الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مُقَدِّمَة الْكتاب]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَشَرَ لِلْعُلَمَاءِ أَعْلَامًا، وَثَبَّتَ لَهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ أَقْدَامًا، وَجَعَلَ مَقَامَ الْعِلْمِ أَعْلَى مَقَامٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إفْضَالِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَصَحْبِهِ وَآلِهِ.
وَبَعْدُ: فَيَقُولُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ مُنْكَسِرُ الْخَاطِرِ لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَالتَّقْوَى عُثْمَانُ ابْنُ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ سُلَيْمَانِ السُّوَيْفِيِّ الشَّافِعِيِّ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِحُسْنِ الْعَمَلِ وَغَفَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ الزَّلَلِ: إنِّي اطَّلَعْت عَلَى شَرْحِ الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ بِخَطِّ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ سُلَيْمَانِ الْبُجَيْرِمِيِّ، فَرَأَيْت عَلَيْهِ حَوَاشِيَ رَقِيقَةً وَنِكَاتٍ دَقِيقَةً وَتَحْرِيرَاتٍ شَرِيفَةً مِمَّا نَقَلَهُ مِنْ الْحَوَاشِي الْمُعْتَمَدَةِ وَتَلَقَّاهُ عَنْ أَشْيَاخِهِ الْفُضَلَاءِ.
ثُمَّ إنَّ شَيْخَنَا الْمَذْكُورَ وَكَثِيرًا مِنْ الْإِخْوَانِ الْمُخْلِصِينَ وَالْأَعِزَّاءِ الْمُصْلِحِينَ، طَلَبُوا مِنِّي تَجْرِيدَ ذَلِكَ لِيَكُونَ حَاشِيَةً مُسْتَقِلَّةً، فَيَعُمُّ بِهَا الِانْتِفَاعُ لِمَا رَأَوْا مِنِّي مِنْ الْإِخْلَاصِ فِي الْعَمَلِ وَالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ مَعَ الِانْقِطَاعِ، فَأَجَبْتهمْ إلَى ذَلِكَ قَاصِدًا بِهِ الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ، وَلِيَكُونَ ذَخِيرَةً لِي وَلِشَيْخِنَا الْمَذْكُورِ يَوْمَ الْمَآبِ، وَسَمَّيْتهَا: تُحْفَةُ الْحَبِيبِ عَلَى شَرْحِ الْخَطِيبِ وَقَدْ كُنْت جَرَّدْت لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا عَلَى نُسْخَةِ الْمَنْهَجِ، وَزِدْته كَثِيرًا مِنْ الْحَوَاشِي، فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ بِالْقَبُولِ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسَبَبًا لِلْفَوْزِ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ.
وَقَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) ابْتَدَأَ بِالْبَسْمَلَةِ اقْتِدَاءً بِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ الَّتِي أَشْرَفُهَا الْكِتَابُ الْعَزِيزُ، لِمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ التُّونُسِيِّ مِنْ إجْمَاعِ عُلَمَاءِ كُلِّ مِلَّةٍ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَتَحَ كُلَّ كِتَابٍ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الدَّالِّ لَهُ خَبَرُ:«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَاتِحَةُ كُلِّ كِتَابٍ» . وَلَا يُنَافِيهِ خُصُوصِيَّةُ نَبِيِّنَا وَأُمَّتِهِ بِهَا إذْ الْمُخْتَصُّ اللَّفْظُ الْعَرَبِيُّ بِهَذَا التَّرْتِيبِ، وَأَمَّا مَا فِي النَّمْلِ عَنْ سُلَيْمَانَ، فَهُوَ تَرْجَمَةٌ عَمَّا فِي كِتَابِهِ لِبِلْقِيسَ، إذْ لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا، وَإِنْ كَانَ كُلُّ كِتَابٍ نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ عَرَبِيًّا، لَكِنْ عَبَّرَ كُلُّ نَبِيٍّ عَنْ كِتَابِهِ بِلِسَانِ قَوْمِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ أَمْرُهُ عليه السلام بِكَتْبِ بِاسْمِك اللَّهُمَّ إلَى نُزُولِ:{بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: 41]، فَأَمَرَ بِكَتْبِ بِسْمِ اللَّهِ إلَى نُزُولِ {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110] فَأَمَرَ بِكَتْبِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ إلَى نُزُولِ آيَةِ النَّمْلِ، فَأَمَرَ بِكَتْبِهَا بِتَمَامِهَا، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ افْتِتَاحِ الْقُرْآنِ بِهَا لِاحْتِمَالِ عَدَمِ عِلْمِهِ بِافْتِتَاحِ الْقُرْآنِ بِهَا قَبْلَ الْأَمْرِ بِذَلِكَ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ، إذْ كَيْفَ يَتَأَخَّرُ عِلْمُهُ إلَى نُزُولِ آيَةِ النَّمْلِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا بُعْدَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ حَالَ نُزُولِ مَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ، بَلْ عَلِمَ بِذَلِكَ عِنْدَ تَرْتِيبِ الْقُرْآنِ، وَلَا يُنَافِيهِ أَيْضًا أَنَّ مَعَانِيَ الْكُتُبِ مَجْمُوعَةٌ فِي الْقُرْآنِ وَمَعَانِيهِ فِي الْفَاتِحَةِ وَمَعَانِيهَا فِي الْبَسْمَلَةِ، فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْقُرْآنِ بِهَا لِأَنَّ الْمُخْتَصَّ اللَّفْظُ الْعَرَبِيُّ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ كَمَا مَرَّ، فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ اقْتِدَاءٌ بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ لِلِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَشْرَفِ أَوْ لِجَمْعِهِ لَهَا أَوْ نَسْخِهِ إيَّاهَا. اهـ. مَدَابِغِيٌّ، وَفِي قَوْلِهِ: اقْتِدَاءً بِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي مَذْهَبِنَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا، وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ.
قَوْلُهُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ) هُوَ حَمْدٌ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ، لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ لِأَجْلِ نَشْرِهِ لِلْعُلَمَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّعْلِيقِ الرَّبْطُ، وَبِالْحُكْمِ ثُبُوتُ الْحَمْدِ لِلَّهِ، وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ حَمْدًا فِي مُقَابَلَةِ الذَّاتِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: الَّذِي نَشَرَ إلَخْ بَيَانًا لِصِفَةِ اللَّهِ فِي الْوَاقِعِ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ: مَا صِفَةُ اللَّهِ الَّذِي أَوْقَعْت الْحَمْدَ لَهُ؟ فَقَالَ: الَّذِي نَشَرَ إلَخْ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَمْدَانِ: حَمْدٌ فِي مُقَابَلَةِ الذَّاتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَحَمْدٌ فِي مُقَابَلَةِ الصِّفَاتِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الَّذِي نَشَرَ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَوْصُولَ وَصِلَتَهُ فِي تَأْوِيلِ الْمُشْتَقِّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ النَّاشِرِ، وَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُشْعِرُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَإِنَّمَا أَوْقَعْت الْحَمْدَ لِلذَّاتِ الْعَلِيَّةِ لِأَجْلِ نَشْرِهَا لِلْعُلَمَاءِ، إلَخْ. وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ حَمْدًا ثَانِيًا لِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِوُقُوعِ حَمْدٍ مِنْهُ وَالْإِخْبَارُ بِالْحَمْدِ حَمْدٌ، وَقَوْلُهُ:(نَشَرَ) أَيْ أَظْهَرَ لِلْعُلَمَاءِ فَضَائِلَ كَالْمُشَاهَدَةِ بِالْأَبْصَارِ، فَشَبَّهَ الْفَضَائِلَ بِالْأَعْلَامِ، أَيْ الرَّايَاتِ أَطْلَقَ اسْمَهَا عَلَيْهَا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالْجَامِعُ الظُّهُورُ وَالِاهْتِدَاءُ وَالْقَرِينَةُ حَالِيَّةٌ، لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ لَا أَعْلَامَ لَهُمْ، وَيَكُونُ النَّشْرُ تَرْشِيحًا لِأَنَّ النَّشْرَ ضِدُّ الطَّيِّ، أَوْ شَبَّهَ الْإِظْهَارَ بِالنَّشْرِ وَاسْتَعَارَ النَّشْرَ لِلْإِظْهَارِ، وَاشْتَقَّ مِنْ النَّشْرِ نَشَرَ بِمَعْنَى أَظْهَرَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ التَّبَعِيَّةِ وَالْجَامِعُ الِاهْتِدَاءُ إلَى الْمَقْصُودِ فِي كُلٍّ وَالْأَعْلَامُ تَرْشِيحٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَعْلَامَ بِمَعْنَى الرَّايَاتِ حَقِيقَةً وَنَشَرَ بِمَعْنَى يَنْشُرُ لِمَا وَرَدَ:«إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْقِدُ لِلْعُلَمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَايَاتٍ لِمَعْرِفَتِهِمْ وَيَقُولُ لِلْعَالِمِ: قِفْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» . وَالْعُلَمَاءُ: جَمْعُ عَلِيمٍ كَكَرِيمٍ وَكُرَمَاءَ وَهُوَ جَمْعٌ قِيَاسِيٌّ أَوْ جَمْعُ عَالِمٍ وَهُوَ قِيَاسِيٌّ أَيْضًا، لِأَنَّ فُعَلَاءَ يَطَّرِدُ جَمْعًا لِفَاعِلٍ إذَا دَلَّ عَلَى مَدْحٍ نَحْوُ صَالِحٍ، أَوْ ذَمٍّ نَحْوُ فَاسِقٍ كَمَا أَفَادَ الْأُشْمُونِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ:
وَلِكَرِيمٍ وَبَخِيلٍ فُعَلَا
…
كَذَا لِمَا ضَاهَاهُمَا قَدْ جُعِلَا
فَسَقَطَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ جَمْعَ عَالِمٍ عَلَى عُلَمَاءَ غَيْرُ مَقِيسٍ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ الْمَعْهُودُونَ وَهُمْ الْعَامِلُونَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَثَبَتَ لَهُمْ إلَخْ. عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّرَاطِ الْجِسْرُ الْمَمْدُودُ أَوْ الدِّينُ الْحَقُّ، وَالْمُرَادُ ثَبَّتَ أَقْدَامَهُمْ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِمْ عَلَى إقَامَتِهِ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ الْعَامِلُونَ، لِأَنَّ إقَامَةَ الدِّينِ تَحْصُلُ بِغَيْرِ الْعَامِلِينَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ كُلُّ عَالِمٍ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مَدْحَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قَوْلُهُ: (أَعْلَامًا) جَمْعُ عَلَمٍ مُحَرَّكًا كَبَطَلٍ وَأَبْطَالٍ وَفَرَسٍ وَأَفْرَاسٍ وَهُوَ جَمْعٌ قِيَاسِيٌّ وَاسْتُعْمِلَ جَمْعُ الْقِلَّةِ فِي أَعْلَامًا مَكَانَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ وَإِنَّمَا ارْتَكَبَهُ لِعَدَمِ سَمَاعِ جَمْعِ الْكَثْرَةِ فِيهِ وَهُوَ عِلَامٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ كَجَبَلٍ وَجِبَالٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ وَفَعْلٌ أَيْضًا لَهُ فِعَالُ وَلِأَجْلِ السَّجْعِ وَالْعَلَمُ الرَّايَةُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْجَبَلِ، وَلَمَّا كَانَ الْعَالِمُ يُهْتَدَى بِعِلْمِهِ جُعِلَ عِلْمُهُ كَالرَّايَةِ أَوْ كَالنَّارِ عَلَى الْجَبَلِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِمَّا يُهْتَدَى بِهِ إلَى الْمَقْصُودِ، كَذَا ذَكَرَهُ الَأُجْهُورِيُّ، وَهَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا كَانَ الْعِلْمُ يُطْلَقُ عَلَى النَّارِ وَلَمْ يَرِدْ إطْلَاقُهُ عَلَيْهَا فَالْمُنَاسِبُ تَشْبِيهُهُمْ بِالْجِبَالِ فِي الثَّبَاتِ عَلَى الْحَقِّ وَعَدَمِ التَّزَلْزُلِ. قَوْلُهُ:(عَلَى الصِّرَاطِ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجِسْرُ الْمَمْدُودُ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ الْأَدَقُّ مِنْ الشَّعْرَةِ الْأَحَدُّ مِنْ السَّيْفِ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْأَقْدَامُ بَاقِيَةً عَلَى مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ، وَيَكُونُ ثَبَتَ بِمَعْنَى يَثْبُتُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ التَّبَعِيَّةِ بِأَنْ شَبَّهَ التَّثْبِيتَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِالتَّثْبِيتِ فِي الْمَاضِي، وَاسْتَعَارَ التَّثْبِيتَ فِي الْمَاضِي لِلتَّثْبِيتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَاشْتَقَّ مِنْ التَّثْبِيتِ فِي الْمَاضِي ثَبَتَ بِمَعْنَى يَثْبُتُ عَلَى حَدِّ:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1] وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الدِّينُ الْحَقُّ، فَالْمَعْنَى وَثَبَّتَ لَهُمْ عَلَى الدِّينِ الْحَقِّ أَقْدَامًا أَيْ: قُوَّةً، فَفِي الْأَقْدَامِ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ حَيْثُ شُبِّهَتْ الْقُوَّةُ بِالْأَقْدَامِ، وَاسْتُعِيرَتْ الْأَقْدَامُ لِلْقُوَّةِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا كَوْنُ كُلٍّ يُوَصِّلُ إلَى الْمَقْصُودِ، وَمِثْلُ