المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مبطلات التيمم - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَعْرِيفِ الْحُجَّةِ وَالْحُكْمِ وَتَقْسِيمِهِ إلَى تَكْلِيفِيٍّ وَوَضْعِيٍّ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ شَارِعِ تَصْنِيفٍ وَمَا يُسَنُّ صِنَاعَةً]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْمُبَالَغَةِ النَّحْوِيَّةِ وَالْبَيَانِيَّةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْخُلَّةِ وَالْمَحَبَّةِ]

- ‌[مَبْحَثُ عَدَدِ أَوْلَادِهِ وَأَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَبْحَثُ تَقْدِيمِ الِاسْمِ عَلَى اللَّقَبِ وَعَكْسِهِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ ابْنِ]

- ‌[مَبْحَثُ دَرَجَاتِ الْإِخْلَاصِ]

- ‌[مَبْحَثُ تَعْرِيفِ الْجِنَاسِ اللَّاحِقِ]

- ‌[مَبْحَثُ الرَّجَاءِ وَالْأَمَلِ وَالتَّمَنِّي وَالطَّمَعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْحَسَدِ وَالْغِبْطَةِ وَالْقَنَاعَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْجِنَاسِ الْمُضَارِعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى الْبَسْمَلَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الِاشْتِقَاقِ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[مَبْحَثُ الْغَلَبَةِ وَتَقْسِيمُهَا]

- ‌[مَبْحَثُ النَّحْتِ]

- ‌[مَبْحَثُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا بَعْدُ]

- ‌ كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَطْهُرُ بِدِبَاغِهِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْآنِيَةِ وَمَا يَمْتَنِعُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي السِّوَاكِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُضُوءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يُنْدَبُ إدَامَةُ الْوُضُوءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَنْتَهِي بِهِ الْوُضُوءُ

- ‌فَصْلٌ: فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ

- ‌[فَرْعٌ اجْتَمَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلُ حَيْضٍ وَجَنَابَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ قُطِعَ عُضْوُ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي التَّيَمُّمِ

- ‌شَرَائِطُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ]

- ‌ مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَة]

- ‌[تَتِمَّةٌ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌تَنْبِيهٌ: النَّجَاسَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ حُكْمِيَّةٍ وَعَيْنِيَّةٍ

- ‌ حُكْمِ النَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ

- ‌(دَمُ الْحَيْضِ

- ‌[دَمُ النِّفَاسُ]

- ‌ أَحْكَامِ الْحَيْضِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[وَقْتَ الظُّهْرِ]

- ‌ وَقْتُ الْعَصْرِ

- ‌[وَقْتُ الْمَغْرِب]

- ‌وَقْتُ الْعِشَاءِ

- ‌[وَقْتُ الْفَجْرِ]

- ‌فَصْلٌ: فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَفِي بَيَانِ النَّوَافِلِ

- ‌شَرَائِطُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ

- ‌الصَّلَاةُ الْمَسْنُونَةُ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

الفصل: ‌ مبطلات التيمم

عَنْ حَدَثٍ، وَإِذَا اعْتَبَرْنَا هُنَاكَ الْجَفَافَ اعْتَبَرْنَاهُ هُنَا أَيْضًا بِتَقْدِيرِهِ مَاءً، وَمِنْ سُنَنِهِ أَيْضًا الْمُوَالَاةُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا، وَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ بِقِسْمَيْهَا فِي تَيَمُّمٍ دَائِمِ الْحَدَثِ كَمَا تَجِبُ فِي وُضُوئِهِ تَخْفِيفًا لِلْمَانِعِ. وَمِنْ سُنَنِهِ الْبُدَاءَةُ بِأَعْلَى وَجْهِهِ، وَتَخْفِيفُ الْغُبَارِ مِنْ كَفَّيْهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا، وَتَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ فِي أَوَّلِ الضَّرْبَتَيْنِ، وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِهِ بَعْدَ مَسْحِ الْيَدَيْنِ، وَأَنْ لَا يَرْفَعَ الْيَدَ عَنْ الْعُضْوِ قَبْلَ تَمَامِ مَسْحِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي‌

‌ مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ

فَقَالَ: (وَاَلَّذِي يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ) بَعْدَ صِحَّتِهِ (ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) الْأَوَّلُ (مَا) أَيْ الَّذِي (أَبْطَلَ الْوُضُوءَ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ (وَ) الثَّانِي (رُؤْيَةُ الْمَاءِ) الطَّهُورِ (فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ) وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَسْحِ وَجْهِهِ، وَجَازَ مَسْحُ ذِرَاعِهِ بِتُرَابِهِمَا لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ مَعَ الْحَاجَةِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ مَسْحُ الذِّرَاعِ بِكَفِّهَا فِصَالٌ كَنَقْلِ الْمَاءِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ الْيَدَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَالْمُوَالَاةُ) هَذَا مَحَلُّهُ فِي السَّلِيمِ، أَمَّا صَاحِبُ الضَّرُورَةِ فَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِي طُهْرِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (بِتَقْدِيرِهِ) أَيْ التُّرَابِ مَاءً.

قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ إلَخْ) وَتَجِبُ أَيْضًا فِي وُضُوءِ السَّلِيمِ وَتَيَمُّمِهِ وَغُسْلِهِ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ.

قَوْلُهُ: (بِقِسْمَيْهَا) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ، وَهُوَ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الشَّرْحِ، وَهُوَ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (وَتَخْفِيفُ الْغُبَارِ) أَيْ بِنَفْضِهِ أَمْ نَفْضِ الْيَدِ إذَا كَانَ كَثِيرًا، وَأَمَّا مَسْحُ التُّرَابِ عَنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ فَالْأَحَبُّ كَمَا فِي الْأُمِّ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا) أَيْ الْكَفَّيْنِ مِنْ خِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ لِلتَّخْفِيفِ وَجِنْسِ الْكَفَّيْنِ، فَالْقَائِمُ مَقَامَ التَّخْفِيفِ النَّفْخُ وَمَقَامَ الْكَفَّيْنِ الْخِرْقَةُ اهـ اج. قَوْلُهُ:(فِي أَوَّلِ الضَّرْبَتَيْنِ) أَيْ فِي أَوَّلِ كُلٍّ مِنْ الضَّرْبَتَيْنِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِزِيَادَةِ إثَارَةِ الْغُبَارِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِيَسْتَغْنِيَ بِالْوَاصِلِ لِمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ مِنْ التُّرَابِ عَنْ الْمَسْحِ بِمَا عَلَى الْكَفِّ اهـ. م د بِزِيَادَةٍ. قَوْلُهُ:(وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِهِ) أَيْ إذَا فَرَّقَ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُفَرِّقْ فِيهِمَا، أَوْ فَرَّقَ فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَيُسَنُّ نَزْعُ خَاتَمِهِ فِي الْأُولَى لِيَكُونَ مَسْحُ الْوَجْهِ بِجَمِيعِ الْيَدِ، وَيَجِبُ نَزْعُهُ فِي الثَّانِيَةِ لِيَصِلَ التُّرَابُ إلَى مَحَلِّهِ، وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِيجَابُ نَزْعِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمَسْحِ لَا عِنْدَ النَّقْلِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَقَوْلُهُ:(وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَصِلْ وَقَوْلُهُ فَإِيجَابُ نَزْعِهِ إلَخْ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَإِيجَابُهُ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِإِيصَالِ التُّرَابِ لِمَا تَحْتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالنَّزْعِ، حَتَّى لَوْ حَصَلَ الْفَرْضُ بِتَحْرِيكِهِ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِسَعَتِهِ كَفَى، كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ ضَيِّقًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ عَدَمَ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ فِي الطُّهْرِ بِهِ إلَّا بِتَحْرِيكِهِ أَوْ نَزْعِهِ وَجَبَ اهـ بِاخْتِصَارٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: وَسَقَطَ فَرْضُ الرَّاحَتَيْنِ، وَمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ حِينَ ضَرَبَهُمَا. قَالُوا، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَارَ التُّرَابُ مُسْتَعْمَلًا فَكَيْفَ يَمْسَحُ بِهِ الذِّرَاعَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ الْمَاءِ الَّذِي غُسِلَتْ بِهِ إحْدَى الْيَدَيْنِ إلَى الْأُخْرَى؟ فَالْجَوَابُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْيَدَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، فَلَا يُحْكَمُ بِالِاسْتِعْمَالِ إلَّا بِالِانْفِصَالِ، وَالْمَاءُ يَنْفَصِلُ بِخِلَافِ التُّرَابِ.

الثَّانِي: أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ؛ إذْ لَا يُمْكِنُهُ مَسْحُ الذِّرَاعِ بِكَفِّهَا بَلْ يَفْتَقِرُ إلَى كَفِّ الْأُخْرَى، فَصَارَ كَنَقْلِ الْمَاءِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ ذَكَرَهُ كُلَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي أَنَّ انْتِقَالَ الْمَاءِ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ إلَى الْأُخْرَى مَعَ الِاتِّصَالِ لَا يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلًا شَرْحُ التَّنْقِيحِ.

قَوْلُهُ: (مَنْ أَوْجَبَهُ) أَيْ عَدَمَ الرَّفْعِ.

[مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ]

قَوْلُهُ: (وَاَلَّذِي يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ) أَيْ يَنْتَهِي بِهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ جَارِيَانِ فِي التَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَلِغَيْرِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَخَاصٌّ بِمَنْ يَتَيَمَّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ. قَوْلُهُ:(مَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ) أَيْ إنْ كَانَ التَّيَمُّمُ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ، أَمَّا لَوْ كَانَ التَّيَمُّمُ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ. وَيُلْغَزُ وَيُقَالُ: لَنَا رَجُلٌ مُتَيَمِّمٌ بَالَ وَتَغَوَّطَ وَنَامَ غَيْرَ مُمَكِّنٍ، وَلَوْ مَسَّ وَجُنَّ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ، وَصُورَتُهُ مَا ذُكِرَ.

قَوْلُهُ: (رُؤْيَةُ الْمَاءِ) لَيْسَ الْمُرَادُ رُؤْيَةُ الْبَصَرِ فَقَطْ، بَلْ الْمُرَادُ

ص: 292

قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد:«التُّرَابُ كَافِيك وَلَوْ لَمْ تَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ حِجَجٍ، فَإِذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَك» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْمَقْصُودِ فَصَارَ كَمَا لَوْ رَآهُ فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ، وَوُجُودُ ثَمَنِ الْمَاءِ عِنْدَ إمْكَانِ شِرَائِهِ كَوُجُودِ الْمَاءِ

وَكَذَا تَوَهُّمُ الْمَاءِ وَإِنْ زَالَ سَرِيعًا لِوُجُوبِ طَلَبِهِ بِخِلَافِ تَوَهُّمِ سُتْرَةٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ وُجْدَانِهَا بِالطَّلَبِ لِلْبُخْلِ بِهَا، وَمِنْ التَّوَهُّمِ رُؤْيَةُ سَرَابٍ، وَهُوَ مَا يُرَى نِصْفَ النَّهَارِ كَأَنَّهُ مَاءٌ أَوْ رُؤْيَةُ غَمَامَةٍ مُطْبِقَةٍ بِقُرْبِهِ، أَوْ رُؤْيَةُ رَكْبٍ طَلَعَ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُتَوَهَّمُ مَعَهُ الْمَاءُ، فَلَوْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: عِنْدِي مَاءٌ لِغَائِبٍ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ لِعِلْمِهِ بِالْمَاءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْعِلْمُ فَدَخَلَ الْأَعْمَى، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا، وَإِنْ لَمْ يَكْفِ لِطَهَارَتِهِ وَلَوْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرَأْسَهُ، وَرِجْلَاهُ سَلِيمَتَانِ وَفَقَدَ الْمَاءَ وَتَيَمَّمَ تَيَمُّمًا وَاحِدًا، ثُمَّ رَأَى الْمَاءَ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى رِجْلَيْهِ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ عَنْهُمَا لِفَقْدِ الْمَاءِ، وَقَدْ وَرَدَ عَلَيْهِ وَلَا يَبْطُلُ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ عَنْهَا لِلْعِلَّةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ؛ إذْ بُطْلَانُ بَعْضِ الطَّهَارَةِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِالْمَاءِ أَوْ بِالتُّرَابِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (الطَّهُورِ) لَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِهِ بِالطَّهُورِ؛ إذْ رُؤْيَةُ الْمَاءِ مُضِرَّةٌ مُطْلَقًا كَذَا قِيلَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ يُفِيدُ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ) أَيْ وَقْتِ التَّلَبُّسِ بِهَا أَيْ: قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِالرَّاءِ مِنْ أَكْبَرَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَتْ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ اج. قَوْلُهُ:(وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ) أَيْ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ حَجّ أَيْ إذَا كَانَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَى الْوَقْتِ حِينَئِذٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي سم مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا. أَيْ: إذَا كَانَ الْمَاءُ فِي حَدِّ الْغَوْثِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا غَايَةٌ فِي التَّيَقُّنِ الَّذِي هُوَ الرُّؤْيَةُ أَيْ الْعِلْمُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بِخِلَافِ التَّوَهُّمِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَى ضِيقِ الْوَقْتِ بِحَيْثُ لَوْ تَوَضَّأَ خَرَجَ الْوَقْتُ لِانْتِفَاءِ الْمُبِيحِ فِي التَّيَقُّنِ ز ي. وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُفَسِّرَ الضِّيقَ بِمَا إذَا تَوَضَّأَ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا. قَوْلُهُ:(حِجَجٍ) أَيْ سِنِينَ جَمْعُ حِجَّةٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ كَسِدْرَةٍ.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ الْحَاكِمُ) أَيْ أَيْضًا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد. وَفِي حَجّ: وَرَوَاهُ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا تَوَهُّمُ الْمَاءِ) وَمِثْلُهُ الْآلَةُ وَالرِّشَاءُ أَيْ: يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَى الْوَقْتِ، وَلَوْ كَانَ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي حَدِّ الْغَوْثِ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: لِوُجُودِ طَلَبِهِ؛ إذْ لَا يَجِبُ طَلَبُهُ إذَا تَوَهَّمَهُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ، وَالرِّشَاءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَهُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يَسْتَقِي بِهِ، فَعَطَفَهُ عَلَى الْآلَةِ عَطْفَ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ. قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَمِنْهُ أَيْ التَّوَهُّمِ مَا لَوْ تَوَهَّمَ زَوَالَ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ كَأَنْ تَوَهَّمَ زَوَالَ السَّبْعِ فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِوُجُوبِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ، بِخِلَافِ تَوَهُّمِ زَوَالِ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ كَتَوَهُّمِ الشِّفَاءِ فَلَا يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ اهـ.

قَوْلُهُ: (رُؤْيَةُ سَرَابٍ) أَيْ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ عِنْدَ رُؤْيَةِ ابْتِدَائِهِ أَنَّهُ سَرَابٌ، وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ وَاحِدٌ لِجَمْعٍ مُتَيَمِّمِينَ أَبَحْتُكُمْ هَذَا الْمَاءَ أَوْ وَهَبْته لَكُمْ وَهُوَ يَكْفِي وَاحِدًا فَقَطْ بَطَلَ تَيَمُّمُ الْكُلِّ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ تَوَقُّفِ الْبُطْلَانِ عَلَى الْقَبُولِ سم. فَرْعٌ: نَامَ مُتَيَمِّمٌ مُتَمَكِّنًا وَمَرَّ بِهِ مَاءٌ حَالَ نَوْمِهِ، وَلَمْ يَنْتَبِهْ حَتَّى وَصَلَ أَيْ الْمَاءُ إلَى مَحَلٍّ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ هَلْ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِتَقْصِيرِهِ أَوْ لَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ؟ اخْتَارَ م ر عَدَمَ الْبُطْلَانِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُقَالُ بِالْبُطْلَانِ وَيُفَرَّقُ بِتَقْصِيرِ النَّائِمِ بِخِلَافِ الْبِئْرِ الْخَفِيَّةِ اهـ اج وَجَزَمَ م ر بِالْأَوَّلِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ:«لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ» .

فَرْعٌ: هَلْ مُجَرَّدُ تَوَهُّمِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ التُّرَابَ فِي الصَّلَاةِ يُبْطِلُهَا، كَمَا لَوْ تَوَهَّمَ الْمُتَيَمِّمُ الْمَاءَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَيْثُ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ وَانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ مُطْلَقًا وَنُقْصَانِهَا أَيْ الصَّلَاةِ حَتَّى قِيلَ إنَّهَا غَيْرُ صَلَاةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ لَا. فِيهِ نَظَرٌ. وَمَالَ م ر إلَى الْبُطْلَانِ. قَالَ: إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ. اهـ. سم ع ش عَلَى الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (غَمَامَةٍ مُطْبِقَةٍ بِقُرْبِهِ) أَيْ بِحَدِّ الْغَوْثِ فَمَا دُونَهُ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ حَجّ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ سَمِعَ قَائِلًا إلَخْ) هَذِهِ فُرُوعٌ خَمْسَةٌ غَيْرُ مُتَفَرِّعَةٍ عَلَى مَا قَبْلَهَا، فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهَا وَذِكْرَهَا بَعْدَ قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ وُجُودُ الْمَاءِ إلَخْ. كَمَا فَعَلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهَا مُتَفَرِّعَةٌ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ:(عِنْدِي لِغَائِبٍ مَاءٌ) أَيْ وَهُوَ يَعْلَمُ غَيْبَتَهُ وَعَدَمَ رِضَاهُ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ حُضُورَهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا بَطَلَ تَيَمُّمُهُ لِوُجُوبِ السُّؤَالِ عَنْهُ، وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ: عِنْدِي مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ مَاءٌ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِوُجُوبِ

ص: 293

قَبْلَ الْمَانِعِ، أَوْ يَقُولُ: عِنْدِي لِغَائِبٍ مَاءٌ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ لِمُقَارَنَةِ الْمَانِعِ وُجُودَ الْمَاءِ، وَلَوْ قَالَ: عِنْدِي لِحَاضِرٍ مَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهِ طَلَبُهُ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ مَاءٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ السَّامِعُ غَيْبَتَهُ، وَلَا حُضُورَهُ وَجَبَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَيْ: وَبَطَلَ تَيَمُّمُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الطَّلَبِ يُبْطِلُهُ، وَلَوْ سَمِعَهُ يَقُولُ: عِنْدِي مَاءُ وَرْدٍ بَطَلَ أَيْضًا، وَوُجُودُ مَا ذُكِرَ قَبْلَ تَمَامِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كَوُجُودِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا، وَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ وُجُودُ الْمَاءِ أَوْ تَوَهُّمُهُ إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِمَانِعٍ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ كَعَطَشٍ وَسَبْعٍ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَالْعَدَمِ.

فَإِنْ وَجَدَهُ فِي صَلَاةٍ لَا يَسْقُطُ قَضَاؤُهَا بِالتَّيَمُّمِ بِأَنْ صَلَّى فِي مَكَان يَغْلِبُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْبَحْثِ عَنْ صَاحِبِ الْمَاءِ، فَيُحْتَمَلُ كُفْرُهُ وَهُوَ يَرَى لِلْخَمْرِ ثَمَنًا فَيَكُونُ مَانِعًا لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ ثَمَنٌ عِنْدَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخَمْرُ لِمُسْلِمٍ فَعِنْدَهُ لَا ثَمَنَ لِلْخَمْرِ فَيَكُونُ غَيْرَ مَانِعٍ، وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ الْمَانِعُ لَمْ يَبْطُلْ التَّيَمُّمُ بِخِلَافِ تَأَخُّرِهِ كَعِنْدِي مَاءٌ لِلْعَطَشِ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (لِمُقَارَنَةِ الْمَانِعِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَارَنَةِ عَدَمُ التَّأَخُّرِ فَيَصْدُقُ بِالْمُتَقَدِّمِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ وَبَطَلَ تَيَمُّمُهُ إلَخْ) أَيْ هُنَا لَيْسَتْ تَفْسِيرِيَّةً، وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى أَيْضًا أَيْ وَبَطَلَ التَّيَمُّمُ أَيْضًا أَيْ كَمَا وَجَبَ السُّؤَالُ بَطَلَ التَّيَمُّمُ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُهُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لِلْفَصْلِ بَيْنَ كَلَامَيْنِ، فَيَكُونُ الْكَلَامُ الَّذِي بَعْدَهَا لِغَيْرِ الْقَائِلِ لِمَا قَبْلَهَا فَلَا يَظْهَرُ أَنَّهَا بِمَعْنَى أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (عِنْدِي مَاءُ وَرْدٍ) وَكَذَا عِنْدِي مَاءٌ نَجِسٌ أَوْ مُسْتَعْمَلٌ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا) أَيْ التَّكْبِيرَةِ وَالْمَعِيَّةُ كَالْقَبْلِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ) وَمِثْلُ الْمَانِعِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَا لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَخَافَ غَرَقًا كَمَا قَالَ حَجّ. وَيَصِحُّ أَنْ يُلْغَزَ بِذَلِكَ وَيُقَالَ: لَنَا رَجُلٌ سَلِيمُ الْأَعْضَاءِ غَيْرُ فَاقِدٍ لِلْمَاءِ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَصُورَتُهُ: مَا لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَخَافَ غَرَقًا لَوْ أَخَذَ الْمَاءَ مِنْ الْبَحْرِ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

وَمَا رَجُلٌ لِلْمَاءِ لَيْسَ بِفَاقِدٍ

سَلِيمٌ لِعُضْوٍ مِنْ مُبِيحِ تَيَمُّمِ

تَيَمَّمَ لَا يَقْضِي صَلَاةً وَهَذِهِ لَعَمْرِي

حَقٌّ فِي كِتَابٍ مُفَخَّمِ

أَجَابَ كَاتِبُهُ مُضَمِّنًا الشَّطْرَ الْأَخِيرَ فِي السُّؤَالِ:

لَقَدْ كَانَ هَذَا فِي السَّفِينَةِ رَاكِبًا

وَخَافَ سُقُوطًا لَوْ تَوَضَّأَ فَافْهَمْ

يُصَلِّي وَلَا يَقْضِي وَهَذَاكَ جَائِزٌ

لَعَمْرِي جَزْمًا فِي كِتَابٍ مُعَظَّمِ

قَوْلُهُ: (كَعَطَشٍ) مَانِعٌ شَرْعِيٌّ. وَقَوْلُهُ: (وَسَبُعٌ) مَانِعٌ حِسِّيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ وُجُودَهُ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّوَهُّمَ كَالْعَدَمِ بِالْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَجَدَهُ فِي صَلَاةٍ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمَتْنِ الْمَارِّ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَالْمُرَادُ وَجَدَهُ، وَلَوْ فِي حَدِّ الْقُرْبِ، وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي وُجُوبِ الطَّلَبِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَمْنُ خُرُوجِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ فَيَجِبُ الطَّلَبُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ مَرْحُومِيٌّ وَخَرَجَ بِوُجُودِهِ تَوَهُّمُهُ أَيْ فِي الصَّلَاةِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ مُطْلَقًا، وَيَبْطُلُ بِهِ غَيْرُهَا كَقِرَاءَةٍ وَطَوَافٍ وَوَطْءٍ ق ل. وَانْظُرْ لَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ وَشَكَّ هَلْ هَذَا الْمَحَلُّ مِمَّا يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ الْوُجُودُ فَهَلْ تَبْطُلُ لِتَرَدُّدِهِ أَمْ لَا؟ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا الِانْعِقَادَ وَشَكَكْنَا فِي الْمُبْطِلِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهُ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ إنْ قَارَنَ شَكُّهُ التَّحَرُّمَ، وَظَاهِرُهُ بُطْلَانُهَا. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ رُؤْيَةَ الْمَاءِ وَتَوَهُّمَهُ وَالْقُدْرَةَ عَلَى ثَمَنِهِ وَزَوَالَ الْعِلَّةِ تَارَةً تَكُونُ مَعَ حَائِلٍ وَتَارَةً تَكُونُ بِلَا حَائِلٍ، وَإِذَا كَانَتْ مَعَ حَائِلٍ فَتَارَةٌ يَتَقَدَّمُ عِلْمُهُ وَتَارَةً يَتَأَخَّرُ وَتَارَةً يُقَارِنُ، فَهَذِهِ سِتَّ عَشَرَةَ صُورَةً حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا وَهِيَ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ لَا. فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً فَإِنْ تَقَدَّمَ عِلْمُ الْحَائِلِ أَوْ قَارَنَ فَلَا بُطْلَانَ مُطْلَقًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِلَا حَائِلٍ أَوْ بِحَائِلٍ مُتَأَخِّرٍ فَتَارَةً يَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِالصَّلَاةِ، وَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهَا بَطَلَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّلَبُّسِ لَهَا لَمْ يَبْطُلْ فِي التَّوَهُّمِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَيَنْظُرُ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ.

ص: 294

فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ بِالِاشْتِغَالِ بِالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا، وَإِنْ أَسْقَطَ التَّيَمُّمُ قَضَاءَهَا لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْمَقْصُودِ فَكَانَ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُكَفِّرُ الرَّقَبَةَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ، وَلِأَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ لَيْسَ حَدَثًا لَكِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّيَمُّمِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ صَلَاةِ الْفَرْضِ كَظُهْرٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ، وَالنَّفَلِ كَعِيدٍ وَوِتْرٍ

وَلَوْ رَأَى الْمُسَافِرُ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَاصِرٌ، ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ نَوَى الْقَاصِرُ الْإِتْمَامَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ تَغْلِيبًا، لِحُكْمِ الْإِقَامَةِ فِي الْأُولَى، وَلِحُدُوثِ مَا لَمْ يَسْتَبِحْهُ فِيهَا. وَفِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى، وَشِفَاءُ الْمَرِيضِ مِنْ مَرَضِهِ فِي الصَّلَاةِ كَوِجْدَانِ الْمُسَافِرِ الْمَاءَ فِيهَا، فَيُنْظَرُ إنْ كَانَتْ مِمَّا يَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ لَمْ يَبْطُلْ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ كَأَنْ تَيَمَّمَ، وَقَدْ وَضَعَ الْجَبِيرَةَ عَلَى حَدَثٍ بَطَلَتْ وَقَطَعَ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ لِيَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ بَدَلَهَا أَفْضَلَ مِنْ إتْمَامِهَا كَوُجُودِ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةَ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (لَا يَسْقُطُ قَضَاؤُهَا) أَيْ فِعْلُهَا، وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْأَدَاءُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا لَا يُقَالُ لَهُ قَضَاءٌ فِي الِاصْطِلَاحِ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ صَلَّى إلَخْ) عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ لَا بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ، وَالْعِبْرَةُ أَيْضًا بِزَمَنِ الصَّلَاةِ فَقَطْ لَا جَمِيعِ الْعَامِّ سم، وَالْعِبْرَةُ أَيْضًا بِتَحَرُّمِهَا. قَوْلُهُ:(لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ) وَيَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَاءَ تَلِفَ كَمَا يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ أَنْ يُدْخِلَ نَفْسَهُ فِي الصَّلَاةِ لِسُجُودِ السَّهْوِ بِخِلَافِهِ لِتَذَكُّرِ رُكْنٍ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْهَا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْمَقْصُودِ) إنْ قُلْت: هَذَا التَّعْلِيلُ يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ الَّتِي لَا تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّيَمُّمَ يَبْطُلُ بِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهَا. قُلْت: قَدْ أَشَارَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ إلَى الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ فِي التَّعْلِيلِ لِتَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصُودِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ إتْمَامِهِ أَيْ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ إتْمَامِ الصَّلَاةِ وَهُوَ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُكَفِّرُ الرَّقَبَةَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا وَجَدَ الرَّقَبَةَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الصَّوْمِ لَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ قَطْعُ الصَّوْمِ، وَإِعْتَاقُهَا وَكَالصَّوْمِ الْإِطْعَامُ، فَإِنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى غَيْرِهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ لَا يَجِبُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ ذَلِكَ، وَهَلْ يَقَعُ الصَّوْمُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا إذَا عَدَلَ إلَى الْإِعْتَاقِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ انْقَطَعَ تَتَابُعُ الْمُكَفِّرِ هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ حَيْثُ وَجَدَ الرَّقَبَةَ أَمْ يَسْتَأْنِفُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ اط ف.

قَوْلُهُ: (لَيْسَ حَدَثًا) أَيْ حَتَّى يَبْطُلَ بِهِ التَّيَمُّمُ.

قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّيَمُّمِ) أَيْ لَا مِنْ دَوَامِهِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، فَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الضَّمَّةِ. قَوْلُهُ:(وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْبُطْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَعَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ) أَيْ فَيَسْقُطُ طَلَبُهَا فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ.

قَوْلُهُ: (وَالنَّفَلُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّفَلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقَضَاءُ وَعَدَمُهُ وَفِيهِ بُعْدٌ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَسْقُطُ طَلَبُهُ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ.

قَوْلُهُ: (فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ) أَيْ الَّتِي تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ بِأَنْ كَانَتْ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ وَلَيْسَ قَيْدًا، بَلْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ مَعَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ كَذَلِكَ فِي الْأَوْجَهِ سم. وَظَاهِرُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ تَضُرُّ هُنَا سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَقِلًّا مَاكِثًا أَمْ لَا. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي قَطْعِ السَّفَرِ حَيْثُ اشْتَرَطُوا فِيهِ الِاسْتِقْلَالَ بِسَعَةِ بَابِ السَّفَرِ عَنْ بَابِ التَّيَمُّمِ؛ إذْ الْقَصْرُ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةً، وَهُنَا لَا يَتَيَمَّمُ إلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ فَأَدْنَى شَيْءٍ يُبْطِلُهُ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ) أَيْ مَعَ الرُّؤْيَةِ وَبِالْأَوْلَى نِيَّةُ الْإِتْمَامِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ اهـ اج. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْإِقَامَةَ بِالْفِعْلِ وَنِيَّةُ الْإِقَامَةِ، وَنِيَّةُ الْإِتْمَامِ إنْ كَانَتْ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ، أَوْ مَعَهَا أَبْطَلَتْ التَّيَمُّمَ، وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ فَلَا تُبْطِلُهُ.

قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِقَامَةِ فِي الْأَوْلَى) أَيْ أَنَّهُ اجْتَمَعَ سَفَرٌ بِاعْتِبَارِ أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَإِقَامَةٌ بِاعْتِبَارِ آخِرِهَا فَغَلَّبْنَا الْإِقَامَةَ وَقُلْنَا بِالْبُطْلَانِ. قَوْلُهُ: (لِحُكْمِ الْإِقَامَةِ) أَيْ وَهُوَ الْإِتْمَامُ، وَالْإِتْمَامُ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى. وَقَوْلُهُ:(وَلِحُدُوثِ) إلَخْ الْمُرَادُ بِالْحُدُوثِ مَا يَشْمَلُ الْمُقَارَنَةَ، وَإِنْ كَانَ الْحُدُوثُ ظَاهِرًا فِي غَيْرِ الْمُقَارَنَةِ. قَوْلُهُ:(فِيهَا وَفِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فَالْأُولَى مُعَلَّلَةٌ بِعِلَّتَيْنِ، وَالثَّانِيَةُ مُعَلَّلَةٌ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ.

قَوْلُهُ: (كَوِجْدَانِ الْمُسَافِرِ) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَمِثْلُهُ الْحَاضِرُ. قَوْلُهُ:(عَلَى حَدَثٍ) أَيْ وَأَخَذْت مِنْ الصَّحِيحِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ.

قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ الصَّلَاةَ) فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا، وَإِنْ كَانَتْ فِي جَمَاعَةٍ تَفُوتُ بِالْقَطْعِ. وَقَالَ م ر: لَا

ص: 295

وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَ إتْمَامَهَا، إلَّا إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ فَيَحْرُمُ قَطْعُهَا، كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ.

وَلَوْ يُمِّمَ مَيِّتٌ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ وُجِدَ الْمَاءُ وَجَبَ غَسْلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَمْ بَعْدَهَا. ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ ثُمَّ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ، وَمَا قَالَهُ مَحَلُّهُ فِي الْحَضَرِ أَمَّا فِي السَّفَرِ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَالْحَيِّ جَزَمَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي تَلْقِينِهِ، لَكِنْ فَرَضَهُ فِي الْوُجْدَانِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَعُلِمَ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَغَيْرِهَا، وَأَنَّ تَيَمُّمَ الْمَيِّتِ كَتَيَمُّمِ الْحَيِّ، وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ بِسَلَامِهِ مِنْهَا، وَإِنْ عُلِمَ تَلَفُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَعُفَ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ، وَكَانَ مُقْتَضَاهُ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا، لَكِنْ خَالَفْنَاهُ لِحُرْمَتِهَا، وَيُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَقْطَعُهَا حِينَئِذٍ وَعِبَارَتُهُ: وَمَحَلُّ قَطْعِهَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأُولَى فَضِيلَةٌ خَلَتْ عَنْهَا الثَّانِيَةُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى فَضِيلَةٌ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ جَمَاعَةً وَكَانَتْ الثَّانِيَةُ خَالِيَةً عَنْ الْجَمَاعَةِ فَإِتْمَامُهَا بِالْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ، وَمَحَلُّ كَوْنِ قَطْعِهَا أَفْضَلَ فِيمَا إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: لِيَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ. أَمَّا إذَا جَوَّزَهُ فِيهَا فَلَا يَقْطَعُهَا؛ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَطْعُهَا حِينَئِذٍ م ر اهـ اط ف. وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ تَقْتَضِي اسْتِوَاءَ قَطْعِهَا وَقَلْبِهَا نَفْلًا كَمَا قَالَهُ اج خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْمَرْحُومِيُّ مِنْ أَنَّ الْأَفْضَلَ قَلْبُهَا نَفْلًا ذَكَرَهُ م د. وَمَا قَالَهُ الْمَرْحُومِيُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ قَطْعَهَا أَفْضَلُ مِنْ قَلْبِهَا نَفْلًا، وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَقَطَعَ الصَّلَاةَ إلَخْ. مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ أَسْقَطَ التَّيَمُّمُ قَضَاءَهَا لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ، فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَهُ فَهُوَ مُؤَخَّرٌ مِنْ تَقْدِيمٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَوْ تَوَضَّأَ، وَقَعَ جُزْءٌ مِنْهَا خَارِجَهُ س ل عَلَى الْمَنْهَجِ تَبَعًا لِلْحَلَبِيِّ، وَمَالَ م ر إلَى أَنَّ الْمُرَادَ ضِيقُ الْوَقْتِ عَنْ وُقُوعِهَا أَدَاءً حَتَّى لَوْ كَانَ إذَا قَطَعَهَا وَتَوَضَّأَ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ قَطَعَهَا سم وع ش وَرَجَعَ عَنْهُ، وَمَالَ إلَى الْأَوَّلِ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ وَالشَّيْخُ س ل.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ يُمِّمَ مَيِّتٌ إلَخْ) . حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ يُمِّمَ الْمَيِّتُ وَكَانَ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ وَوُجِدَ الْمَاءُ، فَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ وَلَا إعَادَةُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الصَّلَاةِ بَطَلَ التَّيَمُّمُ وَغُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَرُئِيَ الْمَاءُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدَّفْنِ وَجَبَ الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ أَوْ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَا يَجِبُ نَبْشُهُ وَغُسْلُهُ إنْ تَغَيَّرَ وَتَجِبُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِهِ بِالْوُضُوءِ. وَقَوْلُهُ: بِالْوُضُوءِ لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَيَمُّمِ الْمَيِّتِ لَا فِي تَيَمُّمِ الْمُصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ قُيِّدَ بِالْوُضُوءِ لِكَوْنِ الْمَاءِ مَوْجُودًا، فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ نُبِشَ وَغُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى دُفِنَ لَا يُنْبَشُ مُطْلَقًا بَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ عَلَى الْقَبْرِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ:(صُلِّيَ عَلَيْهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ صَلَّى فِيمَا يَشْمَلُ الشُّرُوعَ فِي الصَّلَاةِ لِيَصِحَّ قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَكَانَ) أَيْ الْوُجُودُ.

قَوْلُهُ: (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ) مَحْمُولٌ عَلَى السَّفَرِ.

قَوْلُهُ: (وَمَا قَالَهُ) أَيْ الْبَغَوِيّ أَيْ مَا قَالَهُ أَوَّلًا مِنْ وُجُوبِ إعَادَةِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَالْمُرَادُ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، فَالْمُرَادُ بِالْحَضَرِ لَازِمُهُ وَهُوَ غَلَبَةُ وُجُودِ الْمَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالسَّفَرِ لَازِمُهُ أَيْضًا وَهُوَ غَلَبَةُ فَقْدِ الْمَاءِ.

قَوْلُهُ: (شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَعُلِمَ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ صَلَاةِ الْفَرْضِ إلَخْ. وَمِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيِّ وَمَا بَعْدَهُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ يُمِّمَ مَيِّتٌ إلَخْ. وَعِبَارَةُ ق ل: وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ إلَخْ. هَذَا رَاجِحٌ لِلْحَيِّ، فَلَوْ ذَكَرَهُ قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْمَيِّتِ لَكَانَ أَنْسَبَ اهـ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا قَالَهُ مَحَلُّهُ فِي الْحَضَرِ إلَخْ. فَقَوْلُهُ: وَأَنَّ تَيَمُّمَ الْمَيِّتِ كَتَيَمُّمِ الْحَيِّ أَيْ فِي أَنَّهُ إذَا يَمَّمَ فِي الْحَضَرِ تَجِبُ الْإِعَادَةُ أَوْ فِي السَّفَرِ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ، لَكِنْ هَذَا الَّذِي عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا يَمَّمَ فِي الْحَضَرِ إنَّمَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ إذَا كَانَ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ، وَإِذَا يَمَّمَ فِي السَّفَرِ مَحَلُّ عَدَمِ الْإِعَادَةِ إذَا كَانَ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَعَبَّرَ بِالْحَضَرِ وَالسَّفَرِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَوَّلِ وُجُودُ الْمَاءِ وَفِي الثَّانِي عَدَمُهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ مُقْتَضَاهُ) أَيْ التَّعْلِيلِ. وَقَوْلُهُ: (لَكِنْ خَالَفْنَاهُ) أَيْ هَذَا الْمُقْتَضَى. قَوْلُهُ: (وَيُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ

ص: 296