المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَنَوَى لَمْ يَكْفِ، وَإِنْ قَصَدَ بِوُقُوفِهِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ التَّيَمُّمَ - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي تَعْرِيفِ الْحُجَّةِ وَالْحُكْمِ وَتَقْسِيمِهِ إلَى تَكْلِيفِيٍّ وَوَضْعِيٍّ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ شَارِعِ تَصْنِيفٍ وَمَا يُسَنُّ صِنَاعَةً]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْمُبَالَغَةِ النَّحْوِيَّةِ وَالْبَيَانِيَّةِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي الْخُلَّةِ وَالْمَحَبَّةِ]

- ‌[مَبْحَثُ عَدَدِ أَوْلَادِهِ وَأَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَبْحَثُ تَقْدِيمِ الِاسْمِ عَلَى اللَّقَبِ وَعَكْسِهِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ ابْنِ]

- ‌[مَبْحَثُ دَرَجَاتِ الْإِخْلَاصِ]

- ‌[مَبْحَثُ تَعْرِيفِ الْجِنَاسِ اللَّاحِقِ]

- ‌[مَبْحَثُ الرَّجَاءِ وَالْأَمَلِ وَالتَّمَنِّي وَالطَّمَعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْحَسَدِ وَالْغِبْطَةِ وَالْقَنَاعَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْجِنَاسِ الْمُضَارِعِ]

- ‌[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى الْبَسْمَلَةِ]

- ‌[مَبْحَثُ الِاشْتِقَاقِ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[مَبْحَثُ الْغَلَبَةِ وَتَقْسِيمُهَا]

- ‌[مَبْحَثُ النَّحْتِ]

- ‌[مَبْحَثُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا بَعْدُ]

- ‌ كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَطْهُرُ بِدِبَاغِهِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْآنِيَةِ وَمَا يَمْتَنِعُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي السِّوَاكِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُضُوءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يُنْدَبُ إدَامَةُ الْوُضُوءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَنْتَهِي بِهِ الْوُضُوءُ

- ‌فَصْلٌ: فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ

- ‌تَتِمَّةٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ

- ‌[فَرْعٌ اجْتَمَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلُ حَيْضٍ وَجَنَابَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ قُطِعَ عُضْوُ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي التَّيَمُّمِ

- ‌شَرَائِطُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ]

- ‌ مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَة]

- ‌[تَتِمَّةٌ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌تَنْبِيهٌ: النَّجَاسَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ حُكْمِيَّةٍ وَعَيْنِيَّةٍ

- ‌ حُكْمِ النَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ

- ‌(دَمُ الْحَيْضِ

- ‌[دَمُ النِّفَاسُ]

- ‌ أَحْكَامِ الْحَيْضِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[وَقْتَ الظُّهْرِ]

- ‌ وَقْتُ الْعَصْرِ

- ‌[وَقْتُ الْمَغْرِب]

- ‌وَقْتُ الْعِشَاءِ

- ‌[وَقْتُ الْفَجْرِ]

- ‌فَصْلٌ: فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَفِي بَيَانِ النَّوَافِلِ

- ‌شَرَائِطُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ

- ‌الصَّلَاةُ الْمَسْنُونَةُ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

الفصل: وَنَوَى لَمْ يَكْفِ، وَإِنْ قَصَدَ بِوُقُوفِهِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ التَّيَمُّمَ

وَنَوَى لَمْ يَكْفِ، وَإِنْ قَصَدَ بِوُقُوفِهِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ التَّيَمُّمَ لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ مِنْ جِهَتِهِ بِانْتِفَاءِ النَّقْلِ الْمُحَقِّقِ لَهُ، وَلَوْ يُمِّمَ بِإِذْنِهِ بِأَنْ نَقَلَ الْمَأْذُونُ التُّرَابَ إلَى الْعُضْوِ وَرَدَّدَهُ عَلَيْهِ جَازَ عَلَى النَّصِّ كَالْوُضُوءِ وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْآذِنِ عِنْدَ النَّقْلِ، وَعِنْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُتَيَمِّمَ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا كَمَا لَوْ يَمَّمَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ عُذْرٌ لِإِقَامَةِ فِعْلِ مَأْذُونِهِ مَقَامَ فِعْلِهِ، لَكِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ لَا يَأْذَنَ لِغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، بَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّمِيرِيُّ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَجْزِ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا

وَفَرَائِضُهُ أَيْ التَّيَمُّمِ جَمْعُ فَرِيضَةٍ أَيْ أَرْكَانُهُ هُنَا: (أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ) وَعَدَّهَا فِي الْمِنْهَاجِ خَمْسَةً، فَزَادَ عَلَى مَا هُنَا النَّقْلَ، وَعَدَّهَا فِي الرَّوْضَةِ سَبْعَةً، فَجَعَلَ التُّرَابَ وَالْقَصْدَ رُكْنَيْنِ، وَأَسْقَطَ فِي الْمَجْمُوعِ التُّرَابَ، وَعَدَّهَا سِتَّةً، وَجَعَلَ التُّرَابَ شَرْطًا، وَالْأَوْلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ؛ إذْ لَوْ حَسُنَ عَدُّ التُّرَابِ رُكْنًا لَحَسُنَ عَدُّ الْمَاءِ رُكْنًا فِي الطَّهَارَةِ، وَأَمَّا الْقَصْدُ فَدَاخِلٌ فِي النَّقْلِ الْوَاجِبِ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ. الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الَّذِي أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا نَقْلُ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ الْمَمْسُوحِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَأْذُونِهِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ) أَيْ الْمُعْتَبَرِ وَهُوَ الْمُقَارِنُ لِلنَّقْلِ، وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِانْتِفَاءِ النَّقْلِ، لِأَنَّ الْمَفْقُودَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ النَّقْلُ لَا الْقَصْدُ. وَعِبَارَةُ م ر وَمُجَرَّدُ الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ كَافٍ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التُّرَابَ، وَإِنَّمَا التُّرَابُ أَتَاهُ لَمَّا قَصَدَ الرِّيحَ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ التُّرَابَ بِوُقُوفِهِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ كَفَى. وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحْرِيكِ وَجْهِهِ لِيَتَحَقَّقَ نَقْلُ التُّرَابِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر.

قَوْلُهُ: (بِإِذْنِهِ) وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ صَبِيًّا أَوْ كَافِرًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ حَيْثُ لَا نَقْضَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْ فَلَا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ م ر. وَلَوْ عَلَّمَ قِرْدًا مَثَلًا فَأَشَارَ إلَيْهِ وَيَمَّمَهُ وَنَوَى صَحَّ، وَكَانَتْ إشَارَتُهُ إلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ إذْنِهِ، فَقَوْلُ ق ل: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لِذَلِكَ الْغَيْرِ إلَخْ ضَعِيفُ. قَالَ م ر: فَلَوْ نَوَى الْآذِنُ وَنَقَلَ الْمَأْذُونُ فَأَحْدَثَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ أَخْذِ التُّرَابِ، وَقَبْلَ الْمَسْحِ لَمْ يَضُرَّ، كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي فَتَاوِيهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. أَمَّا الْآذِنُ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ نَافِلٍ، وَأَمَّا الْمَأْذُونُ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَيَمِّمٍ، وَكَذَا لَا يَضُرُّ حَدَثُهُمَا فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَقَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ قَالَ ع ش: وَلَا يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَلَ بِنَفْسِهِ وَأَحْدَثَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ عُذْرٌ) وَلَكِنَّهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مَكْرُوهٍ كَمَا فِي الِاسْتِعَانَةِ فِي الْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (لِإِقَامَةِ فِعْلِ مَأْذُونِهِ إلَخْ) ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ كَمَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ اشْتِرَاطُ التَّمْيِيزِ، لَكِنْ قَالَ م ر: لَا يُشْتَرَطُ وَإِطْلَاقُهُ فِي الشَّارِحِ يَشْهَدُ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ أَنْ يَأْذَنَ لِغَيْرِهِ.

[فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ]

قَوْلُهُ: (جَمْعُ فَرِيضَةٍ) بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ. قَوْلُهُ: (هُنَا) أَيْ فِي هَذَا الْفَصْلِ.

قَوْلُهُ: (وَعَدَّهَا فِي الرَّوْضَةِ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (سَبْعَةٌ) وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

تُرَابٌ وَنَقْلٌ ثُمَّ قَصْدٌ وَنِيَّةٌ

وَمَسْحٌ لِوَجْهٍ ثُمَّ أَيْدٍ مُرَتِّبًا

فَالتَّرْتِيبُ هُوَ السَّابِعُ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهَا سَبْعَةٌ فَالتُّرَابُ وَقَصْدُهُ وَنَقْلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا رُكْنٌ.

قَوْلُهُ: (لِحُسْنِ عَدِّ الْمَاءِ رُكْنًا) أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ عَدَّ التُّرَابَ رُكْنًا لِكَوْنِ التَّيَمُّمِ طَهَارَةً ضَعِيفَةً.

قَوْلُهُ: (فَدَاخِلٌ إلَخْ) أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَازِمًا لِلْقَصْدِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِاللُّزُومِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الِالْتِزَامِ لَا تَكْفِي فِي مِثْلِ هَذَا.

ص: 286

كَانَ عَلَى الْعُضْوِ تُرَابٌ فَرَدَّدَهُ عَلَيْهِ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ لَمْ يَكْفِ، وَإِنَّمَا صَرَّحُوا بِالْقَصْدِ مَعَ أَنَّ النَّقْلَ الْمَقْرُونَ بِالنِّيَّةِ مُتَضَمِّنٌ لَهُ رِعَايَةً لِلَفْظِ الْآيَةِ، فَلَوْ تَلَقَّى التُّرَابَ مِنْ الرِّيحِ بِكُمِّهِ أَوْ يَدِهِ وَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ أَوْ تَمَسَّكَ فِي التُّرَابِ، وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَجْزَأَهُ أَوْ نَقَلَهُ مِنْ وَجْهٍ إلَى يَدٍ بِأَنْ حَدَثَ عَلَيْهِ بَعْدَ زَوَالِ تُرَابٍ مَسَحَهُ عَنْهُ تُرَابٌ، أَوْ نُقِلَ مِنْ يَدٍ إلَى وَجْهٍ، أَوْ مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى، أَوْ مِنْ عُضْوٍ وَرَدَّهُ إلَيْهِ وَمَسَحَهُ بِهِ كَفَى ذَلِكَ لِوُجُودِ مُسَمَّى النَّقْلِ.

وَالرُّكْنُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: (النِّيَّةُ) أَيْ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا تَفْتَقِرُ اسْتِبَاحَتُهُ إلَى طَهَارَةٍ كَطَوَافٍ وَحَمْلِ مُصْحَفٍ وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ؛ إذْ الْكَلَامُ الْآنَ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ، وَأَمَّا مَا يُسْتَبَاحُ بِهِ فَسَيَأْتِي وَلَوْ تَيَمَّمَ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ ظَانًّا أَنَّ حَدَثَهُ أَصْغَرُ فَبَانَ أَكْبَرَ أَوْ عَكْسَهُ صَحَّ؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُمَا وَاحِدٌ، وَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ

وَلَوْ أَجْنَبَ فِي سَفَرِهِ وَنَسِيَ وَكَانَ يَتَيَمَّمُ وَقْتًا وَيَتَوَضَّأُ وَقْتًا أَعَادَ صَلَوَاتِ الْوُضُوءِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ

وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (الرُّكْنُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الَّذِي أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ) سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي الْأَرْكَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الْأَوْلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ زِيَادَةِ النَّقْلِ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ.

قَوْلُهُ: (نَقْلُ التُّرَابِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ وُجُودُ النِّيَّةِ، وَالتُّرَابُ عَلَى الْيَدِ مَثَلًا قَبْلَ مُمَاسَّتِهَا لِلْوَجْهِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ ضَرْبٍ أَوْ لَا. ق ل.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ) عَدْلٌ عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ لَمْ يُجْزِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلْإِجْزَاءِ ع ش. وَإِنْ قُرِئَ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ لَمْ يُجْزِ بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ سَاوَى قَوْلَهُ: لَمْ يَكْفِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا صَرَّحُوا بِالْقَصْدِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْقَصْدَ دَاخِلٌ فِي النَّقْلِ فَيَكُونُ مُغْنِيًا عَنْهُ مَعَ أَنَّ الْأَصْحَابَ صَرَّحُوا بِالْقَصْدِ مَعَ النَّقْلِ، وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ: وَإِنَّمَا صَرَّحُوا إلَخْ مُؤَخَّرٌ مِنْ تَقْدِيمٍ، فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ: الْوَاجِبُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ، وَكَانَ يَذْكُرُ قَوْلَهُ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ إلَخْ عَقِبَ قَوْلِهِ رِعَايَةً لِلَفْظِ الْآيَةِ. وَقَوْلُهُ: رِعَايَةً لِلَفْظِ الْآيَةِ أَيْ لَا لِاحْتِيَاجِ الْعِبَارَةِ إلَيْهِ عَلَى كَلَامِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (الْمَقْرُونُ بِالنِّيَّةِ) مِنْ الْمَقْرُونِ بِهَا مَا لَوْ ضَرَبَ بِيَدِهِ وَرَفَعَهَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، ثُمَّ نَوَى قَبْلَ مُمَاسَّةِ التُّرَابِ لِوَجْهِهِ، فَإِنَّهُ يَكْفِي لِأَنَّ هَذَا نَقْلٌ كَمَا لَوْ لَمْ يَنْقُلْ ابْتِدَاءً إلَّا مِنْ هَذَا الْحَدِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ كَانَتْ يَدُهُ عَلِيلَةً وَنَوَى عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ احْتَاجَ إلَى نِيَّةٍ عِنْدَ التَّيَمُّمِ بَدَلًا عَنْ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْدَرِجْ فِي النِّيَّةِ الْأُولَى أَوْ نَوَى الِاسْتِبَاحَةَ فَلَا. اهـ. سم. قَوْلُهُ: (مُتَضَمِّنٌ لَهُ) أَيْ مُسْتَلْزِمٌ لَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّضَمُّنَ الْمَنْطِقِيَّ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُخَاطَبَاتِ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الدَّلَالَةِ الْمُطَابِقِيَّةِ ز ي. قَوْلُهُ:(رِعَايَةً لِلَفْظِ الْآيَةِ) فَإِنَّهَا آمِرَةٌ بِالتَّيَمُّمِ وَهُوَ الْقَصْدُ؛ وَالنَّقْلُ طَرِيقُهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مِنْ عُضْوٍ وَرَدَّهُ إلَيْهِ وَمَسَحَهُ بِهِ كَفَى) بَلْ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ نَقَلَهُ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ الْآخَرِ سم

قَوْلُهُ: (إذْ الْكَلَامُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَيْ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَهُوَ عِلَّةٌ لِلتَّعْمِيمِ. قَوْلُهُ: (فَبَانَ أَكْبَرَ) بِالنَّصْبِ خَبَرُ بَانَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَخَوَاتِ كَانَ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مُوجَبَهُمَا) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ مُقْتَضَاهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ مَسْحُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِالتُّرَابِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَجْنَبَ فِي سَفَرِهِ إلَخْ) الْمَقَامُ لِلْفَاءِ لِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ ظَانًّا أَنَّ حَدَثَهُ أَصْغَرُ فَبَانَ أَكْبَرَ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَلَوْ أَجْنَبَ إلَخْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ. وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ السُّيُوطِيّ مُلْغِزًا قَالَ:

أَلَيْسَ عَجِيبًا أَنَّ شَخْصًا مُسَافِرًا

إلَى غَيْرِ عِصْيَانٍ تُبَاحُ لَهُ الرُّخَصْ

إذَا مَا تَوَضَّا لِلصَّلَاةِ أَعَادَهَا

وَلَيْسَ مُعِيدًا لِلَّتِي بِالتُّرَابِ خُصّْ

وَالْجَوَابُ:

لَقَدْ كَانَ هَذَا لِلْجَنَابَةِ نَاسِيًا

وَصَلَّى مِرَارًا بِالْوُضُوءِ أَتَى بِنَصّْ

كَذَاك مِرَارًا بِالتَّيَمُّمِ يَا فَتَى

عَلَيْك بِكُتَبِ الْعِلْمِ يَا خَيْرَ مَنْ فَحَصْ

ص: 287

أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ، وَلَوْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ، أَوْ فَرْضَ الطَّهَارَةِ، أَوْ التَّيَمُّمَ الْمَفْرُوضَ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَيْسَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يُؤْتَى بِهِ عَنْ ضَرُورَةٍ فَلَا يُجْعَلُ مَقْصُودًا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، وَلِهَذَا اُسْتُحِبَّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ وَيَجِبُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِالنَّقْلِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَرْكَانِ، وَاسْتِدَامَتُهَا إلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، فَلَوْ عَزَبَتْ قَبْلَ الْمَسْحِ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ، وَإِنْ كَانَ رُكْنًا فَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِاسْتِحْضَارِهَا عِنْدَهُمَا وَإِنْ عَزَبَتْ بَيْنَهُمَا، وَتَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ يُفْهِمُهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِدَامَةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ هَذَا الزَّمَنَ سَيْرٌ لَا تَعْزُبُ فِيهِ النِّيَّةُ غَالِبًا.

وَلَوْ ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى بَشَرَةِ امْرَأَةٍ تَنْقُضُ وَعَلَيْهَا تُرَابٌ، فَإِنْ مَنَعَ الْتِقَاءَ الْبَشَرَتَيْنِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ، وَإِلَّا فَلَا

وَأَمَّا مَا يُبَاحُ لَهُ بِنِيَّتِهِ فَإِنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ أُبِيحَا لَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَضَاءُ الَّتِي فِيهَا تَوَضَّأَ وَاجِبٌ

وَلَيْسَ مُعِيدًا لِلَّتِي بِالتُّرَابِ خُصَّ

لِأَنَّ مَقَامَ الْغُسْلِ قَامَ تَيَمُّمٌ

خِلَافُ وُضُوءٍ هَاكَ فَرْقًا بِهِ تُخَصُّ

قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) وَهُوَ أَنَّ مُوجِبَ الْأَصْغَرِ هُوَ مُوجِبُ الْأَكْبَرِ، فَلِذَا أَغْنَى عَنْهُ وَهُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ دُونَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ إلَخْ) هُوَ أَشْمَلُ لِمَا لَوْ كَانَ مَعَ التَّيَمُّمِ غَسْلُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَرْفَعُهُ حِينَئِذٍ م ر.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ) أَيْ وَلَا يَطْهُرُ بَلْ يُبِيحُ، وَالْمُرَادُ لَا يَرْفَعُهُ رَفْعًا عَامًّا فَلَوْ نَوَى رَفْعًا خَاصًّا بِفَرْضٍ وَنَوَافِلَ أَجْزَأَ. وَعِبَارَةُ م د: نَعَمْ لَوْ نَوَى بِالْحَدَثِ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ وَبِرَفْعِهِ رَفْعًا خَاصًّا بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضٍ وَنَوَافِلَ جَازَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ نَوَى الْوَاقِعَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِبَاحَةِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْهَا. قَوْلُهُ:(أَوْ التَّيَمُّمَ الْمَفْرُوضَ لَمْ يَكْفِ) قَوْلُهُ: (مَحَلُّهُ) مَا لَمْ يُضِفْهُ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ، وَمَا لَمْ يَرُدَّ الْفَرْضَ الْبَدَلِيَّ، فَإِنَّ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ، أَوْ التَّيَمُّمَ الْمَفْرُوضَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، أَوْ نَوَى الْفَرْضَ الْبَدَلِيَّ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ لَكِنْ لَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ، أَوْ نَوَى التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ صَحَّ، لَكِنْ لَا يَسْتَبِيحُ بِهِ شَيْئًا كَمَا إذَا اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ. مَسْأَلَةٌ: عَلَيْهِ حَدَثَانِ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ فَإِنْ نَوَاهُمَا ارْتَفَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا مُعِينًا لَهُ ارْتَفَعَ دُونَ الْآخَرِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ ارْتَفَعَ الْأَصْغَرُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فِي نِيَّتِهِ بَلْ وَإِنْ نَفَاهُ سم.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ) أَيْ فَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ بَلْ يُكْرَهُ ع ش.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَزَبَتْ قَبْلَ الْمَسْحِ لَمْ يَكْفِ) ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُتَّجَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِدَامَةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ) بَلْ لَوْ لَمْ يَنْوِ إلَّا عِنْدَ إرَادَةِ مَسْحِ الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ: يَجِبُ قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْلِ النَّقْلُ الْمُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الْيَدَيْنِ إلَى الْوَجْهِ، وَقَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِهِ. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) لَعَلَّهُ مُصَوَّرٌ بِالنَّقْلَةِ الثَّانِيَةِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلَا يَضُرُّ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ قَبْلَ مُمَاسَّةِ الْوَجْهِ وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: تَنْقُضُ أَيْ، وَلَمْ يَنْوِ بَعْدَ رَفْعِ يَدَيْهِ عَنْهَا وَقَبْلَ مَسْحِ وَجْهِهِ، وَإِلَّا كَفَى اهـ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا مَا يُبَاحُ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ أَمَّا بَيَانُ كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ، وَأَمَّا إلَخْ، وَقَوْلُهُ:(لَهُ) أَيْ الشَّخْصِ، وَقَوْلُهُ:(بِنِيَّتِهِ) أَيْ التَّيَمُّمِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ تُبِيحُ الْكُلَّ، وَنِيَّةُ النَّفْلِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ تُبِيحُ مَا عَدَا الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ، وَنِيَّةُ غَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِمَّا يَحْتَاجُ لِلتَّيَمُّمِ تُبِيحُ مَا عَدَا الصَّلَاةَ مِنْ نَحْوِ مَسِّ الْمُصْحَفِ، وَحَمْلِهِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَالْمُكْثِ فِي الْمَسْحِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَلَوْ كَانَتْ فَرْضًا عَيْنِيًّا كَتَعَلُّمِ الْفَاتِحَةِ فَيَسْتَبِيحُهُ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا كَانَ لَهُ فِعْلُ الْبَقِيَّةِ شَوْبَرِيٌّ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ يَخْطُبْ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ بِمَثَابَةِ رَكْعَتَيْنِ فَأَشْبَهَتْ الْفُرُوضَ الْعَيْنِيَّةَ اهـ ع ش. وَيَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ أَمْ لِلْخُطْبَةِ، وَإِنْ كَانَتْ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ فَرْضَ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ، كَمَا قِيلَ وَالْقَائِلُ بِالصَّحِيحِ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ الضَّعِيفِ ز ي. وَمَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بِالتَّيَمُّمِ لَوْ لَزِمَهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ صَلَّاهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

ص: 288

عَمَلًا بِنِيَّتِهِ أَوْ فَرْضًا فَقَطْ فَلَهُ النَّفَلُ مَعَهُ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ تَابِعٌ لَهُ، فَإِذَا صَلَحَتْ طَهَارَتُهُ لِلْأَصْلِ فَلِلتَّابِعِ أَوْلَى أَوْ نَفْلًا فَقَطْ، أَوْ نَوَى الصَّلَاةَ وَأَطْلَقَ صَلَّى بِهِ النَّفَلَ وَلَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَصْلٌ، وَالنَّفَلُ تَابِعٌ كَمَا مَرَّ، فَلَا يُجْعَلُ الْمَتْبُوعُ تَابِعًا. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَنْعَقِدُ نَفْلًا

وَلَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ حَمْلَ الْمُصْحَفِ أَوْ سُجُودَ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ أَوْ نَوَى نَحْوُ الْجُنُبِ الِاعْتِكَافَ أَوْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَوْ الْحَائِضِ اسْتِبَاحَةَ الْوَطْءِ، كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَنِيَّةِ النَّفْلِ فِي أَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ بِهِ الْفَرْضَ، وَلَا يَسْتَبِيحُ بِهِ النَّفَلَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ آكَدُ مِنْ ذَلِكَ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى إذَا تَيَمَّمَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا جَازَ لَهُ فِعْلُ الْبَقِيَّةِ.

وَلَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَالتَّيَمُّمِ لِلنَّفْلِ.

(وَ) الرُّكْنُ الثَّالِثُ وَهُوَ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (مَسْحُ الْوَجْهِ) حَتَّى ظَاهِرِ مُسْتَرْسِلِ لِحْيَتِهِ وَالْمُقْبِلِ مِنْ أَنْفِهِ عَلَى شَفَتَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة: 6] .

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أَوْ فَرْضًا فَقَطْ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا أَضَافَهُ لِلصَّلَاةِ أَمَّا لَوْ نَوَى فَرْضًا، وَأَطْلَقَ كَأَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَسْتَبِيحُ مَا عَدَا الصَّلَاةَ لِتَنْزِيلِهِ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِ الْفَرْضِ، وَهُوَ تَمْكِينُ الْحَلِيلِ، وَحَمْلُ نَحْوِ الْمُصْحَفِ لِمَنْ نَذَرَهُ، أَوْ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ أَخْذِ كَافِرٍ اهـ سم. وَهَذَا هُوَ الْأَحْوَطُ فَلَا يُقَالُ: إنَّ التَّنْوِينَ يَكُونُ لِلتَّعْظِيمِ، وَهَذَا إذَا نَكَّرَ الْفَرْضَ كَمَا ذُكِرَ، أَمَّا لَوْ عَرَّفَهُ كَأَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى فَرْضِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ أَلْ لِلْكَمَالِ. قَوْلُهُ:(فَلَهُ النَّفَلُ مَعَهُ) وَإِنْ نَفَى فِعْلَهُ فَإِنْ نَوَى عَدَمَ اسْتِبَاحَتِهِ لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَوَى الصَّلَاةَ وَأَطْلَقَ إلَخْ) . فَإِنْ قِيلَ: الْمُفْرَدُ الْمُحَلَّى بِأَلْ يُفِيدُ الْعُمُومَ، فَلِمَاذَا إذَا قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ؟ أُجِيبَ: بِأَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ الْفَرْضَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَةِ كَمَا فِي م ر.

قَوْلُهُ: (صَلَّى بِهِ النَّفَلَ) وَكَذَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ النَّفَلَ فِي جَوَازِ تَرْكِهَا، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحُهُ: أَوْ نَوَى نَفْلًا وَالصَّلَاةَ فَلَهُ غَيْرُ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ مِنْ النَّوَافِلِ وَفُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَغَيْرِهَا كَمَسِّ الْمُصْحَفِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ) أَيْ غَيْرَ الْكِفَائِيِّ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا فِي الْأُولَى) أَيْ نِيَّةِ النَّفْلِ.

قَوْلُهُ: (فَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَصْلٌ) أَيْ لِلنَّفْلِ أَيْ أَصْلٌ لَهُ فِي التَّكْلِيفِ، وَالْمَشْرُوعِيَّةِ أَيْ: لَوْ لَمْ يُكَلَّفْ بِالْفَرْضِ لَمْ يُكَلَّفْ بِالنَّفْلِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُكَلَّفْ الصَّبِيُّ بِالنَّفْلِ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ بِالْفَرْضِ شَوْبَرِيٌّ. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَالْمُرَادُ أَنَّ الْخِطَابَ وَقَعَ أَوَّلًا بِالْفَرْضِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ. وَأَمَّا السُّنَنُ فَسَنَّهَا النَّبِيُّ بَعْدُ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْفَرْضَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَلَوْ بِالنَّذْرِ مَرْتَبَةٌ أُولَى، وَأَنَّ نَفْلَهُمَا وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ مَرْتَبَةٌ ثَانِيَةٌ، وَأَنَّ مَا عَدَا ذَلِكَ، وَلَوْ مَنْذُورًا مَرْتَبَةٌ ثَالِثَةٌ، وَلَهُ فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ اسْتِبَاحَةُ مَا فِيهَا وَمَا دُونَهَا.

1 -

تَنْبِيهٌ: يَكْفِي فِي نَذْرِ الْوِتْرِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا الضُّحَى، وَنَحْوُ ذَلِكَ ق ل. وَقَالَ الشَّيْخُ الْبَابِلِيُّ نَقْلًا عَنْ مَشَايِخِهِ: لَوْ نَذَرَ التَّرَاوِيحَ وَجَبَ عَلَيْهِ عَشْرُ تَيَمُّمَاتٍ لِوُجُوبِ السَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَلَيْسَ الْجَمِيعُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَلَوْ نَذَرَ الضُّحَى أَوْ الْوِتْرَ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ حَيْثُ لَمْ يَنْذِرْ السَّلَامَ مِنْ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ نَذَرَهُ وَجَبَ التَّيَمُّمُ بِعَدَدِهِ. وَفِي فَتَاوَى م ر مَا يُوَافِقُهُ خِلَافًا لحج فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.

قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُ فِعْلُ الْبَقِيَّةِ) وَلَوْ مُكَرَّرًا.

قَوْلُهُ: (صَلَاةَ الْجِنَازَةِ) وَإِنْ تَعَيَّنَتْ ح ل.

قَوْلُهُ: (كَالتَّيَمُّمِ لِلنَّفْلِ) أَيْ فَلَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ.

قَوْلُهُ: (مَسْحُ الْوَجْهِ) أَيْ جِنْسُهُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى ظَاهِرِ مُسْتَرْسَلِ) أَيْ وَهُوَ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُ وُصُولِ التُّرَابِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْعُضْوِ بَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ قَوْلُهُ:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [المائدة: 6] . إنْ قُلْت: إنَّ الْبَاءَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُتَعَدِّدٍ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ بِرُءُوسِكُمْ. قُلْت: نَعَمْ؛ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَسْحُ الْوَجْهِ بَدَلًا عَنْ غَسْلِهِ، وَالْبَدَلُ يُعْطَى حُكْمَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ خَالَفْنَا هَذِهِ الْقَاعِدَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ لِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَأَيْدِيكُمْ) ذِكْرُ الْأَيْدِي

ص: 289

(وَ) الرُّكْنُ الرَّابِعُ وَهُوَ الثَّالِثُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (مَسْحُ) كُلِّ (الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ) لِلْآيَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ طَهَارَةَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْوُضُوءِ أَوَّلَ الْآيَةِ، ثُمَّ أَسْقَطَ مِنْهَا عُضْوَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ فِي آخِرِ الْآيَةِ، فَبَقِيَ الْعُضْوَانِ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى مَا ذُكِرَا فِي الْوُضُوءِ؛ إذْ لَوْ اخْتَلَفَا لَبَيَّنَهُمَا كَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ.

(وَ) الرُّكْنُ الْخَامِسُ وَهُوَ الرَّابِعُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (التَّرْتِيبُ) بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التَّيَمُّمِ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ أَوْ غُسْلٍ مَسْنُونٍ أَوْ وُضُوءٍ مُجَدَّدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُطْلَبُ لَهُ التَّيَمُّمُ.

فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ فِي الْغُسْلِ وَوَجَبَ فِي التَّيَمُّمِ الَّذِي هُوَ بَدَلُهُ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْغُسْلَ لَمَّا وَجَبَ فِيهِ تَعْمِيمُ جَمِيعِ الْبَدَنِ صَارَ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، وَالتَّيَمُّمُ وَجَبَ فِي عُضْوَيْنِ فَقَطْ، فَأَشْبَهَ الْوُضُوءَ، وَلَا يَجِبُ إيصَالُ التُّرَابِ إلَى مَنْبَتِ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُسْرِ، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، فَالْكَثِيفُ أَوْلَى

وَلَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي نَقْلِ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوَيْنِ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ، فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ التُّرَابَ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ ضَرَبَ الْيَمِينَ قَبْلَ الْيَسَارِ وَمَسَحَ بِيَمِينِهِ وَجْهَهُ وَبِيَسَارِهِ يَمِينَهُ أَوْ عَكَسَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْأَصْلِيَّ الْمَسْحُ، وَالنَّقْلُ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ.

وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الدَّلِيلِ عَلَى الْمَدْلُولِ.

قَوْلُهُ: (لِلْآيَةِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مَسْحُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَانٌ لِوَجْهِ الدَّلَالَةِ مِنْ الْآيَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ: لِلْآيَةِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: مَسْحُ الْيَدَيْنِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ وَقَصْدُهُ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الْقَدِيمِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ مَسْحُ الْكَفَّيْنِ، وَعَلَى هَذَا فَفِي عِبَارَتِهِ سُقُوطُ الْعَاطِفِ قَبْلَ قَوْلِهِ: لِأَنَّ اللَّهَ فَتَأَمَّلْ. وَقِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ وَهُوَ بَيَانٌ لِوَجْهِ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى مَسْحِ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ، مَعَ أَنَّهَا إنَّمَا دَلَّتْ عَلَى مَسْحِ الْيَدَيْنِ فَقَطْ فَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إلَخْ. أَنَّ الْمُرَادَ الْيَدَانِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ، أَوْ يُقَالُ: حَمْلُ الْمُطْلَقِ هُنَا عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْوُضُوءِ، وَهَذَا جَوَابٌ آخَرُ غَيْرُ جَوَابِ الشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مَا ذُكِرَا) أَيْ مِنْ الصِّفَةِ وَالتَّرْتِيبِ وَالْمُرَادُ بِالصِّفَةِ التَّعْمِيمُ.

قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الِاتِّبَاعِ، وَقَوْلُهُ: ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي وُجُوبِ التَّرْتِيبِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ وُضُوءٍ مُجَدَّدٍ) فِيهِ نَظَرٌ، فَلَعَلَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ التَّيَمُّمُ بَدَلًا عَنْ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر كَمَا فِي عِبَارَةِ الشَّرْحِ أَيْ مِنْ نَدْبِ التَّيَمُّمِ بَدَلًا عَنْ تَحْدِيدِ الْوُضُوءِ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ مِنْهُ ذَلِكَ مِرَارًا كَأَنْ بَقِيَ وُضُوءُهُ وَحَضَرَتْهُ صَلَوَاتٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ تَيَمُّمُهُ عَنْ حَدَثٍ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ بَقَاءِ وُضُوئِهِ وَبَقَائِهِ عَلَى تَيَمُّمِهِ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ مَعَ بَقَاءِ الْوُضُوءِ، وَلَمْ يُطْلَبْ مَعَ بَقَاءِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْحَدَثِ أَنَّهُ هُنَا بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ الْمَطْلُوبِ، فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ مِنْ فِعْلِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَعَ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ، وَأَمَّا التَّيَمُّمُ عَنْ الْحَدَثِ فَهُوَ تَكْرَارٌ لِمَا فَعَلَهُ مُسْتَقِلًّا، وَهُوَ رُخْصَةٌ طُلِبَ تَخْفِيفُهَا فَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَقَوْلُهُ:(فَلَعَلَّ الرَّاجِحَ) إلَخْ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ) كَالتَّيَمُّمِ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ لِلْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ قِيلَ إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فَأَشْبَهَ الْوُضُوءَ) أَيْ أَشْبَهَ التَّيَمُّمُ الْوُضُوءَ فِي مُطْلَقِ تَعَدُّدِ أَعْضَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَلِذَا وَجَبَ التَّرْتِيبُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (إلَى مَنْبِتِ الشَّعْرِ) أَيْ وَإِنْ طُلِبَتْ إزَالَتُهُ كَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَخَرَجَ بِهِ مَا تَحْتَ الْأَظَافِرِ، فَيَجِبُ إيصَالُ التُّرَابِ إلَيْهِ كَالْوُضُوءِ ق ل. وَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ إيصَالِ التُّرَابِ إلَى مَنَابِتِ الشَّعْرِ الْخَفِيفَةِ بِأَنَّ الْأَظَافِرَ مَطْلُوبَةُ الْإِزَالَةِ بِخِلَافِ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ شَوْبَرِيٌّ. وَقَالَ ع ش: ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِحْيَةَ امْرَأَةٍ، لَكِنْ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يَجِبُ إيصَالُ التُّرَابِ لِمَا تَحْتَ الْأَظْفَارِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِزَالَتِهَا أَنَّهُ يَجِبُ فِي لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِإِزَالَتِهَا، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إيصَالُهُ، وَلَوْ فِي لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ لِلْعُسْرِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي نَقْلِ التُّرَابِ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالتَّرْتِيبُ، فَبَيَّنَ الشَّارِحُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّرْتِيبُ فِي الْمَسْحِ لَا فِي النَّقْلِ. وَقَوْلُهُ:(فِي نَقْلِ التُّرَابِ) أَيْ تَحْوِيلِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَسَحَ بِيَمِينِهِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَرْتِيبٌ بَيْنَ النَّقْلَتَيْنِ مِنْ الْأَرْضِ، وَعَدَمُ التَّرْتِيبِ فِي الثَّانِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَكْسِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ عَكَسَ هُوَ مَحَلَّ الشَّاهِدِ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ التُّرَابِ) ضَعِيفٌ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر أَنَّهُ

ص: 290

التُّرَابِ لِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ يَمْسَحُهُ أَوْ يُطْلَقُ، فَلَوْ أَخَذَ التُّرَابَ لِيَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ مَسَحَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْسَحَ بِذَلِكَ التُّرَابِ يَدَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ لِيَدَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ

وَيَجِبُ مَسْحُ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِضَرْبَتَيْنِ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ مَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى ذِرَاعَيْهِ» . وَلِأَنَّ الِاسْتِيعَابَ غَالِبًا لَا يَتَأَتَّى بِدُونِهِمَا فَأَشْبَهَا الْأَحْجَارَ الثَّلَاثَةَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ

وَلَا يَتَعَيَّنُ الضَّرْبُ فَلَوْ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى تُرَابٍ نَاعِمٍ وَعَلِقَ بِهِمَا غُبَارٌ كَفَى.

ثُمَّ شَرَعَ فِي سُنَنِ التَّيَمُّمِ فَقَالَ: (وَسُنَنُهُ) : أَيْ التَّيَمُّمِ (ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ثَلَاثُ خِصَالٍ بَلْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَتَعْرِفُهُ: الْأَوَّلُ (التَّسْمِيَةُ) أَوَّلَهُ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَلَوْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَكْبَرَ. (وَ) الثَّانِي (تَقْدِيمُ الْيُمْنَى) مِنْ الْيَدَيْنِ (عَلَى الْيُسْرَى) مِنْهُمَا (وَ) الثَّالِثُ (الْمُوَالَاةُ) كَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَهَارَةٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَا يُشْتَرَطُ. قَوْلُهُ: (أَوْ يُطْلِقُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْسَحَ) ضَعِيفٌ كَمَا عَلِمْت. وَقَوْلُهُ: (ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ) أَيْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ، وَلَكِنْ الَّذِي فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الصُّورَتَيْنِ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (بِضَرْبَتَيْنِ) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ بِضَرْبَةٍ بِخِرْقَةٍ، وَصُورَتُهَا بِأَنْ يَضَعَ الْخِرْقَةَ الَّتِي عَلِقَ بِهَا التُّرَابُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يُرَتِّبُ تَرْدِيدَهَا عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ؛ فَهَذِهِ الصُّورَةُ صَدَقَ عَلَيْهِ فِيهَا أَنَّهُ تَيَمَّمَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ التَّرْتِيبِ، وَلَكِنْ لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ لِعَدَمِ تَعَدُّدِ الضَّرْبِ نَبَّهَ عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ سم فِي حَوَاشِي ابْنِ حَجَرٍ. فَلَا حَاجَةَ لِمَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ التَّصَاوِيرِ الْفَاسِدَةِ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا إلَّا لِحَاجَةٍ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الضَّرْبَتَيْنِ إذَا حَصَلَ الِاسْتِيعَابُ بِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ الزِّيَادَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ) وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ، فَلَوْ مَسَحَ بِبَعْضِ وَاحِدَةٍ وَجْهَهُ وَبِبَعْضِهَا الْآخَرِ مَعَ الْأُخْرَى الْيَدَيْنِ أَوْ عَكَسَهُ كَفَى ق ل. فَقَوْلُهُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ.

قَوْلُهُ: (كَفَى) فَالتَّعْبِيرُ بِالضَّرْبِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ.

قَوْلُهُ: (بَلْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ فَمِنْهَا السِّوَاكُ، وَمَحَلُّهُ بَيْنَ التَّسْمِيَةِ وَالنَّقْلِ، كَمَا أَنَّهُ فِي الْوُضُوءِ بَيْنَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ اهـ ابْنُ حَجَرٍ. أَقُولُ: وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا يُسْتَحَبُّ مُقَارَنَتُهَا لِلنَّقْلِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْبَابِ مُقَارَنَتِهَا لِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ فِي الْوُضُوءِ، وَقِيَامُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي التَّيَمُّمِ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْغَسْلِ فَيُسَنُّ التَّسْمِيَةُ لَهُ ثُمَّ السِّوَاكُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَعَلَى قِيَاسِ الْوُضُوءِ مِنْ مُقَارَنَةِ التَّسْمِيَةِ لِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ يَنْبَغِي أَنْ تُقَارِنَ هُنَا أَوَّلَ النَّقْلِ، فَيَكُونُ السِّوَاكُ قَبْلَ النَّقْلِ وَالتَّسْمِيَةِ ع ش عَلَى م ر. وَيُسَنُّ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ عَقِبَهُ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي فَتَاوِيهِ نَقْلًا عَنْ الْبُلْقِينِيُّ اهـ. قَوْله:(كَالْوُضُوءِ) يُسْتَفَادُ مِنْهُ طَلَبُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي التَّيَمُّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ ق ل. وَفِي هَذِهِ الِاسْتِفَادَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَاسَ عَلَى الْوُضُوءِ سَنُّ التَّسْمِيَةِ لَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ يُؤْخَذُ إلَخْ. فِيهِ نَظَرٌ لِذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: كَالْوُضُوءِ أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى التَّسْمِيَةِ الِاسْتِعَاذَةَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوُضُوءِ، لَكِنْ بِإِبْدَالِ الْمَاءِ بِالتُّرَابِ بِأَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي اسْتِحْبَابُ الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَهُ، وَمِثْلُهُمَا إنَّا أَنْزَلْنَاهُ ثَلَاثًا كَطَلَبِهَا عَقِبَ الْوُضُوءِ قَرَّرَهُ ح ف.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ لِمُحْدِثٍ حَدَثًا أَكْبَرَ) أَيْ إذَا قَصَدَ الذِّكْرَ بِهَا أَوْ أَطْلَقَ، أَمَّا إذَا قَصْدَ الْقُرْآنَ، وَلَوْ مَعَ الذِّكْرِ فَحَرَامٌ كَمَا مَرَّ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّ الْجُنُبَ يَقْتَصِرُ عَلَى أَقَلِّ التَّسْمِيَةِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَأْتِي الْأَكْمَلَ. قَوْلُهُ:(وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى) وَيُسَنُّ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى كَيْفِيَّتِهِ الْمَشْهُورَةِ، وَهِيَ أَنْ يَضَعَ بُطُونَ أَصَابِعِ الْيُسْرَى سِوَى الْإِبْهَامِ تَحْتَ أَطْرَافِ أَنَامِلِ الْيُمْنَى بِحَيْثُ لَا تَخْرُجُ أَنَامِلُ الْيُمْنَى عَنْ مُسَبِّحَةِ الْيُسْرَى، وَلَا مُسَبِّحَةُ الْيُمْنَى عَنْ أَنَامِلِ الْيُسْرَى، وَيُمِرُّهَا عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُمْنَى، فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ ضَمَّ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ إلَى حَرْفِ الذِّرَاعِ، وَيُمِرُّهَا إلَى الْمِرْفَقِ، ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطْنِ الذِّرَاعِ فَيُمِرُّهَا عَلَيْهِ رَافِعًا إبْهَامَهُ، فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ أَمَرَّ إبْهَامَ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ إبْهَامِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَفْعَلُ بِالْيُسْرَى كَذَلِكَ، ثُمَّ يَمْسَحُ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بِالْأُخْرَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُمَا حَصَلَ بِضَرْبِهِمَا بَعْدَ

ص: 291