المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَعْرِيفِ الْحُجَّةِ وَالْحُكْمِ وَتَقْسِيمِهِ إلَى تَكْلِيفِيٍّ وَوَضْعِيٍّ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ شَارِعِ تَصْنِيفٍ وَمَا يُسَنُّ صِنَاعَةً]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْمُبَالَغَةِ النَّحْوِيَّةِ وَالْبَيَانِيَّةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْخُلَّةِ وَالْمَحَبَّةِ]

- ‌[مَبْحَثُ عَدَدِ أَوْلَادِهِ وَأَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَبْحَثُ تَقْدِيمِ الِاسْمِ عَلَى اللَّقَبِ وَعَكْسِهِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ ابْنِ]

- ‌[مَبْحَثُ دَرَجَاتِ الْإِخْلَاصِ]

- ‌[مَبْحَثُ تَعْرِيفِ الْجِنَاسِ اللَّاحِقِ]

- ‌[مَبْحَثُ الرَّجَاءِ وَالْأَمَلِ وَالتَّمَنِّي وَالطَّمَعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْحَسَدِ وَالْغِبْطَةِ وَالْقَنَاعَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْجِنَاسِ الْمُضَارِعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى الْبَسْمَلَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الِاشْتِقَاقِ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[مَبْحَثُ الْغَلَبَةِ وَتَقْسِيمُهَا]

- ‌[مَبْحَثُ النَّحْتِ]

- ‌[مَبْحَثُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا بَعْدُ]

- ‌ كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَطْهُرُ بِدِبَاغِهِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْآنِيَةِ وَمَا يَمْتَنِعُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي السِّوَاكِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُضُوءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يُنْدَبُ إدَامَةُ الْوُضُوءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَنْتَهِي بِهِ الْوُضُوءُ

- ‌فَصْلٌ: فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ

- ‌[فَرْعٌ اجْتَمَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلُ حَيْضٍ وَجَنَابَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ قُطِعَ عُضْوُ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي التَّيَمُّمِ

- ‌شَرَائِطُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ]

- ‌ مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَة]

- ‌[تَتِمَّةٌ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌تَنْبِيهٌ: النَّجَاسَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ حُكْمِيَّةٍ وَعَيْنِيَّةٍ

- ‌ حُكْمِ النَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ

- ‌(دَمُ الْحَيْضِ

- ‌[دَمُ النِّفَاسُ]

- ‌ أَحْكَامِ الْحَيْضِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[وَقْتَ الظُّهْرِ]

- ‌ وَقْتُ الْعَصْرِ

- ‌[وَقْتُ الْمَغْرِب]

- ‌وَقْتُ الْعِشَاءِ

- ‌[وَقْتُ الْفَجْرِ]

- ‌فَصْلٌ: فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَفِي بَيَانِ النَّوَافِلِ

- ‌شَرَائِطُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ

- ‌الصَّلَاةُ الْمَسْنُونَةُ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

الفصل: أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ

أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ فِي مُسْلِمٍ:«وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ» . تَنْبِيهٌ: لِلْعَصْرِ سَبْعَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ، وَوَقْتُ عُذْرٍ، وَقْتُ الظُّهْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ، وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ، وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ، وَهُوَ آخِرُ وَقْتِهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا. وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا أَدَاءٌ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ ثَامِنًا وَهُوَ وَقْتُ الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا عَمْدًا، فَإِنَّهَا تَصِيرُ قَضَاءً كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْمُتَوَلِّي فِي التَّتِمَّةِ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ، وَلَكِنَّ هَذَا رَأْيٌ ضَعِيفٌ.

(وَالْمَغْرِبُ) أَيْ صَلَاتُهَا (وَوَقْتُهَا وَاحِدٌ) أَيْ لَا اخْتِيَارَ فِيهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ (وَهُوَ) أَيْ أَوَّلُهُ يَدْخُلُ بَعْدَ (غُرُوبِ الشَّمْسِ) لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِفِعْلِهَا عَقِبَ الْغُرُوبِ، وَأَصْلُ الْغُرُوبِ الْبُعْدُ يُقَالُ: غَرَبَ بِفَتْحِ الرَّاءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِيهِ تَسَمُّحٌ حَيْثُ أَدْخَلَ وَقْتَ الْحُرْمَةِ وَالضَّرُورَةِ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ قَوْلُهُ: (فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ) أَيْ مُؤَدَّاةً.

قَوْلُهُ: (رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا قَبْلَهُ أَدْرَكَ الْعَصْرَ اسْتِمْرَارُ الْوَقْتِ إلَى تَمَامِهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ، أَوْ دَفَعَ تَوَهُّمَ أَنَّهُ إنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ خَرَجَ الْوَقْتُ فَنَصَّ عَلَى بَقَائِهِ إلَى الْغُرُوبِ شَوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (بِلَا كَرَاهَةٍ) أَيْ إلَى الِاصْفِرَارِ وَبِهَا إلَى الْغُرُوبِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ) أَيْ إلَى الْغُرُوبِ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا أَدَاءٌ) أَيْ بِأَنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فَأَكْثَرَ فِي الْوَقْتِ.

قَوْلُهُ: (وَزَادَ بَعْضُهُمْ ثَامِنًا إلَخْ) وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا وَقْتًا تَاسِعًا يَجْرِي فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ يُسَمَّى وَقْتَ إدْرَاكٍ، وَهُوَ مَا لَوْ طَرَأَ الْمَانِعُ كَالْحَيْضِ وَالْجُنُونِ بَعْدَ إدْرَاكِ زَمَنٍ مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ اج.

قَوْلُهُ: (وَلَكِنَّ هَذَا رَأْيٌ ضَعِيفٌ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَدَاءٌ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا. اهـ. م ر.

[وَقْتُ الْمَغْرِب]

قَوْلُهُ: (وَالْمَغْرِبُ) هُوَ لُغَةً زَمَانُ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ زَمَانٍ، وَاصْطِلَاحًا الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ الَّتِي تُفْعَلُ عَقِبَهُ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (أَيْ صَلَاتُهَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَغْرِبَ اسْمٌ لِزَمَنِ الْغُرُوبِ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِ الْمُضَافِ. وَقَوْلُهُ بَعْدُ: قَوْلُهُ: (سُمِّيَتْ بِذَلِكَ) إلَخْ. يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَغْرِبَ اسْمٌ لِلصَّلَاةِ فَفِيهِ تَنَاقُضٌ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَغْرِبُ لُغَةً زَمَنَ الْغُرُوبِ فَسَّرَهُ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ هُنَا وَهُوَ الصَّلَاةُ بِقَوْلِهِ أَيْ: صَلَاتُهَا. وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً فِي قَوْلِهِ صَلَاتُهَا. وَقَوْلُهُ: بَعْدُ: سُمِّيَتْ إلَخْ. بَيَانٌ لِوَجْهِ التَّسْمِيَةِ فَلَا مُنَافَاةَ تَأَمَّلْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي مِنْ الْأَوْقَاتِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ لَا اخْتِيَارَ فِيهِ) أَيْ لَا اخْتِيَارَ فِيهِ زَائِدٌ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَقْتَ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَهُوَ بِقَدْرِ الِاخْتِيَارِ فَهُوَ مُرَادِفٌ لَهُ هُنَا كَمَا يَأْتِي، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا وَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي الْحَوَاشِي كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ غُرُوبِ إلَخْ) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ تَصْحِيحِ كَلَامِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ مَعَ أَنَّهُ بَعْدَهُ، وَالْمُرَادُ الْغُرُوبُ الْكَامِلُ الَّذِي لَا عَوْدَ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(غُرُوبُ الشَّمْسِ) وَلَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ كَرَامَةً لِبَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ، فَلَوْ عَادَتْ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَادَ الْوَقْتُ وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ إنْ كَانَ صَلَّاهَا، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أَفْطَرَ نَهَارًا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعَصْرَ يُصَلِّيهَا أَدَاءً وَهَلْ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى الْغُرُوبِ الْأَوَّلِ أَوْ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ إثْمِهِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي وَيَشْهَدُ لَهُ قِصَّةُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهِيَ كَمَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ:«أَنَّهُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم نَامَ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ، فَكَرِهَ أَنْ يُوقِظَهُ فَفَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنَّهُ كَانَ فِي طَاعَتِك وَطَاعَةِ رَسُولِك فَرُدَّهَا عَلَيْهِ فَرَجَعَتْ الشَّمْسُ حَتَّى صَلَّى عَلِيٌّ الْعَصْرَ» . وَعَلَى ذَلِكَ يُقَالُ رَجُلٌ أَحْرَمَ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ قَضَاءً عَالِمًا بِفَوَاتِ الْوَقْتِ فَوَقَعَتْ أَدَاءً. وَصُورَتُهُ: أَحْرَمَ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ طَلَعَتْ. قَالَ ح ل: وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فِي بَلَدٍ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ ثُمَّ سَافَرَ إلَى بَلَدٍ فَوَجَدَ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا.

ص: 390

أَيْ بَعُدَ، وَالْمُرَادُ تَكَامُلُ الْغُرُوبِ وَيُعْرَفُ فِي الْعُمْرَانِ بِزَوَالِ الشُّعَاعِ عَنْ رُءُوسِ الْجِبَالِ وَإِقْبَالِ الظَّلَّامِ مِنْ الْمَشْرِقِ. (وَ) يَمْتَدُّ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ (بِمِقْدَارِ مَا يُؤَذِّنُ) لِوَقْتِهَا (وَيَتَوَضَّأَ وَيَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ) وَبِمِقْدَارِ خَمْسِ رَكَعَاتٍ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ عليه الصلاة والسلام صَلَّاهَا فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَرُدَّ بِأَنَّ جِبْرِيلَ عليه الصلاة والسلام إنَّمَا بَيَّنَ الْوَقْتَ الْمُخْتَارَ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ، وَأَمَّا الْوَقْتُ الْجَائِزُ وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لَهُ، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى قَدْرَ هَذِهِ الْأُمُورِ لِلضَّرُورَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَمْسِ الْمَغْرِبُ وَسُنَّتُهَا الْبَعْدِيَّةُ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ سَبْعَ رَكَعَاتٍ فَزَادَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ رَكْعَتَانِ قَبْلَهَا، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَالِاعْتِبَارُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ كَذَا أَطْلَقَهُ الرَّاهِنُ وَقَالَ الْقَفَّالُ: يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ كُلِّ إنْسَانٍ الْوَسَطُ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى ذَلِكَ، وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا قَدْرُ أَكْلِ لُقَمٍ يَكْسِرُ بِهَا حِدَةَ الْجُوعِ كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ.

لَكِنْ صَوَّبَ فِي التَّنْقِيحِ وَغَيْرِهِ اعْتِبَارَ الشِّبَعِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: «إذَا قُدِّمَ الْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَلَا تَعْجَلُوا عَلَى عِشَائِكُمْ» . وَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الشِّبَعِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ أَنْ يَأْكُلَ لُقَيْمَاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، وَالْعَشَاءُ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا أَيْضًا. قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: أَتَحْسَبُونَهُ عَشَاءَكُمْ الْخَبِيثَ إنَّمَا كَانَ أَكْلُهُمْ لُقَيْمَاتٍ. تَنْبِيهٌ: لَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالطُّهْرِ بَدَلَ الْوُضُوءِ لِيَشْمَلَ الْغُسْلَ وَالتَّيَمُّمَ وَإِزَالَةَ الْخَبَثِ لَكَانَ أَوْلَى وَعَبَّرَ جَمَاعَةٌ بِلُبْسِ الثِّيَابِ بَدَلَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَاسْتَحْسَنَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِتَنَاوُلِهِ التَّعَمُّمَ وَالتَّقَمُّصَ وَالِارْتِدَاءَ وَنَحْوَهَا، فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِلصَّلَاةِ وَيَمْتَدُّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (لِفِعْلِهَا عَقِبَ الْغُرُوبِ) هَذَا تَوْجِيهٌ لِلتَّسْمِيَةِ. قَوْلُهُ: (بِزَوَالِ الشُّعَاعِ) هَذَا فِيمَا فِيهِ جِبَالٌ أَوْ فِيهِ بِنَاءٌ فَعَلَامَتُهُ زَوَالُ الشُّعَاعِ مِنْ رُءُوسِ الْجِبَالِ وَأَعَالِي الْحِيطَانِ، وَأَمَّا الصَّحَارِي فَيَكْفِي فِيهَا تَكَامُلُ سُقُوطِ الْقُرْصِ وَإِنْ بَقِيَ الشُّعَاعُ.

قَوْلُهُ: (وَيَمْتَدُّ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ إلَخْ) . لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى الْجَدِيدِ امْتِنَاعُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَيْ تَقْدِيمِ الْعِشَاءِ مَعَهَا، إذْ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ وُقُوعُ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الْمَتْبُوعَةِ وَقَدْ حَضَرَ وَقْتُهَا فِيمَا ذَكَرَ.؛ لِأَنَّا نَقُولُ بِعَدَمِ لُزُومِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ يَسَعُ الصَّلَاتَيْنِ، لَا سِيَّمَا فِي حَالَةِ تَقَدُّمِ الشَّرَائِطِ عَلَى الْوَقْتِ وَاسْتِجْمَاعِهَا، فَإِنْ فُرِضَ ضِيقُهُ عَنْهُمَا لِاشْتِغَالِهِ بِالْأَسْبَابِ امْتَنَعَ الْجَمْعُ. اهـ. م ر مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِمِقْدَارِ مَا يُؤَذِّنُ) لَوْ قَالَ بِمِقْدَارِ الْأَذَانِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّ الْأُنْثَى كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ. قُلْت: لَا أَوْلَوِيَّةَ إذْ قِرَاءَةُ الْمَتْنِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ تُفِيدُ ذَلِكَ، لَكِنْ لَا يُنَاسِبُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَيُقِيمُ إذْ الْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يُقَالَ وَيُقَامُ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمُسَمَّى بِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَغْرِبِ خَاصَّةً لِاتِّحَادِهِمَا كَمَا مَرَّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ جِبْرِيلَ وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ لَا يَصِحُّ فِيهَا ق ل. وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ) أَيْ بَيْنَ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ.

قَوْلُهُ: (بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ) أَيْ بِغَالِبِ النَّاسِ وَهُوَ الرَّاجِحُ ق ل. قَوْلُهُ: (كَذَا أَطْلَقَهُ الرَّافِعِيُّ) أَيْ كَالْجُمْهُورِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي اعْتِبَارِ فِعْلِ نَفْسِهِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ اخْتِلَافِ وَقْتِهِ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ. اهـ. م ر اهـ مَرْحُومِيٌّ. إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ خُرُوجُ الْوَقْتِ فِي حَقِّ شَخْصٍ دُونَ آخَرَ وَهَذَا غَيْرُ مَعْهُودٍ.

قَوْلُهُ (وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ وَقَدْ تَعَجَّبَ مِنْهُ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّهُ وَجْهٌ آخَرَ مُغَايِرٌ لَهُ فَكَيْفَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ. وَلَمْ يَرْتَضِ هَذَا الْحَمْلَ؛ لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَرَدَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَعْجَلُوا عَلَى عِشَائِكُمْ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا أَيْ بِأَنْ تُقَدِّمُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ أَوْ الْمَعْنَى: لَا تَسْتَعْجِلُوا فِي عَشَائِكُمْ بَلْ اشْبَعُوا الشِّبَعَ الشَّرْعِيَّ، وَهَذَا أَقْرَبُ بِسِيَاقِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الشِّبَعُ الشَّرْعِيُّ اهـ م د. فَالتَّفْسِيرُ الْأَوَّلُ عَلَى كَسْرِهَا وَالتَّفْسِيرُ الثَّانِي عَلَى فَتْحِهَا. قَوْلُهُ:(وَإِزَالَةُ الْخَبَثِ) أَيْ مِنْ بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ وَمَكَانِهِ وَالْمُعْتَبَرُ مَا تَتَّفِقُ إصَابَتُهُ مِنْ النَّجَسِ غَالِبًا، وَإِلَّا وَرَدَ أَنَّ النَّجَسَ الْمُغَلَّظَ قَدْ لَا يَزُولُ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ إلَّا بِحَتٍّ وَقَرْصٍ وَاسْتِعَانَةٍ بِنَحْوِ أُشْنَانٍ، وَرُبَّمَا يَسْتَغْرِقُ ذَلِكَ وَقْتَ الْمَغْرِبِ عَلَى الْقَدِيمِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ.

قَوْلُهُ: (لِتَنَاوُلِهِ التَّعَمُّمَ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالثِّيَابِ الْمَلْبُوسُ فَيَشْمَلُ مَا ذَكَرَ.

قَوْلُهُ: (عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ) أَيْ بِالْقَدِيمِ.

قَوْلُهُ:

ص: 391