الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَطْلَقَ فَلَا، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الدَّقَائِقِ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِحُرْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَيُسَنُّ لِلْجُنُبِ غُسْلُ الْفَرْجِ، وَالْوُضُوءُ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ وَالْجِمَاعِ، وَلِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهِمَا.
فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ
(وَفَرَائِضُ الْغُسْلِ) وَلَوْ مَسْنُونًا (ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِغَسْلَةٍ عَنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ، وَفَرْضَانِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي كُتُبِهِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ لَهُمَا بِغَسْلَةٍ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. الْأَوَّلُ (النِّيَّةُ) لِحَدِيثِ:«إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فَيَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ أَيْ رَفْعَ حُكْمِهَا إنْ كَانَ جُنُبًا وَرَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ إنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ لِتُوطَأَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، أَوْ الْغُسْلَ مِنْ الْحَيْضِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، فَلَوْ نَوَى شَخْصٌ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَحَدَثُهُ الْحَيْضُ أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ نَوَى رَفْعَ جَنَابَةِ الْجِمَاعِ وَجَنَابَتُهُ بِاحْتِلَامٍ أَوْ عَكْسِهِ صَحَّ مِنْ الْغَلَطِ دُونَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
رَبِّ الْأَرْبَابِ فَقَالَ: {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 14] رَاجِعُونَ إلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ، فَيَنْبَغِي لِمَنْ اتَّصَلَ بِهِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ أَنْ يَكُونَ حَامِلًا لَهُ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ فِي رُكُوبِهِ وَمَسِيرِهِ. اهـ بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا) أَيْ لَا تَحْرُمُ قِرَاءَتُهُ مَعَ وُجُودِ الصَّارِفِ إلَّا بِالْقَصْدِ، وَإِلَّا فَهُوَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ قُرْآنٌ وَالْجَنَابَةُ صَارِفَةٌ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِالْقَصْدِ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِ الصَّارِفِ فَقَطْ كَالْجَنَابَةِ أَيْ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْقُرْآنِ إلَّا بِالْقَصْدِ أَيْ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ غَيْرِهِ. قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي قَصْدِ الذِّكْرِ بِالْقِرَاءَةِ مُلَاحَظَةُ الذِّكْرِ فِي جَمِيعِ الْقِرَاءَةِ قِيَاسًا عَلَى تَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ، أَوْ يَكْفِي قَصْدُ الذِّكْرِ فِي الْأَوَّلِ، وَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ فِي الْأَثْنَاءِ؟ . فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ فَعَدَمُ مُلَاحَظَةِ الذِّكْرِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مُبْطِلٌ لَهَا لِشَبَهِهِ بِالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ، بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ. وَعِنْدَ قَصْدِ الذِّكْرِ يَحْرُمُ اللَّحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ لَمْ تَخْرُجْ بِهِ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ اهـ. .
قَوْلُهُ: (وَلِلْحَائِضِ) أَيْ وَيُسَنُّ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهِمَا غَسْلُ الْفَرْجِ وَمَا بَعْدَهُ.
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ]
ِ مِنْ فَرَائِضَ وَسُنَنٍ
قَوْلُهُ: (فَيَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ إلَخْ) جُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ النِّيَّاتِ لِلْجُنُبِ خَمْسَةَ عَشْرَ. أَرْبَعٌ مِنْهَا تَصِحُّ مَعَ الْغَلَطِ، وَالْبَاقِي يَصِحُّ مَعَ الْعَمْدِ، وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ النِّيَّاتِ لِلْحَائِضِ سَبْعَةَ عَشْرَ. وَاحِدَةٌ مِنْهَا تَصِحُّ مَعَ الْغَلَطِ، وَالْبَاقِي يَصِحُّ مَعَ الْعَمْدِ، فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (أَيْ رَفْعَ حُكْمِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لِهَذَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ، وَلَا تُطْلَقُ عَلَى السَّبَبِ كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ نِيَّةُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ بِمَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ لَهَا، وَهُوَ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ الَّذِي يَقُومُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ. وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعُ حُكْمِ ذَلِكَ أَيْ إذَا نَوَى الْمُغْتَسِلُ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ رَفْعَ الْجَنَابَةِ، بِأَنْ قَالَ: نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ نَوَيْت رَفْعَ الْجَنَابَةِ، كَانَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ رَفْعَ حُكْمِ الْحَدَثِ وَرَفْعَ حُكْمِ الْجَنَابَةِ، لَا رَفْعَ نَفْسِ الْحَدَثِ وَلَا رَفْعَ نَفْسِ الْجَنَابَةِ، لِأَنَّ الْحَدَثَ هُنَا وَالْجَنَابَةَ مَحْمُولٌ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى نَفْسِ الْمُوجِبَاتِ لِلْغُسْلِ، وَهِيَ لَا تَرْتَفِعُ، وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهُمَا فَكَانَ قَوْلُ الْمُغْتَسِلِ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ، أَوْ نَوَيْت رَفْعَ الْجَنَابَةِ. الْمُرَادُ مِنْهُ رَفْعُ حُكْمِهِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحَظْ هَذَا الْمَعْنَى حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِالْحَدَثِ أَوْ بِالْجَنَابَةِ نَفْسَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنَّمَا كَانَ رَفْعُ حُكْمِ الْحَدَثِ هُوَ الْمُرَادَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْغُسْلِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا أَيْ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ، فَإِذَا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ رَفْعَ الْجَنَابَةِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَصْدِ أَيْ لِلْمَقْصُودِ مِنْ الْغُسْلِ، وَهُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْحَدَثِ، وَحُكْمُ الْجَنَابَةِ الَّذِي نَوَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ اهـ. ح ل. فَإِذَا أَرَادَ بِالْمُوجِبِ الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ فَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ يَرْتَفِعُ بِالْغُسْلِ.
قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ حَائِضًا) أَيْ بَعْدَ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ لِتُوطَأَ) أَيْ أَوْ الْغُسْلَ لِتُوطَأَ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ مُحَرَّمًا، وَهُوَ كَذَلِكَ شَرْحُ م ر. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ الْغُسْلَ مِنْ الْحَيْضِ أَوْ الْغُسْلَ لِتُوطَأَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الْغُسْلَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى رَفْعَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ نَوَى رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا نَوَاهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ مِنْهُ كَنِيَّةِ الرَّجُلِ رَفْعَ حَدَثِ
الْعَمْدِ كَنَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ إيجَابَ الْغُسْلِ فِي النِّفَاسِ بِكَوْنِهِ دَمَ حَيْضٍ مُجْتَمِعٍ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَلَوْ مَعَ الْعَمْدِ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْبَيَانِ، وَيَكْفِي نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ عَنْ كُلِّ الْبَدَنِ، وَكَذَا مُطْلَقًا فِي الْأَصَحِّ لِاسْتِلْزَامِ رَفْعِ الْمُطْلَقِ رَفْعَ الْمُقَيَّدِ، وَلِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى حَدَثِهِ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ.
فَلَوْ نَوَى الْأَكْبَرَ كَانَ تَأْكِيدًا، وَلَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ عَمْدًا لَمْ تَرْتَفِعْ جَنَابَتُهُ لِتَلَاعُبِهِ أَوْ غَلَطًا ارْتَفَعَتْ عَنْ أَعْضَاءِ الْأَصْغَرِ؛ لِأَنَّ غُسْلَهَا وَاجِبٌ فِي الْحَدَثَيْنِ، وَقَدْ غَسَلَهَا بِنِيَّتِهِ إلَّا الرَّأْسَ فَلَا تَرْتَفِعُ عَنْهُ، لِأَنَّ غُسْلَهُ وَقَعَ عَنْ مَسْحِهِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ فِي الْأَصْغَرِ، وَهُوَ إنَّمَا نَوَى الْمَسْحَ، وَهُوَ لَا يُغْنِي عَنْ الْغُسْلِ، بِخِلَافِ بَاطِنِ لِحْيَةِ الرَّجُلِ الْكَثِيفَةِ، فَإِنَّهُ يَكْفِي لِأَنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ هُوَ الْأَصْلُ، فَإِذَا غَسَلَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْحَيْضِ غَلَطًا كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر.
قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَمْرٌ خَاصٌّ، وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ تَنْوِيَ الْحَيْضَ إذَا كَانَ عَلَيْهَا نِفَاسٌ وَبِالْعَكْسِ وَعِبَارَةُ م ر. نَعَمْ يَرْتَفِعُ الْحَيْضُ بِنِيَّةِ النِّفَاسِ وَعَكْسِهِ مَعَ الْعَمْدِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ إيجَابَ الْغُسْلِ فِي النِّفَاسِ بِكَوْنِهِ دَمَ حَيْضٍ مُجْتَمِعٍ، وَتَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ اسْمَ النِّفَاسِ مِنْ أَسْمَاءِ الْحَيْضِ اهـ. فَلَعَلَّ فِي الْكَلَامِ هُنَا حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ تَعْلِيلُهُمْ إيجَابَ الْغُسْلِ إلَخْ، وَتَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ النِّفَاسَ مِنْ أَسْمَاءِ الْحَيْضِ إلَخْ. وَيَكُونُ بِالْجَرِّ مَعْطُوفًا عَلَى تَعْلِيلِهِمْ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ: إنَّهُ يَصِحُّ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَتَأَمَّلْ. وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَصِحُّ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَإِنْ قَصَدَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ وَقِ ل. وَقَالَا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ حَيْثُ قَصَدَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ لِلتَّلَاعُبِ، وَأَقَرَّهُ ع ش. وَذَكَرَ الطَّبَلَاوِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَإِنْ قَصَدَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ، ثُمَّ إنَّهُ حَصَلَ مِنْ قَوْلِهِ: نِيَّةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ صُورَتَانِ مِنْ صُوَرِ النِّيَّةِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (مُجْتَمِعٍ) صِفَةٌ لِدَمٍ وَجُرَّ لِلْمُجَاوِرَةِ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ نَوَى الْأَكْبَرَ كَانَ تَأْكِيدًا) وَهُوَ أَفْضَلُ. فَالصُّوَرُ ثَلَاثَةٌ: أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ تَرْتَفِعْ جَنَابَتُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ حَدَثَهُ الْأَصْغَرُ يَرْتَفِعُ، وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَلَطًا) قَالَ طب عَلَى الْمَنْهَجِ: أَوْ غَلَطًا مِنْ الْأَكْبَرِ إلَيْهِ أَيْ الْأَصْغَرِ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ حَدَثُهُ فَيَرْتَفِعُ الْأَكْبَرُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ غَيْرِ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّ غُسْلَهُ وَقَعَ بَدَلًا عَنْ مَسْحِهِ الَّذِي هُوَ فَرْضُهُ أَصَالَةً. قَالَ الشَّيْخُ أَيْ ابْنُ سم: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ الْفَرْضُ أَنْ لَا أَصْغَرَ عَلَيْهِ كَمَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْ التَّصْوِيرِ فَمَا تَقَرَّرَ وَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ أَعَمَّ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ فَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَوَاهُ أَيْ الْأَصْغَرُ فَقَدْ نَوَى مَا عَلَيْهِ، فَالْقِيَاسُ ارْتِفَاعُهُ دُونَ شَيْءٍ مِنْ الْجَنَابَةِ سَوَاءٌ أَنَوَاهُ عَمْدًا أَمْ غَلَطًا بَلْ لَا يَتَحَقَّقُ غَلَطٌ حِينَئِذٍ كَمَا لَا يَتَحَقَّقُ تَلَاعُبٌ؛ لِأَنَّهُ نَوَى شَيْئًا مُعَيَّنًا هُوَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا مَانِعَ وَلَا يَرْتَفِعُ شَيْءٌ مِمَّا عَدَاهُ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَا تَصْلُحُ لَهُ وَلَا تَتَضَمَّنُهُ بَلْ تُصْرَفُ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. وَقَرَّرَ شَيْخُنَا قَوْلَهُ: أَوْ غَلَطًا أَيْ نِسْيَانًا أَوْ ظَنًّا أَنَّ حَدَثَهُ الْأَصْغَرَ، وَإِلَّا فَالْغَلَطُ بِمَعْنَى سَبْقِ اللِّسَانِ مِنْ الْأَكْبَرِ إلَى الْأَصْغَرِ لَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمَنْوِيِّ فِي الْقَلْبِ. وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: أَوْ غَلَطًا أَيْ جَهْلًا بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ عَنْ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ تَكْفِي عَنْ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ عَنْ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نِيَّةِ رَفْعِ هَذَا رَفْعُ الْأَكْبَرِ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ.
قَوْلُهُ: (بِنِيَّتِهِ) أَيْ الْغُسْلِ، فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الْغُسْلِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: لِأَنَّ غَسْلَهَا وَاجِبٌ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (إلَّا الرَّأْسَ إلَخْ) وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْغَسْلُ، وَالْمَسْحُ رُخْصَةٌ فَغَسْلُهُ غَيْرُ مَنْدُوبٍ بِخِلَافِ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ غَسْلُهُ، وَالْمَنْدُوبُ يَقَعُ عَنْ الْوَاجِبِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ انْغِسَالِ اللُّمْعَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ. قَالَ حَجّ: وَمِنْهُ أَيْ مَنْ نَدْبِ غَسْلِ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ يُؤْخَذُ ارْتِفَاعُ جَنَابَةِ مَحَلِّ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ هُوَ الْأَصْلُ، وَلَا كَذَلِكَ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ اهـ اج. وَكَوْنُ الْغَسْلِ غَيْرَ مَنْدُوبٍ مَعَ تَسْلِيمِ أَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهِ نَظَرٌ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ لَا يُغْنِي عَنْ الْغَسْلِ) قَالَ حَجّ: وَلِأَنَّ غَسْلَ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ، وَهَلْ يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ عَنْ رَأْسِهِ لِإِتْيَانِهِ بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْوُضُوءِ. قَالَ م ر: أَفْتَى الْوَالِدُ رحمه الله بِارْتِفَاعِهِ أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِمْ: إنَّ جَنَابَتَهُ لَا تَرْتَفِعُ عَنْ رَأْسِهِ اهـ اج. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ) أَيْ غَسْلَ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ. وَقَوْلُهُ: قَوْلُهُ: (يَكْفِي) أَيْ عَنْ الْأَكْبَرِ أَيْ مَعَ أَنَّ الْغَسْلَ لَيْسَ وَاجِبَهَا فِي الْأَصْغَرِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي عَنْ الْأَكْبَرِ كَمَا لَا يَكْفِي الْغَسْلُ النَّائِبُ عَنْ الْمَسْحِ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ غَسْلَ