المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في موجب الغسل - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَعْرِيفِ الْحُجَّةِ وَالْحُكْمِ وَتَقْسِيمِهِ إلَى تَكْلِيفِيٍّ وَوَضْعِيٍّ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ شَارِعِ تَصْنِيفٍ وَمَا يُسَنُّ صِنَاعَةً]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْمُبَالَغَةِ النَّحْوِيَّةِ وَالْبَيَانِيَّةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْخُلَّةِ وَالْمَحَبَّةِ]

- ‌[مَبْحَثُ عَدَدِ أَوْلَادِهِ وَأَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَبْحَثُ تَقْدِيمِ الِاسْمِ عَلَى اللَّقَبِ وَعَكْسِهِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ ابْنِ]

- ‌[مَبْحَثُ دَرَجَاتِ الْإِخْلَاصِ]

- ‌[مَبْحَثُ تَعْرِيفِ الْجِنَاسِ اللَّاحِقِ]

- ‌[مَبْحَثُ الرَّجَاءِ وَالْأَمَلِ وَالتَّمَنِّي وَالطَّمَعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْحَسَدِ وَالْغِبْطَةِ وَالْقَنَاعَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْجِنَاسِ الْمُضَارِعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى الْبَسْمَلَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الِاشْتِقَاقِ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[مَبْحَثُ الْغَلَبَةِ وَتَقْسِيمُهَا]

- ‌[مَبْحَثُ النَّحْتِ]

- ‌[مَبْحَثُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا بَعْدُ]

- ‌ كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَطْهُرُ بِدِبَاغِهِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْآنِيَةِ وَمَا يَمْتَنِعُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي السِّوَاكِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُضُوءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يُنْدَبُ إدَامَةُ الْوُضُوءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَنْتَهِي بِهِ الْوُضُوءُ

- ‌فَصْلٌ: فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ

- ‌[فَرْعٌ اجْتَمَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلُ حَيْضٍ وَجَنَابَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ قُطِعَ عُضْوُ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي التَّيَمُّمِ

- ‌شَرَائِطُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ]

- ‌ مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَة]

- ‌[تَتِمَّةٌ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌تَنْبِيهٌ: النَّجَاسَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ حُكْمِيَّةٍ وَعَيْنِيَّةٍ

- ‌ حُكْمِ النَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ

- ‌(دَمُ الْحَيْضِ

- ‌[دَمُ النِّفَاسُ]

- ‌ أَحْكَامِ الْحَيْضِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[وَقْتَ الظُّهْرِ]

- ‌ وَقْتُ الْعَصْرِ

- ‌[وَقْتُ الْمَغْرِب]

- ‌وَقْتُ الْعِشَاءِ

- ‌[وَقْتُ الْفَجْرِ]

- ‌فَصْلٌ: فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَفِي بَيَانِ النَّوَافِلِ

- ‌شَرَائِطُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ

- ‌الصَّلَاةُ الْمَسْنُونَةُ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

الفصل: ‌فصل: في موجب الغسل

الِاحْتِمَالَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الصَّلَاةِ مَعَ التَّرَدُّدِ الْمَحْضِ فِي الطُّهْرِ، وَإِلَّا أَخَذَ بِالطُّهْرِ، وَمِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا إذَا شَكَّ مَنْ نَامَ قَاعِدًا مُمَكِّنًا، ثُمَّ مَالَ وَانْتَبَهَ وَشَكَّ فِي أَيِّهِمَا أَسْبَقُ أَوْ شَكَّ هَلْ مَا رَآهُ رُؤْيَا أَوْ حَدِيثُ نَفْسٍ، أَوْ هَلْ لَمَسَ الشَّعْرَ أَوْ الْبَشَرَةَ فَلَا نَقْضَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

‌فَصْلٌ: فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ

وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمُّهَا لُغَةٌ سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ مُطْلَقًا وَالْفَتْحُ أَشْهُرُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَلَكِنَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَمَا بَعْدَ الشَّمْسِ هُوَ الثَّالِثَةُ، فَيَنْظُرُ إلَى مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ كَالْمَغْرِبِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ إذْ ذَاكَ مُحْدِثًا فَهُوَ قَبْلَ الْعِشَاءِ مُتَطَهِّرٌ أَوْ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ، وَإِلَّا فَمُتَطَهِّرٌ، ثُمَّ تَنَقَّلَ الْكَلَامُ إلَى الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ، فَإِنْ كَانَ حَكَمَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعِشَاءِ بِالْحَدَثِ فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ إلَى آخَرِ مَا سَبَقَ، ثُمَّ تَنَقَّلَ الْكَلَامُ إلَى مَا بَعْدَ الشَّمْسِ مِثْلُ مَا سَبَقَ، فَقَوْلُ الزِّيَادِيِّ يَأْخُذُ فِي الْوِتْرِ بِالضَّادِ، وَفِي الشَّفْعِ بِالْمِثْلِ مُرَادُهُ الضِّدُّ وَالْمِثْلُ بِالنِّسْبَةِ لِأَوَّلِ الْمَرَاتِبِ. اهـ شَيْخُنَا ح ف.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْوُضُوءُ) ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ بَطَلَ يَقِينًا وَمَا بَعْدَهُ مُتَعَارِضٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ طُهْرٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَظْنُونٍ اهـ. ز ي.

قَوْلُهُ: (الِاحْتِمَالَيْنِ) أَيْ الطُّهْرُ وَالْحَدَثُ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ تَجْدِيدًا. فَائِدَةٌ: قَالَ الْقَاضِي: لَا يُرْفَعُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: أَحَدُهَا: الشَّكُّ فِي خُرُوجِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَيُصَلُّونَ ظُهْرًا. الثَّانِيَةُ: الشَّكُّ فِي بَقَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ فَيَغْسِلُ. الثَّالِثَةُ: الشَّكُّ فِي وُصُولِ مَقْصِدِهِ فَيُتِمُّ. الرَّابِعَةُ: الشَّكُّ فِي نِيَّةِ الْإِتْمَامِ فَيُتِمُّ أَيْضًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ هَذِهِ رُخَصٌ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْيَقِينِ، وَحِينَئِذٍ فَكُلُّ رُخْصَةٍ كَذَلِكَ وَلَا تَخْتَصُّ بِالْمَذْكُورَاتِ. قَوْلُهُ:(ثُمَّ مَالَ وَانْتَبَهَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَوْ زَالَتْ إحْدَى أَلْيَيْهِ أَيْ النَّائِمِ الْمُتَمَكِّنِ قَبْلَ انْتِبَاهِهِ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَقِرًّا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنْ لَمْ تَقَعُ يَدُهُ عَلَى الْأَرْضِ لِمُضِيِّ لَحْظَةٍ وَهُوَ نَائِمٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ، أَوْ زَالَتْ مَعَ انْتِبَاهِهِ أَوْ بَعْدَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى أَوْ شَكَّ فِي أَنَّ زَوَالَهَا بَعْدَ انْتِبَاهِهِ أَوْ لَا. أَوْ فِي أَنَّهُ مُمَكِّنٌ مَقْعَدَهُ أَوْ لَا. أَوْ فِي أَنَّهُ نَامَ أَوْ نَعَسَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَلَا نَقْضَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ اهـ. مَرْحُومِيٌّ.

خَاتِمَةٌ: قَالَ الشَّارِحُ عَلَى الْمِنْهَاجِ: قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: مَبْنَى الْفِقْهِ عَلَى أَرْبَعِ قَوَاعِدَ: الْيَقِينُ لَا يُزَالُ بِالشَّكِّ، وَالضَّرَرُ يُزَالُ، وَالْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ، وَالْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

خَمْسٌ مُقَرَّرَةٌ قَوَاعِدُ مَذْهَبٍ

لِلشَّافِعِيِّ بِهَا تَكُونُ خَبِيرَا

ضَرَرٌ يُزَالُ وَعَادَةٌ قَدْ حُكِّمَتْ

وَكَذَا الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَا

وَالشَّكُّ لَا تَرْفَعُ بِهِ مُتَيَقَّنًا

وَالنِّيَّةَ أَخْلِصْ إنْ قَصَدْتَ أَمُورَا

قَوْلُهُ: (أَيُّهُمَا أَسْبَقُ) أَيْ الْمَيْلُ وَالِانْتِبَاهُ.

[فَصْلٌ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ]

ِ. هُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ مَا يَقْتَضِيهِ مِنْ جَنَابَةٍ وَوِلَادَةٍ وَنَحْوِهِمَا، وَبِفَتْحِهَا مَا يَتَسَبَّبُ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ اسْتِبَاحَةٍ مَا كَانَ مُمْتَنِعًا قَبْلَهُ كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا م د. وَعِبَارَةُ ق ل: الْمُوجِبُ بِكَسْرِ الْجِيمِ هُوَ السَّبَبُ كَالْجَنَابَةِ وَبِفَتْحِهَا الْمُسَبَّبُ وَهُوَ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ بِالْمَاءِ هَذَا مُسَبَّبٌ عَنْ الْحَدَثِ، وَمَا قَالَهُ م د مُسَبَّبٌ عَنْ الْغُسْلِ، وَتَقْدِيمُ مُوجِبِ الْغُسْلِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ، وَالنُّكْتَةُ فِي ذَلِكَ مَعَ الْعَكْسِ فِي مُوجِبِ الْوُضُوءِ حَيْثُ أَخَّرَهُ عَنْ الْوُضُوءِ أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَجِبُ إلَّا بِتَقْدِيمِ سَبَبِهِ كَالْإِنْزَالِ وَدُخُولِ الْحَشَفَةِ مَثَلًا، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سَبَبُهُ، وَهُوَ الْحَدَثُ كَالْوَلَدِ إذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَرَادَ وَلِيُّهُ أَنْ يَطُوفَ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْدِثٍ لَكِنَّهُ فِي حُكْمِهِ.

قَوْلُهُ: (سَيَلَانُ الْمَاءِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْغُسْلَ اسْمٌ لِلْفِعْلِ، وَالسَّيَلَانُ صِفَةٌ لِلْمَاءِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيَلَانُ بِمَعْنَى

ص: 221

الْفُقَهَاءَ أَوْ أَكْثَرَهُمْ إنَّمَا تَسْتَعْمِلُهُ بِالضَّمِّ وَشَرْعًا سَيَلَانُهُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ مَعَ النِّيَّةِ وَالْغِسْلُ بِالْكَسْرِ مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ وَخِطْمِيٍّ. (وَاَلَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ سِتَّةُ أَشْيَاءَ) مِنْهَا (ثَلَاثَةٌ تَشْتَرِكُ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ) مَعًا (وَهِيَ) أَيْ الْأُولَى (الْتِقَاءُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْإِسَالَةِ أَوْ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفِعْلُ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الشَّيْءِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَدَنًا أَوْ غَيْرَهُ. وَقَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِنِيَّةٍ أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ) أَيْ وَأَفْصَحُ أَيْ لُغَةً، وَأَمَّا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَالضَّمُّ أَشْهَرُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَلَكِنْ إلَخْ. وَإِنْكَارُ الضَّمِّ غَلَطٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ غُسْلِ الثَّوْبِ أَمَّا فِيهِ فَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِالْفَتْحِ، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ قَوْلُهُ أَشْهَرُ أَيْ وَأَفْصَحُ؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ هُوَ الْمَصْدَرُ الْقِيَاسِيُّ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:

فَعْلُ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى

مِنْ ذِي ثَلَاثَةٍ كَرَدَّ رَدَّا

وَأَمَّا الْأَشْهَرُ شَرْعًا فَهُوَ الضَّمُّ إذَا أُرِيدَ بِهِ السَّيَلَانُ عَلَى الْبَدَنِ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ غُسْلِ نَحْوِ النَّجَاسَةِ.

قَوْلُهُ: (مَعَ النِّيَّةِ) وَلَوْ مَنْدُوبَةٌ فَيَشْمَلُ غُسْلَ الْمَيِّتِ.

قَوْلُهُ: (مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ) أَيْ مَا هُيِّئَ لِذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى بِالْغُسْلِ دَائِمًا، وَالرَّأْسُ لَيْسَ قَيْدًا، وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ لَوْ قَالَ مَا يُضَافُ إلَى مَاءِ الْغُسْلِ لَكَانَ صَوَابًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَخِطْمِيٍّ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ. اهـ. مُخْتَارٌ.

وَنُقِلَ عَنْ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْخِطْمِيَّ هُوَ بِزْرُ الْخَبِيزَةِ وَقِيلَ هُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ اهـ. ح ف. قَوْلُهُ: (سِتَّةُ أَشْيَاءَ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَعَدَّهَا فِي الْمَنْهَجِ وَأَصْلِهِ خَمْسَةً بِجَعْلِ الْجَنَابَةِ بِصُورَتَيْهَا شَيْئًا وَاحِدًا، وَعَدَّهَا فِي الرَّوْضَةِ أَرْبَعَةً بِجَعْلِهِ النِّفَاسَ دَمَ حَيْضٍ مُجْتَمَعٍ. وَاعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ الْحَصْرَ الْمُسْتَفَادَ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ بِتَنَجُّسِ جَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ بَعْضِهِ مَعَ الِاشْتِبَاهِ. وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِمَنْعِ أَنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ بَلْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ فَرَضَ كَشْطَ جِلْدِهِ حَصَلَ الْغَرَضُ. قَالَ: وَبِهِ وَيَتَبَيَّنُ أَنْ لَا تَعَبُّدَ عَلَى الْبَدَنِ فِي غُسْلِ النَّجَاسَةِ أَصْلًا اهـ. سم. قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ: أَقُولُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَجْهُ عَدَمِ وُرُودِهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغُسْلِ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي الْبَدَنِ بِنِيَّةٍ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُ، وَكَانَ الْغُسْلُ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَغْتَسِلُونَ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ الدَّمِيرِيُّ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي عَدَمِ بَيَانِ الْغُسْلِ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ كَوْنُ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ كَانَ مَعْلُومًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ بَقِيَّةً مِنْ دَيْنِ إبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ فَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] فَلَمْ يَحْتَاجُوا إلَى تَفْسِيرِهِ، وَأَمَّا رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ، فَلَمْ يَقُلْ، وَإِنْ كُنْتُمْ مُحْدِثِينَ فَتَوَضَّئُوا بَلْ قَالَ فَاغْسِلُوا الْآيَةَ. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَمَا قِيلَ إنَّهُ كَانَ يَجِبُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نُسِخَ لَمْ يَثْبُتْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي حَدِيثٍ أَوْ أَثَرٍ أَوْ نَقْلٍ مُعْتَبَرٍ. اهـ.

وَأَقُولُ: يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا فِي النُّورِ الْوَهَّاجِ فِي الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ لِلْعَلَّامَةِ سَيِّدِي عَلِيٍّ الَأُجْهُورِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ التَّخْفِيفُ فِي كُلٍّ مِنْ الْغُسْلِ لِلْجَنَابَةِ وَغُسْلِ الثَّوْبِ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«كَانَتْ الصَّلَاةُ خَمْسِينَ، وَالْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَغُسْلُ الثَّوْبِ مِنْ الْبَوْلِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ حَتَّى جَعَلَ الصَّلَاةَ خَمْسًا، وَغُسْلَ الْجَنَابَةِ مَرَّةً، وَغُسْلَ الثَّوْبِ مَرَّةً» ، وَهَلْ غُسْلُ غَيْرِ الْجَنَابَةِ مِنْ الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ، وَكَذَا الْغُسْلُ مِنْ غَيْرِ الْبَوْلِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا؟ . هُوَ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ السُّؤَالَ فِي تَخْفِيفِ الْغُسْلِ لَمْ يَكُنْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ. اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (تَشْتَرِكُ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مُطْلَقُ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَلَوْ مِنْ الْجِنِّ اهـ. ق ل. وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: تَشْتَرِكُ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ أَيْ يَكُونَانِ مَحَلًّا لَهَا، وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ تَشْتَرِكُ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ النِّسْبَةُ لِلْعَارِضِ لَا الْمَعْرُوضِ، وَالْعَارِضُ

ص: 222

الْخِتَانَيْنِ) بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ، أَوْ كَانَ الذَّكَرُ أَشَلَّ أَوْ غَيْرَ مُنْتَشِرٍ أَوْ قَدَّرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا فَرْجًا مِنْ امْرَأَةٍ وَلَوْ مَيِّتَةً، أَوْ كَانَ عَلَى الذَّكَرِ خِرْقَةٌ مَلْفُوفَةٌ وَلَوْ غَلِيظَةٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ كَخَبَرِ: «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» فَمَنْسُوخَةٌ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

هُوَ الثَّلَاثَةُ، وَالْمَعْرُوضُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الثَّلَاثَةُ فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ لِلضَّمِيرِ بِقَوْلِهِ أَيْ الْأُولَى غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ق ل. قَوْلُهُ: (الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ) أَيْ خِتَانُ الرِّجَالِ وَخِتَانُ الْمَرْأَةِ أَيْ تَحَاذِيهِمَا، وَهَذَا كِنَايَةً عَنْ لَازِمِ التَّحَاذِي مِنْ دُخُولِ حَشَفَةِ الرَّجُلِ سم.

قَوْلُهُ: (بِإِدْخَالِ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِدْخَالِ الدُّخُولُ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ حَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُحَاذَاةُ، وَحَقِيقَتُهُ اللُّغَوِيَّةُ الِانْضِمَامُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ انْضِمَامَهُمَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ لَازِمُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ دُخُولُ الْحَشَفَةِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ هُنَا، وَهُوَ أَنَّ التَّحَاذِيَ يَلْزَمُ مِنْهُ عُرْفًا وَغَالِبًا دُخُولُ الْحَشَفَةِ، فَالْمُرَادُ هُنَا لَازِمُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ أَيْ لَازِمُهُ الْعُرْفِيُّ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ أَنْ يَكُونَ اللُّزُومُ عَقْلِيًّا، بَلْ وَلَوْ كَانَ عُرْفِيًّا كَمَا هُنَا، فَلِذَلِكَ كَانَتْ الْبَاءُ لِتَصْوِيرِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ الذَّكَرُ أَشَلَّ) أَوْ مُبَانًا، وَكَذَا الْفَرْجُ حَيْثُ بَقِيَ اسْمُهُمَا. اهـ. ق ل.

وَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمَفْعُولِ فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى الْفَاعِلِ فِي الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَإِذَا قُطِعَتْ حَشَفَتُهُ كُلُّهَا أَوْ قُطِعَ بَعْضُهَا يُقَدَّرُ لَهُ حَشَفَةٌ قَدْرَ حَشَفَتِهِ الْمَقْطُوعَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً. قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا فَهَلْ تُعْتَبَرُ الْمُعْتَدِلَةُ حِينَئِذٍ أَوْ يَكُونُ كَمَنْ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ قَدْرُ الْغَالِبِ مِنْ أَمْثَالِ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْ يَجْتَهِدُ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ عَمِلَ بِالْأَحْوَطِ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ.

وَأَمَّا إذَا خُلِقَ لَهُ ذَكَرٌ مِنْ غَيْرِ حَشَفَةٍ اُعْتُبِرَ لَهُ حَشَفَةٌ مِنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ فَيُقَدَّرُ لَهُ حَشَفَةٌ بِالنِّسْبَةِ، فَإِذَا كَانَتْ حَشَفَةُ الْغَيْرِ رُبْعَ ذَكَرِهِ جَعَلْنَا حَشَفَةَ هَذَا رُبْعَ ذَكَرِهِ، وَلَوْ دَخَلَ الرَّجُلُ كُلُّهُ فَرْجًا، فَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا عَدَمُ وُجُوبِ الْغُسْلِ فَرَاجِعْهُ ق ل. وَعِبَارَةُ الَأُجْهُورِيُّ مَسْأَلَةُ لَوْ دَخَلَ رَجُلٌ بِجُمْلَتِهِ فِي فَرْجٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْحَشَفَةَ دَخَلَتْ فَرْجًا أَوْ لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْحَشَفَةَ دَخَلَتْ تَابِعَةً؟ . لَا نَقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَدَاوَلَةِ. وَنُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ الثَّانِي. وَقَالَ شَيْخُنَا بِالْأَوَّلِ. اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ: يَتَعَيَّنُ الْغُسْلُ وَلَا مَحِيصَ عَنْهُ، فَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ قَالَ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَقْطُوعِهَا) لَوْ قَالَ مِنْ فَاقِدِهَا لَكَانَ أَشْمَلَ لِشُمُولِهِ الَّذِي لَا حَشَفَةَ لَهُ أَصْلًا مِنْ الْآدَمِيّ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي ذِكْرُ حُكْمِ مَا لَيْسَ لَهُ حَشَفَةٌ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ أَوْلَجَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فَرْجًا) وَالْفَرْجُ يُطْلَقُ عَلَى الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُنْفَرِجٌ أَيْ مُنْفَتِحٌ، فَالْفَرْجُ مَأْخُوذٌ مِنْ الِانْفِرَاجِ وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ عُرْفًا فِي الْقُبُلِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ امْرَأَةٍ) قَيَّدَ بِهَا لِأَجْلِ ذِكْرِ الْخِتَانِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ غَيْرِهَا ق ل. قَوْلُهُ:(وَلَوْ مَيِّتَةً) وَلَا جَنَابَةَ عَلَى الْمَيِّتَةِ فَلَا يُعَادُ غُسْلُهَا لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمَوْتِ، وَلَا حَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ لَهَا وَلَا مَهْرَ، لَكِنْ تَفْسُدُ عِبَادَتُهُ وَحَجُّهُ وَتَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ فِي رَمَضَانَ كَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ اهـ. ق ل وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إذَا أَتَى الْبَهِيمَةَ وَلَمْ يُنْزِلْ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ غَسْلُ آلَتِهِ إنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا، وَإِنْ أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَا يُحَدُّ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ صَائِمًا فِي رَمَضَانَ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ عِنْدَنَا فِي الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ:(أَوْ كَانَ عَلَى الذَّكَرِ خِرْقَةٌ) وَلَوْ كَانَتْ كَثِيفَةً، بَلْ وَلَوْ كَانَ فِي قَصَبَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ غَيْرَ مُنْتَشِرٍ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْحَدِيثِ، وَيَدُلُّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِأَيٍّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، هَذَا وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهَا مِنْ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ «فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ:«وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ فَمَنْسُوخَةٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحَصْرُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ كَمَا قَالَهُ م د. وَقَوْلُهُ: (أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحَصْرُ) أَيْ مِنْ

ص: 223

وَأَجَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالِاحْتِلَامِ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ، وَذِكْرُ الْخِتَانِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، فَلَوْ أَدْخَلَ حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا فِي فَرْجِ بَهِيمَةٍ أَوْ فِي دُبُرٍ، كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ فِي فَرْجٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ انْضِمَامَهُمَا لِعَدَمِ إيجَابِهِ الْغُسْلَ بِالْإِجْمَاعِ بَلْ تَحَاذِيهِمَا يُقَالُ: الْتَقَى الْفَارِسَانِ إذَا تَحَاذَيَا، وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّا، وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ، إذْ الْخِتَانُ مَحَلُّ الْقَطْعِ فِي الْخِتَانِ، وَخِتَانُ الْمَرْأَةِ فَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ، وَمَخْرَجُ الْبَوْلِ فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ، وَلَوْ أَوْلَجَ حَيَوَانٌ قِرْدًا أَوْ غَيْرَهُ فِي آدَمِيٍّ وَلَا حَشَفَةَ لَهُ فَهَلْ يُعْتَبَرُ إيلَاجُ كُلِّ ذَكَرِهِ أَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَيْثُ أَحَدُ شِقَّيْ الْحَصْرِ الَّذِي هُوَ النَّفْيُ وَهُوَ قَوْلُنَا: وَلَا يَجِبُ بِغَيْرِ الْمَاءِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِشِقِّ الْإِثْبَاتِ، وَهُوَ وُجُوبُ الْغُسْلِ مِنْ خُرُوجِ الْمَاءِ فَلَيْسَ بِمَنْسُوخٍ، فَقَدْ أَقَامَهُ دَلِيلًا عَلَى إنْزَالِ الْمَنِيِّ فِيمَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَعَلَ الْحَصْرَ إضَافِيًّا أَيْ نِسْبِيًّا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلِاحْتِلَامِ، فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ النَّسْخِ يَصِحُّ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْإِنْزَالِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالِاحْتِلَامِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (وَأَجَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ النَّسْخِ. وَحَاصِلُ جَوَابِهِ أَنَّ الْحَصْرَ إضَافِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِلِاحْتِلَامِ.

قَوْلُهُ: (جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ) وَيَرْتَكِبُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلَ هَذَا تَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (بَهِيمَةٍ) وَلَوْ سَمَكَةً وَلَوْ مَيِّتَةً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ فِي دُبُرٍ) أَيْ دُبُرِ رَجُلٍ مَثَلًا وَلَوْ فِي دُبُرِ نَفْسِهِ وَتَجْرِي عَلَيْهِ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْجِمَاعِ كَمَا قَالَهُ ق ل. وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ امْرَأَةٍ لَيْسَ قَيْدًا، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَشَمِلَ إدْخَالَهُ فِي دُبُرِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَهِي دُبُرَ نَفْسِهِ، بَلْ هَذَا الْمَحَلُّ لَا يُشْتَهَى طَبْعًا، وَأَمَّا اللُّوطِيَّةُ فَقَدْ انْحَرَفَتْ طِبَاعُهُمْ عَنْ حَيِّزِ الِاعْتِدَالِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْحَدِّ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ حَدَّانِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ فَاعِلًا وَمَفْعُولًا أَوْ لَا. قِيَاسًا عَلَى تَدَاخُلِ الْحُدُودِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ؟ . الْأَقْرَبُ الثَّانِي، بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ:(بَلْ تَحَاذِيهِمَا) وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ لَازِمِ التَّحَاذِي مِنْ دُخُولِ الْحَشَفَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم. قَوْلُهُ: (فِي الْخِتَانِ) صَوَابُهُ فِي الْخَتْنِ أَيْ الْقَطْعِ ق ل. أَيْ: وَتَكُونُ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ بِالْخَتْنِ أَيْ الْقَطْعِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْلَجَ إلَخْ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الذَّكَرُ مُبَانًا، فَقِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُولِجَهُ مِنْ جِهَةِ الْحَشَفَةِ أَوْ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ الْحَشَفَةَ مَتَى وُجِدَتْ فَالْعِبْرَةُ بِهَا وَلَوْ مِنْ الذَّكَرِ الْمُبَانِ، وَاعْتَمَدَهُ م ر آخِرًا، وَأَمَّا لَوْ قُطِعَ الْفَرْجُ وَبَقِيَ اسْمُهُ وَأُولِجَ فِيهِ، هَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ قِيَاسًا عَلَى نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ أَوْ يُفَرَّقُ؟ قَرَّرَ م ر الْفَرْقَ، إذْ لَا يُسَمَّى جِمَاعًا ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ الْغُسْلُ وَيُمْنَعُ تَوَقُّفُهُ عَلَى مَا يُسَمَّى جِمَاعًا، بَلْ يَكْفِي فِيهِ مُسَمَّى الْإِيلَاجِ فِي فَرْجٍ وَقَدْ وُجِدَ، وَبِهِ جَزَمَ ق ل فَقَالَ قَوْلُهُ فَرْجًا وَلَوْ مُبَانًا حَيْثُ بَقِيَ اسْمُهُ. اهـ.

وَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الْفَرْجِ الْمُبَانِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ الضَّعِيفِ الْفَهْمِ السَّقِيمِ الْإِدْرَاكِ، وَقَدْ أَحْوَجَ الدَّهْرُ إلَى ذِكْرِ هَذَا. اهـ. وَأَمَّا لَوْ شُقَّ الذَّكَرُ نِصْفَيْنِ فَلَا تَحْصُلُ الْجَنَابَةُ بِإِدْخَالِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ مَعَ أَكْثَرِ الذِّكْرِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. قَالَ سم: فَلَوْ أَدْخَلَ مَجْمُوعَ شِقَّيْ الْحَشَفَةِ مِنْ الذَّكَرِ الْمَشْقُوقِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤَثِّرَ كَإِدْخَالِهَا مِنْ الذَّكَرِ الْأَشَلِّ، وَهَلْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ أَوْ يَشْمَلُ مَا لَوْ أَدْخَلَ شِقًّا فِي الْقُبُلِ وَشِقًّا فِي الدُّبُرِ؟ يَنْبَغِي أَنَّهُ كَذَلِكَ لَكِنْ لَوْ أَدْخَلَ الشِّقَّيْنِ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا غُسْلَ؛ لِأَنَّ كُلَّ شِقٍّ مِنْهُمَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ إدْخَالُ حَشَفَةٍ. وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَأُجْهُورِيُّ: وَبَقِيَ مَا لَوْ شُقَّ وَأَدْخَلَ أَحَدَ شِقَّيْهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ وَأَدْخَلَ الشِّقَّ الْآخَرَ عَلَى التَّعَاقُبِ. قَالَ الشَّيْخُ حَمْدَانَ: أَمَّا الْفَاعِلُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ جَزْمًا، وَأَمَّا الْمَفْعُولُ فَإِنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ فَالْغُسْلُ، وَإِلَّا فَلَا. وَمِنْ الِاتِّحَادِ مَا لَوْ أَدْخَلَ أَحَدَهُمَا فِي الْقُبُلِ وَالْآخَرَ فِي الدُّبُرِ.

فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الذَّكَرُ كُلُّهُ بِصُورَةِ الْحَشَفَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَى إدْخَالِ جَمِيعِهِ، بَلْ تُقَدَّرُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، نَعَمْ إنْ تَحَزَّزَ مِنْ أَسْفَلِهِ بِصُورَةِ تَحْزِيزِ الْحَشَفَةِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ الْجَمِيعِ. فَائِدَةٌ: لَوْ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ فِي ذَكَرِ آخَرَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ أَمْ لَا؟ أَفْتَى م ر أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ.

ص: 224

إيلَاجُ قَدْرِ حَشَفَةٍ مُعْتَدِلَةٍ؟ . قَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ نَظَرٌ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْفَقِيهِ. انْتَهَى.

وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ الثَّانِي: وَيَجْنَبُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ أَوْلَجَا أَوْ أُولِجَ فِيهِمَا وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ بَعْدَ الْكَمَالِ، وَصَحَّ مِنْ مُمَيِّزٍ وَيُجْزِئُهُ وَيُؤْمَرُ بِهِ كَالْوُضُوءِ، وَإِيلَاجُ الْخُنْثَى وَمَا دُونَ الْحَشَفَةِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْغُسْلِ، وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَيَجِبُ عَلَى الْمُولَجِ فِيهِ بِالنَّزْعِ مِنْ دُبُرِهِ وَمِنْ قُبُلِ أُنْثَى، وَإِيلَاجُ الْحَشَفَةِ بِالْحَائِلِ جَارٍ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَإِفْسَادِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ، وَيُخَيَّرُ الْخُنْثَى بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بِإِيلَاجِهِ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرَهُ) شَمِلَ الْآدَمِيَّ الَّذِي لَا حَشَفَةَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ الثَّانِي) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ وَفِيمَا لَوْ خُلِقَ بِلَا حَشَفَةٍ يُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمُعْتَدِلَةِ بِغَالِبِ أَمْثَالِهِ، وَكَذَا فِي ذَكَرِ الْبَهِيمَةِ يُعْتَبَرُ قَدْرٌ تَكُونُ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ مُعْتَدِلِ ذَكَرِ الْآدَمِيِّ إلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ:(وَيَجْنُبُ صَبِيٌّ) وَلَوْ غَيْرُ مُمَيِّزٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَجْنَبَ الرَّجُلُ وَجُنُبٌ بِالضَّمِّ اهـ. فَعَلَى هَذَا إنْ اعْتَبَرْت الْمُضَارِعَ مِنْ أَجْنَبَ كَانَ مِثْلَ أَكْرَمَ يُكْرِمُ، وَإِنْ اعْتَبَرْته مِنْ جَنَبَ كَانَ مِثْلَ شَرُفَ يَشْرُفُ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ بَعْدَ الْكَمَالِ) بِالْبُلُوغِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ، وَالْإِفَاقَةِ فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ أَيْ إنْ لَمْ يَغْتَسِلَا قَبْلَهُ بِنَفْسِهِمَا أَوْ بِغَيْرِهِمَا اهـ. ق ل. وَهُوَ وَاضِحٌ فِي غُسْلِهِمَا بِنَفْسِهِمَا لِاسْتِدْعَائِهِ تَمْيِيزِهِمَا، وَأَمَّا بِغَيْرِهِمَا فَصُورَتُهُ أَنْ يَغْسِلَهُمَا الْوَلِيُّ فِي نُسُكٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِخِلَافِ غَيْرِ النُّسُكِ فَلَا يَصِحُّ، إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ اسْتَمَرَّ بَعْدَ الْغُسْلِ فِي النُّسُكِ لَمْ يَجْنَبْ حَتَّى كَمُلَ كَفَاهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَنَابَتَهُ ارْتَفَعَتْ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ. م د.

قَوْلُهُ: (وَصَحَّ مِنْ مُمَيِّزٍ) أَيْ وَلَا تَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا بَلَغَ، بِخِلَافِ مَا إذَا غَسَّلَهُ وَلِيُّهُ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ فَلَا يَكْفِيهِ إذَا اسْتَمَرَّ حَتَّى كَمُلَ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ كَمَا مَرَّ آنِفًا.

قَوْلُهُ: (وَإِيلَاجِ الْخُنْثَى) أَيْ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ أَوْ قُبُلِ أُنْثَى كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِالنَّزْعِ مِنْ دُبُرِهِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: (لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْغُسْلِ) أَيْ فِي إيجَابِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ كَمَا يَأْتِي. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْخُنْثَى إمَّا أَنْ يَكُونَ مُولِجًا أَوْ مُولَجًا فِيهِ، وَإِذَا كَانَ مُولِجًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، أَوْ قُبُلِ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، فَهَذِهِ خَمْسُ صُوَرٍ. وَإِذَا كَانَ مُولَجًا فِيهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُولِجُ وَاضِحًا أَوْ خُنْثَى، وَتَارَةً يُولِجُ ذَلِكَ الْخُنْثَى الْمُولَجُ فِيهِ فِي وَاضِحٍ آخَرَ، وَتَارَةً فِي نَفْسِ الرَّجُلِ الْمُولِجُ؛ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ فَمَتَى كَانَ مُولِجًا فَقَطْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ أَوْلَجَ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ، وَلَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ. أَوْ أَوْلَجَ فِي دُبُرِ خُنْثَى وَكَانَ ذَلِكَ الْخُنْثَى أَوْلَجَ فِي قُبُلِهِ، فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَتَخَيَّرُ الْخُنْثَى الْمُولِجِ بِكَسْرِ اللَّامِ فِي الدُّبُرِ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَكَذَلِكَ الْمُولَجُ فِي دُبُرِهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْلَجَ فَقَطْ فِي دُبُرِ خُنْثَى أَوْ فِي قُبُلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى الْمُولَجِ فِي دُبُرِهِ بِالنَّزْعِ مِنْهُ، وَمَتَى كَانَ الْخُنْثَى مُولَجًا فِي قُبُلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا رَجُلَانِ مَا لَمْ يُولِجْ الْخُنْثَى الَّذِي أَوْلَجَ فِيهِ فِي وَاضِحٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ يَجْنَبُ يَقِينًا وَيُحْدِثُ الْوَاضِحُ بِالنَّزْعِ، فَإِنْ أَوْلَجَ فِي الرَّجُلِ الْمُولِجِ أَجْنَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا.

وَقَدْ نَظَمْت ذَلِكَ يَسْهُلَ حَفِظَهُ فَقُلْت:

وَبَيْنَ غُسْلٍ وَوُضُوءٍ خُيِّرَ

خُنْثَى إذَا لَاطَ بِدُبُرِ ذَكَرٍ

أَوْ دُبُرِ خُنْثَى مُولِجٌ ذَكَرَهُ

فِي قُبُلِ الْمُولِجِ فَافْهَمْ سِرَّهُ

وَمُولَجٌ فِي دُبُرِهِ يَنْتَقِضُ

بِخَارِجٍ حِينَئِذٍ مِنْهُ الْوُضُوء

وَذَكَرًا خَيَّرَهُ إنْ خُنْثَى فَعَلَ

بِدُبُرِهِ لِخَارِجٍ مِنْهُ حَصَلَ

مُجَرَّدُ الْإِيلَاجِ فِي خُنْثَى جَرَى

مِنْ مِثْلِهِ فَمَا عَلَيْهِ شَيْءٌ يُرَى

كَذَاك لَا شَيْءَ إذَا مَا رَجُلٌ

بِقُبُلِ خُنْثَى قَدْ أَتَاهُ يَأْفُلُ

فَإِنْ أَتَى الْخَنَى لِفَرْجِ امْرَأَةٍ

أَوْ دُبُرٍ فَاخْصُصْهُ بِالْجَنَابَةِ

وَمُولِجٌ فِي دُبُرِهِ أَوْ فَرْجٍ

قَدْ نَقَضُوا مِنْهُ الْوُضُوءَ بِالْخَارِجِ

وَإِنْ أَتَى الْخُنْثَى لِمُولَجِ رَجُلٍ

قَدْ حَصَلَتْ حَقًّا جَنَابَةٌ لِكُلٍّ

اهـ م د

ص: 225

دُبُرِ ذَكَرٍ لَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ بِلَمْسِهِ، أَوْ فِي دُبُرِ خُنْثَى أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي قُبُلِ الْمُولِجِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا جُنُبٌ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ فِيهِمَا أَوْ أُنُوثَتِهِ وَذُكُورَةِ الْآخَرِ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ مُحْدِثٌ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ فِيهِمَا مَعَ أُنُوثَةِ الْآخَرِ فِي الثَّانِيَة: فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لِمَا سَيَأْتِي فِيمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْمَنِيُّ بِغَيْرِهِ، وَكَذَا يُخَيَّرُ الذَّكَرُ إذَا أَوْلَجَ الْخُنْثَى فِي دُبُرِهِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ. أَمَّا إيلَاجُهُ فِي قُبُلِ خُنْثَى أَوْ فِي دُبُرِهِ وَلَمْ يُولِجْ الْآخَرُ فِي قُبُلِهِ فَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَلَوْ أَوْلَجَ رَجُلٌ فِي قُبُلِ خُنْثَى فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا غُسْلٌ وَلَا وُضُوءٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ، فَإِنْ أَوْلَجَ ذَلِكَ الْخُنْثَى فِي وَاضِحٍ آخَرَ أَجْنَبَ يَقِينًا وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ جَامَعَ أَوْ جُومِعَ بِخِلَافِ الْآخَرَيْنِ لَا جَنَابَةَ عَلَيْهِمَا، وَأَحْدَثَ الْوَاضِحُ الْآخَرُ بِالنَّزْعِ مِنْهُ، أَمَّا إذَا أَوْلَجَ الْخُنْثَى فِي الرَّجُلِ الْمُولَجِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجْنَبُ، وَمَنْ أَوْلَجَ أَحَدَ ذَكَرَيْهِ أَجْنَبَ إنْ كَانَ يَبُولُ بِهِ وَحْدُهُ وَلَا أَثَرَ لِلْآخَرِ فِي نَقْضِ الطَّهَارَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سُنَنِهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى سُنَنِهِ أَوْ كَانَ يَبُولُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ لَا يَبُولُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا أَجْنَبَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا. .

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (بِإِيلَاجِهِ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ) أَيْ: وَأَمَّا الذَّكَرُ فَيَأْتِي أَنَّهُ يُخَيَّرُ بِقَوْلِهِ وَكَذَا يُخَيَّرُ إلَخْ. وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ.

قَوْلُهُ: (لَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ بِلَمْسِهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَحْرَمِيَّةٌ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الذَّكَرِ حَائِلٌ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ.

قَوْلُهُ: (أَوْ فِي دُبُرِ خُنْثَى) الشَّارِحُ تَكَفَّلَ بِبَيَانِ حَالِ الْمُولِجِ. وَأَمَّا الْمُولَجُ فِيهِ فَيُخَيَّرُ أَيْضًا بَيْنَ الْغُسْلِ وَعَدَمِهِ وَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِالنَّزْعِ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ؛ لِأَنَّهُ إمَّا جُنُبٌ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِمَا، أَوْ أُنُوثَتِهِ وَذُكُورَةِ الْآخَرِ، أَوْ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَةِ الْآخَرِ، أَوْ غَيْرُ جُنُبٍ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِمَا.

قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَجَ فِي الدُّبُرِ فِيهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَذُكُورَةِ الْآخَرِ فِي الثَّانِيَةِ) ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ أَوْلَجَ فِي قُبُلِهِ.

قَوْلُهُ: (بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ فِيهِمَا) أَيْ اللَّمْسُ فِي الْأُولَى، وَالنَّزْعُ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ.

قَوْلُهُ: (لِمَا سَيَأْتِي) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُعَلَّلِ بِهِ هُنَاكَ وَفِي نُسْخَةٍ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا يُخَيَّرُ الذَّكَرُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَبِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ يَكُونُ أَيْ الذَّكَرُ جُنُبًا، وَبِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ يَكُونُ مُحْدِثًا. اج. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْغُسْلِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَيَجِبُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ بِالنَّزْعِ مِنْهُ، فَعِبَارَةُ الشَّارِحِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ. وَقَوْلُهُ: لَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ إلَخْ. الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ أَنَّ النَّقْضَ بِالنَّزْعِ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ، وَعَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ يَكُونُ النَّقْضُ بِاللَّمْسِ. فَالْحَاصِلُ: أَنَّ عِنْدَ وُجُودِ الْمَانِعِ يَكُونُ النَّقْضُ بِالنَّزْعِ، وَعَلَى عَدَمِهِ يَكُونُ النَّقْضُ بِاللَّمْسِ. وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا لِانْتِقَاضِ وُضُوئِهِ بِالنَّزْعِ مِنْهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ بِالْمُلَامَسَةِ فَيُحْتَاجُ إلَى هَذَا الْقَيْدِ هُنَاكَ لَا هُنَا.

قَوْلُهُ: (أَمَّا إيلَاجُهُ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ دُبُرُ خُنْثَى إلَخْ. فَمَفْهُومُ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ تَحْتَهُ صُورَتَانِ، وَتَقَدَّمَ الصُّورَتَانِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ صُوَرَ الْخُنْثَى أَرْبَعَةٌ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا) أَيْ عَلَى الْمُولِجِ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ، وَيُتَّجَهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ الْمُولَجُ فِيهِ فِي الثَّانِيَةِ ق ل. وَعِبَارَةُ الْمَرْحُومِيِّ: وَأَمَّا الْمُولَجُ فِي دُبُرِهِ فَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِالْخُرُوجِ. اهـ. أَيْ: وَأَمَّا الْمُولَجُ فِي قُبُلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ فَاحْفَظْ. قَوْلُهُ: (فِي وَاضِحٍ) أَيْ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، أَوْ فِي دُبُرِ خُنْثَى، بِخِلَافِ الْآخَرَيْنِ أَيْ الْوَاضِحَيْنِ. قَوْلُهُ:(أَمَّا إذَا أَوْلَجَ الْخُنْثَى فِي الرَّجُلِ الْمُولَجِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ آخَرَ مِنْ قَوْلِهِ فِي وَاضِحٍ آخَرَ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) يَجْنَبُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى فَقَدْ أُولِجَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَقَدْ أَوْلَجَ فِي الذَّكَرِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَوْلَجَ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ الذَّكَرُ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْأَصْلِيِّ، وَبِالزَّائِدِ الْمُسَامَتِ لَهُ، وَسَكَتَ عَنْ الْمُشْتَبَهِ، وَيَظْهَرُ تَوَقُّفُ الْغُسْلِ عَلَى إيلَاجِ الْجَمِيعِ ق ل.

قَوْلُهُ: (فِي نَقْضِ الطَّهَارَةِ) أَيْ الْكَامِلَةِ، وَهِيَ الْغُسْلُ. قَوْلُهُ:(إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) الْمَدَارُ عَلَى الْأَصَالَةِ أَوْ الْمُسَامَتَةِ فَقَطْ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ لَا بِالْبَوْلِ، وَعَدَمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ كَانَ عَلَى سُنَنِهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ إنْ بَالَ بِأَحَدِهِمَا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ فَقَطْ حَيْثُ لَمْ يُسَامِتْ الْآخَرَ، فَإِنْ سَامَتَ تَعَلَّقَ بِهِ أَيْضًا، وَكَذَا إنْ بَالَ بِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَسَامَتَا، أَوْ لَا يَبُولُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا اج.

قَوْلُهُ: (أَوْ لَا يَبُولُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) بِأَنْ كَانَ لَهُ ثُقْبَةٌ يَبُولُ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا) الْأَوْلَى وَكَانَ كَمَا فِي

ص: 226

(وَ) الثَّانِيَةُ (إنْزَالُ) أَيْ خُرُوجُ (الْمَنِيِّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَسُمِعَ تَخْفِيفُهَا أَيْ مَنِيُّ الشَّخْصِ نَفْسِهِ الْخَارِجُ مِنْهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ فَرْجَ الثَّيِّبِ بَلْ وَصَلَ إلَى مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، أَمَّا الْبِكْرُ فَلَا بُدَّ مِنْ بُرُوزِهِ إلَى الظَّاهِرِ كَمَا أَنَّهُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لَا بُدَّ مِنْ بُرُوزِهِ عَنْ الْحَشَفَةِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ:«إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» . أَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَيْهَا، فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرِ. .

قَوْلُهُ: (أَيْ خُرُوجُ الْمَنِيِّ) أَيْ وَلَوْ عَلَى صُورَةِ الدَّمِ لِكَثْرَةِ الْجِمَاعِ وَنَحْوِهِ، فَيَكُونُ طَاهِرًا مُوجِبًا لِلْغُسْلِ، فَقَبْلَ خُرُوجِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ بِرَبْطِهِ مَثَلًا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ، بَلْ وَلَا يَصِحُّ فَلَوْ قُطِعَ الذَّكَرُ وَفِيهِ الْمَنِيُّ قَبْلَ بُرُوزِهِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ إلَّا إنْ بَرَزَ مِنْ الْبَاقِي الْمُتَّصِلِ شَيْءٌ، وَفَارَقَ الْحُكْمُ بِالْبُلُوغِ لِوُجُودِ الْعِلْمِ قَالَهُ ق ل. وَفِي اج: فَلَوْ قُطِعَ الذَّكَرُ وَالْمَنِيُّ فِيهِ لَكِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمُنْفَصِلِ شَيْءٌ فَلَا غُسْلَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ كَالْبَازِرِيِّ، وَتَابَعَهُمَا م ر فِي الْفَتَاوَى. قَالَ سم: وَفِيهِ نَظَرٌ لِانْفِصَالِهِ عَنْ الْبَدَنِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَتِرًا فِي الْجُزْءِ الْمُنْفَصِلِ فَلَا يُتَّجَهُ حِينَئِذٍ إلَّا وُجُوبُ الْغُسْلِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ انْفِصَالَهُ عَنْ الْبَدَنِ تَابِعٌ لِانْفِصَالِ الذَّكَرِ. اهـ. وَقَوْلُ الْمُحَشِّي: لَكِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمُنْفَصِلِ شَيْءٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُتَّصِلِ. وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الظَّاهِرَةُ، وَقَدْ نَقَلَ ع ش عَلَى م ر أَنَّ لِابْنِ سم عِبَارَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ مَنِيِّ الشَّخْصِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ أَلْ فِي الْمَنِيِّ لِلْعَهْدِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْبِكْرُ إلَخْ) ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ إلَى ظَاهِرِ الْبَدَنِ أَوْ إلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ الثَّيِّبِ عِنْدَ جُلُوسِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا.

قَوْلُهُ: «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» هَذَا الْحَدِيثُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْإِنْزَالِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، لِمَا عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ مَنْسُوخٌ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ لَا بِاعْتِبَارِ مَنْطُوقِهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى كَمَا لَا يَخْفَى.

قَوْلُهُ: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) وَاسْمُهَا هِنْدٌ وَهِيَ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قَوْلُهُ: (أُمُّ سُلَيْمٍ) بِنْتُ مِلْحَانَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالِدَةُ أَنَسٍ، وَاسْمُهَا سَهْلَةُ أَوْ رُمَيْلَةُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَيُقَالُ لَهَا الْغُمَيْصَاءُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، أَوْ الرُّمَيْصَاءُ اُشْتُهِرَتْ بِكُنْيَتِهَا.

قَوْلُهُ: (إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ) يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَأْمُرَ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْ الْحَقِّ أَوْ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذِكْرِهِ امْتِنَاعُ الْمُسْتَحْيِي، فَكَذَلِكَ أَنَا. وَإِنَّمَا قَدَّمَتْ ذَلِكَ عَلَى سُؤَالِهَا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمَسْئُولَ عَنْهُ أَمْرٌ يُسْتَحْيَا مِنْهُ فَهُوَ نَوْعُ بَرَاعَةِ اسْتِهْلَالِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَدِيعِ شَوْبَرِيٌّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ هُنَا السُّؤَالُ عَنْ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَقَالَتْ لَهُ أَيْضًا:" هَلْ لِلْمَرْأَةِ مَاءٌ؟ . فَقَالَ لَهَا: تَرِبَتْ يَدَاك بِأَيِّ شَيْءٍ يُشْبِهُ الْوَلَدُ أُمَّهُ ". فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَلَدَ مُنْعَقِدٌ مِنْ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَمَنِيِّ الْمَرْأَةِ.

قَوْلُهُ: (هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ) بِضَمِّ الْغَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ بِفَتْحِهَا وَهُمَا مَصْدَرَانِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ بِالضَّمِّ الِاسْمُ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَحَرْفُ الْجَرِّ زَائِدٌ كَمَا فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ.

قَوْلُهُ: (إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ) أَيْ رَأَتْ فِي مَنَامِهَا أَنَّهَا تُجَامَعُ.

قَوْلُهُ: (إذَا رَأَتْ) أَيْ حِينَ رَأَتْ الْمَاءَ أَيْ الْمَنِيَّ إذَا اسْتَيْقَظَتْ، فَإِذَا ظَرْفِيَّةٌ وَجَعْلُ رُؤْيَةِ الْمَنِيِّ شَرْطًا لِلْغُسْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إذَا لَمْ تَرَ الْمَاءَ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا. فَائِدَةٌ: قَالَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٍ: الِاحْتِلَامُ بِصُورَةٍ مُحَرَّمَةٍ عُقُوبَةٌ مُعَجَّلَةٌ، وَبِغَيْرِ صُورَةٍ نِعْمَةٌ، وَبِصُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَرَامَةٌ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ فَقَالَ:

مَنْ يَحْتَلِمُ بِصُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ

فَإِنَّهُ كَرَامَةٌ مَرْضِيَّةُ

وَإِنْ يَكُنْ بِصُورَةٍ قَدْ حُرِّمَتْ

فَهُوَ إذًا عُقُوبَةٌ تَعَجَّلَتْ

أَوْ لَا بِصُورَةٍ فَذَاكَ نِعْمَةُ

حَكَاهُ زَرُّوقٌ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ

وَذَكَرَ أَيْضًا: أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ إتْيَانِ الزَّوْجَةِ بَعْدَ الِاحْتِلَامِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْجُنُونَ فِي الْوَلَدِ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ فِي حَرْفِ الْخَاءِ وَالنُّونِ خَنَثَ خُنَثًا فَهُوَ خَنِثٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا كَانَ فِيهِ لِينٌ وَتَكَسُّرٌ وَيَتَعَدَّى

ص: 227

فَإِنْ أَمْنَى مِنْهُمَا أَوْ مَنْ أَحَدِهِمَا وَحَاضَ مِنْ الْآخَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ بَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحْكَمًا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ مُسْتَحْكَمًا مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ، وَخَرَجَ مِنْ تَحْتِ الصُّلْبِ، فَالصُّلْبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ فِي فَصْلِ الْحَدَثِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ وَالْخِلْقِيِّ كَمَا فَرَّقَ هُنَاكَ كَمَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

وَالصُّلْبُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِلرَّجُلِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَمَا بَيْنَ تَرَائِبِهَا وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ. قَالَ تَعَالَى:{يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: 7] أَيْ صُلْبِ الرَّجُلِ وَتَرَائِبِ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ خَرَجَ غَيْرُ الْمُسْتَحْكَمِ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ كَأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ، فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَلَا يَجِبُ بِخُرُوجِ مَنِيِّ غَيْرِهِ مِنْهُ وَلَا بِخُرُوجِ مَنِيِّهِ مِنْهُ بَعْدَ اسْتِدْخَالِهِ، وَيُعْرَفُ الْمَنِيُّ بِتَدَفُّقِهِ بِأَنْ يَخْرُجَ بِدَفَعَاتٍ قَالَ تَعَالَى:{مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6] وَسُمِّيَ مَنِيًّا؛ لِأَنَّهُ يُمْنَى أَيْ يُصَبُّ. أَوْ لَذَّةٍ بِخُرُوجِهِ مَعَ فُتُورِ الذَّكَرِ وَانْكِسَارِ الشَّهْوَةِ عَقِبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ لِقِلَّتِهِ أَوْ خَرَجَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ أَوْ رِيحِ عَيْنِ حِنْطَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ رِيحِ طَلْعٍ رَطْبًا أَوْ رِيحِ بَيَاضِ بَيْضِ دَجَاجٍ أَوْ نَحْوِهِ جَافًّا، وَإِنْ لَمْ يَلْتَذَّ أَوْ يَتَدَفَّقْ كَأَنْ خَرَجَ بَاقِي مَنِيِّهِ بَعْدَ غُسْلِهِ، أَمَّا إذَا خَرَجَ مِنْ قُبُلِ الْمَرْأَةِ مَنِيُّ جِمَاعِهَا بَعْدَ غُسْلِهَا فَلَا تُعِيدُ الْغُسْلَ إلَّا إنْ قَضَتْ شَهْوَتَهَا،

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ خَنَّثَهُ غَيْرُهُ إذَا جَعَلَهُ كَذَلِكَ وَاسْمُ الْفَاعِلِ مُخَنِّثٌ بِالْكَسْرِ وَقَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ خَنَّثَ الرَّجُلُ كَلَامَهُ بِالتَّثْقِيلِ إذَا شَبَّهَهُ بِكَلَامِ النِّسَاءِ لِينًا وَرَخَاوَةً فَالرَّجِل مُخَنِّثٌ بِالْكَسْرِ وَالْخُنْثَى الَّذِي خُلِقَ لَهُ فَرْجُ الرَّجُلِ وَفَرْجُ الْمَرْأَةِ وَالْجَمْعُ خِنَاثٌ مِثْلُ كِتَابٍ وَخَنَاثَى مِثْلُ حُبْلَى وَحَبَالَى. اهـ.

وَمَعْنَى الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ أَيْ الْمُلْتَبِسِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَارَضَتْ فِيهِ عَلَامَاتُ الرِّجَالِ وَعَلَامَاتُ النِّسَاءِ الْتَبَسَ أَمْرُهُ فَسُمِّيَ مُشْكِلًا. قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فِي أَوَّلِ الزَّكَاةِ يُقَالُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ خُنْثَى إلَّا الْآدَمِيَّ وَالْإِبِلَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ وَيَكُونُ فِي الْبَقَرِ جَاءَنِي جَمَاعَةٌ أَثِقُ بِهِمْ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَقَالُوا إنَّ عِنْدَهُمْ بَقَرَةً خُنْثَى لَيْسَ لَهَا فَرْجُ الْأُنْثَى وَلَا ذَكَرُ الثَّوْرِ وَإِنَّمَا لَهَا خَرْقٌ عِنْدَ ضَرْعِهَا يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ وَسَأَلُوا عَنْ جَوَازِ التَّضْحِيَةِ بِهِ فَقُلْت لَهُمْ إنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَكِلَاهُمَا يُجْزِئُ وَلَيْسَ فِيهَا نَقْصُ اللَّحْمِ وَأَفْتَيْتُهُمْ فِيهِ. اهـ.

قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْنَى مِنْهُمَا وَأَمَّا إذَا أَمْنَى مِنْ أَحَدِهِمَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَوْ كَانَ مُسْتَحْكَمًا وَقَوْلُنَا إنَّ الْمَنِيَّ إذَا خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَكَانَ مُسْتَحْكَمًا وَجَبَ الْغُسْلُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَصْلِيُّ مُنْسَدًّا وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ مُنْفَتِحًا فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَهُنَا فِي صُورَةِ الْخُنْثَى مُنْفَتِحٌ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ مُسْتَحْكَمًا بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَهُوَ الْخَارِجُ لَا لِعِلَّةٍ فَإِنْ خَرَجَ لِأَجْلِ عِلَّةٍ كَمَرَضٍ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحْكَمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يُسْتَحْكَمْ وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ الِاسْتِحْكَامُ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تُوجَدَ فِيهِ بَعْضُ خَوَاصِّهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ الْخَالِصِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَوَاصِّهِ فَلَيْسَ بِمَنِيٍّ كَمَا عُرِفَ

قَوْلُهُ وَخَرَجَ مِنْ تَحْتِ الصُّلْبِ أَوْ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ قَوْلُهُ فَالصُّلْبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ صَوَابُهُ كَتَحْتِ الْمَعِدَةِ إذْ الْخَارِجُ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ يُوجِبُ الْغُسْلَ لِأَنَّهُ مَعْدِنَ الْمَنِيِّ س ل وَالصُّلْبُ مِنْ الرَّقَبَةِ إلَى مُنْتَهَى الظَّهْرِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ قَوْلُهُ كَأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ الْأَوْلَى بِأَنْ خَرَجَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر لِأَنَّهُ تَصْوِيرٌ لِغَيْرِ الْمُسْتَحْكَمِ وَلَا فَرْدَ لَهُ غَيْرُهُ قَوْلُهُ بِدَفَعَاتٍ جَمْعُ دَفْعَةٍ بِالْعَيْنِ قَوْلُهُ مَعَ فُتُورِ الذَّكَرِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ق ل قَوْلُهُ أَوْ خَرَجَ عُطِفَ عَلَى الْغَايَةِ قَوْلُهُ رَطْبًا هُوَ وَجَافًّا حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَلْتَذَّ أَوْ يَتَدَفَّقْ هَذَا رَدٌّ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّ مَذْهَبَهُمْ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ إلَّا بِقَيْدَيْنِ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَشَرْحِهِ وَعِبَارَتُهُ وَفُرِضَ الْغُسْلُ عِنْدَ خُرُوجِ مَنِيٍّ إلَى ظَاهِرِ الْفَرْجِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حَالَةُ النَّوْمِ وَالْيَقِظَةِ وَلَكِنْ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّدَفُّقُ وَالْآخَرُ الشَّهْوَةُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ خُرُوجُهُ كَيْفَمَا كَانَ يُوجِبُ الْغُسْلَ

قَوْلُهُ مَنِيُّ جِمَاعِهَا التَّقْيِيدُ بِالْجِمَاعِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ حَتَّى لَوْ قَضَتْ وَطَرَهَا بِمَعْنَى اسْتَدْخَلَتْهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ م ر قَوْلُهُ

ص: 228

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَهْوَةٌ كَصَغِيرَةٍ، أَوْ كَانَتْ وَلَمْ تَقْضِ كَنَائِمَةٍ لَا إعَادَةَ عَلَيْهَا.

فَإِنْ قِيلَ: إذَا قَضَتْ شَهْوَتَهَا لَمْ تَتَيَقَّنْ خُرُوجُ مَنِيِّهَا وَيَقِينُ الطَّهَارَةِ لَا يُرْفَعُ بِظَنِّ الْحَدَثِ، أَيْ إذْ حَدَثُهَا وَهُوَ خُرُوجُ مَنِيِّهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ، وَقَضَاءُ شَهْوَتِهَا لَا يَسْتَدْعِي خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْ مَنِيِّهَا كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْشِيحِ. أُجِيبَ: بِأَنَّ قَضَاءَ شَهْوَتِهَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ نَوْمِهَا فِي خُرُوجِ الْحَدَثِ فَنَزَّلُوا الْمَظِنَّةَ مَنْزِلَةَ الْمَئِنَّةِ، وَخَرَجَ بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ مَا لَوْ وُطِئَتْ فِي دُبُرِهَا فَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّ الرَّجُلِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا إعَادَةُ الْغُسْلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، فَإِنْ فُقِدَتْ الصِّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْخَارِجِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنِيٍّ، فَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُ الْخَارِجِ مَنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ كَوَدْيٍ أَوْ مَذْيٍ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ جَعَلَهُ مَنِيًّا اغْتَسَلَ أَوْ غَيْرَهُ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ مَا أَصَابَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَتَى بِمُقْتَضَى أَحَدِهِمَا بَرِئَ مِنْهُ يَقِينًا، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْآخَرِ وَلَا مُعَارِضَ لَهُ، بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ فِعْلُهُمَا لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِهِمَا جَمِيعًا، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا. وَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا وَفَعَلَهُ اُعْتُدَّ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَفَعَلَ الْآخَرَ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَلَا تُعِيدُ الْغُسْلَ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَهْوَةٌ لِصِغَرٍ أَوْ كَانَتْ وَلَمْ تَقْضِهَا كَنَائِمَةٍ وَهَذَا عَيْنٌ قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَهْوَةٌ إلَخْ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ لِلْوُضُوحِ قَوْلُهُ وَلَمْ تَقْضِ أَيْ شَهْوَتَهَا قَوْلُهُ كَنَائِمَةٍ أَيْ أَوْ مُكْرَهَةٍ قَالَ فِي الْبَهْجَةِ

وَبَعْدَ غُسْلِ وَطْئِهَا إنْ لَفَظَتْ

مَاءً تُعِيدُ حَيْثُ شَهْوَةٌ قَضَتْ

وَلَا تُعِيدُ طِفْلَةٌ وَرَاقِدَةٌ

أَوْ أُكْرِهَتْ وَمِنْ شِفَاءِ فَاقِدِهِ

أَيْ عَادِمَةِ الشِّفَاءِ وَهِيَ الْمَرِيضَةُ

قَوْلُهُ الْمَئِنَّةِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ وَبَعْدهَا نُونٌ مُشَدَّدَةٌ أَيْ الْيَقِينُ قَوْلُهُ فَإِنْ فُقِدَتْ الصِّفَاتُ لَوْ قَالَ الْخَوَاصُّ لَكَانَ أَوْلَى إذْ صِفَاتُهُ كَوْنُهُ أَبْيَضَ أَوْ أَصْفَرَ أَوْ ثَخِينًا وَهَذِهِ لَا دَخْلَ لَهَا فِي الْمَعْرِفَةِ قَوْلُهُ فِي الْخَارِجِ أَيْ فِي الْمَاءِ الْخَارِجِ قَوْلُهُ فَلَا غُسْلَ أَيْ مَطْلُوبٌ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ تَعَاطَى عِبَادَةً فَاسِدَةً وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَشُكَّ أَمَّا إذَا شَكَّ فَهِيَ مَسْأَلَةُ التَّخْيِيرِ الْآتِيَةِ قَوْلُهُ تَخَيَّرَ أَيْ بِالتَّشَهِّي لَا بِالِاجْتِهَادِ وَإِذَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا اخْتَارَهُ سَوَاءً فَعَلَهُ أَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ نَعَمْ إنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مَا اخْتَارَهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى صَلَوَاتٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَوَاتِ الَّتِي فَعَلَهَا فَإِنْ تَيَقَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْغُسْلِ فِي صُورَتِهِ لِجَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ

قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَحْتَاطُ فَيَغْتَسِلُ وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا قَوْلُهُ فَإِنْ جَعَلَهُ مَنِيًّا اغْتَسَلَ فَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ مِنْ حُرْمَةِ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّا لَا نُحَرِّمُ بِالشَّكِّ وَلِهَذَا مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ بِفِعْلِ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ أَيْ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - م ر قَوْلُهُ بَرِئَ مِنْهُ يَقِينًا فَلَوْ اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ اخْتَارَ بَعْدَ ذَلِكَ كَوْنَهُ وَدْيًا انْعَكَسَ الْحُكْمُ مِنْ حِينَئِذٍ فَيَغْسِلُهُ وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ وَكَذَا لَوْ اخْتَارَ ابْتِدَاءَ كَوْنِهِ وَدْيًا فَغَسَلَهُ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى مُدَّةً ثُمَّ اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا وَجَبَ الْغُسْلُ وَلَا تَجِبُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ كَمَا رَجَّحَهُ سم وَإِنْ قَالَ حَجّ فِيهِ احْتِمَالَانِ اج وَعِبَارَةُ ق ل وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ إلَى الْآخَرِ وَلَا يُعِيدُ مَا فَعَلَهُ بِالْأَوَّلِ قَوْلُهُ وَلَا مُعَارِضَ أَيْ مِنْ الْبَرَاءَةِ وَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ لِلْأَصْلِيِّ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ إلَخْ هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْآخَرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا مُعَارِضَ فَلَمْ يَأْخُذْ مُحْتَرَزَهُ وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ نَحْوِ بَوْلِ الظَّبْيَةِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَتَغَيَّرَ فَإِنَّ الْأَصْلَ هُنَا وَهُوَ الطَّهَارَةُ عَارَضَهُ عَارِضٌ وَهُوَ بَوْلُ الظَّبْيَةِ. اهـ. عَزِيزِيٌّ

قَوْلُهُ وَفَعَلَهُ أَيْ وَفَعَلَ مُقْتَضَاهُ مِنْ اغْتِسَالٍ أَوْ وُضُوءٍ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا ق ل قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ الصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْ الْأَوَّلِ وَإِنْ فَعَلَ مُقْتَضَاهُ وَيَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ بِالْأَوَّلِ فَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ

ص: 229

وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا مَقْطُوعًا أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْهُ لَزِمَهَا الْغُسْلُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِدْخَالِهِ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ أَصْلِهِ أَوْ وَسَطِهِ بِجَمْعِ طَرَفَيْهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ. انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ الْحَشَفَةُ حَيْثُ وُجِدَتْ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ يُعْرَفُ بِالْخَوَاصِّ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ. وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ. وَقَالَ ابْنُ صَلَاحٍ: لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ وَالرِّيحِ، وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ. وَيُؤَيِّدُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَوْلُ الْمُخْتَصَرِ: وَإِذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ الْمَاءَ الدَّافِقَ.

فَرْعٌ: لَوْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَوْ بِظَاهِرِهِ مَنِيًّا لَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ، وَإِعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ لَا يُحْتَمَلُ خُلُوُّهَا عَنْهُ، وَيُسَنُّ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ اُحْتُمِلَ خُلُوُّهَا عَنْهُ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ آخَرَ نَامَ مَعَهُ فِي فِرَاشِهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُمَا الْغُسْلُ وَالْإِعَادَةُ، وَلَوْ أَحَسَّ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ.

(وَ) الثَّالِثَةُ (الْمَوْتُ) لِمُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَنَائِزِ لِحَدِيثِ «الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِهِ مَثَلًا وَإِذَا اغْتَسَلَ فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مَنِيٌّ فَقَالَ الْعَلَّامَةُ سم لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ مُلْزَمٌ بِهِ عَنْ اخْتِيَارِهِ أَيْ وَجَازِمٌ بِالنِّيَّةِ لِرَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَلَيْسَ كَوُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ فَإِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ يَلْزَمُهُ كَوُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ ق ل وَإِذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا وَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثُمَّ انْجَلَى لَهُ الْحَالُ بِأَنَّهُ وَدْيٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّ صَلَاتَهُ وَقَعَتْ مَعَ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيَلْزَمُهُ غُسْلُ مَا أَصَابَهُ مِنْ ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ لِتَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ بِانْجِلَاءِ الْحَالِ أَوْ لَا لِعَدَمِ وُجُوبِ غُسْلِهِ قَبْلَ تَبَيُّنِ الْحَالِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ لَا يَعْلَمُهَا ثُمَّ انْكَشَفَ لَهُ الْحَالُ م د

قَوْلُهُ: (وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) هَذِهِ مِنْ الْمُوجِبِ الْأَوَّلِ فَكَانَ ذِكْرُهَا مَعَهُ أَنْسَبَ ق ل. قَوْلُهُ: (مَقْطُوعًا) بَقِيَ اسْمُهُ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهَا الْغُسْلُ) خَرَجَ بِالْغُسْلِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ فَقَدْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالْمَقْطُوعِ إحْصَانٌ وَلَا تَحْلِيلٌ وَلَا مَهْرٌ وَلَا حَدٌّ وَلَا عِدَّةٌ وَلَا مُصَاهَرَةٌ وَلَا إبْطَالُ إحْرَامٍ، وَيُفَارِقُ الْغُسْلَ بِأَنَّهُ أَوْسَعَ بَابًا مِنْهَا نَقَلَهُ حَجّ فِي الْإِيعَابِ وَمَا وَقَعَ فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ م ر مِمَّا يُخَالِفُهُ مَمْنُوعٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الذَّكَرِ الْمُبَانِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْحَشَفَةِ) خَبَرُ أَنَّ أَيْ كَائِنٌ وَدَائِرٌ عَلَى الْحَشَفَةِ حَيْثُ وُجِدَتْ.

قَوْلُهُ: (وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (إلَّا بِالتَّلَذُّذِ وَالرِّيحِ) أَيْ رِيحِ الْعَجِينِ وَطَلْعِ النَّخْلِ رَطْبًا وَبَيَاضِ الْبَيْضِ جَافًّا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَدَفُّقٌ ح ل قَوْلُهُ:(وَيُؤَيِّدُهُ إلَخْ) الشَّاهِدُ فِي تَعْبِيرِ الْإِمَامِ بِالدَّافِقِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَسَاوِيَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.

قَوْلُهُ: (الدَّافِقَ) أَيْ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرِّيحَ وَالتَّلَذُّذَ لَيْسَ قَيْدًا.

قَوْلُهُ: (لَوْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ) أَيْ مَنْ يُتَصَوَّرُ إنْزَالُهُ كَابْنِ تِسْعِ سِنِينَ وَمَتَى أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْغُسْلَ حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ اج.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِظَاهِرِهِ) هَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِظَاهِرِهِ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا بُدَّ، فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ لَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ م ر: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ صِحَّةُ مَا قَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِهِ فِيمَا إذَا رَأَى الْمَنِيَّ فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ، فَإِنْ رَآهُ فِي ظَاهِرِهِ فَلَا غُسْلَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَصَابَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ ذَلِكَ النَّائِمِ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَوْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَأَنْ مَرَّ عَلَيْهِ طَائِرٌ وَهُوَ نَائِمٌ. اهـ.

قَوْلُهُ: (لَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ) بِأَنْ نَامَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَنْ لَا يُتَصَوَّرُ إنْزَالُهُ كَالْمَمْسُوحِ. وَقَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْغُسْلُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ احْتِلَامًا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ آخَرَ) أَيْ أَوْ مِنْ نَحْوِ وَطْوَاطٍ. ق ل

قَوْلُهُ: (وَالْمَوْتُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: الْمَوْتُ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ وَقِيلَ عَرَضٌ يُضَادُّ الْحَيَاةَ فَيَكُونُ وُجُودِيًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قُدِّرَ وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ فَيَكُونُ التَّقَابُلُ بَيْنَ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ تَقَابُلَ الْعَدَمِ وَالْمُمْكِنِ وَعَلَى

ص: 230

فَقَالَ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَهُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَالْوَقْصُ كَسْرِ الْعُنُقِ.

(وَثَلَاثَةٌ) مِنْهَا (تَخْتَصُّ بِهَا النِّسَاءُ وَهِيَ) أَيْ الْأُولَى (الْحَيْضُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] أَيْ الْحَيْضِ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» .

(وَ) الثَّانِيَةُ (النِّفَاسُ) ؛ لِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمَعٌ، وَيُعْتَبَرُ مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَانْقِطَاعِهِ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ أَيْ أَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الثَّانِي تَقَابُلَ التَّضَادِّ وَالثَّانِي مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُبْقُونَ الْآيَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ. قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ، وَإِنَّمَا وَجَبَ غُسْلُ الْمَيِّتِ تَنْظِيفًا، وَإِكْرَامًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ. قَوْلُهُ:(غَيْرِ شَهِيدٍ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِيهِمْ: «لَا تُغَسِّلُوهُمْ فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . فَإِنْ قِيلَ: لِمَ كَانَ خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَدَمُ الشَّهِيدِ رِيحُهُ كَرِيحِ الْمِسْكِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ الْعَظِيمَةِ بِالنَّفْسِ وَبَذْلِ الرُّوحِ؟ . أُجِيبَ: بِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ أَثَرُ الصَّوْمِ أَطْيَبَ مِنْ أَثَرِ الْجِهَادِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» الْحَدِيثَ. وَبِأَنَّ الْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَالصَّوْمُ فَرْضُ عَيْنٍ، فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ فِي السُّنَنِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ:«دِينَارٌ تُنْفِقُهُ عَلَى أَهْلِك وَدِينَارٌ تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُهُمَا الَّذِي تُنْفِقُهُ عَلَى أَهْلِك» . وَلِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ إلَّا اللَّهَ تَعَالَى بِخِلَافِ الْجِهَادِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُخَاطَرَةٌ بِالنَّفْسِ لَكِنْ قَدْ يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَكَانَ أَثَرُ الصَّوْمِ أَطْيَبَ.

قَوْلُهُ: (الْمُحْرِمِ) لَمْ يُعْرَفْ اسْمُهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ) أَيْ رَمَتْهُ فَكَسَرَتْ عُنُقَهُ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْوَقْصُ كَسْرُ الْعُنُقِ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ اج.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَيْ الْأَوْلَى) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيُّ الثَّلَاثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] الْأُولَى لِآيَةٍ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] إلَخْ. كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ؛ لِأَنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ فِي بَقِيَّةِ الْآيَةِ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ يَلْزَمُهَا تَمْكِينُ الْحَلِيلِ مِنْ الْوَطْءِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِالْغُسْلِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. ز ي مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (فِي الْمَحِيضِ) الْمَحِيضُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ يَصْلُحُ لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، لَكِنْ لَا يَصْلُحُ اعْتِبَارهُمَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَعْنَى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي مَكَانِ الْحَيْضِ لَاقْتَضَى وُجُوبَ اعْتِزَالِهِنَّ حَتَّى فِي حَالِ طُهْرِهِنَّ لِوُجُوبِ الِاعْتِزَالِ عَنْ مَكَانِ الْحَيْضِ وَهُوَ الْفَرْجُ، أَوْ كَانَ الْمَعْنَى فِي زَمَانِ الْحَيْضِ لَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ وُجُوبُ اعْتِزَالِهِنَّ فِي جَمِيعِ بَدَنِهِنَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الْمُرَادَ زَمَانُ الْحَيْضِ احْتَجْنَا إلَى أَنْ نَقُولَ وَمَكَانُهُ، وَلَوْ قُلْنَا: الْمُرَادُ بِهِ مَكَانَ الْحَيْضِ احْتَجْنَا إلَى أَنْ نَقُولَ وَزَمَانُهُ، فَالْمُخَلِّصُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ الْحَيْضُ وَتُجْعَلُ فِي سَبَبِيَّةً. وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: أَيْ الْحَيْضُ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ أَيْ زَمَنَ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ نَفْسَ الْحَيْضِ فِيمَا قَبْلَهُ بِلَفْظِ الْأَذَى، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمَحِيضِ الْحَيْضَ لَكَانَ الْمَقَامُ لِلْإِضْمَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّفْسِيرِ بِالْحَيْضِ يُحْوِجُ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَهُوَ لَفْظُ زَمَنٍ.

قَوْلُهُ: (وَالنِّفَاسُ) إنْ قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نَلْتَزِمُ؛ لِأَنَّهَا إذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ، ثُمَّ طَرَأَ الدَّمُ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَهَذَا الدَّمُ يَجِبُ لَهُ الْغُسْلُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ. شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٌ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ وَهِيَ حَامِلٌ. أَمَّا هِيَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْهَا حَالَ الْحَمْلِ الْبَعْضَ لَا الْكُلَّ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ النُّفَسَاءَ لَوْ نَوَتْ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ كَفَتْ النِّيَّةُ وَلَوْ عَمْدًا وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَانْقِطَاعِهِ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ) الْحَقُّ أَنَّ الْقِيَامَ لِلصَّلَاةِ شَرْطٌ لِفَوْرِيَّةِ الْغُسْلِ لَا لِأَصْلِ وُجُوبِهِ

ص: 231

نَحْوِهَا كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ، وَالتَّحْقِيقِ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُوجِبَهُ الِانْقِطَاعُ فَقَطْ.

(وَ) الثَّالِثَةُ (الْوِلَادَةُ) وَلَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ؛ لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَلٍ غَالِبًا فَأُقِيمَ مَقَامَهُ كَالنَّوْمِ مَعَ الْخَارِجِ وَتُفْطِرُ بِهِ الْمَرْأَةُ عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَيَجِبُ عَلَى الزَّانِي الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَوْرًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ لِانْقِضَاءِ الْمَعْصِيَةِ بِالْفَرَاغِ مِنْ الزِّنَا، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَصَى بِالنَّجَاسَةِ لِبَقَاءِ الْعِصْيَانِ بِهَا مَا بَقِيَتْ فَوَجَبَ إزَالَتُهَا فَوْرًا شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (الْوِلَادَةُ) أَيْ انْفِصَالُ جَمِيعِ الْوَلَدِ. قَالَ سم: الْوَجْهُ فِيمَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ ثُمَّ رَجَعَ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَيَجِبُ الْوُضُوءُ. اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ وَكَانَ الْبَعْضُ دَاخِلًا وَالْبَعْضُ خَارِجًا هَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ اتِّصَالُهُ بِنَجِسٍ مَعَ قَوْلِهِمْ بِطَهَارَةِ رُطُوبَةِ الْفَرْجِ أَوْ لَا يَصِحُّ؟ . مَحَلُّ نَظَرٍ. اهـ اح. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِاتِّصَالِهِ بِنَجِسٍ.

فَرْعٌ: سُئِلَ عَمَّا لَوْ عَضَّ كَلْبٌ رَجُلًا فَخَرَجَ مِنْ فَرْجِهِ حَيَوَانٌ صَغِيرٌ عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا، فَهَلْ هَذَا الْحَيَوَانُ نَجِسٌ نَظَرًا لِصُورَتِهِ؟ وَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ نَظَرًا لِكَوْنِهِ وِلَادَةً؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ غَيْرُ نَجِسٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ مَاءِ الْكَلْبِ. نَعَمْ مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ وَلَا كَلَامَ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ مِنْهُ غُسْلٌ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلْغُسْلِ هِيَ الْوِلَادَةُ الْمُعْتَادَةُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ نَحْوَ دُودٍ مِنْ الْجَوْفِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِسَبَبِهِ، مَعَ أَنَّهُ حَيَوَانٌ تَوَلَّدَ مِنْ الْجَوْفِ وَخَرَجَ مِنْهُ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم عَلَى حَجّ. وَشَمِلَتْ الْوِلَادَةُ وِلَادَةَ أَحَدِ تَوْأَمَيْنِ فَيَجِبُ بِهَا الْغُسْلُ وَيَصِحُّ قَبْلَ وِلَادَةِ الْآخَرِ أَيْ: حَيْثُ لَمْ تَرَ دَمًا مُعْتَبَرًا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهَا وِلَادَةٌ تَامَّةٌ، وَالدَّمُ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمَسْبُوقُ بِحَيْضٍ قَبْلَهُ. وَإِذَا وَلَدَتْ آخَرَ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ، وَهَكَذَا قَالَ الشَّوْبَرِيُّ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى الْمَنْهَجِ: وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ الْغُسْلِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ مِنْ ثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ بِهِ، وَمِمَّا بَحَثَهُ م ر فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَلْقَتْهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ حَيْثُ يَقَعُ فَلْيُحَرَّرْ. وَقَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ عَلَّتْهُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ. اهـ مَا قَالَهُ ق ل اج.

وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ أَيْ بَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ وَبَيْنَ ثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ. وَصُورَةُ الْفَرْقِ: أَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ مَنُوطَةٌ بِالْوِلَادَةِ، وَقَدْ حَصَلَتْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهَا الْمُعْتَادِ، وَوُجُوبُ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَمْ يُوجَدْ. قُلْت: وَقَدْ يَرِدُ الْفَرْقُ وَيُقَالُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ هُنَا لِلْوِلَادَةِ لَا لِخُرُوجِ الْمَنِيِّ بِقَيْدِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ، فَالْوِلَادَةُ غَيْرُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَالْغُسْلُ يَجِبُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِذَا كَانَ الْخَارِجُ مَنِيًّا تَقَيَّدَ بِمَحَلِّهِ كَمَا ذَكَرَ وَالْوِلَادَةُ لَا تَتَقَيَّدُ، إذْ الْمَقْصُودُ خُرُوجُ الْوَلَدِ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ. ذَكَرَ ذَلِكَ م د. وَعِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيِّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي انْسِدَادِ الْفَرْجِ بَيْنَ الْأَصْلِيِّ وَالْعَارِضِ فَإِنْ كَانَ الِانْسِدَادُ أَصْلِيًّا قِيلَ لَهَا وِلَادَةٌ وَكَانَتْ مُوجِبَةً لِلْغُسْلِ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْوَلَدِ مِنْ جَنْبِهَا مَثَلًا مَعَ انْفِتَاحِ فَرْجِهَا لَا يُسَمَّى وِلَادَةً، وَشَمِلَتْ الْوِلَادَةُ مَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ اهـ. وَقَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ وِلَادَةِ مَرْيَمَ لِعِيسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَلْ هِيَ مِنْ الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ أَمْ لَا؟ فَرَأَيْت الشَّيْخَ عَلِيًّا الْعَدَوِيَّ صَرَّحَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الشَّيْخِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْجَوْهَرَةِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُعْجِزَاتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ، وَعِبَارَتُهُ: وَوِلَادَةُ عِيسَى مِنْ الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ وَلَأَمَ اللَّهُ الْمَحَلَّ وَأَعَادَهُ كَمَا كَانَ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ مِنْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ مِنْ جَنْبِهَا لَا عَلَى طَرِيقِ الْوِلَادَةِ الْمُعْتَادَةِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. اهـ بِحُرُوفِهِ.

وَإِنَّمَا ذَكَرْت ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ فَاحْفَظْهُ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مُدَّةِ حَمْلِ مَرْيَمَ بِعِيسَى، فَقِيلَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ، وَقِيلَ سِتَّةٌ، وَقِيلَ سَاعَةٌ، وَقِيلَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَصَرَّحَ ابْنُ دِحْيَةَ فِي فَوَائِدِ الْمَشْرِقَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ بِأَنَّهُ خُلِقَ لِوَقْتِهِ وَسَاعَتِهِ الرَّاهِنَةِ، وَوَضَعَتْهُ عِنْدَ الزَّوَالِ وَهِيَ بِنْتُ عَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَتْ حَاضَتْ قَبْلَهُ حَيْضَتَيْنِ وَقِيلَ كَانَتْ بِنْتَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقِيلَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَيَتَزَوَّجُ بِهَا نَبِيُّنَا عليه الصلاة والسلام فِي الْجَنَّةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الَأُجْهُورِيُّ الْمَالِكِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً) أَيْ أَخْبَرَ الْقَوَابِلُ بِأَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ وَلَوْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف.

ص: 232