المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(وَكَوْنُهُ وَارِثًا) وَلَوْ عَامًّا بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَقَاتِلٍ وَرَقِيقٍ (حَائِزًا) لِتَرِكَةِ - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ٣

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(بَابٌ) فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا

- ‌(فَصْلٌ)فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا

- ‌(بَابُ الْخِيَارِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارٍ فِي الْعَيْبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ

- ‌(بَابُ التَّوْلِيَةِ)

- ‌(بَابُ) بَيْعِ (الْأُصُولِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ)

- ‌(بَابٌ) فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(كِتَابُ السَّلَمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْقَرْضِ

- ‌(كِتَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ

- ‌(كِتَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ

- ‌(بَابُ الْحَجْرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ

- ‌(بَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(كِتَابُ الشَّرِكَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ بِالْبَيْعِ بِأَجَلٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِغَيْرِ أَجَلٍ، وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ

- ‌(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌(فَرْعٌ)لَوْ اسْتَلْحَقَ شَخْصٌ عَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ عَتِيقَهُ

- ‌(كِتَابُ الْعَارِيَّةُ)

- ‌(كِتَابُ الْغَصْبِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَمَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَغَيْرُهُ

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ مَا يَنْقُصُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ وَغَيْرِهَا

- ‌(كِتَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌[فَصْل مَا يُؤْخَذُ بِهِ الشِّقْص الْمَشْفُوع وَالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ]

- ‌(كِتَابُ الْقِرَاضِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ

- ‌(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَازِمَةٌ وَحُكْمِ هَرَبِ الْعَامِلِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ

- ‌(كِتَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَجِبُ بِالْمَعْنَى الْآتِي عَلَى الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الزَّمَنِ الَّذِي تُقَدَّرُ الْمَنْفَعَةُ بِهِ تَقْرِيبًا

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ وَالْخِيَارَ فِي الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَقْتَضِيهِمَا]

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِ النَّاظِرِ وَوَظِيفَتِهِ

- ‌(كِتَابُ الْهِبَةِ)

- ‌(كِتَابُ اللُّقَطَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ لَقْطِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ مَعَ بَيَانِ تَعْرِيفِهِمَا

- ‌(كِتَابُ اللَّقِيطِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ وَغَيْرِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌(كِتَابُ الْجَعَالَةِ)

الفصل: (وَكَوْنُهُ وَارِثًا) وَلَوْ عَامًّا بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَقَاتِلٍ وَرَقِيقٍ (حَائِزًا) لِتَرِكَةِ

(وَكَوْنُهُ وَارِثًا) وَلَوْ عَامًّا بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَقَاتِلٍ وَرَقِيقٍ (حَائِزًا) لِتَرِكَةِ الْمُلْحَقِ بِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ كَابْنَيْنِ أَقَرَّا بِثَالِثٍ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَيَرِثُ مِنْهُمَا وَيَرِثَانِ مِنْهُ (فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ حَائِزَيْنِ بِثَالِثٍ دُونَ الْآخَرِ) بِأَنْ أَنْكَرَ أَوْ سَكَتَ (لَمْ يُشَارِكْ الْمُقِرَّ) فِي حِصَّتِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (ظَاهِرًا) لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ أَمَّا بَاطِنًا فَيُشَارِكُهُ فِيهَا فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ صَادِقًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهَا بِثُلُثِهَا فَقَوْلُ الْأَصْلِ أَنَّ الْمُسْتَلْحَقَ لَا يَرِثُ، وَلَا يُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِي حِصَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْته إذْ لَوْ أَقَرَّ حَائِزٌ بِأَخٍ وَرِثَ وَشَارَكَهُ ظَاهِرًا (فَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ) الَّذِي لَمْ يُقِرَّ (وَلَمْ يَرِثْهُ إلَّا الْمُقِرُّ ثَبَتَ النَّسَبُ) ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ صَارَ لَهُ (أَوْ) أَقَرَّ (ابْنٌ حَائِزٍ بِأَخٍ) مَجْهُولٍ (فَأَنْكَرَ) الْأَخُ الْمَجْهُولُ (نَسَبَهُ) أَيْ الْمُقِرِّ (لَمْ يُؤَثِّرْ) فِيهِ إنْكَارُهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ فِيهِ لَبَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ الثَّابِتِ بِقَوْلِ الْمُقِرِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلِ الْمُقِرِّ إلَّا لِكَوْنِهِ حَائِزًا، وَلَوْ بَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ لَثَبَتَ نَسَبُ الْمُقِرِّ وَذَلِكَ دَوْرٌ حُكْمِيٌّ.

(وَلَوْ أَقَرَّ بِمَنْ يَحْجُبُهُ كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ) لِلْمَيِّتِ (ثَبَتَ النَّسَبُ) لِلِابْنِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ الْحَائِزَ فِي الظَّاهِرِ قَدْ اسْتَلْحَقَهُ (لَا الْإِرْثُ) لَهُ لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ، وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ إثْبَاتِ الشَّيْءِ نَفْيُهُ، وَهُنَا يَلْزَمُ مِنْ إرْثِ الِابْنِ عَدَمُ إرْثِهِ فَإِنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَحَجَبَ الْأَخَ فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ.

(كِتَابُ الْعَارِيَّةُ)

بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ

ــ

[حاشية الجمل]

(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ وَارِثًا حَائِزًا) أَيْ وَلَوْ مَآلًا بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، وَمَاتَ وَلَمْ يَرِثْهُ إلَّا الْمُقِرُّ حَيْثُ يَثْبُتُ النَّسَبُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَارِثًا حَائِزًا) أَيْ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ كَأَنْ أَقَرَّ بِعَمٍّ، وَهُوَ حَائِزٌ لِتَرِكَةِ أَبِيهِ الْحَائِزِ لِتَرِكَةِ جَدِّهِ الَّذِي هُوَ الْمُلْحَقُ بِهِ فَإِنْ كَانَ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ جَدِّهِ فَلَا وَاسِطَةَ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ) فَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْوَرَثَةُ اُشْتُرِطَ مُوَافَقَةُ جَمِيعِهِمْ حَتَّى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَوْ وَارِثِهِمَا وَالْإِمَامِ عَنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَيُنْظَرُ كَمَالُ النَّاقِصِ وَحُضُورُ الْغَائِبِ فَإِنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ صَادِقًا إلَخْ) ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُقِرِّ أَنْ يُشْرِكَ هَذَا الثَّالِثَ بِثُلُثِ مَا أَخَذَهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَخُوهُ وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا فَكُلٌّ مِنْ الْمُقِرِّ وَالْمُكَذِّبِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُشَارَكَةُ الثَّالِثِ ظَاهِرًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ بَاطِنًا، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ الْمَتْنُ لِنَفْيِ مُشَارَكَةِ الثَّالِثِ لِلْمُقِرِّ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِأُخُوَّتِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُشَارَكَتُهُ فِي حِصَّتِهِ حَتَّى فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ صَادِقًا إلَخْ) هَلَّا قَالَ إمَّا بَاطِنًا فَيُشَارِكُ فِيهَا بِثُلُثِهَا إنْ كَانَ الْمُقِرُّ صَادِقًا مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ (قَوْلُهُ: بِثُلُثِهَا) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ وَجْهُهُ أَنَّ حَقَّهُ الثَّابِتَ بِزَعْمِ الْمُقِرِّ شَائِعٌ فِي يَدِهِ وَيَدِ صَاحِبِهِ، وَقِيلَ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمِيرَاثِ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ شَيْءٌ إلَّا وَيُسَلَّمُ لِلْآخَرِ نَظِيرُهُ قَالَ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْكَلَامُ فِيمَا يَلْزَمُ فِي الْبَاطِنِ، وَهُوَ مَعَ كَذِبِ الْمُقِرِّ لَا شَيْءَ لِهَذَا الثَّالِثِ، وَمَعَ صِدْقِهِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الثُّلُثُ فَقَطْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَخُصُّهُ مِنْ حِصَّتِهِ الَّتِي فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ أَقَرَّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْحَمْلِ الْمَذْكُورِ أَيْ إنَّمَا حُمِلَ نَفْيُ الْمُشَارَكَةِ عَلَى الظَّاهِرِ فَقَطْ بِدَلِيلِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ الصَّحِيحِ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا النَّسَبُ إنَّمَا تَقَعُ الْمُشَارَكَةُ فِيهَا ظَاهِرًا فَبِالْأَوْلَى مَسْأَلَةُ الِاسْتِلْحَاقِ الْغَيْرِ الصَّحِيحِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ النَّسَبُ فَيَنْبَغِي حَمْلُ نَفْيِ الْمُشَارَكَةِ فِيهِ عَلَى الظَّاهِرِ تَأَمَّلْ، هَذَا غَايَةُ مَا يُفْهَمُ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يَتِمُّ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ النَّسَبُ) أَيْ وَالْإِرْثُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَائِزًا اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ نَسَبَهُ) بِأَنْ قَالَ أَنَا ابْنُ الْمَيِّتِ، وَأَنْت لَسْتَ ابْنَهُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ الْمَجْهُولُ لِأَنَّ الْحَائِزَ قَدْ اسْتَلْحَقَهُ فَلَمْ يُنْظَرْ لِإِخْرَاجِهِ لَهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِقْرَارِ بِتَكْذِيبِهِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَيَرِثَانِ جَمِيعَ تَرِكَةِ أَبِيهِمَا مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا اهـ. عَشْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ دَوْرٌ حُكْمِيٌّ) أَيْ وَهُوَ بَاطِلٌ فَمَا أَدَّى إلَيْهِ مِنْ تَأْثِيرِ إنْكَارِ الْمَجْهُولِ فِي نَسَبِ الْمُقِرِّ بَاطِلٌ أَيْضًا فَثَبَتَ قَوْلُ الْمَتْنِ لَمْ يُؤَثِّرْ.

(قَوْلُهُ: بِمَنْ يَحْجُبُهُ) أَيْ حَجْبَ حِرْمَانٍ فَيَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِنْتٌ مُعْتَقَةٌ لِلْأَبِ بِأَخٍ لَهَا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ لِكَوْنِهَا حَائِزَةً وَيَرِثَانِهِ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُبُهَا حِرْمَانًا وَإِنَّمَا يَمْنَعُهَا عُصُوبَةَ الْوَلَاءِ، وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَاعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ) لَوْ أَقَرَّ بِبِنْتٍ فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ وَتَرِثُ كَمَا لَوْ خَلَّفَ وَلَدًا ذَكَرًا فَأَقَرَّ بِأَخٍ.

(فَرْعٌ) . لَوْ قَالَ هَذِهِ أُمِّي لَمْ يَصِحَّ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَلَوْ قَالَ هَذَا أَخِي ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا لَوْ فَسَّرَهُ بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ بِرّ وَغَيْرُهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر فِي مَسْأَلَةِ الْأُمِّ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: لَا الْإِرْثُ لَهُ) أَيْ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُ التَّرِكَةِ لَهُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا نَصُّهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ أَلْحَقَ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ أَيْ مَنْ أَلْحَقَ رَجُلًا بِخِلَافِ مَنْ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَرْأَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ اللَّقِيطِ. اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا ثُمَّ كَتَبَ أَيْضًا هَذَا مَضْرُوبٌ عَلَيْهِ فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ) بِأَنْ يُوجِبَ شَيْءٌ حُكْمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ يَنْشَأُ الدَّوْرُ مِنْهُمَا وَالدَّوْرُ اللَّفْظِيُّ أَنْ يَنْشَأَ الدَّوْرُ مِنْ لَفْظِ اللَّاقِطِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ السُّرَيْجِيَّةِ، وَمَسْأَلَةِ تَعْلِيقِ الْعَزْلِ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَكَالَةِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

(كِتَابُ الْعَارِيَّةِ) . ذَكَرَهَا عَقِبَ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهَا تُشْبِهُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي كُلِّ إزَالَةٍ مَا هُوَ تَحْتَ يَدِهِ لِغَيْرِهِ. اهـ وَعَارِيَّةٌ أَصْلُهَا عَوَرِيَّةٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارَةِ بِمَعْنَى الْإِعَارَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ الْإِعَارَةُ مَصْدَرٌ وَالْعَارَةُ اسْمُ الْمَصْدَرِ فَإِنَّهُ يُقَالُ أَعَارَ إعَارَةً وَعَارَةً بِغَيْرِ هَمْزٍ كَأَطَاقَ إطَاقَةً وَطَاقَةً وَقِيلَ مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَعَيْبٌ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ السَّيِّدِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهَا تَكَرَّرَتْ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ

ص: 451

وَقَدْ تُخَفَّفُ، وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ وَلِعَقْدِهَا مِنْ عَارَ إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ بِسُرْعَةٍ، وَقِيلَ مِنْ التَّعَاوُرِ، وَهُوَ التَّنَاوُبُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] فَسَّرَهُ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ بِمَا يَسْتَعِيرُهُ الْجِيرَانُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَارَ فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فَرَكِبَهُ»

وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا

وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَقَدْ تَجِبُ كَإِعَارَةِ الثَّوْبِ

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ التَّعَاوُرِ، وَقِيلَ مِنْ عَار يُعِيرُ إذَا جَاءَ وَذَهَبَ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْغُلَامِ الْخَفِيفِ عِيَارٌ لِكَثْرَةِ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ، وَفِي الشَّرْعِ إبَاحَةُ الْمَنَافِعِ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هِبَةُ الْمَنَافِعِ فَلَوْ رَدَّ الْمُسْتَعِيرُ ارْتَدَّتْ عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ فَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ الرَّدِّ اهـ. أَقُولُ قَالَ شَيْخُنَا حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَذَا قِيلَ وَصَرِيحُ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ يَنْهَ أَنَّهَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ قُلْتَ مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ قُلْتُ ذَاكَ فِي الْإِبَاحَةِ الْمُخَصَّصَةِ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ اهـ. وَكَانَ مُرَادُهُ بِمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي فِي الْإِرْشَادِ مَا لَمْ يَنْهَ الْفَرْعَ الْآتِيَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِيمَا لَوْ فَعَلَ مَا مُنِعَ مِنْهُ. اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُخَفَّفُ) وَفِيهَا لُغَةٌ ثَالِثَةٌ عَارَةٌ بِوَزْنِ نَاقَةٍ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ) أَيْ لُغَةً وَشَرْعًا أَوْ لُغَةً فَقَطْ أَوْ لُغَةً لِمَا يُعَارُ وَشَرْعًا لِلْعَقْدِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ أَنَّ إطْلَاقَهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَقْدِ وَمَا يُعَارُ لُغَوِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَقِيقَتُهَا الشَّرْعِيَّةُ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ إلَخْ فَرَاجِعْ عِبَارَتَهُ وَيُقَالُ فِيهَا عَارَةٌ كَنَاقَةٍ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَلِعَقْدِهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَلِلْعَقْدِ الْمُتَضَمِّنِ لِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لِيَرُدَّهُ. انْتَهَتْ. وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْأَثَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَعَدَمِ الضَّمَانِ، وَهَذَا مَوْرِدُ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ عَدَمُ ضَمَانِ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَسْتَوْفِيهَا الْمُسْتَعِيرُ، وَإِلَّا فَالْعَيْنُ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ عَارَ إذَا ذَهَبَ إلَخْ) أَيْ لَا مِنْ الْعَارِ لِأَنَّهُ يَأْتِي، وَهِيَ رِوَايَةٌ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مِنْ التَّعَاوُرِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَحَقِيقَتُهَا شَرْعًا إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ اهـ. قَالَ الشَّيْخُ فِي حَوَاشِيهِ فَلَيْسَتْ هِبَةً لِلْمَنَافِعِ فَلَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ التَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ اهـ. م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّنَاوُبُ) أَيْ لِتَنَاوُبِ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَعِيرِ فِي الِانْتِفَاعِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَسْتَعِيرُهُ الْجِيرَانُ) كَالْإِبْرَةِ وَالْفَأْسِ بِالْهَمْزِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْجُمْهُورِ فَفَسَّرُوهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالزَّكَاةِ، وَكُلِّ مَعْرُوفٍ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الْمَاعُونُ اسْمٌ جَامِعٌ لِأَثَاثِ الْبَيْتِ كَالْقِدْرِ وَالْفَأْسِ وَالْقَصْعَةِ وَالْمَاعُونِ أَيْضًا الطَّاعَةُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ)، وَكَانَتْ وَاجِبَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَتْ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَجِبُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهَا قَدْ تُبَاحُ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ أَقُولُ، وَقَدْ تُصَوَّرُ الْإِبَاحَةُ بِإِعَارَةِ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ بِالْمُعَارِ بِوَجْهٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَجِبُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ بَذْلُ ذَلِكَ مَجَّانًا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمُضْطَرِّ اهـ. وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهَا حَيْثُ وَجَبَتْ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَذْلُ مَجَّانًا كَمَا فِي الْمُضْطَرِّ، وَإِذَا أَخَذَ الْأُجْرَةَ فَإِنْ عَقَدَ بِشُرُوطِ الْإِجَارَةِ فَإِجَارَةٌ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا فَفَاسِدَةٌ وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ثُمَّ قَرَّرَ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ بِمَالٍ كَأَعَرْتك كَذَا شَهْرًا بِدِرْهَمٍ كَانَ عَارِيَّةً لَا إجَارَةً تَغْلِيبًا لِلَّفْظِ كَمَا فِي وَكَّلْتُك فِي كَذَا بِكَذَا فَإِنَّهُ وَكَالَةٌ لَا إجَارَةٌ حَتَّى يَجُوزَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَزْلُ فَلْيُحَرَّرْ أَقُولُ لَكِنْ كَوْنُهُ عَارِيَّةً لَا إجَارَةً يُخَالِفُ مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ حَيْثُ قَالَا.

(فَرْعٌ) . لَوْ قَالَ أَعَرْتُك حِمَارِي لِتُعِيرَنِي كَذَا أَوْ دَابَّتِي لِتَعْلِفَهَا أَوْ عَلَى أَنْ تَعْلِفَهَا أَوْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِجَارَةٌ لَا إعَارَةٌ نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَاسِدَةٌ لِلتَّعْلِيقِ فِي الْأُولَى وَلِجَهْلِ الْعَلَفِ فِي الثَّانِيَةِ وَالْمُدَّةِ فِي الثَّالِثَةِ فَيَجِبُ فِي الثَّلَاثِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ مُدَّةَ الْإِمْسَاكِ، وَلَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ فَإِنْ قَدَّرَ مَعَ ذِكْرِ الدَّرَاهِمِ فِي الثَّالِثَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَأَنْ قَالَ أَعَرْتُك دَارِي شَهْرًا مِنْ الْيَوْمِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَعَارِيَّةٌ فَاسِدَةٌ أَوْ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ وَجْهَانِ قَالَ فِي الْأَصْلِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِاللَّفْظِ أَوْ الْمَعْنَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ الثَّانِي اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى كَمَا صَحَّحَهُ فِيهَا بِدُونِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ اهـ. وَقَدْ اعْتَمَدَهُ م ر وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إجَارَةٌ لَا عَارِيَّةٌ فَإِنْ قُلْتَ قَضِيَّةُ بِنَاءِ الْوَجْهَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَ يَقْتَضِي تَصْحِيحَ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مُرَاعَاتُهُمْ اللَّفْظَ فَكَيْفَ ادَّعَى أَنَّهُ قَضِيَّتُهُ مَا ذَكَرَ؟ . قُلْتَ لَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَرِينَةِ تَصْحِيحِهِمْ بِدُونِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ فَإِنْ قُلْتَ مَا مَعْنَى وُجُوبِ الْإِعَارَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَارِيَّةً؟ . قُلْت إنَّمَا نُسَمِّيهَا عَارِيَّةً حَيْثُ لَا عِوَضَ، وَأَمَّا مَعَهُ فَتَسْمِيَتُهَا بِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ لَا الْمَعْنَى اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: كَإِعَارَةِ ثَوْبٍ إلَخْ) ، وَكَإِعَارَةِ سِكِّينٍ لِذَبْحِ مَأْكُولٍ يُخْشَى فَوَاتُهُ وَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْإِعَارَةِ هُنَا أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ؛ لِأَنَّهَا بِالتَّرْكِ هُنَا، وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ لَا يُنَافِي وُجُوبَ إسْعَافِهِ إذَا أَرَادَ حِفْظَ مَالِهِ كَمَا يَجِبُ الِاسْتِيدَاعُ إنْ تَعَيَّنَ، وَإِنْ جَازَ لِلْمَالِكِ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ إلَى

ص: 452

لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، وَقَدْ تَحْرُمُ كَإِعَارَةِ الْأَمَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَقَدْ تُكْرَهُ كَإِعَارَةِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ مِنْ كَافِرٍ كَمَا سَيَأْتِيَانِ.

(أَرْكَانُهَا) أَرْبَعَةٌ (مُسْتَعِيرٌ، وَمُعَارٌ وَصِيغَةٌ، وَمُعِيرٌ وَشُرِطَ فِيهِ مَا) مَرَّ (فِي مُقْرِضٍ) مِنْ اخْتِيَارٍ، وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي وَصِحَّةِ تَبَرُّعٍ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَبَرُّعٌ بِإِبَاحَةِ الْمَنْفَعَةِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ وَصَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ وَمُكَاتَبٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ، وَفَلَسٍ (وَمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ إنَّمَا تُرَدُّ عَلَى الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ (كَمُكْتِرٍ لَا مُسْتَعِيرٍ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْمَنْفَعَةِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ فَلَا يَمْلِكُ نَقْلَ الْإِبَاحَةِ كَمَا أَنَّ الضَّيْفَ لَا يُبِيحُ لِغَيْرِهِ مَا قُدِّمَ لَهُ فَإِنْ أَعَارَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ صَحَّ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إعَارَتِهِ إنْ لَمْ يُسَمِّ الثَّانِي.

ــ

[حاشية الجمل]

التَّلَفِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ الْمُنَافَاةَ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) أَيْ وَخَافَ ضَرَرًا مِنْهُمَا مَعَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ، هَلْ وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ بِذَلِكَ أَوْ حَيْثُ عَقَدَ بِذَلِكَ؟ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِعَارَةٍ حَرَّرَهُ، وَكَذَا يَجِبُ إعَارَةُ كُلِّ مَا فِيهِ إحْيَاءُ مُهْجَةٍ مُحْتَرَمَةٍ، وَكَذَا إعَارَةُ سِكِّينٍ لِذَبْحِ مَأْكُولٍ يُخْشَى مَوْتُهُ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِيَانِ) أَيْ الْمُحَرَّمَةُ وَالْمَكْرُوهَةُ فَالْأُولَى تَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَفِي الْمُعَارِ انْتِفَاعٌ مُبَاحٌ وَالثَّانِيَةُ تَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، وَتُكْرَهُ اسْتِعَارَةُ وَإِعَارَةُ فَرْعٍ أَصْلَهُ لِخِدْمَةٍ، وَكَافِرٍ مُسَلَّمًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَصِحَّةُ تَبَرُّعٍ) أَيْ نَاجِزٌ فَخَرَجَ السَّفِيهُ، وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ بِالْوَصِيَّةِ اهـ. شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ: وَمَحْجُورِ سَفَهٍ نَعَمْ لَوْ أَعَارَ لِمَحْجُورِ السَّفَهِ نَفْسَهُ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَجُوزُ إذَا كَانَ عَمَلُهُ لَيْسَ مَقْصُودًا فِي كَسْبِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِمَالِهِ، وَقَوْلُهُ: وَفَلَسٍ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي إعَارَةِ الْمُفْلِسِ الْعَيْنَ تَعْطِيلٌ لِلنِّدَاءِ عَلَيْهَا كَإِعَارَةِ الدَّارِ يَوْمًا فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ الْجَوَازُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمَّا بِهِ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إعَارَةِ وَاجِبَةٍ فَتَصِحُّ اهـ. حَجّ. (قَوْلُهُ: وَمَلَّكَهُ الْمَنْفَعَةَ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلِاخْتِصَاصِ فَيُعِيرُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ الْمَوْقُوفَ بِإِذْنِ النَّاظِرِ، وَمُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَلَوْ مُدَّةً، وَلَا يُعِيرُ مَنْ أَوْصَى لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ أَوْ مُدَّةَ حَيَاتِهِ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ فِيهِمَا وَصَحَّحَ شَيْخُنَا فِي الثَّانِيَةِ صِحَّةَ الْعَارِيَّةِ وَتَصِحُّ إعَارَةُ كَلْبٍ لِصَيْدٍ وَنَحْوه، وَإِعَارَةُ أُضْحِيَّةٍ وَهَدْيٍ، وَلَوْ مَنْذُورَيْنِ وَتَصِحُّ إعَارَةُ الْفَقِيهِ خَلْوَتَهُ، وَلَوْ لِغَيْرِ أَهْلِ شَرْطِهَا، وَإِنْ حَرُمَ مُكْثُ الْمُسْتَعِيرِ فِيهَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَنُوزِعَ فِي الصِّحَّةِ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَلَا تَجُوزُ مُطْلَقًا إعَارَةُ الْإِمَامِ أَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ طِفْلِهِ وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ عَبْدًا لِنَفْسِهِ وَلَوْ لِعِتْقِهِ.

(فَرْعٌ) سَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ أَنَّ وَقْفَ الْأَتْرَاكِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صَحِيحٌ يَجِبُ اتِّبَاعُ شُرُوطِهِمْ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ رِقُّهُمْ حَالَةَ الْوَقْفِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَمَلَّكَهُ الْمَنْفَعَةَ) ، وَيَلْحَقُ بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ اخْتِصَاصُهُ بِهَا كَمَا سَيَذْكُرُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ جَوَازِ إعَارَةِ أُضْحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ نَذَرَهُ مَعَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَمِثْلُهُ إعَارَةُ كَلْبٍ لِصَيْدٍ وَأَبٍ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا إذَا كَانَ الزَّمَنُ غَيْرَ مُقَابَلٍ بِأُجْرَةٍ وَلَا يَضُرُّ بِهِ لِجَوَازِ اسْتِخْدَامِهِ فِي ذَلِكَ حِينَئِذٍ وَأَطْلَقَ الرُّويَانِيُّ حِلَّ إعَارَتِهِ لِخِدْمَةِ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ لِقِصَّةِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحِ وَظَاهِرٌ أَنَّ تَسْمِيَةَ مِثْلِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عَارِيَّةً فِيهِ نَوْعُ تَجَوُّزٍ. اهـ شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: لِجَوَازِ اسْتِخْدَامِهِ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ اسْتِخْدَامُ، وَلَدِهِ فِيمَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَوْ كَانَ يَضُرُّهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّانِي، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ فِي الْأَوَّلِ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْمُعَلِّمِ وَبِتَسْلِيمِ الْأَوَّلِ فَيَنْبَغِي لِلْأَبِ إذَا اسْتَخْدَمَ مَنْ ذُكِرَ أَنْ يَحْسُبَ أُجْرَةَ مِثْلِهِ مُدَّةَ اسْتِخْدَامِهِ ثُمَّ يُمَلِّكَهَا لَهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَصْرِفَهَا عَلَيْهِ فِيمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ، وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَيَتْرُكَ أَوْلَادًا صِغَارًا فَتَتَوَلَّى أُمُّهُمْ أَمْرَهُمْ بِلَا وِصَايَةٍ أَوْ كَبِيرِ الْإِخْوَةِ أَوْ عَمٍّ لَهُمْ مَثَلًا وَيَسْتَخْدِمُونَهُ م فِي رَعْيِ دَوَابَّ إمَّا لَهُمْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ وَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ عَلَى مَنْ اسْتَخْدَمَهُمْ سَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَمْ قَرِيبًا، وَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِقَبْضِ الْأُمِّ أَوْ كَبِيرِ الْإِخْوَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا حَيْثُ لَا وِصَايَةَ، وَلَا وِلَايَةَ مِنْ الْقَاضِي اهـ.

وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ لِخِدْمَةِ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ إلَخْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ يُقَابَلُ بِالْأُجْرَةِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ بَلْ أَوْلَى الْفَقِيهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِذَلِكَ أَوْ كَانَ اسْتِخْدَامُهُ يُعَدُّ إزْرَاءً بِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَبَقِيَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْمُعَلِّمَ يَأْمُرُ بَعْضَ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ بِتَعْلِيمِ بَعْضٍ آخَرَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْوَلَدِ بِإِتْقَانِهِ الصَّنْعَةَ بِتَكْرَارِهَا أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الْمُعَلِّمُ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِقَبْضِ الْأُمِّ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ بِقَصْدِ الْأُمِّ إلَخْ، وَلَعَلَّ مَعْنَاهَا بِقَصْدِهَا تَعْلِيمُهُمْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ إنَّمَا تُرَدُّ إلَخْ) أَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ امْتِنَاعَ إعَارَةِ فَقِيهٍ أَوْ صُوفِيٍّ مَسْكَنَهُمَا فِي مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ يَمْلِكَانِ الِانْتِفَاعَ بِهِ لَا الْمَنْفَعَةَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى عَارِيَّةً حَقِيقَةً فَإِنْ أَرَادَ حُرْمَتَهُ فَمَمْنُوعٌ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَى شَيْءٍ، وَلَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِهِ عَادَةٌ مُطَّرِدَةٌ بِمَنْعِ ذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَاقٍ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ الْأَوَّلُ عَلَى إعَارَتِهِ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ وَهِيَ مِنْ ضَمَانِهِ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُسَمِّ فَاعِلَهُ يَعُودُ

ص: 453

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمُسْتَعِيرِ تَعْيِينٌ، وَإِطْلَاقُ تَصَرُّفٍ) ، وَهُمَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا تَصِحُّ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَنْ قَالَ أَعَرْت أَحَدَكُمَا، وَلَا لِبَهِيمَةٍ، وَلَا لِصَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ إلَّا بِعَقْدِ وَلِيِّهِمْ إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَارِيَّةُ مُضَمَّنَةً كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ.

(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَعِيرِ (إنَابَةُ مَنْ يَسْتَوْفِي لَهُ) الْمَنْفَعَةَ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ رَاجِعٌ إلَيْهِ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمُعَارِ انْتِفَاعٌ) بِهِ بِأَنْ يَسْتَفِيدَ الْمُسْتَعِيرُ مَنْفَعَتَهُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ أَوْ عَيْنًا مِنْهُ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ شَاةً مَثَلًا لِيَأْخُذَ دَرَّهَا وَنَسْلِهَا أَوْ شَجَرَةً لِيَأْخُذَ ثَمَرَهَا فَلَا يُعَارُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَحِمَارٍ زَمِنٍ (مُبَاحٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَى الْمَالِكِ فَإِنْ سَمَّى شَخْصًا كَزَيْدٍ فَالْمُسْتَعِيرُ الْأَوَّلُ لَيْسَ بَاقِيًا فَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ، وَلَيْسَتْ مِنْ ضَمَانِهِ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ثُمَّ إنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَالِكُ مَنْ يُعَارُ لَهُ فَالْأَوَّلُ عَلَى عَارِيَّتِهِ، وَهُوَ الْمُعِيرُ لِلثَّانِي وَالضَّمَانُ بَاقٍ عَلَيْهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَإِنْ رَدَّهَا الثَّانِي عَلَيْهِ بَرِئَ، وَإِنْ سَمَّاهُ انْعَكَسَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ. انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي الْمُسْتَعِيرِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ هُوَ أَيْ الْمُسْتَعِيرُ كُلُّ مَنْ أَخَذَ عَيْنًا بِإِذْنِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا لِغَرَضِ نَفْسِهِ انْتِفَاعًا غَيْرَ مُسْتَحَقٍّ فَتَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْمَالِ كَكَلْبِ الصَّيْدِ وَخَرَجَ الْغَصْبُ وَدَخَلَ الِاسْتِعَارَةُ مِنْ الْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَإِنَّ مُرَادَهُ الْمُسْتَعِيرُ الَّذِي يَضْمَنُ وَخَرَجَ الْمُسْتَامُ وَالْوَكِيلُ وَالرَّائِضُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَالَ احْمِلْ مَتَاعِي عَلَى دَابَّتِك فَفَعَلَ فَإِنَّهُ عَارِيَّةٌ مَعَ انْتِفَاءِ الْأَخْذِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ: وَدَخْلُ الِاسْتِعَارَةِ مِنْ الْغَاصِبِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ الْمُعِيرِ مِلْكُهُ الْمَنْفَعَةَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تَعْيِينٌ) سَكَتَ عَنْ هَذَا فِي الْمُعِيرِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ كَالْمُعَارِ فَلَوْ قَالَ لِاثْنَيْنِ لِيُعِرْنِي أَحَدُكُمَا كَذَا فَدَفَعَهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ صَحَّ وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ بِأَنَّ الدَّفْعَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رِضًا بِإِتْلَافِ مَنْفَعَةِ مَتَاعِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَالْمُسْتَعِيرِ فَلَا يَصِحُّ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ لِغَيْرِ مُعَيِّنٍ) فَلَوْ بَسَطَ بِسَاطَهُ لِمَنْ يَجْلِسُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَارِيَّةً بَلْ مُجَرَّدُ إبَاحَةٍ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا لِبَهِيمَةٍ) لَمْ يَقَعْ لَهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ إخْرَاجُ الْبَهِيمَةِ بِهَذَا الْقَيْدِ إلَّا هُنَا اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا لِصَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ) .

(فَرْعٌ) . لَوْ أَرْسَلَ بَالِغٌ صَبِيًّا لِيَسْتَعِيرَ لَهُ شَيْئًا لَمْ يَصِحَّ فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ هُوَ وَلَا مُرْسِلُهُ كَذَا فِي الْجَوَاهِرِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ وَنَظَرَ غَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ وَالنَّظَرُ وَاضِحٌ إذْ الْإِعَارَةُ مِمَّنْ عُلِمَ أَنَّهُ رَسُولٌ لَا تَقْتَضِي تَسْلِيطَهُ عَلَى الْإِتْلَافِ فَلْيُحْمَلْ ذَلِكَ أَيْ عَدَمُ الضَّمَانِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ رَسُولٌ اهـ. حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سَمِّ قَوْلُهُ: فَلْيُحْمَلْ ذَلِكَ إلَخْ أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَا تَقْتَضِي تَسْلِيطَ الْمُسْتَعِيرِ عَلَى الْإِتْلَافِ أَيْ فَيَضْمَنُ فِيهِ لَا فِي التَّلَفِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا تَقْتَضِي الْمُسَامَحَةَ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَسَفِيهٍ) الرَّاجِحُ صِحَّةُ قَبُولِهَا مِنْ السَّفِيهِ قِيَاسًا عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: إلَّا بِعَقْدِ وَلِيِّهِمْ) الْحَصْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ صَحِيحٌ وَبِالنِّسْبَةِ لِلسَّفِيهِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ صِحَّتِهَا مِنْ السَّفِيهِ نَفْسِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ وَلِيِّهِ لَهُ تَأَمَّلْ، وَجَرَى عَلَيْهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ) أَيْ إجَارَةً صَحِيحَةً وَالْمُضَمَّنَةُ كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ إجَارَةً فَاسِدَةً كَمَا يَأْتِي أَوْ مِنْ الْمَالِكِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ إنَابَةُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ، وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ. ح ل، وَقَوْلُهُ: عَلَى تَخْصِيصِهِ أَيْ الْمُسْتَعِيرِ بِذَلِكَ أَيْ بِأَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: مَنْ يَسْتَوْفِي لَهُ الْمَنْفَعَةَ) كَأَنْ يُرْكِبَ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ لِحَاجَتِهِ دَابَّةً اسْتَعَارَهَا لِلرُّكُوبِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، وَكَذَا زَوْجَتُهُ وَخَادِمُهُ لِرُجُوعِ الِانْتِفَاعِ إلَيْهِ أَيْضًا اهـ. شَرْحُ م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ عَدُوًّا لِلْمُعِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. م ر اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ: لِرُجُوعِ الِانْتِفَاعِ إلَيْهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَرْكَبَهُ زَوْجَتَهُ أَوْ خَادِمَهُ لِقَضَاءِ مَصَالِحِهِ أَمَّا لَوْ أَرْكَبَتْهَا لِمَا لَا تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ إلَيْهِ كَأَنْ أَرْكَبَ زَوْجَتَهُ لِسَفَرِهَا لِحَاجَتِهَا لَمْ يَجُزْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي الْمُعَارِ انْتِفَاعٌ بِهِ) أَيْ، وَلَوْ مَآلًا كَجَحْشٍ صَغِيرٍ إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً بِزَمَنٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَسْتَفِيدَ الْمُسْتَعِيرُ مَنْفَعَتَهُ) أَيْ وَلَوْ تَافِهَةً كَإِعَارَةِ النَّقْدِ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ أَوْ لِلضَّرْبِ عَلَى صُورَتِهِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: لِيَأْخُذَ دَرَّهَا وَنَسْلَهَا) اعْلَمْ أَنَّ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ وَالثَّمَرَ وَالْحِبْرَ فِي إعَارَةِ الدَّوَاةِ لِلْكِتَابَةِ مَأْخُوذَةٌ بِالْإِبَاحَةِ، وَأَمَّا الْعَيْنُ الْمُعَارَةُ فَهِيَ مُسْتَعَارَةٌ لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إلَى أَخْذِ هَذِهِ الْأَعْيَانِ مِنْهَا فَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْعَيْنِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَنْفَعَةٌ أَيْضًا، هِيَ التَّوَصُّلُ إلَى أَخْذِ الْأَعْيَانِ بِالْإِبَاحَةِ اهـ. شَيْخُنَا وَحَقَّقَ الْأُشْمُونِيُّ فَقَالَ إنَّ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ لَيْسَ مُسْتَفَادًا بِالْعَارِيَّةِ بَلْ بِالْإِبَاحَةِ وَالْمُسْتَعَارُ هِيَ الشَّاةُ لِمَنْفَعَةٍ، وَهِيَ التَّوَصُّلُ لِمَا أُبِيحَ، وَكَذَا الْبَاقِي اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: وَحَقَّقَ الْأُشْمُونِيُّ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْإِبَاحَةِ يَقُولُ يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُرَاعًى فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ لِغَيْرِهِ كَمَا قَالُوهُ فِيمَنْ أَبَاحَ ثَمَرَةَ بُسْتَانِهِ لِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ نَقْلُهُ وَالْقَائِلُ بِالْمِلْكِ يَقُولُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ اهـ.

وَفِي ق ل

ص: 454

فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَآلَةِ لَهْوٍ، وَفَرَسٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ وَكَأَمَةٍ مُشْتَهَاةٍ لِخِدْمَةِ رَجُلٍ غَيْرِ نَحْوِ مَحْرَمٍ لَهَا مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ أَمَّا غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ لِصِغَرٍ أَوْ قُبْحٍ فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إعَارَتِهَا، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَنَعَهَا وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فِي الصَّغِيرَةِ دُونَ الْقَبِيحَةِ انْتَهَى. وَكَالْقَبِيحَةِ الْكَبِيرَةُ غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ وَالْخُنْثَى يَحْتَاطُ فِيهِ مُعَارًا وَمُسْتَعِيرًا وَتَعْبِيرِي بِمُبَاحٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَتَجُوزُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَشُرِطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الِانْتِفَاعُ بِهِ (مَعَ بَقَائِهِ) فَلَا يُعَارُ الْمَطْعُومُ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ إنَّمَا هُوَ بِاسْتِهْلَاكِهِ فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعَارَةِ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُعَارِ فَلَوْ قَالَ أَعِرْنِي دَابَّةً فَقَالَ خُذْ مَا شِئْت مِنْ دَوَابِّي صَحَّتْ

(وَتُكْرَهُ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَى الْجَلَالِ، وَهَذِهِ الْأَعْيَانُ مَأْخُوذَةٌ بِالْإِبَاحَةِ وَالْمُعَارُ مَحَالُّهَا عَلَى الرَّاجِحِ وَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ فِي الْمَذْكُورَاتِ ضَمِنَهَا الْمُنْتَفِعُ، وَلَوْ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالرُّجُوعِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ كَذَا قَالُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْعَارِيَّةِ لَيْسَ فِيهِ إبَاحَةُ عَيْنٍ، وَلَا تَصِحُّ الْإِبَاحَةُ بِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْإِبَاحَةُ صَدَرَتْ قَبْلَ شَرْطِهَا فَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ) هَذَا مُسَلَّمٌ عِنْدَ م ر فِي آلَةِ اللَّهْوِ، وَأَمَّا فِي السِّلَاحِ وَالْفَرَسِ فَجَرَى فِيهِمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى صِحَّةِ الْإِعَارَةِ مَعَ الْحُرْمَةِ وَجَمَعَ ع ش عَلَيْهِ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ، وَلَمْ يَظُنَّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ يَسْتَعِينُ بِهِمَا عَلَى قِتَالِنَا وَبِحَمْلِ كَلَامِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ ثُمَّ نَظَرَ فِي كَلَامِ م ر بَعْدَ حَمْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: كَآلَةِ لَهْوٍ) قَضِيَّةُ التَّمْثِيلِ بِمَا ذُكِرَ لِلْمُحَرَّمِ أَنَّ مَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ الطُّبُولِ وَنَحْوِهَا لَا يُسَمَّى آلَةَ لَهْوٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ فَالشِّطْرَنْجُ تُبَاحُ إعَارَتُهُ بَلْ وَإِجَارَتُهُ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ) وَيَحْرُمُ إعَارَةُ مُصْحَفٍ لِكَافِرٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ لَكِنَّ الْعَارِيَّةَ فِي ذَلِكَ صَحِيحَةٌ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَحَجِّ أَيْ فِي السِّلَاحِ وَالْفَرَسِ وَالْمُصْحَفِ وَأَمَّا آلَةِ اللَّهْوِ فَالظَّاهِرُ عِنْدَهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَكَأَمَةٍ مُشْتَهَاةٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ إعَادَةِ الْكَافِ، وَمِثْلُهَا الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ، وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْفُجُورِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَكَأَمَةٍ مُشْتَهَاةٍ) نَعَمْ لِلْمَرْأَةِ خِدْمَةُ مُنْقَطِعٍ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ أَمَةً تَخْدُمُهُ اهـ. حَجّ، وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ كَإِعَارَةِ الذَّكَرِ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ مُنْقَطِعَةٍ وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النَّظَرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَظَرِ الطَّبِيبِ لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَكْسِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِخِدْمَةِ رَجُلٍ إلَخْ) وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ سَكَتُوا عَنْ إعَارَةِ الْعَبْدِ لِلْمَرْأَةِ، وَهُوَ كَعَكْسِهِ بِلَا شَكٍّ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: غَيْرَ نَحْوِ مَحْرَمٍ) كَمَمْسُوحٍ وَكَمَالِكِهَا إذَا اسْتَعَارَهَا مِنْ الْمُكْتَرِي أَوْ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَكَالزَّوْجِ إذَا اسْتَعَارَهَا مِنْ سَيِّدِهَا فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ دَاخِلُونَ فِي نَحْوِ الْمَحْرَمِ فَيَجُوزُ إعَارَتُهَا لَهُمْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إعَارَتِهَا) لَعَلَّ قِيَاسَ ذَلِكَ جَوَازُ إعَارَةِ الْقِنِّ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَغِيرًا، وَلَا قَبِيحًا مِنْ صَغِيرَةٍ أَوْ قَبِيحَةٍ مَعَ الْأَمْنِ الْمَذْكُورِ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر وَعِبَارَتُهُ، وَيَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ، وَقَبِيحَةٍ يُؤْمَنُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ اهـ. بِحُرُوفِهِ، وَأَقَرَّهُ ع ش عَلَى الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ اعْتَمَدَهُ ز ي وس ل تَبَعًا لِحَجِّ. (قَوْلُهُ: صِحَّةَ إعَارَتِهَا) عِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ إعَارَتِهَا لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَوْ شَيْخًا هَرِمًا أَوْ مُرَاهِقًا أَوْ خَصِيًّا لِخِدْمَتِهِ، وَقَدْ تَضَمَّنَتْ نَظَرًا أَوْ خَلْوَةً مُحَرَّمَةً، وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَتَضَمَّنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ وَتَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ، وَقَبِيحَةٍ يُؤْمَنُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ بِحُرُوفِهِ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فِي الصَّغِيرَةِ) إذَا صَارَتْ مُشْتَهَاةً هَلْ تَبْطُلُ أَوْ لَا وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهِ فِي الرَّهْنِ وَبِهِ يُجَاب عَنْ تَوَقُّفِ الْمُحَشِّي اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: يُحْتَاطُ فِيهِ مُعَارًا وَمُسْتَعِيرًا) أَيْ فَلَا يُعَارُ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ، وَلَا لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَلَا يَسْتَعِيرُ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً، وَلَا رَجُلًا أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَخْ) ، وَمِنْهُ إعَارَةُ الْمَاءِ لِلْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ مَا يَذْهَبُ بِهِ كَالذَّاهِبِ بِانْسِحَاقِ وَانْمِحَاقِ الثَّوْبِ أَوْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ تَنَجُّسُهُ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا لَزِمَ تَنَجُّسُهُ تَمْتَنِعُ إعَارَتُهُ.

اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَتَجُوزُ إعَارَةُ الْوَرَقِ لِلْكِتَابَةِ، وَكَذَا إعَارَةُ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ مَثَلًا، وَلِغَسْلِ مَتَاعٍ وَنَجَاسَةٍ لَا يَنْجَسُ بِهَا كَأَنْ يَكُونَ وَارِدًا وَالنَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةٌ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إعَارَةُ الدَّوَاةِ لِلْكِتَابَةِ مِنْهَا وَالْمُكْحُلَةُ لِلِاكْتِحَالِ مِنْهَا اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعَارَةِ) أَيْ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا (قَوْلُهُ: وَبِمَا ذُكِرَ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ سَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِهِ هُنَا، وَقَيَّدَ بِهِ فِي الْمُسْتَعِيرِ اهـ. ح ل أَوْ يُقَالُ وَبِمَا ذُكِرَ، وَهُوَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فَيُفْهَمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ غَيْرُهَا، وَمِنْهُ التَّعْيِينُ (قَوْلُهُ: فَقَالَ خُذْ مَا شِئْت مِنْ دَوَابِّي صَحَّتْ) أَيْ، وَإِذَا رَدَّهَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُ غَيْرِهَا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْأُولَى انْتَهَتْ بِالرَّدِّ اهـ. عِ ش

ص: 455

(اسْتِعَارَةٌ، وَإِعَارَةٌ فَرْعٍ أَصْلِهِ لِخِدْمَةٍ وَ) اسْتِعَارَةٍ وَإِعَارَةٌ (كَافِرٍ مُسْلِمًا) صِيَانَةً لَهُمَا عَلَى الْإِذْلَالِ وَالْأَوْلَى مَعَ ذِكْرِ كَرَاهَةِ الِاسْتِعَارَةِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ قَصَدَ بِاسْتِعَارَةِ أَصْلِهِ لِلْخِدْمَةِ تَرْفِيهَهُ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا لَا تُكْرَهُ إعَارَةُ الْأَصْلِ نَفْسَهُ لِفَرْعِهِ، وَلَا اسْتِعَارَةُ فَرْعِهِ إيَّاهُ مِنْهُ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَخَالَفَتْ الْإِجَارَةُ بِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَالْغَرَرُ لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا اهـ. س ل.

(قَوْلُهُ: اسْتِعَارَةٌ وَإِعَارَةٌ فَرْعٍ أَصْلَهُ) هَذَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الْأَصْلُ رَقِيقًا فَيُكْرَهُ لِمَالِكِهِ إعَارَتُهُ لِفَرْعِهِ، وَيُكْرَهُ لِلْفَرْعِ اسْتِعَارَتُهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدُ، وَكَذَا لَا تُكْرَهُ إعَارَةُ الْأَصْلِ نَفْسَهُ إلَخْ اهـ. ز ي أَوْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ عَقْدٌ فَيُكْرَهُ مِنْ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَمَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ صِيغَةٌ، وَفِعْلُ الْأَصْلِ بِغَيْرِ طَلَبٍ مِنْ الْفَرْعِ فَلَا يُكْرَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِخِدْمَةٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْخِدْمَةُ اهـ. ع ش فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ مَتَى كَانَ الْقَصْدُ بِالِاسْتِعَارَةِ، وَالْإِعَارَةُ الْخِدْمَةُ كَانَتَا مَكْرُوهَتَيْنِ وُجِدَتْ الْخِدْمَةُ أَمْ لَا، وَأَخَذَ الشَّارِحُ مُحْتَرَزَ هَذَا بِقَوْلِهِ فَإِنْ قَصَدَ بِاسْتِعَارَةِ أَصْلِهِ إلَخْ لَكِنَّ الْمُحْتَرَزَ غَيْرُ وَافٍ بِحُكْمِ الْإِعَارَةِ وَحُكْمُهَا كَحُكْمِ الِاسْتِعَارَةِ كَمَا فِي عِبَارَةِ الْمَحَلِّيِّ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَاسْتِعَارَةٌ وَإِعَارَةٌ كَافِرٍ مُسْلِمًا) الظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ مُضَافَانِ لِلْفَاعِلِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْكَافِرَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ، وَلَوْ لِمُسْلِمٍ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِعَارَةِ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْإِعَارَةِ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ، وَمُسْلِمًا مَفْعُولٌ ثَانٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يَقْتَضِي مَا ذُكِرَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِعَارَةِ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ أَيْ يُكْرَهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ الْكَافِرُ مُسْلِمًا وَبِالنِّسْبَةِ لِلْإِعَارَةِ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يُكْرَهُ أَنْ يُعِيرَ الْمُسْلِمُ لِلْكَافِرِ مُسْلِمًا وَالْمُرَادُ بِالْفَاعِلِ الْمَالِكُ وَالْمَفْعُولِ الثَّانِي الْمُعَارُ اهـ.

فَكَأَنَّهُ قَالَ يُكْرَهُ لِلْكَافِرِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعِيرًا، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُعِيرَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَكَافِرٌ مُسْلِمًا) هَذَا يُفِيدُ جَوَازُ خِدْمَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْإِعَارَةِ أَنَّهُ يَسْتَخْدِمُهُ فِيمَا يُرِيدُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ مُبَاشَرَةٌ لِخِدْمَتِهِ كَصَبِّ مَاءٍ عَلَى يَدَيْهِ وَتَقْدِيمِ نَعْلٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَإِرْسَالِهِ فِي حَوَائِجِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَرْطُ الْعَاقِدِ الرُّشْدُ إلَخْ أَنَّهُ تَجُوزُ إجَارَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ وَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ يَدِهِ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُؤَجِّرُهُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ، وَهُوَ يُفِيدُ حُرْمَةَ خِدْمَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ بِأَنَّ الْإِذْلَالَ فِي الْإِجَارَةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الْعَارِيَّةِ لِلُزُومِهَا فَلَمْ يُمْكِنْ مَعَ بَقَاءِ يَدِهِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ، وَيُجْعَلُ تَحْتَهَا فِي الْعَارِيَّةِ لِاحْتِمَالِ التَّخَلُّصِ مِنْهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ لَكِنَّ يَرِدُ عَلَى هَذَا أَنَّ فِي مُجَرَّدِ خِدْمَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ تَعْظِيمًا لَهُ، وَهُوَ حَرَامٌ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْإِعَارَةِ جَعْلُهُ تَحْتَ يَدِهِ وَخِدْمَتُهُ لَهُ لِجَوَازِ أَنْ يُعِيرَهُ لِمُسْلِمٍ بِإِذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ يَسْتَنِيبَ مُسْلِمًا فِي اسْتِخْدَامِهِ فِيمَا تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَلْيُرَاجَعْ، وَفِي عِبَارَةِ الْمَحَلِّيِّ مَا يُصَرِّحُ بِحُرْمَةِ خِدْمَتِهِ حَيْثُ قَالَ وَعَلَّلَ فِي الْمُهَذَّبِ عَدَمَ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْدُمَهُ، وَقَوْلُهُ: عَدَمُ الْجَوَازِ أَيْ لِلْعَارِيَّةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَقْدِ، وَأَمَّا خِدْمَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بِعَقْدٍ أَوْ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهَا فِي بَابِ الْجِزْيَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ) أَيْ فِي الِاسْتِعَارَةِ، وَكَذَا فِي الْإِعَارَةِ إنْ عَلِمَ الْمُعِيرُ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ مَا ذُكِرَ لِلْخِدْمَةِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ وَعَدَمُهَا لِقَصْدِ التَّرْفِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حَرَّرَهُ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا اسْتِعَارَةَ فَرْعِهِ إيَّاهُ مِنْهُ) ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَيْخُنَا كَحَجِّ لَكِنْ قَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي كَرَاهَةَ الِاسْتِعَارَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ أَمَّا إعَارَةُ الْوَالِدِ نَفْسَهُ لِوَلَدِهِ فَلَيْسَتْ مَكْرُوهَةً وَإِنْ كَانَ فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ إذْ هُوَ مُصَرَّحٌ بِأَنَّ الِاسْتِعَارَةَ مَكْرُوهَةٌ حَرَّرَهُ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: وَلَا اسْتِعَارَةَ فَرْعِهِ إيَّاهُ مِنْهُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِنَّمَا الْكَرَاهَةُ فِي جَانِبِ الْوَلَدِ لِمَكَانِ الْوِلَادَةِ فَلَمْ تَتَعَدَّ لِغَيْرِهِ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَصْلَ لَوْ أَعَارَ نَفْسَهُ لِفَرْعِهِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ وَهِيَ اسْتِعَارَتُهُ إيَّاهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: إيَّاهُ) أَيْ إيَّا الْأَصْلِ، وَقَوْلُهُ: مِنْهُ أَيْ مِنْ الْأَصْلِ وَصُورَةُ هَذِهِ أَنَّ الْأَصْلَ حُرٌّ وَاسْتِعَارَةُ فَرْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَشَرْطٌ فِي الصِّيغَةِ لَفْظُ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ نَعَمْ لَوْ أَلْبَسَ عَارِيًّا ثَوْبًا أَوْ فَرَشَ لِضَيْفٍ فِرَاشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ أَوْ أَكَلَ هَدِيَّةً تَطَوَّعَ مِنْ ظَرْفِهَا وَجَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَعَارِيَّةٌ لَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي أَكْلِهِ اهـ. أَيْ فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ اشْتِرَاطِ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِهِمَا لَكِنْ قَالَ م ر فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ إنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ لَفْظٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالصَّحِيحُ الِاشْتِرَاطُ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ ذَلِكَ إبَاحَةٌ لَا عَارِيَّةٌ اهـ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَيْسَتْ إبَاحَةً، وَأَنَّهَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ ثُمَّ قَالَ فِي الْعُبَابِ، وَمَنْ أَرْكَبَ دَابَّةً مُنْقَطِعًا لِلَّهِ تَعَالَى فَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا

ص: 456

لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْإِذْنِ فِي الِانْتِفَاعِ كَأَعَرْتك أَوْ بِطَلَبِهِ كَأَعِرْنِي مَعَ لَفْظِ الْآخَرِ أَوْ فِعْلِهِ) ، وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا فِي الْإِبَاحَةِ، وَفِي مَعْنَى اللَّفْظِ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ (وَ) قَوْلُهُ:(أَعَرْتُكَهُ) أَيْ فَرَسِي مَثَلًا (لِتَعْلِفَهُ) بِعَلَفِك (أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَك إجَارَةً) لَا إعَارَةً نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى (فَاسِدَةٌ) لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ وَالْعِوَضِ فَتَجِبُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَمُضِيِّ زَمَنٍ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ، وَلَا تُضْمَنُ الْعَيْنُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَإِنْ أَرْكَبَ الدَّابَّةَ أَوْ السَّفِينَةَ مَعَ نَفْسِهِ ضَمِنَ نِصْفَهَا اهـ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ وُجِدَ لَفْظٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ عَارِيَّةً، وَلَا ضَمَانَ مُطْلَقًا بَلْ هُوَ إبَاحَةٌ اهـ. م ر.

(فَرْعٌ) . قَالَ عَمِيرَةُ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فِي ظَرْفٍ فَهُوَ عَارِيَّةٌ، وَمِنْهُ كُوزُ السِّقَاءِ إذَا كَانَ الشُّرْبُ بِلَا مُقَابِلٍ وَكَذَا لَوْ جَاءَهُ هَدِيَّةٌ فِي ظَرْفٍ يَكُونُ الظَّرْفُ عَارِيَّةً عِنْدَ اسْتِعْمَالِ الْأَكْلِ فِيهِ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِهَذَا الشَّرْطِ اهـ. (فَرْعٌ) . لَوْ أَذِنَ الْمَالِكُ لِلْوَدِيعِ فِي لُبْسِ الثَّوْبِ الْمُودَعِ صَارَ عَارِيَّةً بَعْدَ لُبْسِهِ اهـ. عُبَابٌ اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: لَفْظٌ يُشْعِرُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ اللَّفْظِ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا وَسَلَّمَهُ لَهُ فِي ظَرْفٍ فَالظَّرْفُ مُعَارٌ فِي الْأَصَحِّ، وَمَا لَوْ أَكَلَ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْهَدِيَّةَ فِي ظَرْفِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِهَا مِنْهُ كَأَكْلِ الطَّعَامِ فِي الْقَصْعَةِ الْمَبْعُوثِ فِيهَا، وَهُوَ مُعَارٌ فَيَضْمَنُهُ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ إلَّا إنْ كَانَ لِلْهَدِيَّةِ عِوَضٌ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِمَا ذُكِرَ ضَمِنَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِحُكْمِ الْغَصْبِ اهـ. س ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَكَانَ أَكْلُ الْهَدِيَّةِ مِنْ ظَرْفِهَا الْمُعْتَادِ أَكْلُهَا مِنْهُ وَقَبْلَ أَكْلِهَا هُوَ أَمَانَةٌ. انْتَهَتْ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: وَقَبْلَ أَكْلِهَا هُوَ أَمَانَةٌ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ اهـ. حَجّ قَالَ سَمِّ عَلَيْهِ اسْتَشْكَلَ بِمَسْأَلَةِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ، وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّهُ لَمَّا اُعْتِيدَ الْأَكْلُ مِنْ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ قُدِّرَ أَنَّ عِوَضَهَا مُقَابِلٌ لَهَا مَعَ مَنْفَعَةِ ظَرْفِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ فَكَانَ عَارِيَّةً فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ.

وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْهَدِيَّةُ تَطَوُّعًا بِأَنْ كَانَ لَهَا عِوَضٌ فَإِنْ اُعْتِيدَ الْأَكْلُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِحُكْمِ الْغَصْبِ ثُمَّ قَالَ وَحَيْثُ قُلْنَا بِضَمَانِهِ تَوَقَّفَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، وَإِلَّا كَانَ أَمَانَةً، وَإِنْ كَانَ بِلَا عِوَضٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ اهـ. وَهُوَ حَاصِلُ مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَشَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّرْفَ أَمَانَةٌ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ مُطْلَقًا وَمَغْصُوبٌ بِالِاسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا وَعَارِيَّةٌ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُعْتَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِوَضٌ، وَإِلَّا فَمُؤَجَّرٌ إجَارَةً فَاسِدَةً اهـ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُكْمُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مَرِيدَ الشِّرَاءِ يَدْفَعُ ظَرْفَهُ لِزَيَّاتٍ مَثَلًا فَيَتْلَفُ مِنْهُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ وَضْعِ الْمَبِيعِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ وَضْعِ الْمَبِيعِ فِيهِ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: كَأَعَرْتك) أَيْ أَوْ أَعَرْتُك مَنْفَعَتَهُ أَوْ خِدْمَتَهُ لِتَنْتَفِعَ بِهِ أَوْ أَبَحْتك مَنْفَعَتَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ صَرِيحَةٌ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى كِنَايَةٍ لِلْعَارِيَّةِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: مَعَ لَفْظِ الْآخَرِ أَوْ فِعْلِهِ) كُلٌّ رَاجِعٌ لِكُلٍّ فَلَيْسَ عَلَى التَّوْزِيعِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِعْلٌ، وَلَا لَفْظٌ بِأَنْ فَرَشَ فِرَاشَهُ لِكُلِّ مَنْ جَلَسَ عَلَيْهِ أَيْ قَصَدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصَرِّحَ بِهِ فَهُوَ إبَاحَةٌ، وَإِلَّا كَانَ إعَارَةً فَاسِدَةً، وَكَذَا لَوْ فَرَشَ لِضَيْفِهِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ لَهُ اجْلِسْ عَلَيْهِ كَانَ إبَاحَةً فَإِنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ كَانَ عَارِيَّةً اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ) الْمُرَادُ بِالتَّأَخُّرِ التَّرَاخِي، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَقْدَ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَكَوْنُ الْعَارِيَّةِ مِنْ الْإِبَاحَةِ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ، وَلِذَلِكَ صَحَّتْ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ. انْتَهَى.

(فَرْعٌ) . لَوْ قَالَ احْمِلْ مَتَاعِي عَلَى دَابَّتِك فَفَعَلَ فَهُوَ عَارِيَّةٌ أَوْ اعْطِنِي مَتَاعَك لِأَحْمِلَهُ عَلَى دَابَّتِي فَهُوَ وَدِيعَةٌ وَاسْتُشْكِلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِيهِ الْقَبُولُ عَلَى الْإِيجَابِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ الْوَدِيعَةِ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ الْمَحْمُولُ، وَإِنَّ الدَّابَّةَ مُعَارَةٌ كَالْأُولَى وَحِينَئِذٍ فَالْمَتَاعُ أَمَانَةٌ فِيهِمَا وَالدَّابَّةُ مُعَارَةٌ فِيهِمَا فَلَا مُخَالَفَةَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ لَفْظُ الْآخَرِ أَوْ فِعْلُهُ، وَقَوْلُهُ: عَنْ الْآخَرِ أَيْ الطَّرَفِ الَّذِي، وَقَعَ هُوَ جَوَابًا لَهُ (قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى) ، وَهُوَ وُجُودُ الْعِوَضِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا تُضْمَنُ الْعَيْنُ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَلَفَ مَضْمُونٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ لِعَدَمِ التَّبَرُّعِ بِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ. سَمِّ أَيْ يَضْمَنُهُ مَالِكُ الدَّابَّةِ لِلْمُسْتَعِيرِ الَّذِي عَلَفَهَا بِهِ لِعَدَمِ التَّبَرُّعِ بِهِ أَيْ لِعَدَمِ تَبَرُّعِ الْمُسْتَعِيرِ بِالْعَلَفِ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَفَهَا فِي مُقَابَلَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُضْمَنُ الْعَيْنُ) قَالَ الْمُتَوَلِّي إذَا قَالَ لِلسَّقَّاءِ اسْقِنِي فَنَاوَلَهُ الْكُوزَ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ الْمَاءَ فَإِنْ كَانَ قَدْ طَلَبَ أَنْ يَسْقِيَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَالْمَاءُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْإِبَاحَةِ وَالْكُوزُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فِي يَدِهِ، وَأَمَّا إذَا شَرَطَ عِوَضًا فَالْمَاءُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَالْكُوزُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي الْبَدَلَ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ قَالَ فَإِنْ

ص: 457

وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعَرْتُكَهُ شَهْرًا مِنْ الْآنِ لِتَعْلِفَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَك هَذَا شَهْرًا مِنْ الْآنِ كَانَ إجَارَةً صَحِيحَةً.

(وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ) أَيْ الْمُعَارِ (عَلَى مُسْتَعِيرٍ) مِنْ مَالِكٍ أَوْ مِنْ نَحْوِ مُكْتِرٍ إنْ رَدَّ عَلَيْهِ فَإِنْ رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي وَخَرَجَ بِمُؤْنَةِ رَدِّهِ مُؤْنَتُهُ فَتَلْزَمُ الْمَالِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمَالِكِ وَخَالَفَ الْقَاضِي فَقَالَ إنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ.

(فَإِنْ تَلِفَ) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ (لَا بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ) فِيهِ، وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ

ــ

[حاشية الجمل]

انْكَسَرَ الْكُوزُ بَعْدَ الشُّرْبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ شَرَطَ الْعِوَضَ فَالْكُوزُ مَضْمُونٌ، وَالْمَاءُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ شَرَطَ الْعِوَضَ لَمْ يَضْمَنْ الْكُوزَ، وَلَا بَقِيَّةَ الْمَاءِ الْفَاضِلِ فِي الْكُوزِ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ الْقَدْرُ الَّذِي شَرِبَهُ دُونَ الْبَاقِي فَيَكُونُ الْبَاقِي أَمَانَةً فِي يَدِهِ اهـ. ابْنُ الْعِمَادِ فِي أَحْكَامُ الْأَوَانِي وَالظُّرُوفِ، وَمَا فِيهَا مِنْ الْمَظْرُوفِ.

(فَرْعٌ) . لَوْ دَفَعَ قَارُورَةً إلَى مَنْ يَبِيعُ زَيْتًا مَثَلًا لِيَصُبَّهُ فِيهَا فَصَبَّهُ فِيهَا وَوَضَعَهُ فِي الْمِيزَانِ لِيَزِنَهُ فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ وَانْكَسَرَتْ ضَمِنَهَا وَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ صَبِّهِ لَمْ يَضْمَنْهَا اهـ عُبَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا تُضْمَنُ الْعَيْنُ) أَيْ، وَأَمَّا الْعَلَفُ فَمَضْمُونٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ لِعَدَمِ التَّبَرُّعِ بِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ حَجّ بِأَنَّ الْعِوَضَ شَيْئَانِ: مَعْلُومٌ وَهُوَ قِيمَةُ الْعَلَفِ، وَمَجْهُولٌ وَهُوَ فِعْلُهُ الَّذِي هُوَ تَقْدِيمُ الْعَلَفِ وَالْمَجْهُولُ إذَا انْضَمَّ إلَى الْمَعْلُومِ صَيَّرَهُ مَجْهُولًا وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا مُغْتَفَرٌ لِلْحَاجَةِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّصْرِيحِ بِالتَّبَرُّعِ بِهِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: مِنْ الْآنِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ أَسْقَطَهُ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى اتِّصَالِ الْمُدَّةِ بِالْعَقْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ عَلَى مُسْتَعِيرٍ) لَوْ رَدَّهَا إلَى الْإِصْطَبْلِ لَمْ يَخْلُصْ مِنْ الضَّمَانِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. اهـ سَمِّ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّهِ لِلْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ دُونَ نَحْوِ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ فَيَضْمَنَانِهِ، وَهُوَ طَرِيقٌ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ عَلَى مُسْتَعِيرٍ) وَهُوَ بَاقٍ عَلَى كَوْنِهِ عَارِيَّةً حَتَّى بَعْدَ انْتِهَاءِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ بِهِ فَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِحَمْلِ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ فَوَضَعَهُ عَنْهَا وَرَبَطَهَا فِي الْخَانِ مَثَلًا إلَى أَنْ يَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا فَمَاتَتْ مَثَلًا ضَمِنَهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّدُّ الْمُبْرِئُ مِنْ الضَّمَانِ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَيْنَ لِلْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ فِي ذَلِكَ فَلَوْ رَدَّ الدَّابَّةَ لِلْإِصْطَبْلِ أَوْ الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ لِلْبَيْتِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ لَمْ يَبْرَأْ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمُعِيرَ فَسَلَّمَهَا لِزَوْجَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ فَأَرْسَلَهَا إلَى الْمَرْعَى وَضَاعَتْ فَالْمُعِيرُ إنْ شَاءَ غَرَّمَ الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمُسْتَلِمَ مِنْهُ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ. اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ: فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي فَهُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مُعِيرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ لَا فَرْقَ بَيْنَ بُعْدِ دَارِ الْمُسْتَعِيرِ عَنْ دَارِ مُعِيرِهِ وَعَدَمِهِ، وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّهَا لِلْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ دُونَ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَلَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا فَرَكِبَ مَعَهُ مَالِكُهَا ضَمِنَ نِصْفَهَا فَقَطْ، وَيَجِبُ الرَّدُّ فَوْرًا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ عِنْدَ طَلَبِ مُعِيرِهِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ عِنْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ لِوَارِثِهِ أَوْ وَلِيِّهِ فَإِنْ أَخَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ وَتَمْكِينِهِ مِنْ الرَّدِّ ضَمِنَهُ مَعَ الْأُجْرَةِ وَمُؤْنَةِ الرَّدِّ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: فَتَلْزَمُ الْمَالِكَ) وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ صَحِيحَةً أَمْ فَاسِدَةً فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُسْتَعِيرُ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ إشْهَادٍ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ عِنْدَ فَقْدِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ أُجْرَةَ الْمَعَدِّيَّةِ أَوْ مَنْ يَسُوقُهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ دُونَ الْمُعِيرِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ ع ش وَلِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ الرَّدِّ.

(قَوْلُهُ: لَا بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ) كَسُقُوطِهَا فِي بِئْرٍ حَالَةَ سَيْرِهَا، وَقِيَاسُهُ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ إنَّ عُثُورَهَا حَالَ الِاسْتِعْمَالِ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْ طَبْعِهَا أَوْ لَا وَالْأَوْجَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعُثُورُ مِمَّا أَذِنَ فِي حَمْلِهِ عَلَيْهَا، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ شِدَّةِ إزْعَاجِهَا وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ لِتَقْصِيرِهِ، وَكَأَنْ جَنَى الرَّقِيقُ أَوْ صَالَتْ الدَّابَّةُ فَقُتِلَا لِلدَّفْعِ، وَلَوْ مِنْ مَالِكِهَا نَظِيرَ قَتْلِ الْمَالِكِ قِنَّهُ الْمَغْصُوبَ إذَا صَالَ عَلَيْهِ فَقَصَدَ دَفْعَهُ فَقَطْ اهـ شَرْحُ م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: كَسُقُوطِهَا هُوَ مِثَالٌ لِلتَّلَفِ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ إلَخْ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا بِهِ اهـ.

وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: كَسُقُوطِهَا فِي بِئْرٍ، وَمِنْهُ مَا لَوْ اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِاسْتِعْمَالِهِ فِي سَاقِيَةٍ فَسَقَطَ فِي بِئْرِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِغَيْرِهِ لَا بِهِ اهـ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ كَوْنُ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ بَلْ يَضْمَنُ، وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْمَالِكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَلَوْ سَخَّرَ شَخْصٌ رَجُلًا وَدَابَّتَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخَّرُ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي حُصُولِ التَّلَفِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَوْ لَا صُدِّقَ الْمُسْتَعِيرُ بِيَمِينِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ خِلَافًا لِمَا عُزِيَ لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ تَصْدِيقِ الْمُعِيرِ اهـ. شَرْحُ م ر. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْمَالِكِ قَدْ تُوهِمُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ إيَّاهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تَزِيدُ عَلَى نَحْوِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ لَيْسَ لِنَاشِئٍ تُضْمَنُ فِيهِ

ص: 458

(ضَمِنَهُ) بَدَلًا أَوْ أَرْشًا لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَيَضْمَنُ التَّالِفَ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَخَشَبٍ وَحَجَرٍ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِالْمِثْلِ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَمَّا تَلَفُهُ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ لِلْإِذْنِ فِيهِ (لَا مُسْتَعِيرٌ مِنْ نَحْوِ مُكْتِرٍ) كَمُوصًى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ، وَهُوَ لَا يَضْمَنُ فَكَذَا هُوَ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ إجَارَةً فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ مُعِيرَهُ ضَامِنٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ قَالَ وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَلَا يُقَالُ حُكْمُ الْفَاسِدَةِ حُكْمُ الصَّحِيحَةِ فِي كُلِّ مَا تَقْتَضِيهِ بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ فَقَطْ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (كَتَالِفٍ فِي شَغْلِ مَالِكٍ) تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ كَأَنْ تَسَلَّمَ مِنْهُ دَابَّتَهُ لِيُرَوِّضَهَا لَهُ أَوْ لِيَقْضِيَ لَهُ عَلَيْهَا حَاجَةً فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ.

(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَعِيرِ (انْتِفَاعٌ مَأْذُونٌ) فِيهِ (وَمِثْلُهُ) وَدُونَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (ضَرَرًا إلَّا إنْ نَهَاهُ) الْمُعِيرُ عَنْ غَيْرِ مَا عَيَّنَّهُ فَلَا يَفْعَلُهُ اتِّبَاعًا لِنَهْيِهِ (فَ) الْمُسْتَعِيرُ (لِزِرَاعَةِ بُرٍّ) بِلَا نَهْيٍ (يَزْرَعُهُ وَشَعِيرًا، وَفُولًا) لَا نَحْوُ ذُرَةٍ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا فِي الْأَرْضِ دُونَ ضَرَرِ الْبُرِّ وَضَرَرَ نَحْوِ الذُّرَةِ فَوْقَهُ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ وَالْمُسْتَعِيرُ لِزِرَاعَةِ شَعِيرٍ أَوْ فُولٍ لَا يَزْرَعُ بُرًّا لِمَا عُلِمَ (وَ) الْمُسْتَعِيرُ (لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ يَزْرَعُ لَا عَكْسُهُ) أَيْ وَالْمُسْتَعِيرُ لِزِرَاعَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْعَيْنِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ، وَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ تَلَفَهَا فِي يَدِ الْمَالِكِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْتَعِيرِ وَبَقَاءَ حُكْمِ الْعَارِيَّةِ أَوْ قَبْلَ قَبْضِهَا بِالْفِعْلِ لَكِنْ اسْتَعْمَلَهَا الْمَالِكُ فِي شَغْلِ الْمُسْتَعِيرِ مُضَمِّنٌ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَمَعَهَا تَبِيعٌ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِعُسْرِ حَبْسِهِ عَنْ أُمِّهِ، وَكَذَا لَوْ تَبِعَهَا وَلَدُهَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ مَالِكُهُ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَهُوَ أَمَانَةٌ قَالَهُ الْقَاضِي، وَلَا تُضْمَنُ ثِيَابُ الرَّقِيقِ الْمُسْتَعَارِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِاسْتِعْمَالِهَا بِخِلَافِ إكَافِ الدَّابَّةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا يَنْمَحِقُ أَيْ يَتْلَفُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ يَنْسَحِقُ أَيْ يَنْقُصُ بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ لِحُدُوثِهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَمَوْتُ الدَّابَّةِ كَالِانْمِحَاقِ وَتَقَرُّحُ ظَهْرِهَا وَعَرَجُهَا بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَكَسْرُهُ سَيْفًا أَعَارَهُ لِيُقَاتِلَ بِهِ كَالِانْسِحَاقِ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: وَمَوْتُ الدَّابَّةِ أَيْ بِالِاسْتِعْمَالِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سَمِّ، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ حَمَّلَهَا حَمْلًا ثَقِيلًا بِالْإِذْنِ فَمَاتَتْ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ خَفِيفًا لَا تَمُوتُ بِمِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ فَاتَّفَقَ مَوْتُهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا مَاتَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَمَا إذَا مَاتَتْ فِي الِاسْتِعْمَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) فَلَوْ أَعَادَ بِشَرْطِ عَدَمِ الضَّمَانِ فَسَدَتْ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وَقِيلَ يَلْغُو الشَّرْطُ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ س ل. (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُ التَّالِفَ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا) ؛ لِأَنَّا لَوْ أَخَذْنَا مِثْلَهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ الْأَخْذِ لَزِمَ ضَمَانُ مَا فَاتَ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَلَعَلَّ كَلَامَ السُّبْكِيّ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْمِثْلِ وَقْتَ التَّلَفِ اهـ. حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا مُسْتَعِيرٌ مِنْ نَحْوِ مُكْتِرٍ) لَوْ كَانَ هَذَا الْمُكْتَرِي مُكْتَرِيًا مِنْ غَاصِبٍ وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ. ابْنُ قَاسِمٍ.

(قَوْلُهُ: لَا مُسْتَعِيرٌ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي ضَمِنَهُ لِوُجُودِ الْفَاصِلِ، وَهُوَ الْهَاءُ (قَوْلُهُ: كَمُوصًى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ) أَيْ، وَمَوْقُوفٌ عَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُسْتَحِقَّةً لِشَخْصٍ اسْتِحْقَاقًا لَازِمًا، وَلَيْسَتْ الرَّقَبَةُ لَهُ فَإِذَا أَعَارَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ فَدَخَلَ مَا لَوْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ مَنْفَعَةً أَوْ صَالَحَ عَلَى مَنْفَعَةٍ أَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ مَنْفَعَةً اهـ. سُلْطَانٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُعِيرَهُ ضَامِنٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ تَعَدِّيهِ بِالْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ كَالصَّحِيحَةِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ) أَيْ وَالْإِذْنُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ اسْتِعْمَالَهُ بِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ اهـ. رَشِيدِيٌّ، وَفِي الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ: بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ فَقَطْ أَيْ وَالْإِذْنُ فِي الْفَاسِدَةِ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْإِعَارَةَ اهـ. (قَوْلُهُ: فِي شَغْلِ مَالِكٍ) فِي الْمِصْبَاحِ شَغَلَهُ الْأَمْرُ شَغْلًا مِنْ بَابِ نَفَعَ فَالْأَمْرُ شَاغِلٌ وَالِاسْمُ الشُّغُلُ بِضَمِّ الشِّينِ وَبِضَمِّ الْغَيْنِ وَتُسَكَّنُ لِلتَّخْفِيفِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِيُرَوِّضَهَا) أَيْ يُعَلِّمُهَا الْمَشْيَ الَّذِي يَسْتَرِيحُ بِهِ رَاكِبُهَا اهـ. شَرْحُ م ر.

وَفِي الْمِصْبَاحِ رُضْتُ الدَّابَّةَ رِيَاضَةً ذَلَّلْتُهَا وَالْفَاعِلُ رَائِضٌ، وَهِيَ مُرَوَّضَةٌ وَرَاضَ نَفْسَهُ حَلُمَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ انْتِفَاعٌ مَأْذُونٌ فِيهِ) نَعَمْ لَوْ أَعَارَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا لِمَحَلِّ كَذَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرُّكُوبِ فِي رُجُوعِهِ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ فِيهِ كَمَا نَقَلَاهُ، وَأَقَرَّاهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا لُزُومُ الرَّدِّ لِلْمُسْتَعِيرِ فَيَتَنَاوَلُ الْإِذْنُ الرُّكُوبَ فِي عَوْدِهِ عُرْفًا، وَلَا كَذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَا رَدَّ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ رَدٌّ كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَلَوْ جَاوَزَ الْمَحِلَّ الْمَشْرُوطَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الذَّهَابِ مِنْهُ وَالْعَوْدُ إلَيْهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ مِنْهُ رَاكِبًا كَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تَبْطُلُ بِالْمُخَالَفَةِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ اهـ شَرْحُ م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ أَيْ وَجَازَ لَهُ الذَّهَابُ وَالْعَوْدُ فِي أَيِّ طَرِيقٍ أَرَادَهُ إنْ تَعَدَّدَتْ الطُّرُقُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْمُعِيرِ عَنْ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِكُلِّهَا (قَوْلُهُ: وَشَعِيرًا وَفُولًا) ، وَلَوْ اسْتَعَارَ الْمُسْتَعِيرُ لِلشَّعِيرِ هَلْ يَزْرَعُ الْفُولَ وَعَكْسُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إذَا اسْتَعَارَ لِشَعِيرٍ لَا يُزْرَعُ فُولًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَحَيْثُ زَرَعَ مَا لَيْسَ لَهُ زَرْعُهُ فَلِلْمَالِكِ قَطْعُهُ مَجَّانًا فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ لَزِمَهُ جَمِيعُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْإِجَارَةِ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ اسْتَوْفَى مَا كَانَ يَمْلِكُهُ مِمَّا لَا يَقْبَلُ الرَّدَّ بِزِيَادَةٍ وَالْمُسْتَعِيرُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَهُوَ بِعُدُولِهِ عَنْ الْجِنْسِ كَالرَّادِّ لِمَا أُبِيحَ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِإِزَائِهِ عَنْهُ شَيْءٌ اهـ. شَرْحُ م ر.

(فَرْعٌ) . قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُ وَاعْتَمَدُوهُ فِي كِتَابٍ مُسْتَعَارٍ رَأَى فِيهِ خَطَأً لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الْمُصْحَفُ فَيَجِبُ وَيُوَافِقُهُ إفْتَاءُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَدُّ الْغَلَطِ فِي كِتَابِ الْغَيْرِ وَقَيَّدَهُ الرِّيمِيُّ بِغَلَطٍ لَا يُغَيِّرُ الْحُكْمَ، وَإِلَّا رَدَّهُ وَكُتُبُ الْوَقْفِ أَوْلَى وَغَيَّرَهُ بِمَا

ص: 459

لَا يَبْنِي، وَلَا يَغْرِسُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا أَكْثَرُ (وَ) الْمُسْتَعِيرُ (لِبِنَاءٍ لَا يَغْرِسُ وَعَكْسُهُ) أَيْ وَالْمُسْتَعِيرُ لِغَرْسٍ لَا يَبْنِي لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الضَّرَرِ إذْ ضَرَرُ الْبِنَاءِ فِي ظَاهِرِ الْأَرْضِ أَكْثَرُ وَضَرَرُ الْغِرَاسِ فِي بَاطِنِهَا أَكْثَرُ لِانْتِشَارِ عُرُوقِهِ (وَإِنْ أَطْلَقَ الزِّرَاعَةَ) أَيْ الْإِذْنَ فِيهَا أَوْ عَمَّمَهُ فِيهَا (صَحَّ) عَقْدُ الْإِعَارَةِ (وَزَرَعَ) الْمُسْتَعِيرُ (مَا شَاءَ) لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى، وَلَوْ قِيلَ لَا يَزْرَعُ إلَّا أَقَلَّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا لَكَانَ مَذْهَبًا، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَزْرَعُ مَا اُعْتِيدَ زَرْعُهُ هُنَاكَ، وَلَوْ نَادِرًا، وَمَنَعَ الْبُلْقِينِيُّ بَحْثَ الشَّيْخَيْنِ بِأَنَّ الْمُطْلَقَاتِ إنَّمَا تَنْزِلُ عَلَى الْأَقَلِّ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَصَحَّ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ أَقَلِّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَالْعُقُودُ تُصَانُ عَنْ ذَلِكَ (لَا) إنْ أَطْلَقَ (إعَارَةَ) شَيْءٍ (مُتَعَدِّدِ جِهَةٍ) كَأَرْضٍ تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ (بَلْ يُعَيِّنُ) جِهَةَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ زَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ يُعَمِّمُ) الِانْتِفَاعَ كَقَوْلِهِ انْتَفِعْ بِهِ كَيْفَ شِئْت أَوْ افْعَلْ بِهِ مَا بَدَا لَك، وَيَنْتَفِعُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي بِمَا شَاءَ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ، وَقِيلَ بِمَا فِي الْعَادَةِ ثُمَّ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَبِسَاطٍ لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلْفَرْشِ لَمْ يَحْتَجْ فِي إعَارَتِهِ إلَى تَعْيِينِ جِهَةِ الْمَنْفَعَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ. (تَتِمَّةٌ) . لَوْ اسْتَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِلْغِرَاسِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَوْ، وَقَعَ مَا بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إعَادَتُهُ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ إلَّا إذَا صَرَّحَ لَهُ بِالتَّجْدِيدِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنَّ الْعَارِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَفِيمَا لِلْمُعِيرِ وَعَلَيْهِ بَعْدَ الرَّدِّ فِي عَارِيَّةِ الْأَرْضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (لِكُلٍّ) مِنْ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ (رُجُوعٌ) فِي الْعَارِيَّةِ مُطْلَقَةً كَانَتْ أَوْ مُؤَقَّتَةً

ــ

[حاشية الجمل]

إذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ دُونَ مَا ظَنَّهُ، وَيُكْتَبُ لَعَلَّهُ كَذَا وَرُدَّ بِأَنَّ كِتَابَةَ لَعَلَّهُ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ الشَّكِّ فِي اللَّفْظِ لَا الْحُكْمِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ الْمَمْلُوكَ غَيْرُ الْمُصْحَفِ لَا يُصْلِحُ فِيهِ شَيْئًا مُطْلَقًا إلَّا إنْ ظَنَّ رِضَا مَالِكِهِ بِهِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ إصْلَاحُ الْمُصْحَفِ لَكِنْ إنْ لَمْ يَنْقُصْهُ خَطُّهُ لِرَدَاءَتِهِ وَأَنَّ الْوَقْفَ يَجِبُ إصْلَاحُهُ إنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيهِ، وَكَانَ خَطُّهُ مُسْتَصْلَحًا سَوَاءٌ الْمُصْحَفُ وَغَيْرُهُ، وَأَنَّهُ مَتَى تَرَدَّدَ فِي عَيْنِ لَفْظٍ أَوْ فِي الْحُكْمِ لَا يُصْلِحُ شَيْئًا، وَمَا اُعْتِيدَ مِنْ كِتَابَةِ لَعَلَّهُ كَذَا إنَّمَا يَجُوزُ فِي مِلْكِ الْكَاتِبِ اهـ. حَجّ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْقُصْهُ بِخَطِّهِ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَهُ لِمَنْ يُصْلِحُهُ حَيْثُ كَانَ خَطُّهُ مُنَاسِبًا لِلْمُصْحَفِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إجَابَةُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ فِي سُؤَالِهِ، وَقَوْلُهُ: وَكَانَ خَطُّهُ مُسْتَصْلَحًا خَرَجَ بِذَلِكَ كِتَابَةُ الْحَوَاشِي بِهَوَامِشِهِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِمَا فِيهَا مِنْ تَغْيِيرِ الْكِتَابِ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ بِفِعْلِهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.

(فَرْعٌ) اسْتِطْرَادِيٌّ، وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الشَّرِيكَ فِي فَرَسٍ يَتَوَجَّهُ بِهَا إلَى عَدُوٍّ وَيُقَاتِلُهُ وَتَتْلَفُ الْفَرَسُ هَلْ يَضْمَنُ الشَّرِيكُ أَوْ لَا؟ . فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ جَاءَهُمْ الْعَدُوُّ إلَى بَلْدَتِهِمْ وَخَرَجُوا لِلدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَتَلِفَتْ الْفَرَسُ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ خَرَجُوا ابْتِدَاءً، وَقَصَدُوا الْعَدُوَّ عَلَى نِيَّةِ قِتَالِهِ وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ لَا يَرْضَى بِخُرُوجِ الشَّرِيكِ بِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِخِلَافِ الْحَالَةِ الْأُولَى فَإِنَّهَا الْمُعْتَادَةُ عِنْدَهُمْ فِي الِانْتِفَاعِ. (فَرْعٌ) آخَرُ، وَقَعَ السُّؤَالُ أَيْضًا عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مُسْتَعِيرَ الدَّابَّةِ إذَا نَزَلَ عَنْهَا بَعْدَ رُكُوبِهِ لَهَا يُرْسِلُهَا مَعَ تَابِعِهِ فَيَرْكَبُهَا التَّابِعُ فِي الْعَوْدِ ثُمَّ تَتْلَفُ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَهَلْ يَضْمَنُهَا الْمُسْتَعِيرُ أَمْ التَّابِعُ؟ . فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَإِنْ رَكِبَهَا التَّابِعُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَاجَةِ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ إيصَالِهَا إلَى مَحَلِّ الْحِفْظِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لَا يَبْنِي، وَلَا يَغْرِسُ) مَحَلُّ الْمَنْعِ مِنْ الْغِرَاسِ مَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ أَمَّا مَا يُغْرَسُ لِلنَّقْلِ فِي عَامِهِ، وَيُسَمَّى الْفَسْلُ بِالْفَاءِ، وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ فَيَصِحُّ. اهـ. س ل وَيُشِيرُ لِهَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ لِانْتِشَارِ عُرُوقِهِ.

(قَوْلُهُ: يَزْرَعُ مَا اُعْتِيدَ زَرْعُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً) اعْتَمَدَهُ م ر حَيْثُ لَا قَرِينَةَ وَحَاصِلُ كَلَامِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي الْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فِي الْمُدَّةِ فَانْظُرْهُ. (فَرْعٌ) . اسْتَعَارَ دَابَّةً لِرُكُوبِهَا لِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ أَوْ بِسَاطًا لِلْجُلُوسِ عَلَيْهِ هَلْ لَهُ تَكْرِيرُ الرُّكُوبِ لِذَلِكَ الْمَكَانِ وَتَكْرِيرُ الْجُلُوسِ عَلَى ذَلِكَ الْبِسَاطِ أَوْ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا فِي إعَارَةِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ اعْتَمَدَ م ر جَوَازَ التَّكْرِيرِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي ذَلِكَ التَّكْرِيرُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ ثُمَّ قَرَّرَ أَنَّهُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ يَمْتَنِعُ التَّكْرِيرُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَعَارَهُ كِتَابًا لِلْمُطَالَعَةِ فِيهِ اقآتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ فَلْيُحَرَّرْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُطْلَقَةِ فِي نَحْوِ الْبِسَاطِ أَمَّا لَوْ قَيَّدَ فِيهِ بِمُدَّةٍ فَيَنْبَغِي جَوَازُ تَكْرِيرِ الْجُلُوسِ فِي الْمُدَّةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ إعَادَتُهُ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِمُدَّةٍ فَلَهُ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ أَوْ يَرْجِعَ الْمُعِيرُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْعَارِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ)(قَوْلُهُ: وَفِيمَا لِلْمُعِيرِ) أَيْ كَقَوْلِهِ وَالْأَخِيرُ مُعِيرٌ بَيْنَ تَمَلُّكِهِ إلَخْ، وَكَقَوْلِهِ، وَلِمُعِيرٍ دُخُولُهَا وَانْتِفَاعٌ بِهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ زَرْعٍ لَمْ يَعْتَدْ قَلْعَهُ إلَخْ، وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ وَفِيمَا لِلْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَعَلَيْهِمَا فَاَلَّذِي لِلْمُسْتَعِيرِ كَقَوْلِهِ وَلِمُسْتَعِيرٍ دُخُولُهَا لِإِصْلَاحِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ فَإِنْ شَرَطَ قَلْعَهُ لَزِمَهُ، وَكَقَوْلِهِ وَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً، وَلَمْ يُدْرِكْ فِيهَا لِتَقْصِيرٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ أَعَرْتنِي إلَخْ (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ رُجُوعٌ إلَخْ) ، وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعَارُ أَوْ الْمُبَاحُ لَهُ مَنَافِعَهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا بِهِ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ: م إنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ أَوْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ وَلَمْ يُقَصِّرْ بِتَرْكِ إعْلَامِهِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ جُنُونِ الْمُعِيرِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ جُنُونِهِ لَيْسَ أَهْلًا لِلْإِبَاحَةِ اهـ.

حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ وَلَا يُنْسَبُ لَهُ تَقْصِيرٌ بِعَدَمِ

ص: 460

فَهِيَ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَتَنْفَسِخُ بِمَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْوَكَالَةُ مِنْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَغَيْرِهِ لَكِنْ (بِشَرْطٍ فِي بَعْضٍ) مِنْ الصُّوَرِ (كَدَفْنٍ) لِمَيِّتٍ (فَ) إنَّهُ (إنَّمَا يَرْجِعُ) بَعْدَ الْحَفْرِ (قَبْلَ الْمُوَارَاةِ) لَهُ، وَلَوْ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ خِلَافَهُ (أَوْ بَعْدَ انْدِرَاسٍ) لِأَثَرِهِ إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهِ. وَصُورَتُهُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا أَذِنَ الْمُعِيرِ فِي تَكْرَارِ الدَّفْنِ، وَإِلَّا فَقَدْ انْتَهَتْ الْعَارِيَّةُ، وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ الْمُوَارَاةِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْإِعْلَامِ، وَمِثْلُ الْجُنُونِ إغْمَاؤُهُ، وَمَوْتُهُ وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا لِبُطْلَانِ الْإِذْنِ بِالْإِغْمَاءِ وَالْمَوْتِ اهـ.

وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَانْظُرْ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَيْنَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ جَاهِلًا بِانْقِضَائِهَا هَلْ هُوَ كَاسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ الرُّجُوعِ فِي الْمُطْلَقَةِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ أُجْرَةٌ أَوْ لَا، وَيُفَرَّقُ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ الْفَرْقُ فَإِنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِي الْمُؤَقَّتَةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْإِذْنُ أَصْلًا فَاسْتِعْمَالُهَا مَحْضُ تَعَدٍّ وَجَهْلُهُ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ الْإِثْمِ كَمَا لَوْ اسْتَعْمَلَ مَالَ غَيْرِهِ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ مَالَهُ وَقَدْ يُشْعِرُ بِالْفَرْقِ قَوْلُ الشَّارِحِ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْمُسْتَعِيرِ الْمُسْتَعْمِلُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَارِثُهُ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَشْمَلْهُ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمَنَافِعَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ حَيْثُ اسْتَوْفَاهَا جَاهِلًا بِالرُّجُوعِ لِتَسْلِيطِ الْمَالِكِ لَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَفَسَخَ الْعَقْدَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَاسْتَعْمَلَ الْمَبِيعَ جَاهِلًا لَمْ يَضْمَنْ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمَنَافِعِ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ كَاللَّبَنِ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُشْتَرِي لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَفَسَخَ الْعَقْدَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ وَاسْتَعْمَلَ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ وَاسْتَوْفَى مِنْهُ عَيْنًا، وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَظَائِرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ) أَيْ لِأَنَّهَا مَبَرَّةٌ مِنْ الْمُعِيرِ وَارْتِفَاقٌ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَالْإِلْزَامُ غَيْرُ لَائِقٍ بِهَا وَالرَّدُّ فِي الْمُعِيرِ بِمَعْنَى الِاسْتِرْدَادِ الَّذِي عُهِدَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) وَعَلَى وَارِثِ الْمُسْتَعِيرِ الرَّدُّ فَوْرًا فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّهَا ضُمِنَتْ مَعَ مُؤْنَةِ الرَّدِّ فِي التَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ ضَمِنَهَا الْوَارِثُ مَعَ الْأُجْرَةِ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ قَالَ الشَّيْخُ: وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَغَيْرِهِ) أَيْ كَجُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ أَوْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَكَذَا بِحَجْرٍ فَلَيْسَ عَلَى الْمُعِيرِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ اهـ. م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: كَجُنُونِهِ وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ كَأَنْ كَانَتْ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ دَعَتْ إلَيْهَا ضَرُورَةٌ فَهَلَّا قِيلَ بِعَدَمِ انْفِسَاخِهَا وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ لِجَوَازِ إنْشَائِهَا مِنْ الْوَلِيِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مُسْتَنِدًا لِعَقْدِ الْمُسْتَعِيرِ، وَقَدْ زَالَتْ أَهْلِيَّتُهُ قُلْنَا بِبُطْلَانِ عَقْدِهِ، وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يُسْتَنَدُ إلَيْهِ فِي الِانْتِفَاعِ لِتَكُونَ اسْتِدَامَةً، وَالْوَلِيُّ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إنْشَاءِ الْعَقْدِ إنْ أَرَادَهُ بِأَنْ رَآهُ مَصْلَحَةً اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بَعْدَ الْحَفْرِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِمَعْنَى أَخْذِهَا وَحِينَئِذٍ لَا يُنَافِي مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَصَرَّحَ بِهِ هُوَ أَيْضًا فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ مِنْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِالْقَوْلِ قَبْلَ ذَلِكَ لِيَأْخُذَ الْأُجْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ: لَعَلَّ مُرَادَهُ إلَخْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الصُّورَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا بِهَذَا التَّقْيِيدِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِالْقَوْلِ إلَخْ مُخَالِفَةٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مُنْدَرِجَةٌ فِيهِ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ فِيهَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا قَبْلَ الْمُوَارَاةِ وَأَمَّا الرُّجُوعُ بَعْدَ الْمُوَارَاةِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ الْمُعِيرُ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لَوْ رَجَعَ بِالْقَوْلِ حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمَتْنَ شَامِلٌ لِمَا يُرْجَى أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادَ، وَلِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِالْقَوْلِ إلَخْ. اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ) الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الرُّجُوعِ بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى أَرْضِ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ مِنْ هَوَاءِ الْقَبْرِ بَعْدَ إدْلَائِهِ إزْرَاءٌ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ أَيْ أَوْ إدْلَاءِ بَعْضِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ انْدِرَاسٍ) وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ انْدِرَاسُهُ فِيهَا اهـ. عِ ش عَلَى م ر.

وَلَوْ أَظْهَرهُ السَّيْلُ مِنْ الْقَبْرِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ فِيهِ فَوْرًا مَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ مُبَاحٍ يُمْكِنُ دَفْنُهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ فَلَا تَجِبُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحِسُّ وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَجْزَاءِ الْمَحْسُوسَةِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةً، وَيُقَالُ لَهُ عَجْمٌ بِالْمِيمِ أَيْضًا عِوَضًا عَنْ الْبَاءِ، وَهُوَ عَظْمٌ لَطِيفٌ فِي أَصْلِ الصُّلْبِ، وَهُوَ رَأْسُ الْعُصْعُصِ، وَهُوَ مَكَانُ رَأْسِ الذَّنَبِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَفِي حَدِيثٍ أَنَّهُ مِثْلُ حَبَّةِ الْخَرْدَلِ، وَفِي حَدِيثِ «كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ» قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي هَذَا سِرٌّ لَا نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ مَنْ يُظْهِرُ الْوُجُودَ مِنْ الْعَدَمِ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ يَبْنِي عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جُعِلَ عَلَامَةً لِلْمَلَائِكَةِ عَلَى إحْيَاءِ كُلِّ إنْسَانٍ بِجَوْهَرِهِ، وَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ لِلْمَلَائِكَةِ بِذَلِكَ إلَّا بِبَقَاءِ جُزْءٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ إنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ إعَادَةُ الْأَرْوَاحِ إلَى تِلْكَ الْأَعْيَانِ الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْهَا، وَلَوْلَا إبْقَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ لَجَوَّزَتْ الْمَلَائِكَةُ الْإِعَادَةَ

ص: 461

غَرِمَ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ مُؤْنَةَ حَفْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الطَّمُّ

ــ

[حاشية الجمل]

إلَى أَمْثَالِ الْأَجْسَادِ لَا إلَى نَفْسِ الْأَجْسَادِ وَقَوْلُهُ: مِنْهُ خُلِقَ يَعْنِي أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ يُخْلَقُ مِنْ الْآدَمِيِّ، وَلَا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ سَلْمَانَ «إنَّ أَوَّلَ مَا خُلِقَ مِنْ آدَمَ رَأْسُهُ» ؛ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا فِي حَقِّ آدَمَ وَذَلِكَ فِي حَقِّ بَنِيهِ أَوْ الْمُرَادُ بِقَوْلِ سَلْمَانَ نَفْخُ الرُّوحِ فِي آدَمَ لَا خَلْقُ جَسَدِهِ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي قُبَيْلَ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُؤْمِنِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: غَرِمَ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ مُؤْنَةَ حَفْرِهِ) ظَاهِرٌ سَوَاءٌ حَفَرَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْفِرُ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حَفَرَ لَهُ مُتَبَرِّعٌ بِقَصْدِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْنَةِ مَا يُقَابِلُ الْحَفْرَ عَادَةً لَا مَا صَرَفَهُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْحَفْرِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: غَرِمَ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ مُؤْنَةَ حَفْرِهِ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ بَادَرَ الْمُعِيرُ إلَى زِرَاعَةِ الْأَرْضِ بَعْدَ حِرَاثَةِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَايَةُ مَا يُقَالُ مَسْأَلَةُ الْمَيِّتِ فِيهَا أَمْرَانِ مَفْقُودَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْحِرَاثَةِ أَحَدُهُمَا شَبَهُهَا بِالْعُقُودِ اللَّازِمَةِ مِنْ حَيْثُ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْمُوَارَاةِ بِخِلَافِ الْحِرَاثَةِ فَإِنَّ الْعَارِيَّةَ فِيهَا جَائِرَةٌ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا فَكَانَ التَّعَلُّقُ فِي تِلْكَ أَقْوَى. الثَّانِي أَنَّ النَّفْعَ لَمَّا كَانَ عَائِدًا عَلَى الْمَيِّتِ، وَلَهُ احْتِرَامٌ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ كُلْفَةَ الْحَفْرِ مَنْعًا لَهُ مِنْ الرُّجُوعِ صَوْنًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ اهـ.

وَأَقُولُ يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الزِّرَاعَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْحِرَاثَةَ لِإِمْكَانِهَا بِدُونِهَا فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ يَكُنْ الْإِذْنُ فِي الزِّرَاعَةِ تَوْرِيطًا لَهُ فِي الْحِرَاثَةِ بِخِلَافِ الدَّفْنِ ثُمَّ رَأَيْتهمْ فَرَّقُوا بِهِ فَقَالُوا إنَّ الدَّفْنَ لَا يُمْكِنُ بِدُونِ حَفْرٍ فَبِالْإِذْنِ فِي الدَّفْنِ قَدْ وَرَّطَهُ فِي الْحَفْرِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ يُمْكِنُ بِدُونِ الْحَرْثِ اهـ. وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْ الزَّرْعُ إلَّا بِالْحَرْثِ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْأُجْرَةَ لِلْمُسْتَعِيرِ إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْحَرْثِ، وَقَبْلَ الزَّرْعِ وَاعْتَمَدَ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ م ر وَجَزَمَ بِهِ مُتَكَرِّرًا قَالَ وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْقَبْرِ أَنْ يَكُونَ الْحَافِرُ الْوَارِثَ فَلَوْ كَانَ الْحَافِرُ الْمَيِّتَ بِأَنْ اسْتَعَارَ الْأَرْضَ لِيَحْفِرَ لَهُ فِيهَا قَبْرًا فَحَفَرَهُ ثُمَّ مَاتَ فَرَجَعَ الْمُعِيرُ لَمْ يَغْرَمْ أُجْرَةَ الْحَفْرِ، وَأَظُنُّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا حَفَرَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَلْيُرَاجَعْ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِعَارَةِ لِلدَّفْنِ لَهَا تَفَارِيعُ كَثِيرَةٌ مُهِمَّةٌ أَطَالَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي الْخَادِمِ يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا، وَقَرَّرَهَا م ر فِي دَرْسِهِ، وَمَشَى عَلَى أَشْيَاءَ فِيهَا، وَأَنَا أَذْكُرُهَا هَاهُنَا بِحَسَبِ مَا مَشَى عَلَيْهِ م ر فِي دَرْسِهِ عَلَى مَا ضُبِطَتْ عَنْهُ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ تَارَةً تَكُونُ مَمْلُوكَةً وَتَارَةً تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى مُعَيَّنٍ وَتَارَةً عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى مُعَيَّنٍ امْتَنَعَ إعَارَتُهَا لِلدَّفْنِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر؛ لِأَنَّ الْحَقَّ بَعْدَهُ يَنْتَقِلُ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ يَبْقَى الْمَيِّتُ إلَى دُخُولِ اسْتِحْقَاقِ الْبَطْنِ الثَّانِي فَيُعَطِّلُ الْمَنْفَعَةَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ بَسَطَ التَّعْلِيلَ فِي الْخَادِمِ فَرَاجِعْهُ، وَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى جِهَةٍ لَمْ تُتَصَوَّرُ الْإِعَارَةُ مِنْهُمْ وَامْتَنَعَتْ مِنْ النَّاظِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ بَسَطَ التَّعْلِيلَ فِي الْخَادِمِ، وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً جَازَتْ الْإِعَارَةُ وَفِيهِ فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَارِيَّةِ بَيَانُ كَوْنِ الْمَيِّتِ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى شَهِيدًا أَوْ غَيْرَ شَهِيدٍ فَإِنَّ الْحَقَّ فِي الشَّهِيدِ يَتَأَبَّدُ لِأَنَّهُ لَا يَبْلَى اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى التَّخْصِيصِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ جَرَتْ عَادَةٌ بِهِ اُتُّبِعَتْ الْقَرِينَةُ أَوْ الْعَادَةُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ التَّعْيِينُ، وَإِلَّا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ لِتَفَاوُتِ الْحَالِ وَالْأَغْرَاضِ ثُمَّ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَيُحْمَلُ عَلَى تَنَاوُلِ جَمِيعِ ذَلِكَ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ، وَيَتَقَيَّدَ بِالْمُعْتَادِ كَمَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِزَرْعٍ، وَأَطْلَقَ أَوْ عَمَّمَ فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْمُعْتَادِ.

الثَّانِي إذَا اسْتَعَارَ الْأَرْضَ لِلدَّفْنِ هَلْ لَهُ دَفْنُ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِيهَا اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ يُنْظَرُ لِلْقَرِينَةِ وَالْعَادَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى دَفْنِ الْمُسْلِمِ فِيهَا كَأَنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ مُسْلِمًا أَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَدْفِنُ الْمُسْلِمِينَ تَقَيَّدَتْ بِالْمُسْلِمِ، وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى دَفْنِ الْكَافِرِ كَأَنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ كَافِرًا أَوْ عَادَتُهُ دَفْنَ الْكَافِرِ جَازَ دَفْنُ الْكَافِرِ فَلَوْ لَمْ تُوجَدْ الْقَرِينَةُ تَنَاوَلَ النَّوْعَيْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْقَرِينَةِ عَلَى التَّخْصِيصِ بِالْمُسْلِمِ مَا لَوْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ بِدَفْنِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يَتَّجِهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ التَّقْيِيدُ بِالْمُعْتَادِ كَمَسْأَلَةِ الزِّرَاعَةِ.

الثَّالِثُ لَوْ كَانَ الْمَدْفُونُ صَالِحًا هَلْ يَجُوزُ تَرَدُّدُ الْمُسْتَعِيرِ وَغَيْرِهِ لِزِيَارَتِهِ وَالتَّبَرُّكِ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعِيرِ، وَهَلْ يَجُوزُ دُخُولُ الْمَكَانِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعِيرِ لِزِيَارَةِ الْمَيِّتِ وَالِاجْتِمَاعِ فِي لَيَالِي الْجُمَعِ وَجَعْلِ الْأَطْعِمَةِ هُنَاكَ، وَمَدِّ الْبِسَاطِ لِلْمُجْتَمَعِينَ؟ . مَشَى م ر عَلَى اتِّبَاعِ الْقَرَائِنِ وَالْعَادَةِ فِي ذَلِكَ. الرَّابِعُ لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْقَبْرِ سَيْلٌ أَوْ سَبُعٌ رُدَّ إلَيْهِ نَعَمْ إنْ نَقَلَهُ إلَى مَكَان صَالِحٍ لِلدَّفْنِ فِيهِ، وَفِي إعَادَتِهِ إلَى الْأَوَّلِ تَأْخِيرٌ لِلدَّفْنِ انْقَطَعَ حَقُّهُ وَدُفِنَ فِيمَا وَصَلَ إلَيْهِ اهـ. م ر وَهَلْ مُؤْنَةُ رَدِّهِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ غَيْرِهِ اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ إنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ لَمْ تُقْسَمْ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِيهَا، وَإِنْ

ص: 462

وَكَطَرْحِ مَالٍ فِي سَفِينَةٍ بِاللُّجَّةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بَعْدَ أَنْ تَصِلَ إلَى الشَّطِّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ

ــ

[حاشية الجمل]

قُسِمَتْ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ سُرِقَ كَفَنُهُ. الْخَامِسُ لَوْ اُحْتِيجَ إلَى نَبْشِهِ، وَإِخْرَاجِهِ لِكَوْنِهِ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ أَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ لِلشَّهَادَةِ عَلَى صُورَتِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ ذَلِكَ فَ حَاصِلُ مَا فِي الْخَادِمِ جَوَازُ رُجُوعِ الْمُعِيرِ فِي الْأُولَى لِطُولِ زَمَنِهَا فَيُمْكِنُ حَفْرُ قَبْرٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ دُونَ مَا بَعْدَهَا لِقِلَّةِ زَمَنِهِ فَفِي التَّأْخِيرِ لِحَفْرِ قَبْرٍ آخَرَ انْتِهَاكٌ لِحُرْمَتِهِ وَمَشَى عَلَيْهِ م ر.

السَّادِسُ هَلْ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ الِانْتِفَاعُ بِظَاهِرِ الْأَرْضِ بِنَحْوِ زَرْعٍ وَبَاطِنِهَا بِنَحْوِ حَفْرِ نَحْوِ سِرْدَابٍ مَشَى م ر عَلَى جَوَابِ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَنَالُ الْمَيِّتَ ضَرَرٌ فَمَا فِي الْجَنَائِزِ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ مِنْ امْتِنَاعِ زَرْعِ الْمَقْبَرَةِ يَحْمِلُ وِفَاقًا ل م ر عَلَى الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ أَوْ عَلَى مَا إذَا وَصَلَ لِلْمَيِّتِ، وَلَحِقَهُ ضَرَرٌ بِهِ. السَّابِعُ هَلْ يُشْتَرَطُ بَيَانُ طُولِ الْقَبْرِ وَعَرَضِهِ وَعُمْقِهِ وَمَشَى م ر عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، وَيُفْعَلُ الْأَكْمَلُ شَرْعًا. (فَرْعٌ) . أَعَارَ الْأَرْضَ لِدَفْنِ نَبِيٍّ أَوْ شَهِيدٍ لَزِمَتْ عَلَى الدَّوَامِ لِأَنَّهُمَا لَا يَبْلَيَانِ اهـ. م ر.

(فَرْعٌ) . أَعَارَ الْأَرْضَ لِلدَّفْنِ مُدَّةً لَا يَبْلَى فِيهَا الْمَيِّتُ فَسَدَتْ الْعَارِيَّةُ أَظُنُّهُ كَذَا فِي الْخَادِمِ، وَإِنْ م ر مَشَى عَلَيْهِ (فَرْعٌ) . ذَكَرُوا فِي بَابِ الْجَنَائِزِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْأَرْضَ الْمَدْفُونَ فِيهَا الْمَيِّتُ صَحَّ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ، وَإِذَا بَلِيَ الْمَيِّتُ اسْتَحَقَّ مَكَانَهُ كَمَا فِي مُغْرِسِ الشَّجَرَةِ الْمُسْتَحِقَّةِ الْإِبْقَاءِ قَالَ م ر فَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَجْرِ الْحَجْرُ عَلَى مَالِكِ الْأَرْضِ الَّتِي بِهَا مَيِّتٌ مَدْفُونٌ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ بَيْعَ نَفْسِ الْقَبْرِ اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: وَكَطَرْحِ مَالٍ فِي سَفِينَةٍ) ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا إذَا أَعَارَ كَفَنًا، وَكُفِّنَ فِيهِ الْمَيِّتُ، وَإِنْ لَمْ يُدْفَنْ، وَلَمْ يُلَفَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي أَخْذِهِ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ بَعْدَ الْوَضْعِ وَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي الِامْتِنَاعِ بَيْنَ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَالثَّلَاثِ بَلْ وَالْخَمْسِ بِخِلَافِ مَا زَادَ وَبِخِلَافِ هَوْيِهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ فَلَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ وَالْأَصَحُّ بَقَاؤُهُ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ، وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ حَتَّى يَنْدَرِسَ فَلَوْ نَبَشَ الْمَيِّتُ سَبُعٌ، وَأَكَلَهُ انْتَهَتْ الْعَارِيَّةُ وَرَجَعَ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمَا لَوْ قَالَ أَعِيرُوا دَارِي بَعْدَ مَوْتِي شَهْرًا لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ أَيْ إنْ خَرَجَتْ أُجْرَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَمَا لَوْ أَعَارَ دَابَّةً أَوْ سِلَاحًا لِلْغَزْوِ فَالْتَقَى الصَّفَّانِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَنْكَشِفَ الْقِتَالُ وَمَا لَوْ أَعَارَ السُّتْرَةَ لِلصَّلَاةِ فَإِنَّهُ إذَا اسْتَعَارَهَا لِيُصَلِّيَ فِيهَا الْفَرْضَ وَشَرَعَ فِيهِ فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَتِهِمَا، وَإِذَا اسْتَعَارَهَا لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ فَتَكُون لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ، وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ وَالنَّزْعُ، وَلَا إعَادَةَ وَجَائِزَةٌ مِنْ جِهَتِهِمَا إنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ أَعَارَ دَارَ السُّكْنَى مُعْتَدَّةً فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ، وَمَا لَوْ اسْتَعَارَ جِذْعًا لِيُسْنِدَ إلَيْهِ جِدَارًا مَائِلًا فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ لَهُ، وَكَذَا لَوْ أَعَارَ مَا يُدْفَعُ بِهِ عَمَّا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ كَآلَةٍ لِسَقْيِ مُحْتَرَمٍ أَوْ مَا يَقِي نَحْوُ بَرْدٍ مُهْلِكٍ أَوْ مَا يُنْقِذُ بِهِ غَرِيقًا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ أَيْضًا اهـ. شَرْحُ م ر وَعِ ش عَلَيْهِ بِتَصَرُّفٍ وَاخْتِصَارٍ.

(فَرْعٌ) . لَوْ اسْتَعَارَ ثَوْبًا لِيُصَلِّيَ فِيهِ الصُّبْحَ فَأَحْرَمَ بِالظُّهْرِ فِيهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ لَكِنْ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ فِعْلِ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ لِأَنَّهُمَا قَدْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ قَدْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ مَعَ مُرَاعَاةِ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ هَذَا حَاصِلُ مَا وَقَعَ فِي دَرْسِ طب ق، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ أَعَارَهُ لِصَلَاةٍ مَقْصُورَةٍ فَأَحْرَمَ بِهَا تَامَّةً، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بَعْدَ أَنْ تَصِلَ إلَى الشَّطِّ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى أَقْرَبِ مَأْمَنٍ أَيْ، وَلَوْ مَبْدَأَ السَّيْرِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ إنْ كَانَ أَقْرَبَ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ وَتُسْتَحَقُّ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُ الْعِبَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ لَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُهَا عَلَى عَقْدٍ بَلْ حَيْثُ رَجَعَ وَجَبَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ كُلِّ مُدَّةٍ مَضَتْ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ صَارَتْ الْعَيْنُ أَمَانَةً؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ عَارِيَّةً صَارَ لَهَا حُكْمُ الْمُسْتَأْجَرَةِ.

(فَائِدَةٌ) . كُلُّ مَسْأَلَةٍ امْتَنَعَ عَلَى الْمُعِيرِ الرُّجُوعُ فِيهَا تَجِبُ لَهُ الْأُجْرَةُ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ إذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ فِيهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ قَبْلَ انْدِرَاسِ الْمَيِّتِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَمِثْلُهَا إعَارَةُ الثَّوْبِ لِلتَّكْفِينِ فِيهِ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُقَابِلِ، وَإِذَا أَعَارَ الثَّوْبَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ أَيْضًا وَمِثْلُهَا إذَا أَعَارَ سَيْفًا لِلْقِتَالِ فَإِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ، وَلَا أُجْرَةَ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ عَادَةً كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ كَلَامُ سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ وَنَقَلَ اعْتِمَادَ م ر فِيهِ

ص: 463

أَعَمُّ، وَأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ.

(وَإِذَا أَعَارَ لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ، وَلَوْ إلَى مُدَّةٍ ثُمَّ رَجَعَ) بَعْدَ أَنْ بَنَى الْمُسْتَعِيرُ أَوْ غَرَسَ (فَإِنْ شَرَطَ) عَلَيْهِ (قَلْعَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ شَرَطَ الْقَلْعَ مَجَّانًا (لَزِمَهُ) قَلْعُهُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ كَمَا فِي تَسْوِيَةِ الْأَرْضِ فَإِنْ امْتَنَعَ قَلَعَهُ الْمُعِيرُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَلْعَ (فَإِنْ اخْتَارَهُ) الْمُسْتَعِيرُ (قُلِعَ مَجَّانًا، وَلَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) ؛ لِأَنَّهُ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ إذَا قَلَعَ رَدُّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ إيجَابِ التَّسْوِيَةِ فِي الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ دُونَ الْحَاصِلَةِ بِالْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ لِحُدُوثِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ قَلْعَهُ (خُيِّرَ مُعِيرٌ بَيْنَ) ثَلَاثِ خِصَالٍ مِنْ (تَمَلُّكِهِ) بِعَقْدٍ (بِقِيمَتِهِ) مُسْتَحَقِّ الْقَلْعِ حِينَ التَّمَلُّكِ (وَقَلَعَهُ بِ) ضَمَانِ (أَرْشٍ) لِنَقْصِهِ، وَهُوَ قَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا، وَقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا (وَتَبْقِيَتُهُ بِأُجْرَةٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: إنَّمَا يَرْجِعُ بَعْدَ أَنْ تَصِلَ إلَى الشَّطِّ)، وَيَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ إلَى أَنْ تَصِلَ إلَى الشَّطِّ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَعَمُّ، وَأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ) عِبَارَتُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا رَدُّ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ إلَّا إذَا أَعَارَ لِدَفْنٍ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ اهـ. وَوَجْهُ الْعُمُومِ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ لَا تَشْمَلُ طَرْحَ الْمَالِ فِي السَّفِينَةِ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تَقْتَضِي أَنَّهُ مَتَى أَعَارَهُ لِلدَّفْنِ لَزِمَتْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ بِمَوْضِعِ مَوْتِهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ مِنْهُ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ بَنَى الْمُسْتَعِيرُ أَوْ غَرَسَ) أَمَّا لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ قَلَعَ مَجَّانًا، وَكُلِّفَ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ اهـ. وَيَبْعُدُ أَنْ تَلْزَمَهُ الْأُجْرَةُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ اهـ. عِ ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شُرِطَ قَلْعُهُ لَزِمَهُ) ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ شَرْطِ الْقَلْعِ صُدِّقَ الْمُعِيرُ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعَارِيَّةِ لِأَنَّ مَنْ صُدِّقَ فِي شَيْءٍ صُدِّقَ فِي صِفَتِهِ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى تَصْدِيقِ الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّرْطِ وَاحْتِرَامُ مَالِهِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ قَلْعَهُ) أَيْ عِنْدَ الرُّجُوعِ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ تَمَلُّكَهُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الرُّجُوعِ يَلْزَمُهُ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ اهـ. م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: هُوَ أَعَمُّ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَلْعَهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ شَرَطَ مَجَّانًا أَوْ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي تَسْوِيَةِ الْأَرْضِ) أَيْ فَإِنَّهَا إنْ شُرِطَتْ لَزِمَتْهُ، وَإِلَّا فَلَا اهـ. م ر. اهـ. ع ش فَالتَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَإِنْ شُرِطَ قَلْعُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) أَيْ سَوَاءٌ شُرِطَتْ أَوْ لَمْ تُشْرَطْ فَفَرَّقَ بَيْنَ لُزُومِ التَّسْوِيَةِ عِنْدَ الْقَلْعِ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ حَيْثُ تَلْزَمُ مُطْلَقًا وَبَيْنَهَا عِنْدَ شَرْطِ الْقَلْعِ لَا تَلْزَمُ إلَّا إنْ شُرِطَتْ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ إلَخْ) هَذَا مُسْتَدْرَكٌ مَعَ الْآتِيَةِ، وَقَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ فَهُوَ بَيَانٌ لَهُ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: الْآتِي، وَإِذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ فَإِنْ أَبَى كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي امْتِنَاعِهِ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْمُعِيرِ، وَهَذَا فِي امْتِنَاعِهِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: رَدَّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ) قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّسْوِيَةِ حَيْثُ أُطْلِقَتْ فَلَا يُكَلَّفُ تُرَابًا آخَرَ لَوْ لَمْ يَكْفِ الْحُفَرَ تُرَابُهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: دُونَ الْحَاصِلَةِ بِالْبِنَاءِ إلَخْ) أَيْ فَاَلَّذِي حَفَرَهُ وَغَرَسَ فِيهِ أَوْ بَنَى إذَا ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَلْزَمُهُ تَسْوِيَتُهُ بِخِلَافِ مَا اتَّسَعَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْأَخِيرُ مُعِيرٌ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا إذَا بَنَى أَوْ غَرَسَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يُقَالُ هُوَ كَالْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ ضَمَانَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَالِكُ هُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ كَالْمُعِيرِ هُنَا فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَكَثِيرٌ مَنْ يَغْلَطُ فِيهِ فَتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَكْرُمَةٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا مَنْعُ الْمُعِيرِ، وَلَا تَضْيِيعُ مَالِ الْمُسْتَعِيرِ فَأَثْبَتنَا الرُّجُوعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا خَيَّرَنَا الْمُعِيرَ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْسِنُ، وَلِأَنَّ الْأَرْضَ أَصْلٌ لِمَا فِيهَا. اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَقَلْعُهُ بِضَمَانِ أَرْشٍ) قَضِيَّةُ ضَمَانِ الْأَرْشِ أَنَّ مُؤْنَةَ الْهَدْمِ أَوْ الْقَلْعِ عَلَيْهِ أَيْ الْمُعِيرِ أَيْضًا وَاعْتَمَدَهُ فِي التَّدْرِيبِ كَالْكِفَايَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا نَقَلَ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِ الْمُعْظَمِ أَنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ قَالَ، وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عَلَى الْمُعِيرِ كَمَا عَلَيْهِ مَا يَنْقُصُهُ الْقَلْعُ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ جِدًّا اهـ. لَكِنَّهُ نَاقَضَ نَفْسَهُ فِي الْمَطْلَبِ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ حَيْثُ رَدَّ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمُؤْنَةَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَالْمُسْتَعِيرُ أَوْلَى مِنْهُ أَمَّا أُجْرَةُ نَقْلِ النَّقْضِ فَعَلَى مَالِكِهِ قَطْعًا اهـ. شَرْحُ حَجّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ مُؤْنَةَ الْقَلْعِ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ كَالْإِجَارَةِ حَيْثُ يَجِبُ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا أُجْرَةُ نَقْلِ النَّقْضِ فَعَلَى مَالِكِهِ قَطْعًا. انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَتَبْقِيَتُهُ بِأُجْرَةٍ) ، وَهَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى عَقْدِ إيجَارٍ مِنْ إيجَابٍ، وَقَبُولٍ أَمْ يَكْفِي مُجَرَّدُ اخْتِيَارِ الْمُعِيرِ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ بِمُجَرَّدِهِ الْوَجْهُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدِ إيجَارٍ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي فَتْوَى وَاسْتَدَلَّ مِنْ كَلَامِهِمْ بِمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ إنْ عَقَدَ فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ اهـ. عِ ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَتَبْقِيَّتُهُ بِأُجْرَةٍ) اُسْتُشْكِلَ مَعَ جَهَالَةِ الْمُدَّةِ فَلِذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَأَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ سُلُوكُهُ مَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ

ص: 464

كَنَظَائِرِهِ مِنْ الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا وِفَاقًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَصَاحِبَيْ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِمْ، وَلِمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي الصُّلْحِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِيهِمَا هُنَا مِنْ تَخْصِيصِ التَّخْيِيرِ بِالْأَوَّلَيَيْنِ وَلِمَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَأَصْلِهِ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِالْأَخِيرَتَيْنِ، وَإِذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ فَإِنْ أَبَى كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ إذَا كَانَ فِي الْقَلْعِ نَقْصٌ وَكَانَ الْمُعِيرُ غَيْرَ شَرِيكٍ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الْقَلْعُ فِي الْأَوَّلِ وَالتَّبْقِيَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِي وَتَأْخِيرُ التَّخْيِيرِ إلَى بَعْدَ الْجِذَاذِ كَمَا فِي الزَّرْعِ فِي الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، وَفِيمَا لَوْ وَقَفَ الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ أَوْ الْأَرْضَ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) أَيْ الْمُعِيرُ شَيْئًا مِمَّا مَرَّ

ــ

[حاشية الجمل]

الْبِنَاءِ دَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ بِعِوَضٍ حَالٍّ بِلَفْظِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ فَيُنْظَرُ لِمَا شُغِلَ مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ يُقَالُ لَوْ آجَرَ هَذَا لِنَحْوِ بِنَاءٍ دَائِمًا بِحَالٍّ كَمْ يُسَاوِي فَإِذَا قِيلَ كَذَا أَوْجَبْنَاهُ وَعَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ إبْدَالَ مَا قَلَعَ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَلَكَ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ عَلَى الدَّوَامِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا رَضِيَ بِالْأُجْرَةِ، وَأَخَذَهَا كَانَ كَأَنَّهُ آجَرَهَا إجَارَةً مُؤَبَّدَةً اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَنَظَائِرِهِ مِنْ الشُّفْعَةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا مَشْفُوعًا وَبَنَى فِيهِ أَوْ غَرَسَ ثُمَّ أَخَذَهُ الشَّرِيكُ بِالشُّفْعَةِ فَالْمُشْتَرِي كَالْمُسْتَعِيرِ وَالشَّفِيعُ كَالْمُعِيرِ وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا كَالْإِجَارَةِ فِيمَا لَوْ آجَرَهُ أَرْضًا لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ ثُمَّ رَجَعَ الْوَالِدُ اهـ. شَيْخُنَا.

وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا بَيْعًا فَاسِدًا فَبَنَى فِيهَا الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ ثُمَّ أَخَذَهَا الْبَائِعُ فَإِنَّهُ أَيْ الْبَائِعُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ وَانْظُرْ مَا مَعْنَى تَكْلِيفِهِ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُعِيرُ بِقَلْعِهِ وَغَرَامِهِ أَرْشَ النَّقْصِ فَلَعَلَّ الْمَعْنَى كُلِّفَ مُوَافَقَتَهُ لِلْمُعِيرِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ وَهُوَ الْقَلْعُ وَغَرَامَةُ أَرْشِ النَّقْصِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ الْقَلْعُ فِي الْأَوَّلِ) ، وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَلْعِ نَقْصٌ، وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِي، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمُعِيرُ شَرِيكًا، وَقَوْلُهُ: فِي الثَّالِثِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا وَقَعَ لِلشَّوْبَرِيِّ (قَوْلُهُ: وَالتَّبْقِيَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِي) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ.

(فَرْعٌ) . لَيْسَ لِشَرِيكٍ رَجَعَ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ إلَّا الْأُجْرَةُ أَيْ إلَّا التَّبْقِيَةُ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ الْقَلْعُ بِأَرْشِ النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ قَلْعَ بِنَاءِ الْمَالِكِ وَغِرَاسِهِ مِنْ مِلْكِهِ، وَلَا أَنْ يَتَمَلَّكَ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ لَلَبَّانِي وَالْغَارِسِ فِي الْأَرْضِ مِثْلَ حَقِّهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ التَّخْيِيرِ) الْمُعْتَمَدُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ الْآنَ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ تَمَلَّكَهَا تَبَعًا وَإِلَّا أَبْقَاهَا إلَى أَوَانِ الْجِذَاذِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَمِثْلُهُ م ر.

وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ التَّخْيِيرِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ حَالًا وَتَثْبُتُ لَهُ الْأُجْرَةُ مِنْ حِينِ ذَلِكَ فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَلُّكَ مَلَكَ الثَّمَرَةَ أَيْضًا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، وَأَبْقَاهَا إلَى الْجِذَاذِ إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. م ر انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ التَّخْيِيرِ) أَيْ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ وَالْقَلْعُ بِالْأَرْشِ وَالتَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ لِلشَّجَرِ نَفْسِهِ وَيَتْبَعُهُ بِالثَّمَرِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ، وَإِلَّا فَلَا يُتْبَعُ بَلْ يَبْقَى لِمَالِكِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ بَقَائِهِ إلَى أَوَانِ الْجِذَاذِ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَى بَعْدِ الْجِذَاذِ) فِيهِ جَرُّ بَعْدُ بِإِلَى، وَلَا تُجَرُّ قَبْلُ وَبَعْدُ وَعِنْدَ إلَّا بِمِنْ فِي الْكَثِيرِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى قِلَّةٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الزَّرْعِ) أَيْ كَمَا يَمْتَنِعُ الْقَلْعُ حَالًّا فِي الزَّرْعِ فَفِي التَّشْبِيهِ مُسَامَحَةٌ. اهـ. ع ش أَيْ فَالتَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي كُلِّ تَأْخِيرٍ أَوْ إنْ كَانَ الْمُؤَخِّرُ فِي الْمُشَبَّهِ التَّخْيِيرَ، وَفِي الْمُشَبَّهِ بِهِ الْقَلْعَ إذْ لَا خِيَارَ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ ثُمَّ مَحَلُّ التَّخْيِيرِ إذَا لَمْ يُوقَفْ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ، وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ فَيَتَعَيَّنُ تَبْقِيَتُهُمَا بِالْأُجْرَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَلْعِهِمَا بِالْأَرْشِ وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْكِتَابِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْقَلْعُ بِالْأَرْشِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ تُوقَفْ الْأَرْضُ، وَإِلَّا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثِ لَكِنْ لَا يُقْلَعُ بِالْأَرْشِ إلَّا إذَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ مِنْ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ، وَلَا يَتَمَلَّكُ بِالْقِيمَةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ جَوَازُ تَحْصِيلِ مِثْلِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مِنْ رِيعِهِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ أَيْضًا أَيْ مَحَلُّ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا الْقَلْعُ بِالْأَرْشِ وَالتَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ إذْ هُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ فَصَحَّ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثِ أَيْ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالتَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ فَلَا يُقَالُ إذَا كَانَ الْمُعِيرُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ الْأَرْضَ لَا يَصِحُّ التَّقْيِيدُ إذْ الْحَالُ لَمْ يَخْتَلِفْ بَيْنَ الْوَقْفِ وَعَدَمِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَيَّدِ هُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْوَاقِعَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ.

وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: وَفِيمَا لَوْ وَقَفَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ إلَخْ، وَلَوْ وَقَفَ الْمُعِيرُ الْأَرْضَ لَمْ يُقْلِعْ بِالْأَرْشِ إلَّا إذَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ مِنْ الْإِبْقَاءِ بِالْأُجْرَةِ، وَلَمْ يَتَمَلَّكْ بِالْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ بِهَا أَوْ كَانَتْ مِنْ الرِّيعِ وَاقْتَضَاهُ شَرْطُ الْوَاقِفِ اهـ. عُبَابٌ وَالْمُعْتَمَدُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ الْمُسْتَعِيرُ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ امْتِنَاعُ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ فَقَطْ لَا غَيْرُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِابْنِ أَبِي شَرِيفٍ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيِّ

ص: 465

(تُرِكَا حَتَّى يَخْتَارَ أَحَدُهُمَا) مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لِتَنْقَطِعَ الْخُصُومَةُ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَقْلَعَ مَجَّانًا، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ الْمُسْتَعِيرُ أُجْرَةً لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الِاخْتِيَارِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى يَخْتَارَا.

(وَلِمُعِيرٍ) زَمَنَ التَّرْكِ (دُخُولُهَا) أَيْ الْأَرْضِ (وَانْتِفَاعٌ بِهَا) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَلَهُ اسْتِظْلَالٌ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (، وَلِمُسْتَعِيرٍ دُخُولُهَا لِإِصْلَاحٍ) بِتَرْمِيمِ بِنَاءٍ وَسَقْيِ غِرَاسٍ وَغَيْرِهِمَا صِيَانَةً لِمِلْكِهِ عَنْ الضَّيَاعِ نَعَمْ إنْ تَعَطَّلَ نَفْعُهَا عَلَى مَالِكِهَا بِدُخُولِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ دُخُولِهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ أَمَّا دُخُولُهُ لَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ كَتَنَزُّهٍ فَمُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا مُجْتَمَعَيْنِ، وَمُنْفَرِدَيْنِ (بَيْعُ مِلْكِهِ) مِمَّنْ شَاءَ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَا مِلْكَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ صَحَّ لِلضَّرُورَةِ وَوُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا وَلَا يُؤَثِّرُ فِي بَيْعِ الْمُسْتَعِيرِ تَمَكُّنُ الْمُعِيرِ مِنْ تَمَلُّكِهِ مَالَهُ كَتَمَكُّنِ الشَّفِيعِ مِنْ تَمَلُّكِ الشِّقْصِ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ، وَلَهُ حُكْمُ مَنْ بَاعَهُ مِنْ مُعِيرٍ، وَمُسْتَعِيرٍ فِيمَا مَرَّ لَهُمَا (وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ زَرْعٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَمْ يَعْتَدْ قَلْعَهُ) قَبْلَ إدْرَاكِهِ وَنَقَصَ (لَزِمَهُ تَبْقِيَتُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى قَلْعِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (بِأُجْرَةٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

هُوَ امْتِنَاعُ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ فَقَطْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَتَعَيَّنُ التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ ضَعِيفٌ اهـ. (قَوْلُهُ تَرْكًا إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ وَالظَّاهِرُ لُزُومُ الْأُجْرَةِ زَمَنَ التَّوَقُّفِ وَجَزَمَ فِي الْبَحْرِ بِعَدَمِ الْأُجْرَةِ، وَهُوَ الْأَوْجُهُ؛ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ اهـ. خ ط.

(قَوْلُهُ: وَلِمُعِيرٍ زَمَنَ التَّرْكِ) اُنْظُرْ حُكْمَ الدُّخُولِ قَبْلَهُ أَيْ وَبَعْدَ الرُّجُوعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِمُسْتَعِيرٍ دُخُولُهَا لِإِصْلَاحٍ) ، وَفُهِمَ مِمَّا قَالَهُ فِي الْمُعِيرِ عَدَمُ جَوَازِ الِاسْتِنَادِ إلَى الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَحَكَاهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ ثُمَّ اسْتَشْكَلَ بِمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ مِنْ جَوَازِ هَذَا فِي جِدَارِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ هُنَا فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ، وَالْمُودَعُ عِنْدَهُ لَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ الْوَدِيعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْمَالِكُ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ، وَفِيمَا فَرَّقَ بِهِ نَظَرٌ وَالْأَوْلَى حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا فِيهِ ضَرَرٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ، وَأَشَارَ فِي الْحَاشِيَة إلَى تَصْحِيحِ الْحَمْلِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِتَرْمِيمِ بِنَاءٍ) أَيْ بِغَيْرِ آلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ م ر وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْقَيْدِ الِاحْتِرَازُ عَمَّا يُمْكِنُ إعَادَتُهَا بِدُونِهِ كَالْجَدِيدِ مِنْ الْآجُرِّ وَالْخَشَبِ أَمَّا نَحْوُ الطِّينِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ لِإِصْلَاحِ الْمُنْهَدِمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ أَجْنَبِيًّا اهـ. ع ش، وَفِي شَرْحِ م ر بِتَرْمِيمِ بِنَاءٍ أَيْ بِغَيْرِ آلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَمَّا إصْلَاحُهُ بِآلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِالْمُعِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّنُ لَهُ التَّمَلُّكُ أَوْ النَّقْصُ مَعَ الْغُرْمِ فَيَزِيدُ الْغُرْمُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ بِخِلَافِ إصْلَاحِهِ بِآلَتِهِ كَمَا أَنَّ سَقْيَ الشَّجَرِ يُحْدِثُ فِيهَا زِيَادَةَ عَيْنٍ وَقِيمَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِأُجْرَةٍ) أَيْ لِدُخُولِهِ، وَإِلَّا فَتَقَدَّمَ أَنَّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ أُجْرَةَ الْأَرْضِ مُدَّةَ التَّوَقُّفِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سَمِّ.

(قَوْلُهُ: كَتَنَزُّهٍ) هُوَ مَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ أَصْلِهِ بِالتَّفَرُّجِ لَكِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يَعُدُّونَ التَّنَزُّهَ بِمَعْنَى التَّفَرُّجِ مِنْ لَحْنِ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّ التَّنَزُّهَ الْبُعْدُ عَنْ الْمِيَاهِ وَالْبِلَادِ وَالتَّفَرُّجُ لَفْظَةٌ مُوَلَّدَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ انْفِرَاجِ الْهَمِّ، وَهُوَ انْكِشَافُهُ اهـ. حَاشِيَةُ ز ي. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا حَالَةَ الْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَحَاصِلُهُ الْجَوَابُ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ هُنَا أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلضَّرُورَةِ هَذَا مُرَادُهُ، وَلَمْ يَظْهَرْ وُجُودُ الضَّرُورَةِ هُنَا لِتَمَكُّنِ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ بَيْعِ مِلْكِهِ بِثَمَنٍ مُسْتَقِلٍّ فَلَا ضَرُورَةَ دَاعِيَةً إلَى أَنْ يَبِيعَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَوُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا) قَالَ الْمَحَلِّيُّ ثُمَّ كَيْفَ يُوَزَّعُ الثَّمَنُ هُنَا قَالَ الْمُتَوَلِّي هُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا غَرَسَ الرَّاهِنُ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةِ أَيْ، وَهُمَا السَّابِقَانِ فِي رَهْنِ الْأُمِّ دُونَ الْوَلَدِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ يُوَزَّعُ عَلَى الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِالْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ وَعَلَى مَا فِيهَا وَحْدَهُ فَحِصَّةُ الْأَرْضِ لِلْمُعِيرِ، وَحِصَّةُ مَا فِيهَا لِلْمُسْتَعِيرِ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ قَوْلُهُ: السَّابِقَانِ إلَخْ أَصَحُّهُمَا يُقَوَّمُ الرَّهْنُ وَحْدَهُ ثُمَّ مَعَ الْآخَرِ وَالثَّانِي يُقَوَّمُ الرَّهْنُ وَحْدَهُ ثُمَّ الْآخَرُ وَحْدَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الثَّانِيَ هُوَ قَوْلُ الْبَغَوِيّ الْآتِي فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ مَشْغُولَةً أَنَّ صِفَةَ الشَّغْلِ تُلَاحَظُ فِي تَقْوِيمِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ ضَمِّ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ إلَيْهَا لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ وَعَلَى مَا فِيهَا وَحْدَهُ قَدْ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ هَذَا، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ غَرَضَ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ إنَّ الْمُتَوَلِّيَ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنَّ الْبَغَوِيّ اقْتَصَرَ عَلَى وَجْهٍ اهـ. وَجَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ فِي بَيْعِ الْمُسْتَعِيرِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ وَقِيلَ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ بَيْعُهُ لِثَالِثٍ قَالَ م ر بَعْدَ هَذَا إذْ بَيْعُهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِأَنَّ لِلْمُعِيرِ تَمَلُّكُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَشِقْصٍ مَشْفُوعٍ. انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ: مَا لَهُ مَفْعُولُ التَّمَلُّكِ وَالْمُرَادُ بِمَا لَهُ هُوَ الْبِنَاءُ أَوْ الْغِرَاسُ (قَوْلُهُ: كَتَمَكُّنِ الشَّفِيعِ مِنْ تَمَلُّكِ الشِّقْصِ) هَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ، وَلَا يُؤَثِّرُ إلَخْ، وَهَذَا الْقِيَاسُ أَوْلَوِيٌّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بَيْعُ نَصِيبِهِ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ مَعَ أَنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالشُّفْعَةِ قَهْرًا فَيَجُوزُ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَبِيعَ مِلْكَهُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ لَكِنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِرِضَا الْمُسْتَعِيرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّمَلُّكَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ عَقْدٍ، وَمِنْ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ مُوَافَقَةِ الْمُعِيرِ كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ، وَلَا يَأْخُذُهُ الْمُعِيرُ قَهْرًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ حُكْمُ مَنْ بَاعَهُ مِنْ مُعِيرٍ وَمُسْتَعِيرٍ) فَإِذَا اشْتَرَى مِنْ الْمُعِيرِ خُيِّرَ بَيْنَ الثَّلَاثِ خِصَالٍ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَخِيرُ مُعِيرٌ بَيْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ إلَخْ، وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ الْمُسْتَعِيرِ يَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ قَلْعَهُ لَزِمَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ تَبْقِيَتُهُ إلَيْهِ بِأُجْرَةٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ شَرَطَ عَلَيْهِ حِينَ الرُّجُوعِ أَوْ لَا فَإِنَّهُمْ لَمْ يَفْصِلُوا فِي هَذِهِ بَيْنَ أَنْ يَشْرِطَ

ص: 466

؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ انْقَطَعَتْ بِالرُّجُوعِ فَإِنْ اُعْتِيدَ قَلْعُهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ أَوْ لَمْ يَنْقُصْ أُجْبِرَ عَلَى قَلْعِهِ (وَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً، وَلَمْ يُدْرِكْ فِيهَا لِتَقْصِيرٍ) مِنْ الْمُسْتَعِيرِ إمَّا بِتَأْخِيرِ الزِّرَاعَةِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَوْ بِهَا كَأَنْ عَلَا الْأَرْضَ سَيْلٌ أَوْ ثَلْجٌ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الزَّرْعُ ثُمَّ زَرَعَ بَعْدَ زَوَالِهِ، وَهُوَ لَا يُدْرَكُ فِي الْمُدَّةِ (قَلَعَ) أَيْ الْمُعِيرُ (مَجَّانًا) بِخِلَافِ مَا إذَا تَأَخَّرَ إدْرَاكُهُ لَا لِتَقْصِيرِهِ بَلْ لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ (كَمَا لَوْ حَمَلَ نَحْوُ سَيْلٍ) كَهَوَاءٍ (بَذْرًا) بِمُعْجَمَةٍ (إلَى أَرْضِهِ فَنَبَتَ) فِيهَا فَيَقْلَعُهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ، وَإِلَّا فَقَدْ صَارَ مِلْكًا لِمَالِكِ الْأَرْضِ وَيَلْزَمُ مَالِكَ الْبَذْرِ إنْ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ دُونَ الْأُجْرَةِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ الْقَلْعِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَلَوْ قَالَ مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ) كَدَابَّةٍ، وَأَرْضٍ (أَعَرْتنِي فَقَالَ) لَهُ (مَالِكُهَا) بَلْ (آجَرْتُك أَوْ غَصَبْتنِي) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَمَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ صُدِّقَ) أَيْ الْمَالِكُ كَمَا لَوْ أَكَلَ طَعَامَ غَيْرِهِ، وَقَالَ كُنْتَ أَبَحْتَهُ لِي، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْذَنُ فِي الِانْتِفَاعِ غَالِبًا بِمُقَابِلٍ فِي الْأُولَى وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّصْدِيقُ يَكُونُ بِيَمِينِهِ إنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَعَارَهُ، وَأَنَّهُ آجَرَهُ أَوْ غَصَبَهُ

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَيْهِ الْقَلْعَ أَوْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلْيُنْظَرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ انْقَطَعَتْ بِالرُّجُوعِ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ إلَى عَقْدٍ قَالَ شَيْخُنَا، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ صَارَتْ الْعَيْنُ أَمَانَةً لِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَارِيَّةً صَارَ لَهَا حُكْمُ الْمُسْتَأْجَرَةِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى عَقْدٍ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ حَجّ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِإِيجَابِ الْمُسَمَّى فَلَوْ رَجَعَ بِلَا عَقْدٍ وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَبَيْنَ مَا هُنَا وَنَحْوِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي الْإِمْدَادِ بَعْدَ قَوْلِ الْإِرْشَادِ أَوْ يَتَمَلَّكُ الْمَبْنِيَّ أَوْ الْمَغْرُوسَ بِقِيمَتِهِ مَا نَصُّهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّمَلُّكِ مِنْ عَقْدٍ، وَلَا يُلْحَقُ بِالشَّفِيعِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ لَا بُدَّ فِي التَّمَلُّكِ وَالتَّبْقِيَةِ بِأُجْرَةٍ مِنْ رِضَا الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بَيْعٌ وَالثَّانِي إجَارَةٌ، وَإِلَى ذَلِكَ يَمِيلُ كَلَامُ السُّبْكِيّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ. قَالَ الشَّيْخُ التَّأْيِيدُ بِقَوْلِ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّبْقِيَةِ بِأُجْرَةٍ مِنْ عَقْدٍ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِهَا) أَيْ بِنَفْسِ الزِّرَاعَةِ لَا بِالتَّأْخِيرِ وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ عَلَا الْأَرْضَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَلَعَ مَجَّانًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ حِينَئِذٍ أَنْ لَا يَزْرَعَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْلُوعُ قَدْرًا يَنْتَفِعُ بِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَيَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: بَذْرًا) الْبَذْرُ اسْمٌ لِمَا يَشْمَلُ الْحَبَّ وَالنَّوَى وَأَصْلُهُ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ الْمَبْذُورُ؛ لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ مَبْذُورًا فَفِيهِ مَجَازٌ مِنْ وَجْهَيْنِ إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَتَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِمَا سَيَصِيرُ إلَيْهِ اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْ صَارَ مَالِكًا لِمَالِكِ الْأَرْضِ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِ مَالِكِهِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ مَالِكَ الْبَذْرِ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ زَرْعٍ لَا لِمَسْأَلَةِ السَّيْلِ إذْ لَا تَخْيِيرَ فِيهَا فَلَا يُنَاسِبُ رُجُوعُهُ لَهَا مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ إنْ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ. اهـ. شَيْخُنَا فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ التَّعْبِيرُ بِالزَّرْعِ بَدَلَ الْبَذْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيهَامِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ الْقُصُورِ وَعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى النَّقْلِ، وَإِلَّا فَفِي شَرْحِ م ر مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي رُجُوعِ هَذَا لِمَسْأَلَةِ الْبَذْرِ. وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ: وَلَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا إلَى الْأَرْضِ فَنَبَتَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ لِانْتِفَاءِ إذْنِ الْمَالِكِ فِيهِ، وَلَا أُجْرَةَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ عَلَى مَالِكِ الْبَذْرِ لِمُدَّتِهِ قَبْلَ الْقَلْعِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ أُجْبِرَ عَلَى تَسْوِيَةِ الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: إنْ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ أَوْ الْحَاكِمُ لَا يَلْزَمُهُ مَا ذَكَرَ اهـ. سَمِّ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِي الْأَصْلِ تَعَدٍّ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَلْعَ فِعْلُهُ فَيَلْزَمُهُ إصْلَاحُ مَا نَشَأَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ دُونَ الْأُجْرَةِ إلَخْ أَيْ لِعَدَمِ الْفِعْلِ الَّذِي يَشْغَلُ الْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْذُرْ الْبَذْرَ بَلْ جَاءَ إلَى الْأَرْضِ بِنَفْسِهِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ) أَيْ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى عَيْنٍ سَوَاءٌ كَانَتْ وَقْتَ النِّزَاعِ بَاقِيَةً أَوْ تَالِفَةً، وَلَا يُنْظَرُ لِمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ مِنْ تَصْوِيرِ ذَلِكَ بِبَقَاءِ الْعَيْنِ، وَحَاصِلُ الصُّوَرِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْإِجَارَةَ أَوْ الْغَصْبَ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ بَاقِيَةً أَوْ تَالِفَةً وَحُكْمُ الثَّمَانِيَةِ فِي كَلَامِهِ مَتْنًا وَشَرْحًا اهـ. شَيْخُنَا فَقَوْلُهُ: مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ أَيْ تَالِفَةً كَانَتْ أَوْ بَاقِيَةً، وَقَوْلُهُ: آجَرْتُك أَوْ غَصَبْتنِي يَرْجِعَانِ لِكُلٍّ مِنْ التَّلَفِ وَالْبَقَاءِ فَمَنْطُوقُ الْمَتْنِ هُنَا أَرْبَعُ صُوَرٍ وَسَيَأْتِي ثِنْتَانِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ تَلِفَتْ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ وَذَكَرَ الشَّارِحُ ثِنْتَيْنِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ تَلِفَتْ فِي الْأُولَى بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ إلَخْ هَذِهِ صُورَةٌ وَذَكَرَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ أَوْ وَالْعَيْنَ تَالِفَةً فِي الْأُولَى إلَخْ فَقَوْلُهُ: صُدِّقَ رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعَةِ لَكِنَّ تَصْدِيقَهُ تَارَةً يَكُونُ بِيَمِينٍ وَتَارَةً بِدُونِهِ، وَلِذَا فَصَّلَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَالتَّصْدِيقُ يَكُونُ بِيَمِينِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَالَ مَالِكُهَا بَلْ آجَرْتُك إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ بَعْدَ تَلَفِ الْعَيْنِ الْإِجَارَةَ وَالْمَالِكُ ادَّعَى الْعَارِيَّةَ فَالْمُصَدَّقُ وَاضِعُ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِ وَاضِعِ الْيَدِ وَعَدَمُ الْعَارِيَّةِ اهـ. عِ ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ أَيْ الْمَالِكُ) أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَعَمَ الْخَيَّاطُ وَالْغَسَّالُ أَنَّهُ خَاطَ أَوْ غَسَلَ بِأُجْرَةٍ، وَقَالَ الْمَالِكُ مَجَّانًا فَإِنَّ الْمَالِكَ يُصَدَّقُ قَطْعًا لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا مَنْفَعَةَ أَنْفُسِهِمَا، وَيُرِيدَانِ الْعِوَضَ وَهُنَا الْمُتَصَرِّفُ فَوَّتَ مَنْفَعَةَ غَيْرِهِ. (فَرْعٌ) . لَوْ نَكَلَ الْمَالِكُ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَحْلِفْ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ؛ لِأَنَّهُمَا يَدَّعِيَانِ الْعَارِيَّةَ، وَلَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ. (فَرْعٌ) . عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ الرَّاكِبِ وَالزَّارِعِ إذَا نَكَلَا عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْمَالِكُ

ص: 467

وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَإِنْ تَلِفَتْ فِي الْأُولَى بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ فَمُدَّعِي الْإِعَارَةِ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرٍ لَهَا يَدَّعِي الْأُجْرَةَ فَيُعْطِي الْأُجْرَةَ بِلَا يَمِينٍ إلَّا إذَا زَادَتْ عَلَى الْقِيمَةِ فَيَحْلِفُ لِلزَّائِدِ أَمَّا إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فَيُصَدَّقُ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنِ بِيَمِينِهِ فِي الْأُولَى، وَلَا مَعْنَى لِهَذَا الِاخْتِلَافِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ وَالْعَيْنُ تَالِفَةٌ فِي الْأُولَى فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا (فَإِنْ تَلِفَتْ) الْعَيْنُ قَبْلَ رَدِّهَا (فِي الثَّانِيَةِ) بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ (أُخِذَ) مِنْهُ (قِيمَةٌ وَقْتَ تَلِفَ بِلَا يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِهَا إذْ الْمُعَارُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ تَلَفِهِ وَالْمَغْصُوبُ بِأَقْصَى قِيمَتِهِ مِنْ وَقْتِ غَصْبِهِ إلَى وَقْتِ تَلَفِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (فَإِنْ كَانَتْ) قِيمَتُهُ وَقْتَ تَلَفِهِ (دُونَ أَقْصَى قِيَمِهِ حَلَفَ) وُجُوبًا (لِلزَّائِدِ) أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّ غَرِيمَهُ يُنْكِرُهُ وَيَحْلِفُ لِلْأُجْرَةِ مُطْلَقًا إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ.

ــ

[حاشية الجمل]

اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى لَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ دُونَ الْمُسَمَّى، وَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِ هَذَا قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَيْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْأُجْرَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَقَالَ الْإِمَامُ إنْ قُلْنَا يَأْخُذُ الْمُسَمَّى وَجَبَ الْحَلِفُ عَلَى مُعَيَّنٍ، وَإِلَّا كَفَى الْحَلِفُ عَلَى الْأُجْرَةِ. اهـ. بِرّ اهـ. سَمِّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَتْ فِي الْأُولَى إلَخْ) أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَأَبْقَاهَا لِلْمَتْنِ الْآتِي، وَقَوْلُهُ: بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ أَيْ إمَّا بِهِ فَهِيَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ إعَارَةً أَوْ إجَارَةً (قَوْلُهُ: بِلَا يَمِينٍ) أَيْ لِتَوَافُقِهِمَا عَلَيْهَا فِي ضِمْنِ الْقِيمَةِ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ الْمَالِكُ إلَى الْحَلِفِ فِيمَا إذَا زَادَتْ الْأُجْرَةُ، وَلِذَا قَالَ فَيَحْلِفُ لِلزَّائِدِ أَيْ فَيَحْلِفُ يَمِينًا تَجْمَعُ نَفْيًا، وَإِثْبَاتًا مِثْلُ مَا سَبَقَ لِأَجْلِ إثْبَاتِ الزَّائِدِ وَالتَّوَصُّلِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ لِلزَّائِدِ) أَيْ يَمِينًا أُخْرَى كَذَا يَتَبَادَرُ وَلْيُنْظَرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ، وَهَلَّا اكْتَفَى بِالْأُولَى اهـ. ح ل وَقَوْله أَيْ يَمِينًا أُخْرَى فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ حَلِفِ الْمَالِكِ إذَا بَقِيَتْ الْعَيْنُ وَهِيَ هُنَا تَالِفَةٌ (قَوْله فَيُصَدَّقُ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ) أَيْ فَيَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا، وَلَا يَلْزَمُ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ أَخْذُهَا بِالْأُجْرَةِ بِمُقْتَضَى دَعْوَى صَاحِبِهَا، وَقَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفَ مُدَّعِي الْإِجَارَةِ فَتَثْبُتَ.

اهـ. س ل أَيْ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ وَالْعَيْنُ تَالِفَةٌ فِي الْأُولَى) أَيْ أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَدَاخِلَةٌ فِي الْمَتْنِ الْآتِي أَيْ وَالتَّلَفُ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِيمَا مَرَّ فَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ هُنَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكَرِهَا) أَيْ فَتُتْرَكُ الْقِيمَةُ فِي يَدِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا إلَّا إنْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا ثَانِيًا بَعْدَ رُجُوعِ الْمُنْكِرِ عَنْ إنْكَارِهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَتْ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) قَدْ عَرَفْت أَنَّ فِي هَذَا صُورَتَيْنِ ذَكَرَ الشَّارِحُ مَفْهُومَهُمَا سَابِقًا بِقَوْلِهِ فَإِنْ تَلِفَتْ فِي الْأُولَى إلَخْ وَبِقَوْلِهِ أَوْ وَالْعَيْنُ تَالِفَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا الْمُعَارُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ تَلَفِهِ) أَيْ، وَلَوْ مِثْلِيًّا عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا الْمُسْتَامُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ تَلَفِهِ، وَلَوْ مِثْلِيًّا عَلَى الرَّاجِحِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتْلَفَاتِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْقَرْضُ أَوْ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا ذُكِرَ أَوْ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَأَقْصَى الْقِيَمِ وَهُوَ الْمَغْصُوبُ وَالْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ رحمه الله (قَوْلُهُ: حَلَفَ لِلزَّائِدِ) أَيْ يَحْلِفُ يَمِينًا تَجْمَعُ نَفْيًا، وَإِثْبَاتًا كَمَا سَبَقَ لِأَجْلِ إثْبَاتِ الزَّائِدِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ لِلْأُجْرَةِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ لَا، وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِبَقَاءِ الْعَيْنِ أَوْ تَلَفِهَا فَيَتَكَرَّرُ مَعَ مَا مَرَّ اهـ.

وَيَصِحُّ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّلَفِ هِيَ أَقْصَى الْقِيَمِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَيَكُونُ الْإِطْلَاقُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَتْ دُونَ أَقْصَى قِيَمِهِ.

(خَاتِمَةٌ) . فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ (تَنْبِيهٌ) . لَوْ انْعَكَسَتْ الدَّعْوَى فِي الْأُولَى بِأَنْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِعَارَةَ وَذُو الْيَدِ الْإِجَارَةُ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ وَجَبَ رَدُّ الدَّابَّةِ فَقَطْ فَإِنْ تَلِفَتْ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا شَيْءَ، وَإِلَّا فَالْمَالِكُ مُدَّعٍ بِقِيمَتِهَا فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ مَضَى مَا ذُكِرَ وَجَبَ رَدُّ الدَّابَّةِ إنْ بَقِيَتْ وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِالْأُجْرَةِ لِمُنْكَرِهَا فَإِنْ تَلِفَتْ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ فَكَذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ فِي الدَّابَّةِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَهُ قَدْرُ الْأُجْرَةِ بِلَا يَمِينٍ، وَيَحْلِفُ إنْ زَادَتْ عَلَى الْقِيمَةِ لِمَا زَادَ فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ فَالزَّائِدُ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكَرِهِ وَلَوْ نَكَلَ الْمَالِكُ حَلَفَ ذُو الْيَدِ وَاسْتَوْفَى الْمُدَّةَ، وَلَوْ انْعَكَسَتْ الدَّعْوَى فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْعَارِيَّةَ وَذُو الْيَدِ الْغَصْبَ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ الْعَيْنُ، وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ فَلَا شَيْءَ سِوَى رَدِّهَا، وَإِنْ مَضَى ذَلِكَ فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِالْأُجْرَةِ لِمُنْكَرِهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ، وَلَمْ يَمْضِ ذَلِكَ الزَّمَنُ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَقْصَى الْقِيَمِ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ وَإِنْ زَادَ فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكَرِهِ، وَإِنْ مَضَى زَمَنٌ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهَا لِمُنْكَرِهَا أَيْضًا.

وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْغَصْبَ وَالرَّاكِبُ الْإِجَارَةَ صُدِّقَ الْمَالِكُ كَذَلِكَ ثُمَّ إنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ وَجَبَ الرَّدُّ فَقَطْ إنْ بَقِيَتْ الدَّابَّةُ، وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ أَقْصَى الْقِيَمِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ مَضَى ذَلِكَ فَإِنْ سَاوَى الْمُسَمَّى أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ حَلَفَ لِلزَّائِدِ أَوْ الْمُسَمَّى فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكَرِهِ وَيَجِبُ رَدُّ الدَّابَّةِ إنْ بَقِيَتْ، وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ، وَلَوْ انْعَكَسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ بِأَنْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ وَالرَّاكِبُ الْغَصْبَ صُدِّقَ الْمَالِكُ أَيْضًا، وَيَجِبُ رَدُّ الدَّابَّةِ إنْ بَقِيَتْ، وَإِلَّا فَالرَّاكِبُ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكَرِهَا، وَإِنْ مَضَى زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ فَالْمَالِكُ يَدَّعِي الْمُسَمَّى وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ تَسَاوَيَا أَخَذَهُ الْمَالِكُ بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا فَالزَّائِدُ مِنْ الْمُسَمَّى يَحْلِفُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ وَالزَّائِدُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلُ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكِرِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْغَصْبَ وَذُو الْيَدِ الْوَدِيعَةَ فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ إنْ وُجِدَ اسْتِعْمَالٌ مِنْ الْآخِذِ، وَإِلَّا صُدِّقَ

ص: 468