَرَّ (وَبَاقِيهِ لِمَالِكِهَا إنْ مُلِكَتْ

ــ

[رد المحتار]

أَحَدٍ أَوْ لَا فَتَشْمَلُ الْمَفَازَةَ وَغَيْرَهَا بِدَلِيلِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ أَرْضَ الْجَبَلِ عُشْرِيَّةٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ الِاحْتِرَازَ بِهَا عَنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي مَتْنِ دُرَرِ الْبِحَارِ عَبَّرَ بِمَعْدِنِ غَيْرِ الْحَرْبِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ مَعْدِنُ أَرْضِنَا وَلِهَذَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ: الْأَخْصَرُ فِي أَرْضِنَا سَوَاءٌ كَانَتْ جَبَلًا أَوْ سَهْلًا مَوَاتًا أَوْ مِلْكًا. وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ دَارِهِ وَأَرْضِهِ وَأَرْضِ الْحَرْبِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت عَيْنَ مَا قُلْته فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ حَيْثُ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ احْتِرَازًا عَمَّا وَجَدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ أَرْضَهَا لَيْسَتْ أَرْضَ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ وَالْمُرَادُ بِأَرْضِ الْخَرَاجِ أَوْ الْعُشْرِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ أَوْ لَا صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَفَاوِزُ وَأَرْضُ الْمَوَاتِ فَإِنَّهَا إذَا جُعِلَتْ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ كَانَتْ عُشْرِيَّةً أَوْ خَرَاجِيَّةً اهـ.

قُلْت: وَعَلَى هَذَا فَيَدْخُلُ فِي الْخَرَاجِيَّةِ وَالْعُشْرِيَّةِ جَمِيعُ أَقْسَامِ الْأَرْضِ الْمُبَارَةِ فَإِنَّ فِي مَعْدِنِهَا الْخُمُسَ لَكِنْ سَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِإِخْرَاجِ الْمَوْجُودِ فِي دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ فَإِنَّهُ لَا خُمُسَ فِيهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: خَرَجَ الدَّارُ لَا الْمَفَازَةُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ النَّهْرِ. وَعَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ لَا حَاجَةَ إلَى دَعْوَى الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا إلَى التَّعَرُّضِ لِإِخْرَاجِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيُنَبِّهُ عَلَى إخْرَاجِهَا. عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَرَّضَ لِلدَّارِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْأَرْضِ، فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً تَكُونُ خَرَاجِيَّةً أَوْ عُشْرِيَّةً مَعَ أَنَّهُ لَا خُمُسَ فِي مَعْدِنِهَا كَمَا يَأْتِي إلَّا أَنْ يُقَالَ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: خُمِسَ) مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ مِنْ خَمَّسَ الْقَوْمَ: إذَا أَخَذَ خُمُسَ أَمْوَالِهِمْ مِنْ بَابِ طَلَبَ بَحْرٌ عَنْ الْمُغْرِبِ (قَوْلُهُ: مُخَفَّفًا) ؛ لِأَنَّ التَّشْدِيدَ غَيْرُ سَدِيدٍ إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ يَجْعَلُهُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ فَقَطْ نَهْرٌ أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَخْذُ الْخُمُسِ مِنْ الْمَعْدِنِ لَا مُجَرَّدُ جَعْلِهِ أَخْمَاسًا (قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ فِي بَيَانِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ: إنَّ الرِّكَازَ يَعُمُّ الْمَعْدِنَ وَالْكَنْزَ عَلَى مَا حَقَّقْنَاهُ فَكَانَ إيجَابًا فِيهِمَا، وَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ إرَادَةِ الْمَعْدِنِ بِسَبَبِ عَطْفِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ إفَادَةِ أَنَّهُ جُبَارٌ أَيْ هَدَرٌ لَا شَيْءَ فِيهِ لِلتَّنَاقُضِ فَإِنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ بِالْمَعْدِنِ لَيْسَ هُوَ الْمُعَلَّقَ بِهِ ضِمْنَ الرِّكَازِ لِيَخْتَلِفَ بِالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ إهْلَاكَهُ أَوْ الْهَلَاكَ بِهِ لِلْأَجِيرِ الْحَافِزِ لَهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ نَفْسِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ أَصْلًا وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.

فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَثْبَتَ لِلْمَعْدِنِ بِخُصُوصِهِ حُكْمًا فَنَصَّ عَلَى خُصُوصِ اسْمِهِ، ثُمَّ أَثْبَتَ لَهُ حُكْمًا آخَرَ مَعَ غَيْرِهِ فَعَبَّرَ بِالِاسْمِ الَّذِي يَعُمُّهُمَا لِيَثْبُتَ فِيهِمَا اهـ مُلَخَّصًا وَنَقَلَهُ فِي النَّهْرِ أَيْضًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَبَاقِيهِ لِمَالِكِهَا إلَخْ) كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَالدُّرَرِ وَالْإِصْلَاحِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا وَلَا فِي الْكَنْزِ وَشُرُوحِهِ وَلَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ وَالْمَوَاهِبِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ قَالَ بَعْدَهَا وَفِي أَرْضِهِ رِوَايَتَانِ: أَيْ فِي وُجُوبِ الْخُمُسِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَرَاجِيَّةِ وَالْعُشْرِيَّةِ غَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ، وَأَغْرَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فَقَالَ وَلَا شَيْءَ فِيهِ إنْ وَجَدَهُ فِي دَارِهِ وَأَرْضِهِ، فَنَاقَضَ أَوَّلُ كَلَامِهِ آخِرَهُ فَإِنَّ أَرْضَهُ لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا عُشْرِيَّةً أَوْ خَرَاجِيَّةً كَمَا يَأْتِي. وَقَدْ جَزَمَ أَوَّلًا بِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهَا.

ص: 320

وَإِلَّا) كَجَبَلٍ وَمَفَازَةٍ.

(فَلِلْوَاجِدِ وَ) الْمَعْدِنُ (لَا شَيْءَ فِيهِ إنْ وَجَدَهُ فِي دَارِهِ) وَحَانُوتِهِ (وَأَرْضِهِ) فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَاخْتَارَهَا فِي الْكَنْزِ (وَلَا شَيْءَ فِي يَاقُوتٍ وَزُمُرُّدٍ وَفَيْرُوزَجَ)

ــ

[رد المحتار]

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مَعْدِنَ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ جَمِيعَهُ لِلْمَالِكِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْوَاجِدَ أَوْ غَيْرُهُ وَهَذَا رِوَايَةُ الْأَصْلِ الْآتِيَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ وَبَاقِيهِ لِلْمَالِكِ مُطْلَقًا فَقَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ فِي أَرْضِهِ يُنَافِي قَوْلَهُ وَبَاقِيهِ لِمَالِكِهِ فَلِذَا قَالَ الرَّحْمَتِيُّ إنَّ صَدَرَ كَلَامِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَآخِرَهُ عَلَى الْأُخْرَى.

قُلْت: وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَرَأَيْت فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ مُحَمَّدِ أَبِي السُّعُودِ أَنَّ الصَّوَابَ حَمْلُ الْمَمْلُوكَةِ هُنَا عَلَى الْمَمْلُوكَةِ لِغَيْرِ الْوَاجِدِ فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ لِلْوَاجِدِ. اهـ.

قُلْت يُؤَيِّدُ هَذَا تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَصَاحِبِ الْكَنْزِ بِأَرْضِهِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ أَرْضُ الْوَاجِدِ لَكِنْ يُنَافِيهِ أَنَّ صَاحِبَ الْبَدَائِعِ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْخَرَاجِيَّةِ وَالْعُشْرِيَّةِ بَلْ قَالَ ابْتِدَاءً فَإِنْ وَجَدَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ دَارٍ أَوْ مَنْزِلٍ أَوْ حَانُوتٍ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ وَحْدَهُ، هُوَ أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مِنْ تَوَابِعِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَإِذَا مَلَكَهَا الْمُخْتَطُّ لَهُ بِتَمْلِيكِ الْإِمَامِ مَلَكَهَا بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا فَتَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ بِتَوَابِعِهَا أَيْضًا وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْخُمُسِ إلَخْ فَقَوْلُهُ: فَلَا خِلَافَ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمَمْلُوكَةِ لِلْوَاجِدِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: هُوَ أَوْ غَيْرُهُ يَرْجِعُ إلَى الْوَاجِدِ فَكُلٌّ مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْخُمُسِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ لِلْمَالِكِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَمْلُوكَةِ لِلْوَاجِدِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا وَجْهَ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ إذَا كَانَ الْوَاجِدُ غَيْرَ الْمَالِكِ وَعَدَمِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْمَالِكَ لِاتِّحَادِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا، وَهِيَ كَوْنُ الْمَالِكِ مَلَكَهَا بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَوَقَعَ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فِي عِبَارَةِ الْبَحْرِ أَيْضًا وَسَنَذْكُرُ فِي تَوْجِيهِ الرِّوَايَتَيْنِ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَجَبَلٍ وَمَفَازَةٍ) جَعْلُهُ ذَلِكَ مِنْ صَدَقَاتِ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةُ وَالْخَرَاجِيَّةِ يَصِحُّ عَلَى جَوَابِنَا السَّابِقِ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِهَا مَا تَكُونُ وَظِيفَتُهَا الْعُشْرَ أَوْ الْخَرَاجَ إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْدِنُ) قَيَّدَ بِهِ احْتِرَازًا عَنْ الْكَنْزِ فَإِنَّهُ يُخَمَّسُ وَلَوْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ أَوْ فِي دَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَائِهَا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي دَارِهِ وَحَانُوتِهِ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا مُلْتَقًى (قَوْلُهُ: فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَأَرْضِهِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَفِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالدَّارِ حَيْثُ لَا شَيْءَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمَّا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ انْتَقَلَتْ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا، وَالْمَعْدِنُ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ الْخُمُسُ لِمَا مَلَكَهُ كَالْغَنِيمَةِ إذَا بَاعَهَا الْإِمَامُ مِنْ إنْسَانٍ سَقَطَ عَنْهَا حَقُّ سَائِرِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِبَدَلٍ كَذَا قَالَ الْجَصَّاصُ وَعَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ الدَّارَ لَا مُؤْنَةَ فِيهَا أَصْلًا فَلَمْ تُخَمَّسْ فَصَارَ الْكُلُّ لِلْوَاجِدِ بِخِلَافِ الْأَرْضِ، فَإِنَّ فِيهَا مُؤْنَةَ الْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ فَتُخَمَّسُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهَا فِي الْكَنْزِ) أَيْ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا كَالْمُصَنَّفِ وَأَرَادَ بِذَلِكَ بَيَانَ أَنَّهَا الْأَرْجَحُ لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةِ رِوَايَتَانِ ثُمَّ ذَكَرَ وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالدَّارِ عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَ رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَرُبَّمَا يُشْعِرُ هَذَا بِاخْتِيَارِ رِوَايَةِ الْجَامِعِ وَفِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ نُوحٍ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهَا لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ رِوَايَةَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ.

الثَّانِي: أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِقَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ وَالْأَخْذُ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ أَوْلَى.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْإِمَامَ فَرَّقَ فِي وُجُوبِ الْخُمُسِ بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَالْكَنْزِ وَبَيْنَ الْمَفَازَةِ وَالدَّارِ وَبَيْنَ الْأَرْضِ الْمُبَاحَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ وَهُمَا لَمْ يُفَرِّقَا بَيْنَ ذَلِكَ فِي الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَزُمُرُّدٍ) بِالضَّمَّاتِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ آخِرَهُ الزَّبَرْجَدُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَفَيْرُوزَجَ) مُعَرَّبُ فَيْرُوزَ أَجْوَدُهُ الْأَزْرَقُ الصَّافِي اللَّوْنِ لَمْ يُرَ قَطُّ فِي يَدِ قَتِيلٍ وَتَمَامُهُ فِي إسْمَاعِيلَ.

ص: 321

وَنَحْوِهَا (وُجِدَتْ فِي جَبَلٍ) أَيْ فِي مَعَادِنِهَا

(وَلَوْ) وَجَدْت (دَفِينُ الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ كَنْزًا (خُمِّسَ) لِكَوْنِهِ غَنِيمَةً.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْكَنْزَ يُخَمَّسُ كَيْفَ كَانَ وَالْمَعْدِنُ إنْ كَانَ يَنْطَبِعُ (وَ) لَا فِي (لُؤْلُؤٍ) هُوَ مَطَرُ الرَّبِيعِ (وَعَنْبَرُ) حَشِيشٍ يَطْلُعُ فِي الْبَحْرِ أَوْ خِثْيِ دَابَّةٍ (وَكَذَا جَمِيعُ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ الْبَحْرِ مِنْ حِلْيَةٍ) وَلَوْ ذَهَبًا كَانَ كَنْزًا فِي قَعْرِ الْبَحْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ الْقَهْرُ فَلَمْ يَكُنْ غَنِيمَةً (وَمَا عَلَيْهِ سِمَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ الْكُنُوزِ) نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ (فَلُقَطَةٌ) سَيَجِيءُ حُكْمُهَا (وَمَا عَلَيْهِ سِمَةُ الْكُفْرِ خُمِّسَ وَبَاقِيهِ لِلْمَالِكِ أَوَّلَ الْفَتْحِ) وَلِوَارِثِهِ لَوْ حَيًّا وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَهَذَا (إنْ مُلِكَتْ أَرْضُهُ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ مِنْ الْأَحْجَارِ الَّتِي لَا تَنْطَبِعُ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي مَعَادِنِهَا) أَيْ الْمَوْجُودَةِ فِيهَا بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَالْجَبَلُ غَيْرُ قَيْدٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَجَدْت) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي مَعَادِنِهَا، وَقَوْلُهُ: دَفِينَ حَالٌ بِمَعْنَى مَدْفُونٍ وَاحْتَرَزَ بِدَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ عَنْ دَفِينِ الْإِسْلَامِ، وَقَوْلُهُ: أَيْ كَنْزًا أَشَارَ بِهِ إلَى حُكْمِهِ مَا يَأْتِي فِي الْكُنُوزِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ غَنِيمَةً) فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ وَحَوَتْهُ أَيْدِينَا بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: كَيْفَ كَانَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ أَوْ لَا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَالًا مُتَقَوِّمًا بَحْرٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ كَنْزُ الْبَحْرِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ يَنْطَبِعُ) أَمَّا الْمَائِعُ وَمَا لَا يَنْطَبِعُ مِنْ الْأَحْجَارِ فَلَا يُخَمَّسُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: هُوَ مَطَرُ الرَّبِيعِ) أَيْ أَصْلُهُ مِنْهُ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: هُوَ جَوْهَرٌ مُضِيءٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مَطَرِ الرَّبِيعِ الْوَاقِعِ فِي الصَّدَفِ الَّذِي قِيلَ إنَّهُ حَيَوَانٌ مِنْ جِنْسِ السَّمَكِ يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى اللُّؤْلُؤَ فِيهِ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ.

(قَوْلُهُ: حَشِيشٌ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ دَاوُد الْأَنْطَاكِيُّ فِي تَذْكِرَتِهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ عُيُونٌ بِقَعْرِ الْبَحْرِ تَقْذِفُ دُهْنِيَّةً فَإِذَا فَارَتْ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ جَمَدَتْ فَيُلْقِيهَا الْبَحْرُ عَلَى السَّاحِلِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَهَبًا) لَوْ وَصَلْيَةً وَقَوْلُهُ كَانَ كَنْزًا نَعْتٌ لِقَوْلِهِ ذَهَبًا أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ الْبَحْرِ ذَهَبًا مَكْنُوزًا بِصُنْعِ الْعِبَادِ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ لَا خُمُسَ فِيهِ وَكُلُّهُ لِلْوَاجِدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ فِيمَا لَيْسَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ وَلَمْ أَرَهُ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ الْقَهْرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ الْخُمُسِ الْغَنِيمَةُ وَالْغَنِيمَةُ مَا كَانَتْ لِلْكَفَرَةِ ثُمَّ تَصِيرُ لِلْمُسْلِمِينَ بِحُكْمِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَبَاطِنُ الْبَحْرِ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ قَهْرٌ فَلَمْ يَكُنْ غَنِيمَةً قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: سِمَةُ الْإِسْلَامِ) بِالْكَسْرِ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ أَثَرُ الْكَيِّ وَالْمُرَادُ بِهَا الْعَلَامَةُ وَذَلِكَ كَكِتَابَةِ كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ أَوْ نَقْشٍ آخِرَ مَعْرُوفٍ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ مِنْ السِّلَاحِ وَالْآلَاتِ وَأَثَاثِ الْمَنَازِلِ وَالْفُصُوصِ وَالْقُمَاشِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: فَلُقَطَةٌ) ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُسْلِمِينَ لَا يُغْنَمُ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: سَيَجِيءُ حُكْمُهَا) وَهُوَ أَنَّهُ يُنَادِي عَلَيْهَا فِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ إلَى أَنْ يَظُنَّ عَدَمَ الطَّلَبِ ثُمَّ يَصْرِفَهَا إلَى نَفْسِهِ إنْ فَقِيرًا وَإِلَّا فَإِلَى فَقِيرٍ آخَرَ بِشَرْطِ الضَّمَانِ ح.

(قَوْلُهُ: سِمَةُ الْكُفْرِ) كَنَقْشِ صَنَمٍ أَوْ اسْمِ مَلَكٍ مِنْ مُلُوكِهِمْ الْمَعْرُوفِينَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: خُمِّسَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَرْضِهِ أَوْ أَرْضِ غَيْرِهِ أَوْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ كِفَايَةٌ قَالَ قَاضِي خَانْ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْكَنْزَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الدَّارِ فَأَمْكَنَ إيجَابُ الْخُمُسِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ (قَوْلُهُ أَوَّلَ الْفَتْحِ) ظَرْفٌ لِلْمَالِكِ أَيْ الْمُخْتَطِّ لَهُ وَهُوَ مَنْ خَصَّهُ الْإِمَامُ بِتَمْلِيكِ الْأَرْضِ حِينَ فَتَحَ الْبَلَدَ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: فَإِنْ لَمْ يُعْرَفُوا أَيْ الْوَرَثَةُ قَالَ السَّرَخْسِيُّ: هُوَ لِأَقْصَى مَالِكٍ لِلْأَرْضِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَقَالَ أَبُو الْيُسْرِ: يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا أَوْجَهُ لِلْمُتَأَمِّلِ اهـ وَذَلِكَ لِمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْكَنْزَ مُودَعٌ فِي الْأَرْضِ فَلَمَّا مَلَكَهَا الْأَوَّلُ مَلَكَ مَا فِيهَا وَلَا يَخْرُجُ مَا فِيهَا عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعِهَا كَالسَّمَكَةِ فِي جَوْفِهَا دُرَّةٌ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ مَلَكَتْ أَرْضَهُ) الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ وَبَاقِيهِ لِلْمَالِكِ، وَهَذَا قَوْلُهُمَا وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا تَرْجِيحُهُ لَكِنْ فِي السِّرَاجِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَالْبَاقِي لِلْوَاجِدِ كَمَا فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

ص: 322

وَإِلَّا فَلِلْوَاجِدِ) وَلَوْ ذِمِّيًّا قِنًّا أُنْثَى لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْغَنِيمَةِ (خَلَا حَرْبِيٍّ مُسْتَأْمَنٍ) فَإِنَّهُ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ مَا أَخَذَ (إلَّا إذَا عَمِلَ) فِي الْمَفَاوِزِ (بِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى شَرْطٍ فَلَهُ الْمَشْرُوطُ) وَلَوْ عَمِلَ رَجُلَانِ فِي الرِّكَازِ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ وَإِنْ كَانَا أَجِيرَيْنِ فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ (وَإِنْ خَلَا عَنْهَا) أَيْ الْعَلَامَةِ (أَوْ اشْتَبَهَ الضَّرْبُ فَهُوَ جَاهِلِيٌّ عَلَى) ظَاهِرِ (الْمَذْهَبِ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَقِيلَ كَاللُّقْطَةِ

(وَلَا يُخَمَّس رِكَازٌ) مَعْدِنًا كَانَ أَوْ كَنْزًا (وُجِدَ فِي) صَحْرَاءِ (دَارِ الْحَرْبِ) بَلْ كُلُّهُ لِلْوَاجِدِ وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا لِأَنَّهُ كَالْمُتَلَصِّصِ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَهُوَ حَسَنٌ فِي زَمَانِنَا لِعَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ بَلْ قَالَ ط: إنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ أَيْ عَلَى قَوْلِهِمَا إنَّ لِلْوَاجِدِ صَرْفَهُ حِينَئِذٍ إلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا كَمَا قَالُوا فِي بِنْتِ الْمُعْتَقِ إنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ رَضَاعًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَمَنْ أَصَابَ رِكَازًا وَسِعَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِخُمُسِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَإِذَا اطَّلَعَ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ أَمْضَى لَهُ مَا صَنَعَ؛ لِأَنَّ الْخُمُسَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ وَقَدْ أَوْصَلَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَهُوَ فِي إصَابَةِ الرِّكَازِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى الْحِمَايَةِ فَهُوَ كَزَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ اهـ.

[تَنْبِيهٌ] فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ مَالِكُ الْأَرْضِ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ مَلَكَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِلْوَاجِدِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً كَالْجِبَالِ وَالْمَفَازَةِ فَهُوَ كَالْمَعْدِنِ يَجِبُ خُمُسُهُ وَبَاقِيهِ لِلْوَاجِدِ مُطْلَقًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْغَنِيمَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَرْضَخُ لَهُمْ رَحْمَتِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَفَاوِزِ) فَلَوْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَالْبَاقِي لِلْمُخْتَطِّ لَهُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ أَفَادَهُ إسْمَاعِيلُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِلْوَاجِدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا حَفَرَ أَحَدُهُمَا مَثَلًا ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَتَمَّ الْحَفْرَ وَاسْتَخْرَجَ الرِّكَازَ أَمَّا لَوْ اشْتَرَكَا فِي طَلَبِ ذَلِكَ فَسَيَذْكُرُ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي احْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَاسْتِقَاءٍ وَسَائِرِ مُبَاحَاتٍ كَاجْتِنَاءِ ثِمَارٍ مِنْ جِبَالٍ وَطَلَبِ مَعْدِنٍ مِنْ كَنْزٍ وَطَبْخِ آجُرٍّ مِنْ طِينٍ مُبَاحٍ لِتَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ وَالتَّوْكِيلُ فِي أَخْذِ الْمُبَاحِ لَا يَصِحُّ وَمَا حَصَّلَهُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ وَمَا حَصَّلَاهُ مَعًا فَلَهُمَا نِصْفَيْنِ إنْ لَمْ يُعْلَمْ مَا لِكُلٍّ وَمَا حَصَّلَهُ أَحَدُهُمَا بِإِعَانَةِ صَاحِبِهِ فَلَهُ وَلِصَاحِبِهِ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ ثَمَنِ ذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ) سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَصِيدَ لَهُ أَوْ يَحْتَطِبَ فَإِنْ وَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا جَازَ وَإِلَّا لَا إلَّا إذَا عَيَّنَ الْحَطَبَ وَهُوَ مِلْكُهُ اهـ وَكَتَبَ ط هُنَاكَ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِلَّا لَا أَنَّ الْحَطَبَ لِلْعَامِلِ.

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الرِّكَازَ هُنَا لِلْعَامِلِ أَيْضًا إذَا لَمْ يُؤَقِّتَا؛ لِأَنَّهُ إذَا فَسَدَ الِاسْتِئْجَارُ بَقِيَ مُجَرَّدُ التَّوْكِيلِ وَعَلِمْت أَنَّ التَّوْكِيلَ فِي أَخْذِ الْمُبَاحِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَّلَهُ أَحَدُهُمَا بِإِعَانَةِ الْآخَرِ كَمَا مَرَّ فَإِنَّ لِلْمُعِينِ أَجْرَ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ لَهُ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ) ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ هُمْ الَّذِينَ يَحْرِصُونَ عَلَى جَمْعِ الدُّنْيَا وَادِّخَارِهَا ط (قَوْلُهُ وَقِيلَ كَاللُّقْطَةِ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَقِيلَ: يُجْعَلُ إسْلَامِيًّا فِي زَمَانِنَا لَتَقَادُمِ الْعَهْدِ. اهـ.

أَيْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَيَجِبُ الْبَقَاءُ مَعَ الظَّاهِرِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ خِلَافُهُ وَالْحَقُّ مَنْعُ هَذَا الظَّاهِرِ، بَلْ دَفِينُهُمْ إلَى الْيَوْمِ يُوجَدُ بِدِيَارِنَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَيْ وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ دَفِينَهُمْ بَاقٍ إلَى الْيَوْمِ انْتَفَى ذَلِكَ الظَّاهِرُ.

قُلْت: بَقِيَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النُّقُودِ الَّتِي عَلَيْهَا عَلَامَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ يَتَعَامَلُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مِنْ قِسْمِ الْمُشْتَبَهِ إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهَا مِنْ ضَرْبِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ فَتْحِ الْبَلْدَةِ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِمُنْلَا عَلِيٍّ الْقَارِي. قَالَ: وَأَمَّا مَعَ اخْتِلَاطِ دَرَاهِمِ الْكُفَّارِ مَعَ دَرَاهِمِ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُشَخَّصِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي زَمَانِنَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِلَافٌ فِي كَوْنِهِ إسْلَامِيًّا. اهـ. .

(قَوْلُهُ مَعْدِنًا كَانَ أَوْ كَنْزًا) وَتَقْيِيدُ الْقُدُورِيِّ بِالْكَنْزِ لِكَوْنِ الْخِلَافِ فِيهِ فَإِنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ أَوْجَبَ فِيهِ الْخُمُسَ فَيُعْلَمُ حُكْمُ الْمَعْدِنِ بِالْأَوْلَى لِعَدَمِ الْخِلَافِ فِيهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالْمُتَلَصِّصِ) .

ص: 323

(وَ) لِذَا (لَوْ دَخَلَهُ جَمَاعَةٌ ذُو مَنَعَةٍ وَظَفِرُوا بِشَيْءٍ مِنْ كُنُوزِهِمْ) وَمَعْدِنِهِمْ (خُمِّسَ) لِكَوْنِهِ غَنِيمَةً (وَإِنْ وَجَدَهُ) أَيْ الرِّكَازَ مُسْتَأْمَنٌ (فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ) لِبَعْضِهِمْ (رَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ) تَحَرُّزًا عَنْ الْغَدْرِ (فَإِنْ) لَمْ يَرُدَّهُ (وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا مَلَكَهُ مِلْكًا خَبِيثًا) فَسَبِيلُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ فَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ لِقِيَامِ مِلْكِهِ لَكِنْ لَا يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي (وَلَوْ وَجَدَهُ) أَيْ الرِّكَازَ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مُسْتَأْمَنٍ (فِيهَا) أَيْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ حَلَّ لَهُ (فَلَا يُرَدُّ وَلَا يُخَمَّسُ) لِمَا مَرَّ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ مَتَاعٍ وَغَيْرِهِ وَمَا فِي النُّقَايَةِ مِنْ أَنَّ رِكَازَ مَتَاعِ أَرْضٍ لَمْ تُمْلَكْ بِخُمْسِ سَهْمٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَتَاعِهِمْ الْمَوْجُودِ فِي أَرْضِنَا. [فَرْعٌ] لِلْوَاجِدِ صَرْفُ الْخُمُسِ لِنَفْسِهِ وَأَصْلُهُ وَفَرْعِهِ وَأَجْنَبِيٍّ بِشَرْطِ فَقْرِهِمْ.

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ مَا فِي صَحْرَائِهِمْ لَيْسَ فِي يَدِ أَحَدٍ عَلَى الْخُصُوصِ فَلَا يُعَدُّ غَدْرًا وَلَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مُتَلَصِّصٍ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) الْإِشَارَةُ لِمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُتَلَصِّصِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُخَمَّسُ إلَّا إذَا كَانَ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ لِكَوْنِهِ غَنِيمَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضِهِمْ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ فَالْكُلُّ لِلْوَاجِدِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْمُسْتَأْمَنِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا مَا مَرَّ.

أَمَّا لَوْ وَجَدَهُ فِي الْمَمْلُوكَةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَأْمَنٍ فَالْكُلُّ لَهُ أَيْضًا وَإِلَّا وَجَبَ رَدُّهُ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: أَيْ الرِّكَازَ) يَعُمُّ الْكَنْزَ وَالْمَعْدِنَ وَمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْكَنْزِ فَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقُدُورِيِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي) بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ بَاعَهُ فَإِنَّهُ يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي لِامْتِنَاعِ الْفَسْخِ حِينَئِذٍ ح عَنْ الْبَحْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُخَمَّسُ) إلَّا إذَا كَانُوا جَمَاعَةً ذَوِي مَنَعَةً لِكَوْنِهِ غَنِيمَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ كَالْمُتَلَصِّصِ كَمَا فِي الدُّرَرِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي النُّقَايَةِ) أَيْ لِلْمُحَقِّقِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَكَذَا فِي الْوِقَايَةِ لِجَدِّهِ تَاجِ الشَّرِيعَةِ وَعِبَارَةُ الْوِقَايَةِ وَإِنْ وَجَدَ رِكَازَ مَتَاعِهِمْ فِي أَرْضٍ مِنْهَا لَمْ تُمْلَكْ خُمِّسَ اهـ قَالَ فِي الدُّرَرِ إنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُمْ إنَّ الْخُمُسَ إنَّمَا يَجِبُ فِيمَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الْغَنِيمَةِ وَهُوَ فِيمَا كَانَ فِي يَدِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَوَقَعَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالْمَذْكُورُ فِي الْوِقَايَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ كَالْمُتَلَصِّصِ وَالْأَرْضُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَمْ تَقَعْ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقْطَعَ لَفْظُ وَجَدَ عَمَّا قَبْلَهُ وَيُقْرَأَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَيُتْرَكَ لَفْظُ مِنْهَا وَتُضَافُ الْأَرْضُ إلَى الْمُسْلِمِينَ. اهـ.

وَأَجَابَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّ وَجَدَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ مَحْذُوفٌ أَيْ ذُو مَنَعَةٍ لَا الْمُسْتَأْمَنُ وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ لَمْ تُمْلَكْ يُعْلَمُ مِنْهُ الْمَمْلُوكَةُ بِالْأَوْلَى. اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) هَذَا الْحَمْلُ صَحِيحٌ فِي عِبَارَةِ النُّقَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا لَفْظَةٌ مِنْهَا أَيْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْوِقَايَةِ إلَّا بِمَا مَرَّ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي عِبَارَةِ الْوِقَايَةِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَتَاعُ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَالْوَاجِدُ ذُو مَنَعَةٍ فَيَجِبُ الْخُمُسُ وَفِي عِبَارَةِ النُّقَايَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْوَاجِدُ رَجُلٌ مِنَّا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ وَجَدَ الْمُسْتَأْمَنُ؛ لِأَنَّ مُسْتَأْمَنَهُمْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِالشَّرْطِ كَمَا مَرَّ وَالْمُسْلِمُ لَا يَكُونُ مُسْتَأْمَنًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْعِبَارَتَيْنِ قَدْ عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ وَفَائِدَةُ ذِكْرِهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ أَوَّلًا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ أَنَّ وُجُوبَ الْخُمُسِ لَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرِّكَازُ مِنْ النَّقْدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالْمَتَاعِ وَهُوَ كَمَا فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ فِي الْبَيْتِ مِنْ الرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ) أَيْ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا وَلَا تُغْنِيهِ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ بِأَنْ كَانَ دُونَ الْمِائَتَيْنِ أَمَّا إذَا بَلَغَ مِائَتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَنَازُلُ الْخُمُسِ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ. قُلْت: لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يَبْلُغُ مِائَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَا يُغْنِيهِ كَمَدْيُونٍ بِمِائَتَيْنِ مَثَلًا فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَاجَةِ وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ وَمَنْ أَصَابَ رِكَازًا وَسِعَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِخُمُسِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِذَا اطَّلَعَ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ أَمْضَى لَهُ مَا صَنَعَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَسِعَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِالْخُمُسِ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ آبَائِهِ وَأَوْلَادِهِ جَازَ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ عُشْرِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ اهـ.

ص: 324