المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المسح على الجبيرة] - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَعْرِيفِ الْحُجَّةِ وَالْحُكْمِ وَتَقْسِيمِهِ إلَى تَكْلِيفِيٍّ وَوَضْعِيٍّ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ شَارِعِ تَصْنِيفٍ وَمَا يُسَنُّ صِنَاعَةً]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْمُبَالَغَةِ النَّحْوِيَّةِ وَالْبَيَانِيَّةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْخُلَّةِ وَالْمَحَبَّةِ]

- ‌[مَبْحَثُ عَدَدِ أَوْلَادِهِ وَأَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَبْحَثُ تَقْدِيمِ الِاسْمِ عَلَى اللَّقَبِ وَعَكْسِهِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ ابْنِ]

- ‌[مَبْحَثُ دَرَجَاتِ الْإِخْلَاصِ]

- ‌[مَبْحَثُ تَعْرِيفِ الْجِنَاسِ اللَّاحِقِ]

- ‌[مَبْحَثُ الرَّجَاءِ وَالْأَمَلِ وَالتَّمَنِّي وَالطَّمَعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْحَسَدِ وَالْغِبْطَةِ وَالْقَنَاعَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْجِنَاسِ الْمُضَارِعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى الْبَسْمَلَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الِاشْتِقَاقِ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[مَبْحَثُ الْغَلَبَةِ وَتَقْسِيمُهَا]

- ‌[مَبْحَثُ النَّحْتِ]

- ‌[مَبْحَثُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا بَعْدُ]

- ‌ كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَطْهُرُ بِدِبَاغِهِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْآنِيَةِ وَمَا يَمْتَنِعُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي السِّوَاكِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُضُوءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يُنْدَبُ إدَامَةُ الْوُضُوءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَنْتَهِي بِهِ الْوُضُوءُ

- ‌فَصْلٌ: فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ

- ‌[فَرْعٌ اجْتَمَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلُ حَيْضٍ وَجَنَابَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ قُطِعَ عُضْوُ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي التَّيَمُّمِ

- ‌شَرَائِطُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ]

- ‌ مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَة]

- ‌[تَتِمَّةٌ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌تَنْبِيهٌ: النَّجَاسَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ حُكْمِيَّةٍ وَعَيْنِيَّةٍ

- ‌ حُكْمِ النَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ

- ‌(دَمُ الْحَيْضِ

- ‌[دَمُ النِّفَاسُ]

- ‌ أَحْكَامِ الْحَيْضِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[وَقْتَ الظُّهْرِ]

- ‌ وَقْتُ الْعَصْرِ

- ‌[وَقْتُ الْمَغْرِب]

- ‌وَقْتُ الْعِشَاءِ

- ‌[وَقْتُ الْفَجْرِ]

- ‌فَصْلٌ: فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَفِي بَيَانِ النَّوَافِلِ

- ‌شَرَائِطُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ

- ‌الصَّلَاةُ الْمَسْنُونَةُ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

الفصل: ‌[المسح على الجبيرة]

الصَّلَاةِ كَمَا بَحَثَهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ،

وَلَوْ رَأَتْ حَائِضٌ تَيَمَّمَتْ لِفَقْدِ الْمَاءِ الْمَاءَ وَهُوَ يُجَامِعُهَا حَرُمَ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ، وَوَجَبَ النَّزْعُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لِبُطْلَانِ طُهْرِهَا، وَلَوْ رَآهُ هُوَ دُونَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ النَّزْعُ لِبَقَاءِ طُهْرِهَا.

وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةٍ قَدْ تَيَمَّمَ لَهَا بَطَلَ تَيَمُّمُهُ بِالرُّؤْيَةِ، سَوَاءٌ نَوَى قِرَاءَةَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ أَمْ لَا، لِبُعْدِ ارْتِبَاطِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ

وَلَا يُجَاوِزُ الْمُتَنَفِّلُ الَّذِي وَجَدَ الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ الَّذِي لَمْ يَنْوِ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ بَلْ يُسَلِّمُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ الْأَحَبُّ وَالْمَعْهُودُ فِي النَّفْلِ، هَذَا إذَا رَأَى الْمَاءَ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ فَمَا فَوْقَهَا، وَإِلَّا أَتَمَّ مَا هُوَ فِيهِ، فَإِنْ نَوَى رَكْعَةً أَوْ عَدَدًا أَتَمَّهُ لِانْعِقَادِ نِيَّتِهِ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الْمَكْتُوبَةَ الْمُقَدَّرَةَ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ كَافْتِتَاحِ نَافِلَةٍ بِدَلِيلِ افْتِقَارِهَا إلَى قَصْدٍ جَدِيدٍ.

وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ.

(وَ) الثَّالِثُ مِنْ الْمُبْطِلَاتِ (الرِّدَّةُ) وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِ بَدَلِهِ، لَكِنْ تَبْطُلُ نِيَّتُهُ فَيَجِبُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ

(وَصَاحِبُ الْجَبَائِرِ) جَمْعُ جَبِيرَةٍ وَهِيَ خَشَبَةٌ أَوْ نَحْوُهَا كَقَصَبَةٍ تُوضَعُ عَلَى الْكَسْرِ وَيُشَدُّ عَلَيْهَا لِيَنْجَبِرَ الْكَسْرُ يَمْسَحُ بِالْمَاءِ (عَلَيْهَا) حَيْثُ عَسِرَ نَزْعُهَا لِخَوْفِ مَحْذُورٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَكَذَا اللَّصُوقُ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالشُّقُوقُ الَّتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ سَلَامِهِ وَلَوْ نَاسِيًا، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ بِالسَّلَامِ. اهـ. حَجّ. وَأَقَرَّهُ ع ش. وَقَالَ م ر: يَسْجُدُ وَأَقَرَّهُ الْبَابِلِيُّ ب ر.

قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ النَّزْعُ) أَيْ إنْ عَلِمَ وَلَوْ بِإِعْلَامِهَا لَهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهَا، فَإِنْ كَذَّبَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ النَّزْعُ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ النَّزْعُ) وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُهَا بِالْمَاءِ إنْ رَآهُ اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةِ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاةٍ. قَوْلُهُ: (لِبُعْدِ ارْتِبَاطِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ) وَإِنْ كَانَ مَا انْتَهَى إلَيْهِ يَحْرُمُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُعْرِضٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ لَا مُسْتَمِرٌّ حَتَّى يَحْرُمَ الْوَقْفُ كَمَنْ أَجْنَبَ عِنْدَمَا يَحْرُمُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَقْفُ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ يَجِبُ. وَكَذَا الطَّوَافُ لِجَوَازِ تَفْرِيقِهِ. قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رَآهُ أَثْنَاءَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَتَمَّهَا؛ إذْ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (الَّذِي لَمْ يَنْوِ قَدْرًا) بِأَنْ أَطْلَقَ فِي نِيَّتِهِ وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ الَّذِي الْأَوَّلُ، وَفِي نُسْخَةٍ الَّتِي فَيَكُونُ صِفَةً لِلصَّلَاةِ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فِيهَا أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ قَدْرًا.

قَوْلُهُ: (رَكْعَتَيْنِ) مَفْعُولُ يُجَاوِزُ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَالْمُتَنَفِّلُ الْوَاجِدُ لِلْمَاءِ فِي صَلَاتِهِ إنْ نَوَى قَدْرًا أَتَمَّهُ، وَإِلَّا فَلَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ، وَخَرَجَ بِالْوَاجِدِ لِلْمَاءِ الْمُجَوِّزُ لَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ قِيَامِهِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَآهُ بَعْدَ نُهُوضِهِ لِنَحْوِ ثَالِثَةٍ أَتَمَّهَا، لَكِنْ قَالَ ق ل: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِهَا بِأَنْ لَمْ يَصِلْ إلَى مَحَلٍّ تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَوَى رَكْعَةً) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الَّذِي لَمْ يَنْوِ قَدْرًا، وَعَطْفُ قَوْلِهِ: أَوْ عَدَدًا عَلَى قَوْلِهِ: رَكْعَةً يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُقَالُ لَهُ عَدَدٌ، وَهُوَ طَرِيقَةُ الْحِسَابِ. وَذَكَرَ م ر فِي شَرْحِهِ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّ طَرِيقَةَ الْفُقَهَاءِ إطْلَاقُ الْعَدَدِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْوَاحِدَ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ) يُفْهَمُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ النَّقْصُ بِالنِّيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ) أَيْ مُطْلَقًا، وَلَا يَتَأَنَّى التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَوْ فَقْدُهُ، بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَإِذَا تَطَهَّرَ بَنَى عَلَى مَا مَضَى كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْحَجِّ.

قَوْلُهُ: (الرِّدَّةُ) وَلَوْ صُورَةً كَالْوَاقِعَةِ مِنْ الصَّبِيِّ، وَإِنَّمَا بَطَلَ التَّيَمُّمُ بِالرِّدَّةِ لِأَنَّهُ لِلِاسْتِبَاحَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ مَعَ الرِّدَّةِ. قَوْلُهُ:(بِخِلَافِ الْوُضُوءِ) أَيْ وُضُوءِ السَّلِيمِ وَكَذَا غُسْلُهُ، أَمَّا وُضُوءُ وَغُسْلُ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ فَكَالتَّيَمُّمِ فَيَبْطُلَانِ بِالرِّدَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ز ي.

[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَة]

قَوْلُهُ: (وَصَاحِبُ الْجَبَائِرِ) أَيْ أَوْ الْجَبِيرَةُ أَوْ اللَّامُ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ اج. وَالْجَبَائِرُ جَمْعُ جَبِيرَةٍ، وَالْجَبِيرَةُ فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَجْبُرُ، فَلِذَا لَحِقَتْهَا التَّاءُ كَفَقِيرٍ وَفَقِيرَةٍ؛ لِأَنَّ فَعِيلًا إذَا كَانَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ تَلْحَقُهُ التَّاءُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ كَجَرِيحٍ وَقَتِيلٍ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:

وَمِنْ فَعِيلٍ كَقَتِيلٍ إنْ تَبِعْ

مَوْصُوفَهُ غَالِبًا التَّا تَمْتَنِعْ

وَسُمِّيَتْ جَبِيرَةً تَفَاؤُلًا بِأَنَّهَا تَجْبُرُ. قَوْلُهُ: (وَيُشَدُّ عَلَيْهَا) أَيْ يَقَعُ الشَّدُّ عَلَيْهَا فَعَلَيْهَا نَائِبُ فَاعِلِ يُشَدُّ. وَقَوْلُهُ:

ص: 297

فِي الرِّجْلِ إذَا احْتَاجَ إلَى تَقْطِيرِ شَيْءٍ فِيهَا يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ، وَيَجِبُ مَسْحُ كُلِّهَا بِالْمَاءِ اسْتِعْمَالًا لَهُ مَا أَمْكَنَ بِخِلَافِ التُّرَابِ لَا يَجِبُ مَسْحُهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فَلَا يُؤَثِّرُ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ، وَلَا يُقَدَّرُ الْمَسْحُ بِمُدَّةٍ بَلْ لَهُ الِاسْتِدَامَةُ إلَى الِانْدِمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَأْقِيتٌ، وَلِأَنَّ السَّاتِرَ لَا يُنْزَعُ لِلْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ فِيهِمَا، وَيَمْسَحُ الْجُنُبُ وَنَحْوُهُ مَتَى شَاءَ وَالْمُحْدِثُ وَقْتَ غَسْلِ عَلِيلِهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي السَّاتِرِ لِيَكْفِيَ مَا ذُكِرَ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ الصَّحِيحِ إلَّا مَا لَا بُدَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِخَوْفٍ) إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ حَيْثُ عَسِرَ نَزْعُهَا، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ وَجَبَ النَّزْعُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ أَمْكَنَ غَسْلُ الْجُرْحِ أَوْ أَخَذَتْ بَعْضَ الصَّحِيحِ، أَوْ كَانَتْ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ، وَأَمْكَنَ مَسْحُ الْعَلِيلِ بِالتُّرَابِ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي وُجُوبِ النَّزْعِ. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (وَالشُّقُوقُ) أَيْ وَكَذَا الشُّقُوقُ فِي تَنْزِيلِ مَا يَدْخُلُ فِيهَا مِنْ الدُّهْنِ مَنْزِلَةَ الْجَبِيرَةِ حَتَّى يَجِبَ الْمَسْحُ عَلَى ظَاهِرِهِ بِالْمَاءِ لِمَنْعِ مَا قُطِّرَ فِيهَا مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (إذَا احْتَاجَ إلَى تَقْطِيرِ شَيْءٍ) أَيْ وَقَطَّرَ بِالْفِعْلِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّقْطِيرِ التَّقْطِيرُ بِالْفِعْلِ أَيْ: فَيَكُونُ هَذَا الشَّيْءُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَحْتَهُ جَبِيرَةً يَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُهَا، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَمَا قُطِّرَ فِي الشُّقُوقِ أَيْ إنْ أَخَذَ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ مَسْحُ كُلِّهَا) أَيْ الْجَبِيرَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ إنْ أَخَذْت مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا كَمَا يَأْتِي، وَلَا يَكْفِي مَسْحُ بَعْضِهَا ق ل. قَالَ حَجّ: كَانَ قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُ الزَّائِدِ عَلَى مَا أَخَذْته مِنْ الصَّحِيحِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَسْحَهَا إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْهُ لَا عَنْ مَحَلِّ الْجُرْحِ، لِأَنَّ بَدَلَهُ التَّيَمُّمُ لَا غَيْرُ فَوُجُوبُ مَسْحِ كُلِّهَا مُشْكِلٌ. إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تَجْدِيدَ ذَلِكَ لَمَّا شَقَّ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَأَوْجَبُوا الْكُلَّ احْتِيَاطًا، وَيَجِبُ مَسْحُ السَّاتِرِ، وَلَوْ كَانَ بِهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ مَاءِ الطَّهَارَةِ، وَمَسْحُهُ بَدَلٌ عَمَّا أَخَذَهُ مِنْ الصَّحِيحِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا أَوْ أَخَذَ شَيْئًا وَغَسَلَهُ لَمْ يَجِبْ مَسْحُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ. وَعِبَارَةُ ق ل: وَيُعْفَى عَنْ الدَّمِ الَّذِي عَلَيْهِ وَإِنْ اخْتَلَطَ بِمَاءِ الْمَسْحِ قَصْدًا لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ، وَتَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْمَسْحِ عَلَيْهِ وَلَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَرِئَ أَمْ لَا، كَانْقِلَاعِ الْخُفِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ رُفِعَ السَّاتِرُ لِتَوَهُّمِ الْبُرْءِ فَبَانَ خِلَافَهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ التُّرَابِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْجَبِيرَةَ لَوْ عَمَّتْ أَعْضَاءَ التَّيَمُّمِ سَقَطَ التَّيَمُّمُ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِمَسْحِهَا بِالتُّرَابِ فَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَيُعِيدُ فَاحْفَظْهُ مد.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ فِي مَحَلِّهِ) لَكِنْ يُسَنُّ سم.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُؤَثِّرُ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ) بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ مِنْ وَرَائِهِ فِي نَحْوِ مَسْحِ الْخُفِّ م ر.

قَوْلُهُ: (لَا يُنْزَعُ لِلْجَنَابَةِ) وَعَدَمُ نَزْعِهِ لِلْجَنَابَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْدِيرِ بِمُدَّةٍ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْخُفِّ فِيهِمَا) أَيْ عَدَمُ وُرُودِ التَّأْقِيتِ وَعَدَمُ النَّزْعِ لِلْجَنَابَةِ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِيهِ التَّأْقِيتُ وَيَجِبُ فِيهِ النَّزْعُ لِلْجَنَابَةِ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُ) كَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَذَاتِ وِلَادَةٍ. قَوْلُهُ: (مَتَى شَاءَ) أَيْ قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِيُزِيلَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَقْتَ غَسْلُ عَلِيلِهِ) وَلَهُ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ وَهُوَ أَوْلَى لِمَا ذُكِرَ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي السَّاتِرِ لِيَكْفِيَ مَا ذُكِرَ) أَيْ وَهُوَ الِاعْتِدَادُ بِالْمَسْحِ مَعَ عَدَمِ إعَادَةِ الصَّلَاةِ، فَمَتَى أُخِذَتْ بِقَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ وَوَضَعَهَا عَلَى طُهْرٍ، وَغَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْجَرِيحِ، وَمَسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ بِشَرْطِهِ صَحَّ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا اج. وَقَالَ ع ش: الْأَوْلَى يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ مَسْحِ السَّاتِرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا، نَعَمْ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ الصَّحِيحِ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ، لَكِنْ لَيْسَ الْكَلَامُ إلَّا فِي الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ. وَقَوْلُهُ: لِيَكْفِيَ مَا ذُكِرَ أَيْ الْمَسْحُ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ كَافٍ، وَإِنْ أُخِذَتْ مِنْ الصَّحِيحِ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَيُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ فِي صُورَةِ الْمَسْحِ عَلَى السَّاتِرِ أَيْ وَكَانَ يُؤَخِّرُ ذَلِكَ وَيَذْكُرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ: وَيُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي السَّاتِرِ لِيَكْفِيَ مَا ذُكِرَ مُقَدَّمٌ عَنْ مَحَلِّهِ وَحَيْثُ قَدَّمَهُ الشَّارِحُ، فَقَوْلُهُ لِيَكْفِيَ مَا ذُكِرَ أَيْ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ لِيَصِحَّ كَلَامُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(أَنْ لَا يَأْخُذَ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا كَمَا مَرَّ لَكَانَ أَوْلَى بَلْ هُوَ الصَّوَابُ، وَالتَّقْيِيدُ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ

ص: 298

مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ، وَيَجِبُ غُسْلُ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَاعْتُبِرَ الْإِتْيَانُ فِيهَا بِأَقْصَى الْمُمْكِنِ (وَيَتَيَمَّمُ) وُجُوبًا لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ كُلُّ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ عَنْ جَابِرٍ فِي الْمَشْجُوجِ الَّذِي احْتَلَمَ وَاغْتَسَلَ فَدَخَلَ الْمَاءُ شَجَّتَهُ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ عَلَى رَأْسِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» وَالتَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعُضْوِ الْعَلِيلِ، وَمَسْحُ السَّاتِرِ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَ أَطْرَافِهِ مِنْ الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّاتِرُ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ فَقَطْ أَوْ بِأَزْيَدَ وَغَسَلَ الزَّائِدَ كُلَّهُ لَا يَجِبُ الْمَسْحُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِطْلَاقُهُمْ وُجُوبَ الْمَسْحِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى مَحَلِّ الْعِلَّةِ، وَالْفَصْدُ كَالْجُرْحِ الَّذِي يُخَافُ مِنْ غَسْلِهِ مَا مَرَّ، فَيَتَيَمَّمُ لَهُ إنْ خَافَ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ، وَعِصَابَتُهُ كَاللَّصُوقِ، وَلِمَا بَيْنَ حَبَّاتِ الْجُدَرِيِّ حُكْمُ الْعُضْوِ الْجَرِيحِ إنْ خَافَ مِنْ غَسْلِهِ مَا مَرَّ

وَإِذَا ظَهَرَ دَمُ الْفَصَادَةِ مِنْ اللَّصُوقِ وَشَقَّ عَلَيْهِ نَزْعُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ مَسْحُهُ وَيُعْفَى عَنْ هَذَا الدَّمِ الْمُخْتَلِطِ بِالْمَاءِ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ عَلَى دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ كَوُجُوبِ تَنَحْنُحِ مُصَلِّي الْفَرْضِ حَيْثُ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ

وَإِذَا تَيَمَّمَ الَّذِي غَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْبَاقِي وَأَدَّى فَرِيضَةً لِفَرْضٍ ثَانٍ وَثَالِثٍ وَهَكَذَا، وَلَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ طَهَارَتِهِ الْأُولَى لَمْ يُعِدْ الْجُنُبُ وَنَحْوُهُ غَسْلًا لِمَا غَسَلَهُ، وَلَا مَسْحًا لِمَا مَسَحَهُ، وَالْمُحْدِثُ كَالْجُنُبِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ غَسْلِ مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَوْ بَطَلَتْ طَهَارَةُ الْعَلِيلِ، وَطَهَارَةُ الْعَلِيلِ بَاقِيَةٌ؛ إذْ يَتَنَفَّلُ بِهَا، وَإِنَّمَا يُعِيدُ التَّيَمُّمَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِعَدَمِ الْإِعَادَةِ كَمَا يَأْتِي ق ل.

قَوْلُهُ: (بِأَقْصَى الْمُمْكِنِ) لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْأَقْصَى، بَلْ هُوَ مُضِرٌّ لِلْمُتَأَمِّلِ؛ لِأَنَّ الْمُمْكِنَ لَيْسَ مَقُولًا بِالتَّشْكِيكِ. اهـ. ق ل. بِزِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (وُجُوبًا) عَائِدٌ لِيَمْسَحَ وَيَغْسِلَ وَيَتَيَمَّمَ بِدَلِيلِ الدَّلِيلِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِهِ فَتَأَمَّلْ ق ل.

قَوْلُهُ: (لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِلثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ التَّيَمُّمُ وَالْمَسْحُ وَالْغَسْلُ اهـ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَمْسَحُ) بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا أَيْ أَخَذَتْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا أَمْ لَمْ تَأْخُذْ، مَعَ أَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهَا إلَّا إذَا أَخَذَتْ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْخِطَابَاتِ الْوَاقِعَةَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْغَالِبِ، وَالْغَالِبُ الْأَخْذُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ.

قَوْلُهُ: (مَا تَحْتَ أَطْرَافِهِ) أَيْ السَّاتِرِ.

قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ وَمَسَحَ كُلَّ السَّاتِرِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لَا يَجِبُ) الْأَوْلَى لَمْ يَجِبْ لِيُطَابِقَ جَوَابَ لَوْ شَرَطَهَا فِي الْمُضِيِّ. قَوْلُهُ: (وَالْفَصْدُ) أَيْ وَمَحَلُّ الْفَصْدِ.

قَوْلُهُ: (وَعِصَابَتُهُ كَاللَّصُوقِ) فَيُقَالُ فِيهَا: يَجِبُ مَسْحُهَا بِالْمَاءِ بَدَلًا عَمَّا أَخَذَتْهُ حَيْثُ كَانَ بِقَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ، وَلَا قَضَاءَ إنْ وُضِعَ عَلَى طُهْرٍ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(وَلِمَا بَيْنَ) إلَخْ. مَعْلُومٌ أَنَّ مَا بَيْنَ الْحَبَّاتِ صَحِيحٌ، لَكِنْ إذَا خَافَ مِنْ غَسْلِهِ مَحْذُورًا تَيَمَّمَ كَفَى التَّيَمُّمُ عَنْهُ وَعَنْ الْحَبَّاتِ، فَإِنْ وَضَعَ عَلَيْهِ سَاتِرًا مَسَحَهُ بِالْمَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَلِمَا بَيْنَ) إلَخْ أَيْ وَهُنَاكَ سَاتِرٌ؛ إذْ مَا لَا سَاتِرَ عَلَيْهِ سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (مِنْ اللَّصُوقِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: مِنْ الْعِصَابَةِ.

قَوْلُهُ: (نَزَعَهُ) أَيْ اللَّصُوقَ. قَوْلُهُ: (مَسَحَهُ) أَيْ اللَّصُوقَ.

قَوْلُهُ: (وَيُعْفَى عَنْ هَذَا الدَّمِ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَمِ حَلْقِ الرَّأْسِ إذَا اخْتَلَطَ بِأَجْنَبِيٍّ، وَهُوَ مَاءُ الْحَلْقِ الثَّانِي بِأَنَّ هَذَا مَاءُ طَهَارَةٍ فَاغْتُفِرَ بِخِلَافِ ذَاكَ.

قَوْلُهُ: (لِمَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ) وَهُوَ مَسْحُ اللَّصُوقِ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ بَيَانِيَّةٌ وَقَوْلُهُ عَلَى دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ وَهُوَ تَنْجِيسُ الْمَحَلِّ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ خُولِفَ هُنَا احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ مَعَ أَنَّ جِنْسَ الدَّمِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا تَيَمَّمَ) أَيْ وَمَسَحَ السَّاتِرَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (لِفَرْضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: تَيَمَّمَ الْأَوَّلُ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَرْضٍ آخَرَ وَلَمْ يُحْدِثْ لَمْ يُعِدْ غَسْلًا وَلَا مَسْحًا.

قَوْلُهُ: (لَمْ يُعِدْ الْجُنُبُ وَنَحْوُهُ) كَائِنٌ. قَوْلُهُ: (وَالْمُحْدِثُ إلَخْ) أَيْ ابْتِدَاءً الَّذِي فَعَلَ هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ، أَنَّهُ أَحْدَثَ بَعْدَ فِعْلِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، إذْ هَذِهِ الصُّورَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَهَا فَتَأَمَّلْ. وَفَصْلُهُ عَنْ الْجُنُبِ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُمَا وَاحِدًا لَعَلَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ كَثِيرًا مَا يُرَاعِي مَتْنَ الْمِنْهَاجِ وَهُوَ يَحْكِي الْخِلَافَ. قَوْلُهُ:(مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ) وَكَذَا مَا قَبْلَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِلْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَهَّمُ وُجُوبَ إعَادَتِهِ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ؛

ص: 299

لِضَعْفِهِ عَنْ أَدَاءِ فَرْضٍ ثَانٍ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ لُمْعَةً فَإِنَّ طَهَارَةَ ذَلِكَ الْعُضْوِ لَمْ تَحْصُلْ.

وَإِذَا امْتَنَعَ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي عُضْوٍ مِنْ مَحَلِّ الطَّهَارَةِ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ جُرْحٍ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَاتِرٌ وَجَبَ التَّيَمُّمُ لِئَلَّا يَبْقَى مَوْضِعُ الْعِلَّةِ بِلَا طَهَارَةٍ، فَيُمِرُّ التُّرَابَ مَا أَمْكَنَ عَلَى مَوْضِعِ الْعِلَّةِ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ، وَيَجِبُ غَسْلُ الصَّحِيحِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي رِوَايَةٍ لَهُمَا:" أَنَّهُ غَسَلَ مَعَاطِفَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ ". قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ غَسَلَ مَا أَمْكَنَهُ وَتَوَضَّأَ وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي، وَيَتَلَطَّفُ فِي غَسْلِ الصَّحِيحِ الْمُجَاوِرِ لِلْعَلِيلِ فَيَضَعُ خِرْقَةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي يَدَيْهِ وَتَيَمَّمَ لِفَرْضٍ آخَرَ وَلَمْ يُحْدِثْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يُعِيدُ مَسْحَ الرَّأْسِ وَغَسْلَ الرِّجْلَيْنِ مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يُعِيدُ التَّيَمُّمَ) مِنْ وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ، وَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مُتَعَدِّدًا كَمَا إذَا كَانَ فِي وَجْهِهِ جِرَاحَةٌ وَفِي يَدَيْهِ، وَفِي رِجْلَيْهِ وَعَمَّتْ رَأْسُهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَرْبَعُ تَيَمُّمَاتٍ، فَإِذَا أَرَادَ فَرْضًا آخَرَ تَيَمَّمَ تَيَمُّمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ التَّعَدُّدِ أَوَّلًا مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّرْتِيبُ الْآنَ سَاقِطٌ فَاحْفَظْهُ اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ لُمْعَةً) فَإِنَّهُ يَغْسِلُهَا وَيُعِيدُ غَسْلَ مَا بَعْدَهَا وَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ غَسْلِ مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا امْتَنَعَ وُجُوبُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ أَوْ نَدْبِهِ، وَإِنْ حَصَلَ بِهِ ضَرَرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَيْفُ يُجَامِعُ جَوَازُ الْمَاءِ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ وُجُوبِ قَوْلِهِ الْآتِي وَجَبَ التَّيَمُّمُ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ إلَخْ أَيْ حَرُمَ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْوُجُوبِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ ق ل. وَانْظُرْ هَلْ يَحْرُمُ الِاسْتِعْمَالُ عِنْدَ خَوْفِ بُطْءِ الْبُرْءِ الْقِيَاسُ الْحُرْمَةُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ م ر حَيْثُ قَالَ: وَيَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِهِ تَحْرِيمَهُ عِنْدَ غَلَبَةِ حُصُولِ الْمَحْذُورِ بِالطَّرِيقِ الشَّامِلِ لِبُطْءِ الْبُرْءِ. اهـ. .

قَوْلُهُ: (وَجَبَ التَّيَمُّمُ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَجَبَ تَيَمُّمٌ، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمِنْهَاجِ كَالشَّارِحِ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَعَرَّفَ التَّيَمُّمَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ إشَارَةً لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُمِرُّ التُّرَابَ عَلَى الْمَحَلِّ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالتَّيَمُّمِ إمْرَارَ التُّرَابِ عَلَى الْمَحَلِّ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ) أَيْ مَوْضِعُ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) عِبَارَةُ م ر لِمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: احْتَلَمْت فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَأَشْفَقْت أَيْ خِفْت أَنْ أَغْتَسِلَ فَأَهْلِكَ فَتَيَمَّمْت وَصَلَّيْت بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «يَا عَمْرُو صَلَّيْت بِأَصْحَابِك وَأَنْتَ جُنُبٌ فَأَخْبَرْتُهُ الَّذِي مَنَعَنِي مِنْ الِاغْتِسَالِ وَقُلْت: إنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فَضَحِكَ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا» . اهـ قَالَ حَجّ، قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرٍو: صَلَّيْت صَرِيحٌ فِي تَقْرِيرِهِ عَلَى إمَامَتِهِ، فَإِنْ قِيلَ بِلُزُومِ الْإِعَادَةِ أَشْكَلَ بِأَنَّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ أَوْ بِعَدَمِ لُزُومِهَا أَشْكَلَ بِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لِلْبَرْدِ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ صِحَّةَ صَلَاتِهِ، وَأَمَّا صِحَّةُ صَلَاتِهِمْ خَلْفَهُ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمِلَةٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ حَالَةَ الِاقْتِدَاءِ، فَجَازَ اقْتِدَاؤُهُمْ لِذَلِكَ. وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ الْعَاصِ يَعْرِفُ الْحُكْمَ، أَيْ أَنَّهُ أَخَّرَ الْأَمْرَ إلَى وُجُودِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ.

قَوْلُهُ: (وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ) وَكَانَ جُنُبًا وَتَيَمَّمَ لِلْبَرْدِ وَصَلَّى إمَامًا.

قَوْلُهُ: (قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ إلَّا بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ أَنَّ هُنَاكَ تَيَمُّمًا أَيْضًا، وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا تَيَمُّمَ أَصْلًا، فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِهِ؟ وَهَذَا تَيَمُّمٌ لِلْبَرْدِ أَيْ وَالْبَرْدُ كَالْمَرَضِ وَالْجُرْحِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ. قَوْلُهُ:(وَيَتَلَطَّفُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولُ أَيْ يَتَرَفَّقُ. وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي وَيَتَحَامَلُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَلَطَّفُ وُجُوبًا إنْ أَدَّى تَرْكُ التَّلَطُّفِ إلَى دُخُولِ الْمَاءِ إلَى الْجِرَاحَةِ. وَقَدْ أَخْبَرَهُ الطَّبِيبُ بِضَرَرِ الْمَاءِ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا كَمَا ذَكَرَهُ ع ش. فَإِنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ، وَأَمْكَنَهُ مَسُّ الْمَاءِ بِلَا إفَاضَةٍ وَجَبَ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا مَسْحُهُ بِالْمَاءِ فَلَا يَجِبُ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْغَسْلِ. وَقَوْلُهُ: وَجَبَ أَيْ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه: أَمِسُّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ وَلَا يَكْفِي مَسْحُهُ بِالْمَاءِ، وَمَا قِيلَ

ص: 300

مَبْلُولَةً بِقُرْبِهِ، وَيَتَحَامَلُ عَلَيْهَا لِيَغْسِلَ بِالْمُتَقَاطِرِ مِنْهَا مَا حَوَالَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسِيلَ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ اسْتَعَانَ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَقْضِي

وَلَوْ جُرِحَ عُضْوَا الْمُحْدِثِ أَوْ امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِيهِمَا لِغَيْرِ جِرَاحَةٍ فَيَجِبُ تَيَمُّمَانِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ اشْتِرَاطُ التَّيَمُّمِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ لِتَعَدُّدِ الْعَلِيلِ، وَكُلٌّ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ وَاحِدَةٍ كَعُضْوٍ، فَإِنْ كَانَ فِي أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ جِرَاحَةٌ، وَلَمْ تَعُمَّهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثِ تَيَمُّمَاتٍ: الْأَوَّلُ لِلْوَجْهِ، وَالثَّانِي لِلْيَدَيْنِ، وَالثَّالِثُ لِلرِّجْلَيْنِ، وَالرَّأْسُ يَكْفِي فِيهِ مَسْحُ مَا قَلَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ عَمَّتْ الرَّأْسَ فَأَرْبَعَةٌ وَإِنْ عَمَّتْ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا فَتَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْجَمِيعِ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغُسْلِ

(وَيُصَلِّي) صَاحِبُ الْجَبِيرَةِ إذَا مَسَحَ عَلَيْهَا وَغَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ (وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ وَضَعَهَا عَلَى طُهْرٍ) لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْمَسْحِ عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

إنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: مَسْحُهُ بِمَاءٍ فَهُوَ خَطَأٌ وَتَحْرِيفٌ فِي عِبَارَةِ الْإِمَامِ السَّابِقَةِ، وَفَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِمَسْحِ الْجَبِيرَةِ عَنْهُ لِأَنَّ مَسْحَهَا بَدَلٌ عَنْ غَسْلِهِ وَمَا هُنَا أَصْلٌ، وَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ أَقْوَى.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ غَسْلُ الصَّحِيحِ وَلَا يَجِبُ نَزْعُ سَاتِرٍ خَفِيفٍ مِنْ نَزَعَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ النَّزْعُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ جُرِحَ عُضْوَا الْمُحْدِثِ) بِالتَّثْنِيَةِ أَصْلُهُ عُضْوَانِ لِلْمُحْدِثِ حُذِفَتْ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ وَاللَّامُ لِلتَّخْفِيفِ، وَالْأَلْفُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فَهُوَ مَرْفُوعٌ بِالْأَلِفِ الْمَحْذُوفَةِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ عَلَى النِّيَابَةِ عَنْ الْفَاعِلِ لِجُرِحَ أَيْ: مَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ وَهُنَا فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي عُضْوَيْنِ. قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ فِي بَعْضِهِمَا لَا فِي كُلِّهِمَا، وَإِلَّا وَجَبَ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(فَيَجِبُ تَيَمُّمَانِ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ عَمَّتِهِمَا، وَكَانَا غَيْرَ مُتَوَالِيَيْنِ كَالْوَجْهِ وَالرِّجْلِ، أَمَّا إذَا عَمَّتْهُمَا وَكَانَا مُتَوَالِيَيْنِ فَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ:(لِتَعَدُّدِ الْعَلِيلِ) كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ وَالْيَدَيْنِ، وَكَذَا لَوْ عَمَّتْ الْوَجْهَ وَبَعْضَ الْيَدَيْنِ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ مَتَى وَجَبَ التَّرْتِيبُ تَعَدَّدَ التَّيَمُّمُ وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: (وَكُلٌّ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إلَخْ) فَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ تَيَمَّمَ عَنْ الْوَجْهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ إلَى يَدَيْهِ ثُمَّ تَيَمَّمَ عَنْ يَدَيْهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ لِمَسْحِ الرَّأْسِ اهـ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ وَاحِدَةٍ إلَخْ) . فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَغَسَلَ صَحِيحَ الْوَجْهِ أَوَّلًا جَازَ تُوَالِي تَيَمُّمِهِمَا فَلِمَ لَا يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ كَمَنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ أَعْضَاءَهُ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا فِي طُهْرٍ تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ فَلَوْ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ حَصَلَ تَطْهِيرُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغَسْلِ ز ي وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (فَأَرْبَعَةٌ) وَلَا بُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنْ نِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا تَكْرِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ قَالَهُ ع ش عَلَى م ر. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ فَأَرْبَعَةٌ أَيْ فِي الطَّهَارَةِ الْأُولَى، فَلَوْ صَلَّى فَرْضًا، وَلَمْ يُحْدِثْ، وَأَرَادَ آخَرَ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ:(لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغَسْلِ) أَيْ وَغَسَلَ الصَّحِيحَ، فَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرُ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَ مَحَالُّ الْعِلَّةِ وَتَعَدَّدَتْ الْجَبَائِرُ؛ إذْ لَا تَرْتِيبَ فِي طُهْرِهِ سم. حَادِثَةٌ: تَقَعُ كَثِيرًا تَتَعَلَّقُ بِالْحِمَّصَةِ الَّتِي تُوضَعُ فِي الذِّرَاعِ مَثَلًا بَعْدَ الْكَيِّ. وَحُكْمُهَا: أَنَّهُ إنْ قَامَ غَيْرُهَا مَقَامَهَا فِي مُدَاوَاةِ الْجُرْحِ لَمْ يُعْفَ عَنْهَا، فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ مَعَهَا، وَلَا يَضُرُّ انْتِفَاخُهَا فِي الْمَحَلِّ مَا دَامَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَيْهَا، وَبَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ يَجِبُ نَزْعُهَا، فَإِنْ تَرَكَهُ بِلَا عُذْرٍ ضَرَّ، وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ. اهـ. ع ش فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ وَضْعُهَا عَلَى طُهْرٍ) أَيْ كَامِلٍ مِنْ الْحَدَثَيْنِ كَالْخُفِّ لَا طُهْرِ الْعُضْوِ وَحْدَهُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى طُهْرٍ أَيْ: وَلَمْ يَسْهُلْ نَزْعُهَا وَكَانَتْ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ، وَلَمْ تَأْخُذْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ، فَعَدَمُ الْإِعَادَةِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَرْبَعَةٍ. فَإِنْ وُضِعَتْ عَلَى حَدَثٍ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ: مَا إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَلَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْجَبِيرَةَ إنْ كَانَتْ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا فَلَا إعَادَةَ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَخَذَتْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَخَذَتْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ

ص: 301

الْخُفِّ لِلضَّرُورَةِ هُنَا، هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْجَبِيرَةُ عَلَى مَحَلِّ التَّيَمُّمِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْقَضَاءُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: بِلَا خِلَافٍ لِنُقْصَانِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ جَمِيعًا، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ كَالرَّافِعِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَالَ: وَإِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ انْتَهَى. وَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَوْجَهُ لِمَا ذُكِرَ

وَإِنْ وَضَعَهَا عَلَى حَدَثٍ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ أَوْ فِي غَيْرِهَا مِنْ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ وَجَبَ نَزْعُهَا إنْ أَمْكَنَ بِلَا ضَرَرٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ؛ لِأَنَّهُ مَسْحٌ عَلَى سَاتِرٍ، فَاشْتَرَطَ فِيهِ الْوَضْعَ عَلَى طُهْرٍ كَالْخُفِّ، فَإِنْ تَعَذَّرَ نَزْعُهُ وَمَسَحَ وَصَلَّى قَضَى لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَضْعِ عَلَى طَهَارَةٍ فَانْتَفَى نَهْجُهُ حِينَئِذٍ بِالْخُفِّ وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ إنْ أَمْكَنَهُ النَّزْعُ وَلَمْ يَفْعَلْ، وَكَانَ وَضَعَهَا عَلَى طُهْرٍ.

وَلَوْ تَيَمَّمَ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ ثُمَّ أَحْدَثَ حَدَثًا أَصْغَرَ انْتَقَضَ طُهْرُهُ الْأَصْغَرُ لَا الْأَكْبَرُ، كَمَا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ غُسْلِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ، وَيَسْتَمِرُّ تَيَمُّمُهُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ بِلَا مَانِعٍ، فَلَوْ وَجَدَ خَابِيَةَ مَاءٍ مُسَبَّلٍ تَيَمَّمَ، وَلَا يَجُوزُ الطُّهْرُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا وُضِعَتْ لِشُرْبٍ نَظَرًا لِلْغَالِبِ وَلَمْ يَقْضِ صَلَاتَهُ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ بِحَضْرَةِ مَاءٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِعَطَشٍ وَصَلَّى بِهِ

وَلَوْ نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ أَوْ أَضَلَّهُ فِيهِ فَلَمْ يَجِدْهُ بَعْدَ إمْعَانِ الطَّلَبِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلِاسْتِمْسَاكِ فَإِنْ وَضَعَهَا عَلَى طُهْرٍ، وَلَمْ يَسْهُلْ نَزْعُهَا فَلَا قَضَاءَ، وَإِلَّا بِأَنْ وَضَعَهَا عَلَى حَدَثٍ أَوْ سَهُلَ النَّزْعُ وَجَبَ الْقَضَاءُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فَقَالَ:

فَلَا تَعْدُو السِّتْرَ قَدْرَ الْعِلَّةِ

أَوْ قَدْرَ الِاسْتِمْسَاكِ فِي الطَّهَارَةِ

وَإِنْ يَزِدْ عَنْ قَدْرٍ فَأَعِدْ

أَوْ مُطْلَقًا وَهُوَ بِوَجْهِ أَوْ يَدِ

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ. لِأَنَّهُ أَيْ عَدَمَ الْإِعَادَةِ أَوْلَى إلَخْ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مَحَلِّ التَّيَمُّمِ) أَيْ فِي الْوَجْهِ أَوْ الْيَدَيْنِ.

قَوْلُهُ: (لِنُقْصَانِ الْبَدَلِ) وَهُوَ التَّيَمُّمُ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَمُرُّ عَلَى جَمِيعِ الْعُضْوِ لِوُجُودِ السَّاتِرِ الْمَانِعِ مِنْ وُصُولِهِ: وَقَوْلُهُ: (وَالْمُبْدَلُ مِنْهُ) أَيْ: وَهُوَ الطُّهْرُ بِالْمَاءِ.

قَوْلُهُ: (يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْجَبِيرَةِ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ أَوْ فِي غَيْرِهَا، وَهَذَا الْإِطْلَاقُ ضَعِيفٌ. وَالْمُعْتَمَدُ التَّفْصِيلُ فَقَوْلُهُ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَوْجَهُ مُعْتَمَدٌ. وَقَوْلُهُ:(لِمَا ذُكِرَ) أَيْ لِنَقْصِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَضَعَهَا عَلَى حَدَثٍ إلَخْ) مَفْهُومُ الْمَتْنِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ) لَوْ قَالَ مِنْ أَعْضَاءِ الْبَدَنِ أَوْ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَجَبَ نَزْعُهَا إلَخْ) أَيْ إنْ أَخَذَتْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا أَوْ كَانَتْ بِأَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ، وَإِنْ لَمْ تَأْخُذْ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ الْمَعْلُومَ مِنْ الْمَقَامِ، قَوْلُهُ:(لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَضْعِ) بِالْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ أَيْ: شَرْطٌ هُوَ الْوَضْعُ م د. وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِلْبَيَانِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ الْبَيَانِيَّةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ كَخَاتَمِ حَدِيدٍ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ إنْ أَمْكَنَهُ النَّزْعُ) أَيْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْمَسْحِ أَيْ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْغَسْلُ وَحِينَئِذٍ فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَفِي تَسْمِيَتِهِ قَضَاءً تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ الْأُولَى لَمْ تَصِحَّ حِينَئِذٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَالَ م د. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ صِحَّةُ التَّيَمُّمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ وَجَبَ الْقَضَاءُ لِفَسَادِ تَيَمُّمِهِ حَيْثُ وَجَبَ النَّزْعُ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ وَضْعُهَا عَلَى طُهْرٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَضَعَهَا عَلَى حَدَثٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَيْضًا بِالْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (نَظَرًا لِلْغَالِبِ) عُلِمَ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ فِي الْمَنْعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَحْقِيقِ كَوْنِهِ لِلشُّرْبِ. قَالَ م ر: وَأَمَّا الصَّهَارِيجُ الْمُسَبَّلَةُ لِلشُّرْبِ، فَالْوُضُوءُ مِنْهَا حَرَامٌ لِقَصْرِ الْوَاقِفِ لَهَا عَلَى الشُّرْبِ، أَوْ لِلِانْتِفَاعِ فَيَجُوزُ مِنْهَا الْوُضُوءُ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ شَكَّ فِيهَا اجْتَنَبَ الْوُضُوءَ مِنْهَا قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْخَابِيَةِ وَالصِّهْرِيجِ، فَإِنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ فِي الْخَوَابِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الشُّرْبِ بِخِلَافِ الصَّهَارِيجِ، وَالْأَوْجَهُ تَحْكِيمُ الْعُرْفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَالِ.

قَوْلُهُ: (وَصَلَّى بِهِ) أَيْ بِتَيَمُّمِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَسِيَ الْمَاءَ إلَخْ) الْمَاءُ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ إضْلَالُ ثَمَنِ الْمَاءِ وَنِسْيَانُ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ وَإِضْلَالُهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا الشَّارِحُ عَدَمَ الْإِعَادَةِ مُتَمِّمَةٌ، وَمُنَاسِبَةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ فِي الْجَبِيرَةِ وَلَا إعَادَةَ وَمَا فِيهِ الْإِعَادَةُ فَهُوَ اسْتِطْرَادِيٌّ. قَوْلُهُ:(أَوْ أَضَلَّهُ فِيهِ) أَيْ تَسَبَّبَ فِي ضَيَاعِهِ فِيهِ، وَفِي الْمُخْتَارِ وَأَضَلَّهُ أَضَاعَهُ وَأَهْلَكَهُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَضْلَلْت بَعِيرِي إذَا

ص: 302

وَتَيَمَّمَ فِي الْحَالَيْنِ وَصَلَّى، ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي النِّسْيَانِ، وَوَجَدَهُ فِي الْإِضْلَالِ قَضَى لِأَنَّهُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَاجِدٌ لِلْمَاءِ، لَكِنَّهُ قَصَرَ فِي الْوُقُوفِ عَلَيْهِ فَيَقْضِي كَمَا لَوْ نَسِيَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ عُذْرٌ نَادِرٌ لَا يَدُومُ، وَلَوْ أَضَلَّ رَحْلَهُ فِي رِحَالٍ بِسَبَبِ ظُلْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَتَيَمَّمَ، وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ، وَفِيهِ الْمَاءُ، فَإِنْ لَمْ يُمْعِنْ فِي الطَّلَبِ قَضَى لِتَقْصِيرِهِ، وَإِنْ أَمْعَنَ فِيهِ فَلَا قَضَاءَ؛ إذْ لَا مَاءَ مَعَهُ حَالَ التَّيَمُّمِ وَفَارَقَ إضْلَالَهُ فِي رَحْلِهِ بِأَنْ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ فَلَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا، وَلَوْ أَدْرَجَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِبِئْرٍ خَفِيَّةٍ هُنَاكَ، فَلَا إعَادَةَ. وَلَوْ تَيَمَّمَ لِإِضْلَالِهِ عَنْ الْقَافِلَةِ أَوْ عَنْ الْمَاءِ أَوْ لِغَصْبِ مَائِهِ فَلَا إعَادَةَ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

. فُرُوعٌ: لَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدِ وَتَنَظُّفِ وَتَحَيُّرِ مُجْتَهِدٍ لَمْ يَعْصِ لِلْعُذْرِ، أَوْ أَتْلَفَهُ عَبَثًا فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ عَصَى لِتَفْرِيطِهِ بِإِتْلَافِهِ مَاءً تَعَيَّنَ لِلطَّهَارَةِ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إذَا تَيَمَّمَ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ، وَهُوَ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ، أَمَّا إذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا يَعْصِي مِنْ حَيْثُ إتْلَافُ مَاءِ الطَّهَارَةِ، وَإِنْ كَانَ يَعْصِي مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بِلَا غَرَضٍ، وَلَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

ذَهَبَ مِنْك، وَضَلَلْت الْمَسْجِدَ وَالدَّارَ إذَا لَمْ تَعْرِفْ مَوْضِعَهُمَا، وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ مُقِيمٍ لَا يُهْتَدَى لَهُ، فَعَلَى هَذَا يُقْرَأُ رَحْلُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مَا لَوْ أَضَلَّ رَحْلَهُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ إمَّعَانِ الطَّلَبِ) فَيَقْضِي إذَا لَمْ يُمْعِنْ فِي الطَّلَبِ بِالْأَوْلَى ق ل.

قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ قَصْرٌ فِي الْوُقُوفِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ أُدْرِجَ لَهُ مَاءٌ فِي رَحْلِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ أَوْ وَرِثَهُ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إذَا تَيَمَّمَ بَعْدَ الطَّلَبِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا مَعَهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ شَيْخُنَا. وَقَوْلُهُ: لَكِنَّهُ قَصَّرَ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِوُجُودِ الْمَاءِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا مَعَهُ. وَنِسْبَتُهُ فِي إهْمَالِهِ حَتَّى نَسِيَهُ أَوْ أَضَلَّهُ إلَى تَقْصِيرِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَوْ حُكْمًا) أَيْ فِيمَا إذَا نَسِيَ ثَمَنَهُ أَوْ آلَتَهُ.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ نَسِيَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ) أَيْ فَصَلَّى عُرْيَانًا ثُمَّ تَذَكَّرَهَا وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ حَدِيثِ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» كَمَا اسْتَثْنَى مِنْهُ غَرَامَةَ الْمُتْلَفِ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (وَفِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَالشَّخْصُ فِي الثَّانِيَةِ عُذْرٌ نَادِرٌ أَيْ ذُو عُذْرٍ نَادِرٍ، وَالْعُذْرُ النَّادِرُ إذَا وَقَعَ لَا يَدُومُ. وَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْإِعَادَةُ بِخِلَافِ الْعُذْرِ الْعَامِّ إذَا وَقَعَ دَامَ فَلَا إعَادَةَ.

قَوْلُهُ: (بِأَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَفْتُوحَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمُخَيَّمُ الرُّفْقَةِ أَيْ خِيَامُهُمْ، وَالْخِيَامُ لَيْسَ قَيْدًا لِأَنَّ الْحُكْمَ عَامٌّ، وَفِيهِ أَنَّ مُخَيَّمَ بِمَعْنَى الْخِيَامِ لَمْ نَجِدْهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَلَا فِي الْمُخْتَارِ وَلَا فِي الْقَامُوسِ.

قَوْلُهُ: (أَوْسَعَ مِنْ مُخَيَّمِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اتَّسَعَ مُخَيَّمُهُ كَمَا فِي مُخَيَّمِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ كَانَ كَمُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ أَيْ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الِاتِّسَاعِ وَعَدَمِهِ الِاتِّسَاعُ بِالْفِعْلِ لَا الشَّأْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (لِإِضْلَالِهِ) بِأَنْ تَاهَ عَنْهَا.

قَوْلُهُ: (وَفُرُوعٌ) هِيَ خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ: إتْلَافُ الْمَاءِ. الثَّانِي: التَّصَرُّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ. الثَّالِثُ: مُرُورُهُ بِهِ الرَّابِعُ: تَعَارُضُ حَاجَةِ الْعَطْشَانِ وَحَاجَةِ الْمَيِّتِ، وَالْمَاءُ تَرِكَةُ الْمَيِّتِ. الْخَامِسُ: الْإِيصَاءُ، وَهَذِهِ الْفُرُوعُ مُنَاسِبَةٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمَاتِنِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ جِهَةِ الْكَلَامِ عَلَى الْإِعَادَةِ تَارَةً وَعَدَمِ الْإِعَادَةِ تَارَةً أُخْرَى.

قَوْلُهُ: (لَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ) هَذَا هُوَ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ وَصُوَرُهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُتْلِفَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِغَرَضٍ أَوْ لَا بِأَنْ كَانَ عَبَثًا وَلَا إعَادَةَ فِي الصُّوَرِ السِّتَّةِ وَيَعْصِي فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا، وَهِيَ مَا إذَا أَتْلَفَهُ فِي الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ عَبَثًا.

قَوْلُهُ: (فِي الْوَقْتِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا فِي م ر. وَقَوْلُهُ لِغَرَضٍ أَيْ دُنْيَوِيٍّ أَوْ دِينِيٍّ، وَمِثْلُ الْأَوَّلِ بِمِثَالَيْنِ وَهُمَا التَّبَرُّدُ وَالتَّنَظُّفُ، وَمِثْلُ الثَّانِي بِمِثَالٍ وَاحِدٍ وَهُوَ تَحَيُّرُ الْمُجْتَهِدِ أَيْ بِأَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَاءَانِ طَهُورُهُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ:(وَتَحَيُّرِ مُجْتَهِدٍ) أَيْ فِي الْمَاءِ فَلَمْ يَدْرِ الطَّهُورَ مِنْ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَ الْمَاءَيْنِ لِصِحَّةِ تَيَمُّمِهِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ وُجُودِ مَاءٍ مَعَهُ.

قَوْلُهُ: (لِلْعُذْرِ) وَيُصَوَّرُ بِمَا إذَا كَانَ عَدَمُ التَّبَرُّدِ وَالتَّنَظُّفِ يَضُرُّهُ فَيُقَدِّمُهُمَا عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا، وَهُوَ التَّيَمُّمُ تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ:(أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ عَبَثًا أَيْضًا. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ مَتَى كَانَ عَبَثًا عَصَى سَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ، فَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْوَقْتِ الْوَاقِعِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَبَثًا، وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْوَقْتُ الْأَدَائِيُّ كَمَا يُعْلَمُ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ خُرُوجِهِ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ)

ص: 303

إعَادَةٍ أَيْضًا لِمَا مَرَّ. وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ فِي الْوَقْتِ بِلَا حَاجَةٍ لَهُ وَلَا لِلْمُشْتَرِي أَوْ الْمُتَّهِبِ كَعَطَشٍ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا لِتَعَيُّنِهِ لِلطُّهْرِ، وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ هِبَةِ مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ، أَوْ دُيُونٌ فَوَهَبَ مَا يَمْلِكُهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَقَضَى تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي فَوَّتَ الْمَاءَ فِي وَقْتِهَا لِتَقْصِيرِهِ دُونَ مَا سِوَاهَا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْمَاءَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا. وَلَا يَقْضِي تِلْكَ الصَّلَاةَ بِتَيَمُّمٍ فِي الْوَقْتِ بَلْ يُؤَخِّرُ الْقَضَاءَ إلَى وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ حَالَةٍ يَسْقُطُ الْفَرْضُ فِيهَا بِالتَّيَمُّمِ

وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ أَوْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَيَمَّمَ وَصَلَّى فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، لِمَا سَلَفَ وَيَضْمَنُ الْمَاءَ الْمُشْتَرِي دُونَ الْمُتَّهِبِ؛ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ لَا لِغَرَضٍ أَصْلًا بَلْ عَبَثًا، وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ عَبَثًا فِي الْوَقْتِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا لِغَرَضٍ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ يَعْصِي إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) أَيْ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ وَهُوَ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَهُ إلَخْ) . حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا مَحْذُورَ، وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ بَعْدَ الْوَقْتِ لِاحْتِيَاجٍ، فَكَذَلِكَ، أَوْ بِلَا احْتِيَاجٍ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَلَا تَيَمُّمُهُ مَا دَامَ قَادِرًا عَلَى اسْتِرْدَادِهِ وَهُوَ بَاقٍ، فَإِنْ تَلِفَ وَتَيَمَّمَ بَعْدَ تَلَفِهِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ وَلَا قَضَاءَ، وَإِنْ عَجَزَ صَحَّ تَيَمُّمُهُ وَقَضَى الصَّلَاةَ الَّتِي فَوَّتَهُ أَيْ الْمَاءَ فِي وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ تَفْوِيتٌ لَهُ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ مَاءٍ مَثَلًا يَحْتَاجُ مِنْهَا لِلطَّهَارَةِ قَدْرَ رِطْلَيْنِ فَقَطْ بَاعَ الْخَمْسَةَ هَلْ يَأْتِي فِيهِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فَيَصِحُّ فِيمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَيَبْطُلُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، أَوْ لَا يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ بِالثَّانِي نَظَرًا إلَى أَنَّ مَاءَ الطَّهَارَةِ لَا يَنْضَبِطُ. وَقَالَ شَيْخُنَا بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ مَاءَ الطَّهَارَةِ مُنْضَبِطٌ اج م د.

قَوْلُهُ: (كَعَطَشٍ) مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ وَهُوَ الْحَاجَةُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ تَسْلِيمِهِ) فِيهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الصِّحَّةِ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الشَّارِحَ رحمه الله بَنَى هَذِهِ الْعِلَّةَ عَلَى الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ عَجَزَ فِيهِ عَنْ التَّسْلِيمِ يَكُونُ مَعْجُوزًا عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَالْعَجْزُ هُنَا شَرْعِيٌّ لَا حِسِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ فِيهِ التَّسْلِيمَ حِسًّا.

قَوْلُهُ: (وَبِهَذَا) أَيْ بِتَعَيُّنِهِ لِلطُّهْرِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ لَا يَتَعَيَّنُ لَهَا أَعْيَانُ مَالِهِ، وَالدُّيُونُ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَعْيَانِ بَلْ تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَمِ اهـ. أَقُولُ: لَعَلَّ هَذَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ، أَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَتَتَعَلَّقُ بِهَا أَيْ بِالْأَعْيَانِ لِيُلَائِمَ قَوْلَهُمْ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ كَمَرْهُونٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فَارَقَ) أَيْ عَدَمَ الصِّحَّةِ هُنَا.

قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ، وَلَا هِبَتُهُ فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِهِ. قَوْلُهُ:(فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ) هَذَا صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ الَّتِي فَوَّتَهُ فِي وَقْتِهَا وَمَا بَعْدَهَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ عَدَمِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ وَوُجُوبِ الِاسْتِرْدَادِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكْفِيَ لِوُضُوءِ وَاحِدٍ فَقَطْ أَوْ أَكْثَرَ، وَوُجُودُهُ مَعَهُ عِنْدَ كُلِّ تَيَمُّمٍ سم.

قَوْلُهُ: (مَا قَدَرَ عَلَيْهِ) وَكَانَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ، فَإِنْ كَانَ بِحَدٍّ الْبُعْدِ صَحَّ التَّيَمُّمُ وَلَا قَضَاءَ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ) وَالْحَالُ أَنَّهُ بَاقٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَتْلَفَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا) أَيْ وَقْتِ مَا سِوَاهَا كَأَنْ بَاعَهُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ مَثَلًا وَعَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ فِي عَشَرَةِ أَوْقَاتٍ مَثَلًا بَعْدَ هَذَا الظُّهْرِ الَّذِي بَاعَهُ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِهَذَا الظُّهْرِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ لِإِتْلَافِهِ الْمَاءَ الَّذِي تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ بِهِ، أَمَّا الْعَصْرُ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْ الْمَغْرِبُ مَثَلًا فَيَتَيَمَّمُ، وَلَا يَقْضِيهَا مَا دَامَ عَاجِزًا عَنْ الِاسْتِرْدَادِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْضِي تِلْكَ الصَّلَاةَ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَا يُؤَدِّي تِلْكَ الصَّلَاةَ إلَخْ. لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ خَارِجَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا، لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُؤَدِّيهَا فِي الْوَقْتِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْقَضَاءِ مَعْنَاهُ عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ، وَهُوَ الْأَدَاءُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مَلْحُوظٍ عِنْدَ قَوْلِهِ قَبْلُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ. تَقْدِيرُ هَذَا إذَا كَانَ بَاقِيًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَلَوْ أَتْلَفَ إلَخْ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ، وَوُجِدَ التَّعْبِيرُ بِهَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهِيَ أَظْهَرُ، أَوْ كَانَ يَقُولُ أَمَّا لَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ:(وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ) أَيْ الْبَائِعُ أَوْ الْوَاهِبُ بِدَلِيلِ قَوْلِ ق ل. وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهُ غَيْرُهُ وَلِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ: ثُمَّ تَيَمَّمَ وَصَلَّى. اهـ. م د. لَكِنْ هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَيَضْمَنُ الْمَاءَ، إذْ لَا مَعْنَى لِضَمَانِ الْمُشْتَرِي لِلْمَاءِ حَيْثُ كَانَ الْمُتْلِفُ هُوَ الْبَائِعَ كَمَا لَا يَخْفَى، فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ، وَيَكُونُ الْمُتْلِفُ غَيْرَ الْبَائِعِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ.

قَوْلُهُ: (لِمَا سَلَفَ) أَيْ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ، وَهُوَ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ. قَوْلُهُ:(وَيَضْمَنُ الْمَاءَ الْمُشْتَرِي) أَيْ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ يَضْمَنُ ضَمَانَ

ص: 304

وَلَوْ مَرَّ بِمَاءٍ فِي الْوَقْتِ وَبَعُدَ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ وَصَلَّى أَجْزَأَهُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ عَطِشُوا، وَلِمَيِّتٍ مَاءٌ شَرِبُوهُ وَيَمَّمُوهُ وَضَمِنُوهُ لِلْوَارِثِ بِقِيمَتِهِ لَا بِمِثْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا إذَا كَانُوا بِبَرِّيَّةٍ لِلْمَاءِ فِيهَا قِيمَةٌ، ثُمَّ رَجَعُوا إلَى وَطَنِهِمْ وَلَا قِيمَةَ لَهُ فِيهِ، وَأَرَادَ الْوَارِثُ تَغْرِيمَهُمْ؛ إذْ لَوْ رَدُّوا الْمَاءَ لَكَانَ إسْقَاطًا لِلضَّمَانِ، فَإِنْ فَرَضَ الْغُرْمَ بِمَكَانِ الشُّرْبِ أَوْ بِمَكَانٍ آخَرَ لِلْمَاءِ فِيهِ قِيمَةٌ وَلَوْ دُونَ قِيمَتِهِ بِمَكَانِ الْمَشْرَبِ وَزَمَانِهِ غَرِمَ مِثْلَهُ كَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ

وَلَوْ أَوْصَى بِصَرْفِ مَاءٍ لِأَوْلَى النَّاسِ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْعَطْشَانِ الْمُحْتَرَمِ حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ ثُمَّ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ، فَإِنْ مَاتَ اثْنَانِ وَوُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ مَوْتِهِمَا قُدِّمَ الْأَوَّلُ لِسَبْقِهِ فَإِنْ مَاتَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ أَوْ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَهُمَا قُدِّمَ الْأَفْضَلُ لِأَقَلِّيَّتِهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى الرَّحْمَةِ لَا بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْوَارِثِ لَهُ كَالْكَفَنِ الْمُتَطَوَّعِ بِهِ ثُمَّ الْمُتَنَجِّسِ؛ لِأَنَّ طُهْرَهُ لَا بَدَلَ لَهُ ثُمَّ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِعَدَمِ خُلُوِّهِمَا عَنْ النَّجَسِ غَالِبًا وَلِغِلَظِ حَدَثِهِمَا، فَإِنْ اجْتَمَعَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمَغْصُوبِ أَيْ بِأَقْصَى الْمُقِيمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَبِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ، فَيَضْمَنُهُ هُنَا بِالْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِثْلِيٌّ، وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الْمُتْلِفُ غَيْرَ الْبَائِعِ، وَإِلَّا صَارَ آخِذًا لِحَقِّهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَرَّ بِمَاءٍ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَاءٍ. هَذَا هُوَ الْفَرْعُ الثَّالِثُ.

قَوْلُهُ: (وَبَعُدَ عَنْهُ) بِأَنْ صَارَ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) أَيْ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ، وَهُوَ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ؛ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ وَيَطْلُبَ الْمَاءَ مِنْ الْمَحَلِّ الْبَعِيدِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَطِشُوا) بِكَسْرِ الطَّاءِ، وَالْجَمْعُ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ:(لَا بِمِثْلِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْغُرْمُ بِمَحَلٍّ لَا قِيمَةَ لِلْمَاءِ فِيهِ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ بِمَحَلِّ الشُّرْبِ أَوْ بِمَحَلٍّ لَهُ فِيهِ قِيمَةٌ وَجَبَ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ. اهـ. ق ل. أَيْ: لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ إلَى مَحَلِّ التَّلَفِ كَأَرْضِ الْحِجَازِ مَئُونَةٌ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ بِمَحَلِّ التَّلَفِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر فِي بَابِ الْغَصْبِ، وَخَرَجَ بِعَطَشِهِمْ مَا لَوْ احْتَاجُوا لِلطَّهَارَةِ، وَلَوْ لِلصَّلَاةِ عَلَى ذَلِكَ الْمَيِّتِ فَالْمَيِّتُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِ شَيْءٌ وَجَبَ حِفْظُهُ لِلْوَارِثِ وَيَتَيَمَّمُونَ، فَإِنْ تَطَهَّرُوا بِهِ أَثِمُوا وَضَمِنُوهُ لِلْوَارِثِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ، فَالْوَاوُ لِلْحَالِ، وَلَوْ وَصِيَّةً.

قَوْلُهُ: (بِبَرِّيَّةٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الثَّانِيَةِ نِسْبَةً إلَى الْبَرِّ، وَهُوَ مَا قَابَلَ الْبَحْرَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَجَعُوا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَانُوا بِبَرِيَّةٍ. وَقَوْلُهُ: إذْ لَوْ رَدُّوا الْمَاءَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: لَا بِمِثْلِهِ أَوْ لِقَوْلِهِ: ضَمِنُوهُ بِقِيمَتِهِ.

قَوْلُهُ: (إلَى وَطَنِهِمْ) لَيْسَ قَيْدًا، فَالْمُرَادُ رَجَعُوا إلَى مَحَلٍّ لَا قِيمَةَ لِلْمَاءِ قِيهِ.

قَوْلُهُ: (غَرِمَ) أَيْ الشَّارِبُ، وَالْمُنَاسِبُ غَرِمُوا. وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مَئُونَةٌ، وَإِلَّا غَرِمَ الْقِيمَةَ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ كَمَا قَالَهُ الْمَرْحُومِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْصَى إلَخْ) هَذَا خَامِسُ الْفُرُوعِ، وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ مَا فِيهِ بِقَوْلِهِ:

أَوْصِ لِأَوْلَى النَّاسِ بِالْمَا

قَدَّمَا عَطْشَانَ ثُمَّ مَيِّتٍ قَدْ عُلِمَا

يَلِيهِ ذُو نَجَاسَةٍ فَالنُّفَسَا

فَحَائِضٌ فَجُنُبٌ لَا

تَنْسَى فَمُحْدِثٌ فَإِنْ كَفَى هَذَا فَقَطْ

قَدِّمْ عَلَى السِّوَى حُفِظْت مِنْ غَلَطِ

وَقَوْلُهُ: (بِصَرْفٍ) أَيْ دَفْعٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْغُسْلَ. وَعِبَارَةُ م ر ثُمَّ مَيِّتٌ، وَإِنْ احْتَاجَهُ الْحَيُّ لِطُهْرِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ إمَامًا أَوْ تَعَيَّنَتْ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ، كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ رحمه الله خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، إذْ غُسْلُ الْمَيِّتِ مُتَأَكِّدٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَدَارُكِهِ مَعَ كَوْنِهِ خَاتِمَةَ أَمْرِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِإِمْكَانِ تَدَارُكِهَا عَلَى قَبْرِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ. فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ جُزْءُ الْعِلَّةِ. وَقَوْلُهُ: (مُتَأَكِّدٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغُسْلِ الْحَيِّ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ وَاجِبٌ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَاتَ اثْنَانِ) أَيْ مُرَتَّبًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: الْأَفْضَلُ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِأَفْضَلِيَّتِهِ. وَقَوْلُهُ: لَا بِالْحُرِّيَّةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: بِغَلَبَةِ الظَّنِّ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ. وَقَوْلُهُ: (وَنَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ كَالسِّنِّ وَالذُّكُورَةِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ فِي الشَّرَفِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْوَارِثِ) أَيْ لَفْظًا، وَأَمَّا قَبُولُهُ مَعْنًى، وَهُوَ عَدَمُ الرَّدِّ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ قَوْلُهُ:(ثُمَّ الْمُتَنَجِّسُ بَعْدَ الْمَيِّتِ) أَيْ سَوَاءٌ ذُو النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَغَيْرِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ إذْ مَانِعُ النَّجَاسَةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، بِخِلَافِ تَقْدِيمِ نَحْوِ حَائِضٍ عَلَى جُنُبٍ إذْ مَانِعُ الْحَيْضِ زَائِدٌ عَلَى مَانِعِ الْجَنَابَةِ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ اجْتَمَعَا) أَيْ الْحَائِضُ

ص: 305

قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ الْجُنُبُ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ أَغْلَظُ مِنْ حَدَثِ الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ، نَعَمْ إنْ كَفَى الْمُحْدِثَ دُونَهُ فَالْمُحْدِثُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ بِكَمَالِهِ دُونَ الْجُنُبِ.

(وَيَتَيَمَّمُ) الْمَعْذُورُ وُجُوبًا (لِكُلِّ فَرِيضَةٍ) فَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ لِكُلِّ فَرْضٍ قَوْله تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] وَالتَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْهُ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ «بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» ، فَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:" يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ " وَلِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَمِثْلُ فَرْضِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ فَرْضُ الطَّوَافِ، وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ، فَيَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ بَيْنَ طَوَافَيْنِ مَفْرُوضَيْنِ، وَبَيْنَ طَوَافِ فَرْضٍ وَفَرْضِ صَلَاةٍ، وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ؛ إذْ قِيلَ: إنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ

وَالصَّبِيُّ لَا يُؤَدِّي بِتَيَمُّمِهِ غَيْرَ فَرْضٍ كَالْبَالِغِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدِّيهِ كَالْفَرْضِ فِي النِّيَّةِ وَغَيْرِهَا. نَعَمْ لَوْ تَيَمَّمَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالنُّفَسَاءُ، وَكَانَ الْمُوَافِقُ لِلْعَرَبِيَّةِ: اجْتَمَعَتَا كَقَامَتَا وَقَعَدَتَا بِتَاءِ التَّأْنِيثِ. وَقَوْلُهُ: قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا يَصِحُّ أَفْضَلُهُمَا، وَفُضْلَاهُمَا عَمَلًا بِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ: وَمَا لِمَعْرِفَةٍ أُضِيفَ ذُو وَجْهَيْنِ عَنْ ذِي مَعْرِفَةِ قَوْلُهُ: (نَعَمْ إنْ كَفَى إلَخْ) وَكَذَا لَوْ تَعَدَّدَ الْجُنُبُ أَوْ الْحَائِضُ أَوْ الْمَيِّتُ فَمَنْ يَكْفِيهِ قُدِّمَ، وَكَذَا لَوْ كَفَى أَحَدُ الْمَيِّتَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ الَّذِي لَا يَكْفِيهِ أَفْضَلَ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُحْدِثِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَيَتَيَمَّمُ الْمَعْذُورُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عُذْرُهُ حِسِّيًّا أَوْ شَرْعِيًّا، وَهَذَا شُرُوعٌ فِي الْبَحْثِ الْخَامِسِ مِنْ مَبَاحِثِ التَّيَمُّمِ وَهُوَ خِتَامُهَا. قَوْلُهُ:(لِكُلِّ فَرِيضَةٍ) عَيْنِيَّةٍ، وَلَوْ مَنْذُورَةً مِنْ الصَّلَوَاتِ أَوْ إلَّا طَوْفَةً، وَلَوْ صَبِيًّا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ قَوْلَهُ: إذَا قُمْتُمْ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ، وَالْمَعْنَى إذَا وُجِدَ مِنْكُمْ قِيَامٌ، وَهَذَا يَصْدُقُ بِكُلِّ قِيَامٍ لِلصَّلَاةِ. اهـ. عَزِيزِيٌّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ ابْنِ عُمَرَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ رَأْيِهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيفٍ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم.

قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي التَّيَمُّمِ لِكُلِّ فَرْضٍ.

قَوْلُهُ: (فَرْضُ الطَّوَافِ) فَالطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ، فَإِذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ الْوَدَاعِ صَلَّى بِهِ فَرْضًا أَيْ إنْ لَمْ يَطُفْ، وَإِذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ نَفْلِ طَوَافٍ صَلَّى بِهِ نَفْلًا.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ طَوَافَيْنِ) كَطَوَافِ إفَاضَةٍ وَوَدَاعٍ، أَوْ طَوَافِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ. قَوْلُهُ:(وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) أَيْ وَكَذَا غَيْرُهَا مِنْ الْفُرُوضِ. فَرْعٌ: لَوْ تَيَمَّمَ لِلْخُطْبَةِ، وَخَطَبَ وَلَمْ يُصَلِّ بِمَحَلِّ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَحَلٍّ آخَرَ هَلْ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ فِيهِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ؟ قَالَ سم: لَهُ أَنْ يَخْطُبَ إنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فِي الْمَحَلِّ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فِي الْأَوَّلِ اهـ اج. وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ ح ل أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَخْطُبَ فِي الْمَحَلِّ الْآخَرِ بِالتَّيَمُّمِ الَّذِي فَعَلَ بِهِ الْخُطْبَةَ الْأُولَى مُطْلَقًا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ف. وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ أَيْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ الَّتِي بَعْدَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ، مَعَ أَنَّهُمَا فَرْضَانِ لِكَوْنِهِمَا فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ لِتَلَازُمِهِمَا، فَلَمَّا كَانَا مُتَلَازِمَيْنِ صَارَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَاكْتُفِيَ لَهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، بَلْ الظَّاهِرُ امْتِنَاعُ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِتَيَمُّمٍ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (إذْ قِيلَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لَكِنَّهُ قِيلَ: إنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ، وَعِبَارَةُ م د: لَا وَجْهَ لِلْإِتْيَانِ بِإِذَا اهـ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ خَبَرَ أَنَّ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ قَدْ اُلْتُحِقَتْ بِفَرَائِضِ الْأَعْيَانِ، وَتَجْعَلُ إذْ عِلَّةً لِهَذَا الْخَبَرِ الْمُقَدَّرِ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ م ر وَنَصُّهَا: لِأَنَّ الْخُطْبَةَ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ قَدْ الْتَحَقَتْ بِفَرَائِضِ الْأَعْيَانِ لِمَا قِيلَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَالصَّبِيُّ لَا يُؤَدِّي بِتَيَمُّمِهِ غَيْرَ فَرْضٍ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا صَلَاتَهُ بِالْفَرَائِضِ حَيْثُ لَمْ يُجَوِّزُوهَا مِنْ قُعُودٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَوْ فَاتَهُمَا صَلَوَاتٌ، وَأَرَادَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ قَضَاءَ مَا فَاتَهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْجُنُونِ قَضَاهُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَالْبُلُوغِ عَمَلًا بِالسُّنَّةِ فِيهِمَا، وَوَجَبَ

ص: 306

لِلْفَرْضِ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يَصِلْ بِهِ الْفَرْضُ لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَفْلٌ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جُعِلَ كَالْبَالِغِ فِي أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ بِتَيَمُّمٍ فَرْضَيْنِ، وَلَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ إذَا بَلَغَ؟ أُجِيبَ: بِأَنَّ ذَلِكَ احْتِيَاطٌ لِلْعِبَادَةِ فِي أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِلْفَرْضِ الثَّانِي، وَيَتَيَمَّمُ إذَا بَلَغَ. وَهَذَا فِي غَايَةِ الِاحْتِيَاطِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ تَمْكِينُ الْحَائِضِ مِنْ الْوَطْءِ مِرَارًا وَجَمْعُهُ: بَيْنَ فَرْضٍ آخَرَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُمَا جَائِزَانِ، وَالنَّذْرُ كَفَرْضٍ عَيْنِيٍّ لِتَعَيُّنِهِ عَلَى النَّاذِرِ فَأَشْبَهَ الْمَكْتُوبَةَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهُ مَعَ فَرِيضَةٍ أُخْرَى مُؤَدَّاةً كَانَتْ أَوْ مَقْضِيَّةً بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ.

وَلَوْ تَعَيَّنَ عَلَى ذِي حَدَثٍ أَكْبَرَ تَعَلُّمُ فَاتِحَةٍ أَوْ حَمْلُ مُصْحَفٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ كَحَائِضٍ انْقَطَعَ حَيْضُهَا، وَأَرَادَ الزَّوْجُ وَطْأَهَا، وَتَيَمَّمَ مَنْ ذُكِرَ لِفَرِيضَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ ذَلِكَ مَعَهَا، وَكَذَا لَهُ مَعَهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ فَرَائِضِ الْأَعْيَانِ فَهِيَ كَالنَّفْلِ فِي جَوَازِ التَّرْكِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْقِيَامُ قِوَامَهَا لِعَدَمِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهَا، فَتَرْكُهُ يَمْحِي صُورَتَهَا

وَلَوْ تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْجِنَازَةَ لِمَا ذُكِرَ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَيْهِمَا التَّيَمُّمُ لِكُلِّ فَرْضٍ مَعَ وُقُوعِهِ نَفْلًا لَهُمَا لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فِي النِّيَّةِ) أَيْ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر ق ل. فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا فَمُعْتَمَدٌ أَيْ غَيْرُ النِّيَّةِ كَالْقِيَامِ لِأَنَّ صَلَاتَهُ وَإِنْ وَقَعَتْ نَفْلًا لَا يَصِحُّ فِعْلُهَا مِنْ قُعُودٍ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ كَالْبَالِغِ.

قَوْلُهُ: (إذَا بَلَغَ) أَيْ إذَا شَرَعَ فِيهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ، فَلَوْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا أَجْزَأَتْهُ لِأَنَّ فَرْضِيَّتَهَا طَارِئَةٌ. اهـ. م ر. وَعِبَارَةُ ح ل: وَلَوْ تَيَمَّمَ الصَّبِيُّ لِلْفَرْضِ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يُصَلِّ بِهِ الْفَرْضَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ نَفْلٌ، فَلَا يَصِحُّ وُقُوعُهُ عَنْ الْفَرْضِ، وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ جَمْعِ الْأَصْلِيَّةِ مَعَ الْمُعَادَةِ. قَوْلُهُ:(وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِتَقْيِيدِ الْفَرِيضَةِ بِالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ وَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (مِرَارًا) أَيْ مَعَ أَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ مِنْ التَّمْكِينِ فَرْضٌ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَا مَانِعٌ.

قَوْلُهُ: (وَجَمْعُهُ) أَيْ التَّمْكِينِ حَيْثُ لَمْ تَتَيَمَّمْ لَهُ ح ل.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ فَرْضٍ) عِبَارَةُ م ر وَجَمْعُهُ مَعَ فَرْضٍ إلَخْ. وَهِيَ لِأَنَّ بَيْنَ الصَّوَابُ لَا تُضَافُ إلَّا لِمُتَعَدِّدٍ اهـ. وَيُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى التَّمْكِينِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ تَمْكِينَ الْحَلِيلِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لِتَيَمُّمِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّمْكِينِ وَأَنَّ التَّمْكِينَ وَإِنْ تَكَرَّرَ يُعَدُّ شَيْئًا وَاحِدًا. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهَا نَوَتْ اسْتِبَاحَةَ فَرْضِ الصَّلَاةِ. أَمَّا لَوْ نَوَتْ اسْتِبَاحَةَ تَمْكِينِ الْحَلِيلِ فَتُمَكِّنُهُ مِرَارًا وَلَا تُصَلِّي بِهِ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا. اهـ. ع ش قَالَ م ر. وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ جِمَاعُ أَهْلِهِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ الْمَاءِ وَقْتَ الصَّلَاةِ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَا مُسْتَنْجِيَيْنِ بِالْمَاءِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ جِمَاعُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ، وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ بُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَاءً فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْغُسْلِ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ غَسْلَ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا فَتَرَتْ شَهْوَتُهُ عَنْ جِمَاعٍ يُرِيدُهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِمَاعِ لَا لِمَا أَصَابَ بَدَنَهُ مِنْهُ أَوْ ثَوْبَهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْجِمَاعِ، فَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ إذَا كَانَ الْجِمَاعُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَا قَبْلَهُ، فَلَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالصَّلَاةِ الْآنَ، وَهُوَ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا اهـ اط ف.

قَوْلُهُ: (وَالنَّذْرُ) أَيْ لِلصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ دُونَ غَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَفَرْضِ الْعَيْنِ، فَلَوْ نَذَرَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ مَثَلًا وَسَجْدَةَ الشُّكْرِ، وَتِلَاوَةَ سُورَةٍ وَالْمُكْثَ فِي الْمَسْجِدِ كَانَ لَهُ جَمْعُ الْجَمِيعِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ اهـ اج. وَلَوْ نَذَرَ التَّرَاوِيحَ أَوْ الْوِتْرَ إحْدَى عَشْرَةَ أَوْ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ اكْتَفَى لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّهَا تُسَمَّى صَلَاةً وَاحِدَةً مَنْذُورَةً وَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ اهـ اط ف. وَمَحَلُّهُ فِي الْوِتْرِ وَالضُّحَى إنْ لَمْ يَنْذِرْ السَّلَامَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ التَّيَمُّمُ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ س ل. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ فِي التَّرَاوِيحِ الْمَنْذُورَةِ عَشْرُ تَيَمُّمَاتٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ حِينَئِذٍ كَصَلَاةٍ مُسْتَقِلَّةٍ.

قَوْلُهُ: (كَحَائِضٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَتَمْكِينِ حَائِضٍ انْقَطَعَ حَيْضُهَا إلَخْ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ عَلَيْهَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ:(وَأَرَادَ الزَّوْجُ وَطْأَهَا) أَيْ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا حَيْثُ أَرَادَ الزَّوْجُ وَطْأَهَا، وَهَذَا مِثَالٌ لِلنَّحْوِ، وَفِيهِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ قَرِيبًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَعَادَهُ لِأَجْلِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَجْمَعَ ذَلِكَ) أَيْ التَّعَلُّمَ وَمَا بَعْدَهُ أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَيَمَّمَ لِلْفَرِيضَةِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْقِيَامُ

ص: 307

(وَيُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مَا شَاءَ مِنْ النَّوَافِلِ) لِأَنَّ النَّوَافِلَ تَكْثُرُ فَيُؤَدِّي إيجَابُ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْهَا إلَى التَّرْكِ أَوْ إلَى حَرَجٍ عَظِيمٍ فَخَفَّفَ فِي أَمْرِهَا كَمَا خَفَّفَ بِتَرْكِ الْقِيَامِ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَبِتَرْكِ الْقِبْلَةِ فِي السَّفَرِ.

وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ صَلَاةٍ دَخَلَ فِيهَا فَلَهُ جَمْعُهَا مَعَ فَرْضٍ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا نَفْلٌ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ.

وَلَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَرَادَ إعَادَتَهَا جَمَاعَةً جَازَ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الْأُولَى، ثُمَّ كُلُّ صَلَاةٍ أَوْجَبْنَا فِي الْوَقْتِ، وَأَوْجَبْنَا إعَادَتَهَا كَمَرْبُوطٍ عَلَى خَشَبَةٍ فَفَرْضُهُ الثَّانِيَةُ، وَلَهُ أَنْ يُعِيدَهَا بِتَيَمُّمِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْأُولَى، وَإِنْ وَقَعَتْ نَفْلًا فَالْإِتْيَانُ بِهَا فَرْضٌ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ جَمَعَهُمَا بِتَيَمُّمٍ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ؟ أُجِيبَ: بِأَنَّ هَذَا كَالْمَنْسِيَّةِ فِي خَمْسٍ يَجُوزُ جَمْعُهُمَا بِتَيَمُّمٍ، وَإِنْ كَانَتْ فُرُوضًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ بِالذَّاتِ وَاحِدَةٌ.

وَمَنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ، وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهَا كَفَاهُ لَهُنَّ تَيَمُّمٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ وَمَا سِوَاهُ وَسِيلَةٌ لَهُ، فَلَوْ تَذَكَّرَ الْمَنْسِيَّةَ بَعْدُ لَمْ يَجِبْ إعَادَتُهَا كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ نَسِيَ مُخْتَلِفَتَيْنِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِيهَا) هَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ فَهِيَ كَالنَّفْلِ. قَوْلُهُ: (قِوَامُهَا) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ أَيْ لَا تَقُومُ وَلَا تُوجَدُ إلَّا بِهِ.

قَوْلُهُ: (يَمْحِي) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ مَحَى إنْ قُلْت فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ. {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39] بِالْوَاوِ. قُلْت: نَعَمْ هِيَ بَعْضُ لُغَاتِهَا فَفِي الصِّحَاحِ مَحَى لَوْحَهُ يَمْحُوهُ مَحْوًا وَيَمْحِيهِ مَحْيًا اهـ.

قَوْلُهُ: (مَا شَاءَ مِنْ النَّوَافِلِ) أَيْ وَالْجَنَائِزِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ النَّوَافِلَ إلَخْ) وَلِأَنَّهَا فِي حُكْمِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِرَكْعَةٍ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا مِائَةَ رَكْعَةٍ بِالنِّيَّةِ، وَبِالْعَكْسِ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ م د أَيْ: إذَا نَوَى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى رَكْعَةٍ بِالنِّيَّةِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا نَفْلٌ) يَقْتَضِي أَنَّ انْتِهَاءَهَا فَرْضٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهَا كُلَّهَا نَفْلٌ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِيهَا الْإِتْمَامُ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ حَقِيقَةِ الصَّلَاةِ، وَعِبَارَةُ م ر إذْ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ نَفْلٌ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ كَالْحَجِّ النَّفْلِ اهـ وَقَالَ ق ل بَلْ كُلُّهَا نَفْلٌ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فَرْضَهُ الْأُولَى) أَيْ وَالثَّانِيَةُ نَفْلٌ أَيْ فَقَدْ جَمَعَ فِي تَيَمُّمِهِ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَافِلَةٍ. فَإِنْ قُلْت: إذَا صَلَّى أَوَّلًا وَأَحْدَثَ، وَأَرَادَ أَنْ يُعِيدَ، وَقُلْتُمْ: إنَّهَا نَافِلَةٌ هَلْ يَكْفِي فِي نِيَّةِ التَّيَمُّمِ أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ فَرْضِ الصَّلَاةِ؟ قُلْت: قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ مُحَاكَاةً لِلصُّورَةِ الْأُولَى اهـ اج. قَوْلُهُ: (فَالْإِتْيَانُ بِهَا فَرْضٌ) أَيْ فَالتَّيَمُّمُ لِلْفَرْضِ لَا لِلنَّفْلِ، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ الْإِتْيَانُ بِهَا فَرْضًا فَهِيَ وَاقِعَةٌ نَفْلًا، فَفِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأُولَى إلَخْ. جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا وَقَعَتْ صَلَاتُهُ الْأُولَى نَافِلَةً كَانَ مُتَيَمِّمًا لِنَفْلٍ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فَرْضًا. فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الْأُولَى إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا) أَيْ الْفَرْضَ الَّذِي أَعَادَهُ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ. وَعِبَارَةُ م ر بِأَنَّ هَذِهِ إلَخْ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقَلْيُوبِيُّ: هَذَا الْجَوَابُ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ اهـ وَقَوْلُهُ: (هَذَا الْجَوَابُ) إلَخْ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ مَا قَبْلَهُ جَوَابٌ آخَرُ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ. وَحَاصِلُ السُّؤَالِ: أَنَّهُ لَوْ صَحَّتْ إعَادَةُ الصَّلَاةِ بِهَذَا التَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّ الْأُولَى وَقَعَتْ نَفْلًا، وَالثَّانِيَةُ هِيَ الْفَرِيضَةُ. وَلَا يَصِحُّ صَلَاةُ الْفَرْضِ بِالتَّيَمُّمِ لِلنَّفْلِ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْأُولَى وَإِنْ وَقَعَتْ نَفْلًا فَالْإِتْيَانُ بِهَا فَرْضٌ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالتَّيَمُّمُ لِفَرْضٍ لَا لِنَفْلٍ فَصَحَّ صَلَاةُ الْفَرْضِ وَهُوَ الثَّانِيَةُ بِهِ. وَأَمَّا هَذَا الْجَوَابُ فَعَنْ السُّؤَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ النَّاشِئُ مِنْ جَوَابِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ. وَحَاصِلُ هَذَا السُّؤَالِ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَرْضًا، فَكَيْفَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ؟ وَقَدْ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: أُجِيبُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ إلَخْ) وَهَذِهِ مِنْ فُرُوعِ قَوْلِهِ: فَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنْ أَدَّى بِهِ فُرُوضًا عَدِيدَةً ظَاهِرًا تَوَصُّلًا لِذَلِكَ الْفَرْضِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بِالتَّيَمُّمِ لَوْ لَزِمَهُ إعَادَةُ الظُّهْرِ

ص: 308