المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْمُهْمَلَةِ وَنِفَاسٌ. (وَلَوْنُهُ) أَيْ الدَّمِ الْأَقْوَى (أَسْوَدُ) ثُمَّ أَحْمَرُ فَهُوَ - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَعْرِيفِ الْحُجَّةِ وَالْحُكْمِ وَتَقْسِيمِهِ إلَى تَكْلِيفِيٍّ وَوَضْعِيٍّ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ شَارِعِ تَصْنِيفٍ وَمَا يُسَنُّ صِنَاعَةً]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْمُبَالَغَةِ النَّحْوِيَّةِ وَالْبَيَانِيَّةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْخُلَّةِ وَالْمَحَبَّةِ]

- ‌[مَبْحَثُ عَدَدِ أَوْلَادِهِ وَأَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَبْحَثُ تَقْدِيمِ الِاسْمِ عَلَى اللَّقَبِ وَعَكْسِهِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ ابْنِ]

- ‌[مَبْحَثُ دَرَجَاتِ الْإِخْلَاصِ]

- ‌[مَبْحَثُ تَعْرِيفِ الْجِنَاسِ اللَّاحِقِ]

- ‌[مَبْحَثُ الرَّجَاءِ وَالْأَمَلِ وَالتَّمَنِّي وَالطَّمَعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْحَسَدِ وَالْغِبْطَةِ وَالْقَنَاعَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْجِنَاسِ الْمُضَارِعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى الْبَسْمَلَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الِاشْتِقَاقِ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[مَبْحَثُ الْغَلَبَةِ وَتَقْسِيمُهَا]

- ‌[مَبْحَثُ النَّحْتِ]

- ‌[مَبْحَثُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا بَعْدُ]

- ‌ كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَطْهُرُ بِدِبَاغِهِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْآنِيَةِ وَمَا يَمْتَنِعُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي السِّوَاكِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُضُوءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يُنْدَبُ إدَامَةُ الْوُضُوءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَنْتَهِي بِهِ الْوُضُوءُ

- ‌فَصْلٌ: فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ

- ‌[فَرْعٌ اجْتَمَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلُ حَيْضٍ وَجَنَابَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ قُطِعَ عُضْوُ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي التَّيَمُّمِ

- ‌شَرَائِطُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ]

- ‌ مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَة]

- ‌[تَتِمَّةٌ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌تَنْبِيهٌ: النَّجَاسَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ حُكْمِيَّةٍ وَعَيْنِيَّةٍ

- ‌ حُكْمِ النَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ

- ‌(دَمُ الْحَيْضِ

- ‌[دَمُ النِّفَاسُ]

- ‌ أَحْكَامِ الْحَيْضِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[وَقْتَ الظُّهْرِ]

- ‌ وَقْتُ الْعَصْرِ

- ‌[وَقْتُ الْمَغْرِب]

- ‌وَقْتُ الْعِشَاءِ

- ‌[وَقْتُ الْفَجْرِ]

- ‌فَصْلٌ: فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَفِي بَيَانِ النَّوَافِلِ

- ‌شَرَائِطُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ

- ‌الصَّلَاةُ الْمَسْنُونَةُ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

الفصل: الْمُهْمَلَةِ وَنِفَاسٌ. (وَلَوْنُهُ) أَيْ الدَّمِ الْأَقْوَى (أَسْوَدُ) ثُمَّ أَحْمَرُ فَهُوَ

الْمُهْمَلَةِ وَنِفَاسٌ. (وَلَوْنُهُ) أَيْ الدَّمِ الْأَقْوَى (أَسْوَدُ) ثُمَّ أَحْمَرُ فَهُوَ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَسْوَدِ وَقَوِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَشْقَرِ، وَالْأَشْقَرُ أَقْوَى مِنْ الْأَصْفَرِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْأَكْدَرِ وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ أَقْوَى مِمَّا لَا رَائِحَةَ لَهُ، وَالثَّخِينُ أَقْوَى مِنْ الرَّقِيقِ وَالْأَسْوَدِ، (مُحْتَدِمٌ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ بَيْنَهُمَا مُثَنَّاةٌ فَوْقُ، أَيْ حَارٌّ مَأْخُوذٌ مِنْ احْتِدَامِ النَّهَارِ، وَهُوَ اشْتِدَادُ حَرِّهِ. (لَذَّاعٌ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ مُوجِعٌ. تَنْبِيهٌ: لَوْ خُلِقَ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْأَحْدَاثِ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا حَيْضًا، وَلَوْ حَاضَ الْمُشْكَلُ مِنْ الْفَرْجِ وَأَمْنَى مِنْ الذَّكَرِ حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ وَإِشْكَالِهِ أَوْ حَاضَ مِنْ الْفَرْجِ خَاصَّةً فَلَا يَثْبُتُ لِلدَّمِ حُكْمُ الْحَيْضِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا، وَالْخَارِجُ دَمُ فَسَادٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

(وَالنِّفَاسُ) لُغَةً الْوِلَادَةُ وَشَرْعًا هُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عَقِبَ الْوِلَادَةِ أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلْحَيْضِ عَشْرُ أَسْمَاءٍ وَخَمْسَتُهَا

حَيْضٌ مَحِيضٌ مَحَاضٌ طَمْثٌ إكْبَارُ

طَمْسٌ عِرَاكٌ فِرَاكٌ مَعَ أَذًى ضَحِكٌ

دَرْسٌ دِرَاسٌ نِفَاسٌ قُرْءٌ إعْصَارُ

قَوْلُهُ: (وَضَحِكٍ) وَمِنْهُ: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} [هود: 71] فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِ حَاضَتْ قَالَ م ر: وَلَا كَرَاهَةَ فِي تَسْمِيَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَيْ: لِأَنَّ غَالِبَ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالْأَحَادِيثِ.

قَوْلُهُ: (وَنِفَاسٌ) وَمِنْهُ «قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لِعَائِشَةَ: أَنَفِسْتِ» بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ السِّينِ أَيْ حِضْتِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَلِدْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْنُهُ أَسْوَدُ إلَخْ) لَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ سُؤَالٌ، وَهُوَ أَنَّ اللَّوْنَ لَا يَنْحَصِرُ فِي السَّوَادِ. فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ اللَّوْنُ الْأَقْوَى غَالِبًا، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ أَقْوَى. وَأَجَابَ سم أَيْ اللَّوْنُ الْأَصْلِيُّ. وَالْحَاصِلُ؛ أَنَّ الصُّوَرَ لِأَلْوَانِ الدِّمَاءِ وَصِفَاتِهَا أَلْفٌ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَلْوَانَ خَمْسَةٌ وَهِيَ: أَسْوَدُ وَأَحْمَرُ وَأَشْقَرُ وَأَصْفَرُ وَأَكْدَرُ، وَالصِّفَاتُ أَرْبَعَةٌ: إمَّا ثَخِينٌ أَوْ مُنْتِنٌ أَوْ هُمَا أَوْ مُجَرَّدٌ عَنْهُمَا، فَإِذَا ضُرِبَتْ صِفَاتُ الْأَوَّلِ فِي صِفَاتِ الثَّانِي ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي صِفَاتِ الثَّالِثِ، وَهَكَذَا بَلَغَتْ مَا ذَكَرَ، فَإِنْ اسْتَوَى دَمَانِ قُدِّمَ السَّابِقُ كَأَسْوَدَ ثَخِينٍ وَأَحْمَرَ ثَخِينٍ مُنْتِنٍ بِإِحْدَى الصِّفَتَيْنِ تَجْبُرُ ضَعْفَهُ، وَالْأُخْرَى تُقَابِلُ الْأُخْرَى، فَيَسْتَوِيَانِ. وَكَأَحْمَرَ مُنْتِنٍ أَوْ ثَخِينٍ مَعَ أَسْوَدَ مُجَرَّدٍ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَسْوَدُ) أَيْ ذُو سَوَادٍ وَهُوَ نَفْسُهُ مُحْتَدِمٌ لَذَّاعٌ، أَوْ الْمَعْنَى وَصِفَتُهُ أَنَّهُ أَسْوَدُ مُحْتَدِمٌ لَذَّاعٌ. اهـ. سم. وَقَوْلُهُ: أَيْ ذُو سَوَادٍ إنَّمَا فَسَّرَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّوْنَ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ أَسْوَدَ، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِهِ الدَّمُ وَاللَّوْنُ يُوصَفُ بِالسَّوَادِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ مُحْتَدِمٌ إلَخْ. فَهُوَ وَصْفٌ لِلدَّمِ لَا لِلَّوْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سم بِقَوْلِهِ: وَهُوَ نَفْسُهُ مُحْتَدِمٌ إلَخْ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ) وَيُقَالُ لِذَوَاتِ السَّمُومِ لَدْغٌ بِمُهْمَلَةٍ فَمُعْجَمَة، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الَأُجْهُورِيُّ فَقَالَ:

وَلَدْغٌ لِذِي سُمٍّ بِإِهْمَالِ أَوَّلَ

وَفِي النَّارِ بِالْإِهْمَالِ لِلثَّانِ فَاعْرِفَا

وَالْإِعْجَامُ فِي كُلٍّ وَالْإِهْمَالُ فِيهِمَا

مِنْ الْمُهْمَلِ الْمَتْرُوكِ حَقًّا بِلَا خَفَا

وَقَوْلُهُ: لِلثَّانِ أَيْ مَعَ إعْجَامِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ فِي كُلٍّ أَيْ إعْجَامِ الْحَرْفَيْنِ وَإِهْمَالِهِمَا فِي ذِي سُمٍّ، وَالنَّارُ مُهْمَلٌ.

قَوْلُهُ: (فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْأَحْدَاثِ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا، وَالْآخَرُ زَائِدًا وَتَمَيَّزَ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا خَرَجَ مِنْ الْأَصْلِيِّ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَصْلِيٌّ وَزَائِدٌ، وَاشْتَبَهَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَحْكُمَ بِالْحَيْضِ، وَلِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا، وَالْآخَرُ زَائِدًا مُسَامَتًا، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْأَصْلِيَّيْنِ أَيْ: فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمَا فَتَأَمَّلْ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْأَصْلِيِّ لَا الزَّائِدِ الْمُسَامَتِ

[دَمُ النِّفَاسُ]

قَوْلُهُ: (أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ) إنَّمَا فَسَّرَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ يَشْمَلُ الدَّمَ الْخَارِجَ بَعْدَ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ،

ص: 341

وَسُمِّيَ نِفَاسًا لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَقِبَ نَفْسٍ فَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ دَمُ الطَّلْقِ وَالْخَارِجُ مَعَ الْوَلَدِ فَلَيْسَا بِحَيْضٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ آثَارِ الْوِلَادَةِ وَلَا نِفَاسَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى خُرُوجِ الْوَلَدِ بَلْ ذَلِكَ دَمُ فَسَادٍ نَعَمْ الْمُتَّصِلُ مِنْ ذَلِكَ بِحَيْضِهَا الْمُتَقَدِّمِ حَيْضٌ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ عَقِبَ حَذْفُ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ هُوَ الْأَفْصَحُ، وَمَعْنَاهُ أَنْ لَا يَكُونَ مُتَرَاخِيًا عَمَّا قَبْلَهُ (وَالِاسْتِحَاضَةُ هُوَ) الدَّمُ (الْخَارِجُ) لِعِلَّةٍ مِنْ عِرْقٍ مِنْ أَدْنَى الرَّحِمِ يُقَالُ لَهُ الْعَاذِلُ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَيُقَالُ بِمُهْمَلَةٍ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ وَفِي الصِّحَاحِ بِمُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ (فِي غَيْرِ أَيَّامِ) أَكْثَرِ (الْحَيْضِ وَ) غَيْرِ أَيَّامِ أَكْثَرِ (النِّفَاسِ) سَوَاءٌ أَخَرَجَ إثْرَ حَيْضٍ أَمْ لَا، وَالِاسْتِحَاضَةُ حَدَثٌ دَائِمٌ فَلَا تَمْنَعُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ وَغَيْرَهُمَا مِمَّا يَمْنَعُهُ الْحَيْضُ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ لِلضَّرُورَةِ فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا قَبْلَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُسَمَّى نِفَاسًا مَعَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى نِفَاسًا، بَلْ إنْ كَانَ قَبْلَهُ حَيْضٌ بِأَنْ حَاضَتْ قَبْلَ الْوَلَدِ وَلَمْ يَزِدْ الْمَجْمُوعُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَانَ حَيْضًا وَإِلَّا كَانَ دَمَ فَسَادٍ. قَوْلُهُ:(مِنْ الْحَمْلِ) أَيْ وَلَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً. وَهَذَانِ لَا يُسَمِّيَانِ وِلَادَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُمَا فِي حُكْمِهَا. وَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوِلَادَةَ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ. وَيَتَعَلَّقُ بِالْعَلَقَةِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ. تَسْمِيَةُ الدَّمِ عَقِبَهَا نِفَاسًا، وَوُجُوبُ الْغُسْلِ، وَيُفْطِرُ بِهَا الصَّائِمُ، وَتَزِيدُ عَلَيْهَا الْمُضْغَةُ بِأَمْرَيْنِ: انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ، وَثُبُوتُ الِاسْتِيلَادِ إنْ كَانَ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَقِبَ الْوِلَادَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ الْوِلَادَةِ، وَإِلَّا فَلَا نِفَاسَ لَهَا، فَإِذَا رَأَتْهُ قَبْلَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَابْتِدَاؤُهُ أَيْ: ابْتِدَاءُ أَحْكَامِهِ مِنْ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَزَمَنُ النَّقَاءِ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ لَا نِفَاسَ فِيهِ، لَكِنَّهُ مَحْسُوبٌ مِنْ السِّتِّينَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَهُ. قَالَ ز ي: فَلَا تَثْبُتُ الْأَحْكَامُ إلَّا مِنْ حِينِ خُرُوجِ الدَّمِ. قُلْت: وَقَضِيَّتُهُ حِلُّ التَّمَتُّعِ قَبْلَ نُزُولِ الدَّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ م ر: وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا جَازَ وَطْؤُهَا قَبْلَ غُسْلِهَا؛ إذْ هُوَ كَالْجَنَابَةِ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَقِبَ نَفْسٍ) أَوْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّفْسِ أَيْ الدَّمِ يُقَالُ فِي فِعْلِهِ نُفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا مَعَ كَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَالضَّمُّ أَفْصَحُ، وَفِي فِعْلِ الْحَيْضِ أَيْ إذَا كَانَ نَفَسَ بِمَعْنَى حَاضَ نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَا بِحَيْضٍ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِحَيْضٍ مُتَقَدَّمٍ عَلَى الطَّلْقِ، وَإِلَّا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ مَعَ الطَّلْقِ أَوْ الْوِلَادَةِ حَيْضًا أَيْضًا، حَتَّى لَوْ اسْتَمَرَّ الْخَارِجُ مَعَ الطَّلْقِ وَخُرُوجِ الْوَلَدِ إلَى أَنْ اتَّصَلَ الْخَارِجُ بِالنِّفَاسِ بَعْدَ تَمَامِ الْوِلَادَةِ كَانَ جَمِيعُهُ حَيْضًا، وَإِنْ لَزِمَ اتِّصَالُ النِّفَاسِ بِالْحَيْضِ بِدُونِ فَاصِلِ طُهْرٍ بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاوَزَ دَمُ النِّفَاسِ سِتِّينَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ اسْتِحَاضَةً، وَلَا يُجْعَلُ مَا بَعْدَ السِّتِّينَ حَيْضًا مُتَّصِلًا بِالنِّفَاسِ، وَاعْتِبَارُ الْمُتَّصِلِ بَيْنَهُمَا فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ النِّفَاسُ دُونَ مَا إذَا تَقَدَّمَ. اهـ. ع ش. عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَمَعْنَاهُ أَنْ لَا يَكُونَ مُتَرَاخِيًا عَمَّا قَبْلَهُ) وَضَابِطُ التَّرَاخِي بِأَنْ يَكُونَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِحَاضَةُ هُوَ الدَّمُ) هَذَا التَّعْرِيفُ اتَّحَدَ فِيهِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَالشَّرْعِيُّ، وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ: وَالِاسْتِحَاضَةُ هُوَ لُغَةً السَّيَلَانُ وَشَرْعًا الدَّمُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَدْنَى الرَّحِمِ) وَهُوَ مُسْتَقَرُّ الْوَلَدِ، وَمِنْ الطُّرُقِ الَّتِي تَعْرِفُ بِهَا الْمَرْأَةُ كَوْنَ الْخَارِجِ دَمَ حَيْضٍ، أَوْ اسْتِحَاضَةٍ أَنْ تَأْخُذَ مَنْ قَامَ بِهَا مَا ذُكِرَ مَاسُورَةً مَثَلًا وَتَضَعَهَا فِي فَرْجِهَا، فَإِنْ دَخَلَ الدَّمُ فِيهَا فَهُوَ حَيْضٌ، وَإِنْ ظَهَرَ عَلَى جَوَانِبِهَا فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ، وَهَذِهِ عَلَامَةٌ ظَنِّيَّةٌ فَقَطْ لَا قَطْعِيَّةٌ، وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ لَنَا مُسْتَحَاضَةٌ مُتَحَيِّرَةٌ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَخَرَجَ إثْرَ الْحَيْضِ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا تَرَاهُ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ، وَقِيلَ إنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ هِيَ الَّتِي يُجَاوِزُ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَيَسْتَمِرُّ، وَعَلَيْهِ فَدَمُ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ يُسَمَّى دَمَ فَسَادٍ لَا اسْتِحَاضَةٍ اهـ اج. وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا خَرَجَ إثْرَ حَيْضٍ، وَمَا عَدَاهُ يُقَالُ لَهُ: دَمُ فَسَادٍ.

قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِحَاضَةُ حَدَثٌ دَائِمٌ) هَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِهَا الْإِجْمَالِيِّ.

قَوْلُهُ: (فَلَا تَمْنَعُ) إلَخْ بَيَانٌ لِحُكْمِهَا التَّفْصِيلِيِّ.

قَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) وَيَجُوزُ وَطْؤُهَا وَإِنْ كَانَ دَمُهَا جَارِيًا فِي زَمَنٍ يُحْكَمُ لَهَا فِيهِ بِكَوْنِهَا طَاهِرَةً وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ شَرْحُ م ر وَقِ ل وح ل. قَوْلُهُ: (فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، فَيَجِبُ أَنْ تَغْسِلَ مُسْتَحَاضَةٌ فَرْجَهَا فَتَحْشُوَهُ بِنَحْوِ قُطْنَةٍ فَتَعْصِبَهُ بِأَنْ تَشُدَّهُ بَعْدَ حَشْوِهِ بِذَلِكَ بِخِرْقَةٍ مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ تُخْرِجُ أَحَدَهُمَا أَمَامَهَا، وَالْآخَرَ وَرَاءَهَا وَتَرْبِطُهُمَا بِخِرْقَةٍ تَشُدُّ بِهَا وَسَطَهَا كَالتِّكَّةِ بِشَرْطِهِمَا أَيْ الْحَشْوِ وَالْعَصْبِ أَيْ: بِشَرْطِ وُجُوبِهِمَا بِأَنْ احْتَاجَتْهُمَا وَلَمْ تَتَأَذَّ بِهِمَا، وَلَمْ تَكُنْ

ص: 342

الْوُضُوءِ أَوْ التَّيَمُّمِ إنْ كَانَتْ تَتَيَمَّمُ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَعْصِبُهُ وَتَتَوَضَّأُ بَعْدَ عَصْبِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ وَقْتَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ، وَبَعْدَ مَا ذُكِرَ تُبَادِرُ بِالصَّلَاةِ تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ، فَلَوْ أَخَّرَتْ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَسِتْرِ عَوْرَةٍ وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ وَاجْتِهَادٍ فِي قِبْلَةٍ وَذَهَابٍ إلَى مَسْجِدٍ وَتَحْصِيلِ سُتْرَةٍ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ بِذَلِكَ مُقَصِّرَةً، وَإِذَا أَخَّرَتْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ ضَرَّ فَيَبْطُلُ وُضُوءُهَا وَيَجِبُ إعَادَتُهُ، وَإِعَادَةُ الِاحْتِيَاطِ لِتَكَرُّرِ الْحَدَثِ وَالنَّجِسِ مَعَ اسْتِغْنَائِهَا عَنْ احْتِمَالِ ذَلِكَ بِقُدْرَتِهَا عَلَى الْمُبَادَرَةِ، وَيَجِبُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ فَرْضٍ وَلَوْ مَنْذُورًا كَالتَّيَمُّمِ لِبَقَاءِ الْحَدَثِ، وَكَذَا يَجِبُ لِكُلِّ فَرْضٍ تَجْدِيدُ الْعِصَابَةِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ غَسْلٍ قِيَاسًا عَلَى تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ، وَلَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَمْ تَعْتَدْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي الْحَشْوِ صَائِمَةً. وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ بَلْ يَجِبُ عَلَى الصَّائِمَةِ تَرْكُ الْحَشْوِ نَهَارًا، وَلَوْ خَرَجَ الدَّمُ بَعْدَ الْعَصَبِ لِكَثْرَتِهِ لَمْ يَضُرَّ أَوْ لِتَقْصِيرِهَا فِيهِ ضَرَّ اهـ. وَقَوْلُهُ: تَغْسِلُ مُسْتَحَاضَةٌ أَيْ إنْ أَرَادَتْهُ، وَإِلَّا اسْتَعْمَلَتْ الْأَحْجَارَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِهَا فِي النَّادِرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَتَعْبِيرُهُ بِالْغُسْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ بِشَرْحِ م ر. وَيَجِبُ فِي الْحَشْوِ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بَارِزًا عَنْهُ لِئَلَّا تَصِيرَ حَامِلًا لِمُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ. وَقَوْلُهُ: وَلَمْ تَتَأَذَّ بِهِمَا. قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَيُتَّجَهُ أَنْ يَكْتَفِيَ فِي التَّأَذِّي بِالْحُرْقَانِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ. وَقَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ فِي الْحَشْوِ صَائِمَةً، وَإِنَّمَا حَافَظُوا عَلَى صِحَّةِ الصَّوْمِ لَا عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَكْسَ مَا فَعَلُوهُ فِيمَنْ ابْتَلَعَ بَعْضَ خَيْطٍ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَطَلَعَ الْفَجْرُ وَطَرَفُهُ خَارِجٌ حَيْثُ حَافَظُوا عَلَى الصَّلَاةِ بِوُجُوبِ نَزْعِهِ مَعَ إكْرَاهٍ أَوْ نَوْمٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ، فَالظَّاهِرُ دَوَامُهَا، فَلَوْ رَاعَيْنَا الصَّلَاةَ لَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ لِلْحَشْوِ، وَلِأَنَّ الْمَحْذُورَ هُنَا لَا يَنْتَفِي بِالْكُلِّيَّةِ، فَإِنَّ الْحَشْوَ يَتَنَجَّسُ، وَهِيَ حَامِلَةٌ لَهُ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ ز ي وَرَدَّهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَنَصُّهُ: تَنْبِيهٌ، عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ صَلَاةَ الصَّائِمَةِ مَعَ تَرْكِ الْحَشْوِ صَحِيحَةٌ كَصَوْمِهَا، فَمُرَاعَاةُ الصَّوْمِ إنَّمَا حَصَلَتْ بِتَرْكِ الْحَشْوِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ سُقُوطُ اسْتِشْكَالِ مَا هُنَا بِمَسْأَلَةِ الْخَيْطِ الْآتِيَةِ فِي الصَّوْمِ الَّتِي فِيهَا لُزُومُ بُطْلَانِ أَحَدِهِمَا، وَهِيَ مَا لَوْ ابْتَلَعَ خَيْطًا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَأَصْبَحَ صَائِمًا، وَطَرَفُهُ خَارِجٌ حَيْثُ رَاعَوْا فِيهَا الصَّلَاةَ بِنَزْعِهِ لِصِحَّتِهَا لَا الصَّوْمَ بِبَقَائِهِ وَبُطْلَانِهَا، فَلَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ عَنْهَا بِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ مَعَهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَتَتَوَضَّأُ) أَوْ تَتَيَمَّمُ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ فَتَتَطَهَّرُ.

قَوْلُهُ: (تُبَادِرُ بِالصَّلَاةِ) أَيْ الْفَرْضِ، أَمَّا النَّفَلُ فَلَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ لِجَوَازِ فِعْلِهِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَرْضِ ز ي.

قَوْلُهُ: (لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ) وَهَلْ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ النَّافِلَةُ، وَلَوْ مُطْلَقَةً، وَإِنْ طَالَ زَمَنُ ذَلِكَ أَوْ لَا، حَرِّرْ. قُلْت: وَفِي الْإِيعَابِ وَلَهَا التَّأْخِيرُ لِلرَّاتِبَةِ الْقَبْلِيَّةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ، فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ فِعْلَهَا لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ مُضِرٌّ اهـ. ح ل. قَوْلُهُ:(وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْجَمَاعَةُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ طَالَ وَاسْتَغْرَقَ غَالِبَ الْوَقْتِ، وَإِنْ حُرِّمَ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلسِّتْرِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا فَلْيُحَرَّرْ ح ل. وَقَالَ ع ش: أَيْ حَيْثُ عُذِرَتْ فِي التَّأْخِيرِ لِغَيْمٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهَا سَعَةُ الْوَقْتِ، وَلَا ضِيقُهُ فَبَالَغَتْ فِي الِاجْتِهَادِ، أَوْ طَلَبِ السُّتْرَةِ، وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَتْ ضِيقَ الْوَقْتِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّأْخِيرُ، وَالْقِيَاسُ حِينَئِذٍ امْتِنَاعُ صَلَاتِهَا بِذَلِكَ الطُّهْرِ، وَقَيَّدَ الْإِطْفِيحِيُّ الْجَمَاعَةَ بِالْمَطْلُوبَةِ، وَإِلَّا كَاقْتِدَاءٍ بِإِمَامٍ فَاسِقٍ وَجَدَتْ غَيْرَهُ فَيَضُرُّ التَّأْخِيرُ لَهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَتَحْصِيلِ سُتْرَةٍ) وَإِجَابَةِ مُؤَذِّنٍ أَمَّا الْأَذَانُ فَلَيْسَ لَهَا.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّ) وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ.

قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ) كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ.

قَوْلُهُ: (وُضُوءُهَا) أَوْ تَيَمُّمُهَا. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ فَرْضٍ إلَخْ) وَلَهَا أَنْ تَتَنَفَّلَ مَا شَاءَتْ بِوُضُوءٍ فِي الْوَقْتِ إنْ تَوَضَّأَتْ لِلْفَرْضِ، وَلَا تَتَنَفَّلُ خَارِجَهُ أَيْ إنْ كَانَ غَيْرَ رَاتِبَةِ ذَلِكَ الْفَرْضِ أَمَّا رَاتِبَةُ ذَلِكَ الْفَرْضِ فَتُصَلِّيهِ وَلَوْ خَارِجَ الْوَقْتِ، وَبِهِ جَمَعَ م ر بَيْنَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ الْمُتَنَاقِضِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي سم وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ بِتَجَدُّدِ حَدَثِهَا اهـ. س ل. قَوْلُهُ:(وَكَذَا يَجِبُ لِكُلِّ فَرْضٍ تَجْدِيدُ الْعِصَابَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَنْ مَحَلِّهَا، وَلَمْ يَظْهَرْ الدَّمُ عَلَى جَوَانِبِهَا، وَمَحَلُّ وُجُوبِ. تَجْدِيدِهَا عِنْدَ تَلْوِيثِهَا بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ تَتَلَوَّثْ أَوْ تَلَوَّثَتْ بِمَا يُعْفَى عَنْهُ لِقِلَّتِهِ، فَالْوَاجِبُ فِيمَا يَظْهَرُ تَجْدِيدُ رِبَاطِهَا لِكُلِّ فَرْضٍ لَا تَغْيِيرُهَا بِالْكُلِّيَّةِ. اهـ. س ل. قَوْلُهُ:(وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ غَسْلٍ إلَخْ) أَيْ وَحَشْوٍ. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَى تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ) أَيْ إعَادَةِ الْوُضُوءِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهَا.

ص: 343

انْقِطَاعَهُ وَعَوْدَهُ، أَوْ اعْتَادَتْ ذَلِكَ وَوَسِعَ زَمَنُ الِانْقِطَاعِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ وَجَبَ الْوُضُوءُ، وَإِزَالَةُ مَا عَلَى الْفَرْجِ مِنْ الدَّمِ.

(وَأَقَلُّ الْحَيْضِ) زَمَنًا (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ مِقْدَارُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً فَلَكِيَّةً (وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) بِلَيَالِيِهَا وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الدِّمَاءُ، وَالْمُرَادُ خَمْسَةَ عَشَرَ لَيْلَةً، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ دَمُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بِلَيْلَتِهِ كَأَنْ رَأَتْ الدَّمَ أَوَّلَ النَّهَارِ لِلِاسْتِقْرَاءِ، وَأَمَّا خَبَرُ:«أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشْرَةُ أَيَّامٍ» فَضَعِيفٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (وَغَالِبُهُ) أَيْ الْحَيْضِ (سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ) وَبَاقِي الشَّهْرِ غَالِبُ الطُّهْرِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: تَحَيَّضِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْوُضُوءُ) أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ لِلْعَادَةِ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ انْقِطَاعِهِ عَدَمُ عَوْدِهِ، فَلَوْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ تَبَيَّنَ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَتُهُ: وَيَجِبُ طُهْرٌ إنْ انْقَطَعَ دَمُهَا بَعْدَهُ، أَوْ فِيهِ لَا إنْ عَادَ قَرِيبًا. وَقَالَ ق ل حَاصِلُهُ: أَنَّهُ إنْ وَسِعَ زَمَنُ انْقِطَاعِهِ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ وَجَبَ الْوُضُوءُ وَمَا مَعَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَا عِبْرَةَ بِعَادَةٍ، وَلَا عَدَمِهَا.

قَوْلُهُ: (زَمَنًا) قَدَّرَهُ دَفْعًا لِمَا وَرَدَ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ فِيهِ الْإِخْبَارَ بِالزَّمَنِ عَنْ الْجُثَّةِ وَهُوَ الدَّمُ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: (أَيْ مِقْدَارَ) أَتَى بِذَلِكَ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ رَأَتْهُ أَثْنَاءَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ بُلُوغُ مِثْلِهِ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْ اللَّيْلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ أَنْ يَتَّصِلَ دِمَاؤُهُ بِحَيْثُ لَوْ وَضَعَتْ الْقُطْنَةَ لَتَلَوَّثَتْ اهـ اج وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْمُضَافِ أَيْ: أَقَلُّ زَمَنِهِ يَوْمٌ إلَخْ، وَإِنَّمَا آثَرَ ذَلِكَ التَّمْيِيزَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَدَّرَهُ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ فَقَالَ: وَأَقَلُّ زَمَنِهِ فَصَلَ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ، وَإِنْ أَخَّرَ الْبَيَانَ عَنْ الْمَتْنِ فَقَالَ أَيْ: أَقَلُّ زَمَنِهِ بَعْدَ، وَأَقَلُّ أَدَّى إلَى طُولٍ فَمَا ذَكَرَهُ أَخَصْرُ وَأَوْلَى ع ش. وَفِيهِ أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ هُنَا لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْفَاصِلَ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ بَلْ هُوَ أَخْصَرُ، وَأَظْهَرُ مِمَّا صَنَعَهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (أَيْ مِقْدَارُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ وُجُودَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِمَعْنَاهُمَا اللُّغَوِيِّ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَسْقَطَ الشَّارِحُ لَفْظَ مُتَّصِلًا، وَزَادَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فَقَالَ: أَيْ قَدْرُهُمَا مُتَّصِلًا قَالَ ح ل: هُوَ قَيْدٌ فِي تَحَقُّقِ الْأَقَلِّ فَقَطْ أَيْ لَا يُتَصَوَّرُ الْأَقَلُّ فَقَطْ إلَّا إذَا رَأَتْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَاعَةً عَلَى الِاتِّصَالِ، وَأَمَّا لَوْ رَأَتْهَا مُتَفَرِّقَةً فِي أَيَّامٍ لَا يَكُونُ أَقَلَّ فَقَطْ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ شَيْخِنَا. رَأَتْ دِمَاءً مُتَقَطِّعَةً يَنْقُصُ كُلٌّ مِنْهَا عَنْ يَوْمٍ، وَإِذَا جُمِعَ بَلَغَ يَوْمًا وَلَيْلَةً عَلَى الِاتِّصَالِ، فَيَكُونُ كَافِيًا فِي حُصُولِ أَقَلِّ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ لَهُ صُورَتَانِ: أَقَلُّ فَقَطْ، وَأَقَلُّ مَعَ غَيْرِهِ إمَّا مَعَ الْغَالِبِ أَوْ مَعَ الْأَكْثَرِ اهـ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُهُ) أَيْ زَمَنًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الدِّمَاءُ) فِي إسْنَادِ الْفِعْلِ لِلدِّمَاءِ إشَارَةٌ إلَى قِرَاءَةِ الْفِعْلِ بِفَوْقِيَّتَيْنِ، وَيَجُوزُ بِتَحْتِيَّةٍ فَفَوْقِيَّةٍ، وَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: وَكَانَ وَقْتُ الدِّمَاءِ مَجْمُوعُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً كَمَا قَالَهُ ح ل. وَيُقَالُ لِهَذَا أَقَلُّ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ قَدْرُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) لَوْ قَالَ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ اللَّيَالِيُ عَلَى الْأَيَّامِ أَوْ تَأَخَّرَتْ لَكَانَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ، وَلَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ اُعْتُبِرَ قَدْرُ الْمَاضِي مِنْهُمَا مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ. اهـ. ق ل. قَوْلُهُ:(لِلِاسْتِقْرَاءِ) ؛ إذْ لَا ضَابِطَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لُغَةً وَلَا شَرْعًا فَرُجِعَ فِيهِ إلَى الْمُتَعَارَفِ بِالِاسْتِقْرَاءِ. وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِقْرَاءِ النَّاقِصُ وَهُوَ دَلِيلٌ ظَنِّيٌّ فَيُفِيدُ الظَّنَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَتَبُّعٌ لِأَكْثَرِ الْجُزْئِيَّاتِ بَلْ يُكْتَفَى بِتَتَبُّعِ الْبَعْضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ كَمَا هُنَا، وَهَذَا مَا انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ سم فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ. وَفِي ع ش عَلَى م ر نَقْلًا عَنْ عَمِيرَةَ مَا نَصُّهُ قَالُوا: لِأَنَّ مَا لَا ضَابِطَ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَلَا الشَّرْعِ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَقْدِيمَ اللُّغَةِ عَلَى الْعُرْفِ وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ: إنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ أَوَّلًا عَلَى الشَّرْعِيِّ ثُمَّ الْعُرْفِيِّ ثُمَّ اللُّغَةِ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْعُرْفَ يُقَدَّمُ عَلَى اللُّغَةِ فِي بَيَانِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ مِنْهُ بَلْ مِنْ بَيَانِ الضَّابِطِ الْمُطَّرِدِ الَّذِي هُوَ كَالْقَاعِدَةِ، وَيَجُوزُ أَنَّ أَهْلَ الْأُصُولِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ أَيْ لِلضَّابِطِ، وَلَوْ أَخَّرَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ لِلِاسْتِقْرَاءِ عَنْ ذِكْرِ الْغَالِبِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ فَلَوْ أَخَّرَ هَذَا إلَى هُنَا لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَ غَالِبُ الْحَيْضِ، خُصُوصًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ مُعْتَادَةٌ فَرُدَّتْ

ص: 344

فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَيَطْهُرْنَ مِيقَاتَ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ» أَيْ الْتَزِمِي الْحَيْضَ وَأَحْكَامَهُ فِيمَا أَعْلَمَكِ اللَّهُ مِنْ عَادَةِ النِّسَاءِ مِنْ سِتَّةٍ أَوْ سَبْعَةٍ، وَالْمُرَادُ غَالِبُهُنَّ لِاسْتِحَالَةِ اتِّفَاقِ الْكُلِّ عَادَةً، وَلَوْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ امْرَأَةٍ بِأَنْ تَحِيضَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ يُتَّبَعْ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ بَحْثَ الْأَوَّلِينَ أَتَمُّ، وَاحْتِمَالُ عُرُوضِ دَمِ فَسَادٍ لِلْمَرْأَةِ أَقْرَبُ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ الْمُسْتَقِرَّةِ

وَتُسَمَّى الْمُجَاوِزَةُ لِلْخَمْسَةِ عَشَرَ بِالْمُسْتَحَاضَةِ فَيُنْظَرُ فِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً وَهِيَ الَّتِي ابْتَدَأَهَا الدَّمُ مُمَيِّزَةً بِأَنْ تَرَى فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ دَمًا قَوِيًّا وَفِي بَعْضِهَا دَمًا ضَعِيفًا فَالضَّعِيفُ اسْتِحَاضَةٌ، وَالْقَوِيُّ مِنْهُ حَيْضٌ إنْ لَمْ يَنْقُصْ الْقَوِيُّ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَلَا جَاوَزَ أَكْثَرَهُ، وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ بِأَنْ رَأَتْهُ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فَقَدَتْ شَرْطَ تَمْيِيزٍ مِنْ شُرُوطِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِعَادَتِهَا. وَقَدْ يُقَالُ: قَوْلُهُ: مِيقَاتَ حَيْضِهِنَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَ هُوَ الْغَالِبُ. قَوْلُهُ: (لِحَمْنَةَ) هِيَ أُخْتُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ زَوْجَةِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام اهـ اج. وَاسْمُ أُمِّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ. وَكَانَتْ مُعْتَادَةً غَيْرَ مُمَيَّزَةٍ. اهـ. م ر. أَيْ وَكَانَتْ عَادَتُهَا مُخْتَلِفَةً فَتَارَةً سِتَّةٌ وَتَارَةً سَبْعَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، أَيْ؛ لِأَنَّهَا تُرَدُّ لِلْعَادَةِ وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

قَوْلُهُ: (تَحَيَّضِي) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَفْتُوحَةِ.

قَوْلُهُ: «فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً» أَيْ وَتَطْهُرِي بَقِيَّةَ الشَّهْرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَيَطْهُرْنَ، فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ كَمَا قَرَّرَهُ م ر. وَالْمُرَادُ بِعِلْمِ اللَّهِ مَعْلُومُهُ أَيْ فِيمَا أَعْلَمَكِ اللَّهُ وَأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ سَبْعَةً لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ) أَيْ غَالِبُهُنَّ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: تَحِيضُ أَنْ يُضْبَطَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ كَمَا فِي ع ش.

قَوْلُهُ: (مِيقَاتَ) بَدَلٌ مِنْ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً أَيْ: وَمِنْ بَقِيَّةِ الشَّهْرِ الْمُقَدَّرِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ تَحَيَّضِي سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً وَتَطَهَّرِي بَقِيَّةَ الشَّهْرِ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَذَلِكَ مِيقَاتُ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (أَيْ الْتَزِمِي) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ تَحَيَّضِي. وَقَوْلُهُ: (وَأَحْكَامَهُ) تَفْسِيرٌ فَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَحْرُمُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ بَحْثَ الْأَوَّلِينَ) أَيْ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ بَعْدَهُ أَتَمُّ فَهُوَ إجْمَاعٌ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَاحْتِمَالُ عُرُوضِ دَمِ إلَخْ) أَيْ وَالْحُكْمُ عَلَى دَمِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِالْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ حَيْضًا خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ. اهـ. ق ل. وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ طُرُوءِ الدَّمِ أَيْ يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَأَكْثَرَ اسْتَمَرَّ الْحُكْمُ بِالْوُقُوعِ. وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بَانَ عَدَمُهُ، فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ حُكْمُ الطَّلَاقِ لِلْحُكْمِ بِهِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ خِلَافُهُ أَوَّلًا نَظَرًا لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. سم. قُلْت: وَاَلَّذِي يَأْتِي لَمْ ر فِي بَابِ الطَّلَاقِ اسْتِمْرَارُهُ. وَعِبَارَتُهُ: لَوْ عَلَّقَ بِالْحَيْضِ وَقَعَ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ حَتَّى لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أُجْرِيَتْ عَلَيْهَا أَحْكَامُ الطَّلَاقِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنُهُ دَمَ فَسَادٍ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (بِالْمُسْتَحَاضَةِ) وَهِيَ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا مُبْتَدَأَةٌ أَوْ مُعْتَادَةٌ كُلٌّ مِنْهُمَا مُمَيِّزَةٌ أَوْ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ وَالْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ إمَّا ذَاكِرَةٌ الْوَقْتَ وَالْقَدْرَ أَوْ نَاسِيَةٌ لَهُمَا أَوْ نَاسِيَةٌ لِأَحَدِهِمَا ذَاكِرَةٌ لِلْآخَرِ.

قَوْلُهُ: (فَالضَّعِيفُ اسْتِحَاضَةٌ) أَيْ وَإِنْ طَالَ، فَلَوْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً دَمًا أَسْوَدَ ثُمَّ أَحْمَرَ مُسْتَمِرًّا سِنِينَ كَثِيرَةً، فَإِنَّ الضَّعِيفَ كُلَّهُ طُهْرٌ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الطُّهْرِ لَا حَدَّ لَهُ ز ي. وَقَوْلُهُ: وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ أَيْ مَعَ ضَعِيفٍ أَوْ نَقَاءٍ تَخَلَّلَهُ كَأَنْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً سَوَادًا ثُمَّ كَذَلِكَ حُمْرَةً أَوْ نَقَاءً ثُمَّ سَوَادًا، وَهَكَذَا إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ أَطْبَقَتْ الْحُمْرَةُ. اهـ. ز ي. وَعِبَارَةُ اط ف قَوْلُهُ: وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ كَأَنْ رَأَتْ خَمْسَةً سَوَادًا وَخَمْسَةً حُمْرَةً وَخَمْسَةً شُقْرَةً، ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ فَمَا قَبْلَ الصُّفْرَةِ حَيْضٌ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِمَّا بَعْدَهَا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ) إلَخْ وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ اهـ. قَوْلُهُ: (وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ) قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: لَا يُحْتَاجُ لَهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ الْقَوِيَّ إذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ لَزِمَ أَنْ لَا يَنْقُصَ الضَّعِيفُ عَنْهَا، وَرَدَّهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ الدَّوْرُ ثَلَاثِينَ فَيُحْتَاجُ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ:(فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ دَوْرُهَا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ فَيَكُونُ الْقَوِيُّ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَالضَّعِيفُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَتَكُونُ فَاقِدَةً شَرْطًا. وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الضَّعِيفُ مُتَوَالِيًا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا أَسْوَدَ وَيَوْمَيْنِ أَوْ

ص: 345

السَّابِقَةِ فَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. وَطُهْرُهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ تَتِمَّةُ الشَّهْرِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ بِأَنْ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ، وَهِيَ تَعْلَمُهُمَا قَدْرًا وَوَقْتًا فَتَرُدُّ إلَيْهِمَا قَدْرًا وَوَقْتًا، وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ بِمَرَّةٍ وَيُحْكَمُ لِمُعْتَادَةٍ مُمَيِّزَةٍ بِتَمْيِيزٍ لَا عَادَةٍ مُخَالِفَةٍ لَهُ، وَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ طُهْرٍ؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ أَقْوَى مِنْ الْعَادَةِ لِظُهُورِهِ، فَإِنْ نَسِيَتْ عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتًا وَهِيَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَوْمًا أَحْمَرَ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الشَّهْرِ فَهِيَ فَاقِدَةٌ شَرْطًا مِمَّا ذُكِرَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِهَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ، وَهُوَ أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَمَحَلُّ الشَّرْطِ الثَّالِثِ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ إلَخْ. إنْ اسْتَمَرَّ الدَّمُ فَلَا يَرِدُ مَا إذَا رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ أَوْ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ، ثُمَّ انْقَطَعَ الدَّمُ فَإِنَّ حَيْضَهَا هُوَ الْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ طُهْرٌ مَعَ نَقْصِهِ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ز ي. قَوْلُهُ:(فَقَدَتْ) بِفَتْحِ الْقَافِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} اهـ اج.

قَوْلُهُ: (فَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ إنْ عَرَفَتْ وَقْتَ ابْتِدَاءِ الدَّمِ، وَإِلَّا فَمُتَحَيِّرَةٌ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَالَ ح ل: لِأَنَّ سُقُوطَ الصَّلَاةِ عَنْهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ أَعْنِي الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ مُتَيَقَّنٌ، وَفِيمَا عَدَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا يُتْرَكُ الْيَقِينُ إلَّا بِمِثْلِهِ أَوْ أَمَارَةٍ ظَاهِرَةٍ مِنْ تَمْيِيزٍ أَوْ عَادَةٍ، لَكِنَّهَا فِي الدَّوْرِ الْأَوَّلِ تُمْهَلُ حَتَّى يَعْبُرَ الدَّمُ أَكْثَرَهُ فَتَغْتَسِلُ وَتَقْضِي عِبَادَةَ مَا زَادَ عَلَى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَفِي الدَّوْرِ الثَّانِي تَغْتَسِلُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ اسْتَمَرَّتْ عَلَى فَقْدِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ ح ل وم ر. قَوْلُهُ:(تِسْعٌ وَعِشْرُونَ) إنَّمَا حَذَفَ التَّاءَ مِنْ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَهُوَ يَوْمًا أَوْ تَغْلِيبًا لِلَّيَالِيِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُغَلِّبُ التَّأْنِيثَ فِي أَسْمَاءِ الْعَدَدِ إذَا أَرَادَتْ ذَلِكَ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ طُهْرَهَا أَقَلُّ الطُّهْرِ أَوْ غَالِبُهُ، وَيُحْتَاطُ فِيمَا زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلَمْ يَقُلْ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ مَعَ أَنَّهُ أَخَصْرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ مَا ذُكِرَ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهْرِ الْهِلَالِيُّ الصَّادِقُ بِتِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ، فَيَكُونُ بَقِيَّتُهُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّهْرَ مَتَى أُطْلِقَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْهِلَالِيُّ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فِي الْمُمَيِّزَةِ الْفَاقِدَةِ شَرْطًا، وَفِي الْمُتَحَيِّرَةِ، وَفِي الْحَمْلِ بِالنَّظَرِ لِأَقَلِّهِ وَغَالِبِهِ، فَإِنَّ الشَّهْرَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ عَدَدِيٌّ أَعْنِي ثَلَاثِينَ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف. قَوْلُهُ:(قَدْرًا وَوَقْتًا) أَيْ وَإِنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ أَوْ زَادَ دَوْرُهَا عَلَى تِسْعِينَ يَوْمًا كَأَنْ لَمْ تَحِضْ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، فَهِيَ الْحَيْضُ وَبَاقِي السَّنَةِ طُهْرٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ) هِيَ تَكَرُّرُ الشَّيْءِ عَلَى نَهْجٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ لَكِنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَا يَنْطَبِقُ عَلَى قَوْلِ الشَّرْحِ وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ فَلَعَلَّ تَسْمِيَةَ الْفُقَهَاءِ لِمِثْلِ هَذَا عَادَةً مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ وَإِلَّا فَفِي اللُّغَةِ مَا يَقْتَضِي مِثْلَ مَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ فَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْعَادَةُ مَعْرُوفَةٌ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يُعَاوِدُهَا أَيْ يَرْجِعُ إلَيْهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. اهـ. .

قَوْلُهُ: (بِمَرَّةٍ) ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِابْتِدَاءِ، وَمَحَلُّ ثُبُوتِهَا بِمَرَّةٍ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ فَمَنْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً، ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَى الْخَمْسَةِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهَا إنْ انْتَظَمَتْ وَلَمْ تَنْسَ انْتِظَامَهَا لَمْ تَثْبُتْ إلَّا مَرَّتَيْنِ كَأَنْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَةً، وَفِي ثَانِيهِ خَمْسَةً، وَفِي ثَالِثِهِ سَبْعَةً، وَفِي رَابِعِهِ ثَلَاثَةً، وَفِي الْخَامِسِ خَمْسَةً، وَفِي السَّادِسِ سَبْعَةً، ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ فِي السَّابِعِ فَتَجْرِي عَلَى هَذَا الِانْتِظَامِ بِأَنْ تَجْعَلَ حَيْضَهَا فِي السَّابِعِ ثَلَاثًا، وَفِي الثَّامِنِ خَمْسَةً، وَفِي التَّاسِعِ سَبْعَةً وَهَكَذَا. قَوْلُهُ:(وَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا) أَيْ التَّمْيِيزِ وَالْعَادَةِ، فَإِنْ تَخَلَّلَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَمِلَ بِالتَّمْيِيزِ وَالْعَادَةِ جَمِيعًا اج. فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَقِيَّتُهُ طُهْرٌ، فَرَأَتْ عَشَرَةً أَسْوَدَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَبَقِيَّتُهُ أَحْمَرَ حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ لَا الْخَمْسَةُ الْأُولَى مِنْهَا. أَمَّا إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ الطُّهْرِ كَأَنْ رَأَتْ بَعْدَ خَمْسَتِهَا عِشْرِينَ ضَعِيفًا ثُمَّ خَمْسَةً قَوِيًّا، فَقَدْرُ الْعَادَةِ حَيْضٌ لِلْعَادَةِ، وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ آخَرُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ أَيْ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا طُهْرًا كَامِلًا.

قَوْلُهُ: (لِظُهُورِهِ) الْمُرَادُ بِظُهُورِهِ: مُشَاهَدَةُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

1 -

قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَسِيَتْ عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتًا) . هَذِهِ تُسَمَّى مُتَحَيِّرَةً تَحَيُّرًا مُطْلَقًا، وَأَمَّا الذَّاكِرَةُ لِأَحَدِهِمَا فَتُسَمَّى مُتَحَيِّرَةً

ص: 346

مُمَيِّزَةٌ فَكَحَائِضٍ فِي أَحْكَامِهَا السَّابِقَةِ لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا الْحَيْضُ، لَا فِي طَلَاقٍ وَعِبَادَةٍ تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ كَصَلَاةٍ، وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ إنْ جَهِلَتْ وَقْتَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَتَصُومُ رَمَضَانَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً ثُمَّ شَهْرًا كَامِلًا، فَيَحْصُلُ لَهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَحَيُّرًا نِسْبِيًّا. وَقَوْلُهُ: مُتَحَيِّرَةٌ وَتُسَمَّى أَيْضًا مُحَيِّرَةً؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ تَحَيَّرَتْ فِي أَمْرِهَا، وَعَلَى الثَّانِي حَيَّرَتْ الْفَقِيهَ فِي أَمْرِهَا إنْ قُرِئَتْ بِكَسْرِ الْيَاءِ أَوْ حَيَّرَهَا الْفَقِيهُ إنْ قُرِئَتْ بِفَتْحِهَا، وَهَذَا قَبْلَ تَدْوِينِ أَحْكَامِهَا فِي الْكُتُبِ. قَوْلُهُ:(وَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ) الْجُمْلَةُ الْحَالِيَّةُ. قَوْلُهُ: (فَكَحَائِضٍ) وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ مُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا مُتَوَقَّعٌ، وَعِدَّتُهَا إنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ م ر.

قَوْلُهُ: (فِي أَحْكَامِهَا السَّابِقَةِ) . كَتَمَتُّعٍ وَقِرَاءَةٍ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ أَيْ كَحُرْمَةِ تَمَتُّعٍ وَقِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ وَالْقِرَاءَةَ لَيْسَا حُكْمًا، فَتَحْرُمُ عَلَيْهَا الْقِرَاءَةُ وَإِنْ خَافَتْ نِسْيَانَ الْقُرْآنِ لِتَمَكُّنِهَا مِنْ إجْرَائِهِ عَلَى قَلْبِهَا، أَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا أَيْ فَاتِحَةٌ وَغَيْرُهَا، وَلَوْ جَمِيعَ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ حَدَثَهَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِخِلَافِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ ح ل وَقِ ل، وَالْمُرَادُ بِالتَّمَتُّعِ التَّمَتُّعُ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا كَالْحَائِضِ فِي التَّمَتُّعِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلِهِ، وَكَالطَّاهِرِ فِي الطَّلَاقِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ وَالطَّوَافِ، وَمَحَلُّ جَوَازِ دُخُولِهَا الْمَسْجِدَ إذَا كَانَ لِعِبَادَةٍ مُتَوَقِّفَةٍ عَلَى دُخُولِهِ كَالطَّوَافِ وَالِاعْتِكَافِ، وَلَوْ مَنْدُوبَيْنِ، وَإِذَا أَجْرَتْ الْقُرْآنَ عَلَى قَلْبِهَا فَتُثَابُ عَلَى ذَلِكَ لِعُذْرِهَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف

قَالَ ع ش عَلَى م ر: فَلَوْ لَمْ يَكْفِ فِي دَفْعِ النِّسْيَانِ إجْرَاؤُهُ عَلَى قَلْبِهَا وَلَمْ يَتَّفِقُ لَهَا قِرَاءَتُهُ فِي الصَّلَاةِ لِمَانِعٍ قَامَ بِهَا كَاشْتِغَالِهَا بِصَنْعَةٍ تَمْنَعُهَا مِنْ تَطْوِيلِ الصَّلَاةِ وَالنَّافِلَةِ جَازَ لَهَا الْقِرَاءَةُ، وَيَجُوزُ لَهَا الْقِرَاءَةُ لِلتَّعَلُّمِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّمَ الْقِرَاءَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَيَنْبَغِي جَوَازُ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلِهِ إنْ تَوَقَّفَتْ قِرَاءَتُهَا، عَلَيْهِمَا، وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الْقِرَاءَةِ خَوْفَ النِّسْيَانِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَقْصِدَ بِتِلَاوَتِهَا الذِّكْرَ أَوْ تُطْلِقَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ دَفْعِ النِّسْيَانِ مَعَ ذَلِكَ؟ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ لَهَا قَصْدُ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ حَدَثَهَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَالْعُذْرُ قَائِمٌ بِهَا، فَلَا تُمْنَعُ مِنْ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ الْمُحَصِّلِ لِلثَّوَابِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهَا مَشْرُوعَةً سُنَّ لِلسَّامِعِ لَهَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَإِلَّا فَلَا. كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَقَوْلُهُ: السَّابِقَةِ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُبَدِّلَ قَوْلَهُ: السَّابِقَةِ بِاللَّاحِقَةِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَهَا سَتَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ بِالْحَيْضِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ سَرَتْ لَهُ مِنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا الْحَيْضُ) وَإِنَّ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ خِلَافًا لِلْمَحَامِلِيِّ اهـ ح ل. قَوْلُهُ: (تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ) بِخِلَافِ مَا لَا تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (كَصَلَاةٍ) أَيْ وَلَوْ مَنْذُورَةً وَصَلَاةَ جِنَازَةٍ، وَتَكْفِي مِنْهَا وَيَسْقُطُ بِهَا الْفَرْضُ وَلَوْ بِحَضْرَةِ غَيْرِهَا مِنْ مُتَطَهِّرٍ كَامِلٍ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَقَالَ حَجّ: كَصَلَاةٍ وَلَوْ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ وَسَطَهُ، وَمَا فِي الْحَاوِي عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ تَعَيُّنِ آخِرِهِ شَاذٌّ مَتْرُوكٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبٍ، بَلْ يَجُوزُ لَهَا الْإِتْيَانُ بِسُنَنِ الصَّلَاةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ، وَتُصَلِّي خَارِجَ الْمَسْجِدِ، لَكِنْ لَهَا دُخُولُهُ لِلِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُهُ إلَّا لِعِبَادَةٍ لَا تَحْصُلُ إلَّا فِيهِ كَالطَّوَافِ وَالِاعْتِكَافِ، وَمَحَلُّ دُخُولِهَا الْمَسْجِدُ لَهُ إنْ أَمِنَتْ تَلْوِيثَهُ، وَإِنَّمَا جَازَ الدُّخُولُ لَهُ مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ خَارِجَهُ بِخِلَافِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، فَلَا يَجُوزُ لَهَا الدُّخُولُ لِفِعْلِهَا إلَّا إذَا دَخَلَتْ لِفَرْضٍ غَيْرِهَا كَالِاعْتِكَافِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَرَادَتْ فِعْلَ الْجُمُعَةِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا الِاقْتِدَاءُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَيَجُوزُ لَهَا دُخُولُهُ لِفِعْلِهَا، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَ فَرْضًا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ دُخُولَ الْمَسْجِدِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الْعِبَادَةِ الَّتِي تَدْخُلُ لِفِعْلِهَا فَرْضًا بِدَلِيلِ دُخُولِهَا لِلطَّوَافِ وَالِاعْتِكَافِ الْمَنْدُوبَيْنِ نَقَلَهُ اط ف عَنْ ع ش. وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهَا النَّفَلُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ فَلَا وَجْهَ لِحِرْمَانِهَا مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ) وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُتَيَمِّمِ حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ يُزِيلُ الْمَانِعَ، غَايَتُهُ أَنَّهُ يَضْعُفُ عَنْ أَدَاءِ فَرْضَيْنِ، بِخِلَافِ الْمُتَحَيِّرَةِ، فَإِنَّهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ تَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْغَسْلُ بِالصَّبِّ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ وَاجِبَهَا الْوُضُوءُ وَتَنْوِي نِيَّةً مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ كَنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ م ر عَزِيزِيٌّ.

قَالَ ق ل: وَاكْتِفَاؤُهُمْ بِالْغُسْلِ صَرِيحٌ فِي انْدِرَاجِ وُضُوئِهَا فِيهِ،

ص: 347

مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَيَبْقَى عَلَيْهَا يَوْمَانِ إنْ لَمْ تَعْتَدْ الِانْقِطَاعَ لَيْلًا، فَإِنْ اعْتَادَتْهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا شَيْءٌ، وَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهَا يَوْمَانِ فَتَصُومُ لَهُمَا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثَلَاثَةً أَوَّلَهَا، وَثَلَاثَةً آخِرَهَا، فَيَحْصُلَانِ فَإِنْ ذَكَرَتْ الْوَقْتَ دُونَ الْقَدْرِ، أَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ غُسْلُهَا بَعْدَ الِانْقِطَاعِ فِي الْوَاقِعِ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِيهِ قَطْعًا، وَإِلَّا فَهُوَ وُضُوءٌ بِصُورَةِ الْغُسْلِ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ بِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي غُسْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لِلِاحْتِيَاطِ، غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَيَرُدُّهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ: إنَّهَا لَوْ نَوَتْ فِيهِ الْأَكْبَرَ كَفَاهَا؛ لِأَنَّ جَهْلَ حَدَثِهَا جَعَلَهَا كَالْغَالِطَةِ اهـ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ: وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ أَيْ فِي وَقْتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، قَالَ سم: وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ، وَاحْتِمَالُهُ قَائِمٌ فِي كُلِّ زَمَنٍ فَلِمَ قَيَّدَ الْغُسْلَ بِالْوَقْتِ. وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّ احْتِمَالَ الِانْقِطَاعِ قَائِمٌ فِي كُلِّ زَمَنٍ وَبِفَرْضِ وُجُودِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ بَعْدَهُ فَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ، وَأَمَّا لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعٍ بَعْدَ الْغُسْلِ إذَا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ فَلَا حِيلَةَ فِي رَفْعِهِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي وَقْتِهِ أَنَّهَا إذَا اغْتَسَلَتْ لِفَائِتَةٍ وَأَرَادَتْ أَنْ تُصَلِّيَ بِهِ حَاضِرَةً بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا امْتِنَاعُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ لِفَائِتَةٍ ثُمَّ دَخَلَ الْوَقْتُ صَلَّى بِهِ الْحَاضِرَةَ بِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ مَا يُزِيلُ طَهَارَتَهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ كَمَا ذَكَرَهُ اط ف.

قَوْلُهُ: (إنْ جَهِلَتْ إلَخْ) فَإِنْ عَلِمَتْهُ كَ عِنْدَ الْغُرُوبِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْغُسْلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا عِنْدَ الْغُرُوبِ وَتُصَلِّي بِهِ الْمَغْرِبَ وَتَتَوَضَّأُ لِبَاقِي الْفَرَائِضِ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ عِنْدَ الْغُرُوبِ دُونَ مَا عَدَاهُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ فِيهِ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا عَلِمَتْ الِانْقِطَاعَ عِنْدَ الْغُرُوبِ فَلِمَ عَبَّرَ بِالِاحْتِمَالِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِهِ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ عَادَتِهَا لَكِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالظَّنِّ لَا بِالِاحْتِمَالِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَتَصُومُ رَمَضَانَ) أَيْ وُجُوبًا وَكَذَا صَوْمُ كُلِّ فَرْضٍ وَلَوْ نَذْرًا مُوَسَّعًا وَلَهَا صَوْمُ النَّفْلِ بِالْأَوْلَى مِنْ صَلَاتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْفِدَاءُ إنْ أَفْطَرَتْ لِرَضَاعٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا حَائِضًا، وَيُقْرَأُ رَمَضَانُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِمَنْعِ الصَّرْفِ كَمَا هُوَ الْمَحْفُوظُ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الصَّرْفِ إلَّا إذَا أُرِيدَ بِهِ رَمَضَانُ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا، وَهَذَا لَمْ يُرَدْ بِهِ ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ رَمَضَانُ مِنْ أَيِّ سَنَةٍ كَانَتْ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَانِعُ لِرَمَضَانَ مِنْ الصَّرْفِ الْعَلَمِيَّةُ وَالزِّيَادَةُ وَالْعَلَمِيَّةُ بَاقِيَةٌ، وَإِنْ أُرِيدَ مِنْ أَيِّ سَنَةٍ فَهُوَ مَعْرِفَةٌ دَائِمًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا بَيْنَ شَعْبَانَ وَشَوَّالٍ مِنْ جَمِيعِ السِّنِينَ فَيَكُونُ عَلَمَ جِنْسٍ ع ش عَلَى م ر مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ الْبِرْمَاوِيِّ.

قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً) أَيْ فِي جَمِيعِهِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ شَهْرًا كَامِلًا) لَمْ يَقُلْ كَامِلَيْنِ؛ لِأَنَّ رَمَضَانَ، قَدْ لَا يَكُونُ كَامِلًا وَلَوْ قَالَ كَامِلَيْنِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا لِأَجْلِ قَوْلِهِ فَيَحْصُلُ لَهَا مِنْ كُلِّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ النَّاقِصَ يَحْصُلُ لَهَا مِنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. فَالْكَمَالُ فِي رَمَضَانَ قَيْدٌ لِفَرْضِ حُصُولِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ لَا لِبَقَاءِ الْيَوْمَيْنِ، فَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ نَاقِصًا حَصَلَ لَهَا مِنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَالْمُقْضَى مِنْهُ بِكُلِّ حَالٍ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا اهـ.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تَعْتَدْ) أَيْ قَبْلَ التَّحَيُّرِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ إنْ لَمْ تَعْتَدْ الِانْقِطَاعَ لَيْلًا بِأَنْ اعْتَادَتْهُ نَهَارًا أَوْ شَكَّتْ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَحِيضَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَيَطْرَأَ الدَّمُ فِي يَوْمٍ وَيَنْقَطِعَ فِي آخَرَ فَيَفْسُدَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ كُلٍّ مِنْ الشَّهْرَيْنِ اهـ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا شَيْءٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ رَمَضَانَ إنْ كَانَ تَامًّا فَقَدْ حَصَلَ لَهَا مِنْ كُلٍّ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَأَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْآخَرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ:(مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) هِيَ تُكْتَبُ بِالْأَلِفِ إنْ كَانَ فِيهَا تَاءُ التَّأْنِيثِ كَمَا هُنَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهَا بِأَنْ كَانَ الْمَعْدُودُ مُؤَنَّثًا نُظِرَ إنْ أَتَيْت بِالْيَاءِ فَقُلْت ثَمَنِي عَشْرَةَ فَبِغَيْرِ أَلِفٍ، وَإِلَّا فَبِالْأَلِفِ نَحْوَ ثَمَانِ عَشْرَةَ، قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي أَدَبِ الْكَاتِبِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَيُنَافِيهِ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ إذَا أَضَفْت الثَّمَانِيَةَ إلَى مُؤَنَّثٍ ثَبَتَتْ الْيَاءُ ثُبُوتَهَا فِي الْقَاضِي، وَأُعْرِبَ إعْرَابَ الْمَنْقُوصِ تَقُولُ: جَاءَنِي ثَمَانِي نِسْوَةٍ وَثَمَانِي مِائَةٍ، وَرَأَيْت ثَمَانِيَ نِسْوَةٍ تَظْهَرُ الْفَتْحَةُ عَلَى الْيَاءِ، وَإِذَا لَمْ تُضِفْ قُلْت عِنْدِي مِنْ النِّسَاءِ ثَمَانٍ وَمَرَرْت مِنْهُنَّ بِثَمَانٍ، وَرَأَيْت ثَمَانِي، وَإِذَا وَقَعَتْ فِي الْمُرَكَّبِ تَخَيَّرْت بَيْنَ سُكُونِ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ يُقَالُ: عِنْدِي مِنْ النِّسَاءِ ثَمَانِي عَشْرَةَ امْرَأَةً وَتُحْذَفُ الْيَاءُ فِي لُغَةٍ بِشَرْطِ فَتْحِ النُّونِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعْدُودُ مُذَكَّرًا قُلْت عِنْدِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِإِثْبَاتِ الْهَاءِ اهـ. فَلَمْ يُفَرِّقْ فِي ثُبُوتِ الْأَلْفِ بَيْنَ ثُبُوتِ الْيَاءِ وَحَذْفِهَا، وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ قُتَيْبَةَ فِي حَذْفِ الْأَلْفِ خَطَأٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ حَذْفُهَا فِي اللَّفْظِ، وَكَلَامُ الْمِصْبَاحِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يُنْطَقُ بِهِ فِيهَا مِنْ الْحُرُوفِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فَيَحْصُلَانِ) ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ إنْ طَرَأَ فِي الْأَوَّلِ مِنْهَا فَغَايَتُهُ أَنْ يَنْقَطِعَ فِي السَّادِسَ عَشَرَ فَيَصِحُّ لَهَا الْيَوْمَانِ

ص: 348

بِالْعَكْسِ فَلِلْيَقِينِ مِنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ حُكْمُهُ، وَهِيَ فِي الزَّمَنِ الْمُحْتَمِلِ لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ كَنَاسِيَةٍ لَهُمَا فِيمَا مَرَّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ دَمَ الْحَامِلِ حَيْضٌ إنْ وَلَدَتْ مُتَّصِلًا بِآخِرِهِ بِلَا تَخَلُّلِ نَقَاءٍ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَالْأَخْبَارِ، وَالنَّقَاءُ بَيْنَ دِمَاءِ أَقَلِّ الْحَيْضِ فَأَكْثَرُ حَيْضٌ تَبَعًا لَهَا بِشُرُوطٍ، وَهِيَ أَنْ لَا يُجَاوِزَ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَمْ تَنْقُصْ الدِّمَاءُ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ، وَأَنْ يَكُونَ النَّقَاءُ مُحْتَوِشًا بَيْنَ دَمَيْ حَيْضٍ، فَإِذَا كَانَتْ تَرَى وَقْتًا دَمًا وَوَقْتًا نَقَاءً، وَاجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ حَكَمْنَا عَلَى الْكُلِّ بِأَنَّهُ حَيْضٌ، وَهَذَا يُسَمَّى قَوْلَ السَّحْبِ، وَقِيلَ إنَّ النَّقَاءَ طُهْرٌ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إذَا دَلَّ عَلَى الْحَيْضِ وَجَبَ أَنْ يَدُلَّ النَّقَاءُ عَلَى الطُّهْرِ، وَهَذَا يُسَمَّى قَوْلَ اللَّقْطِ.

(وَأَقَلُّ) دَمِ (النِّفَاسِ)(مَجَّةٌ) أَيْ دَفْعَةٌ. وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ لَحْظَةٌ، وَهُوَ زَمَنُ الْمَجَّةِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ أَيْ: لَا يَتَقَدَّرُ بَلْ مَا وُجِدَ مِنْهُ، وَإِنْ قَلَّ يَكُونُ نِفَاسًا وَلَا يُوجَدُ أَقَلُّ مِنْ مَجَّةٍ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَاتِ كَمَا قَالَهُ فِي الْإِقْلِيدِ وَاحِدٌ وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ النِّفَاسِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا. وَيُقَالُ لِذَاتِ النِّفَاسِ نُفَسَاءُ. بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْأَخِيرَانِ، وَإِنْ طَرَأَ فِي الثَّانِي صَحَّ الطَّرَفَانِ أَيْ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ أَوْ فِي الثَّالِثِ صَحَّ الْأَوَّلَانِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ السَّادِسَ عَشَرَ صَحَّ الثَّانِي وَالثَّالِثُ؛ لِأَنَّهُمَا أَوَّلُ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ الطُّهْرِ مَعَ الْيَوْمِ الْمُلَفَّقِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالسَّادِسَ عَشَرَ بِنَاءً عَلَى انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَطُرُوئِهِ نَهَارًا، فَإِذَا طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ الْأَوَّلِ يَنْقَطِعُ آخِرُهُ فِي أَثْنَاءِ السَّادِسَ عَشَرَ وَلَمْ يَصِحَّ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْحَيْضَ طَرَأَ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ فِي السَّابِعَ عَشَرَ صَحَّ السَّادِسَ عَشَرَ وَالثَّالِثُ أَوْ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ صَحَّ اللَّذَانِ قَبْلَهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ بِزِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ ذَكَرَتْ الْوَقْتَ إلَخْ) وَالذَّاكِرَةُ لِلْوَقْتِ كَأَنْ تَقُولَ كَانَ حَيْضِي يَبْتَدِئُ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْهُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ وَنِصْفُهُ الثَّانِي طُهْرٌ بِيَقِينٍ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالِانْقِطَاعَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ أَيْ: فَتَغْتَسِلُ فِيهِ لِكُلِّ فَرْضٍ. وَالذَّاكِرَةُ لِلْقَدْرِ كَأَنْ تَقُولَ كَانَ حَيْضِي خَمْسَةً فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ الشَّهْرِ لَا أَعْلَمُ ابْتِدَاءَهَا، وَأَعْلَمُ أَنِّي فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ طَاهِرٌ فَالسَّادِسُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ، وَالْأَوَّلُ طُهْرٌ بِيَقِينٍ كَالْعَشَرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، وَالثَّانِي إلَى آخِرِ الْخَامِسِ مُحْتَمِلٌ لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ أَيْ: فَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ فَرْضٍ وَلَا تَغْتَسِلُ، وَالسَّابِعُ إلَى آخِرِ الْعَاشِرِ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا وَلِلِانْقِطَاعِ؛ لِأَنَّهُ إنْ طَرَأَ الْحَيْضُ فِي الثَّانِي فَيَنْقَطِعُ فِي السَّابِعِ، وَإِنْ طَرَأَ فِي الثَّالِثِ انْقَطَعَ فِي الثَّامِنِ، وَإِنْ طَرَأَ فِي الرَّابِعِ انْقَطَعَ فِي التَّاسِعِ، وَإِنْ طَرَأَ فِي الْخَامِسِ، يَنْقَطِعُ فِي الْعَاشِرِ، فَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَغْتَسِلُ إلَّا عِنْدَ احْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ. قَوْلُهُ:(وَالْأَظْهَرُ أَنَّ دَمَ الْحَامِلِ حَيْضٌ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَرْجَحِ قَوْلَيْهِمَا أَنَّهَا تَحِيضُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ: إنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ وَمَا تَرَاهُ مِنْ الدَّمِ فَهُوَ دَمُ فَسَادٍ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ لَا تَصُومُ وَلَا تَلْزَمُهَا الصَّلَاةُ، وَعَلَى الثَّانِي تَصُومُ وَتُصَلِّي.

قَوْلُهُ: (وَالنَّقَاءُ بَيْنَ دِمَاءٍ أَقَلُّ الْحَيْضِ) أَيْ قَدْرُ أَقَلِّهِ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا أَقَلُّهُ مَعَ النَّقَاءِ ق ل، وَمُرَادُهُ الْأَقَلُّ فِي ضِمْنِ الْأَكْثَرِ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ الِاتِّصَالُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ النَّقَاءُ حِينَئِذٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: وَالنَّقَاءُ بَيْنَ دِمَاءٍ أَقَلُّ الْحَيْضِ إلَخْ مُسَامَحَةٌ لِمَا عَرَفْت أَنَّ الْأَقَلَّ يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاتِّصَالُ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقَاءٌ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالنَّقَاءُ بَيْنَ دِمَاءٍ أَكْثَرُ الْحَيْضِ أَوْ غَالِبُهُ إلَخْ لِمَا عَرَفْت أَنَّ الْأَكْثَرَ، وَالْغَالِبَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الِاتِّصَالُ فَيُتَصَوَّرُ فِيهِمَا النَّقَاءُ بَيْنَ دَمِهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَنْ لَا يُجَاوِزَ إلَخْ) أَيْ لَا يُجَاوِزَ النَّقَاءُ مَعَ الْحَيْضِ الَّذِي مَعَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ لَا النَّقَاءُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَكُونُ اسْتِحَاضَةً لَا حَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنَّ النَّقَاءَ طُهْرٌ) ضَعِيفٌ وَعَلَيْهِ فَتَصُومُهُ وَتُصَلِّي فِيهِ وَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِتَكَرُّرِهِ.

قَوْلُهُ: (اللَّقْطِ) بِالْقَافِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ كَالنَّصْرِ وَيُقَالُ فِي فِعْلِهِ لَقَطَ كَنَصَرَ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّ النِّفَاسِ مَجَّةٌ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ تَمَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَإِلَّا فَهُوَ حَيْضٌ. قَوْلُهُ:(أَيْ دُفْعَةٌ) بِضَمِّ الدَّالِ إنْ أُرِيدَ الْمَدْفُوعُ وَبِفَتْحِهَا إنْ أُرِيدَ الْمَرَّةُ مِنْ الدَّفَعَاتِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي النِّفَاسِ الَّذِي هُوَ الدَّمُ لَا خُرُوجِهِ. قَوْلُهُ: (لَحْظَةٌ) وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ زَمَنٌ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمَتْنِ مَجَّةٌ أَيْ دَفْعَةٌ لَا يُنَاسِبُ؛ لِأَنَّهَا ذَاتٌ وَمَا بَعْدَهَا زَمَانٌ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ح ل: وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ هَذَا الْأَنْسَبِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ تَفْسِيرٌ لِحَقِيقَةِ النِّفَاسِ الَّتِي هِيَ الدَّمُ لَا زَمَنِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا قَالَهُ فِي الْإِقْلِيدِ) كِتَابٌ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ.

قَوْلُهُ: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} [التكوير: 4]

ص: 349

وَجَمْعُهَا نِفَاسٌ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إلَّا نَاقَةٌ عُشَرَاءُ فَجَمْعُهَا عِشَارُ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} [التكوير: 4] وَيُقَالُ فِي فِعْلِهِ نَفُسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَبِكَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَالضَّمُّ أَفْصَحُ. وَأَمَّا الْحَائِضُ فَيُقَالُ فِيهَا نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا) بِلَيَالِيِهَا (وَغَالِبًا أَرْبَعُونَ يَوْمًا) بِلَيَالِيِهَا اعْتِبَارًا بِالْوُجُودِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ. وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «كَانَتْ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ يَوْمًا» فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ. وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِهِ فَقِيلَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ، وَقِيلَ أَقَلُّ الطُّهْرِ، فَأَوَّلُهُ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ خُرُوجُهُ عَنْ الْوِلَادَةِ مِنْ الْخُرُوجِ لَا مِنْهَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَمَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ عَكْسُ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّةُ الْأَخْذِ بِالْأَوَّلِ أَنَّ زَمَنَ النَّقَاءِ لَا يُحْسَبُ مِنْ السِّتِّينَ، لَكِنْ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِهِ فَقَالَ: ابْتِدَاءُ السِّتِّينَ مِنْ الْوِلَادَةِ وَزَمَنُ النَّقَاءِ لَا نِفَاسَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا مِنْ السِّتِّينَ وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَ هَذَا اهـ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ يَلْزَمُهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَعْنِي النُّوقَ الْحَوَامِلَ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا عَشَرَةُ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا وَاحِدَتُهَا عُشَرَاءُ، عُطِّلَتْ تُرِكَتْ هَمَلًا بِلَا رَاعٍ وَقَدْ كَانُوا مُلَازِمِينَ لِأَذْنَابِهَا وَلَمْ يَكُنْ مَالٌ أَعْجَبَ إلَيْهِمْ مِنْهَا لِمَا جَاءَهُمْ مِنْ أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ. اهـ. خَازِنٌ، وَقَوْلُهُ لِمَا جَاءَهُمْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ عُطِّلَتْ. قَوْلُهُ:(وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ الْغَالِبِ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّ أَوَّلَ الْمُدَّةِ مِنْ رُؤْيَةِ الدَّمِ لَا مِنْ الْوِلَادَةِ قَالَ وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ رُؤْيَةُ الدَّمِ عَنْ الْوِلَادَةِ أَيْ: دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَانَ زَمَنُ النَّقَاءِ نِفَاسًا فَيَجِبُ عَلَيْهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ وَقَدْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَصِحُّ غُسْلُهَا عَقِبَ وِلَادَتِهَا أَيْ الْخَالِيَةِ عَنْ الدَّمِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تُصَلِّي حِينَئِذٍ، وَفِي كَلَامِ الْبُلْقِينِيُّ ابْتِدَاءُ السِّتِّينَ أَيْ وَالْأَرْبَعِينَ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَزَمَنُ النَّقَاءِ لَا نِفَاسَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا مِنْهُمَا أَيْ عَدَدًا لَا حُكْمًا أَيْ فَعَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةِ فِيهِ قَالَ: لَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَ هَذَا أَيْ: فَالْأَحْكَامُ تَثْبُتُ مِنْ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَالْمُدَّةِ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ. قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ رَدًّا عَلَى الْبُلْقِينِيُّ: حِسَابُ النَّقَاءِ مِنْ السِّتِّينَ أَيْ أَوْ الْأَرْبَعِينَ مِنْ غَيْرِ جَعْلِهِ نِفَاسًا فِيهِ تَدَافُعٌ بِخِلَافِ جَعْلِ ابْتِدَاءِ النِّفَاسِ مِنْ الدَّمِ. اهـ. ح ل.

النَّقَاءِ مِنْ السِّتِّينَ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ؛ إذْ كَيْفَ تَقْضِي بَعْضَ مُدَّةِ النِّفَاسِ اهـ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ أَكْثَرَهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ.

قَوْلُهُ: (بِالْوُجُودِ) أَيْ اسْتِقْرَاءُ مَا وُجِدَ مِنْ نِفَاسِ النُّفَسَاءِ ق ل.

قَوْلُهُ: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) هِيَ زَوْجَةُ النَّبِيِّ كُنِّيَتْ بِابْنِهَا سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ كَانَتْ قَبْلَ النَّبِيِّ عِنْدَ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ. قَوْلُهُ: (تَجْلِسُ) أَيْ تَدُومُ.

قَوْلُهُ: (فَقِيلَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ خِلَافًا إذَا نَزَلَ الدَّمُ عَقِبَ الْوَلَدِ مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ وَأَوَّلُهُ فِيمَا تَأَخَّرَ خُرُوجُهُ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ فَقِيلَ إلَخْ. وَيَقُولُ وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِهِ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ الدَّمُ عَنْ خُرُوجِ الْوَلَدِ فَقِيلَ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَقِيلَ مِنْ نُزُولِ الدَّمِ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْ لِقَوْلِهِ فَقِيلَ إلَخْ. مُقَابِلًا، وَأَيْضًا قَوْلُهُ وَقِيلَ: أَقَلُّ الطُّهْرِ يَصْدُقُ بِتَأَخُّرِ الدَّمِ عَنْ نُزُولِ الْوَلَدِ فَيَقْتَضِي أَنَّ أَوَّلَ النِّفَاسِ مِنْ خُرُوجِ الْوَلَدِ فَيُنَافِي قَوْلُهُ فَأَوَّلُهُ إلَخْ. تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ الْبُلْقِينِيُّ بِكَسْرِ الْقَافِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ نِسْبَةً إلَى بُلْقِينَةَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا نُونٌ: قَرْيَةٌ بِمِصْرَ اهـ اج. قَوْلُهُ: (لَكِنْ صَرَّحَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ فَزَمَنُ النَّقَاءِ نِفَاسٌ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ.

قَوْلُهُ: (وَزَمَنُ النَّقَاءِ لَا نِفَاسَ فِيهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، وَالْأَحْكَامُ مِنْ حِينِ رُؤْيَةِ الدَّمِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَ هَذَا) مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيُّ. قَوْلُهُ: (وَمُقْتَضَى هَذَا) أَيْ قَوْلِ الْبُلْقِينِيُّ أَيْ قَوْلُهُ: وَزَمَنُ النَّقَاءِ لَا نِفَاسَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَلْزَمُهَا) اعْتَمَدَ هَذَا شَيْخُنَا م ر وَجَوَّزَ وَطْءَ زَوْجِهَا لَهَا. وَاعْتَمَدَ فِطْرَهَا مِنْ الصَّوْمِ وَخَالَفَهُ الشَّارِحُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَهُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ خُصُوصًا مَعَ سَلَامَتِهِ مِنْ تَبْعِيضِ الْأَحْكَامِ ق ل.

ص: 350

قَضَاءُ مَا فَاتَهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ. وَمُقْتَضَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا بَطَلَ صَوْمُهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَيَحْرُمُ عَلَى حَلِيلِهَا أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ قَبْلَ غُسْلِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمَّا إذَا لَمْ تَرَ الدَّمَ إلَّا بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ فَلَا نِفَاسَ لَهَا أَصْلًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ، وَعَلَى هَذَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا قَبْلَ غُسْلِهَا كَالْجُنُبِ. وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي بَابِ الصِّيَامِ: إنَّهُ يَبْطُلُ صَوْمُهَا بِالْوَلَدِ الْجَافِّ مَحَلُّهُ إذَا رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. فَائِدَةٌ: أَبْدَى أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ مَعْنًى لَطِيفًا فِي كَوْنِ أَكْثَرِ النِّفَاسِ سِتِّينَ يَوْمًا أَنَّ الْمَنِيَّ يَمْكُثُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يَتَغَيَّرُ ثُمَّ يَمْكُثُ مِثْلَهَا عَلَقَةً ثُمَّ مِثْلَهَا مُضْغَةً ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: وَالْوَلَدُ يَتَغَذَّى بِدَمِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ الْوِلَادَةِ عَدَدًا وَحُكْمًا. الثَّانِي ابْتِدَاؤُهُ مِنْ الْخُرُوجِ عَدَدًا وَحُكْمًا. الثَّالِثُ: ابْتِدَاؤُهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ حَيْثُ أَحْكَامُ النِّفَاسِ، وَأَمَّا الْعَدَدُ فَمَحْسُوبٌ مِنْ الْوِلَادَةِ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ خُرُوجُهُ عَنْ الْوَلَدِ وَكَانَ بَيْنَهُمَا نَقَاءٌ، وَأَمَّا إذَا خَرَجَ الدَّمُ عَقِبَ الْوَلَدِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى الْأَقْوَالِ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِهَا فِي زَمَنِ النَّقَاءِ، وَلَا يَلْزَمُهَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَيَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِهَا فِي مُدَّةِ النَّقَاءِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ فِي مُدَّةِ النَّقَاءِ، وَكَذَا عَلَى الثَّالِثِ. قَوْلُهُ:(فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ النَّقَاءِ. قَوْلُهُ: (وَمُقْتَضَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ. وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْبُطْلَانِ لِكَوْنِ الْوِلَادَةِ مَظِنَّةَ خُرُوجِ الدَّمِ وَعَدَمِ جَرَيَانِ الْأَحْكَامِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ تَأَمَّلْ مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر جَوَازُ الْوَطْءِ بِلَا غُسْلٍ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْجَنَابَةِ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (كَالْجُنُبِ) أَيْ كَالْمَرْأَةِ الْجُنُبِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ. قَوْلُهُ: (مَحَلُّهُ إذَا رَأَتْ الدَّمَ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوِلَادَةَ مُبْطِلَةٌ لِلصَّوْمِ مُطْلَقًا، وَعِبَارَةُ ق ل هَذَا الْمَحَلُّ لَا مَحَلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ مُفْطِرَةٌ لِذَاتِهَا اهـ قَالَ م ر فِي بَابِ الصَّوْمِ: وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا بَطَلَ صَوْمُهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَرَاهُ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ لَا. فَالْمُعْتَمَدُ بُطْلَانُ الصَّوْمِ بِالْوَلَدِ الْجَافِّ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا نِفَاسٌ أَوْ لَا م د. قَوْلُهُ:(أَبْدَى أَبُو سَهْلٍ إلَخْ) وَهَذِهِ لَا تَظْهَرُ إلَّا فِيمَنْ تَحِيضُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَتَنْفَسُ أَكْثَرَ النِّفَاسِ وَبِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا لَا تَظْهَرُ اهـ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَبُو سَهْلٍ هَذَا كَانَ مِنْ أَكَابِرِ الشَّافِعِيَّةِ وَكَانَ فِي زَمَنِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَكَانَ يُنَاظِرُهُ فَكَانَ إذَا طَلَعَ لِمُنَاظَرَتِهِ يَلْبَسُ قَمِيصَ زَوْجَتِهِ، فَاتُّفِقَ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ كَانَ رَاكِبًا حِمَارًا مَعْرُورِيًّا مِنْ غَيْرِ بَرْذَعَةٍ وَعَلَيْهِ قَمِيصُ زَوْجَتِهِ فَكَلَّمَهُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو سَهْلٍ: أَمَّا رُكُوبِي الْحِمَارَ مُعْرَوْرِيًا، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا لُبْسُ قَمِيصِ زَوْجَتِي فَلِعَدَمِ قَمِيصٍ عِنْدِي غَيْرِهِ فَرَاوَدَهُ الْمَلِكُ فِي شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَمْ يُوَافِقْ وَتَرَكَهُ. اهـ. . قُلْت: وَهَذِهِ سِيمَةُ الْمُتَوَكِّلِينَ وَسِيمُ الصَّالِحِينَ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (أَنَّ الْمَنِيَّ يَمْكُثُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يَتَغَيَّرُ) وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ إذَا لَاقَى مَاءَ الْمَرْأَةِ فِي الْجِمَاعِ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ مِنْهُ جَنِينًا هَيَّأَ أَسْبَابَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي رَحِمِ الْمَرْأَةِ قُوَّتَيْنِ: قُوَّةُ انْبِسَاطٍ عِنْدَ وُرُودِ مَاءِ الرَّجُلِ حَتَّى يَنْتَشِرَ فِي جَسَدِهَا، وَقُوَّةُ انْقِبَاضٍ بِحَيْثُ لَا يَسِيلُ مِنْ فَرْجِهَا مَعَ كَوْنِهِ مَنْكُوسًا. وَفِي مَنِيِّ الرَّجُلِ قُوَّةُ الْفِعْلِ، وَفِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ قُوَّةُ الِانْفِعَالِ، فَعِنْدَ الِامْتِزَاجِ يَصِيرُ مَنِيُّ الرَّجُلِ كَالْإِنْفَحَةِ لِلَّبَنِ، وَقِيلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قُوَّةُ فِعْلٍ وَانْفِعَالٍ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ فِي الرَّجُلِ أَكْثَرُ، وَالْمَرْأَةُ بِالْعَكْسِ، وَزَعَمَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّشْرِيحِ أَنَّ مَنِيَّ الرَّجُلِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْوَلَدِ إلَّا فِي عَقْدِهِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَيَرُدُّهُ حَدِيثُ:«إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ عِظَامَ الْجَنِينِ وَغَضَارِيفَهُ مِنْ مَنِيِّ الرَّجُلِ» ، وَقَوْلُهُ وَغَضَارِيفَهُ أَيْ أَعْصَابَهُ «وَشَحْمَهُ وَلَحْمَهُ مِنْ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ» ثُمَّ إنَّهُ فِي الْأَرْبَعِينَ الْأُولَى لَا يَخْتَلِطُ مَاءُ الرَّجُلِ بِمَاءِ الْمَرْأَةِ بَلْ يَكُونَا مُتَجَاوِرَيْنِ لَا يُغَيِّرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَفِي الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ يَخْتَلِطُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَفِي الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ تُصَوَّرُ أَعْضَاءُ الْجَنِينِ. اهـ. شَبْرَخِيتِيٌّ. وَيَثْبُتُ لِلْعَلَقَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْوِلَادَةِ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَفِطْرُ الصَّائِمَةِ وَتَسْمِيَةُ الدَّمِ عَقِبَهَا نِفَاسًا وَيَثْبُتُ لِلْمُضْغَةِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَحُصُولُ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ لَمْ يَقُولُوا فِيهَا صُورَةٌ أَصْلًا، فَإِنْ قَالُوا: فِيهَا صُورَةٌ خَفِيَّةٌ وَجَبَ فِيهَا مَعَ ذَلِكَ غُرَّةٌ وَتَثْبُتُ بِهَا أُمِّيَّةُ

ص: 351

الْحَيْضِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجْتَمِعُ الدَّمُ مِنْ حِينِ النَّفْخِ لِكَوْنِهِ غِذَاءً لِلْوَلَدِ. وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ. وَأَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَيَكُونُ أَكْثَرُ النِّفَاسِ سِتِّينَ يَوْمًا.

(وَأَقَلُّ) زَمَنِ (الطُّهْرِ) الْفَاصِلِ (بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ)(خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) لِأَنَّ الشَّهْرَ غَالِبًا لَا يَخْلُو عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ، وَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الطُّهْرِ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ الطُّهْرُ بَيْنَ الْحَيْضِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْوَلَدِ، وَيَجُوزُ أَكْلُهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر ذَكَرَهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَالْوَلَدُ يَتَغَذَّى بِدَمِ الْحَيْضِ) وَذَكَرُوا أَنَّ الْجُدَرِيَّ الَّذِي يَطْلُعُ لِلْأَطْفَالِ سَبَبُهُ التَّغْذِيَةُ بِدَمِ الْحَيْضِ. وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَا يَتَشَكَّلُ مِنْ الْجَنِينِ فَقِيلَ: قَلْبُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَسَاسُ، وَقِيلَ الدِّمَاغُ؛ لِأَنَّهُ مَجْمَعُ الْحَوَاسِّ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَوَّلَ مَا يَتَشَكَّلُ مِنْهُ مِنْ الْبَاطِنِ الْقَلْبُ، وَمِنْ الظَّاهِرِ الدِّمَاغُ، وَقِيلَ أَوَّلُ مَا يَتَشَكَّلُ مِنْهُ السُّرَّةُ، وَقِيلَ الْكَبِدُ؛ لِأَنَّ مِنْهُ النُّمُوَّ الْمَطْلُوبَ أَوَّلًا وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَفِي إيجَادِهِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ الْعَجِيبِ وَانْتِقَالِهِ مِنْ طَوْرٍ إلَى طَوْرٍ مَعَ قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى إيجَادِهِ كَامِلًا كَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ فَوَائِدُ: الْأُولَى: أَنَّهُ لَوْ خَلَقَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَشَقَّ عَلَى الْأُمِّ لِكَوْنِهَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَادَةً لِذَلِكَ، وَرُبَّمَا لَمْ تُطِقْهُ فَجُعِلَ أَوَّلًا نُطْفَةً لِتَعْتَادَهَا مُدَّةً ثُمَّ عَلَقَةً مُدَّةً وَهَلُمَّ جَرَّا. إلَى الْوِلَادَةِ، وَلِذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْحِكْمَةُ فِي تَأْخِيرِ كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَنْ يَعْتَادَهُ الرَّحِمُ؛ إذْ لَوْ خُلِقَ دَفْعَةً لَشَقَّ عَلَى الْأُمِّ وَرُبَّمَا تَظُنُّهُ عِلَّةً. الثَّانِيَةُ: إظْهَارُ قُدْرَتِهِ تَعَالَى وَتَعْلِيمُهُ لِعِبَادِهِ التَّأَنِّي فِي أُمُورِهِمْ. الثَّالِثَةُ: إعْلَامُ الْإِنْسَانِ بِأَنَّ حُصُولَ الْكَمَالِ الْمَعْنَوِيِّ لَهُ تَدْرِيجِيٌّ نَظِيرُ حُصُولِ الْكَمَالِ الظَّاهِرِ لَهُ اهـ شَبْرَخِيتِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ. فَإِنْ قُلْت: إنَّ فَمَ الْوَلَدِ لَا يُفْتَحُ أَصْلًا مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَشِيمَةَ مُغَطِّيَةٌ لَهُ كُلِّهِ فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهُ يَتَغَذَّى. إلَّا أَنْ يُقَالَ يَتَغَذَّى مِنْ السُّرَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَفْتُوحَةٌ. قَالَ ع ش: وَأَجِنَّةُ الْبَهَائِمِ يَجُوزُ أَنْ تَتَغَذَّى بِغَيْرِ دَمِ الْحَيْضِ لِانْتِفَائِهِ فِي حَقِّهِنَّ اهـ. وَالْمَشِيمَةُ الْخَارِجَةُ مَعَ الْوَلَدِ طَاهِرَةٌ وَهَلْ هِيَ جُزْءٌ مِنْ الْأُمِّ أَوْ مِنْ الْوَلَدِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يَجِبُ دَفْنُهَا مَعَهُ، وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَغُسْلُهَا وَتَكْفِينُهَا وَمُوَارَاتُهَا فِيهِ نَظَرٌ اهـ رَحْمَانِيٌّ. فَائِدَةٌ: رَأَيْت بِخَطِّ الْأَزْرَقِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ تَلِدَ امْرَأَتُهُ ذَكَرًا فَإِنَّهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهَا فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ إنِّي أُسَمِّي مَا فِي بَطْنِهَا مُحَمَّدًا فَاجْعَلْهُ لِي ذَكَرًا فَإِنَّهُ يُولَدُ ذَكَرًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» مُجَرَّبٌ اهـ. وَقَدْ جَرَّبْنَاهُ كَثِيرًا لِغَيْرِ وَاحِدٍ فَصَدَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ، وَقِيلَ إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا جُومِعَتْ وَهِيَ قَائِمَةٌ فَإِنْ شَالَتْ رِجْلَهَا الْيُمْنَى أَذْكَرَتْ وَإِنْ شَالَتْ رِجْلَهَا الْيُسْرَى أَنَّثَتْ. قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ: جَرَّبْت ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَصَحَّ اهـ. فَائِدَةٌ: لَوْ وُضِعَ الْحَمْلُ يُكْتَبُ فِي إنَاءٍ جَدِيدٍ: اُخْرُجْ أَيُّهَا الْوَلَدُ مِنْ بَطْنٍ ضَيِّقَةٍ إلَى سَعَةِ هَذِهِ الدُّنْيَا، اُخْرُجْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ الَّذِي جَعَلَك:{فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المرسلات: 21]{إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ - لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ} [الحشر: 22 - 21] إلَى آخِرِ السُّورَةِ. {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82] وَتُمْحَى بِمَاءٍ، وَتَشْرَبُ النُّفَسَاءُ أَوْ يُرَشُّ عَلَى وَجْهِهَا مُجَرَّبٌ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا) هَذِهِ الْحِكْمَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى كَوْنِ الْحَامِلِ لَا تَحِيضُ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ) أَيْ وَالْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَا تَخْلُو عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ فَتَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَأَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، فَيَكُونُ أَكْثَرُ النِّفَاسِ سِتِّينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حَيْضٌ، وَهِيَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ

. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَجُوزُ

ص: 352

وَالنِّفَاسِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْحَيْضُ عَلَى النِّفَاسِ إذَا قُلْنَا إنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَمْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَكَانَ طُرُوءُهُ بَعْدَ بُلُوغِ النِّفَاسِ أَكْثَرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، أَمَّا إذَا طَرَأَ قَبْلَ بُلُوغِ النِّفَاسِ أَكْثَرُهُ فَلَا يَكُونُ حَيْضًا إلَّا إذَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ الطُّهْرِ بِالْإِجْمَاعِ فَقَدْ لَا تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِي عُمُرِهَا إلَّا مَرَّةً وَقَدْ لَا تَحِيضُ أَصْلًا. (وَأَقَلُّ زَمَنٍ) أَيْ سِنٍّ (تَحِيضُ فِيهِ الْمَرْأَةُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْجَارِيَةُ (تِسْعُ سِنِينَ) قَمَرِيَّةٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَلَوْ بِالْبِلَادِ الْبَارِدَةِ لِلْوُجُودِ، لِأَنَّ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ لَا ضَابِطَ لَهُ شَرْعِيٌّ وَلَا لُغَوِيٌّ يُتَّبَعُ فِيهِ الْوُجُودُ كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أَعْجَلُ مَنْ سَمِعْت مِنْ النِّسَاءِ يَحِضْنَ نِسَاءُ تُهَامَةَ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ أَيْ تَقْرِيبًا لَا تَحْدِيدًا فَيُتَسَامَحُ قَبْلَ تَمَامِهَا بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا دُونَ مَا يَسَعُهُمَا، وَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ أَيَّامًا، بَعْضُهَا قَبْلَ زَمَنِ الْإِمْكَانِ، وَبَعْضُهَا فِيهِ جُعِلَ الثَّانِيَ حَيْضًا إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهُ الْمَارَّةُ. (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ السِّنِّ لِجَوَازِ أَنْ لَا تَحِيضَ أَصْلًا كَمَا مَرَّ (وَأَقَلُّ) زَمَنِ (الْحَمْلِ)(سِتَّةُ أَشْهُرٍ) وَلَحْظَتَانِ لَحْظَةٌ لِلْوَطْءِ وَلَحْظَةٌ لِلْوَضْعِ مِنْ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ (وَأَكْثَرُهُ) أَيْ زَمَنِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ) وَكَذَا بَيْنَ نِفَاسَيْنِ. وَصُورَتُهُ أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَهِيَ نُفَسَاءُ فَتَحْمِلُ إنْ قُلْنَا إنَّ النِّفَاسَ لَا يَمْنَعُ الْعُلُوقَ وَيَسْتَمِرُّ النِّفَاسُ مِنْ مُدَّةٍ يَكُونُ الْحَمْلُ فِيهَا عَلَقَةً ثُمَّ يَنْقَطِعُ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَيَنْزِلُ عَقِبَهُ النِّفَاسُ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ الطُّهْرِ لَا يُقَيَّدُ كَوْنُهُ بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمُقَيَّدِ بِدُونِ قَيْدِهِ، وَهُوَ كَوْنُهُ بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّ زَمَنِ حَيْضٍ إلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ رَأَى جَدَّةً بِنْتَ إحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَأَنَّهَا حَاضَتْ لِاسْتِكْمَالِ تِسْعٍ، وَوَضَعَتْ بِنْتًا لِاسْتِكْمَالِ عَشْرٍ، وَوَقَعَ لِبِنْتِهَا مِثْلُ ذَلِكَ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (قَمَرِيَّةٍ) هُوَ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِتِسْعٍ وَبِالْجَرِّ صِفَةٌ لِسِنِينَ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ الْجَائِزِ لَا الْمُمْتَنِعِ، وَالسَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ بِخِلَافِ الْعَدَدِيَّةِ فَإِنَّهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا لَا تَنْقُصُ يَوْمًا وَلَا تَزِيدُ. اهـ. ز ي. قَالَ عَبْدُ الْبَرِّ: لَمْ تُفَرِّقُ الْعُلَمَاءُ بَيْنَ السَّنَةِ وَالْعَامِ وَجَعَلُوهُمَا بِمَعْنًى. قَالَ ابْنُ الْجَوَالِيقِيِّ: وَهُوَ غَلَطٌ؛ إذْ السَّنَةُ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ عَدَدْته إلَى مِثْلِهِ، وَالْعَامُ لَا يَكُونُ إلَّا شِتَاءً وَصَيْفًا وَنَحْوُهُ فِي التَّهْذِيبِ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: اسْتِعْمَالُ السَّنَةِ فِي الْحَوْلِ الَّذِي فِيهِ الشِّدَّةُ وَالْجَدْبُ وَالْعَامُ لِمَا فِيهِ الرَّخَاءِ وَالْخِصْبِ، وَبِهَذَا تَظْهَرُ النُّكْتَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] حَيْثُ عَبَّرَ عَنْ الْمُسْتَثْنَى بِالْعَامِ وَعَنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِالسَّنَةِ اهـ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ قَوْلُهُ: (لِلْوُجُودِ) أَيْ لِلِاسْتِقْرَاءِ، وَعَبَّرَ بِهِ لِلتَّفَنُّنِ أَوْ إشَارَةً إلَى أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَا وَرَدَ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ زَمَنَ الْحَيْضِ يَرْجِعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَرْجِعُهُ الِاسْتِقْرَاءُ مِنْ الْأَئِمَّةِ. قَوْلُهُ: (كَالْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُودِ هُنَا الْعُرْفُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالْوُجُودِ هُنَا الِاسْتِقْرَاءُ، وَالتَّتَبُّعُ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فَلَعَلَّ الشَّارِحَ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَحَلٌّ بِمَحَلٍّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَالْحِرْزِ) أَيْ حِرْزِ الْمَاءِ فِي السَّرِقَةِ، فَإِنَّهُ يُرْجَعُ فِيهِمَا لِلْعُرْفِ.

قَوْلُهُ: (بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا) كَأَنْ رَأَتْهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ التَّاسِعَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلُّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ) كَأَنْ رَأَتْهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ التِّسْعِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَامْتَدَّ الدَّمُ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا اهـ اج. فَيَكُونُ الدَّمُ اسْتَمَرَّ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ الثَّلَاثَةُ الْأُولَى مِنْهَا دَمُ فَسَادٍ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ زَمَنِ إمْكَانِ الْحَيْضِ، وَالْخَمْسَةُ الْأَخِيرَةُ حَيْضٌ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَكَأَنْ رَأَتْ الدَّمَ عِشْرِينَ يَوْمًا بَقِيَتْ مِنْ السَّنَةِ التَّاسِعَةِ فَالْخَمْسَةُ الْأُولَى دَمُ فَسَادٍ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ حَيْضٌ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ زَمَنِ الْإِمْكَانِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ.

قَوْلُهُ: (شُرُوطُهُ الْمَارَّةُ) أَيْ لَا يَنْقُصُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يُجَاوِزُ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَمُرَادُهُ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ. قَوْلُهُ:(وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) وَأَمَّا غَالِبُ سِنٍّ تَحِيضُ فِيهِ الْمَرْأَةُ فَعِشْرُونَ سَنَةً، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَهَا لَمْ تَحِضْ، فَإِنْ كَانَ سِنُّهَا دُونَ الْعِشْرِينَ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ عِشْرِينَ فَأَكْثَرَ فَلَهُ الْخِيَارُ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ وُجُودَهُ فِيهَا هُوَ الْغَالِبُ ز ي.

ص: 353